المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء - الموسوعة العقدية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الرابع: أول شرك وقع في بني آدم

- ‌المبحث الخامس: وقوع بعض هذه الأمة في الشرك

- ‌المبحث السادس: متى وكيف كانت بداية الشرك في هذه الأمة

- ‌المبحث السابع: شبهة من قال بعدم وقوع الشرك في هذه الأمة وردها

- ‌المبحث الثامن: قبح الشرك وخطره

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: أقسام الشرك الأكبر

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الربوبية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الربوبية والأسماء والصفات

- ‌رابعاً: مظاهر الشرك في الربوبية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الألوهية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الألوهية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الأسماء والصفات

- ‌ثانياً: من صور الشرك في الأسماء والصفات

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك الأصغر

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: الفروق بين نوعي الشرك الأكبر والأصغر

- ‌تمهيد: في أقسام الشرك الأصغر إجمالاً

- ‌المثال الأول: الرياء

- ‌المثال الثاني: إرادة الإنسان بعبادته الدنيا

- ‌المثال الثالث: الاعتماد على الأسباب

- ‌المثال الرابع: التطير

- ‌المثال الأول: الرقى الشركية

- ‌المثال الثاني: التمائم الشركية

- ‌المثال الأول: الحلف بغير الله

- ‌المثال الثاني: التشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بـ (الواو)

- ‌المثال الثالث: الاستسقاء بالأنواء

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: السحر والشعوذة

- ‌الفرع الثاني: الكهانة

- ‌الفرع الثالث: النشرة

- ‌الفرع الرابع: التنجيم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التوسل

- ‌الفرع الأول: التوسل المشروع

- ‌الفرع الثاني: التوسل الممنوع

- ‌الوجه الأول: التوسل إليه تعالى بذات وشخص المتوسل به

- ‌الوجه الثاني: التوسل إلى الله تعالى بجاه فلان، أو حقه، أو حرمته وما أشبه

- ‌الوجه الثالث: الإقسام على الله جل وعلا بالمتوسل به

- ‌ثانيا: شبهات حول التوسل وردها

- ‌ثالثا: أحاديث وآثار ضعيفة في التوسل

- ‌المطلب الأول: معنى التبرك

- ‌تمهيد

- ‌1 - التبرك بذكر الله

- ‌2 - التبرك بتلاوة القرآن الكريم

- ‌تمهيد:

- ‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:

- ‌4 - التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌أ- نماذج من تبرك الصحابة بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ب- نماذج من تبرك التابعين بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ج- هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر

- ‌1 - تبرك شركي:

- ‌2 - تبرك بدعي:

- ‌1 - الجهل بالدين

- ‌2 - التشبه بالكفار

- ‌3 - تعظيم الآثار

- ‌ثالثاً: آثار التبرك الممنوع

- ‌أولاً: معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌ثانياً: أدلة تحريم هذا الاتخاذ وحكمه ومذاهب العلماء فيه

- ‌ثالثاً: شبهات حول اتخاذ القبور مساجد وحكم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعاً: النهي عن اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم عيدا

- ‌خامساً: زيارة القبور

- ‌سادساً: حكم الدعاء عند القبور

- ‌سابعاً: الكلام على الزيارة الشركية

- ‌المبحث الرابع: الغلو في الصالحين

- ‌المبحث الخامس: تقديس الأشخاص والأشياء

- ‌المبحث السادس: الأعياد والاحتفالات البدعية

- ‌الفصل الرابع: حماية النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد بتحريم وسائل الشرك وطرقه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: معنى الملائكة لغةً

- ‌المبحث الثاني: معنى الملائكة اصطلاحاً

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثالث: الملائكة مخلوقات قائمة بنفسها حية ناطقة

- ‌المبحث الرابع: سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌المبحث الخامس: ثمرات الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول: مادة خلقهم ووقته

