المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌النجار الْمُقْرِئ   34 - النجار الْمُقْرِئ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن صابر - الوافي بالوفيات - جـ ٢٩

[الصفدي]

الفصل: ‌ ‌النجار الْمُقْرِئ   34 - النجار الْمُقْرِئ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن صابر

‌النجار الْمُقْرِئ

34 -

النجار الْمُقْرِئ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن صابر بن نائل بن مُحَمَّد الربعِي أَبُو مُحَمَّد النجار الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ حفظ الْقُرْآن وتفقه على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَانْقطع فِي بَيته يقرئ الصّبيان وَيكْتب الْمَصَاحِف وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة بالبيمارستان العضدي وَقد بلغ السِّتين أَو جاوزها

‌البابي

35 -

البابي يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن نصر أَبُو الْقَاسِم البابي قدم بَغْدَاد حَاجا سنة خمس وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَحدث بِكِتَاب شرح الشهَاب من تصنيفه سَمعه مِنْهُ أَبُو نصر أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر الطوسي وَرَوَاهُ عَنهُ وَقد روى عَنهُ أَبُو مَنْصُور عبد المحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ الشيحي كتاب إصْلَاح أغاليط أَصْحَاب الحَدِيث لأبي سُلَيْمَان أَحْمد بن مُحَمَّد الْخطابِيّ فَقَالَ أَنا أَبُو الْقَاسِم يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن نصر البابي بِبَغْدَاد قدم علينا حَاجا أَنبأَنَا الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله المغربي نزيل الْبَاب أخبرنَا أَبُو الْحُسَيْن عبد الغافر بن مُحَمَّد الْفَارِسِي حَدثنَا الْخطابِيّ

‌الْكَاتِب

36 -

الْكَاتِب يُوسُف بن إِبْرَاهِيم الْأَنْبَارِي أَبُو الْحسن الْكَاتِب كَانَ فِي خدمَة إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي حكى عَنهُ وَعَن إِسْمَاعِيل بن نوبخت وَأحمد بن رشيد الْكَاتِب مولى سَلام الأبرش وَجِبْرِيل بن بختيشوع وَأَيوب بن الحكم الْبَصْرِيّ الكسروي وَأحمد بن هَارُون الشرابي وَغَيرهم وروى عَنهُ ابْنه أَبُو جَعْفَر أَحْمد ورضوان بن أَحْمد بن جالينوس الصيدلاني وسافر إِلَى الشَّام وَدخل مصر وَتَوَلَّى بهَا الْأَعْمَال وَكَانَ من ذَوي المروءات وصنف كتاب أَخْبَار المستطبين وَتَوَلَّى الْأَعْمَال أَيَّام أَحْمد بن طولون

قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور بعث أَحْمد بن طولون السَّاعَة الَّتِي توفّي فِيهَا وَالِدي يُوسُف بن إِبْرَاهِيم جمَاعَة فهاجموا الدَّار وطالبوا بكتبه مقدرين أَن يَجدوا فِيهَا كتابا من أحد من بَغْدَاد فحملوا صندوقين وقبضوا عَليّ وعَلى أخي وصاروا بِنَا إِلَى دَاره وأدخلنا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالس وَبَين يَدَيْهِ رجل من أَشْرَاف الطالبيين الكبراء فَأمر بِفَتْح أحد الصندوقين وَأدْخل خَادِم يَده فَوَقع فِيهَا دفتر جراياته على الْأَشْرَاف وَغَيرهم فَأخذ

