المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل - الموسوعة العقدية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الرابع: أول شرك وقع في بني آدم

- ‌المبحث الخامس: وقوع بعض هذه الأمة في الشرك

- ‌المبحث السادس: متى وكيف كانت بداية الشرك في هذه الأمة

- ‌المبحث السابع: شبهة من قال بعدم وقوع الشرك في هذه الأمة وردها

- ‌المبحث الثامن: قبح الشرك وخطره

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: أقسام الشرك الأكبر

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الربوبية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الربوبية والأسماء والصفات

- ‌رابعاً: مظاهر الشرك في الربوبية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الألوهية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الألوهية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الأسماء والصفات

- ‌ثانياً: من صور الشرك في الأسماء والصفات

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك الأصغر

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: الفروق بين نوعي الشرك الأكبر والأصغر

- ‌تمهيد: في أقسام الشرك الأصغر إجمالاً

- ‌المثال الأول: الرياء

- ‌المثال الثاني: إرادة الإنسان بعبادته الدنيا

- ‌المثال الثالث: الاعتماد على الأسباب

- ‌المثال الرابع: التطير

- ‌المثال الأول: الرقى الشركية

- ‌المثال الثاني: التمائم الشركية

- ‌المثال الأول: الحلف بغير الله

- ‌المثال الثاني: التشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بـ (الواو)

- ‌المثال الثالث: الاستسقاء بالأنواء

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: السحر والشعوذة

- ‌الفرع الثاني: الكهانة

- ‌الفرع الثالث: النشرة

- ‌الفرع الرابع: التنجيم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التوسل

- ‌الفرع الأول: التوسل المشروع

- ‌الفرع الثاني: التوسل الممنوع

- ‌الوجه الأول: التوسل إليه تعالى بذات وشخص المتوسل به

- ‌الوجه الثاني: التوسل إلى الله تعالى بجاه فلان، أو حقه، أو حرمته وما أشبه

- ‌الوجه الثالث: الإقسام على الله جل وعلا بالمتوسل به

- ‌ثانيا: شبهات حول التوسل وردها

- ‌ثالثا: أحاديث وآثار ضعيفة في التوسل

- ‌المطلب الأول: معنى التبرك

- ‌تمهيد

- ‌1 - التبرك بذكر الله

- ‌2 - التبرك بتلاوة القرآن الكريم

- ‌تمهيد:

- ‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:

- ‌4 - التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌أ- نماذج من تبرك الصحابة بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ب- نماذج من تبرك التابعين بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ج- هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر

- ‌1 - تبرك شركي:

- ‌2 - تبرك بدعي:

- ‌1 - الجهل بالدين

- ‌2 - التشبه بالكفار

- ‌3 - تعظيم الآثار

- ‌ثالثاً: آثار التبرك الممنوع

- ‌أولاً: معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌ثانياً: أدلة تحريم هذا الاتخاذ وحكمه ومذاهب العلماء فيه

- ‌ثالثاً: شبهات حول اتخاذ القبور مساجد وحكم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعاً: النهي عن اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم عيدا

- ‌خامساً: زيارة القبور

- ‌سادساً: حكم الدعاء عند القبور

- ‌سابعاً: الكلام على الزيارة الشركية

- ‌المبحث الرابع: الغلو في الصالحين

- ‌المبحث الخامس: تقديس الأشخاص والأشياء

- ‌المبحث السادس: الأعياد والاحتفالات البدعية

- ‌الفصل الرابع: حماية النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد بتحريم وسائل الشرك وطرقه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: معنى الملائكة لغةً

- ‌المبحث الثاني: معنى الملائكة اصطلاحاً

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثالث: الملائكة مخلوقات قائمة بنفسها حية ناطقة

- ‌المبحث الرابع: سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌المبحث الخامس: ثمرات الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول: مادة خلقهم ووقته

