المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل قول الأشاعرة في المعجزات - النبوات لابن تيمية - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول

- ‌المبحث الأول: مدخل لدراسة موضوع الكتاب وما ألف فيه

- ‌المطلب الأول: حقيقة النبوة

- ‌المطلب الثاني: الحكمة من بعث الرسل

- ‌المطلب الثالث: وظائف الرسل

- ‌المطلب الرابع: أقوال الناس في النبوة:

- ‌المطلب الخامس: الإيمان بالأنبياء من أركان الإيمان:

- ‌المطلب السادس: الإسلام دين جميع الأنبياء:

- ‌المطلب السابع: المعجزات:

- ‌المطلب الثامن: ما أُلِّف في النبوات:

-

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالمؤلِّف

- ‌المطلب الأول: حياة المؤلف الشخصية:

- ‌المطلب الثاني: حياة المؤلف العلمية

- ‌المبحث الثالث: دراسة الكتاب

- ‌المطلب الأول: التعريف بالكتاب

- ‌المطلب الثاني: التعريف بالأصل المخطوط

- ‌الباب الثاني: قسم التحقيق

- ‌فصل في معجزات الأنبياء التي هي آياتهم وبراهينهم

- ‌فصل في آيات الأنبياء وبراهينهم

- ‌فصل في أن الرسول لا بُدّ أن يبيّن أصول الدين

- ‌فصل عدل الله وحكمته وتعليل أفعاله

- ‌فصل طريقة الأشاعرة في إثبات المعجزات

- ‌فصل تعريف المعجزة عند الأشاعرة

- ‌فصل قول الأشاعرة في المعجزات

- ‌فصل كلام الباقلاني في المعجزات ومناقشة شيخ الإسلام له

- ‌فصل الفروق بين آيات الأنبياء وغيرها

- ‌فصل ما يخالف الكتاب والسنة فهو باطل

الفصل: ‌فصل قول الأشاعرة في المعجزات

‌فصل قول الأشاعرة في المعجزات

وممّا يُبيِّن ضعف طريقة هؤلاء1 أنّهم قالوا: المعجزات لا تدلّ بجنسها على النبوّة، بل يُوجِد مثل المعجز من كلّ وجه، ولا يدلّ على النبوّة؛ كأشراط الساعة؛ وكما يوجد للسحرة، والكهّان، والصالحين من الخوارق التي تماثل آيات الأنبياء فيما زعمه هؤلاء. قالوا: لكنّ الفرق أنّ هذا يدّعي النبوّة، ويحتجّ بها، ويتحدّاهم بالمثل، فلا يقدر أحدٌ على معارضته. وأولئك لو ادّعوا النبوّة، لمنعهم الله منها، وإن كانوا قبل ذلك غير ممنوعين منها، أو لقيّض [لهم] 2 من يعارضهم. ولو عارضوا بها نبيّاً لمنعهم الله إياها، ليسلم دليل النبوة. قالوا: والمعجز إنّما يدلّ دلالةً وضعيّةً بالجعل، والقصد؛ كدلالة الألفاظ، [والعقود] 3، والخط، والعلامات التي يجعلها الناس بينهم4.

1 أي الأشاعرة. انظر: البيان للباقلاني ص 47-49. والإرشاد للجويني ص 319، 328.

2 في ((خ)) : له. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

3 في ((م)) ، و ((ط)) : العقد.

4 ممن ذكر ذلك من الأشاعرة: القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه البيان ص 47، 48، 72-73، 94، 95، 96، 105. والجويني في الإرشاد ص 319، 320، 324، 325، 328. والبغدادي في أصول الدين ص 171. والإيجي في المواقف ص 342. والتفتازاني في شرح المقاصد 5 13، 18.

ص: 534

تعليق ابن تيمية على قولهم

فيقال لهم: هذه الأمور كلّها إنّما تدلّ إذا تقدم علم المدلول بها أنّ الدالّ جعلها علامةً؛ كما يوكل الرجل وكيلاً، ويجعل بينه وبينه علامة؛ إما وضع يده على ترقوته1، وإما وضع خنصره2، وإما وضع يده على رأسه. فمن جاء بهذه العلامة، علم أنّ موكّله أرسله.

