المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته: - الموسوعة العقدية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الرابع: أول شرك وقع في بني آدم

- ‌المبحث الخامس: وقوع بعض هذه الأمة في الشرك

- ‌المبحث السادس: متى وكيف كانت بداية الشرك في هذه الأمة

- ‌المبحث السابع: شبهة من قال بعدم وقوع الشرك في هذه الأمة وردها

- ‌المبحث الثامن: قبح الشرك وخطره

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: أقسام الشرك الأكبر

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الربوبية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الربوبية والأسماء والصفات

- ‌رابعاً: مظاهر الشرك في الربوبية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الألوهية

- ‌ثانياً: أنواع الشرك في الألوهية

- ‌أولاً: تعريف الشرك في الأسماء والصفات

- ‌ثانياً: من صور الشرك في الأسماء والصفات

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك الأصغر

- ‌المطلب الثاني: حكمه

- ‌المطلب الثالث: الفروق بين نوعي الشرك الأكبر والأصغر

- ‌تمهيد: في أقسام الشرك الأصغر إجمالاً

- ‌المثال الأول: الرياء

- ‌المثال الثاني: إرادة الإنسان بعبادته الدنيا

- ‌المثال الثالث: الاعتماد على الأسباب

- ‌المثال الرابع: التطير

- ‌المثال الأول: الرقى الشركية

- ‌المثال الثاني: التمائم الشركية

- ‌المثال الأول: الحلف بغير الله

- ‌المثال الثاني: التشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بـ (الواو)

- ‌المثال الثالث: الاستسقاء بالأنواء

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: السحر والشعوذة

- ‌الفرع الثاني: الكهانة

- ‌الفرع الثالث: النشرة

- ‌الفرع الرابع: التنجيم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التوسل

- ‌الفرع الأول: التوسل المشروع

- ‌الفرع الثاني: التوسل الممنوع

- ‌الوجه الأول: التوسل إليه تعالى بذات وشخص المتوسل به

- ‌الوجه الثاني: التوسل إلى الله تعالى بجاه فلان، أو حقه، أو حرمته وما أشبه

- ‌الوجه الثالث: الإقسام على الله جل وعلا بالمتوسل به

- ‌ثانيا: شبهات حول التوسل وردها

- ‌ثالثا: أحاديث وآثار ضعيفة في التوسل

- ‌المطلب الأول: معنى التبرك

- ‌تمهيد

- ‌1 - التبرك بذكر الله

- ‌2 - التبرك بتلاوة القرآن الكريم

- ‌تمهيد:

- ‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:

- ‌4 - التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌أ- نماذج من تبرك الصحابة بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ب- نماذج من تبرك التابعين بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:

- ‌ج- هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر

- ‌1 - تبرك شركي:

- ‌2 - تبرك بدعي:

- ‌1 - الجهل بالدين

- ‌2 - التشبه بالكفار

- ‌3 - تعظيم الآثار

- ‌ثالثاً: آثار التبرك الممنوع

- ‌أولاً: معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌ثانياً: أدلة تحريم هذا الاتخاذ وحكمه ومذاهب العلماء فيه

- ‌ثالثاً: شبهات حول اتخاذ القبور مساجد وحكم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعاً: النهي عن اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم عيدا

- ‌خامساً: زيارة القبور

- ‌سادساً: حكم الدعاء عند القبور

- ‌سابعاً: الكلام على الزيارة الشركية

- ‌المبحث الرابع: الغلو في الصالحين

- ‌المبحث الخامس: تقديس الأشخاص والأشياء

- ‌المبحث السادس: الأعياد والاحتفالات البدعية

- ‌الفصل الرابع: حماية النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد بتحريم وسائل الشرك وطرقه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: معنى الملائكة لغةً

- ‌المبحث الثاني: معنى الملائكة اصطلاحاً

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الثالث: الملائكة مخلوقات قائمة بنفسها حية ناطقة

