المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المائدة» - الموسوعة القرآنية خصائص السور - جـ ٢

[جعفر شرف الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌سورة آل عمران

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «آل عمران»

- ‌(1) قصة التسمية

- ‌(2) مقاصد سورة آل عمران

- ‌العناية بأمرين عظيمين:

- ‌الأمر الأول: قضية الألوهية وتقرير الحق فيها

- ‌(3) وحدة الدين عند الله

- ‌المسرفون في شأن عيسى (ع)

- ‌(4) بيان أسباب انصراف الناس عن الحق

- ‌(5) عظمة القرآن في تربية المؤمنين

- ‌(6) القرآن كتاب الوجود والخلود

- ‌(7) دروس من غزوة أحد

- ‌(8) سنن الله ماضية وقوانينه عامة

- ‌(9) منهج القرآن في بناء العقيدة والدفاع عنها

- ‌(10) أعداء يكيدون للإسلام

- ‌(11) ثلاثة خطوط عريضة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «آل عمران»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ما يجب لله سبحانه من الأوصاف الآيات [1- 6]

- ‌الرد على مقالة النصارى الأولى الآيات [7- 18]

- ‌الرد على مقالتهم الثانية الآيات [19- 64]

- ‌الرد على مقالتهم الثالثة الآيات [65- 78]

- ‌الرد على مقالتهم الرابعة الآيات [79- 92]

- ‌الرد على مقالتهم الخامسة الآيات [93- 99]

- ‌تثبيت المؤمنين بعد رد مقالاتهم الآيات [100- 120]

- ‌تثبيت المؤمنين بعد أحد الآيات [121- 189]

- ‌الخاتمة الآيات [190- 200]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «آل عمران»

- ‌سورة النساء 4

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «النساء»

- ‌الوصية بالنساء واليتامى

- ‌اليتامى

- ‌المال والميراث

- ‌تعدد الزوجات

- ‌شبهة تفتضح، وحجة تتّضح

- ‌التضامن الاجتماعي

- ‌المحرّمات من النساء

- ‌الحكمة من هذا التّحريم

- ‌مصادر التشريع في الإسلام

- ‌الاجتهاد من مصادر التشريع وبابه مفتوح أبدا

- ‌القتال وأسباب النصر

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النساء»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌براعة المطلع

- ‌أحكام اليتامى والسفهاء الآيات [2- 6]

- ‌أحكام الميراث الآيات [7- 14]

- ‌حكم الزنا واللواط الآيات [15- 18]

- ‌أحكام متفرقة في النساء الآيات [19- 28]

- ‌تحريم التعدي على المال والنفس الآيات [29- 33]

- ‌قوامة الرجال على النساء الآيتان [34- 35]

- ‌حقوق الله وبعض العباد الآيات [36- 42]

- ‌تحريم الصلاة على السكارى والجنب الآية [43]

- ‌التحذير من أهل الكتاب الآيات [44- 57]

- ‌عودة إلى الأحكام الآيات [58- 70]

- ‌أحكام القتال الآيات [71- 104]

- ‌تحريم المحاباة في الحكم الآيات [105- 126]

- ‌أحكام أخرى في النساء الآيات [127- 134]

- ‌تحريم المحاباة في الشهادة الآية [135]

- ‌عود إلى المنافقين وأهل الكتاب الآيات [136- 175]

- ‌حكم الكلالة الآية [176]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النساء»

- ‌تقدّم وجوه مناسبتها

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «النساء»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «النساء»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النساء»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «النساء»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «النساء»

- ‌سورة المائدة (5)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المائدة»

- ‌1- تاريخ النزول

- ‌2- قصة التسمية

- ‌ المائدة

- ‌3- ظواهر تنفرد بها سورة المائدة

- ‌4- تشريع القرآن

- ‌5- الوفاء بالعقود

- ‌6- الظروف التي نزلت فيها السورة

- ‌7- أفكار السورة وأحكامها

- ‌8- النداءات الإلهية للمؤمنين

- ‌الأمر بالتقوى:

- ‌9- أهل الكتاب

- ‌10- اليهود

- ‌11- النصارى

- ‌القرآن من عند الله

- ‌12- عدالة أحكام السورة الخاصة بأهل الكتاب

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المائدة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌أحكام العقود والمناسك الآيات [1- 5]

- ‌أحكام الوضوء والتيمم [الآية 6]

- ‌التحذير من نقض العقود [الآيات 7- 11]

- ‌الاعتبار بناقضي العقود من الأولين [الآيات 12- 40]

- ‌نقض المنافقين واليهود لعقودهم [الآيات 41- 86]

- ‌عود إلى ما سبق من الأحكام [الآيات 87- 108]

- ‌الخاتمة [الآيات 109- 120]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المائدة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المائدة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المائدة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المائدة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المائدة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المائدة»

- ‌الفهرس

- ‌سورة «آل عمران»

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

الفصل: ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المائدة»

‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المائدة»

«1» قال تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [الآية 1]، غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ [الآية 1] . ففي قوله تعالى: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ نصبت (غير) على الحال «2» .

وقال تعالى: لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ [الآية 2] واحدها «شعيرة» .

وقال وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ [الآية 2] ف «الشنئان» متحرك مثل «الدرجان» و «الميلان» ، وهو من «شنئته» ف «أنا أشنؤه» «شنئانا» . لا يَجْرِمَنَّكُمْ أي: لا يحقّنّ لكم «3» . لأنّ قوله تعالى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ [النحل/ 62] إنّما هو حقّ أنّ لهم النار.

قال الشاعر «4» [من الكامل وهو الشاهد الثمانون بعد المائة] :

ولقد طعنت أبّا عيينة طعنة جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا «5» .

اي: حقّ لها.