[فأمّا إذا] 3 لم يتقدّم ذلك، لم تكن دلالة [جعليّة] 4 وضعية اصطلاحية.

وآيات الأنبياء لم [يتقدّم] 5 قبلها من الرب مواضعة بينه وبين العباد. قالوا: هي تشبه ما إذا قال الرجل لموكله، والرسول لمرسله: إنّك أرسلتني إلى هؤلاء القوم، فإن كنت أرسلتني، فقم، واقعد ليعلموا أنّك أرسلتني. فإذا قام وقعد عقب طلب الرسول، علم الحاضرون أنّه قام وقعد ليُعلمهم أنّه رسوله6. وإن كان بدون طلبه قد يقوم ويقعد لأمور أخرى.

فيقال لهم: هنا لمّا علم الحاضرون انتفاء [داع] 7 يدعوه، إلَاّ قصد التصديق، علموا أنّه قصد تصديقه. ولهذا: لو جوّزوا قيامه لحاجة عرضت، أو لحيّة، أو عقرب، وقعت في ثيابه، أو لغير ذلك، لم يجعلوا ذلك دليلاً.

1 الترقوة على تقدير فعلوة. وهو: وصل عظم بين ثغرة النحر والعاتق في الجانبين. والترقوتان: العظمان المشرفان بين ثغرة النحر والعاتق، تكون للناس وغيرهم.

انظر: تهذيب اللغة للأزهري 9 54. ولسان العرب لابن منظور 10 32.

2 الخنصر: صغرى الأصابع. انظر: تهذيب اللغة 7 660. ولسان العرب 4 261.

3 في ((خ)) : فأما اما إذا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

4 في ((ط)) : جملية.

5 في ((م)) ، و ((ط)) : تتقدم.

6 انظر: الإرشاد للجويني ص 325. وأصول الدين للبغدادي ص 178. والمواقف للإيجي ص 341. وشرح المقاصد للتفتازاني 5 14.

7 في ((خ)) : داعي. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

ص: 535

السبر والتقسيم يعلم به الدليل

و [السبر] 1 والتقسيم2 مما يعلم به الدليل، وإن لم يقصده الدليل؛ حتى إنّ الرجل المشهور إذا خرج في غير وقت خروجه المعتاد، فقد يعرف كثيرٌ من الناس لأي شيء خرج؛ لعلمهم بانتفاء غيره، وأن خروجه له مناسب، وإنْ لم يكن هنا أحدٌ طلب الاستدلال؛ فخروج الإنسان عن عادته قد [يكون لأسباب] 3؛ فإذا اقترن بسببٍ صالح، وعلم انتفاء غيره، عُلم أنّه لذاك السبب. وهذا إنّما يكون ممن يفعل [لداعٍ] 4 يدعوه. والربّ تعالى عندهم5 لا يفعل لداعٍ يدعوه، فلزمهم؛ إمّا إبطال أصلهم6، وإمّا إبطال هذه الدلالة7.

1 في ((ط)) : السير بالياء.

2 قال صاحب التعريفات: "السبر والتقسيم كلاهما واحد. وهو إيراد أوصاف الأصل؛ أي المقيس عليه، وإبطال بعضها، ليتعيّن الباقي للعليّة؛ كما يُقال: علّة الحدوث في البيت؛ إما التأليف، أو الإمكان. والثاني باطل بالتخلّف؛ لأنّ صفات الواجب ممكنة بالذات، وليست حادثة، فتعيّن الأول؛ وهو حصر الأوصاف في الأصل، وإلغاء البعض لتعين الباقي للعلة؛ كما يُقال: علّة حرمة الخمر؛ إما الإسكار، أو كونه ماء العنب. والمجموع غير الماء وغير الإسكار لا يكون علة بالطريق الذي يُفيد إبطال علة الوصف؛ فيتعيّن الإسكار للعلّة". التعريفات للجرجاني ص 155.

