المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النساء» - الموسوعة القرآنية خصائص السور - جـ ٢

[جعفر شرف الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌سورة آل عمران

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «آل عمران»

- ‌(1) قصة التسمية

- ‌(2) مقاصد سورة آل عمران

- ‌العناية بأمرين عظيمين:

- ‌الأمر الأول: قضية الألوهية وتقرير الحق فيها

- ‌(3) وحدة الدين عند الله

- ‌المسرفون في شأن عيسى (ع)

- ‌(4) بيان أسباب انصراف الناس عن الحق

- ‌(5) عظمة القرآن في تربية المؤمنين

- ‌(6) القرآن كتاب الوجود والخلود

- ‌(7) دروس من غزوة أحد

- ‌(8) سنن الله ماضية وقوانينه عامة

- ‌(9) منهج القرآن في بناء العقيدة والدفاع عنها

- ‌(10) أعداء يكيدون للإسلام

- ‌(11) ثلاثة خطوط عريضة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «آل عمران»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ما يجب لله سبحانه من الأوصاف الآيات [1- 6]

- ‌الرد على مقالة النصارى الأولى الآيات [7- 18]

- ‌الرد على مقالتهم الثانية الآيات [19- 64]

- ‌الرد على مقالتهم الثالثة الآيات [65- 78]

- ‌الرد على مقالتهم الرابعة الآيات [79- 92]

- ‌الرد على مقالتهم الخامسة الآيات [93- 99]

- ‌تثبيت المؤمنين بعد رد مقالاتهم الآيات [100- 120]

- ‌تثبيت المؤمنين بعد أحد الآيات [121- 189]

- ‌الخاتمة الآيات [190- 200]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «آل عمران»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «آل عمران»

- ‌سورة النساء 4

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «النساء»

- ‌الوصية بالنساء واليتامى

- ‌اليتامى

- ‌المال والميراث

- ‌تعدد الزوجات

- ‌شبهة تفتضح، وحجة تتّضح

- ‌التضامن الاجتماعي

- ‌المحرّمات من النساء

- ‌الحكمة من هذا التّحريم

- ‌مصادر التشريع في الإسلام

- ‌الاجتهاد من مصادر التشريع وبابه مفتوح أبدا

- ‌القتال وأسباب النصر

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النساء»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌براعة المطلع

- ‌أحكام اليتامى والسفهاء الآيات [2- 6]

- ‌أحكام الميراث الآيات [7- 14]

- ‌حكم الزنا واللواط الآيات [15- 18]

- ‌أحكام متفرقة في النساء الآيات [19- 28]

- ‌تحريم التعدي على المال والنفس الآيات [29- 33]

- ‌قوامة الرجال على النساء الآيتان [34- 35]

- ‌حقوق الله وبعض العباد الآيات [36- 42]

- ‌تحريم الصلاة على السكارى والجنب الآية [43]

- ‌التحذير من أهل الكتاب الآيات [44- 57]

- ‌عودة إلى الأحكام الآيات [58- 70]

- ‌أحكام القتال الآيات [71- 104]

- ‌تحريم المحاباة في الحكم الآيات [105- 126]

- ‌أحكام أخرى في النساء الآيات [127- 134]

- ‌تحريم المحاباة في الشهادة الآية [135]

- ‌عود إلى المنافقين وأهل الكتاب الآيات [136- 175]

- ‌حكم الكلالة الآية [176]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النساء»

- ‌تقدّم وجوه مناسبتها

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «النساء»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «النساء»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النساء»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «النساء»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «النساء»

- ‌سورة المائدة (5)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المائدة»

- ‌1- تاريخ النزول

- ‌2- قصة التسمية

- ‌ المائدة

- ‌3- ظواهر تنفرد بها سورة المائدة

- ‌4- تشريع القرآن

- ‌5- الوفاء بالعقود

- ‌6- الظروف التي نزلت فيها السورة

- ‌7- أفكار السورة وأحكامها

- ‌8- النداءات الإلهية للمؤمنين

- ‌الأمر بالتقوى:

- ‌9- أهل الكتاب

- ‌10- اليهود

- ‌11- النصارى

- ‌القرآن من عند الله

- ‌12- عدالة أحكام السورة الخاصة بأهل الكتاب

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المائدة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌أحكام العقود والمناسك الآيات [1- 5]

- ‌أحكام الوضوء والتيمم [الآية 6]

- ‌التحذير من نقض العقود [الآيات 7- 11]

- ‌الاعتبار بناقضي العقود من الأولين [الآيات 12- 40]

- ‌نقض المنافقين واليهود لعقودهم [الآيات 41- 86]

- ‌عود إلى ما سبق من الأحكام [الآيات 87- 108]

- ‌الخاتمة [الآيات 109- 120]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المائدة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المائدة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المائدة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المائدة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المائدة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المائدة»

- ‌الفهرس

- ‌سورة «آل عمران»

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

الفصل: ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النساء»

‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النساء»

«1» قال تعالى: تَسائَلُونَ بِهِ [الآية 1] خفيفة لأنها من تساؤلهم فإنهم «يتساءلون» فحذفت التاء الأخيرة، وذلك كثير في كلام العرب نحو (تكلّمون) وان شئت ثقّلت فأدغمت «2» .

قال الله تعالى وَالْأَرْحامَ [الآية 1] منصوبة أي: اتقوا الأرحام «3» . وقرأ بعضهم وَالْأَرْحامَ جرّا «4» . والأوّل أحسن لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور.

وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) تقول من «الرقيب» : «رقب» «يرقب» «رقبا» و «رقوبا» .

(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتب، بيروت، غير مؤرّخ.

(2)

. هي في الطبري 7/ 517 قراءة أهل المدينة والبصرة، وفي السبعة 226 إلى ابن كثير ونافع وابن عامر، وإلى أبي عمرو في رواية وأجاز ابن عباس القراءتين، وفي الكشف 1/ 375، والتيسير 93 الى غير الكوفيين، وفي الجامع 5/ 2 الى أهل المدينة وفي معاني القرآن 1/ 253 بلا نسبة. أما قراءة عدم التثقيل ففي الطبري 7/ 517 هي قراءة بعض قراء أهل الكوفة وفي السبعة 226 إلى عاصم وحمزة والكسائي وإلى أبي عمرو وفي رواية أن ابن عباس أجاز القراءتين وفي الكشف 1/ 375 والتيسير 93 والجامع 5/ 2 والبحر 3/ 156 الى الكوفيين.

