الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أجد بِعُمْرَة غنيانها
…
فتهجو أم شَأْننَا شَأْنهَا)
(فَإِن تمس قد شحطت دارها
…
وَبَان لَك الْيَوْم هجرانها)
(فَمَا رَوْضَة من رياض القطا
…
كَأَن المصابيح حودانها)
(بِأَحْسَن مِنْهَا وَلَا مزنة
…
دلوح تكشف أدجانها)
وَعمرَة من سروات النِّسَاء تنفح بالمسك أردانها وَمِنْه
(وَمَا بعض الْإِقَامَة فِي ديارٍ
…
يهان بهَا الْفَتى إِلَّا عناء)
(وَبَعض خلائق القوام داءٌ
…
كداء الْبَطن لَيْسَ لَهُ دَوَاء)
(يُرِيد الْمَرْء أَن يعْطى مناه
…
ويأبى الله غلا مَا يَشَاء)
(وكل شديدةٍ نزلت بقومٍ
…
سَيَأْتِي بعد شدتها رخاء)
(فَلَا يعْطى الْحَرِيص غنى بحرصٍ
…
وَقد ينمى على الْجُود الثراء)
(غَنِي النَّفس مَا عمرت غَنِي
…
وفقر النَّفس مَا عمرت شقاء)
(وَلَيْسَ بنافعٍ ذَا الْبُخْل مالٌ
…
وَلَا مزرٍ بِصَاحِبِهِ السخاء)
(وَبَعض القَوْل لَيْسَ لَهُ عياجٌ
…
كمخض المَاء لَيْسَ لَهُ إتاء)
)
(وَبَعض الدَّاء ملتمسٌ شفَاه
…
وداء النوك لَيْسَ لَهُ شِفَاء)
3 -
(صَاحب لبنى)
قيس بن ذريح بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالْيَاء آخر الخروف وحاء مُهْملَة الْكِنَانِي صَاحب لبنى قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ رضيعاً لِلْحسنِ بن عَليّ عليهما السلام
مر بخيام بني كَعْب والحي خلوف فَوقف على خيمة لبنى بنت الْحباب فَاسْتَسْقَى مَاء فسقته وَكَانَت امْرَأَة مديدة الْقَامَة شهلاء حلوة المنظر وَالْكَلَام فَلَمَّا رَآهَا وَقعت فِي نَفسه
وَشرب المَاء فَقَالَت لَهُ انْزِلْ فتبرد عندنَا قَالَ نعم فَنزل بهم
وَجَاء أَبوهَا فَنحر لَهُ وأكرمه وَانْصَرف قيس وَفِي قلبه من لبنى فَجعل ينْطق بالشعر فِيهَا حَتَّى شاع وَرُوِيَ
ثمَّ أَتَاهَا يَوْمًا آخر وَقد اشْتَدَّ وجده بهَا فَسلم وَظَهَرت لَهُ وتحفت بِهِ فَشَكا إِلَيْهَا مَا يجد من حبها وَشَكتْ
إِلَيْهِ مثل ذَلِك
وَانْصَرف إِلَى أَبِيه وَسَأَلَهُ زواجها فَأبى عَلَيْهِ وَقَالَ بَنَات عمك أَحَق بك
وَكَانَ ذريح كثير المَال فَانْصَرف قيس وَقد سَاءَهُ مَا خَاطب بِهِ فاستعان بِأُمِّهِ على أَبِيه فَلم يجد عِنْدهَا مَا يحب فَأتى الْحُسَيْن بن عَليّ رضي الله عنهما وَابْن أبي عَتيق وَكَانَ صديقه وشكا مَا بِهِ