ص: 33

الدفتر بِيَدِهِ وتصفحه فَكَانَ جيد الاستخراج فَوجدَ اسْم الطَّالِبِيُّ فِي الجراية فَقَالَ لَهُ وَأَنا أسمع كَانَت عَلَيْك جراية ليوسف بن إِبْرَاهِيم فَقَالَ دخلت هَذِه الديار وَأَنا مملق فَأجرى عَليّ فِي كل سنة مِائَتي دِينَار ومائتي إِرْدَب قَمح إسوة بن الأرقط وَابْن العقيقي وَغَيرهمَا ثمَّ امْتَلَأت يداي بطول الْأَمِير فاستعفيته مِنْهَا فَقَالَ نشدتك الله إِن قطعت سَببا بِي برَسُول الله صلى الله عليه وسلم وتدمع الطَّالِبِيُّ فَقَالَ ابْن طولون رحم الله يُوسُف بن إِبْرَاهِيم ثمَّ قَالَ انصرفوا إِلَى مَنَازِلكُمْ لَا بَأْس عَلَيْكُم فانصرفنا ولحقنا جَنَازَة والدنا وَحضر ذَلِك الْعلوِي حَقنا

37 -

الشاطبي الْمُقْرِئ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن عِقَاب أَبُو يَعْقُوب الجذامي الشاطبي الْمُقْرِئ الزَّاهِد قَرَأَ بالسبع على أَصْحَاب ابْن نوح الغافقي وَسمع مِنْهُ أَبُو عبد الله الْوَادي آشي وَأكْثر عَن أبي الْحسن عَليّ بن قطرال وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست مائَة

38 -

شمس الدّين بن قُرَيْش كَاتب الدرج يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش شمس الدّين الْمصْرِيّ الْكَاتِب اسْتشْهد على حمص وَقد نَيف السّبْعين وَكَانَ من كتاب الدرج بِمصْر كتب للصالح نجم الدّين وَلمن بعده وَكَانَ وافر النِّعْمَة كثير الْحُرْمَة توفّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة

39 -

أَبُو الْفَضَائِل الشَّيْبَانِيّ القفطي يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد القَاضِي الْأَشْرَف أَبُو الْفَضَائِل الشَّيْبَانِيّ التَّمِيمِي القفطي وَالِد الْعَزِيز القَاضِي الأكرم أبي الْحسن عَليّ بن يُوسُف وأخيه القَاضِي الْمُؤَيد أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وَقد تقدم ذكرهمَا فِي مكانيهما ولد القَاضِي الْأَشْرَف فِي غرَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بقفط وَتُوفِّي رحمه الله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة بِذِي جبلة بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف مَدِينَة فِي بِلَاد الْيمن

وَكَانَ الْأَشْرَف قد خرج من قفط سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس مائَة فِي الْفِتْنَة الَّتِي كَانَت بهَا بِسَبَب الإِمَام الَّذِي أقاموه وَكَانَ من بني عبد الْقوي الدَّاعِي للدّين ادّعى أَنه دَاوُد بن العاضد فأنفذ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب أَخَاهُ الْملك الْعَادِل أَبَا بكر فَقتل من أهل قطّ نَحْو ثَلَاثَة آلَاف وصلبهم على شجرهم بِظَاهِر قفط بعمائمهم وطيالستهم وخدم الْأَشْرَف فِي عدَّة خدم سلطانية مِنْهَا بالصعيد ثمَّ نظر بلبيس ونواحيها ثمَّ نظر الْقُدس ونواحيه

ص: 34

وناب عَن الْفَاضِل فِي كِتَابَة الْإِنْشَاء بِحَضْرَة السُّلْطَان صَلَاح الدّين ثمَّ إِنَّه استوحش من الْعَادِل ووزيره ابْن شكر فَقدم حران فاستوزره الْملك الْأَشْرَف مُوسَى بن الْعَادِل ثمَّ إِنَّه سَأَلَهُ الْإِذْن فِي الْحَج فَأذن لَهُ وجهزه أحسن جهاز على أَن يحجّ وَيعود فَلَمَّا حصل بِمَكَّة امْتنع من الْعود وَدخل الْيمن فاستوزره أتابك سنقر سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة ثمَّ ترك الْخدمَة وَانْقطع بِذِي جبلة ورزقه دَار عَلَيْهِ إِلَى أَن توفّي رحمه الله فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور أَولا وَكَانَ أديبا فَاضلا مليح الْخط محبا للْعلم والكتب واقتنائها ذَا دين متين وكرم وعربية