(3)

. في السبعة 226 هي قراءة القراء كلّهم إلا حمزة وفي الكشف 1/ 375 والتيسير 93 كذلك وفي البحر 3/ 157 الى الجمهور وفي الجامع 5/ 4 الى النبي الكريم وفي معاني القرآن 1/ 252 والطبري 7/ 520 و 523 وحجة ابن خالويه بلا نسبة.

(4)

. في معاني القرآن 1/ 252 الى أبي عمران ابراهيم بن يزيد النخعي الكوفي وفي السبعة 226 والكشف 1/ 375 والتيسير 92 إلى حمزة وفي الجامع 5/ 2 والبحر 3/ 157 إلى ابراهيم النخعي وقتادة والأعمش وحمزة وفي الطبري 7/ 519 وحجة ابن خالويه 92 بلا نسبة.

ص: 163

وقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (2) أي: «مع أموالكم» إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [الآية 2] يقول: «أكلها كان حوبا كبيرا» .

قال: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى [الآية 3] لأنه من «أقسط» «يقسط» . و «الإقساط» : العدل. واما «قسط» فإنّه «جار» قال تعالى: أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً

(15)

ف «أقسط» : عدل و «قسط» : جار. قال وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)[الحجرات] .

وقال: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً [الآية 3] يقول: «فانكحوا واحدة أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. أي:

انكحوا ما ملكت أيمانكم. وأما ترك الصرف في مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ [الآية 3] فإنه معدول عن «اثنين» و «ثلاث» و «أربع» ، كما أن «عمر» معدول عن «عامر» فلم يصرف. وقال تعالى:

أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ [فاطر/ 1] بالنصب. وقال أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى [سبأ/ 46] فهو معدول كذلك، ولو سمّيت به صرفت، لأنه إذا كان اسما فليس في معنى «اثنين» و «ثلاثة» و «أربعة» . كما قال «نزال» حينما كان في معنى «انزلوا» وإذا سميت به رفعته.

قال الشاعر «1» [من الوافر وهو الشاهد الثاني والستون بعد المائة] :

أحمّ الله ذلك من لقاء

أحاد أساد في شهر حلال «2»

وقال «3» [من الطويل وهو الشاهد الثالث والستون بعد المائة] :

ولكنّما أهلي بواد أنيسه

ذئاب «4» تبغّى الناس مثنى وموحدا «5»

وقال تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ

(1) . هو عمرو ذو الكلب الكاهلي وكان جار الهذيل ديوان الهذليين 3/ 117 واللسان «حمم» وفي مجاز القرآن 1/ 115 إلى صخر الغي الهذلي. [.....]

(2)

. في ديوان الهذليين ومجاز القرآن وشرح المفصّل لابن يعيش 1/ 62 وهامش المخصّص 17/ 124 صدره: منت لك ان تلاقيني المنايا وفي اللسان «حمم» وديوان الهذليين ب «الشهر الحلال» .

(3)

. هو ساعدة بن جوية الهذلي ديوان الهذليين 1/ 237 والكتاب وتحصيل عين الذهب 2/ 15 والاقتضاب 467،

(4)

. في الديوان واللسان «سباع» .

(5)

. في الكتاب والتحصيل وشرح المفصل لابن يعيش 1/ 62 و 8/ 57 وأدب الكاتب 458 والاقتضاب وشرح ابن الناظم 262 وشرح شواهد ابن الناظم والمقاصد النحوية والجامع والمرتجل 81 ب «موحد» مرفوعة.

ص: 164

[الآية 3] يقول: «لينكح كلّ واحد منكم كلّ واحدة من هذه العدّة» كما قال تعالى: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النور/ 4] يقول: «فاجلدوا كلّ واحد منهم» .

وقال: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً [الآية 4] وواحد «الصّدقات» «1» صدقة وبنو تميم تقول: «صدقة» «2» ساكنة الدال «3» مضمومة الصاد.

وقال تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً [الآية 4] فقد يجري الواحد مجرى الجماعة لأنه إنّما أراد «الهوى» و «الهوى» يكون جماعة. قال الشاعر «4» [من الطويل وهو الشاهد الرابع والستون بعد المائة] :

بها جيف الحسرى أمّا عظامها

فبيض وأمّا جلدها فصليب «5»

وأما «هنيء مريء» «6» فتقول: «هنؤ هذا الطعام ومرؤ» و «هنيء ومريء» ، كما تقول:«فقه» و «فقه» يكسرون القاف ويضمونها. وتقول: «هنأني» و «هنئته» و «استمرأته» «7» .

وقال تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً [الآية 6] وقال: آنَسْتُمْ ممدودة. تقول: «آنست منه رشدا وخيرا» وآنَسْتُ ناراً [طه/ 10 والنمل/ 7] مثلها ممدودة وتقول: «أنست بالرّجل» «أنسا» . ويقال «أنسا» .

وقال تعالى: إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا [الآية 6] يقول لا تأكلوها مبادرة أن يشبّوا.

وقال تعالى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ [الآية 7] إلى قوله في الآية نفسها نَصِيباً مَفْرُوضاً فانتصابه كانتصاب كِتاباً مُؤَجَّلًا [آل عمران/ 145] .

(1) . في البحر 3/ 166 أن الجمهور على القراءة بفتح الصاد وضم الدال. وفي الكشاف 1/ 469 بلا نسبة.

(2)

. في الشواذ 24 أنّ أبا السمال وقتادة قرءا بضم الصاد وسكون الدال واقتصر في الجامع 5/ 24 على قتادة وزاد في البحر 3/ 166 قوله «وغيره» وفي الكشاف 1/ 469 بلا نسبة.