- ‌المطلب الأول: أجنحة الملائكة

- ‌المطلب الثاني: جمال الملائكة

- ‌المطلب الثالث: تفاوتهم في الخلق والمقدار

- ‌المطلب الرابع: لا يوصفون بالذكورة والأنوثة

- ‌المطلب الخامس: لا يأكلون ولا يشربون

- ‌المطلب السادس: لا يملّون ولا يتعبون

- ‌المطلب السابع: منازل الملائكة

- ‌المطلب الثامن: أعداد الملائكة

- ‌المطلب التاسع: موت الملائكة

- ‌المبحث الثالث: هل الجن من الملائكة

- ‌المبحث الرابع: هل إبليس من الملائكة

- ‌المبحث الأول: الملائكة كرام بررة

- ‌المبحث الثاني: قدراتهم

- ‌المبحث الثالث: علمهم

- ‌المبحث الرابع: اختصام الملأ الأعلى

- ‌المبحث الخامس: عبادة الملائكة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الموكل بالوحي

- ‌المبحث الثاني: الموكل بالصُّور

- ‌المبحث الثالث: الموكل بقبض الأرواح

- ‌المبحث الرابع: الموكل بحفظ العبد في حِلّه وارتحاله

- ‌المبحث الخامس: الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر

- ‌المبحث السادس: الموكل بفتنة القبر

- ‌المبحث السابع: خزنة الجنة

- ‌المبحث الثامن: المبشرون للمؤمنين عند وفياتهم، وفي يوم القيامة

- ‌المبحث التاسع: خزنة جهنم

- ‌المبحث العاشر: الموكلون بالنطفة في الرحم

- ‌المبحث الحاي عشر: حملة العرش

- ‌المبحث الثاني عشر: ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر

- ‌المبحث الثالث عشر: الموكل بالجبال

- ‌المبحث الرابع عشر: زوَّارُ البيت المعمور

- ‌المبحث الخامس عشر: ملائكة صفوف لا يفترون، وقيام لا يركعون

- ‌الفصل الرابع: التفاضل بين الملائكة، وبين الملائكة والبشر

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الملائكة

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الملائكة والبشر

- ‌الفصل الأول: دور الملائكة تجاه المؤمنين

- ‌الفصل الثاني: واجب المؤمنين تجاه الملائكة

- ‌الفصل الثالث: دور الملائكة تجاه الكفار والفساق

- ‌الكتاب الرابع: الإيمان بالكتب المنزلة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثاني: معنى الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثالث: أهمية الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الرابع: حكم الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الخامس: حقيقة الإيمان بالكتب

- ‌الفصل السادس: ثمرات الإيمان بالكتب

- ‌الباب الثاني: الإيمان بالقرآن

- ‌الفصل الأول: تعريف القرآن وفضله

- ‌المبحث الأول: معنى القرآن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: معنى القرآن في الاصطلاح

- ‌المبحث الثالث: فضل القرآن

- ‌المبحث الأول: حفظ القرآن في عهد النبوة

- ‌المبحث الثاني: حفظ القرآن في عهد الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثالث: سلامة القرآن من التحريف

- ‌الفصل الثالث: منزلة القرآن من الكتب المتقدمة

- ‌الفصل الرابع: خصائص القرآن الكريم

- ‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية

- ‌المبحث الثاني: إعجازه

- ‌المبحث الثالث: تعدد أسمائه وصفاته

- ‌المبحث الرابع: شفاعته لأهله

- ‌المبحث الخامس: أنه لا ينسب إلا إلى الله تعالى

- ‌المبحث السادس: التعبد بتلاوته

- ‌المبحث السابع: الثواب لقارئه ولمستمعه

- ‌المبحث الثامن: أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه

- ‌المبحث التاسع: أنه آخر الكتب المنزلة

- ‌المبحث العاشر: هيمنته على الكتب السابقة

- ‌المبحث الأول: القرآن الكريم كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: كلام الله في كتابه هو الحروف والمعاني

- ‌المبحث الثالث: القرآن ليس بمخلوق كما يقوله الزنادقة

- ‌المبحث الرابع: أصل القول بخلق القرآن

- ‌المبحث الخامس: ما قاله أئمة السنة في القرآن، وحكمهم على من قال بخلق القرآن

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الاتحادية

- ‌المبحث الثاني: مذهب الفلاسفة

- ‌المبحث الثالث: مذهب الجهمية

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكلابية

- ‌المبحث الخامس: مذهب الأشعري

- ‌المبحث السادس: مذهب الكرامية

- ‌المبحث السابع: مذهب السالمية

- ‌الباب الثالث أهم الكتب المنزلة

- ‌أولا: مواضع الاتفاق

- ‌ثانيا: مواضع الاختلاف

- ‌المبحث الأول تعريف التوراة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التوراة

