المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية - الموسوعة العقدية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الرابع: أول شرك وقع في بني آدم

- ‌المبحث الخامس: وقوع بعض هذه الأمة في الشرك

- ‌المبحث السادس: متى وكيف كانت بداية الشرك في هذه الأمة

- ‌المبحث السابع: شبهة من قال بعدم وقوع الشرك في هذه الأمة وردها

- ‌المبحث الثامن: قبح الشرك وخطره

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: أقسام الشرك الأكبر

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الربوبية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الربوبية والأسماء والصفات

- ‌رابعاً: مظاهر الشرك في الربوبية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الألوهية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الألوهية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الأسماء والصفات

- ‌ثانياً: من صور الشرك في الأسماء والصفات

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك الأصغر

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: الفروق بين نوعي الشرك الأكبر والأصغر

- ‌تمهيد: في أقسام الشرك الأصغر إجمالاً

- ‌المثال الأول: الرياء

- ‌المثال الثاني: إرادة الإنسان بعبادته الدنيا

- ‌المثال الثالث: الاعتماد على الأسباب

- ‌المثال الرابع: التطير

- ‌المثال الأول: الرقى الشركية

- ‌المثال الثاني: التمائم الشركية

- ‌المثال الأول: الحلف بغير الله

- ‌المثال الثاني: التشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بـ (الواو)

- ‌المثال الثالث: الاستسقاء بالأنواء

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: السحر والشعوذة

- ‌الفرع الثاني: الكهانة

- ‌الفرع الثالث: النشرة

- ‌الفرع الرابع: التنجيم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التوسل

- ‌الفرع الأول: التوسل المشروع

- ‌الفرع الثاني: التوسل الممنوع

- ‌الوجه الأول: التوسل إليه تعالى بذات وشخص المتوسل به

- ‌الوجه الثاني: التوسل إلى الله تعالى بجاه فلان، أو حقه، أو حرمته وما أشبه

- ‌الوجه الثالث: الإقسام على الله جل وعلا بالمتوسل به

- ‌ثانيا: شبهات حول التوسل وردها

- ‌ثالثا: أحاديث وآثار ضعيفة في التوسل

- ‌المطلب الأول: معنى التبرك

- ‌تمهيد

- ‌1 - التبرك بذكر الله

- ‌2 - التبرك بتلاوة القرآن الكريم

- ‌تمهيد:

- ‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:

- ‌4 - التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌أ- نماذج من تبرك الصحابة بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ب- نماذج من تبرك التابعين بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ج- هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر

- ‌1 - تبرك شركي:

- ‌2 - تبرك بدعي:

- ‌1 - الجهل بالدين

- ‌2 - التشبه بالكفار

- ‌3 - تعظيم الآثار

- ‌ثالثاً: آثار التبرك الممنوع

- ‌أولاً: معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌ثانياً: أدلة تحريم هذا الاتخاذ وحكمه ومذاهب العلماء فيه

- ‌ثالثاً: شبهات حول اتخاذ القبور مساجد وحكم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعاً: النهي عن اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم عيدا

- ‌خامساً: زيارة القبور

- ‌سادساً: حكم الدعاء عند القبور

- ‌سابعاً: الكلام على الزيارة الشركية

- ‌المبحث الرابع: الغلو في الصالحين

- ‌المبحث الخامس: تقديس الأشخاص والأشياء

- ‌المبحث السادس: الأعياد والاحتفالات البدعية

- ‌الفصل الرابع: حماية النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد بتحريم وسائل الشرك وطرقه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: معنى الملائكة لغةً

- ‌المبحث الثاني: معنى الملائكة اصطلاحاً

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثالث: الملائكة مخلوقات قائمة بنفسها حية ناطقة

- ‌المبحث الرابع: سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌المبحث الخامس: ثمرات الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول: مادة خلقهم ووقته

