الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(كافور)
3 -
(كافور الأخشيدي)
كافور أَبُو الْمسك الْخَادِم السود الحبشي الْأُسْتَاذ الأخشيدي السُّلْطَان اشْتَرَاهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن طغج الأخشيد من بعض رُؤَسَاء المصريين
وَكَانَ أسود بصاصاً أبيع بِثمَانِيَة عشر دِينَارا ثمَّ تقدم عِنْده لعقله ورأيه وسعده إِلَى أَن كَانَ من كبار القواد وجهزه فِي جَيش لِحَرْب سيف الدولة
ثمَّ لما مَاتَ أستاذه صَار أتابك وَلَده أبي الْقَاسِم أنوجور وَكَانَ صَبيا فغلب كافور على)
الْأُمُور قَالَ وَكيله خدمت كافوراً وراتبه كل يَوْم ثَلَاثَة عشر جراية وَتُوفِّي وَقد بلغت ثَلَاثَة عشر ألف جراية
ولي أنوجور ملكة مصر وَالشَّام إِلَّا الْيَسِير بِعقد الراضي بِاللَّه وَالْمُدبر لَهُ كافور فَمَاتَ أنوجور سنة تسع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وأقيك مَكَانَهُ أَخُوهُ أَبُو الْحسن عَليّ وَمَات فِي أول سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة فاستقل كافور بِالْأَمر وَركب فِي الدست بخلع أظهر أَنَّهَا جَاءَتْهُ من الْخَلِيفَة وتقليد
وَتمّ لَهُ الْأَمر وَلم يبلغ أحد من الخدم مَا بلغه
وَكَانَ ذكياً لَهُ نظر فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب وَالْعلم
وَمِمَّنْ كَانَ فِي خدمته إِبْرَاهِيم النجيرمي صَاحب الزّجاج النَّحْوِيّ
وَكَانَت لأيامه سديدة جميلَة ودعي لَهُ على المنابر بالحجاز ومصر وَالشَّام والثغور طرسوس والمصيصة واستقل بِملك مصر سنتَيْن وَأَرْبَعَة أشهر وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَخمسين وثلاثمائة وعاش بضعاً وَسِتِّينَ سنة وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى وَكَانَ وزيره أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْفُرَات
وَكَانَ كافور يحب الْخَيْر قَالَ بَعضهم حضرت مجْلِس كافور فَدخل رجل ودعا لَهُ وَقَالَ أدام الله أَيَّام مَوْلَانَا بِكَسْر الْمِيم فَتحدث جمَاعَة من الْحَاضِرين فِي ذَلِك وعابوه عَلَيْهِ فَقَالَ رجل من أوساط النَّاس وَهُوَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن حشيش الجيزي اللّغَوِيّ الأخباري كَاتب كافور وَالَّذِي دَعَا لكافور ولحن هُوَ أَبُو الْفضل ابْن ميحاس
وَأنْشد أَبُو إِسْحَاق الْمَذْكُور مرتجلاً
(لَا غرو أَن لحن الدَّاعِي لسيدنا
…
وغص من دهشٍ بالريق أَو بهر)
(فَتلك هيبته حَالَتْ جلالتها
…
بَين الأديب وَبَين القَوْل بالحصر)
(وَإِن يكن خفض الْأَيَّام من غلطٍ
…
فِي مَوضِع النصب لَا عَن قلَّة النّظر)
(فقد تفاءلت من هَذَا لسيدنا
…
والفأل نأثره عَن سيد الْبشر)
(بِأَن أَيَّامه خفضٌ بِلَا نصبٍ
…
وَأَن أوقاته صفوٌ بِلَا كدر)
وَكَانَ كافور لَا يَأْخُذ نَفسه برئاسة كَبِيرَة
يُقَال إِنَّه كَانَ يَوْمًا ماراً فِي الكافوري بِالْقَاهِرَةِ فصاحت امْرَأَة يَا كافور وَهُوَ غافل فَالْتَفت)