وقوله تعالى:

(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن للأخفش» ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتب، بيروت، غير مؤرّخ.

(2)

. نقله في الكشاف 1/ 601 ونقل في زاد المسير 2/ 269 واعراب القرآن 1/ 265 والجامع 6/ 36 والبحر 3/ 414.

(3)

. نقله في التهذيب 11/ 65 «جرم» والجامع 6/ 44 و 45 واللسان جرم.

(4)

. هو أبو أسماء بن الضريبة مجاز القرآن 1/ 358 والخزانة 4/ 314 واللسان «جرم» ، وقيل هو عطية بن عفيف مجاز القرآن 1/ 358 والخزانة 4/ 314، وقيل هو الفرزدق الخزانة كالسابق، وقيل الفزاري الكتاب، وتحصيل عين الذهب 1/ 469.

(5)

. في معاني القرآن 2/ 9 ب «تغضبا» وفي الخزانة كما سبق «أبا عبيدة» وقد جاء في 4/ 310 كما جاء في رواية الأخفش.

ص: 247

أَنْ صَدُّوكُمْ [الآية 2]«1» يقول: «لأن صدّوكم» وقد قرئت (إن صدّوكم)«2» على معنى «إن هم صدّوكم» أي: «إن هم فعلوا» أي:

إن همّوا ولم يكونوا فعلوا. وقد تقول ذلك أيضا وقد فعلوا كأنك تحكي ما لم يكن كقول الله تعالى قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ [يوسف/ 77] وكانت السرقة عندهم قد وقعت.

وقال تعالى: أَنْ تَعْتَدُوا [الآية 2] أي: لا يحقّنّ لكم شنئان قوم أن تعتدوا. أي: لا يحملنّكم ذلك على العدوان. ثم قال وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى [الآية 2] .

وقال تعالى: وَالْمَوْقُوذَةُ [الآية 3] من «وقذت» ف «هي موقوذة» .

وَالنَّطِيحَةُ [الآية 3] فيها الهاء [اي التاء المربوطة] لأنها جعلت كالاسم مثل «أكيلة الأسد» . وانما تقول «هي أكيل» و «هي نطيح» لأنّ كل ما فيه «مفعولة» ف «الفعيل» فيه بغير الهاء نحو «القتيل» و «الصريع» إذا عنيت المرأة و «هي جريح» لأنك تقول «مجروحة» .

وقال تعالى: وَما أَكَلَ السَّبُعُ [الآية 3]«3» ولغة يخففون «السبع» «4» .

وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [الآية 3] وجميعه: «الأنصاب» .

وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ [الآية 3] يقول: «وحرّم ذلك» وواحدها «زلم» و «زلم» «5» .

وقال تعالى: مَخْمَصَةٍ [الآية 3]

(1) . هي في الطبري 9/ 487 إلى بعض أهل المدينة وعامة قراء الكوفيين وفي السبعة 242 الى نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي وفي الكشف 1/ 405 والتيسير 98 والبحر 3/ 422 الى غير أبي عمرو وابن كثير من السبعة. وفي حجّة ابن خالويه 104 بلا نسبة وفي معاني القرآن 1/ 300 لم تنسب قراءة.

(2)

. في الطبري 9/ 488 الى بعض قراء الحجاز والبصرة وانتصر لها بقراءة ابن مسعود «ان يصدوكم» ، وفي السبعة 242 والكشف 1/ 405 والتيسير 98 الى ابن كثير وابي عمرو وزاد في البحر 3/ 422 ابن مسعود، وزاد في الجامع 6/ 46 انها اختيار ابي عبيد وأنّ الأعمش قرأ «ان يصدوكم» وفي حجة ابن خالويه 104 بلا نسبة.

(3)

. وعليها في الجامع 6/ 50 قراءة ابن مسعود وابن عباس.

(4)

. وفي الجامع 6/ 50 قراءة الحسن وابي حيوة وفي البحر 3/ 423 زاد الفياض وطلحة بن سليمان، ورويت عن ابي بكر عن عاصم، ورويت عن الحسن. ويبدو مما في 173 «اللهجات» أنّ الإسكان لغة تميم، وقياسا على ما جاء في «لهجة تميم» 166 أيضا.

(5)

. نقله في التهذيب 13/ 219 «زلم» منسوبا إلى الأخفش وحده.

ص: 248

تقول: «خمصه الجوع» نحو «المغضبة» لأنّه أراد المصدر.

وقال يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الآية 3] مهموزة الياء الثانية وهي من «فعل» «يفعل» وكسر الياء الأولى لغة نحو «لعب» «1» ومنهم من يكسر اللام والعين «2» ويسكنون العين ويفتحون اللّام أيضا «3» ويكسرونها «4» وكذلك «يئس» . وذلك أنّ «فعل» ، إذا كان ثانيه احد الحروف الستة «5» ، كسروا اوله وتركوه على الكسر، كما يقولون ذلك في «فعيل» نحو «شعير» و «صهيل» «6» .

ومنهم من يسكن الثانية ويكسر الأولى نحو «رحمه الله» فلذلك تقول: «يئس» تكسر الياء وتسكن الهمزة «7» . وقد قرئت هذه الآية (نعم ما يعظكم به)[النساء/ 58]«8» على تلك اللغة التي يقولون فيها «لعب» «9» . وأناس يقولون «نعم الرّجل زيد» «10» فقد يجوز كسر هذه النون التي في «نعم» ، لأن التي بعدها من الحروف الستة، كما كسر «لعب» . وقولهم:«ان العين ساكنة من «نعمّا» إذا أدغمت خطأ لأنه لا يجتمع ساكنان. ولكن إذا شئت أخفيته فجعلته بين الإدغام والإظهار، فيكون في زنة متحرك، كما قرئت (إنّي ليحزنني)[يوسف/ 13] يشمون النون الأولى الرفع «11» .