(3)

. نقله في اعراب القرآن 1/ 205.

(4)

. هو علقمة بن عبدة. ديوانه 40 والكتاب وتحصيل عين الذهب 1/ 107 والاختيارين 652.

(5)

. في شرح أبيات الفارقي 4/ 274 ب «القتلى» بدل «الحسرى» وفي الاختيارين «به» بدل «بها» .

(6)

. الكلام على تتمة الآية في قوله تعالى فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً.

(7)

. في الصحاح «مرأ» : نقل هذا مع اختلاف يسير.

ص: 165

وقال تعالى: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ [الآية 8] ثم قال: فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ لأن معناه المال والميراث فذكّر على ذلك المعنى.

وقال تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً [الآية 9] لأنه يريد «وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية يخافون عليهم» أي: فلا يفعلنّ ذلك حتى لا يفعله بهم غيرهم «فليخشوا» أي «فليخشوا هذا» أي:

فليتّقوا. ثم عاد أيضا فقال: «فليتّقوا الله» .

وقال تعالى: وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) فالياء تفتح «1» وتضم «2» ها هنا وكل صواب. وقوله فِي بُطُونِهِمْ [الآية 10] توكيد.

وقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [الآية 11] . فالمثل مرفوع على الابتداء وإنما هو تفسير الوصية كما قال:

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)[المائدة] فسر الوعد يقول: «هكذا وعدهم» أي: قال «لهم مغفرة» . قال الشاعر [من الطويل وهو الشاهد الخامس والستون بعد المائة] :

عشيّة ما ودّ ابن عرّاء أمّه

لها من سوانا إذ دعا أبوان

في قوله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِساءً [الآية 11] ترك الكلام الأول وقيل: «إذا كان المتروكات نساء» نصب وكذلك قوله: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً [الآية 11] .

وقال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [الآية 11] فهذه الهاء التي في «أبويه» ضمير الميت لأنه لما قال: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [الآية 11] كان المعنى: يوصي الله الميت قبل

(1) . في الطبري 8/ 29 هي قراءة عامة قراء المدينة والعراق وفي السبعة 227 الى ابن كثير ونافع وابي عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية وفي الكشف 1/ 378 والتيسير 94 الى غير أبي بكر وابن عامر وزاد عليهما في الجامع 5/ 54 عاصما وأبا حيوة وفي البحر 3/ 179 الى الجمهور وفي حجة ابن خالويه 95 بلا نسبة وذكر انها لغة وفي الكشاف 1/ 479 والإملاء 1/ 169 كذلك.

(2)

. في الطبري 8/ 29 الى بعض المكيين وبعض الكوفيين وفي السبعة 227 الى ابن عاصم وفي رواية الى عاصم وفي الكشف 1/ 378 والتيسير والبحر 3/ 179 الى أبي بكر وابن عامر وأبدل في الجامع 5/ 53 عاصما بأبي بكر في رواية ابن عباس كذا وفي الكشاف 1/ 479 والإملاء 1/ 169 وفي حجة ابن خالويه 95 بلا نسبة وذكر في الأخير انها لغة.

ص: 166

موته بأنّ عليه لأبويه كذا ولولده كذا.

أي: فلا يأخذنّ إلّا ماله.

وقال: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ [الآية 11] ، فيذكرون أن الإخوة اثنان ومثله «إنّا فعلنا» وأنتما اثنان، وقد يشبه ما كان من شيئين وليس مثله، ولكن الاثنين قد جعلا جماعة [في] قول الله عز وجل: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم/ 4] . وقال تعالى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة/ 38]، وذلك ان في كلام العرب: أن كل شيئين من شيئين فهما جماعة وقد يكون اثنين في الشعر قال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد السادس والستون بعد المائة] :

بما في فؤادينا من الشوق والهوى

فيجبر منهاض الفؤاد المشعّف «2»

وقال الفرزدق «3» [من الطويل وهو الشاهد السابع والستون بعد المائة] :

هما نفثا في فيّ من فمويهما

على النّابح العاوي أشدّ لجام «4»

وقد يجعل هذا في الشعر واحدا.

قال «5» [من الرجز وهو الشاهد الثامن والستون بعد المائة] :

لا ننكر القتل وقد سبينا

في حلقكم عظم وقد شجينا «6»

وقال الآخر «7» [من الوافر وهو الشاهد التاسع والستون بعد المائة] :

(1) . الشاعر هو الفرزدق همام بن غالب. الديوان 2/ 554 والكتاب وتحصيل عين الذهب 2/ 202. [.....]

(2)

. عن الكتاب وفي الأصل المسقف وفي التحصيل المعذب.

(3)

. هو همام بن غالب. وقد مرت ترجمته والبيت في ديوانه 2/ 771 والكتاب وتحصيل عين الذهب 2/ 83 و 202 والخزانة 2/ 269 و 3/ 346.

(4)

. في الديوان تفلا بدل نفثا ولجامي بالياء وفي الكتاب والخزانة ب «رجام» بدل لجام والبيت في الإنصاف 1/ 191 وفي الصحاح فمو ب «رجام» ايضا مع نقله لهذه المعاني.

(5)

. هو المسيب بن زيد مناة الغنوي كما في تحصيل عين الذهب 1/ 107 وهو الغنوي كذا في مجاز القرآن 2/ 195 وهو طفيل الغنوي في شرح الأبيات للفارقي 275، وليس في ديوان طفيل.

(6)

. المصراع الأول في مجاز القرآن 2/ 195 ب «ان تقتلوا اليوم فقد شرينا» . وجاء المصراع الثاني في 1/ 79 و 2/ 44 وورد المصراع الثاني في البيان 1/ 52 و 2/ 447.

(7)

. لم تفد المراجع شيئا في الشاعر. والشاهد في الكتاب وتحصيل عين الذهب 1/ 108 ومعاني القرآن 1/ 307 و 2/ 102 والأمالي الشجرية 1/ 311 و 2/ 38 و 343 وهو في معاني القرآن والأمالي بلفظ «نصف» بدل «بعض» .

