الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ فَأَخْبَرته فَقَالَ وَالله هَذَا الحَدِيث أطيب من كل غناء وخلع عَلَيْهِ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم
(فناخسرو)
3 -
(عضد الدولة بن بويه)
فناخسرو بن الْحسن بن بويه بن فناخسرو بن تَمام مخففاً ابْن كوهي بن شيرزيل الْأَصْغَر بن شيركدة بن شيرزيل الْأَكْبَر بن شيران شاه بن شيرفنه بن سستان شاه بن سسن فرو بن شروزيل ابْن سسناذ بن بهْرَام جور الْملك بن يزدجرد الْملك بن هُرْمُز الْملك كرمانشاه بن سَابُور الملمك بن سَابُور ذِي الأكتاف بن هُرْمُز الْملك بن نرسي الْملك بن بهْرَام الْملك بن بهْرَام الْملك بن هُرْمُز الْملك بن سَابُور الْملك بن أردشير الْملك الْجَامِع بن بابك بن ساسان الْأَصْغَر بن بابك بن ساسان الْأَكْبَر أَبُو شُجَاع ابْن أبي عَليّ ابْن أبي شُجَاع الملقب بعضد الدولة ابْن ركن الدولة كَانَ كَامِل الْعقل غزير الْفضل حسن السياسة شَدِيد الهيبة بعيد الهمة ذَا رَأْي ثاقب وتدبير صائب محباً للفضائل تاركاًُ للرذائل باذلاً فِي أَمَاكِن الْعَطاء حَتَّى لَا يُوجد بعده ممسكاً فِي أَمَاكِن الحزم حَتَّى كَأَن لَا جود عِنْده يستصغر الْأُمُور الْكِبَار ويستهون الْعَظِيم من الأخطار
وَكَانَ محباً للْعلم مشتغلاً بِهِ مقرباً لأَهله كثير المجالسة لَهُم مبالغاً فِي تعظيمهم
وَكَانَت لَهُ يَد فِي الْأَدَب متمكنة وَيَقُول الشّعْر الْجيد)
وَكَانَ أَبوهُ قد قدمه على اخوته وولاه ملك فَارس ورتب مَعَه أَبَا الْفضل ابْن العميد الْكَاتِب الْمَشْهُور فهذبه وأدبه
لما مرض عَمه عماد الدولة بِفَارِس أَتَاهُ أَخُوهُ ركن الدولة واتفقا على تَسْلِيم مملكة فَارس إِلَى أبي شُجَاع الْمَذْكُور فتسلمها بعد عَمه الْأَكْبَر عماد الدولة أبي الْحسن وَابْن عَمه بختيار بن معز الدولة
وَهَؤُلَاء كلهم مَعَ جلالتهم وَعظم شَأْنهمْ لم يبلغ أحد مِنْهُم مَا بلغه عضد الدولة من سَعَة المملكة والاستيلاء على الْمُلُوك وممالكهم فَإِنَّهُ جمع بَين مملكة الْمَذْكُورين وَضم إِلَى ذَلِك الْموصل وبلاد الجزيرة ودانت لَهُ الْبِلَاد والعباد
وَهُوَ أول من خُوطِبَ فِي الْإِسْلَام بِالْملكِ شاهنشاه وَأول من خطب لَهُ على المنابر بِبَغْدَاد بعد الْخَلِيفَة
وَكَانَ من جملَة ألقابه تَاج الْملَّة وَلما صنف ابو إِسْحَاق الصَّابِئ كتاب التاجي فِي أَخْبَار بني بويه أَضَافَهُ إِلَى هَذَا اللقب
وَوجدت لَهُ تذكرة فِيهَا مَكْتُوب إِذا فَرغْنَا من حل كتاب إقليدس كُله نتصدق بِعشْرين ألف دِرْهَم وَإِذا فَرغْنَا من كتاب أبي عَليّ النَّحْوِيّ نتصدق بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وكل ابْن