- ‌المبحث الرابع: سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌المبحث الخامس: ثمرات الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول: مادة خلقهم ووقته

- ‌المطلب الأول: أجنحة الملائكة

- ‌المطلب الثاني: جمال الملائكة

- ‌المطلب الثالث: تفاوتهم في الخلق والمقدار

- ‌المطلب الرابع: لا يوصفون بالذكورة والأنوثة

- ‌المطلب الخامس: لا يأكلون ولا يشربون

- ‌المطلب السادس: لا يملّون ولا يتعبون

- ‌المطلب السابع: منازل الملائكة

- ‌المطلب الثامن: أعداد الملائكة

- ‌المطلب التاسع: موت الملائكة

- ‌المبحث الثالث: هل الجن من الملائكة

- ‌المبحث الرابع: هل إبليس من الملائكة

- ‌المبحث الأول: الملائكة كرام بررة

- ‌المبحث الثاني: قدراتهم

- ‌المبحث الثالث: علمهم

- ‌المبحث الرابع: اختصام الملأ الأعلى

- ‌المبحث الخامس: عبادة الملائكة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الموكل بالوحي

- ‌المبحث الثاني: الموكل بالصُّور

- ‌المبحث الثالث: الموكل بقبض الأرواح

- ‌المبحث الرابع: الموكل بحفظ العبد في حِلّه وارتحاله

- ‌المبحث الخامس: الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر

- ‌المبحث السادس: الموكل بفتنة القبر

- ‌المبحث السابع: خزنة الجنة

- ‌المبحث الثامن: المبشرون للمؤمنين عند وفياتهم، وفي يوم القيامة

- ‌المبحث التاسع: خزنة جهنم

- ‌المبحث العاشر: الموكلون بالنطفة في الرحم

- ‌المبحث الحاي عشر: حملة العرش

- ‌المبحث الثاني عشر: ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر

- ‌المبحث الثالث عشر: الموكل بالجبال

- ‌المبحث الرابع عشر: زوَّارُ البيت المعمور

- ‌المبحث الخامس عشر: ملائكة صفوف لا يفترون، وقيام لا يركعون

- ‌الفصل الرابع: التفاضل بين الملائكة، وبين الملائكة والبشر

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الملائكة

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الملائكة والبشر

- ‌الفصل الأول: دور الملائكة تجاه المؤمنين

- ‌الفصل الثاني: واجب المؤمنين تجاه الملائكة

- ‌الفصل الثالث: دور الملائكة تجاه الكفار والفساق

- ‌الكتاب الرابع: الإيمان بالكتب المنزلة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثاني: معنى الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثالث: أهمية الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الرابع: حكم الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الخامس: حقيقة الإيمان بالكتب

- ‌الفصل السادس: ثمرات الإيمان بالكتب

- ‌الباب الثاني: الإيمان بالقرآن

- ‌الفصل الأول: تعريف القرآن وفضله

- ‌المبحث الأول: معنى القرآن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: معنى القرآن في الاصطلاح

- ‌المبحث الثالث: فضل القرآن

- ‌المبحث الأول: حفظ القرآن في عهد النبوة

- ‌المبحث الثاني: حفظ القرآن في عهد الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثالث: سلامة القرآن من التحريف

- ‌الفصل الثالث: منزلة القرآن من الكتب المتقدمة

- ‌الفصل الرابع: خصائص القرآن الكريم

- ‌المبحث الأول: الأخبار الغيبية

- ‌المبحث الثاني: إعجازه

- ‌المبحث الثالث: تعدد أسمائه وصفاته

- ‌المبحث الرابع: شفاعته لأهله

- ‌المبحث الخامس: أنه لا ينسب إلا إلى الله تعالى

- ‌المبحث السادس: التعبد بتلاوته

- ‌المبحث السابع: الثواب لقارئه ولمستمعه

- ‌المبحث الثامن: أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه

- ‌المبحث التاسع: أنه آخر الكتب المنزلة

- ‌المبحث العاشر: هيمنته على الكتب السابقة

- ‌المبحث الأول: القرآن الكريم كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: كلام الله في كتابه هو الحروف والمعاني