40 -

قَاضِي الْقُضَاة ابْن جملَة يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن جملَة الحوراني المحجي ثمَّ الصَّالِحِي الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ قَاضِي قُضَاة الشَّام الإِمَام الْفَاضِل الْعَالم الْعَلامَة الأصولي الْفَقِيه النَّحْوِيّ ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وتلقه مُدَّة لِأَحْمَد بن حَنْبَل ثمَّ تحول شافعيا وتميز وناظر الأقران وَأخذ عَن الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزملكاني وَصَارَ من الْأَعْيَان درس بالدولعية وَأعَاد مُدَّة وَخرج لَهُ الشَّيْخ علم الدّين البرزالي عَن الْفَخر وَجَمَاعَة وناب لقَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي الشَّافِعِي بِدِمَشْق وَلما توفّي قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين الإخنائي ولي هُوَ الْقَضَاء بِالشَّام فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَسبع مائَة بعناية الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَكَانَ ذَا مهابة وسطوة وصولة وَفِيه شدَّة ووطاء على الْمُرِيب وَكَانَت فِيهِ ديانَة وَحسن عقيدة وعفة فَإِنَّهُ بَاشر الْقَضَاء بصلف وَأَمَانَة وَفِي أَيَّام نيابته لقَاضِي الْقُضَاة علم الدّين الإخنائي قَامَ قيَاما عَظِيما فِي تَوْبَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية فِي مسالة الزِّيَارَة وَعمل عملا بَالغا إِلَى أَن حبس وَلما مَاتَ لم يصل عَلَيْهِ وَكَانَ فصيحا لسنا شَدِيد الْعَارِضَة فِي الْبَحْث ثمَّ إِن حَمْزَة التركماني حرف الْأَثر تنكز عَلَيْهِ وأغره بِهِ وَلم يزل إِلَى أَن حَبسه وَقَالَ إِنَّه رشا نَاصِر الدّين الدوادار بِالذَّهَب على الْقَضَاء وَهَذَا أَمر أستبعده من الْجَانِبَيْنِ وَكَانَ نَائِب الشَّام قد حكمه فِي الشَّيْخ ظهير الدّين لِأَنَّهُ لم يَصح عَنهُ مَا نَقله فَبَالغ ابْن جملَة فِي تَعْزِير ظهير الدّين واستقصائه وَالِاسْتِقْصَاء شُؤْم فعقد لَهُ مجْلِس وَدخل وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاة فَخرج وَهُوَ فَاسق قد حكم بعزله وسجنه فِي القلعة وَكَانَت وَاقعَة عَجِيبَة لم يعْهَد النَّاس مثلهَا

أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة القَاضِي زين الدّين عمر الوردي وَمن خطه نقلت // (من المسنرح) //

(دمشق لَا زَالَ ريعها أخضرا

بعدلها الْيَوْم يضْرب الْمثل)

(فضامن المكس مُطلق فَرح

فِيهَا وقاضي الْقُضَاة معتقل)

ص: 35

وَقلت أَنا فِي ذَلِك // (من مخلع الْبَسِيط) //

(الْعَفو يَا رب من بلَاء

قوى الورى مَا تطِيق حمله)

(أَمر جرى فِي الْوُجُود فَردا

يَا عجبا وَهُوَ لِابْنِ جمله)

وَأقَام فِي الْحَبْس خَمْسَة عشر شهرا إِلَى أَن شفع فِيهِ مُوسَى بن مهنا وَولي بعده قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين بن الْمجد وَلما خرج من الاعتقال أعطي الدولعية ثمَّ تمرض وخلت الْمدرسَة الشامية البرانية فدرس فِيهَا أَيَّامًا بعد الشَّيْخ زيد الدّين بن المرحل وَكَانَت وَفَاته بالمسرورية رَحمَه الله تَعَالَى وَدفن عِنْد أَهله بوادي الْعِظَام