(1) . هي لهجة تميم «لهجة تميم 167» واللهجات العربية 167.

(2)

. الهامش السابق

(3)

. الهامش السابق أيضا

(4)

. الهامش السابق أيضا [.....]

(5)

. هي حروف الحلق الستة الهمزة والعين والهاء والحاء والخاء والغين.

(6)

. ما جاء في المصادر الطبري 2/ 238 والكتاب 2/ 255 والمخصص 14/ 214 يقول ان هذه لغة تميم.

(7)

. في الكتاب كالسابق بلا عزو وفي «لهجة تميم 167» و «اللهجات 167» نسبت الى تميم.

(8)

. وهي في رسم المصحف الشريف «نعمّا» .

(9)

. هي في السبعة 190 قراءة ابن كثير وقراءة عاصم ونافع في رواية. وفي الجامع 3/ 334 الى ابي عمرو ونافع في رواية ورش وعاصم في رواية حفص وابن كثير.

(10)

. أورد هذه اللغة في الجامع 3/ 334 وهي لغة قريش «اللهجات 167 و 168 و 169» .

(11)

قراءة تضعيف النون ولا يكون الإشمام الا بها، هي في البحر 5/ 286 إلى زيد بن علي وابن هرمز وابن محيصن وقراءة الفك الى الجمهور.

ص: 249

وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [الآية 3] لأن الإسلام كان فيه بعض الفرائض، فلما فرغ الله جل جلاله ممّا أراد منه قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [الآية 3] لا على غير هذه الصفة.

وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) كأنه قال: «فإنّ الله له غفور رحيم» . كما تقول «عبد الله ضربت» تريد: ضربته. قال الشاعر [من الوافر وهو الشاهد الحادي والثمانون بعد المائة] :

ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا

فأخزى الله رابعة تعود»

وقال الآخر «2» [من الرجز وهو الشاهد الثاني والثمانون بعد المائة] :

قد أصبحت «3» أم الخيار تدّعي عليّ ذنبا كلّه لم أصنع «4» وقال تعالى: ماذا أُحِلَّ [الآية 4] فان شئت جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» وان شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر «5» [من البسيط وهو الشاهد الثالث والثمانون بعد المائة] :

يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم

لا يستفقن الى الديرين تحنانا «6»

ف «ذا» لا تكون هاهنا إلّا زائدة. إذ لو قلت: «ما الذي بال نسوتكم» لم يكن كلاما.

وقال تعالى: الْجَوارِحِ [الآية 4] وهي الكواسب كما تقول: «فلان جارحة أهله» و «مالهم جارحة» أي:

مالهم مماليك «ولا حافرة» .

وقال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [الآية 4]، فأدخل «من» كما أدخلها في:«كان من حديث» و «قد

(1) . الشاهد في تحصيل عين الذهب 1/ 44، وأمالي ابن الشجري 1/ 326، والخزانة 1/ 177 بلا عزو.

(2)

. هو أبو النّجم العجلي: الكتاب وتحصيل عين الذهب 1/ 44، وفي تحصيل عين الذهب وحده 1/ 218، ومجاز القرآن 2/ 84.

(3)

. في معاني القرآن 1/ 140 و 242 و 2/ 95 ب «علقت» .

(4)

. والشاهد بعد في الكتاب 1/ 69 س 5 و 73 س 10 قطعة منه.

(5)

. هو جرير بن عطية بن الخطفي. الديوان 1/ 167.

(6)

. البيت بعد في مغني اللبيب 1/ 301.

ص: 250

كان من مطر» . وقوله وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ [البقرة/ 271]«1» ووَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ [النور/ 43]«2» . وهو فيما فسر «ينزّل من السّماء جبالا فيها برد» . وقال بعضهم في قوله تعالى: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ أي: في السّماء جبال من برد. أي: يجعل الجبال من برد في السّماء ويجعل الإنزال منها.

وقال تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ [الآية 5] فيعني به الرجال.

وقال تعالى: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ [الآية 5](و) أحلّ لكم الْمُحْصَناتُ من النساء مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ أي:

أحلّ لكم في هذه الحال.

وقال تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ [الآية 6] فردّه الى «الغسل» في قراءة بعضهم «3» لأنه قال:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [الآية 6] وقرأ بعضهم: (وأرجلكم)«4» على المسح أي: وامسحوا بأرجلكم. وهذا لا يعرفه الناس. وقال ابن عباس «5» :

«المسح على الرّجلين يجزئ» ويجوز

(1) . قد نقل عنه في الإملاء 1/ 51 والبحر 1/ 306 وشرح المفصل لابن يعيش 8/ 13 والأشباه والنظائر 4/ 44 واعراب القرآن للزجاج 2/ 673 وزاد المسير 2/ 294. [.....]

(2)

. وقد نقل عنه في الإملاء 2/ 158 واعراب القرآن 726 والجامع 12/ 289 وشرح المفصل لابن يعيش 8/ 14 والتمام لابن جني 149 والبحر 464.

(3)

. هي في معاني القرآن 1/ 302 قراءة عبد الله بن مسعود، وفي الطبري 10/ 52- 57 الى جماعة من قراء الحجاز والعراق، والى علي بن أبي طالب وابن عباس وعروة وعبد الله واصحاب عبد الله ومجاهد والأعمش والضحّاك، وفي الجامع 6/ 91 الى نافع وابن عامر والكسائي، وزاد في البحر 3/ 438 والتيسير 98 حفصا، وكما زاد في السبعة 242 و 243، بدل حفص عاصما في رواية، وفي الكشف 1/ 406 و 407 كما في التيسير، وزاد نسبتها الى علي بن ابي طالب وابن مسعود وابن عباس وعروة بن الزبير وعكرمة ومجاهد والسدي.