- ‌المبحث الثالث: القرآن ليس بمخلوق كما يقوله الزنادقة

- ‌المبحث الرابع: أصل القول بخلق القرآن

- ‌المبحث الخامس: ما قاله أئمة السنة في القرآن، وحكمهم على من قال بخلق القرآن

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الاتحادية

- ‌المبحث الثاني: مذهب الفلاسفة

- ‌المبحث الثالث: مذهب الجهمية

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكلابية

- ‌المبحث الخامس: مذهب الأشعري

- ‌المبحث السادس: مذهب الكرامية

- ‌المبحث السابع: مذهب السالمية

- ‌الباب الثالث أهم الكتب المنزلة

- ‌أولا: مواضع الاتفاق

- ‌ثانيا: مواضع الاختلاف

- ‌المبحث الأول تعريف التوراة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التوراة

- ‌تمهيد: وقوع التحريف في الكتب المتقدمة على القرآن

- ‌المطلب الأول: أدلة التحريف من القرآن الكريم والتوراة

- ‌تمهيد:

- ‌الفرع الأول: نقد السند

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: الاختلاف في عدد الأسفار

- ‌ثانياً: الاختلاف والتباين بين النسخ في المعلومات المدونة

- ‌ثالثاً: الاختلاف بالمقارنة مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم

- ‌رابعاً: الزيادة والإضافات:

- ‌1 - صفات الله عز وجل في التوراة المحرفة

- ‌2 - وصف اليهود للأنبياء عليهم السلام في التوراة المحرفة

- ‌الفصل الثاني: الإنجيل

- ‌المبحث الأول: إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تاريخ الأناجيل الأربعة إجمالاً

- ‌المطلب الثاني: تاريخ الأناجيل الأربعة وإنجيل برنابا تفصيلاً

- ‌أولاً: إنجيل متى

- ‌ثانياً: إنجيل مرقص

- ‌ثالثاً: إنجيل لوقا

- ‌رابعاً: إنجيل يوحنا

- ‌خامسا: إنجيل برنابا

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الاختلافات

- ‌ثانيا: الأغلاط في الأناجيل

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي

- ‌المبحث الثاني: تعريف الرسول

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين الرسول والنبي

- ‌المبحث الأول: معنى الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثاني: أهمية الإيمان بالرسل

- ‌المبحث الثالث: الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل

- ‌المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل

- ‌المبحث الخامس: وجوب الإيمان بجميع الرسل

- ‌المبحث السادس: ثمرات الإيمان بالرسل

- ‌الفصل الأول: الأنبياء والرسل جمّ غفير

- ‌الفصل الثاني: الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن

- ‌الفصل الثالث: أنبياء مذكورون في السنة

- ‌الفصل الرابع: صالحون مختلف في نبوتهم

- ‌الفصل الخامس: لا تثبت النبوة إلاّ بالدليل

- ‌المبحث الأول: التفاضل بين الأنبياء والرسل

- ‌المبحث الثاني: التفاضل بين الرسل

- ‌المطلب الأول: تعيين أولي العزم

- ‌المطلب الثاني: تفاضل أولي العزم

- ‌المطلب الثالث: بعض خصائص أولي العزم

- ‌المبحث الرابع: تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌المبحث الخامس: توجيه النهي الوارد في التفضيل بين الأنبياء

- ‌المبحث السادس: الأنبياء أفضل البشر

- ‌المبحث الأول: البلاغ المبين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: دعوة الرّسُل

- ‌المطلب الثاني: دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: مثال يوضح دور الرسل

- ‌المبحث الثالث: التبشير والإنذار

- ‌المبحث الرابع: إصلاح النفوس وتزكيتها

- ‌المبحث الخامس: تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة

- ‌المبحث السادس: إقامة الحجّة

- ‌المبحث السابع: سياسة الأمة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: كلام ابن القيم في حاجة البشرية إلى الرسل

الفصل: ‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:

‌نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:

..... نماذج مما نقل إلينا نقلاً صحيحاً من الأخبار والآثار عن تبرك جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أثناء حياته، بذاته الكريمة، أو بآثاره الشريفة صلى الله عليه وسلم، على النحو التالي:

أ- تبرك الصحابة رضي الله عنهم بأعضاء جسده صلى الله عليه وسلم.