يُولد لنا نتصدق بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَإِن كَانَ من فُلَانَة فبخمسين ألف دِرْهَم
وَكَانَ يدْخلهُ فِي كل سنة ثَلَاثمِائَة ألف ألف وَعشْرين ألف ألف فَقَالَ أُرِيد أَن أبلغ بهَا ثَلَاثمِائَة ألف ألف وَسِتِّينَ ألف ألف ليَكُون دَخَلنَا كل يَوْم ألف ألف دِرْهَم
وَله صنف ابو عَليّ الْفَارِسِي كتاب الْإِيضَاح والتكملة فِي النَّحْو وقصده الشُّعَرَاء ومدحوه مِنْهُم أَبُو الطّيب المتنبي ورد عَلَيْهِ بشيراز فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة وَفِيه يَقُول من جملَة القصيدة الهائية
(وَقد رَأَيْت الْمُلُوك قاطبةً
…
وسرت حَتَّى رَأَيْت مَوْلَاهَا)
(وَمن مناياهم براحته
…
يأمرها فيهم وينهاها)
(أَبَا شجاعٍ بفارسٍ عضد
…
الدولة فناخسرو شهنشاها)
(أسمياً لم تزِدْه معرفَة
…
وَإِنَّمَا لَذَّة ذَكرنَاهَا)
وَفِيه يَقُول من جملَة القصيدة النونية)
(يَقُول بشعب بوانٍ حصاني
…
أعن هَذَا يسَار إِلَى الطعان)
(أبوكم آدمٌ سنّ الْمعاصِي
…
وعلمكم مُفَارقَة الْجنان)
(فَقلت إِذا رَأَيْت أَبَا شجاعٍ
…
سلوت عَن الْعباد وَذَا الْمَكَان)
(فَإِن النَّاس وَالدُّنْيَا طريقٌ
…
إِلَى من مَا لَهُ فِي الْخلق ثَان)
وَفِيه يَقُول القصيدة الكافية الَّتِي مِنْهَا
(أروح وَقد ختمت على فُؤَادِي
…
وقلبي أَن يحل بِهِ سواكا)
(وَقد حَملتنِي شكرا طَويلا
…
ثقيلاً لآ أُطِيق بِهِ حراكا)
وَمِمَّنْ مدحه أَيْضا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله السلَامِي بقصيدة مِنْهَا
(إِلَيْك طوى عرض البسيطة جاعلٌ
…
قصارى المطايا أَن يلوح لَهَا الْقصر)
(فَكنت وعزمي فِي الظلام وصارمي
…
ثَلَاثَة أشباهٍ كمات اجْتمع النسْر)
(وبشرت آمالي بملكٍ هُوَ الورى
…
ودارٍ هِيَ الدُّنْيَا ويومٍ هُوَ الدَّهْر)
وَأخذ الأرجاني هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ
(يَا سائلي عَنهُ لما جِئْت أمدحه
…
هَذَا هُوَ الرجل العاري من الْعَار)
(كم من شنوفٍ لطافٍ من محاسنه
…
علقن مِنْهُ على آذان سمار)
(لَقيته فَرَأَيْت النَّاس فِي رجلٍ
…
والدهر فِي ساعةٍ وَالْأَرْض فِي دَار)
وَمثل هَذَا قَول أبي الطي بالمتنبي
(هِيَ الْغَرَض الْأَقْصَى ورؤيتك المنى
…
ومنزلك الدُّنْيَا وَأَنت الْخَلَائق)
وَمن شعر عضد الدولة
(وفاؤك لازمٌ مَكْنُون قلبِي
…
وحبك غايتي والهم زادي)
(وخالك فِي عذارك فِي اللَّيَالِي
…
سوادٌ فِي سوادٍ فِي سَواد)
(فَإِن طاوعتني كَانَت ضيائي
…
وَإِن عاصيت كَانَت من حدادي)
وَمِنْه
(طربت إِلَى الصبوح مَعَ الصَّباح
…
وَشرب الكاس وَالْغرر الملاح)
(وَكَانَ الثَّلج كالكافور نثراً
…
ونارٌ عِنْد نارنجٍ وَرَاح)
(فمشروبٌ ومشمومٌ وثلجٌ
…
ونار والصبوح مَعَ الصَّباح)
)
