الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متى وُلِدَ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
-؟
يقام الاحتفال بالمولد النبوي في الثاني عشر من ربيع الثاني باعتبار أنه يوم ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن إذا ما بحثنا عن حقيقة هذا التاريخ نجد أنه لا يوجد نَصٌّ نبوي يدل على هذا التاريخ، فلم يتكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم البتة عن تاريخ ميلاده بل الذي ورد أنه ولد في يوم اثنين، أما ما وراء ذلك من التحديدات فلا تصح.
ثم إذا ما فتشنا كتب السيرة النبوية محاولين معرفة تاريخ مولده سنجد أن أهل التاريخ والسِّيَر يختلفون حوله إلى أقول:
أولًا: اختلفوا في سنة ولادته صلى الله عليه وآله وسلم:
الأكثرون على أن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم كانت في عام الفيل، قيل بعد حادثة الفيل بخمسين يومًا، وقيل بخمس وخمسين يومًا، وقيل بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بعد الفيل بعشر سنين، وقيل: قبل الفيل بخمس عشرة سنة، وقيل: غيره.
ثانيًا: اختلفوا في الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم:
فقيل: في شهر صفر، وقيل: في ربيع الآخر، وقيل: في رجب، وقيل: في رمضان.
ثالثًا: اختلفوا في يوم ولادته صلى الله عليه وآله وسلم: فقيل: غير معين، وقيل: في ربيع الأول، من غير تعيين اليوم، وقيل: لِلَيْلتين مضتا من ربيع الأول، وقيل: لثماني ليال مضَيْنَ منه، وقيل لتسع خلَوْن منه، وقيل: لعشر مضين منه، وقيل لاثنتي عشرة مضت منه، وقيل: لسبع عشرة مضت منه، وقيل: لثماني عشرة مضين منه، وقيل: لثمان بقين منه.
يظهر لنا مما سبق:
1 -
أن هذا الخلاف بين علماء السيرة يدل على عدم وجود دليل صحيح صريح في هذه المسألة بحيث يتفقون على يوم محدد.
2 -
لم يثبت نص في تحديد تاريخ مولده صلى الله عليه وآله وسلم.
3 -
أن الصحابة رضي الله عنهم لم يسألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما يدل أن معرفة تاريخ مولده صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يعني لهم شيئًا كبيرًا.
4 -
أن الاحتفال ليس من الشرع إذ لو كان كذلك لَذُكِر التاريخ فما مِن أمر فيه خير إلا ودلنا عليه.
علام يدل ذلك؟
إنه يدل على أنَّ المسلم ليس مطلوبًا منه الاهتمام بتاريخ المولد، ولا العناية بضبطه، إنَّما الواجب عليه أن ينظر كيف هو في حبه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومتابعته في شريعته، واقتدائه بسنته واهتدائه بهديه، وحرصه على التخلق بِخُلُقِهِ.
فأين نحن مما فرض الله علينا تجاه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ هذا هو الذي ينبغي على كل مسلم أن ينظر كيف هو فيه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إن ليلة المولد لم يكن السلف الصالح ـ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعون لهم بإحسان ـ يجتمعون فيها للعبادة ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يُعَظَّم إلا بالوجه الذي شرع به تعظيمه، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله لكن يتقرب إلى الله عز وجل بما شرع.
وإن يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس، وأفضل ما يُفعل في اليوم الفاضل صومه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن إفراد يوم الجمعة بالصيام مع عظيم فضله، فدل هذا على أنه لا تحدث عبادة في زمان ولا في مكان إلا إن شرعت، وما لم يشرع لا يفعل، إذ لا
يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى به أولها، ولو فتح هذا الباب لجاء قوم فقالوا: يوم هجرته إلى المدينة يوم أعز الله فيه الإسلام فيجتمع فيه ويتعبد، ويقول آخرون: الليلة التي أسري به فيها حصل له فيها من الشرف ما لا يقدر قدره فتحدث فيها عبادة فلا يقف ذلك عند حد.
والخير كله في اتباع السلف الصالح الذين اختارهم الله له فما فعلوا فعلناه وما تركوا تركناه (1).
اقرأ (محمد) اقرأ (محمد) اقرأ (محمد)
(1) المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء أفريقية والأندلس والمغرب للعلامة أحمد بن يحيى الونشريسي (7/ 99 - 101).