ص: 167

كلوا في بعض بطنكم تعفّوا

فإنّ زمانكم زمن خميص

ونظير هذا قوله: «تسع مائة» وانما هو «تسع مئات» أو «مئين» فجعله واحدا، وذلك ان ما بين العشرة إلى الثلاثة يكون جماعة نحو:«ثلاثة رجال» و «عشرة رجال» ثم جعلوه في «المئين» واحدا.

وقال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها [الآية 11]«1» فقد ذكر الرجل حين قال في الآية نفسها: وَوَرِثَهُ أَبَواهُ وقرأ بعضهم يُوصِي «2» وكلّ حسن.

ونظير يُوصِي بالياء قوله تعالى:

تُوصُونَ [الآية 12] ويُوصِينَ [الآية 12] حين ذكرهن، واحتج الذي قرأ يُوصِي بالياء بنصبه وصيّة في قوله تعالى: غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [الآية 12] ونصب فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ [الآية 11] كما نصب كِتاباً مُؤَجَّلًا [آل عمران/ 145] . وقرئ: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً [الآية 12]«3» ولو قرئت (يورث)«4» كان جيدا. وتنصب كَلالَةً وقد ذكر عن الحسن «5» ، فإن شئت نصبت كلالة على خبر كانَ وجعلت يُورَثُ من صفة الرجل، وإن شئت جعلت كانَ تستغني عن الخبر نحو «وقع» ، وجعلت نصب كَلالَةً على الحال أي:«يورث كلالة» كما تقول: «يضرب قائما» «6» ،

(1) . في المصحف يوصي بكسر الصاد والقراءة بالألف المقصورة بالتاء للمجهول في الطبري 8/ 47 الى بعض أهل مكة والشام والكوفة وفي السبعة 228 الى ابن عامر وابن كثير وعاصم وفي الكشف 1/ 380 الى ابن كثير وابن عامر وابي بكر وكذلك في التيسير 94 وفي الجامع 5/ 73 الى ابن كثير وابي عمرو وابن عامر وعاصم في اختلاف عنه. وفي البحر 3/ 186 الى الابنين وابي بكر وفي حجة ابن خالويه 96 بلا نسبة.

(2)

. في الطبري 8/ 47 و 48 قراءة أهل المدينة والعراق وفي السبعة 228 الى نافع وابي عمرو وحمزة والكسائي وعاصم وفي الكشف 1/ 380 الى غير من ذكرهم في القراءة الأولى وكذلك فعل في التيسير 94 والبحر 3/ 186 وفي الجامع 5/ 73 انها اختيار ابي حاتم وابي عبيدة وفي حجة ابن خالويه 96 بلا نسبة.

(3)

. في الطبري 8/ 53 قراءة عامة قراء أهل الإسلام. وفي البحر 3/ 189 الى الجمهور وفي الجامع 5/ 77 بلا نسبة وفي المشكل 1/ 192 والكشاف 1/ 485 والبيان 1/ 245 والإملاء 1/ 170 بلا نسبة.

(4)

. في الطبري 8/ 53 الى بعضهم وفي البحر 3/ 189 الى الحسن وزاد في الجامع 5/ 77 أيوب وفي الشواذ 25 قصرها على الأعمش.

(5)

. هو الحسن البصري. وقد مرت ترجمته قبل وانظر الهامش السابق.

(6)

. نقل هذه الآراء في اعراب القرآن 1/ 210 مع تقديم وتأخير فيها.

ص: 168

قال الشاعر «1» في «كان» التي لا خبر لها [من الطويل وهو الشاهد السبعون بعد المائة] :

فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي

إذا كان يوم ذو كواكب أشهب «2»

في قوله تعالى: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا [الآية 12] يريد من المذكورين. ويجوز ان نقول للرجل إذا قلت: «زيد أو عمر منطلق» : «هذان رجلا سوء» أي:

اللذان ذكرت.

قال تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ [الآية 22] لأن معناه: فإنكم تؤخذون به. فلذلك قال: إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، أي: فليس عليكم جناح «3» .

ومثل هذا في كلام العرب كثير، تقول:«لا نصنع ما صنعت» «ولا نأكل ما أكلت» .

وقال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ [الآية 25] على «ومن لم يجد طولا أن ينكح» يقول: «إلى أن ينكح» : لأن حرف الجر يضمر مع «أن» .

وقال تعالى: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [الآية 25] برفع بَعْضُكُمْ على الابتداء.

وقال جل شأنه: بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [الآية 25] : لأن «الأهل» جماعة ولكنه قد يجمع فيقال: «أهلون» ، كما تقول:

«قوم» و «أقوام» فتجمع الجماعة وقال كما في قوله تعالى: شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا [الفتح/ 11]، بالجمع وقال:

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً [التحريم/ 6] فهذه الياء ياء جماعة فلذلك سكّنت، من هنا نصبها وجرّها بإسكان الياء، وذهبت النون للاضافة.

وقال تعالى: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [الآية 25] أي: «والصبر خير لكم» .

وقال تعالى يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ [الآية 26] أي: «وليهديكم» ومعناه: يريد كذا وكذا ليبين لكم. وإن

(1) . هو مقاس مسهر بن النعمان العائذي الكتاب وتحصيل عين الذهب 1/ 21 وشرح ابن يعيش 7/ 98.

(2)

. البيت في المصادر السابقة وهو في شرح الأبيات للفارقي 235 بلا نسبة. [.....]

(3)

. نقله في البحر 3/ 208.

ص: 169

شئت أوصلت الفعل باللام الى «أن» المضمرة بعد اللام نحو: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (43)[يوسف] وكما قال وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى/ 15]، فكسر اللام أي: أمرت من أجل ذلك.