وَكنت قد كتبت تَقْلِيده بِالْقضَاءِ لما كنت بالديار المصرية وَهُوَ الْحَمد لله الَّذِي أَعلَى منار الشَّرْع الشريف بجماله وجلا دجاه بِمن تحسده البدور فِي الْأُفق ليَالِي التَّمام على كَمَاله وشيد رُكْنه بِمن يقصر بَاعَ السَّيْف فِي جلاده عِنْد جداله وَحفظ قَوَاعِده بِمن إِذا أمسك قلم فَتَاوِيهِ تفيأت الْأَحْكَام تَحت ظلاله وأحيى سنَنه بِمن يَتَّضِح بِهِ سنَن حرَامه وَحَلَاله وَنشر لِوَاء فَضله بِمن إِذا طمى الْبَحْر الْمُحِيط فَقل دع ذَا فَإنَّك عَاجز عَن حَاله نحمده على نعمه الَّتِي ادخرت لأيامنا الشَّرِيفَة حبرًا عز بِوُجُودِهِ اجْتِمَاع المثلين واقتطف ثمار الْعُلُوم فَمَا داناه أحد فِي الْفُرُوع وَلَا وصل مَعَه إِلَى الْأَصْلَيْنِ وَطَالَ بِالْعلمِ ثمَّ بالحلم وَزَاد فِي تطولاته وَلم يتقصر على الطولين وَأجْمع النَّاس على اسْتِحْقَاقه بِمَا وليناه فَلم تكن الْمَسْأَلَة فِيهِ ذَات قَوْلَيْنِ ونشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ندخرها ليَوْم الْقَضَاء والفصل ونعلم أَنَّهَا أصل الْإِيمَان وَمَا سواهَا فرع وَالْقِيَاس رد فرع إِلَى أصل ونعتمد على بَرَكَات فَضلهَا فِي الْأَمر وَالنَّهْي وَالْقطع والوصل وننال بإخلاصها على أَعدَاء الدّين عز الْعَزْم وَنصر النصل ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خير من قضى وَمضى وَأَعْدل من مضى وَسيف شَرعه إِذا استقبله شكل حكم فِيهِ وَمضى وأشرف من سَاس النَّاس بخلقه الرضى وَحكمه المرتضى وأعز من أغضى الشَّيْطَان لظُهُور مِلَّته على جمر الغضى صلى الله عليه وسلم خير من اتبع شَرعه فِي أَحْكَامه وَخَافَ مقَام ربه فَشكر الله لَهُ حسن مقَامه وَقصر خطاه على مَا أمره وَنَهَاهُ فَلم يكن لَهُ إقدام على حَرَكَة أقدامه واستبرأ لدينِهِ فِي قضاياه فَمَا أَخْطَأت سهامه مرامي مرامه صَلَاة تتألق بأنوارها البروق اللامعة وتتعلق بأستارها الْخَلَائق فِي الْوَاقِعَة مَا قبلت ثغور الأقلام خدود المهارق الساطعة ورقمت إبر الْغَمَام برود الحدائق اليانعة وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين

وَبعد فَإِن منصب الشَّرْع الشريف لَا شكّ فِي عُمُوم نَفعه وَلَا مرية فِي أَن السوابق جرت لنصبه والعوالي جرت لرفعه وَلَا ريب فِي أَن شمم كل عرنين ينقاد صاغرا لوضعه مَا