3 في ((خ)) : تكون الأسباب. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

4 في ((خ)) : داعي. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

5 أي عند الأشاعرة.

6 المراد: أصل الأشاعرة: الله لا يفعل شيئاً لأجل شيء. فهم يستندون إلى هذا الأصل في نفي حكمة الله، وتعليل أفعاله جلّ وعلا؛ فيجوّزون عليه سبحانه كلّ فعل.

7 وهي المثال الذي ضُرب عن الملك الذي أظهر ما يُناقض عادته، لتصديق رسوله، فيجعلونه دليلاً على تصديق الرسول.

وقد مرّ هذا الموضوع فيما سبق، وعلّقتُ عليه. انظر ص 581-583.

ولشيخ الإسلام رحمه الله شرح لهذا الموضوع في كتابه العظيم ((الجواب الصحيح)) 6 393-408.

ص: 536

وأيضاً: فيُقال لهم: بل الدليل دلّ لجنسه؛ وهو هذا الفعل الذي لم يفعل إلا لهذا الطلب. ومتى وجد هذا كان جنسه دليلاً. وليست الدعوى جزءاً من الدليل، بل طلب الإعلام بهذا الفعل مع الفعل، هو الدليل. ولهذا لو قال: فافعل ما يدلّ على صدقي، وقام، وقعد، لم يدلّ على صدقه، بخلاف ما إذا قال: فقم واقعد.

ولو قال: فأظهر ما يدلّ على صدقي، فلا بد أن يُظهر ما يدلّ جنسه أنّه دليلٌ؛ كقولٍ، أو خطٍّ، أو غير ذلك، أو خلعة تختصّ بمثل ذلك. ففرقٌ بين أن يطلب فعلاً معيناً، أو دليلاً مطلقاً. وهو إذا طلب فعلاً معيناً؛ كقيامٍ، أو وضع يدٍ على الرأس، أو صلاة ركعتين، أو غير ذلك من الأفعال، دلّ على صدقه، وإن كان ذلك معتادا له أن يفعله، فليس من شرط دلالته أن يخرج عن عادته، لكن شرط دلالته أن يعلم أنه فعله لأجل الإعلام؛ بحيث لا يكون هناك سبب داعٍ غير الإعلام. وحينئذٍ فهو دالّ لجنسه.

وكذلك يُقال: الربّ إذا خرق العادة لمدّعي الرسالة عقب مطالبته بآية، عُلِم أنّ الله لم يخلق تلك [الأدلة] 1 على صدقه. فهذا يدلّ، [وهذا] 2 [إنّما يتم] 3 مع كون الرب يفعل شيئاً لأجل شيءٍ آخر. وحينئذٍ فقد يكون من شرط الدليل: مطالبة الطالب بدليلٍ، لا أنّ نفس الدعوى هي جزء الدليل. وفرقٌ بين طلبه من الرب آية، [أو] 4 طلبهم منه آية، وبين الدعوى؛ فإظهار ما يظهره الربّ عقب طلبهم، أو طلبه، قد يُقال فيه: إنّ

1 في ((خ)) : الادالة. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

2 في ((خ)) : فهذا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

3 ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .

4 في ((خ)) : و. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

ص: 537

الطلب جزء الدليل، وإنّه لو أظهره بدون الطلب، لم يدلّ. وأمّا نفس دعوى النبوّة، فليست جزءاً. وعلى هذا: فإذا قُدِّر أنّه يفعل ذلك عند [طلبه، أو] 1 طلب غيره آية، [دلّ] 2 على [صدقه]3. لكنّ هذا يكون إذا علم أنّه لم يفعله إلَاّ لإعلام أولئك بصدقه. وهذا لا يكون إلَاّ بأن يتميّز جنس ما دلّ به عن غيره. ولا يجوز أن يدلّ مع وجود مثله من غير دلالة، بل متى قُدِّر وجود مثله من غير دلالة، بطل كونه دليلاً. ولو كانت الدعوى [جزءاً من الدليل] 4، لكانت المعارضة لا تكون إلَاّ مع دعوى النبوة؛ فلو أتوا بمثل القرآن، من غير دعوى النبوة، لم يكونوا عارضوه.