وقال تعالى: وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (31) لأنها من «أدخل» «يدخل» : والموضع من هذا مضموم الميم لأنه مشبه ببنات الأربعة «دحرج» ونحوها. ألا ترى أنّك تقول: «هذا مدحرجنا» ، فالميم، إذا جاوز الفعل الثلاثة، مضمومة. قال أميّة بن أبي الصلت «1» [من البسيط وهو الشاهد الحادي والسبعون بعد المائة] :

الحمد لله ممسانا ومصبحنا

بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا «2»

لأنه من «أمسى» و «أصبح» . قال تعالى رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ [الإسراء/ 80] . وتكون الميم مفتوحة إن شئت إذا جعلته من «دخل» و «خرج» . وقال سبحانه إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51)[الدخان] ، إذا جعلته من «قام» «يقوم» ، فإن جعلته من «أقام» «يقيم» قلت:«مقام أمين» .

وحذفت الياء كما تحذف من رؤوس الآي نحو: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (8)[ص] يريد «عذابي» . وأما قوله تعالى فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)[الواقعة] ، فإنما قرئ بكسر الظاء في (فظلتم)، على اعتبار أن أصله «ظللتم» . فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته إلى الظاء. قال أوس بن مغراء «3» [من البسيط وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المائة] :

مسنا السّماء فنلناها وطالهم

حتّى رأوا أحدا يهوي وثهلانا «4»

لأنها من «مسست» والقراءة المثبتة في المصحف الشريف هي: فَظَلْتُمْ بترك الظاء على فتحتها وحذف إحدى اللامين. وهذا الحذف ليس بمطّرد،

(1) . الشاعر الجاهلي المعروف. انظر ترجمته وأخباره في الأغاني 3/ 186 و 16/ 71. وطبقات الشعراء 1/ 262 والشعر والشعراء 1/ 459.

(2)

. الشاهد في الديوان 516 والكتاب وتحصيل عين الذهب 2/ 250 ومعاني القرآن 1/ 264 والخزانة 1/ 120 وشرح المفصل لابن يعيش 6/ 50 و 53 «صدره» .

(3)

. هو أوس بن مغراء. طبقات الشعراء 2/ 572 والشعر والشعراء 2/ 687.

(4)

. البيت في الصحاح «مس» والتهذيب «مس» 2/ 325 واللسان «مسس» وفيه «وطاء لهم» .

ص: 170

وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف إلّا في موضع، لا تحرك فيه لام الفعل، فأمّا الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.

وقال تعالى: شِقاقَ بَيْنِهِما [الآية 35] فأضاف إلى البين لأنه قد يكون اسما كما في قوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [الأنعام/ 94]«1» بالضم. ولو قرئ (شقاقا بينهما) في الكلام فجعل البين ظرفا كان جائزا حسنا. ولو قرأت (شقاق بينهما) تريد «ما» وتحذفها جاز، كما تقرأ، في النسخة الموحّدة:

تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ تريد «ما» التي تكون في معنى شيء. وقال تعالى تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران/ 64] . وتقول «بينهما بون بعيد» تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال: «بينهما بين بعيد» بالياء.

وقال تعالى: وَالْجارِ الْجُنُبِ [الآية 36]«2» وقرأ بعضهم (الجنب)«3» وقال الراجز [وهو الشاهد الخامس والسبعون بعد المائة] :

الناس جنب والأمير جنب «4» يريد ب «جنب» : الناحية «5» . وهذا هو المتنحي عن القرابة فلذلك قال «جنب» و «الجنب» أيضا: المجانب للقرابة ويقال: «الجانب» أيضا «6» .

وأما وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ [الآية 36] فمعناه: «هو الذي بجنبك» ، كما تقول «فلان بجنبي» و «إلى جنبي» .

قال تعالى: وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42) أي: لا تكتمه الجوارح أو

(1) . وهي في معاني القرآن 1/ 345 قراءة حمزة ومجاهد وفي السبعة 263 أهمل مجاهدا وزاد أبا عمرو وابن عامر وابن كثير وعاصما في رواية وفي الكشف 1/ 440 الى غير نافع والكسائي وزاد في التيسير 105 استثناء حفص وزاد في الجامع 7/ 43 استثناء ابن مسعود وفي البحر 4/ 182 إلى الجمهور وفي الطبري 1/ 549 الى قراء مكة والعراقيين وفي حجة ابن خالويه 120 بلا نسبة.

(2)

. وهي في السبعة 233 الى القراء كلهم إلا عاصما وفي الجامع 5/ 183 ان ابن عباس تأول بها.

(3)

. في السبعة 233 والشواذ 26 الى عاصم وفي البحر 3/ 245 اليه في رواية المفضل عنه وفي الجامع 5/ 183 الى المفضل والأعمش.

(4)

. المصراع في الصحاح واللسان «جنب» مرويا عن الأخفش وفي التهذيب «جنب» 11/ 122 مرويا عن الليث.

(5)

. نقله في الصحاح واللسان «كما سبق» . والجامع 5/ 192.

(6)

. نقله في اعراب القرآن 1/ 220 و 221.

ص: 171

يقول: «لا يخفى عليه وإن كتموه» .

وقال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [الآية 47] إلى قوله من الآية نفسها: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً أي: من قبل يوم القيامة.

قال تعالى: وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [الآية 39] فان شئت جعلت ماذا بمنزلتها وحدها وان شئت جعلت ذا بمنزلة «الذي» .

وقوله تعالى: وَلا جُنُباً [الآية 43] في اللفظ واحد وهو للجمع كذلك، وكذلك هو للرجال والنساء، كما قال جل شأنه: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4)[التحريم] فجعل «الظهير» واحدا. والعرب تقول: «هم لي صديق» . وقال تعالى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (17)[ق] وهما قعيدان. وقال نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ

(16)

[الشعراء] وقال: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي [الشعراء/ 77] لأن «فعول» و «فعيل» مما يجعل واحدا للاثنين والجمع.

وقال تعالى: لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ [الآية 42] قرأ بعضهم (تسوّى)«1» وكل حسن.

وقال تعالى: وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ [الآية 43] على قوله: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى [الآية 43] فقوله تعالى: وَأَنْتُمْ سُكارى في موضع نصب على الحال، ووَ لا جُنُباً على العطف كأنه قال:«ولا تقربوها جنبا إلّا عابري سبيل» كما تقول: «لا تأتي إلّا راكبا» .

