الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو خَيْثَمَة وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي وَغَيرهم
قَالَ بشر بن عبد الْوَاحِد رَأَيْت أَبَا نعيم فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله بك يَعْنِي فِيمَا كَانَ يَأْخُذ على الحَدِيث فَقَالَ نظر القَاضِي فِي أَمْرِي فوجدني ذَا عِيَال فَعَفَا عني وَكَانَ أَبُو نعيم أجلّ شيخ للْبُخَارِيّ
وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 -
(أَبُو البركات كَاتب صَاحب حماة)
الْفضل بن سَالم بن مرشد أَبُو البركات التنوخي المعري الْكَاتِب صَاحب الْإِنْشَاء والترسل لصَاحب حماة روى عَن أَبِيه وَكَانَ ذَا حظوة وَتقدم عِنْد مخدومه وَله شعر
توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 -
(وَزِير الْمَأْمُون)
الْفضل بن سهل أَبُو الْعَبَّاس السَّرخسِيّ أَخُو الْحسن بن سهل وَقد تقدم ذكر أَخِيه فِي مَكَانَهُ)
من حرف الْحَاء أسلم على يَد الْمَأْمُون سنة تسعين وَمِائَة وَقيل إِن أَبَا سهل أسلم على يَد الْمهْدي ووزر الْفضل لِلْمَأْمُونِ وَاسْتولى عَلَيْهِ حَتَّى ضايقه فِي جَارِيَة أَرَادَ شِرَائهَا
وَلما عزم يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي على اسْتِخْدَام الْفضل لِلْمَأْمُونِ وَصفه بِحَضْرَة الرشيد فَقَالَ الرشيد أوصله إِلَيّ فَلَمَّا أدخلهُ لحقته حيرة فَنظر الرشيد إِلَى الْوَزير يحيى نظر مُنكر لاختياره لَهُ فَقَالَ الْفضل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن من أعدل الشواهد على فراهة الْمَمْلُوك أَن تملك قلبه هَيْبَة سَيّده فَقَالَ الرشيد لَئِن كنت سكت لتوصغ هَذَا الْكَلَام لقد أَحْسَنت وَإِن كَانَ بديهة لأحسن وَأحسن ثمَّ لم يسْأَله بعد ذَلِك عَن شَيْء إِلَّا أجَاب بِمَا يصدق وصف يحيى لَهُ
وَكَانَت لَهُ فَضَائِل وَكَانَ يلقب ذَا الرياستين لِأَنَّهُ تقلد الوزارة وَالسيف وَكَانَ يتشيع وَكَانَ من أخبر النَّاس بِعلم النجامة وَأَكْثَرهم إِصَابَة فِي أَحْكَامه
يُقَال أَنه اخْتَار لطاهر بن الْحُسَيْن لما خرج إِلَى الْأمين وقتا وَعقد لَهُ فِيهِ لِوَاء وَسلمهُ إِلَيْهِ وَقَالَ عقدت لَك لِوَاء لَا يحل خمْسا وَسِتِّينَ سنة
وَكَانَ بَين خُرُوج طَاهِر ذَلِك الْوَقْت إِلَى أَن قبض يَعْقُوب بن اللَّيْث الصفار على مُحَمَّد بن طَاهِر بن عبد الله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بنيسابور سِتُّونَ سنة
وَلما توفّي الْفضل طلب الْمَأْمُون من وَالِدَة الْفضل مَا خَلفه فَحملت إِلَيْهِ سلة مختومة مقفلة فَفتح قفلها فَإِذا صندوق صَغِير مختوم وَإِذا فِيهِ درج وَفِي الدرج مَكْتُوب بِخَطِّهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا قضى الْفضل بن سهل على نَفسه قضى أَنه يعِيش
ثمانياً وَأَرْبَعين سنة ثمَّ يقتل بَين مَاء ونار فَعَاشَ هَذِه الْمدَّة وَقَتله غَالب خَادِم الْمَأْمُون فِي حمام بسرخس وَكَانَ قد ثقل أمره على الْمَأْمُون فَدس عَلَيْهِ غَالِبا مغافصة وَمَعَهُ جمَاعَة وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَقيل ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ
وَفِيه يَقُول مُسلم بن الْوَلِيد
(أَقمت خلَافَة وأزلت أُخْرَى
…
جليلٌ مَا أَقمت وَمَا أزلتا)
وَفِيه يَقُول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي
(لفضل بن سهل يدٌ
…
تقاصر عَنْهَا الْمثل)
(فنائلها للغنى
…
وسطوتها للأجل)
(وباطنها للندى
…
وظاهرها للقبل)
)
وَفِيه يَقُول ابْن أَيُّوب التَّمِيمِي
(لعمرك مَا الْأَشْرَاف فِي كل بلدةٍ
…
وَإِن عظموا للفضل إِلَّا صنائع)
(ترى عُظَمَاء النَّاس للفضل خشعاً
…
إِذا مَا بدا وَالْفضل لله خاشع)
(تواضع لما زَاده الله رفْعَة
…
وكل جليلٍ عِنْده متواضع)
وَقَالَ الْفضل يَوْمًا لثمامة بن الأشرس مَا أَدْرِي مَا أصنع فِي طلاب الْحَاجَات فقد كَثُرُوا عَليّ وأضجروني فَقَالَ لَهُ زل من موضعك وَعلي أَن لَا يلقاك أحد مِنْهُم قَالَ صدقت ثمَّ إِنَّه انتصب لقَضَاء أشغال النَّاس
قَالَ الْحسن بن سهل لما قتل المخلوع جمعت حَمْزَة العطارة وَكَانَت تتولى خزن الْجَوْهَر مَا بَقِي من الْجَوْهَر بعد مَا فرقه المخلوع ووهبه وشخصت بِهِ إِلَى خُرَاسَان ووردت على الْمَأْمُون وَمَعَهَا جمع كثير من الخدم الْبيض والسود وَالنِّسَاء الَّذين كَانُوا حفظَة خَزَائِن الْجَوْهَر فَبعث الْمَأْمُون إِلَى ذِي الرياستين الْفضل بن سهل وعَلى من فِي خدمته ليعرض الْجَوْهَر عَلَيْهِم فأحضرت حَمْزَة العطارة أسفاط الْجَوْهَر وخرائط كَثِيرَة وعَلى كل خريطة ورقة رقْعَة بِعَدَد مَا فِيهِ من الْجَوْهَر وأصنافه وأوزانه وَقِيمَته فَقَالَ الْمَأْمُون يَا أَبَا مُحَمَّد أرج قيمَة هَذَا الْجَوْهَر فأرجتها فبلغت ألف ألف ألف ثَلَاث مَرَّات وَمِائَة ألف ألف مرَّتَيْنِ وَسِتَّة عشر ألف ألف دِرْهَم مرَّتَيْنِ فتحمد الْمَأْمُون الله عز وجل وشكره وشكر الْفضل شكرا كثراً
وَوصف تَدْبيره وَكَثْرَة مناقبه وَحسن آثاره فِي خدمته وَفِي دولته ثمَّ قَالَ لَهُ وَقد جعلت هَذَا الْجَوْهَر لَك فأكب ذُو الرياستين على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ يقبلهما وَيَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا جَوْهَر الْخلَافَة وَذُخْرهَا فَكيف آخذه وَمَا أصنع بِهِ واستعفاه فَقَالَ فَخذ نصفه فَنَاشَدَهُ الله فَقَالَ فَخذ النيف على آلَاف آلَاف الْألف فَأبى فَضرب الْمَأْمُون يَده إِلَى عقد قِيمَته ألف ألف دِينَار وَقَالَ فَخذ هَذَا العقد وَحده فَامْتنعَ فَغَضب الْمَأْمُون وَكنت إِلَى جَانب أخي وَقلت لَهُ قد راجعت الْأَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى أغضبته فَخذه ثمَّ اررده وقتا آخر فَأَخذه فانصرفنا فَدَعَا بِعَبْد الله بن بشير قهرمانه فَدفعهُ إِلَيْهِ
قَالَ الْحسن فَحَدثني عبد الله قَالَ بَينا أَنا لَيْلَة من اللَّيَالِي فِي فلراشي إِذْ أَتَانِي رَسُول ذِي الرياستين فِي الْحُضُور فَحَضَرت فَوَجَدته قَاعِدا فِي فرَاشه وَعَلِيهِ صدار وَإِزَار فَقَالَ أحضرني العقد السَّاعَة فأحضرته وَكَانَ فِي سفطين أَحدهمَا دَاخل الآخر فَنظر إِلَيْهِ ورده)