إِلَيْهَا وَرَأى أَن ذَلِك نقص مِنْهُ وهفوة
وَكَانَ كلما مر هُنَاكَ الْتفت وَلم تزل عَادَته إِلَى ان مَاتَ
وَيُقَال أَيْضا إِنَّه مر يَوْمًا برا بَاب اللوق وأناس من الحرافيش السودَان يضْربُونَ بالطبيلة ويرقصون فنسي روحه وهز كتفه طَربا وَلم يزل بعد ذَلِك يهزها كل قَلِيل إِلَى أَن مَاتَ
ومدحه أَبُو الطّيب المتنبي بقصائده الطنانة فَمن ذَلِك قصيدته الَّتِي مِنْهَا
(وخيلاً مددنا بَين آذانها القنا
…
فبتن خافاً يتبعن العواليا)
(نجاذب مِنْهَا فِي الصَّباح أَعِنَّة
…
كَأَن على الْأَعْنَاق مِنْهَا أفاعيا)
(قواصد كافورٍ توارك غَيره
…
وَمن قصد الْبَحْر اسْتَقل السواقيا)
(فَجَاءَت بِنَا إِنْسَان عين زَمَانه
…
وخلت بَيَاضًا خلفهَا ومآقيا)
مِنْهَا
(ويحتقر الدُّنْيَا احتقار مجربٍ
…
يرى كل مَا فِيهَا وحاشاه فانيا)
وَقَالَ فِيهِ قصيدته الَّتِي أَولهَا
(أغالب فِيك الشوق والشوق أغلب
…
وأعجب من ذَا الهجر والوصل أعجب)
مِنْهَا
(وأخلاق كافورٍ إِذا شِئْت مدحه
…
وَإِن لم أشأ تملي عَليّ وأكتب)
(إِذا ترك الْإِنْسَان أَهلا وَرَاءه
…
ويمم كافوراً فَمَا يتغرب)
وَيُقَال إِنَّه لما فرغ مِنْهَا قَالَ يعز عَليّ أَن تكون هَذِه فِي غير سيف الدولة
وَحكي أَنه قَالَ كنت إِذا دخلت على كافور أنْشدهُ يضْحك غلي ويبش فِي وَجْهي
إِلَى أَن أنشدته قصيدتي الَّتِي مِنْهَا
(وَلما صَار ود النَّاس خباً
…
جزيت على ابتسامٍ بابتسام)
(وصرت أَشك فِي من أصطفيه
…
لعلمي أَنه بعض الْأَنَام)
قَالَ فَمَا ضحك بعْدهَا فِي وَجْهي إِلَى أَن تفرقنا فعجبت من فطنته وذكائه
ولبي الطّيب فِيهِ الأهاجي المؤلمة مثل قَوْله
(مَا كنت أحسبني أَحْيَا إِلَى زمنٍِ
…
يسيء بِي فِيهِ كلب وَهُوَ مَحْمُود)
(وَأَن ذَا السود المثقوب مشفره
…
تُطِيعهُ ذِي الغضاريط الرعاديد)
)
(أكلما اغتال عبد السوء سَيّده
…
أَو خانه فَلهُ فِي مصر تمهيد)
(نَامَتْ نواطير مصرٍ عَن ثعالبها
…
وَقد بشمن فَمَا تفنى العناقيد)
(العَبْد لَيْسَ لحر صالحٍ بأخٍ
…
لَو أَنه فِي ثِيَاب الْخَزّ مَوْلُود)
(لَا تشتر العَبْد إِلَّا والعصا مَعَه
…
إِن العبيد لأنجاس مناكيد)
(من علم الْأسود المخصي مكرمةٍ
…
أقومه الْبيض أم آباؤه الصَّيْد)
(أم أُذُنه فِي يَد النخاس داميةً
…
أم قدره وَهُوَ بالفلسين مَرْدُود)
(من كل رخو وكاء الْبَطن منفتق
…
لَا فِي الرِّجَال وَلَا النسوان مَعْدُود)
(مَا يقبض الْمَوْت نفسا م نُفُوسهم
…
إِلَّا وَفِي يَده م نتنها عود)
(أولى اللئام كوفير بمعذرةٍ
…
فِي كل لؤم وَبَعض الْعذر تفنيد)
(وَذَاكَ أَن الفحول الْبيض عاجزةٌ
…
عَن الْجَمِيل فَكيف الخصية السود)
وَمثل قَوْله أَيْضا
(من أَيَّة الطّرق يَأْتِي مثلك الْكَرم
…
أَيْن المحاجم يَا كافور والجلم)
(لَا شَيْء أقبح من فحلٍ لَهُ ذكر
…
تقوده أمةٌ لَيست لَهَا رحم)
وَله فِيهِ غير ذَلِك
وَمن قصائده الطنانات فِيهِ قَوْله
(عَدوك مذمومٌ بِكُل لسانٍ
…
وَلَو كَانَ من أعدائك القمران)