وقال تعالى: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [الآية 46] كأنّه يقول «منهم قوم» فأضمر «القوم» . قال النابغة الذبياني «2» [من الوافر وهو الشاهد السادس والسبعون بعد المائة] :

كأنّك من جمال بني أقيش

يقعقع بين رجليه بشنّ «3»

(1) . في الطبري 8/ 372 هي قراءة عامة قراء أهل الكوفة وفي السبعة 234 الى حمزة والكسائي وكذلك في الكشف 1/ 390 والتيسير 96 والجامع 5/ 198 والبحر 3/ 253. اما قراءة ضم التاء فهي في السبعة 234 والبحر 3/ 253 الى ابن كثير وابي عمرو وعاصم وفي الكشف 1/ 390 والتيسير 96 الى غير نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وفي الجامع 5/ 198 الى غير من قرأ بغيرها وفي الطبري 8/ 372 الى «آخرون» يقصد غير من أخذ بالسابقة وفي معاني القرآن 1/ 369 وحجة ابن خالويه 99 بلا نسبة.

(2)

. هو الشاعر الجاهلي زياد بن معاوية وقد مرت ترجمته قبل.

(3)

. ديوان النابغة 198 والكتاب وتحصيل عين الذهب 1/ 375. [.....]

ص: 172

أي: كأنّك جمل منها. وكما قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ [الآية 159] أي: وإن منهم واحد إلّا ليؤمننّ به. والعرب تقول:

«رأيت الذي أمس» أي: رأيت الذي جاءك أمس» أو «تكلّم أمس» .

وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا [الآية 46] وقوله تعالى: راعِنا أي:

«راعنا سمعك» . في معنى: أرعنا.

وقوله تعالى: غَيْرَ مُسْمَعٍ، أي: لا سمعت. وأما (غير مسمع) أي: لا يسمع منك فأنت غير مسمع.

وقال تعالى: وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [الآية 46] . وإنّما قال: وَانْظُرْنا لأنّها من «نظرته» أي: «انتظرته» . وقال سبحانه انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ [الحديد/ 13] أي: انتظروا. وأما قوله تعالى وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ

[النبأ/ 40] فإنما هي: إلى ما قدّمت يداه. قال الشاعر [من الخفيف وهو الشاهد السابع والسبعون بعد المائة] :

ظاهرات الجمال والحسن ينظر

ن كما تنظر الأراك الظّباء

وان شئت كان نْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ

على الاستفهام مثل قولك «ينظر خيرا قدّمت يداه أم شرّا» .

قال تعالى: بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ [الآية 56] فإن قال قائل: «أليس إنّما تعذّب الجلود التي عصت، فكيف يقول غَيْرَها» ؟

قلت: «إنّ العرب قد تقول: «أصوغ خاتما غير ذا» فيكسره ثم يصوغه صياغة أخرى. فهو الأول إلّا أن الصياغة تغيرت.

وقال تعالى وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (55) فهذا مثل «دهين» و «صريع» لأنك تقول: «سعرت» ف «هي مسعورة» وقال جلّ شأنه وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12)[التكوير]«1» .

وقال تعالى: وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65) أي: حَتَّى يُحَكِّمُوكَ [الآية 65] وحتى وَيُسَلِّمُوا هذا كله معطوف على ما بعد حتى.

وقرئ: ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ [الآية 66] برفع قَلِيلٌ لأن الفعل جعل لهم، وجعلوا بدلا من الأسماء المضمرة في الفعل.

(1) . وقد نقل هذا كله في الصحاح «سعر» .

ص: 173

قال تعالى: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) فنصب رَفِيقاً ليس على «نعم الرّجل» لأن «نعم» لا تقع الا على اسم فيه الالف واللام أو نكرة، ولكن هذا على مثل قولك:«كرم زيد رجلا» تنصبه على الحال «1» . و «الرفيق» واحد في معنى جماعة مثل «هم لي صديق» .

وقال تعالى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [الآية 72] فاللام الأولى مفتوحة لأنها للتوكيد نحو: «إنّ في الدّار لزيدا» واللام الثانية للقسم كأنه قال: «وإنّ منكم من والله ليبطئنّ» .

وقال تعالى: فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ [الآية 74] وقال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ [البقرة/ 207] أي: يبيعها. فقد تقع «شريت» للبيع والشراء.

وقال تعالى: مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها [الآية 75] فجررت «الظالم» لأنه صفة مقدمة ما قبلها مجرور وهي لشيء من سبب الأول، وإذا كانت كذلك جرّت على الأول حتى تصير كأنها له.

قال تعالى: وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [الآية 79] فجعل الخبر بالفاء لأن «ما» بمنزلة «من» وأدخلت «من» «2» على السيئة لأن «ما» نفي و «من» تحسن في النفي مثل قولك: «ما جاءني من أحد» .

قال تعالى: وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ [الآية 81] أي: ويقولون: «أمرنا طاعة» «3» .

وان شئت نصبت الطاعة على «نطيع طاعة» «4» . وقال تعالى بَيَّتَ فذكّر فعل الطائفة لأنهم في المعنى رجال وقد أضافها إلى مذكرين. وقال: وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ [الأعراف/ 87] .

وقال تعالى: لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) على وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ [الآية 83] إِلَّا قَلِيلًا.

(1) . نقله في المشكل 1/ 202 واعراب القرآن 1/ 232 والجامع 5/ 272.

(2)

. نقله في اعراب القرآن 1/ 235 والجامع 5/ 285.

(3)

. الرأي في معاني القرآن 1/ 278، ونقله للاخفش في اعراب القرآن 1/ 236.

(4)

. في معاني القرآن 1/ 278 والجامع كما مر ولم يشر إلى كونه قراءة.

ص: 174

وقال تعالى: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ [الآية 88] بالنصب على الحال كما تقول: «مالك قائما» «1» أي:

«مالك في حال القيام» .

وقال تعالى في قراءة من قرأ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [الآية 90] أو حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ف (حصرة) اسم نصبته على الحال «2» وحَصِرَتْ «فعلت» وبها نقرأ «3» .