- ‌المطلب الأول: أجنحة الملائكة

- ‌المطلب الثاني: جمال الملائكة

- ‌المطلب الثالث: تفاوتهم في الخلق والمقدار

- ‌المطلب الرابع: لا يوصفون بالذكورة والأنوثة

- ‌المطلب الخامس: لا يأكلون ولا يشربون

- ‌المطلب السادس: لا يملّون ولا يتعبون

- ‌المطلب السابع: منازل الملائكة

- ‌المطلب الثامن: أعداد الملائكة

- ‌المطلب التاسع: موت الملائكة

- ‌المبحث الثالث: هل الجن من الملائكة

- ‌المبحث الرابع: هل إبليس من الملائكة

- ‌المبحث الأول: الملائكة كرام بررة

- ‌المبحث الثاني: قدراتهم

- ‌المبحث الثالث: علمهم

- ‌المبحث الرابع: اختصام الملأ الأعلى

- ‌المبحث الخامس: عبادة الملائكة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الموكل بالوحي

- ‌المبحث الثاني: الموكل بالصُّور

- ‌المبحث الثالث: الموكل بقبض الأرواح

- ‌المبحث الرابع: الموكل بحفظ العبد في حِلّه وارتحاله

- ‌المبحث الخامس: الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر

- ‌المبحث السادس: الموكل بفتنة القبر

- ‌المبحث السابع: خزنة الجنة

- ‌المبحث الثامن: المبشرون للمؤمنين عند وفياتهم، وفي يوم القيامة

- ‌المبحث التاسع: خزنة جهنم

- ‌المبحث العاشر: الموكلون بالنطفة في الرحم

- ‌المبحث الحاي عشر: حملة العرش

- ‌المبحث الثاني عشر: ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر

- ‌المبحث الثالث عشر: الموكل بالجبال

- ‌المبحث الرابع عشر: زوَّارُ البيت المعمور

- ‌المبحث الخامس عشر: ملائكة صفوف لا يفترون، وقيام لا يركعون

- ‌الفصل الرابع: التفاضل بين الملائكة، وبين الملائكة والبشر

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الملائكة

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الملائكة والبشر

- ‌الفصل الأول: دور الملائكة تجاه المؤمنين

- ‌الفصل الثاني: واجب المؤمنين تجاه الملائكة

- ‌الفصل الثالث: دور الملائكة تجاه الكفار والفساق

- ‌الكتاب الرابع: الإيمان بالكتب المنزلة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثاني: معنى الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثالث: أهمية الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الرابع: حكم الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الخامس: حقيقة الإيمان بالكتب

- ‌الفصل السادس: ثمرات الإيمان بالكتب

- ‌الباب الثاني: الإيمان بالقرآن

- ‌الفصل الأول: تعريف القرآن وفضله

- ‌المبحث الأول: معنى القرآن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: معنى القرآن في الاصطلاح

- ‌المبحث الثالث: فضل القرآن

- ‌المبحث الأول: حفظ القرآن في عهد النبوة

- ‌المبحث الثاني: حفظ القرآن في عهد الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثالث: سلامة القرآن من التحريف

- ‌الفصل الثالث: منزلة القرآن من الكتب المتقدمة

- ‌الفصل الرابع: خصائص القرآن الكريم

- ‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية

- ‌المبحث الثاني: إعجازه

- ‌المبحث الثالث: تعدد أسمائه وصفاته

- ‌المبحث الرابع: شفاعته لأهله

- ‌المبحث الخامس: أنه لا ينسب إلا إلى الله تعالى

- ‌المبحث السادس: التعبد بتلاوته

- ‌المبحث السابع: الثواب لقارئه ولمستمعه

- ‌المبحث الثامن: أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه

- ‌المبحث التاسع: أنه آخر الكتب المنزلة

- ‌المبحث العاشر: هيمنته على الكتب السابقة

- ‌المبحث الأول: القرآن الكريم كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: كلام الله في كتابه هو الحروف والمعاني