مما يدل على بركة أعضاء جسده الشريف صلى الله عليه وسلم ما روته عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها)) (1).

ومما ورد عن تبرك الصحابة رضي الله تعالى عنهم بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاءوه في الغداة الباردة، فيغمس يده فيها)) (2).

وما ثبت عن أبي جحيفة رضي الله عنه أنه قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين)) وفيه ((وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم)) قال: ((فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك)) (3).

وكان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على تقبيل يده صلى الله عليه وسلم.

كما أنهم أيضاً يحرصون على مس أي موضع من جسده صلى الله عليه وسلم وتقبيله كلما أمكن ذلك للتبرك وغيره.

ومن هذا ما روى أبو داود في سننه أن أسيد بن حضير رضي الله عنه بينما هو يحث القوم – وكان فيه مزاح – طعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود، فقال: أصبرني، قال:((اصطبر)) قال: إن عليك قميصاً وليس علي قميص، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه، وأخذ يقبل كشحه، قال:((إنما أردت هذا يا رسول الله)) (4).

ب- تبركهم بما انفصل منه صلى الله عليه وسلم:

1 -

التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم.

ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قد أقرهم على ذلك، بل إنه صلى الله عليه وسلم وزعه عليهم.

ففي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق (خذ) وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس)) (5).

وفي رواية: ((فبدأ بالشق الأيمن، فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك، ثم قال: هاهنا أبو طلحة فدفعه إلى أبي طلحة)) (6).

قال النووي رحمه الله تعالى: (من فوائد الحديث التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم، وجواز اقتنائه للتبرك)(7).

وكان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على اقتناء شعره الشريف عليه الصلاة والسلام.

ففي صحيح مسلم أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: ((لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه، وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل)) (8).

(1) رواه البخاري (5016)، ومسلم (2192).

(2)

رواه البخاري (5016)، ومسلم (2192).

(3)

رواه البخاري (3553).

(4)

رواه أبو داود (5224) والطبراني في ((الكبير)) (1/ 205)(556) والحديث سكت عنه أبو داود [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5224): إسناده صحيح.

(5)

رواه مسلم (1305).

(6)

رواه مسلم (1305).

(7)

((شرح النووي لصحيح مسلم)) (9/ 54).

(8)

رواه مسلم (2325).

ص: 176

وقد ذكر النووي من أحكام هذا الحديث: تبرك الصحابة بشعر الرسول صلى الله عليه وسلم الكريم، وإكرامهم إياه أن يقع منه إلا في يد رجل سبق إليه (1).

ولعل حرص الصحابة رضي الله عنهم على ذلك في حجة الوداع لإظهار مدى حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمهم له على مرأى جموع الحجاج.

2 -

التبرك بريق النبي صلى الله عليه وسلم.

في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى بعبد الله بن الزبير. قالت: ((فأتيت المدينة فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم حنكه بالتمرة)) الحديث (2).

وجاء في صحيح البخاري في حديث صلح الحديبية أن عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه قال عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ((فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده

)) (3).

قال ابن حجر رحمه الله معلقاً على فعل الصحابة رضي الله عنهم ونحوه في هذه الغزوة مع الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولعل الصحابة فعلوا ذلك بحضرة عروة، وبالغوا في ذلك،، إشارة منهم إلى الرد على ما خشيه من فرارهم، وكأنهم قالوا بلسان الحال: من يحب إمامه هذه المحبة، ويعظمه هذا التعظيم، كيف يظن به أن يفر عنه ويسلمه لعدوه؟ بل هم أشد اغتباطاً به وبدينه وبنصره من القبائل التي يراعي بعضها بعضاً بمجرد الرحم)(4).

