الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث: النشرة
قال ابن الأثير: (النشرة بالضم ضرب من الرقية والعلاج يعالج به من كان يظن أن به مسًّا من الجن، سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء أي: يكشف ويزال)، والمراد بها هنا: هي حل السحر عن المسحور وهي نوعان:
الأول: حل السحر عن المسحور بسحر مثله، وهو محرم، وهو كفر أصغر، وهو الذي قال فيه الحسن:(لا يحل السحر إلا الساحر)(1)، حيث يتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.
الثاني: حل السحر بالأدعية والرقى المباحة من القرآن والسنة، فهذا جائز.
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال:(هي من عمل الشيطان) رواه أحمد بسند جيد (2). وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تداووا بحرام)) (3)، وقال:((ما جعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليها)) فحل السحر بالسحر من عمل الشيطان، وعمل الشيطان محرم، فلا يكون فيه شفاء وتوقع أن فيه شفاء عادة لم يجز؛ لأنه يحرم التداوي بالمحرمات، ولا يقال أن ذلك مما تمليه الضرورة؛ لأن محل الضرورة ما فيه نفع يدفعها، والسحر ليس كذلك كما دل عليه الحديث المتقدم. وإن قلنا: إن فيها نفعاً فإن محل الضرورة خوف الموت، والمسحور لا يموت بمجرد سحره حتى يقال إنه يحافظ على نفسه، كما أن تجويز إتيان السحر من أجل العلاج به يساعد على تعلمه وهو يحمل ضمناً تجويز تعلمه والعمل به، ويفتح الباب لكل شرير أن يسحر فيلجأ الناس إليه من أجل العلاج مما يزيد في شر السحرة وإفسادها، مع أن الشرع يحل دم الساحر ويدل على كفره – كما تقدم – وهذا الأمر مما ابتلي به كثير من الناس في عصرنا، فيكثر منهم من يذهب إلى السحر لحل ما أصابه من السحر عنه، مما جعل الناس يكثرون من لجوئهم إلى السحر سواء في العلاج، أو في طلب سحر الغير لحقد أو حسد أو بغضاء، مما زاد في الفساد وفتح باب الخرافة للناس. المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم بن محمد البريكان– ص: 145
(1)[3701])) ((فتح الباري)) (10/ 233) ، وانظر ((تغليق التعليق)) (3/ 243).
(2)
[3702])) رواه أبو داود (3868) ، وأحمد (14167) ، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (9/ 351) ، ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (5/ 40) ، والحديث سكت عنه أبو داود، وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (9/ 351): روي مرسلاً وهو أصح، وقال النووي في ((المجموع شرح المهذب)) (9/ 67): إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)).
(3)
رواه أبو داود (3874). وسكت عنه أبو داود. وقال الألباني في ((التعليقات الرضية)) (3/ 153): صحيح من حيث معناه لشواهده، وقال في ((مشكاة المصابيح)) (4464): إسناده ضعيف وشطره الأول صحيح لغيره. والحديث رواه الطبراني (24/ 254) بلفظ: ((خلق)) بدل ((أنزل)). وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 86): رواه الطبراني ورجاله ثقات. وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) (1633).