وقال تعالى: فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [الآية 92] .

وقال تعالى: فَصِيامُ شَهْرَيْنِ [الآية 92] أي: فعليه ذلك.

وقال تعالى: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [الآية 92] اي: فعليكم ذلك إلّا أن يصّدّقوا.

وقال تعالى: إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا [الآية 94]«4» وقرأ بعضهم (فتثبّتوا)«5» ، وكلّ صواب لأنك تقول:

«تبيّن حال القوم» و «تثبّت» . و «لا تقدم حتّى تتبيّن» و «حتّى تتثبّت» .

وقال تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [الآية 95] مرفوعة لأنك جعلته من صفة

(1) . نقله في اعراب القرآن 1/ 239 والجامع 5/ 307 وورد الرأي بتعليل كوفي وبالمثال المذكور في معاني القرآن 1/ 281.

(2)

. في معاني القرآن 1/ 282 هي قراءة الحسن وفي الطبري 9/ 22 والجامع 5/ 309 كذلك وزاد في الشواذ 27 و 28 يعقوب وزاد في البحر 3/ 317 قتادة وكذا قال المهدوي عن عاصم في رواية حفص.

(3)

. وهي في الطبري 9/ 22 قراءة القراء في جميع الأمصار وعليها الإجماع وفي البحر 3/ 317 الى الجمهور وفي حجة ابن خالويه 100 بلا نسبة ولا إشارة الى الأخرى وفي معاني القرآن كالسابق أشار إليها ولم يقل بها قراءة.

ونقله في البيان 1/ 263، ونقله في المغني 2/ 430 والصحاح «حصر» .

(4)

. هي في الطبري 9/ 81 قراءة عامة قراء المكيين والمدنيين وبعض الكوفيين والبصريين وفي السبعة 236 الى ابن كثير ونافع وابي عمرو وابن عامر وعاصم وفي الكشف 1/ 395 الى ابي عبد الرحمن والحسن وابي جعفر وشيبة والأعرج وقتادة بن جبير وهي اختيار ابي حاتم وابي عبيد وفي الجامع 5/ 327 اقتصر على ذكر الاختيار ونسبها الى «الجماعة» وفي البحر 3/ 328 الى غير حمزة والكسائي وهو ما قاله في الكشف 1/ 394 ايضا وفي معاني القرآن 1/ 283 وحجة ابن خالويه بلا نسبة.

(5)

. في معاني القرآن 1/ 283 قراءة عبد الله بن مسعود وأصحابه وفي الطبري 9/ 81 الى معظم القراء الكوفيين وفي السبعة 236 والتيسير 97 والبحر 3/ 328 الى حمزة والكسائي واغفل منهما في الجامع 5/ 327 الكسائي وزاد عليهما في الكشف 1/ 394 انها قراءة ابن مسعود وابن وثاب وطلحة والأعمش وعيسى وفي حجة ابن خالويه 101 بلا نسبة.

ص: 175

القاعدين «1» . وإن جررته فعلى «المؤمنين» وإن شئت نصبته إذا أخرجته من أول الكلام فجعلته استثناء وبها نقرأ «2» . وبلغنا انها أنزلت من بعد قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ولم تنزل معها، وانما هي استثناء غنى بها قوما لم يقدروا على الخروج ثم قال وَالْمُجاهِدُونَ [الآية 95] يعطفه على القاعدين لأن المعنى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ وَالْمُجاهِدُونَ. وقال سبحانه وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95) دَرَجاتٍ مِنْهُ [الآية 96] يقول فعل ذلك درجات منه. وقال:

أَجْراً عَظِيماً لأنه قال: «فضّلهم» فقد أخبر انه آجرهم فقال على ذلك المعنى كقولك: «أما والله لأضربنّك إيجاعا شديدا» لأنّ معناه: لأوجعنّك.

قال تعالى: فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ لأنه استثناهم منهم كما تقول: «أولئك أصحابك إلّا زيدا» و: «كلّهم أصحابك إلّا زيدا» . وهو خارج من أوّل الكلام.

وقال تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ [الآية 104] أي: توجعون. تقول: «ألم» «يألم» «ألما» .

وقال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ [الآية 114] يقول: «إلّا في نجوى من أمر بصدقة» .

وقال تعالى: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ

[الآية 109] فردّ التنبيه مرتين كما قال ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ [محمد/ 38]«3» أراد التوكيد.

وقال تعالى

(1) . نقله في اعراب القرآن 1/ 243 والجامع 5/ 343.

(2)

. الرفع قراءة في الطبري 9/ 85 الى عامة قراء أهل الكوفة والبصرة وفي السبعة 237 الى ابن كثير في رواية والى ابي عمرو وعاصم وحمزة وكذلك في البحر 3/ 330 وفي الجامع 5/ 343 الى أهل الكوفة وابي عمرو وفي التيسير 97 الى غير نافع وابن عامر والكسائي وفي الكشف 1/ 396 الى غير من أخذ بالآخريين وفي حجة الفارسي 1/ 116 وحجة ابن خالويه 101 بلا نسبة. أما قراءة الجر ففي الجامع 5/ 343 الى أبي حياة وفي البحر 3/ 330 زاد الأعمش. أما قراءة النصب ففي الطبري 9/ 85 الى عامة قراء أهل المدينة ومكة والشام وفي السبعة 237 الى نافع والكسائي وابن عامر وفي رواية الى ابن كثير وفي البحر 3/ 330 أهمل ابن كثير وزاد أنها رويت عن عاصم. وفي الكشف 1/ 396 أضاف أنها قراءة النبي الكريم وزيد بن ثابت وأبي جعفر وشيبة وأبي الزناد وشبل وابن الهادي وهي اختيار أبي عبيد والطبري وأبي طاهر. وفي التيسير 97 كما في السبعة مع إغفال ابن كثير وفي الجامع 5/ 344 الى اهل الحرمين وفي حجة ابن خالويه 101 وحجة الفارسي 116 بلا نسبة.

(3)

. نقله في اعراب القرآن 1/ 251 والجامع 5/ 408.