(4)

. انتصر لها في معاني القرآن 1/ 302 بحديث وفي الطبري 10- 57- 64 الى جماعة من قراء الحجاز والعراق، وأنس، وقتادة، وعلقمة، والأعمش، ومجاهد، والشعبي، وابي جعفر، والضحاك، وفي السبعة 243 الى ابن كثير، وحمزة، وابي عمرو، والى عاصم، في رواية. وفي التيسير 98 الى غير من أخذ بالسابقة، وزاد في الكشف 1/ 406 نسبتها الى الحسن والحسين، وأنس بن مالك، وعلقمة، والشعبي، والحسن، والضحّاك، ومجاهد، وفي الجامع 6/ 91 الى ابن كثير، وحمزة، وأبي عمرو، وزاد في البحر 3/ 437 أبا بكر، وأنسا، وعكرمة، والشعبي، والباقر، وقتادة، وعلقمة، والضحّاك، وفي حجّة ابن خالويه 104 بلا نسبة.

(5)

. عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي الكريم ترجمته في طبقات ابن الخياط 4، ووفيات الأعيان 3/ 62، ونكت الهميان 180.

ص: 251

الجر على الإتباع وهو في المعنى «الغسل» «1» نحو «هذا جحر ضبّ خرب» . والنصب أسلم وأجود من هذا الاضطرار. ومثله قول العرب: «أكلت خبزا ولبنا» واللبن لا يؤكل. ويقولون:

«ما سمعت برائحة أطيب من هذه ولا رأيت رائحة أطيب من هذه» و «ما رأيت كلاما أصوب من هذا» . قال الشاعر «2» [من مجزوء الكامل وهو الشاهد الرابع والثمانون بعد المائة] :

يا ليت زوجك قد غدا

متقلّدا سيفا ورمحا «3» .

ومثله لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ [الآية 2] وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ [الآية 2] .

وقال تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [الآية 6] أي: ما يريد الله ليجعل عليكم حرجا.

وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) كأنه فسر الوعد ليبين ما وعدهم أي: هكذا وعدهم فقال لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ.

وقال تعالى: وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي [الآية 12] لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ [الآية 12] فاللام الأولى على معنى القسم والثانية على قسم آخر.

وقال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ [الآية 14] . كما تقول: «من عبد الله أخذت درهمه» «4» .

وقال تعالى: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ [الآية 22] فعملت «إنّ» في «القوم» وجعلت الصفة «جبارين» لأنّ «فيها» ليس باسم.

وقال تعالى: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [الآية 26] فهي من «أسي» «يأسى» «أسى شديدا» وهو الحزن.

و «يئس» من «اليأس» وهو انقطاع الرجاء من «يئسوا» وقوله تعالى: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف/ 87] : أي

(1) . نقل عنه في المشكل 1/ 301، و 302 والجامع 6/ 94، وإعراب القرآن 1/ 64 «المقدمة» و 1/ 270.

(2)

. هو عبد الله بن الزبعرى. الكامل 1/ 289.

(3)

. والبيت في معاني القرآن 1/ 121 و 473 وفي 3/ 123 ب «ورأيت زوجك في الوغى» وفي الإنصاف 2/ 322 ب «يا ليت بعلك في الوغى» .

(4)

. هو جرير بن عطية بن الخطفي. الديوان 1/ 167.

ص: 252

انقطاع الرجاء وهو من: يئست وهو مثل «أيس» في تصريفه. وإن شئت مثل «خشيت» في تصريفه. وأما «أسوت» «تأسوا» «أسوا» فهو الدواء للجراحة.

و «است» «أؤوس» «أوسا» في معنى:

أعطيت. و «است» قياسها «قلت» و «أسوت» قياسها «غزوت» .

وقال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ [الآية 27] فالهمزة ل «نبأ» لأنها من «أنبأته» . وألف «ابني» تذهب لأنها ألف وصل في التصغير. وإذا وقفت قلت «نبأ» مقصور ولا تقول «نبا» لأنها مضاف فلا تثبت فيها الألف.

وقال تعالى: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ [الآية 30] مثل [فطوّقت] ومعناه:

«رخّصت» «1» وتقول «طوّقته أمري» أي: عصبته به.

وقال تعالى: أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ [الآية 31] فنصب «فأواري» لأنّك عطفته بالفاء على «أن» وليس بمهموز لأنه من «واريت» وإنما كانت «عجزت» لأنها من «عجز» «يعجز» وقال بعضهم «عجز» «يعجز» «2» ، و «عجز» «يعجز» «3» .

وقال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ [الآية 32] . وان شئت أذهبت الهمزة من أَجْلِ وحركت النون في لغة من خفف الهمزة «4» .

و «الأجل» : الجناية من «أجل» «يأجل» ، تقول:«قد أجلت علينا شرا» ويقول بعض العرب «من جرّا» من:

«الجريرة» ويجعله على «فعلى» .

وقال تعالى: أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ

(1) . نقله في زاد المسير 2/ 337 والبحر 464 والصحاح «طوع» اما في «طوق» فقال: «طوقت له نفسه» لغة في طوعت: أي: رخصت وسهلت حكاها الأخفش.

(2)

. يبدو مما جاء في 445 من «اللهجات» ، أنّه لا اختصاص لقبيلة، بصيغة من هاتين الصيغتين.

(3)

. هي لغة لبعض قيس في رأي الفرّاء، وعدها الكسائي لحنا، والميمني لغة رديئة اللهجات 448، وقد قرأ بها الحسن، كما ذكر ذلك الجامع 6/ 145.