- ‌المبحث الثالث: القرآن ليس بمخلوق كما يقوله الزنادقة

- ‌المبحث الرابع: أصل القول بخلق القرآن

- ‌المبحث الخامس: ما قاله أئمة السنة في القرآن، وحكمهم على من قال بخلق القرآن

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الاتحادية

- ‌المبحث الثاني: مذهب الفلاسفة

- ‌المبحث الثالث: مذهب الجهمية

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكلابية

- ‌المبحث الخامس: مذهب الأشعري

- ‌المبحث السادس: مذهب الكرامية

- ‌المبحث السابع: مذهب السالمية

- ‌الباب الثالث أهم الكتب المنزلة

- ‌أولا: مواضع الاتفاق

- ‌ثانيا: مواضع الاختلاف

- ‌المبحث الأول تعريف التوراة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التوراة

- ‌تمهيد: وقوع التحريف في الكتب المتقدمة على القرآن

- ‌المطلب الأول: أدلة التحريف من القرآن الكريم والتوراة

- ‌تمهيد:

- ‌الفرع الأول: نقد السند

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: الاختلاف في عدد الأسفار

- ‌ثانياً: الاختلاف والتباين بين النسخ في المعلومات المدونة

- ‌ثالثاً: الاختلاف بالمقارنة مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم

- ‌رابعاً: الزيادة والإضافات:

- ‌1 - صفات الله عز وجل في التوراة المحرفة

- ‌2 - وصف اليهود للأنبياء عليهم السلام في التوراة المحرفة

- ‌الفصل الثاني: الإنجيل

- ‌المبحث الأول: إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تاريخ الأناجيل الأربعة إجمالاً

- ‌المطلب الثاني: تاريخ الأناجيل الأربعة وإنجيل برنابا تفصيلاً

- ‌أولاً: إنجيل متى

- ‌ثانياً: إنجيل مرقص

- ‌ثالثاً: إنجيل لوقا

- ‌رابعاً: إنجيل يوحنا

- ‌خامسا: إنجيل برنابا

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الاختلافات

- ‌ثانيا: الأغلاط في الأناجيل

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي

- ‌المبحث الثاني: تعريف الرسول

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين الرسول والنبي

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثاني: أهمية الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثالث: الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل

- ‌المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل

- ‌المبحث الخامس: وجوب الإيمان بجميع الرسل

- ‌المبحث السادس: ثمرات الإيمان بالرسل

- ‌الفصل الأول: الأنبياء والرسل جمّ غفير

- ‌الفصل الثاني: الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن

- ‌الفصل الثالث: أنبياء مذكورون في السنة

- ‌الفصل الرابع: صالحون مختلف في نبوتهم

- ‌الفصل الخامس: لا تثبت النبوة إلاّ بالدليل

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الرسل

- ‌المطلب الأول: تعيين أولي العزم

- ‌المطلب الثاني: تفاضل أولي العزم

- ‌المطلب الثالث: بعض خصائص أولي العزم

- ‌المبحث الرابع: تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء

- ‌المبحث السادس: الأنبياء أفضل البشر

- ‌المبحث الأول: البلاغ المبين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دعوة الرّسُل

- ‌المطلب الثاني: دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: مثال يوضح دور الرسل

- ‌المبحث الثالث: التبشير والإنذار

- ‌المبحث الرابع: إصلاح النفوس وتزكيتها

- ‌المبحث الخامس: تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة

- ‌المبحث السادس: إقامة الحجّة

- ‌المبحث السابع: سياسة الأمة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: كلام ابن القيم في حاجة البشرية إلى الرسل

الفصل: ‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل

‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل

يقول ابن كثير: (لا خلاف أن الرسول أفضل من بقية الأنبياء)(1). وقال السفاريني: (الرسول أفضل من النبي إجماعاً لتميزه بالرسالة التي هي أفضل من النبوة)(2).