- ‌المطلب الأول: أجنحة الملائكة

- ‌المطلب الثاني: جمال الملائكة

- ‌المطلب الثالث: تفاوتهم في الخلق والمقدار

- ‌المطلب الرابع: لا يوصفون بالذكورة والأنوثة

- ‌المطلب الخامس: لا يأكلون ولا يشربون

- ‌المطلب السادس: لا يملّون ولا يتعبون

- ‌المطلب السابع: منازل الملائكة

- ‌المطلب الثامن: أعداد الملائكة

- ‌المطلب التاسع: موت الملائكة

- ‌المبحث الثالث: هل الجن من الملائكة

- ‌المبحث الرابع: هل إبليس من الملائكة

- ‌المبحث الأول: الملائكة كرام بررة

- ‌المبحث الثاني: قدراتهم

- ‌المبحث الثالث: علمهم

- ‌المبحث الرابع: اختصام الملأ الأعلى

- ‌المبحث الخامس: عبادة الملائكة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الموكل بالوحي

- ‌المبحث الثاني: الموكل بالصُّور

- ‌المبحث الثالث: الموكل بقبض الأرواح

- ‌المبحث الرابع: الموكل بحفظ العبد في حِلّه وارتحاله

- ‌المبحث الخامس: الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر

- ‌المبحث السادس: الموكل بفتنة القبر

- ‌المبحث السابع: خزنة الجنة

- ‌المبحث الثامن: المبشرون للمؤمنين عند وفياتهم، وفي يوم القيامة

- ‌المبحث التاسع: خزنة جهنم

- ‌المبحث العاشر: الموكلون بالنطفة في الرحم

- ‌المبحث الحاي عشر: حملة العرش

- ‌المبحث الثاني عشر: ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر

- ‌المبحث الثالث عشر: الموكل بالجبال

- ‌المبحث الرابع عشر: زوَّارُ البيت المعمور

- ‌المبحث الخامس عشر: ملائكة صفوف لا يفترون، وقيام لا يركعون

- ‌الفصل الرابع: التفاضل بين الملائكة، وبين الملائكة والبشر

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الملائكة

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الملائكة والبشر

- ‌الفصل الأول: دور الملائكة تجاه المؤمنين

- ‌الفصل الثاني: واجب المؤمنين تجاه الملائكة

- ‌الفصل الثالث: دور الملائكة تجاه الكفار والفساق

- ‌الكتاب الرابع: الإيمان بالكتب المنزلة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثاني: معنى الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثالث: أهمية الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الرابع: حكم الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الخامس: حقيقة الإيمان بالكتب

- ‌الفصل السادس: ثمرات الإيمان بالكتب

- ‌الباب الثاني: الإيمان بالقرآن

- ‌الفصل الأول: تعريف القرآن وفضله

- ‌المبحث الأول: معنى القرآن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: معنى القرآن في الاصطلاح

- ‌المبحث الثالث: فضل القرآن

- ‌المبحث الأول: حفظ القرآن في عهد النبوة

- ‌المبحث الثاني: حفظ القرآن في عهد الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثالث: سلامة القرآن من التحريف

- ‌الفصل الثالث: منزلة القرآن من الكتب المتقدمة

- ‌الفصل الرابع: خصائص القرآن الكريم

- ‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية

- ‌المبحث الثاني: إعجازه

- ‌المبحث الثالث: تعدد أسمائه وصفاته

- ‌المبحث الرابع: شفاعته لأهله

- ‌المبحث الخامس: أنه لا ينسب إلا إلى الله تعالى

- ‌المبحث السادس: التعبد بتلاوته

- ‌المبحث السابع: الثواب لقارئه ولمستمعه

- ‌المبحث الثامن: أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه

- ‌المبحث التاسع: أنه آخر الكتب المنزلة

- ‌المبحث العاشر: هيمنته على الكتب السابقة

- ‌المبحث الأول: القرآن الكريم كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: كلام الله في كتابه هو الحروف والمعاني

- ‌المبحث الثالث: القرآن ليس بمخلوق كما يقوله الزنادقة

- ‌المبحث الرابع: أصل القول بخلق القرآن

- ‌المبحث الخامس: ما قاله أئمة السنة في القرآن، وحكمهم على من قال بخلق القرآن

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الاتحادية

- ‌المبحث الثاني: مذهب الفلاسفة

- ‌المبحث الثالث: مذهب الجهمية

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكلابية

- ‌المبحث الخامس: مذهب الأشعري

- ‌المبحث السادس: مذهب الكرامية

- ‌المبحث السابع: مذهب السالمية

- ‌الباب الثالث أهم الكتب المنزلة

- ‌أولا: مواضع الاتفاق

- ‌ثانيا: مواضع الاختلاف

- ‌المبحث الأول تعريف التوراة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التوراة