(4)

. انظر تخفيف الهمزة فيما سبق، وقراءة تخفيف الهمزة في «أجل» وفتح النون هي في حجة ابن خالويه 105، قراءة نافع برواية ورش، واقتصر في الشواذ 32 على ورش، وفي البحر 3/ 468 كذلك. وفي الكشّاف 1/ 627 بلا نسبة. وفي الجامع 6/ 145، والكشّاف 1/ 627، والبحر 3/ 468 نسبت القراءة، بكسر النون وتخفيف الهمزة، الى ابي جعفر يزيد بن القعقاع.

ص: 253

[الآية 32] كأنه يقول «أو بغير فساد في الأرض» .

وقال تعالى: لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ [الآية 36] كأنّه يقول: «لو أنّ هذا معهم للفداء ما تقبّل منهم» .

وقال تعالى: لا يَحْزُنْكَ [الآية 41] خفيفة مفتوحة الياء «1» وأهل المدينة يقولون (يحزنك)«2» يجعلونها من «أحزن» والعرب تقول: «أحزنته» و «حزنته» .

وقال تعالى: الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ [الآية 41] أي: «من هؤلاء ومن هؤلاء» ثم قال مستأنفا: سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ [الآية 41] أي: هم سمّاعون.

وان شئت جعلته على وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا [الآية 41] سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ثم تقطعه من الكلام الأول.

ثم قال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [الآية 42] على ذلك الرفع للأول وأما قوله تعالى: لَمْ يَأْتُوكَ [الآية 41] فههنا انقطع الكلام والمعنى «ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب «3» يسمعون كلام النبيّ (ص) ليكذبوا عليه سماعون لقوم آخرين لم يأتوك بعد» اي: «يسمعون لهم فيخبرونهم وهم لم يأتوك» .

وقال تعالى: وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ [الآية 45] إذا عطف على ما بعد «أنّ» نصب «4» والرفع على الابتداء «5» كما تقول: «إنّ زيدا منطلق وعمرو

(1) . هي في الجامع 6/ 81 قراءة غير نافع. وهي لغة قريش عنده.

(2)

. هي في الجامع 6/ 181 قراءة نافع وهي عنده لغة تميم وفي الكشاف 1/ 632 والإملاء 1/ 215 بلا نسبة. [.....]

(3)

. نقله في زاد المسير 2/ 357.

(4)

. نسبت في معاني القرآن 1/ 210 الى حمزة، وزاد في السبعة 244 عاصما وزاد نافعا، في رواية، وفي الكشف 1/ 409، والبحر 3/ 494، نسبت الى ثلاثتهم، بلا تمييز، وفي التيسير 99 الى غير ابن كثير، وابن عامر، وأبي عمرو، وفي حجّة ابن خالويه 105 بلا نسبة.

(5)

. في معاني القرآن 1/ 210 الى الكسائي، ورفعها الى الرسول الكريم، وفي السبعة 244 الى ابن كثير، وأبي عمرو وابن عامر والكسائي، والى نافع في رواية، وأهمل في التيسير 99 نافعا، والكسائي، وفي الكشف 1/ 409 الى غير نافع، وحمزة، وعاصم، وخصّ الكسائي وحده بالذكر، من قرّائها وفي حجّة ابن خالويه 105 بلا نسبة. والرأي في معاني القرآن كما سبق.

ص: 254

ذاهب» ، وإن شئت قلت:«وعمرا ذاهب» نصب ورفع.

وقال تعالى: وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ [الآية 46] لأن بعضهم يقول: «هي الإنجيل» وبعضهم يقول «هو الإنجيل» . وقد يكون على ان الإنجيل كتاب فهو مذكر في المعنى فذكروه على ذلك. كما قال تعالى:

وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا ثم قال فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ [النساء/ 8]«1» فذكّر والقسمة مونثة لأنها في المعنى «الميراث» و «المال» ، فذكر على ذلك.

وقال تعالى: وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [الآية 48] أي: «وشاهدا عليه» بالنصب على الحال.

وقال تعالى: شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [الآية 48] ف «الشّرعة» : الدين، من «شرع» «يشرع» ، و «المنهاج» : الطريق من «نهج» «ينهج» .

وقال تعالى: لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ [الآية 51] ثم قال:

بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [الآية 51] على الابتداء.

وقال تعالى: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ [الآية 60] أي: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ [الآية 60] وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ.

وقال تعالى: وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ [الآية 63] وقال عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ [الآية 63] بنصبهما بإسقاط الفعل عليهما.

وقال تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ [الآية 64] . فذكروا [ان اليد، هنا]«العطيّة» و «النّعمة» .

وكذلك بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ [الآية 64] كما تقول: إنّ لفلان عندي يدا» أي:

نعمة. وقال تعالى أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ [ص/ 45] أي: أولي النّعم.

وقد تكون «اليد» في وجوه، تقول:

«بين يدي الدار» تعني: قدّامها، وليس للدار يدان.

وقال تعالى: فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ [الآية 67]«2» قرأ بعضهم (رسالاته)«3»

(1) . النساء 4/ 8 وقد سبق له الإشارة الى هذا في الآية المذكورة.

(2)

. هي في السبعة 246 قراءة ابي عمرو، وحمزة، والكسائي، وابن كثير، وقراءة عاصم في رواية، وفي الجامع 6/ 244 الى ابي عمرو، وأهل الكوفة، وفي الكشف 1/ 415 والتيسير 100 الى غير نافع، وابن عامر، وابي بكر، وفي البحر 3/ 530 إلى غير من قرأ بالأخرى، وفي حجّة ابن خالويه 108 بلا نسبة.