(لهيبٌ فِي لهيبٍ فِي لهيبٍ
…
وصبحٌ فِي صباحٍ فِي صباح)
وَمِنْه
(أأفاق حِين وطِئت ضيق خناقه
…
يَبْغِي الْأمان وَكَانَ يَبْغِي صَارِمًا)
(فلأركبن عَزِيمَة عضديةً
…
تاجيةً تدع الْمُلُوك رواغما)
وَمِنْه
(هبني خضبت مشيبي
…
تسرتاً من حَبِيبِي)
(فَهَل أروح وأغدو
…
إِلَّا بوجهٍ مريب)
وَمِنْه فِي الخيري
(يَا طيب رائحةٍ من نفحة الخيري
…
إِذا تمزق جِلْبَاب الدياجير)
(كَأَنَّمَا رش بالماورد واغتبقت
…
بِهِ دواخن ند عِنْد تبخير)
(كَأَن أوراقه فِي الْقد أجنحةٌ
…
حمرٌ وصفر وبيضٌ من دَنَانِير)
وَمِنْه
(لَيْسَ شرب الراح إِلَّا فِي الْمَطَر
…
وغناءٌ من جوارٍ فِي السحر)
(غانياتٌ سالباتٌ للنهى
…
ناغماتٌ فِي تضاعيف الْوتر)
(مبرزات الكأس من مطْلعهَا
…
ساقيات الراح من فاق الْبشر)
(عضد الدولة وَابْن ركنها
…
ملك الْأَمْلَاك غلاب الْقدر)
وَلم يفلح من بعد هَذَا الْبَيْت
وَلما احْتضرَ لم ينْطق إِلَّا بِتِلَاوَة مَا أغْنى عني ماليه هلك عني سلطانيه وَيُقَال إِنَّه مَا عَاشَ بعد هَذِه الأبيات إِلَّا قَلِيلا وَتُوفِّي بعلة الصرع يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة بِبَغْدَاد وَدفن بدار الْملك ثمَّ نقل تابوته إِلَى الْكُوفَة وَدفن بمشهد عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وعمره سبع وَأَرْبَعُونَ سنة وَأحد عشر شهرا وَثَلَاثَة أَيَّام
والبيمارستان العضدي بِبَغْدَاد مَنْسُوب إِلَيْهِ أعد لَهُ من الْآلَات مَا يقصر الشَّرْح عَنهُ
وَهُوَ الَّذِي أظهر قبر عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه بِالْكُوفَةِ وَبنى عَلَيْهِ المشهد وعزم عَلَيْهِ أَمْوَالًا عَظِيمَة
وَلما ملك الأهواز وَالْبَصْرَة وواسط توجه إِلَى بَغْدَاد فَاسْتَقْبلهُ النَّاس الْخَاص وَالْعَام وَخرج)
الإِمَام الطائع لتلقيه فِي الطيار واجتمعا فِي دجلة وَدخل بَغْدَاد مجتازاً فِي قصبتها حَتَّى نزل بَاب الشماسية ثمَّ انْتقل إِلَى دَاره لتسْع ليالٍ خلون من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسِتِّينَ وَحضر إِلَى دَار الْخلَافَة وخلع الطائع عَلَيْهِ خلع المملكة وسوره وطوقه وعهد إِلَيْهِ وَقُرِئَ الْعَهْد بِحَضْرَة الْخَلِيفَة وعقدت لَهُ الألوية وألبس التَّاج المرصع بالجواهر الثمينة وَعَاد إِلَى دَاره وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَكَانَ شِيعِيًّا وَله بَغْدَاد آثَار حَسَنَة
وَكَانَ فَاضلا نحوياً لَهُ مُشَاركَة فِي عدَّة فنون
ويحكى أَن عضد الدولة كَانَ قد أَمر أَبَا عَليّ النديم بملازمته وأفرد لَهُ دَارا عِنْده فَقَالَ أَبُو عَليّ إِنِّي مَا أقدر على الْإِقَامَة لِأَنِّي كثير الْأكل فَأمر حَاجِبه أَن يرتب لَهُ فِي كل يَوْم