وَقَالَ أكاتب فِي الْجلد بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أحضرني أَمِير الْمُؤمنِينَ يَوْم كَذَا من شهر كَذَا سنة كَذَا ودعا بِحَمْزَة العطارة فعرضت عَلَيْهِ مَا قدمت بِهِ من الْجَوَاهِر الَّتِي سلمت بعد الْفِتْنَة وأرجنا قِيمَته بَين يَدَيْهِ على مَا ثَبت فِي الرّقاع الْمَوْجُودَة عَلَيْهِ وَذكر الْقيمَة فوهبه لي أَمِير الْمُؤمنِينَ فاستعفيت وراجعني وَأَمرَنِي بِأخذ نصفه فامتنعت فَأمرنِي بِأخذ مَا ينيف على آلَاف آلَاف الْألف فامتنعت فَأخذ هَذَا العقد وَقِيمَته ألف ألف دِينَار فَدفعهُ إِلَيّ فامتنعت فازداد غَضَبه فَأَخَذته مِنْهُ مُعْتَقدًا أَنه وَدِيعَة عِنْدِي فَإِن حدث بِي فِي هَذِه اللَّيْلَة أَو فِيمَا بعْدهَا حدث فَهَذَا العقد للْإِمَام الْمَأْمُون أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ لي وَلَا لورثتي فِيهِ قَلِيل وَلَا كثير
ثمَّ علق الْجلد على السفط وختمه وَأَمرَنِي بإحرازه
وَلما قتل الْفضل أحضر الْمَأْمُون كل من اتهمَ بقتْله وَضرب أَعْنَاقهم وَبعث برؤوسهم إِلَى أَخِيه الْحسن بن سهل وَمِنْهُم سراج الْخَادِم وَقد مر ذكره مَكَانَهُ وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان وَقد مر ذكره مَكَانَهُ ومؤنس الْخَادِم وسوف يَأْتِي ذكره مَكَانَهُ
قَالَ الْفضل بن مَرْوَان قَالَ لي الْمَأْمُون اجتهدت بِالْفَضْلِ بن سهل كل الْجهد أَن أزَوجهُ بعض بَنَاتِي فَأبى وَقَالَ لَو قتلتني مَا فعلت
وَفِي تلقيبه بِذِي الرياستين يَقُول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس من يلقب بِغَيْر معنى فقد لقبت يَا ذَا الرياستين بِحَق وَإِذا مَا الخطوب جلت وكاع الْقَوْم عَنْهَا فِي رتق أمرٍ وفتق
(بذهم ذُو الرياستين برأيٍ
…
واعتزامٍ مِنْهُ بحزمٍ ورفق)
(نصحه للْإِمَام نصح طباعٍ
…
لَا اختلافٍ وَلَا مشوب بمذق)
وَكَانَ الْفضل بن سهل أول وَزِير لقب وَأول وَزِير اجْتمع لَهُ الوزارة واللقب والتأمير
وَلما مَاتَ قَالَ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يرثيه بقصيدة مِنْهَا
(إِحْدَى الملات الجلائل
…
أودت بفضلٍ والفضائل)
(برزت غَدَاة حلولها
…
من كل منزلةٍ بثاكل)
يَا ذَا الرياسة والسياسة وَابْن ذادتها الْأَوَائِل عمرت ببهجتك الْقُبُور وأوحشت مِنْك الْمنَازل
(وَالْأَرْض أصبح ظهرهَا
…
وحشاً وبطن الأَرْض آهل)
)
كَانَت حياتك للعفاة وَيَوْم موتك للواحل الْيَوْم أعفيت المطيعطى لضَرُورَة الْحل وعطلت مِنْهَا الرَّوَاحِل الْيَوْم أيتمت العفاة وصال بِالْإِسْلَامِ صائل
(من للعديم وللغريم
…
ولليتامى والأرامل)
من يحمل الْخطب الْجَلِيل ويقصم البطل الحلاحل
(نزلت بآل محمدٍ
…
وَالنَّاس منسية النَّوَازِل)
درست سَبِيل الراغبين وعطلت مِنْهَا المناهل
(يَا فضل دَعْوَة لائذ
…
فِي الْحزن والدرر الهوامل)
عدم الأسى فِيك الْمُصَاب وَأَنت أسرة كل هابل
(الْمَوْت بعْدك نعمةٌ
…
والعيش بعْدك غير طائل)
(مَا مت بل مَاتَ الَّذِي
…
أبقيت من عافٍ وآمل)
إِمَّا يَزُول بك الزَّمَان فَإِن ذكرك غير زائل مَا مَاتَ من حسن أَخُوهُ وَمثله فِي مَا يحاول وَقَالَ فِيهِ مُسلم بن الْوَلِيد
(ذهلت فَلم أمنع عَلَيْك بعبرةٍ
…
وأكبرت أَن ألفى بيومك ناعيا)
(فَلَمَّا بدا لي أَنه لاعج الأسى
…
وَأَن لس إِلَّا الدمع للعين شافيا)