- ‌تمهيد: وقوع التحريف في الكتب المتقدمة على القرآن

- ‌المطلب الأول: أدلة التحريف من القرآن الكريم والتوراة

- ‌تمهيد:

- ‌الفرع الأول: نقد السند

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: الاختلاف في عدد الأسفار

- ‌ثانياً: الاختلاف والتباين بين النسخ في المعلومات المدونة

- ‌ثالثاً: الاختلاف بالمقارنة مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم

- ‌رابعاً: الزيادة والإضافات:

- ‌1 - صفات الله عز وجل في التوراة المحرفة

- ‌2 - وصف اليهود للأنبياء عليهم السلام في التوراة المحرفة

- ‌الفصل الثاني: الإنجيل

- ‌المبحث الأول: إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تاريخ الأناجيل الأربعة إجمالاً

- ‌المطلب الثاني: تاريخ الأناجيل الأربعة وإنجيل برنابا تفصيلاً

- ‌أولاً: إنجيل متى

- ‌ثانياً: إنجيل مرقص

- ‌ثالثاً: إنجيل لوقا

- ‌رابعاً: إنجيل يوحنا

- ‌خامسا: إنجيل برنابا

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الاختلافات

- ‌ثانيا: الأغلاط في الأناجيل

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي

- ‌المبحث الثاني: تعريف الرسول

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين الرسول والنبي

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثاني: أهمية الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثالث: الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل

- ‌المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل

- ‌المبحث الخامس: وجوب الإيمان بجميع الرسل

- ‌المبحث السادس: ثمرات الإيمان بالرسل

- ‌الفصل الأول: الأنبياء والرسل جمّ غفير

- ‌الفصل الثاني: الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن

- ‌الفصل الثالث: أنبياء مذكورون في السنة

- ‌الفصل الرابع: صالحون مختلف في نبوتهم

- ‌الفصل الخامس: لا تثبت النبوة إلاّ بالدليل

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الرسل

- ‌المطلب الأول: تعيين أولي العزم

- ‌المطلب الثاني: تفاضل أولي العزم

- ‌المطلب الثالث: بعض خصائص أولي العزم

- ‌المبحث الرابع: تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء

- ‌المبحث السادس: الأنبياء أفضل البشر

- ‌المبحث الأول: البلاغ المبين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دعوة الرّسُل

- ‌المطلب الثاني: دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: مثال يوضح دور الرسل

- ‌المبحث الثالث: التبشير والإنذار

- ‌المبحث الرابع: إصلاح النفوس وتزكيتها

- ‌المبحث الخامس: تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة

- ‌المبحث السادس: إقامة الحجّة

- ‌المبحث السابع: سياسة الأمة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: كلام ابن القيم في حاجة البشرية إلى الرسل

الفصل: ‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية

‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية

حوى القرآن الكريم جملة من أخبار الغيب، تجعل الإعجاز في القرآن إعجازاً مركباً، إن كان خصومه عجزوا عن الإتيان بمثله مفرداً، فهم عن الإتيان بمثله مركباً أعجز، فلا يفكر أحدهم أو يخطر بباله محاولة الإتيان بمثله، وإن حاول منهم سفيه ذلك زاد سفاهته سفاهة، وحمقه حمقاً.

وعلم الغيب ليس لأحد من البشر، ولا يدركون منه شيئاً إلا على سبيل التخمين لا على سبيل القطع والجزم.

أما أن يأتي كتاب يحمل أخباراً غيبية، ويقطع بوقوعها ثم تقع كما أخبر فهذا من خصائص القرآن الكريم.

والغيب إما أن يتعلق بماض، أو بحاضر، أو بمستقبل، وهي أخبار كثيرة جداً نذكر أمثلة لكل نوع للإثبات لا للاستقصاء.