3 -

التبرك بعرق النبي صلى الله عليه وسلم.

جاء في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه، قال: فجاء ذات يوم فنام على فراشها، فأُتيت فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك، قال: فجاءت وقد عرق، واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش، ففتحت عتيدتها، فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها، ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال:((وما تصنعين يا أم سليم؟ فقالت: يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا، قال: أصبت)) (5).

ج- تبركهم بما لبسه أو لمسه أو فضل منه صلى الله عليه وسلم:

- التبرك بثياب النبي صلى الله عليه وسلم:

جاء في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ((جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي شملة، فقال سهل: هي شملة منسوجة، فيها حاشيتها، فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه، فاكسنيها، فقال: نعم فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجا إليها، ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئاً فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكفن فيها)) (6).

وثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى اللاتي يغسلن ابنته إزاره وقال: ((أشعرنها إياه)) (7).

قال النووي رحمه الله تعالى: معنى ((أشعرنها إياه)): اجعلنه شعاراً لها، وهو الثوب الذي يلي الجسد، سمي شعراً لأنه يلي شعر الجسد، ثم قال:(والحكمة في إشعارها به تبريكها).

(1) من كتاب ((شرح النووي لصحيح مسلم)) (15/ 82).

(2)

رواه البخاري (3909)، ومسلم (2146).

(3)

رواه البخاري (2731،2732).

(4)

((فتح الباري)) (5/ 341).

(5)

رواه مسلم (2331).

(6)

رواه مسلم (6036).

(7)

رواه البخاري (1253)، ومسلم (939).

ص: 177

- التبرك بمواضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم.

جاء في صحيح مسلم في حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ((فكان يصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً، فإذا جيء به إليه سأل عن موضع أصابعه، فيتتبع موضع أصابعه)) (1).

- التبرك بفضل شرب النبي صلى الله عليه وسلم.

في الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب، فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله، لا أوثر بنصيبي منك أحداً. قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده)) (2).

- التبرك بماء وضوئه صلى الله عليه وسلم.

جاء في الصحيحين عن أبي جحيفة رضي الله عنه أنه قال: ((خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأتي بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به)) (3).

وأما المقصود بفضل وضوئه صلى الله عليه وسلم فقد قال ابن حجر رحمه الله تعالى: (كأنهم اقتسموا الماء الذي فضل عنه، ويحتمل أن يكونوا تناولوا ما سال من أعضاء وضوئه صلى الله عليه وسلم (4). وجاء في صحيح البخاري في حديث صلح الحديبية أن عروة ابن مسعود الثقفي رضي الله عنه قال عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه)) (5).

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد أصحابه رضي الله عنهم أحياناً إلى شيء من هذا، وساعدهم عليه.

ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ((دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه، ثم قال: اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما، وأبشرا فأخذا القدح، ففعلا ما أمرهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنادتهما أم سلمة من وراء الستر: أفضلا لأمكما مما في إنائكما، فأفضلا لها منه طائفة)) (6).

وفيهما أيضاً عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه فعقلت)) الحديث (7). التبرك أنواعه وأحكامه لناصر بن عبد الرحمن الجديع – ص: 243

(1) رواه مسلم (2053).

(2)

رواه البخاري (2451) ومسلم (2030).

(3)

رواه البخاري (3553) ومسلم (503).

(4)

((فتح الباري بشرح صحيح البخاري)) لابن حجر العسقلاني (1/ 295).

(5)

رواه البخاري (2731،2732).

(6)

رواه البخاري (4328)، ومسلم (2497).

(7)

رواه البخاري (194).

ص: 178