الأشاعرة يقسمون الأدلة قسمين:

وهذا خلاف ما في القرآن، وخلاف ما أجمع المسلمون، بل العقلاء، والله أعلم.

وهم يسمون ما يكون بقصد الدالّ؛ كالكلام دليلاً وضعياً. فالأقوال والأفعال التي يقصد بها الدلالة؛ كالعقد، وما يجعله الرجل علامةً، ونحو ذلك، يسمونه دليلاً وضعياً، ويسمون ما يدلّ مطلقاً دليلاً عقلياً5.

1 ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .

2 ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .

3 في ((خ)) : صدقهم. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

4 في ((خ)) : جزء الدليل. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

5 الأشاعرة يجعلون دلالة المعجزة على صدق النبيّ دلالة عادية وضعية، ولا يجعلونها دلالة عقلية؛ لأنّ الدلالة العقلية لا تتخلّف، فإذا وُجدت المعجزة التي هي الدليل، لا بُدّ أن يوجد الرسول الذي هو المدلول. أما الدلالة العادية، أو الوضعية، فيجوز عقلاً تخلف المدلول عن الدليل؛ أي الرسول عن معجزته.

انظر: الإرشاد للجويني ص 324. والعقيدة النظامية له ص 68. ونهاية الإقدام للشهرستاني ص 438 والمستصفى للغزالي 1 6. وشرح المواقف للجرجاني 3 181-182. وشرح العقائد النسفية للتفتازاني ص 166. وشرح المقاصد له 2 132.

ص: 538

جميع الأدلة عقلية والرد على تقسيم الأشاعرة

والأجود أن يُقال: جميع الأدلة عقلية؛ بمعنى أنّ العقل إذا تصوّرها، علم أنّها تدلّ؛ فإنّ الدليل هو ما يكون النظر الصحيح فيه مفضياً إلى العلم بالمدلول عليه، وإنّما يكون النظر الصحيح، لمن يعقل دلالة الدليل. فمن لم يعقل كون الدليل مستلزماً للمدلول، لم يستدلّ به.

معنى الدليل

ومن عقل ذلك، استدلّ به؛ فهو يدلّ بصفةٍ هو في نفسه عليها، لا بصفة هي في المستدلّ. لكن [كونه] 1 عقلياً يرجع إلى أنّ المستدل عَلِمَهُ بعقله. وهذا صفةٌ في المستدلّ لا فيه.

الدليل يدل بمجرده وقد يدل بقصد الدال على دلالته

[و] 2 الأجود أن يقال: الدليل قد يدل بمجرده، وقد يدل بقصد الدالّ على دلالته. فالأول لا يحتاج إلى قصد الدلالة؛ كما [يقول] 3 النحاة: إنّ الأصوات تدلّ بالطبع، وتدلّ بالوضع. فالذي يدلّ بالطبع؛ كالنحنحة، والسعال، والبكاء، ونحو ذلك من الأصوات. وهذا ليس كلاماً. وحينئذٍ فما يدلّ بقصد الدالّ، أحق بالدلالة، ودلالته أكمل. ولهذا كانت [دلالة] 4 الكلام على مقصود المتكلم، وهي دلالة سمعية، أكمل من جميع أنواع الأدلة على مراده؛ وهو البيان الذي علمه الله الإنسان، وامتّن بذلك على عباده؛ فمنها ما يدلّ بمجرده، ومنها ما يدلّ بقصد الدالّ. فإذا انضمّ إليه ما يعرف أنّه قصد الدلالة، دلّ؛ فالدليل هنا في الحقيقة: قَصْدُ الدالّ للدلالةِ؛

1 في ((خ)) : فكونه. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

2 في ((م)) ، و ((ط)) : أو.

3 في ((م)) ، و ((ط)) : تقول.

4 ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .

ص: 539

وهي دلالة [لا] 1 تنتقض إذا لم يجوز عليه الكذب، وإنّما الذي دلّ به على قصده، هو دلّ بجعله دليلاً، لم يدلّ بمجرّده؛ فهو دليل بالاختيار، لا بمجرده. فالأقوال، والأفعال التي يُقصد بها الدلالة تدلّ باختيار الدالّ بها، لا بمجرّدها، ودلالتها تُعلم بالعقل، وقد يفتقر من العقل إلى أكثر مما يفتقر إليه العقليّ المجّرد؛ لأنّها تحتاج إلى أن يُعلم قصد الدالّ. ولكنّ ما يحصل بها من الدلالة أوضح وأكثر؛ كالكلام. وعلى هذا فإذا أريد تقسيمها إلى عقلي ووضعيّ؛ [أي] 2 إلى عقليّ مجرّد، وإلى وضعيّ، يحتاج مع العقل إلى قصد من الدالّ؛ فهو تقسيم صحيح. فدالّ يُعلم بمجرد العقل، وهذا لا يحتاج مع العقل إلى السمع، أو غيره.

وحينئذٍ: فإذا قيل في السمعيات: إنّها ليست عقلية؛ أي لا [يكفي] 3 فيها مجرّد العقل، [بل لا بُدّ] 4 من انضمام السمع إليه. [وعلى هذا قوله:{فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} 5] 6.

وكذلك ذكر الرازي وغيره أنّ السمع المحض لا يدلّ، [بل لابُدّ] 7 من العقل.3

وهذا صحيحٌ؛ فإنّ العقل شرطٌ في جميع العلوم التي تختص بالعقلاء. والله أعلم.

1 ما بين المعقوفتين ساقط من ((ط)) .

2 ما بين المعقوفتين ساقط من ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .

3 في ((خ)) : تكفي. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

4 في ((خ)) : بلابد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

5 سورة الحج، الآية 46.

6 ما بين المعقوفتين ساقطٌ من ((م)) ، و ((ط)) .

7 في ((خ)) : بلابد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

ص: 540

لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم التحدي إلا في القرآن

ومما يلزم [أولئك أنّ] 1 ما كان يظهر على يد النبيّ صلى الله عليه وسلم في كل وقت من الأوقات ليست دليلاً على نبوّته؛ [لأنّه] 2 لم يكن كلما ظهر شيءٌ من ذلك احتجّ به، وتحدّى الناس بالإتيان بمثله، بل لم ينقل عنه التحدي إلا في القرآن خاصّة3، ولا نُقل التحدي عن غيره من الأنبياء؛ مثل موسى، والمسيح، وصالح4. ولكنّ السحرة لمّا عارضوا موسى، أبطل معارضتهم.

وهذا الذي قالوه يُوجب أن لا [تكون] 5 كرامات الأولياء من جملة المعجزات.

كرامات الأولياء معجزات لنبيهم

وقد ذكر غير واحد من العلماء أنّ كرامات الأولياء معجزات لنبيّهم6، وهي من آيات نبوته. وهذا [هو] 7 الصواب؛ كقصة أبي مسلم الخولاني8،

1 في ((ط)) : أنّ أولئك.

2 ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين.

3 وقد أوضح شيخ الإسلام رحمه الله هذا الأمر في آخر كتابه هذا النبوات. انظر ص 946-951.

ومما قاله رحمه الله في كتابه الجواب الصحيح: "وآيات النبوة وبراهينها تكون في حياة الرسول، وقبل مولده، وبعد مماته، لا تختصّ بحياته، فضلاً عن أن تختصّ بحال دعوى النبوة، أو حال التحدّي؛ كما ظنّه بعض أهل الكلام". الجواب الصحيح 6 380.

4 ولابن حزم كلام طيب في رده على الأشاعرة في قولهم: إنه لا تكون المعجزة معجزةً حتى يُتحدّى بها. انظر المحلى لابن حزم 1 36.

5 في ((خ)) : يكون. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

6 انظر: تفسير القرطبي 13 137.