- ‌تمهيد: وقوع التحريف في الكتب المتقدمة على القرآن

- ‌المطلب الأول: أدلة التحريف من القرآن الكريم والتوراة

- ‌تمهيد:

- ‌الفرع الأول: نقد السند

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: الاختلاف في عدد الأسفار

- ‌ثانياً: الاختلاف والتباين بين النسخ في المعلومات المدونة

- ‌ثالثاً: الاختلاف بالمقارنة مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم

- ‌رابعاً: الزيادة والإضافات:

- ‌1 - صفات الله عز وجل في التوراة المحرفة

- ‌2 - وصف اليهود للأنبياء عليهم السلام في التوراة المحرفة

- ‌الفصل الثاني: الإنجيل

- ‌المبحث الأول: إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تاريخ الأناجيل الأربعة إجمالاً

- ‌المطلب الثاني: تاريخ الأناجيل الأربعة وإنجيل برنابا تفصيلاً

- ‌أولاً: إنجيل متى

- ‌ثانياً: إنجيل مرقص

- ‌ثالثاً: إنجيل لوقا

- ‌رابعاً: إنجيل يوحنا

- ‌خامسا: إنجيل برنابا

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الاختلافات

- ‌ثانيا: الأغلاط في الأناجيل

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي

- ‌المبحث الثاني: تعريف الرسول

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين الرسول والنبي

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثاني: أهمية الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثالث: الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل

- ‌المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل

- ‌المبحث الخامس: وجوب الإيمان بجميع الرسل

- ‌المبحث السادس: ثمرات الإيمان بالرسل

- ‌الفصل الأول: الأنبياء والرسل جمّ غفير

- ‌الفصل الثاني: الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن

- ‌الفصل الثالث: أنبياء مذكورون في السنة

- ‌الفصل الرابع: صالحون مختلف في نبوتهم

- ‌الفصل الخامس: لا تثبت النبوة إلاّ بالدليل

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الرسل

- ‌المطلب الأول: تعيين أولي العزم

- ‌المطلب الثاني: تفاضل أولي العزم

- ‌المطلب الثالث: بعض خصائص أولي العزم

- ‌المبحث الرابع: تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء

- ‌المبحث السادس: الأنبياء أفضل البشر

- ‌المبحث الأول: البلاغ المبين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دعوة الرّسُل

- ‌المطلب الثاني: دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: مثال يوضح دور الرسل

- ‌المبحث الثالث: التبشير والإنذار

- ‌المبحث الرابع: إصلاح النفوس وتزكيتها

- ‌المبحث الخامس: تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة

- ‌المبحث السادس: إقامة الحجّة

- ‌المبحث السابع: سياسة الأمة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: كلام ابن القيم في حاجة البشرية إلى الرسل

الفصل: ‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء

‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء

لابد من اعتقاد التفاضل بين الأنبياء واعتقاد فضل الرسل على الأنبياء وفضل أولي العزم على بقية الرسل وفضل محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، لقيام الأدلة الشرعية الصريحة الصحيحة على ذلك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عن التفضيل بين الأنبياء، ونهيه عن تفضيله خاصة على بعض الأنبياء، وفي هذا إشكال يظهر لناظره ويزول لمتأمله، وقد خرج العلماء وجوهاً من القول في توجيه ذلك النهي.

أما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تخيروا بين الأنبياء)) ، وفي رواية ((لا تفضلوا بين الأنبياء)) وهو واقع في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس جاء يهودي، فقال: يا أبا القاسم، ضرب وجهي رجل من أصحابك، فقال: أضربته؟ قال: سمعته بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر، قلت: أي خبيث، على محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأخذتني غضبة ضربت وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء .. )) الحديث (1)، وفي رواية:((لا تخيروني بين الأنبياء)) (2) وفي رواية: ((لا تفضلوا بين أنبياء الله)) (3)، وروى القصة أبو هريرة بنحوه إلا أنه قال:((لا تخيروني على موسى)) (4) وفي حديث ثان قال صلى الله عليه وسلم: ((لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)) (5) إلا أن النهي في هذا الحديث يحتمل التأويل على وجهين:

الأول: أن يكون المراد بقوله (أنا): رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، قال الخطابي:(وهذا أولى الوجهين وأشبههما بمعنى الحديث، فقد جاء من غير هذا الطريق أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ما ينبغي لنبي أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)) (6) فعم الأنبياء كلهم فدخل هو في جملتهم) (7).