ص: 36

حكمنَا فِي شَيْء حَتَّى نعود لأَمره ونعوذ وَلَا خرجنَا فِي السياسة عَن حكمه لَا على سَبِيل السَّهْو وَلَا بِحكم الشذوذ وَلَا برز أمره بِحكم إِلَّا وَقَالَ سيفنا الْمَنْصُور دَائِم النّفُوذ وَكَانَت دمشق المحروسة كَالشَّامَةِ فِي وجنة الشَّام وكالجوهرة الَّتِي أَصبَحت وَاسِطَة عقد الْملك فِي الانتظام هَذَا إِلَى مَا جَاءَ فِي فَضلهَا من السّنة وَثَبت لنا فِي الْخَارِج أَنَّهَا أنموذج الْجنَّة قد شغر منصب حكمهَا الشَّافِعِي من قَاض يسوس الرعايا ويجتهد فِي أَحْكَامه حَتَّى تدله الألمعية على الْمقَاتل الخفايا ويتوسم وُجُوه الْخُصُوم وَكَلَامهم فَيكون ابْن جلا وطلاع الثنايا أمهلنا آراءنا الشَّرِيفَة هَذِه الفترة واستخرنا الله تَعَالَى فِيمَن نحليه بِهَذَا الطوق أَو نخصه بِهَذِهِ الدرة وَذكر بَين أَيْدِينَا الشَّرِيفَة جمَاعَة كل مِنْهُم جلّ إِلَّا أَن يكون قد حلى واستوعب الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فَكَانَ بذلك الِاسْتِيعَاب مجلى فيشار من إِشَارَته كالسهم الَّذِي يُصِيب الْإِشَارَة وبركة رَأْيه خَالِصَة من حظوظ النَّفس الأمارة وَعين من عزت بِهِ الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة منالا وزان رتبتها الجليلة فازدادت بِهِ جمالا وَحمى حوزتها لِأَنَّهُ فَارس الْكَلَام إِذا الْتفت عَلَيْهِ مضائق الْخُصُوم فرجهَا علمه بمواقع الْإِصَابَة جدالا وجالد فوارس الْبَحْث وجدلهم فخذلهم ونسف مغالط النَّسَفِيّ وَلَو كَانَت جبالا ونقى ونقح كَلَام من مضى فكم قيد مُطلقًا يمرح وَأطلق مُقَيّدا يرسف وَجلسَ فِي حَلقَة دروسه فَكَأَنَّمَا تطلع من محراب دَاوُد يُوسُف يغرق الْمُزنِيّ فِي وابل فَضله الصيب ويفوق عرف عرفانه على القَاضِي أبي الطّيب ويتلون ابْن الصّباغ فِي شامله من عَجزه ويتعرف الْغَزالِيّ بِأَنَّهُ لم يكن من نسج طرزه قد صاغ ذهب أُصُوله وَابْن الْحداد فِي الْفُرُوع والتذ بكراه وَصَاحب التَّنْبِيه لَا يطعم لَذَّة الهجوع ونفق من محصوله وَابْن الْحَاجِب فِي صِيغَة مُنْتَهى الجموع

وَكَانَ الْمجْلس العالي القضائي الجمالي وَبَقِيَّة ألقابه ونعوته هُوَ مظهر هَذِه الضمائر وَالْمَقْصُود بِهَذِهِ الْأَدِلَّة والأمائر لَا تلِيق هَذِه الصِّفَات إِلَّا بِذَاتِهِ وَلَا تحسن هَذِه النعوت إِلَّا بأدواته فَلذَلِك رسم بِالْأَمر الشريف العالي المولوي السلطاين الملكي الناصري لَا زَالَت الرعايا بعد لَهُ فِي أَمَان ومواقع اخْتِيَاره ترتاد لَهُم الْكَافِي الكافل من رب السَّيْف والطيلسان أَن يُفَوض إِلَيْهِ قَضَاء الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بِالشَّام المحروس ولَايَة أحكم عقدهَا وانتظم عقدهَا وتبلج عرفهَا وتأرج عرفهَا فليأمر بِالْمَعْرُوفِ وينه عَن الْمُنكر ويسير سيرة عمرية تتلى محاسنها وتشكر وليأخذ بِحَق الْمَظْلُوم مِمَّن ظلمه ويجر لِسَان قلمه بِمَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة فَعلمه وليتبع الْحق إِن كَانَ مَعَ المشروف أَو الشريف وَيطْلب رضَا الله فِي خذلان الْقوي ونصرة الضَّعِيف وليسو بَين المتخاصمين فِي موقفهما عِنْده وَيسمع الدَّعْوَى إِذا تمت وَالْجَوَاب إِذا أكمل قَصده وليلن جانبا لمن حَضَره ويتمسك بآداب الشَّرْع الَّذِي حضه عَلَيْهَا وَأمره وليحترز فِي أَمر الشُّهُود فِي كل شَيْء وينقب عَن أَحْوَالهم فَإِن مِنْهُم من يَمُوت

ص: 37