فمن الأخبار الغيبية الماضية:

الإخبار عن خلق السماوات والأرض، وآدم وقصة إبليس لعنه الله .. ثم بعد ذلك قصص الأنبياء السابقين، والأمم الماضية ووجه الغيب فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يعرف القراءة، فلم يعهد عنه أنه قرأ في كتب أهل الكتاب، أو تلقى الدرس عن أحد منهم، أو خالطهم، أو مازجهم، ولم يكن أحد من قومه يعلم شيئاً منها.

ونصوص القرآن تشهد على ذلك، فقد خاطب الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم في سياق قصة نوح عليه السلام، فقال سبحانه: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا [هود: 49]، وفي قصة موسى عليه السلام: وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ

وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ [هود: 44 - 46].

وفي قصة مريم عليها السلام: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران: 44].

أخبار غيب الحاضر:

آيات كثيرة كشفت أحداثاً وقضايا في حينها لم يحضرها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يخبره بها أحد من أصحابه.

وفي سورة التوبة من هذا النوع كثير، فقد وردت آيات تكشف حال المنافقين وما يخفونه بينهم أو في صدورهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ [البقرة: 204]، يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا [التوبة: 74].

ولاشتهار هذا بين المنافقين والكفار فإنهم يتنادون فيما بينهم أن اخفضوا أصواتكم حتى لا يسمعكم إله محمد، ووصف الله المنافقين بقوله: يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ [التوبة: 64]. يقولون ذلك لما شاهدوا من أخبار الغيب التي يجيء بها القرآن الكريم.

أخبار الغيب في المستقبل:

وهذا النوع آياته كثيرة منها ما تحقق وانقطع، ومنها ما تحقق أيضاً وما زال في كل يوم يتحقق.

فمن النوع الأول قوله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ [الروم: 1 - 4]، الآية والقصة في ذلك مشهورة وتفصيلها في كتب التفسير.

ومنه أيضاً وعد الله سبحانه للرسول وأصحابه بدخول مكة: لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ [الفتح: 27]، ثم وقع هذا الحادث كما أخبر الله تعالى.

ص: 353

ومن ذلك قوله تعالى مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة: 67]، فلم يستطع أحد أن يصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل مع كثرة المتربصين له، بل وكثرة المحاولات لذلك، فتبوء كلها بالفشل أمام: وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

والشواهد على ذلك كثيرة أوردها المؤرخون والرواة، وسردوا منها ما يثبت أن هذا التحدي لم يكن في مجتمع يخلص الود والحب، بل كان يكمن فيه أعداء متربصون، ماكرون، يكيدون من اليهود والمشركين.

ومن النوع الثاني الذي تحقق ومازال يتحقق الإخبار بعد أن وقع التحدي بالقرآن أنهم لن يأتوا بمثل هذا القرآن وأنهم لن يفعلوا فقال سبحانه: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88].

وقال سبحانه: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [البقرة: 23 - 24]، إنه ليس تحدياً فحسب، بل تحد مع إخبار مسبق بأنهم لن يفعلوا!! ومازال التحدي جارياً وما زال الخبر الغيبي متحققاً.

ومنه ما جاء في بيان أن الله قد كتب للإسلام البقاء والخلود وحفظ القرآن: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد: 17]، وقوله سبحانه: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وقوله سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9].

ويظهر ذلك ويستبين إذا علمت أن هذه الآيات نزلت في مكة في وقت كان المشركون متكالبين على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكان المسلمون في اضطهاد وتعذيب، ومع هذا جاءت هذه البشرى ترسل أشعتها، ولو كانت تحمل خبراً بظهورهم على قومهم فحسب لكان فيها إعجاز وأي إعجاز، فكيف وهي تحمل خبر (مكث الإسلام في الأرض) ، و (إيتاء أكله في كل حين) ، و (حفظ الله له)، والله ما هذا بقول بشر، ولا يقوله بشر لا يعلم مصيره، ولا يضمن لنفسه حياته، فكيف يضمن بقاء هذا الدين في حياته وبعد وفاته أبد الآبدين وما بقيت على الأرض حياة. خصائص القرآن الكريم لفهد بن عبد الرحمن الرومي- ص: 87

ص: 354