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْن أَنا أكفيك وَمَشى مَعَه إِلَى أبي لبنى فَلَمَّا بصر بِهِ أعظمه فَقَالَ قد جئْتُك خاطباً ابْنَتك لقيس بن ذريح فَقَالَ يَا ابْن رَسُول الله مَا كُنَّا لنعصي لَك أمرا وَمَا بِنَا عَن الْفَتى رَغْبَة وَلَكِن أحب الْأَمريْنِ إِلَيْنَا أَن يخطبها ذريح أَبوهُ فَإنَّا نَخَاف إِن لم يسغْ أَبوهُ هَذَا أَن يكون عاراً علينا وسبة
فَأتى الْحُسَيْن رضي الله عنه ذريحاً وَقَومه فأعظموه فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا خطبت لبنى على قيس قَالَ السّمع وَالطَّاعَة لأمرك
وَخرج فِي وُجُوه قومه وخطبها لِابْنِهِ وزوجه إِيَّاهَا وزنت إِلَيْهِ وَأقَام مَعهَا مُدَّة لَا يُنكر أحد من صَاحبه شَيْئا
وَكَانَ أبر النَّاس بِأَبِيهِ فألهاه عكوفه على لبنى عَن بعض ذَلِك وَوجدت أمه فِي نَفسهَا وَقَالَت)
لبيه لقد خشيت أَن يَمُوت قيس وَلم يتْرك خلفا وَقد حرم الْوَلَد من هَذِه الْمَرْأَة وَأَنت ذُو مَال فَيصير مَالك إِلَى الْكَلَالَة فَزَوجهُ بغَيْرهَا لَعَلَّ الله يرزقه ولدا وألحت عَلَيْهِ
فأمهل قيسا حَتَّى اجْتمع قومه فَدَعَاهُ وَقَالَ يَا قيس إِنَّك اعتللت هَذِه الْعلَّة فَخفت عَلَيْك وَلَا ولد لي وساك وَهَذِه الْمَرْأَة لَيست بولود فَتزَوج غَيرهَا من بَنَات عمك لَعَلَّ الله يهب لَك ولدا تقر بِهِ أَعيننَا فَقَالَ قيس لَا أَتزوّج غَيرهَا أبدا قَالَ أَبوهُ إِن فِي مَالِي سَعَة فتسر بالإماء قَالَ وَلَا أسوءها بِشَيْء قَالَ أَبوهُ فأقسمت عَلَيْك إِلَّا طَلقتهَا قَالَ الْمَوْت عِنْدِي وَالله اسهل من ذَلِك وَلَكِنِّي أخيرك خصْلَة من ثَلَاث خِصَال قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ تزوج أَنْت لَعَلَّ الله يرزقك ولدا غَيْرِي قَالَ مَا فِي فضل لذَلِك قَالَ فَدَعْنِي ارحل عَنْك بأهلي واصنع مَا كنت صانع لَو مت فِي علتي هَذِه قَالَ وَلَا هَذِه قَالَ ادْع لبنى عنْدك وأرتحل عَنْك فلعلي اسلوها فَإِن مَا أحب أَن نَفسِي طيبَة أَنَّهَا فِي خيالي قَالَ لَا أرْضى أَو نطلقها وَحلف أَن لَا يكنه سقف أبدا حَتَّى يُطلق لبنى
وَكَانَ يخرج فيقف فِي الشَّمْس فَيَجِيء قيس فيقف إِلَى جَانِبه ويظله بردائه وَيصلى هُوَ بَحر الشَّمْس حَتَّى يفِيء الْفَيْء فَيَنْصَرِف عَنهُ وَيدخل إِلَى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي مَعَه وَتقول يَا قيس لَا تُطِع أَبَاك تهْلك وتهلكني فَيَقُول مَا كنت لطيع فِيك أحدا أبدا