الثاني: أن يكون إنما أراد صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لا ينبغي لعبد)): من سواه من الناس، أي لا ينبغي للعبد القائل أن يقول ذلك (8).

وقد دل على أن هذا هو الأولى في معنى الحديث جملة من ألفاظ الحديث في عدد من رواياته في الصحيحين، ففي رواية:((لا أقول إن أحداً أفضل من يونس بن متى)) (9) وفي رواية: ((من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)) (10) فلا يصح مع قوله: ((فقد كذب)) أن يكون المراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية يقول صلى الله عليه وسلم: ((قال – يعني الله تبارك وتعالى – لا ينبغي لعبد لي (وفي لفظ: لعبدي) أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)) (11). فقوله: ((لعبد لي)) يمنع أن يكون المراد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.

(1) رواه البخاري (2412) ومسلم (163)، (2374).

(2)

رواه البخاري (6916).

(3)

رواه البخاري (3414)، ومسلم (159).

(4)

رواه البخاري (2411)، ومسلم (160).

(5)

رواه البخاري (2411)، ومسلم (167).

(6)

رواه أبو داود (4670) من حديث عبد الله بن جعفر وسكت عنه، وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (3/ 196): إسناده صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5821).

(7)

((معالم السنن)) للخطابي (3/ 146).

(8)

((معالم السنن)) (3/ 146) و ((فتح الباري)) (8/ 267) و ((تحفة الأحوذي)) (1/ 542 و 9/ 119).

(9)

رواه البخاري (3414)، ومسلم (2373). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(10)

رواه البخاري (4604). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(11)

رواه مسلم (2376). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 479

والحاصل أن في الحديثين ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الأنبياء، وعن تفضيله على موسى ويونس خاصة - على حمل الحديث في يونس على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المراد – وهو صلى الله عليه وسلم أفضل منهما ومن سائر الأنبياء وجميع الخلق قطعاً كما تقدمت الدلائل عليه من الكتاب والسنة والإجماع، وفي هذا إشكال ظاهر، وقد وجه العلماء ذلك النهي لإزالة الإشكال في أقوال متعددة، منها:

1 -

أن النهي ورد قبل أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيد ولد آدم وأفضل الأنبياء فلما علم أخبر به، وأن النهي عن التفضيل منسوخ بالقرآن (1).

إلا أن في هذا القول نظر كما يقول ابن كثير، قال:(لأن هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة (2)، وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخراً، فيبعد أنه لم يعلم بهذا إلا بعد هذا والله أعلم) (3)، وهو كما قال، بل والقول بالنسخ مردود، فإن التفاضل بين الأنبياء ،وفضل أولى العزم من الرسل منهم، وتفضيله صلى الله عليه وسلم على يونس، كل ذلك قد ورد في الآيات المكية في سورة الإسراء، والأحقاف، والقلم، وقصة حديث أبي سعيد وأبي هريرة وقعت في المدينة، وكذلك الحديث الآخر في يونس عليه السلام ورد من رواية أبي هريرة وابن عباس، وابن عباس على سبيل المثال، من صغار الصحابة توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة وقد ورد أيضاً من رواية عبد الله بن مسعود.

2 -

أن النهي من باب التواضع وهضم النفس ونفي الكبر والعجب (4). قال القاضي عياض: (وهذا لا يسلم من الاعتراض)(5). وهذا التوجيه لا يتناسب مع قوله صلى الله عليه وسلم ((فقد كذب)) في رواية: ((من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)) إن حمل الحديث على أن المراد بقوله ((أنا)) رسول الله صلى الله عليه وسلم (6). فإذا حمل على أن المراد به من سواه صلى الله عليه وسلم، فإن لهذا التوجيه وجهه، خاصة مع قوله صلى الله عليه وسلم:((إن الله أوصى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد)) (7). ويكون مناسباً أيضاً مع قوله: ((ولا فخر)) في حديث ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) المتقدم ذكره.