ص: 176

وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [الآية 131] أي بأن اتّقوا الله.

وقال تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [الآية 134] فموضع «كان» جزم والجواب الفاء وارتفعت «يريد» لأنه ليس فيها حرف عطف. كما قال مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ [هود/ 15] . في قوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها [الشورى/ 20] جزم الجواب، لأن الأول في موضع جزم، ولكنه فعل واجب فلا ينجزم، و «يريد» في موضع نصب بخبر «كان» . وفي قوله تعالى:

وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً [الآية 128] جعل الاسم يلي «إن» لأنّها أشدّ حروف الجزاء تمكنا.

وإنّما حسن هذا فيها إذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله «1» [من البسيط وهو الشاهد الثامن والسبعون بعد المائة] :

عاود هراة وإن معمورها خربا وقال تعالى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما [الآية 135] لأنّ «أو» ها هنا في معنى الواو «2» ، أو يكون جمعهما في قوله بِهِما لأنهما قد ذكرا «3» نحو قوله عز وجل: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا [الآية 12] . أو يكون أضمر (من) كأنه «إن يكن من تخاصم غنيّا أو فقيرا» يريد «غنيين أو فقيرين» يجعل «من» في ذلك المعنى ويخرج غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً على لفظ «من» .

وقال تعالى: وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا [الآية 135] لأنها من «لوى» «يلوي» «4» .

وقرأ بعضهم

(1) . في الأصل: قولك. والقائل هروي معجم شواهد العربية 2/ 575 ويراجع المقتضب 4/ 256 واشعار الهذليين في قول عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي:

لكنه شاقه ان قيل ذا رجب

يا ليت عدة حول كله رجب

[.....]

(2)

. نقله في المشكل 1/ 210 واعراب القرآن 1/ 252 والجامع 5/ 413 والبحر 3/ 370 والبيان 1/ 269.

(3)

. نقله في الإملاء 1/ 197.

(4)

. في الطبري 9/ 310 هي قراءة عامة قراء الأمصار سوى الكوفة وفي السبعة 239 الى ابن كثير ونافع وابي عمرو وعاصم والكسائي وفي الكشف 1/ 399 والتيسير 97 الى غير حمزة وابن عامر وفي معاني القرآن 1/ 291 وحجة ابن خالويه 102 والجامع 5/ 413 بلا نسبة.

ص: 177

(وإن تلوا)«1» فان كانت لغة فهو لاجتماع الواوين، ولا أراها إلّا لحنا على معنى «الولاية» وليس ل «الولاية» معنى ها هنا الا في قوله «وإن تلوا عليهم» فطرح «عليهم» فهو جائز.

وقال تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [الآية 148] لأنه حين قال: لا يُحِبُّ اللَّهُ [الآية 148] قد أخبر أنه لا يحل. ثم قال إِلَّا مَنْ ظُلِمَ «2» إنه يحل له أن يجهر بالسوء لمن ظلمه. وقرأ بعضهم (ظلم)«3» على قوله تعالى: ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ [الآية 147][فيكون](إلّا من ظلم) على معنى «إلّا بعذاب من ظلم» .

وقال تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ [الآية 155] ف «ما» زائدة كأنه قال «فبنقضهم» .

وقال تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ [الآية 156] وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ [الآية 157] كله على الأول.

وقال تعالى: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ [الآية 164] فانتصب لفظ «رسلا» لأن الفعل قد سقط بشيء من سببه وما قبله منصوب بالفعل.

وقال تعالى: فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ [الآية 170] فنصب خَيْراً لأنه حين قال لهم فَآمِنُوا أمرهم بما هو خير لهم فكأنه قال: «اعملوا خيرا لكم» وكذلك انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ [الآية 171] فهذا إنما يكون في الأمر والنهي خاصة ولا يكون في الخبر، لأنّ الأمر والنهي لا يضمر فيهما وكأنّك أخرجته من شيء الى شيء. قال الشاعر «4» :

ففواعديه سرحتي مالك

(1) . في تأويل مشكل القرآن 62 الى يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة. وفي الكشف 1/ 399 والتيسير 97 الى حمزة وابن عامر وكذلك في السبعة 239 واستبدل في الجامع 5/ 414 بحمزة الكوفيين وفي البحر 3/ 371 الى جماعة وابن عامر وحمزة وفي الطبري 9/ 310 الى جماعة من قراء أهل الكوفة وفي معاني القرآن 1/ 291 وحجة ابن خالويه 102.

(2)

. هي في الطبري 9/ 343 الى عامة قراء الأمصار وفي الجامع 6/ 1 والبحر 3/ 382 الى الجمهور.

(3)

. في الطبري 9/ 343 الى بعضهم وقال ابن زيد رواها عن أبيه وفي الشواذ 29 و 30 الى الضحاك بن مزاحم وفي الجامع 6/ 1 الى زيد بن اسلم وابن أبي إسحاق وفي البحر 3/ 382 الى ابن عباس وابي عمرو وابن جبير وعطاء بن السائب والضحاك وزيد بن اسلم وابن ابي إسحاق ومسلم بن يسار والحسن وابن المسيب وقتادة وأبي 652.

(4)

. هو عمر بن أبي ربيعة المخزومي. ديوانه 349 والكتاب وتحصيل عين الذهب 1/ 143.

ص: 178

أو الرّبا بينهما أسهلا «1» كما تقول: «واعديه خيرا لك» وقد سمعت نصب هذا في الخبر. تقول العرب: «آتي البيت خيرا لي» و «أتركه خيرا لي» وهو على ما فسرت في الأمر والنهي.

قال تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ [الآية 176] مثل: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ [الآية 128] تفسيرهما سواء.

وقال سبحانه وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (164) الكلام خلق من الله على غير الكلام منك، وبغير ما يكون منك. خلقه الله ثم أوصله الى موسى.

وقال تعالى: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [الآية 25] أي: الله أعلم بإيمان بعضكم من بعض.

(1) . في الديوان ب «سورتي» و «أوذ» الذي «بدل» «سرحتي» و «او الربا» .

ص: 179