(3)

. في السبعة 246 الى نافع، والى عاصم في رواية، وفي الكشف 1/ 415 والتيسير 100 والبحر 3/ 530 الى نافع، وابن عامر، وأبي بكر، وفي الجامع 6/ 244 الى اهل المدينة، وفي حجّة ابن خالويه 107 بلا نسبة.

ص: 255

وكلّ صواب لأنّ «الرسالة» قد تجمع «الرّسائل» ، كما تقول «هلك البعير والشّاة» ، و «أهلك الناس الدينار والدرهم» ، تريد الجماعة.

وقال تعالى: وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى [الآية 69] ، وقال في موضع آخر وَالصَّابِئِينَ [البقرة/ 62 والحج/ 17] ، والنصب القياس على العطف على ما بعد إِنَّ فأما هذه فرفعها على وجهين، كأن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا [الآية 69] في موضع رفع في المعنى لأنه كلام مبتدأ لأنّ قوله:«إنّ زيدا منطلق» و «زيد منطلق» من غير ان يكون فيه «إنّ» في المعنى سواء، فان شئت إذا عطفت عليه شيئا جعلته على المعنى. كما قلت:«إن زيدا منطلق وعمرو» . ولكنه إذا جعل بعد الخبر فهو أحسن واكثر. وقال بعضهم: «لما كان قبله فعل شبه في اللفظ بما يجري على ما قبله، وليس معناه في الفعل الذي قبله وهو الَّذِينَ هادُوا [الآية 69] أجري عليه فرفع به وان كان ليس عليه في المعنى «1» ، ذلك أنه تجيء أشياء في اللفظ لا تكون في المعاني، منها قولهم:«هذا جحر ضبّ خرب» ، وقولهم «كذب عليكم الحجّ» يرفعون «الحج» «بكذب» وإنما معناه عليكم الحج نصب بأمرهم «2» . وتقول:«هذا حبّ رمّاني» فتضيف «الرّمان» إليك وإنّما لك «الحبّ» وليس لك «الرّمّان» .

فقد يجوز اشباه هذا والمعنى على خلافه.

وقال تعالى: ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ [الآية 71] ولم يقل «ثمّ عمي وصمّ» وهو فعل مقدّم، لأنه أخبر عن قوم أنهم عموا وصمّوا، ثم فسّر كم صنع ذلك منهم كما تقول «رأيت قومك ثلثيهم» «3» ، ومثل ذلك قوله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء/ 3] وإن شئت جعلت الفعل للآخر فجعلته على لغة الذين يقولون:

«أكلوني البراغيث» «4» كما قال «5» [من

(1) . نقله في اعراب القرآن 1/ 287 والجامع 6/ 246 مشركا معه فيه الكسائي ولعل هذا ما دفع الأخفش الى نسبة الرأي الى «بعضهم» والبيان 1/ 300 والإملاء 1/ 222.

(2)

. نقله في الصحاح بشيء من التغيير «كذب» .

(3)

. نقله في اعراب القرآن 1/ 288 والجامع 6/ 248.

(4)

. وهي لغة ضعيفة لا يليق ان نخرّج بها النصّ القرآني.

(5)

. هو الفرزدق همام بن غالب. الديوان 1/ 50 وامالي ابن الشجري 1/ 133.

ص: 256

الطويل وهو الشاهد الخامس والثمانون بعد المائة] :

ولكن ديافيّ أبوه وأمّه بحوران يعصرن السّليط أقاربه وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ [الآية 73] وذلك انهم جعلوا معه «عيسى» و «مريم» . كذلك يكون في الكلام إذا كان واحد مع اثنين قيل «ثالث ثلاثة» كما قال تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة/ 40] وانما كان معه واحد. ومن قال:

«ثالث اثنين» دخل عليه أن يقول:

«ثاني واحد» . وقد يجوز هذا في الشعر وهو في القياس الصحيح. قال الشاعر»

[من الوافر وهو الشاهد السادس والثمانون بعد المائة] :

ولكن لا أخون الجار حتّى يزيل الله ثالثة الأثافي ومن قال: «ثاني اثنين» و «ثالث ثلاثة» قال: «حادي أحد عشر» إذا كان رجل مع عشرة. ومن قال: «ثالث اثنين» قال: «حادي عشرة» فأمّا قول العرب: «حادي عشر» و «ثاني عشر» فهذا في العدد إذا كنت تقول: «ثاني» و «ثالث» و «رابع» و «عاشر» من غير ان تقول: «عاشر كذا وكذا» ، فلما جاوز العشرة أراد أن يقول:«حادي» و «ثاني» ، فكان ذلك لا يعرف معناه إلّا بذكر العشرة، فضم إليه شيئا من حروف العشرة.

وقال تعالى: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ [الآية 94] على القسم أي: والله ليبلونّكم. وكذلك هذه اللام التي بعدها النون لا تكون إلا بعد القسم.

وقال تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [الآية 95] . أي فعليه جزاء مثل ما قتل من النّعم.

وقال تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً [الآية 95] انتصب على الحال بالِغَ الْكَعْبَةِ [الآية 95] من صفته وليس بالِغَ الْكَعْبَةِ بمعرفة لأن فيه معنى التنوين، لأنّه إذا قال:«هذا ضارب زيد» في لغة من حذف النون ولم يفعل بعد، فهو نكرة. ومثل ذلك قوله تعالى: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا [الأحقاف/ 24] ففيه بعض التنوين غير أنّه لا يوصل اليه من أجل الاسم المضمر.

ثم قال تعالى:

(1) . لم أجد ما يشير الى القائل والقول، إلّا ما جاء في المنصف 3/ 82 من عجزه: يخون الدهر ثالثة الاثافي.

ص: 257

أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ [الآية 95] أي: أو عليه كفارة.