3 -

أن النهي عن تعيين المفضول، أما تفضيل بعضهم على بعض في الجملة دون تعيين المفضول فهو دلالة النصوص، قاله ابن عطية (8) واستشهد له بقوله صلى الله عليه وسلم:((أنا سيد ولد آدم)) بإطلاق دون تعيين. ونقل القرطبي قول من قال: (إن النهي اقتضى منع إطلاق اللفظ لا منع اعتقاد ذلك المعنى، فإن الله أخبر بأن الرسل متفاضلون، فلا تقول: نبينا خير من الأنبياء، ولا من فلان النبي، اجتناباً لما نهي عنه، وتأدباً به، وعملاً باعتقاد ما تضمنه القرآن من التفضيل)(9).

(1)((الشفا)) (1/ 226) و ((تفسير القرطبي)) (3/ 262) و ((شرح النووي لمسلم)) (14/ 38) و ((فتاوى النووي)) (196) و ((فتح الباري)) (6/ 452) و ((تفسير ابن كثير)) (1/ 305/).

(2)

يعني حديث قصة لطم الأنصاري لليهودي المتقدم ذكرها.

(3)

((البداية والنهاية)) (1/ 285).

(4)

((تأويل مختلف الحديث)) (79)((الشفا)) (1/ 227) و ((شرح صحيح مسلم للنووي)) (14/ 38) و ((تفسير القرطبي)) (3/ 262) و ((تفسير ابن كثير)) (1/ 305) و ((فتح الباري)) (6/ 452) و ((معالم السنن بهامش المختصر)) (7/ 41).

(5)

((الشفا)) (1/ 227).

(6)

((تحفة الأحوذي)) (9/ 119).

(7)

رواه مسلم (2865). من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه.

(8)

((المحرر الوجيز)) (1/ 331 - 332).

(9)

((تفسير القرطبي)) (3/ 262).

ص: 480

إلا أن في هذا التوجيه نظراً، فالله عز وجل لما أخبر أنه فضل بعض النبيين على بعض في آية الإسراء، وبعض الرسل على بعض في آية البقرة، جعل يعين في الآيتين بعض المتفاضلين ويذكر بعض الوجوه التي فضلوا بها، فعمم ثم خص كما هو ظاهر من لفظ الآيتين وقد تقدم ذكرهما مراراً (1).

وقد عين الله عز وجل أولي العزم بالذكر وفضلهم على بقية الأنبياء – كما تقدم -، والرسل أفضل من الأنبياء كما دل عليه الدليل واتفق عليه العلماء، فالرسول أفضل من النبي وفي هذا تعيين كما هو ظاهر، أما الإجمال في قوله صلى الله عليه وسلم:((أنا سيد ولد آدم)) فهو دال على التعيين أيضاً، إذ ثبوت كونه صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء جملة دليل كونه أفضل من كل واحد منهم مفصلاً، هذا مع قيام دليل على التعيين فلقد استدل العلماء بقوله تعالى: وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من يونس، وهذا شاهد على التعيين، فالمراد بالنهي إذاً غير هذا الوجه.

4 -

أن المراد بالنهي المنع من التفضيل من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها فهم متساوون فيها، وإنما التفاضل بالخصائص والمحن ونحوها (2). قال القرطبي:(وهذا قول حسن فإنه جمع بين الآيات والأحاديث من غير نسخ)(3).

وقال ابن قتيبة في حديث ((لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى)): (ويجوز أن يريد لا تفضلوني عليه في العمل فلعله أكثر عملاً مني، ولا في البلوى والامتحان فإنه أعظم مني محنة)(4).

5 -

أن المراد بالنهي منع التفضيل من عند أنفسنا لأن مقام التفضيل إنما هو إلى الله (5)، وروي عن أحمد بن حنبل – رحمه الله – أنه كان يمنع من المفاضلة بين الأنبياء مع قوله بأن بعضهم أفضل من بعض وأن محمداً أفضلهم، لكنه يقول ليس تعيين التفضيل إلى أحد منا (6).

6 -

أن المراد بالنهي منع التفضيل بمجرد الآراء والعصبية (7). وهذا قد يؤول إلى سابقه.