وقد بدأ الله بذكر الرسول قبل النبي في قوله: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحج: 52]. وقدم سبحانه الوصف بالرسالة على الوصف بالنبوة في قوله في كل من موسى وإسماعيل عليهما السلام: وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا [مريم: 51]. فلعل في هذه دلالة على فضل الرسول على النبي، إذا الترتيب كان قاضيا بتقديم النبي على الرسول، لأن النبوة تكون أولاً ثم الرسالة، ففي تقديمها على النبوة إفادة معنى. ودلل الماوردي على فضل الرسول فقال:(الرسول أعلى منزلة من النبي ولذلك سميت الملائكة رسلاً ولم يسموا أنبياء)(3). ولكن هذا الاستدلال على القول بتفضيل الملائكة على الأنبياء وهو مرجوح. كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

ومن أوجه فضل الرسل على الأنبياء:

أن الرسالة في أصلها قدر زائد على النبوة فهي نبوة وزيادة، فالرسل ساووا الأنبياء في النبوة، وفضلوا عليهم بالرسالة – صلوات الله وسلامه على الجميع-، يقول القرطبي:(معلوم أن من أرسل أفضل ممن لم يرسل، فإن من أرسل فضل على غيره في الرسالة واستووا في النبوة).

قال: (إلى ما يلقاه الرسل من تكذيب أممهم وقتلهم إياهم وهذا مما لا خفاء فيه)(4). وفي قول القرطبي هذا وجه آخر من وجوه فضل الرسول على النبي وهو ما يلقاه الرسل دون الأنبياء من المنازعة مع أقوامهم، وذكر ابن القيم طبقات المكلفين فجعل الطبقة الأولى مرتبة أولي العزم من الرسل ثم الطبقة الثانية من عداهم من الرسل ثم قال:(الطبقة الثالثة الذين لم يرسلوا إلى أممهم وإنما كانت لهم النبوة دون الرسالة فاختصوا بإيحاء الله إليهم، وإرساله ملائكته إليهم، واختصت الرسل عنهم بإرسالهم إلى الأمة بدعوتهم إلى الله بشريعته وأمره واشتركوا في الوحي ونزول الملائكة عليهم)(5).

ومن وجوه فضل الرسول على النبي: أن الرسالة تثمر هداية الكافرين وإزالة الشرك، أما النبوة فتثمر توجيه المؤمنين وصيانة أحكام الله فيهم، وهذا مستفاد مما ذكر من الفرق بين النبي والرسول أن النبي يبعث في مؤمنين، والرسول في كافرين، ولا شك أن هداية الكافر خير من تعليم المؤمن وفي كل خير، قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما أمره بدعوة أهل خيبر إلى الإسلام:((فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم)) (6).

(1)((تفسير ابن كثير)) (2/ 47).

(2)

((لوامع الأنوار البهية)) (1/ 50).

(3)

((أعلام النبوة)) (38).

(4)

((تفسير القرطبي)) (3/ 263).

(5)

((طريق الهجرتين)) (ص: 350).

(6)

رواه البخاري (3009)، ومسلم (2406). من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.

ص: 465

وهذا الإجماع المذكور على فضل الرسول على النبي واقع خلافاً للعز بن عبد السلام كما يقول السفاريني (1) فإن العز قال: (إن قيل أيهما أفضل النبوة أم الإرسال؟ فنقول: النبوة أفضل، لأن النبوة إخبار عما يستحقه الرب من صفات الجمال ونعوت الكمال، وهي متعلقة بالله من طرفيها، والإرسال دونها أمر بالإبلاغ إلى العباد، فهو متعلق بالله من أحد طرفيه وبالعباد من الطرف الآخر، ولا شك أن ما يتعلق بالله من طرفيه أفضل مما يتعلق به من أحد طرفيه، والنبوة سابقة على الإرسال فإن قول الله لموسى: إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مقدم على قوله: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فجميع ما تحدث به قبل قوله: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ نبوة، وما أمره بعد ذلك من التبليغ فهو إرسال، والحاصل أن النبوة راجعة إلى التعريف بالإله وبما يجب له والإرسال إلى أمر الرسول بأن يبلغ عنه إلى عباده أو إلى بعض عباده ما أوجبه عليهم من معرفته، وطاعته، واجتناب معصيته، وكذلك الرسول عليه السلام لما قال له جبريل: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إلى قوله: إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى كان هذا نبوة، وكان ابتداء الرسالة حين جاء جبريل بـ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ)(2).