فَيُقَال إِنَّه مكث كَذَلِك سنة وَقيل بل أَرْبَعِينَ يوماًَ ثمَّ طَلقهَا
فَلَمَّا بَانَتْ بِطَلَاقِهَا وَفرغ من الْكَلَام لم يلبث أَن استطير عقله وَذهب بِهِ ولحقه مثل الْجُنُون وأسف وَجعل يبكي وينشج
وَبَلغهَا الْخَبَر فَأرْسلت إِلَى أَبِيهَا فَأقبل بهودج على نَاقَة وإبل تحمل أثاثها فَلَمَّا رأى قيس ذَلِك اقبل على جاريتها وَقَالَ وَيحك مَا دهاني فِيكُم قَالَت لَا تسلني وسل لبنى فَذهب إِلَى خبائها ليسلم عَلَيْهَا ويسألها فَمَنعه قَومهَا
وَأَقْبَلت عَلَيْهِ امْرَأَة من قومه فَقَالَت مَا لَك تسال كَأَنَّك جَاهِل أَو تتجاهل هَذِه لبنى ترحل اللَّيْلَة أَو
غَدا فَسقط مغشياً عَلَيْهِ لَا يعقل ثمَّ أَفَاق وَهُوَ يَقُول
(وَإِنِّي لمفنٍ دمع عَيْني بالبكا
…
حذار الَّذِي قد كَانَ أَو هُوَ كَائِن)
(وَقَالُوا غَد أَو بعد ذَاك بليلةٍ
…
فِرَاق حبيبٍ لم يبن وَهُوَ بَائِن)
(وَمَا كنت أخْشَى أَن تكون منيتي
…
بكفك إِلَّا أَن مَا حَان حائن)
)
وَاشْتَدَّ مَرضه فَسَأَلَ أَبوهُ فتيات الْحَيّ أَن يعدنه ويتحدثن عِنْده لَعَلَّه يتسلى فأتينه وجلسن عِنْده
وجاءه طَبِيب يداويه فَقَالَ
(عيد قيسٍ من حب لبنى ولبنى
…
دَاء قيسٍ وَالْحب دَاء شَدِيد)
(فَإِذا عادني العوائد يَوْمًا
…
قَالَت الْعين لَا أرى من أُرِيد)
(لَيْت لبنى تعودني ثمَّ اقضي
…
إِنَّهَا لَا تعود فِي من يعود)
(وَيْح قيسٍ مَاذَا تضمن مِنْهَا
…
دَاء خبلٍ وَالْقلب مِنْهَا عميد)
فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب مذ كم وجدت الْعلَّة بِهَذِهِ الْمَرْأَة فَقَالَ
(تعلق روحي روحها قبل خلقنَا
…
وَمن بعد مَا كُنَّا نطافاً وَفِي المهد)
(فَزَاد كَمَا زِدْنَا فَأصْبح نامياً
…
وَلَيْسَ إِذا متْنا بمنفصم العقد)
(وَلكنه باقٍ على كل حادثٍ
…
وزائرنا فِي ظلمَة الْقَبْر واللحد)
وَمن شعره فِيهَا قَوْله
(وَفِي عُرْوَة العذري إِن مت أسوةٌ
…
وَعَمْرو بن عجلَان الَّذِي قتلت هِنْد)
(وَفِي مثل مَا مَاتَا بِهِ غير أنني
…
إِلَى أجلٍ لم يأتني وقته بعد)
(هَل الْحبّ إِلَّا عِبْرَة ثمَّ زفرَة
…
وحر على الأحشاء لَيْسَ لَهُ برد)
(وفيض دموعٍ تستهل إِذا بدا
…
لنا علمٌ من أَرْضكُم لم يكن يَبْدُو)
وشكا أَبُو لبنى قيسا إِلَى مُعَاوِيَة وأعلمه بتعرضه لَهَا بعد الطَّلَاق فَكتب إِلَى مَرْوَان بن الحكم بهدر دَمه وَأمر أَبَاهَا أَن يُزَوّجهَا بِخَالِد بن حلزة من غطفان
فَلَمَّا علم قيس بذلك جزع جزعاً شَدِيدا وَقَالَ