المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) بيان أسباب انصراف الناس عن الحق - الموسوعة القرآنية خصائص السور - جـ ٢

[جعفر شرف الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌سورة آل عمران

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «آل عمران»

- ‌(1) قصة التسمية

- ‌(2) مقاصد سورة آل عمران

- ‌العناية بأمرين عظيمين:

- ‌الأمر الأول: قضية الألوهية وتقرير الحق فيها

- ‌(3) وحدة الدين عند الله

- ‌المسرفون في شأن عيسى (ع)

- ‌(4) بيان أسباب انصراف الناس عن الحق

- ‌(5) عظمة القرآن في تربية المؤمنين

- ‌(6) القرآن كتاب الوجود والخلود

- ‌(7) دروس من غزوة أحد

- ‌(8) سنن الله ماضية وقوانينه عامة

- ‌(9) منهج القرآن في بناء العقيدة والدفاع عنها

- ‌(10) أعداء يكيدون للإسلام

- ‌(11) ثلاثة خطوط عريضة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «آل عمران»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ما يجب لله سبحانه من الأوصاف الآيات [1- 6]

- ‌الرد على مقالة النصارى الأولى الآيات [7- 18]

- ‌الرد على مقالتهم الثانية الآيات [19- 64]

- ‌الرد على مقالتهم الثالثة الآيات [65- 78]

- ‌الرد على مقالتهم الرابعة الآيات [79- 92]

- ‌الرد على مقالتهم الخامسة الآيات [93- 99]

- ‌تثبيت المؤمنين بعد رد مقالاتهم الآيات [100- 120]

- ‌تثبيت المؤمنين بعد أحد الآيات [121- 189]

- ‌الخاتمة الآيات [190- 200]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «آل عمران»

- ‌سورة النساء 4

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «النساء»

- ‌الوصية بالنساء واليتامى

- ‌اليتامى

- ‌المال والميراث

- ‌تعدد الزوجات

- ‌شبهة تفتضح، وحجة تتّضح

- ‌التضامن الاجتماعي

- ‌المحرّمات من النساء

- ‌الحكمة من هذا التّحريم

- ‌مصادر التشريع في الإسلام

- ‌الاجتهاد من مصادر التشريع وبابه مفتوح أبدا

- ‌القتال وأسباب النصر

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النساء»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌براعة المطلع

- ‌أحكام اليتامى والسفهاء الآيات [2- 6]

- ‌أحكام الميراث الآيات [7- 14]

- ‌حكم الزنا واللواط الآيات [15- 18]

- ‌أحكام متفرقة في النساء الآيات [19- 28]

- ‌تحريم التعدي على المال والنفس الآيات [29- 33]

- ‌قوامة الرجال على النساء الآيتان [34- 35]

- ‌حقوق الله وبعض العباد الآيات [36- 42]

- ‌تحريم الصلاة على السكارى والجنب الآية [43]

- ‌التحذير من أهل الكتاب الآيات [44- 57]

- ‌عودة إلى الأحكام الآيات [58- 70]

- ‌أحكام القتال الآيات [71- 104]

- ‌تحريم المحاباة في الحكم الآيات [105- 126]

- ‌أحكام أخرى في النساء الآيات [127- 134]

- ‌تحريم المحاباة في الشهادة الآية [135]

- ‌عود إلى المنافقين وأهل الكتاب الآيات [136- 175]

- ‌حكم الكلالة الآية [176]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النساء»

- ‌تقدّم وجوه مناسبتها

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «النساء»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «النساء»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النساء»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «النساء»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «النساء»

- ‌سورة المائدة (5)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المائدة»

- ‌1- تاريخ النزول

- ‌2- قصة التسمية

- ‌ المائدة

- ‌3- ظواهر تنفرد بها سورة المائدة

- ‌4- تشريع القرآن

- ‌5- الوفاء بالعقود

- ‌6- الظروف التي نزلت فيها السورة

- ‌7- أفكار السورة وأحكامها

- ‌8- النداءات الإلهية للمؤمنين

- ‌الأمر بالتقوى:

- ‌9- أهل الكتاب

- ‌10- اليهود

- ‌11- النصارى

- ‌القرآن من عند الله

- ‌12- عدالة أحكام السورة الخاصة بأهل الكتاب

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المائدة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌أحكام العقود والمناسك الآيات [1- 5]

- ‌أحكام الوضوء والتيمم [الآية 6]

- ‌التحذير من نقض العقود [الآيات 7- 11]

- ‌الاعتبار بناقضي العقود من الأولين [الآيات 12- 40]

- ‌نقض المنافقين واليهود لعقودهم [الآيات 41- 86]

- ‌عود إلى ما سبق من الأحكام [الآيات 87- 108]

- ‌الخاتمة [الآيات 109- 120]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المائدة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المائدة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المائدة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المائدة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المائدة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المائدة»

- ‌الفهرس

- ‌سورة «آل عمران»

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

الفصل: ‌(4) بيان أسباب انصراف الناس عن الحق

‌المسرفون في شأن عيسى (ع)

وقد خصت السورة جماعة المسرفين في شأن عيسى (ع) الزاعمين له الألوهية والبنوّة أو الحلول، فذكرت السورة أن عيسى خلق بقدرة الله ليكون معجزة للبشرية ودليلا على تفرد الله بالألوهية. فقد خلق الله آدم بلا أب ولا أم ثم خلق حواء من أب وبلا أم، ثم خلق عيسى من أم وبلا أب.

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) .

فظهور الخوارق والمعجزات أمر من سنّة الله في خلقه. فقد خلق الله يحيى لزكريا على كبر من أبيه، ويأس من أمه. وبشرت الملائكة زكريا بيحيى.

وتعجب زكريا من هذه البشارة مع حالته، فرده الله إلى مشيئته:

كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (40) .

وهكذا كان شأن عيسى وجد بلا أب بمشيئة الله، وبشرت الملائكة به أمه بأمر الله، وعجبت مريم لهذه البشارة:

قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ [مريم/ 20] .

فرد الله ذلك إلى مشيئته:

قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) .

ثم تعرض السورة بعد هذا أن الخوارق، التي ظهرت على يد عيسى، لم تكن إلا من سنة الله في تأييد رسله بالمعجزات الدالة على أنهم عباد الله، علّمهم الله الكتاب والحكمة وأن الله أرسله إلى بني إسرائيل بآيات من ربه.

وعلى لسان عيسى يقول القرآن الكريم:

أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) .

(4) بيان أسباب انصراف الناس عن الحق

المقصد الثاني من مقاصد سورة آل

ص: 8

عمران: بيان أسباب انصراف الناس عن الحق، وشرح أسباب العلة التي تستحوذ على عقول الناس، وتستولي على قلوبهم، فتصرفهم عن الاستماع للحق والالتفات إليه.

وقد بينت السورة أن هذه العلة هي غرور الناس بما لهم من أموال وأولاد وجاه وسلطان، فقد كانوا يتصورون أن في إيمانهم بصاحب الدعوة الجديدة زلزلة لما لهم من جاه وسلطان، وأنهم في غنّى عن هذه الدعوة بما لهم من الأموال والأولاد. ويظنون أن ذلك كان لهم عن استحقاق ذاتي وأنه دائم لا يزول، ولا يؤثر فيه إيمان ولا كفر، وكثيرا ما حدّثنا القرآن عن مثل هذا الوهم الفاسد الذي خدع كثيرا من الناس فأضلهم وأعمى أبصارهم، قال تعالى:

وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (35) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (36)[الكهف] .

وقال سبحانه:

إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)[القصص] .

وعلى هذا الأساس الذي أرشدنا الله إليه في كثير من آيات كتابه، أخذت سورة آل عمران تضرب على هذه العلة التي يتوارثها الجبارون، وترشد إلى أن حب المال والغرور بمتاع الحياة هما علة العلل، وهما الحائل بين الناس وبين الحياة الطيبة والإيمان الصادق.

وفي ذلك تقول:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) .

وجدير بالمسرفين في كل زمان ومكان أن يلتفتوا إلى أن الأموال التي ينفقونها في لذاتهم وشهواتهم وبسط سلطانهم على الناس بغير حق، لا بد أن تفسد عليهم في نهاية الأمر أخلاقهم

ص: 9