وقد ذكر ذلك ابن كثير في كتابه دلائل النبوة ـ ضمن البداية والنهاية 6 161. وكذا البيهقي في دلائل النبوة.

7 ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين.

8 تقدمت قصته ص 158.

ص: 541

وغيره [ممّا] 1 جرى لهذه الأمة من الآيات؛ ومثل ما كان يظهر على أيدي الحواريين، وعلى يد موسى وأتباعه2. [لا أنه] 3 جعل التحدي بالمثل جزءاً من دليله وآيته، فلا يكون دليلاً حتى يتحداهم بالمثل! بل قد عُلم أنّ [نفس] 4 استدلال المستدل بالدليل، يوجب اختصاصه بالمدلول عليه، وكلّ من أتى بآية هي دليل وبرهان وحجة، فقد عُلم أنه يقول إنّها مستلزمة للمدلول عليه، لا يوجد مع عدمه، فلا يمكن أحداً أن يعارضها، فيأتي بمثلها مع عدم المدلول عليه.

أجزاء الدليل على صدق النبي عند الأشاعرة

وهؤلاء5 جعلوا من جملة الدليل: دعوى النبوة، والاحتجاج به، والتحدّي بالمثل؛ ثلاثة أشياء6.

وهذه الثلاثة هي أجزاء الدليل. ودعوى النبوة هو الذي تقام عليه البيّنة، والذي [يقام] 7 عليه الحجة ليس هو جزءاً من الحجة. والدعوى تسمى مدلولا عليها، ((ونفس المدعى [يُسمى] 8 مدلولاً عليه، وثبوت المدعى يسمى مدلولاً [عليه] 9)) 10، والعلم بثبوته يُسمّى مدلولاً عليه.

1 في ((ط)) : ما.

2 انظر: الجواب الصحيح 2 400.

3 في ((م)) ، و ((ط)) : لأنه.

4 في ((ط)) : النفس.

5 أي الأشاعرة.

6 انظر: الإرشاد للجويني ص 312-313. وشرح المقاصد للتفتازاني 5 11.

7 في ((م)) ، و ((ط)) : تقام.

8 في ((خ)) : تسمى. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

9 في ((خ)) : عليها. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

10 تكرّرت الجملة التي بين الهلالين في ((خ)) بلفظ: "ونفس المدعى تسمى مدلولاً عليه. وثبوت المدعى يسمى مدلولاً عليه". ولم تكرّر في ((م)) ، و ((ط)) .

ص: 542

فهنا دعوى النبوة، وهنا النبوة، وهنا النبوة المدعاة قبل أن يُعلم ثبوتها، وهنا ثبوتها في نفس الأمر، وهنا علم الناس بثبوتها. وكذلك سائر الدعاوي.

فمن ادّعى تحريم النبيذ المتنازع فيه؛ فهنا: دعواه التحريم، ونفس التحريم هل هو ثابت أم منتف؟ وثبوت التحريم في نفس الأمر، والعلم بالتحريم. وكذلك من ادعى حقاً عند الحاكم؛ فهنا: دعواه الحق، وهنا نفس المدعى؛ وهو استحقاقه ذلك الحق، وهنا ثبوت هذا الاستحقاق في نفس الأمر، وهنا العلم باستحقاقه. فالبينة والحجة [يجب] 1 أن يقارن المدلول عليه؛ الذي هو المدعى، وثبوته في نفس الأمر؛ سواء ادعاه [مدع] 2، أو لم يدّعه؛ وسواء علمه عالم، أو لم يعلمه؛ فإنّ الدليل مستلزم للمدلول عليه؛ مستلزم لحرمة النبيذ، واستحقاق الحق. وثبوت الحرمة في نفس الأمر، مستلزم للحرمة. وأمّا مجرّد الحرمة المتصورة: فليست مستلزمة لوجودها في نفس الأمر، بل قد يتصور في الأذهان ما لا [يوجد] 3 في الأعيان. والله أعلم.

1 في ((خ)) تجب. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

2 في ((خ)) : مدعي. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

3 في ((خ)) : يتصور يوجد بزيادة: يتصور. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

ص: 543