ويظهر من كلام العز بن عبد السلام حصره سبب تفضيله النبي على الرسول في أمرين:

الأول: أن النبوة متعلقة بالله من طرفيها، والإرسال متعلق بالله من أحد طرفيه وبالعباد من الطرف الآخر.

الثاني: أن النبوة سابقة على الإرسال.

أما الأول: فإنه لم يعين الطرفين ما هما على التحديد، إلا أنه بنى ذلك على تفريقه بين النبوة والرسالة بأن النبوة تعريف الله نبيه به سبحانه وبما يجب له، ومثاله في كلامه قول الله لموسى عليه السلام: إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وقول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، والرسالة الأمر بالتبليغ، ومثاله قوله سبحانه لموسى عليه السلام: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: قم فأنذر، فكان النبوة على هذا وحي خاص بالنبي لا يبلغه لغيره، والرسول من أمر بالتبليغ فرجع إلى قول من جعل الفرق بينهما أن النبي من أوحي إليه بوحي ولم يؤمر بتبليغه، والرسول من أوحي إليه بوحي وأمر بتبليغه، وهو غير مسلم، فإن الإرسال ثابت لهما كما تقدم بيانه في مسألة الفرق، وثبوت الإرسال لهما يجعل النبوة متعلقة بالله وبالعباد كالرسالة، فيكون السبب المذكور في تفضيل النبي على الرسول منتقضاً.

وأما الثاني: فإن سبق النبوة دليل على فضل الرسالة عليها لأنه لا يبلغ مرتبة الرسالة إلا من كان نبياً فهي مرتبة شريفة تفضل مرتبة النبوة، فلا يبلغ مبلغ الرسول إلا من كان نبياً أولاً.

ونبوة الرسول تكون إعدادا له للقيام بأعباء الرسالة – وهذا مفهوم من كلام العز – فدل على فضل الرسالة على النبوة.

وقد فهم السفاريني من كلام العز بن عبد السلام تخصيصه فضل النبوة على الرسالة في حال اجتماعهما في شخص واحد لا مطلقاً قال السفاريني: (الرسول أفضل من النبي إجماعاً، لتميزه بالرسالة التي هي أفضل من النبوة، على الأصح خلافاً لابن عبد السلام) إلى أن قال: (ثم أن محل الخلاف فيهما مع اتحاد محلهما وقيامهما معاً بشخص واحد، أما مع تعدد المحل فلا خلاف في أفضلية الرسالة على النبوة)(3). وقال في موضع آخر: (الرسالة أفضل من النبوة ولو في شخص واحد، خلافاً للعز بن عبد السلام في قوله أن نبوة النبي أفضل من رسالته لقصرها على الحق تعالى، إذ هي الإيحاء بما يتعلق بالباري جل شأنه من غير ارتباط له بالخلق، وأما مع تعدد المحل فلا خلاف في أفضلية الرسالة على النبوة ضرورة جمع الرسالة لها مع زيادة) قال: (على أن الصحيح المعتمد أفضلية الرسالة مطلقاً)(4).

وليس في كلام العز الذي وجدته ونقلته إلا إطلاق تفضيل النبوة على الرسالة لا كما يذكر السفاريني إلا أن يكون وقف على غير ما وقفت عليه.

هذا وقد جاء في كلام لابن حجر في ذكره وجوهاً في تعليل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عبادة من قول: ورسولك الذي أرسلت، ليقول: ونبيك الذي أرسلت في حديث الدعاء قبل النوم، وكان مما قاله:(أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول، لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفاً)(5). وهذا في عرف اللغة لا في عرف الشرع، بل وصف الرسالة في عرف الشرع يستلزم وصف النبوة. فالصحيح أن الرسالة أفضل من النبوة، والرسول أفضل من النبي، فلفظ الرسول أمدح من لفظ النبي مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد بن عبدالرحمن الشظيفي – ص 124

(1)((لوامع الأنوار البهية)) (1/ 50، 2/ 300).

(2)

((قواعد الأحكام)) (237).

(3)

((لوامع الأنوار البهية)) (1/ 50).

(4)

((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 300).

(5)

((فتح الباري)) (1/ 358).

ص: 466