7 -

أن المراد بالنهي منع التفضيل الذي يؤدي إلى الخصومة والتشاجر (8). وذلك في مثل الحال التي تحاكم فيها اليهودي مع الأنصاري عند النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد وأبي هريرة فهذا التوجيه ملائم لسبب ورود الحديث.

8 – أن المراد بالنهي منع التفضيل الذي يؤدي إلى توهم النقص في المفضول، أو الغض منه، والإزراء به (9).

قال الخطابي في النهي الوارد: (معنى هذا ترك التخيير بينهم على وجه الإزراء ببعضهم، فإنه ربما أدى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم والإخلال بالواجب من حقوقهم، ويفرض الإيمان بهم، وليس معناه أن يعتقد التسوية بينهم في درجاتهم فإن الله سبحانه قد أخبر أنه قد فاضل بينهم)(10). وممن قال بهذا التوجيه ابن تيمية رحمه الله وعليه حمل حديث أبي سعيد وأبي هريرة المذكور (11). وهو لائق بحديث: ((ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)).

(1)((تفسير القرطبي)) (3/ 264).

(2)

((الشفا)) (1/ 227) و ((تفسير القرطبي)) (3/ 262) و ((شرح صحيح مسلم للنووي)) (14/ 38) و ((فتاوى النووي)) (196) و ((عون المعبود)) (12/ 425).

(3)

((تفسير القرطبي)) (3/ 262).

(4)

((تأويل مختلف الحديث)) (79).

(5)

((تفسير ابن كثير)) (1/ 305) و ((عون المعبود)) (12/ 424).

(6)

((طبقات الحنابلة)) (2/ 306).

(7)

((تفسير ابن كثير)) (1/ 305).

(8)

((شرح صحيح مسلم للنووي)) (14/ 38) و ((فتاوى النووي)) (196)((تفسير ابن كثير)) (1/ 305).

(9)

((الشفا)) (1/ 227) و ((تفسير القرطبي)) (3/ 262) و ((شرح صحيح مسلم للنووي)) (14/ 38) و ((فتاوى النووي)) (196).

(10)

((معالم السنن – بهامش مختصر سنن أبي داود)) (7/ 38).

(11)

((الفتاوى)) (14/ 436).

ص: 481

فقد ذكر أهل العلم أنه إنما خص يونس عليه السلام بالذكر لما يخشى على من سمع ما قصه الله علينا من شأنه وما كان من قلة صبره، ونهي نبينا عليهما الصلاة والسلام عن أن يكون مثله، من أن يقع في نفسه تنقيص له، فبالغ صلى الله عليه وسلم في ذكر فضل يونس عليه السلام لسد هذه الذريعة (1). إلا أن هناك من خرج بهذه العلة للنهي عن حدها فأطلق حكم النهي لمطلق هذه العلة، فجعل النهي مطلقاً لهذه العلة، فقال كما نقل القرطبي:(لا يقال: النبي أفضل من الأنبياء كلهم ولا من فلان ولا خير، كما هو ظاهر النهي، لما يتوهم من النقص في المفضول، لأن النهي اقتضى منع إطلاق اللفظ لا منع اعتقاد ذلك المعنى، فإن الله تعالى أخبر بأن الرسل متفاضلون، فلا تقول: نبينا خير من الأنبياء، ولا من فلان النبي، اجتناباً لما نهي عنه، وتأدباً به وعملاً باعتقاد ما تضمنه القرآن من التفضيل)(2).

وظاهر هذا الكلام أن المراد من النهي – عند قائله – هو منع تعيين المفضول، لا تفضيل بعض النبيين على بعض في الجملة كما في آخر النقل،

، ثم جعل العلة من عدم تعيين المفضول هي دفع توهم نقص المفضول كما في أول النقل، وظاهر هذا جعل تعيين المفضول موهماً نقصه، هكذا بهذا الإطلاق وهو خطأ، ويكفي في الجواب عن القول بألا يقال النبي أفضل من الأنبياء أن يورد حديث أبي هريرة في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((فضلت على الأنبياء بست)) الحديث (3) .. مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد بن عبدالرحمن الشظيفي – ص 158

(1)((الشفا)) (1/ 227) و ((معالم السنن – بهامش المختصر)) (7/ 41) و ((فتح الباري)) (6/ 452).

(2)

((تفسير القرطبي)) (3/ 262).

(3)

رواه البخاري (523).

ص: 482