الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: الإيمان بالأنبياء من أركان الإيمان:
الإيمان بأنبياء الله ورسله ركنٌ من أركان الإيمان، فلا يتحقّق إيمان العبد حتى يؤمن بجميع الأنبياء، ويُصدّق بأنّ الله تعالى أرسلهم لهداية البشر، وإرشاد الخلق، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وأنّهم بلّغوا ما أُنزل إليهم من ربّهم البلاغ المبين، فبلّغوا الرسالة، وأدّوا الأمانة، ونصحوا الأمة، وجاهدوا في الله حقّ جهاده.
قال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة، 285] .
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة، 177] .
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بارزاً للنّاس، إذ أتاه رجل وهو جبريل يمشي، فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: " أن تؤمن بالله وملائكته ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر"1.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا بُدّ في الإيمان أن يؤمن العبد بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويؤمن بكلّ رسولٍ أرسله، وكلّ كتاب أنزله"2.
1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} ومسلم في صحيحه 1/39، كتاب الإيمان، باب أركان الإيمان.
2 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 77.
والإيمان بأنبياء الله تعالى لا يتمّ حتى يؤمن العبد بجميعهم من غير حصر، مَنْ قصّهم الله علينا، ومن لم يقصصهم؛ فقد أخبرنا جلّ وعلا أنّ هناك أنبياء لم يقصصهم علينا، قال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر، 78] .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "فنؤمن بما سمّى الله في كتابه من رسله، ونؤمن بأن لله سواهم رسلاً وأنبياء لا يعلم أسماءهم إلا الذي أرسلهم، ونؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وإيمانك به غير إيمانك بسائر الرسل؛ إيمانك بسائر الرسل: إقرارك بهم، وإيمانك بمحمد: إقرارك به وتصديقك إياه دائباً على ما جاء به، فإذا اتبعت ما جاء به أدّيت الفرائض، وأحللت الحلال، وحرّمت الحرام، ووقفت عند الشبهات، وسارعت في الخيرات"1.
وقال رحمه الله أيضاً: "من أطاع رسولاً واحداً فقد أطاع جميع الرسل، ومن آمن بواحدٍ منهم فقد آمن بالجميع، ومن عصى واحداً منهم فقد عصى الجميع، ومن كذّب واحداً منهم فقد كذّب الجميع؛ لأنّ كلّ رسولٍ يُصدّق الآخر ويقول: إنه رسول صادق، ويأمر بطاعته. فمن كذّب رسولاً فقد كذّب الذي صدّقه، ومن عصاه فقد عصى من أمر بطاعته"2.
1 مجموع الفتاوى 7/313.
2 مجموع الفتاوى 19/180. وانظر المصدر نفسه 19/185.