رفع منوّن «1» ثم فسّر فقال طَعامُ مِسْكِينٍ وقرأ بعضهم (كفّارة طعام مساكين)«2» بإضافة الكفارة اليه.

وقال تعالى: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً [الآية 95]«3» أي: أو عليه مثل ذلك من الصيام. كما تقول: «عليها مثلها زبدا» .

وقرأ بعضهم: (أو عدل ذلك صياما) فكسر وهو الوجه «4» لأن «العدل» :

المثل. وأمّا «العدل» ، فهو المثل أيضا. وقال وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ [البقرة/ 123] أي: مثل ففرقوا بين ذا وبين «عدل المتاع» كما تقول: «امرأة رزان» و «حجر رزين» .

وقال تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ [الآية 97] وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ [الآية 97] أي:

وجعل لكم الهدي والقلائد.

وقرأ بعضهم (يضركم) بدلا من يَضُرُّكُمْ في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ [الآية 105] خفيفة، بالجزم لأنه جواب الأمر، من «ضار» «يضير» «5» . وقرأ بعضهم (يضرّكم)«6» فجعل الموضع جزما فيهما جميعا، الا انّه حرّك لأنّ الرّاء ثقيلة فأولها ساكن فلا يستقيم إسكان آخرها فيلتقي ساكنان وأجود ذلك لا يَضُرُّكُمْ «7» رفع على الابتداء لأنه ليس بعلة لقوله تعالى:

(1) . هي في الطبري 11/ 30 الى قراء اهل العراق، وفي السبعة 248 إلى ابن كثير، وعاصم، وابن عمرو، وحمزة، والكسائي وفي البحر 4/ 21 إلى السبعة عدا الصاحبين، وأن الأعرج وعيسى بن عمر قرءا كذلك مع توحيد «مسكين» ، وفي الكشف 1/ 418 والتيسير 100 الى غير نافع وابن عامر، وفي حجّة ابن خالويه 109 بلا نسبة.

(2)

. في الطبري 11/ 30 إلى عامة قراء أهل المدينة، وفي البحر 4/ 20 إلى الصاحبين، وفي السبعة 248، والكشف 1/ 418، والتيسير 100 إلى نافع وابن عامر، وفي حجة ابن خالويه 109 بلا نسبة. [.....]

(3)

. القراءة بفتح العين في البحر 4/ 21 إلى الجمهور، وفي معاني القرآن 1/ 320 وجه إعرابي لم ينسب قراءة.

(4)

. في الشواذ 35 قراءة منسوبة الى النبي الكريم (ص) ، وعبد الله بن عباس، وفي البحر 4/ 21 الى عبد الله بن عباس وطلحة بن مصرف والجحدري، وفي معاني القرآن 1/ 320 لم ينسب قراءة، بل ذكر لغة لبعض العرب.

(5)

. في البحر 35 قراءة يحيى وإبراهيم في المحتسب 220، والبحر 4/ 37 على إبراهيم وذكره في الثاني بقلبه، ونقله في اعراب القرآن.

(6)

. هي في البحر 4/ 37 الى أبي حيوة، وفي معاني القرآن 1/ 323 وجه لم ينسب قراءة، وفي الكشاف 1/ 686 أن قراءة أبي حيوة: يضيركم.

(7)

. في البحر 4/ 37 إلى الجمهور، وفي معاني القرآن 1/ 323 لم ينسب هذا الوجه قراءة.

ص: 258

عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ وانما أخبر أنّه لا يضرّهم.

وقال تعالى: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ [الآية 106] ثم قال اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ [الآية 106] أي: شهادة بينكم شهادة اثنين. فلما القى «الشهادة» قام «الاثنان» مقامها، وارتفعا بارتفاعها، كما «1» وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف/ 82] يريد:

أهل القرية. وانتصبت «القرية» بانتصاب كلمة «الأهل» وقامت مقامها. ثم عطف أَوْ آخَرانِ [الآية 106] على «اثنان» .

وقرأ بعضهم: (من الذين استحقّ عليهم الأوّلين)[الآية 107]«2» أي: من الأوّلين الذين استحقّ عليهم. وقرأ بعضهم (الأوليان)«3» وبها نقرأ. لأنّه حين قال: يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ [الآية 107] كان كأنه قد حدّهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى فقال الْأَوَّلِينَ فأجرى المعرفة عليهما بدلا «4» . ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير. قال الراجز [وهو الشاهد السابع والثمانون بعد المائة] :

عليّ يوم تملك الأمورا صوم شهور وجبت نذورا وبدنا مقلّدا منحورا فجعله على «أوجب» لأنه في معنى «قد أوجب» .

قال تعالى: قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا [الآية 114] بجعل «تكون» من صفة «المائدة» كما

(1) . نقله في إيضاح الوقف 2/ 626، مع نقص في بعض العبارات وتغيير طفيف.

(2)

. في الطبري 11/ 194 الى عامة قراء الكوفة، وفي الكشف 1/ 420 والتيسير 100 الى أبي بكر وحمزة، وفي الجامع 6/ 359 الى ابن سيرين، وفي السبعة 248 الى حمزة والى عاصم في رواية، وفي حجة ابن خالويه 110.

(3)

. في معاني القرآن 1/ 324 هي قراءة الامام علي بن ابي طالب وأبيّ بن كعب، وفي الطبري 11/ 196 الى عامة قراء اهل المدينة والشام والبصرة، وفي السبعة 248 الى ابن كثير ونافع وابي عمرو ونافع وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية، وفي التيسير 100 الى غير ابي بكر وحمزة، وزاد في الكشف 1/ 420 ان عليه الجماعة، وفي الجامع 6/ 359 الى ابي بن كعب، وفي البحر 4/ 45 الى الحرميين والعربيين والكسائي والامام علي بن ابي طالب وابي وابن عباس والى ابن كثير في رواية قرة عنه.

(4)

. نقله في اعراب القرآن للزجاجي 2/ 577، وشرح الأشموني 3/ 61 والهمع 2/ 117، والاملا 1/ 230.

ص: 259

فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي [مريم]«1» برفع «يرث» «2» إذا جعل صفة، وبجزمه «3» إذا جعل جوابا «4» كما تقول:«أعطني ثوبا يسعني» إذا أردت واسعا و «يسعني» إذا جعلته جوابا كأنك تشترط.

وقال تعالى: وَآيَةً مِنْكَ [الآية 114] عطف على «العيد» كأنه قال:

«يكون عيدا وآية» ، وذكر أنّ قراءة ابن مسعود «5» (تكن لنا عيدا) .

وليس هَلْ يَسْتَطِيعُ [الآية 112] لأنهم ظنوا انه لا يطيق. ولكن معناه كقول العرب: أتستطيع أن تذهب في هذه الحاجة وتدعنا من كلامك» ، وتقول:«أتستطيع أن تكفّ عنّي فإنّي مغموم» . فليس هذا لأنه لا يستطيع ولكنه يريد «كفّ عنّي» ، ويذكر له الاستطاعة ليحتج عليه أي: إنّك تستطيع. فإذا ذكّره إياها علم أنها حجة عليه. وإنما قرئت (هل تستطيع ربّك)«6» فيما لديّ لغموض هذا المعنى

(1) . مريم 19/ 6 وقراءة الرفع هي في الطبري 16/ 48 الى عامة قراء المدينة ومكة وجماعة من اهل الكوفة وفي السبعة 407 الى ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة في الكشف 2/ 84 والتيسير 148 الى غير ابي عمرو والكسائي وفي الجامع 11/ 81 الى اهل الحرمين والحسن وعاصم وحمزة وفي البحر 6/ 174 الى الجمهور وفي المحتسب 2/ 38 الى علي بن ابي طالب وابن عباس وابن يعمر وابي حرب بن ابي الأسود والحسن والجحدري وقتادة وابي نهيك وجعفر بن محمد.

(2)

. قراءة الرفع في آية المائدة في البحر 4/ 56 الى الجمهور وفي معاني القرآن 1/ 325 بلا نسبة.

(3)

. الجزم في آية مريم هو قراءة في معاني القرآن 2/ 161 يحيى بن وثاب وفي الطبري 16/ 48 الى جماعة من اهل الكوفة والبصرة وفي السبعة 407 والكشف 2/ 84 والتيسير 148 الى ابي عمرو والكسائي وزاد في الجامع 11/ 81 يحيى بن يعمر ويحيى بن وثاب والأعمش وفي البحر 6/ 174 الى النحويين والزهري والأعمش وطلحة واليزيدي وابن عيسى الاصفهاني وابن محيصن وقتادة. وفي الشواذ 83 الى ابن عباس والجحدري وفي الحجة 209 بلا كشف. أما قراءة الجزم في آية المائدة، ففي معاني القرآن 1/ 325 إلى عبد الله وفي الشواذ 36 إلى ابن مسعود والجامع 6/ 368 الى الأعمش وفي البحر 4/ 56 زاد عبد الله.

(4)

. نقله في البحر 4/ 56.

(5)

. هو عبد الله بن مسعود وقد مرت ترجمته فيما سبق. [.....]

(6)

. هي في معاني القرآن 1/ 325 وقراءة الامام علي بن ابي طالب وعائشة، وقرأ بها معاذ ورفعها الى رسول الله (ص) 1/ 325 وفي الطبري 11/ 218 و 219 الى جماعة من الصحابة والتابعين منهم سعيد بن جبير وتأولت بها عائشة وفي السبعة 249 والتيسير 101 الى الكسائي وزاد في البحر 4/ 54 الامام علي بن ابي طالب ومعاذا وابن عباس وعائشة وابن جبير وفي الجامع 6/ 365 الى النبي الكريم (ص) برواية معاذ وفي حجة ابن خالويه 109 بلا نسبة. اما القراءة بالياء ففي معاني القرآن 1/ 325 الى اهل المدينة وعاصم بن أبي النجود والأعمش وفي الطبري 11/ 219 الى عامة قراء المدينة والعراق في التيسير 101 الى غير الكسائي وفي حجّة ابن خالويه 109 بلا نسبة وفي البحر 4/ 53.

ص: 260

الآخر والله أعلم. وهو جائز كأنه أضمر الفعل فأراد «هل تستطيع أن تدعو ربّك» أو «هل تستطيع ربّك أن تدعوه» ، فكل هذا جائز.

و «المائدة» الطعام. و «فعلت» منها:

«مدت» «أميد» .

قال الشاعر «1» [من الرجز وهو الشاهد الثامن والثمانون بعد المائة] :

نهدي رؤوس المجرمين الأنداد إلى أمير المؤمنين» الممتاد «2» و «الممتاد» هو «مفتعل» من «مدت» .

(1) . هو رؤبة بن العجاج. ديوانه 40 ومجاز القرآن 1/ 183 و 341.

(2)

. ورد المصراع الثاني في مجاز القرآن 1/ 159 و 183، والمصراعان في مجاز القرآن 1/ 301 ب تهدي رؤوس المترفين الصداد، وكذلك في الصحاح «ميد» مع «الأنداد» ، وفي اللسان «ميد» نهدي رؤوس، وفي التاج «ميد» نهدي رؤوس المترفين الأنداد، وأيضا نهدي رؤوس المترفين الصداد، وب «نهدي» و «الأنداد وب «نهدي» و «الصداد» في التكملة «ميد» .

ص: 261