المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأصولي الشَّافِعِي من وُجُوه الأفاضل من أَصْحَاب أبي عبد الله - الوافي بالوفيات - جـ ٢٩

[الصفدي]

الفصل: الأصولي الشَّافِعِي من وُجُوه الأفاضل من أَصْحَاب أبي عبد الله

الأصولي الشَّافِعِي من وُجُوه الأفاضل من أَصْحَاب أبي عبد الله أَخذ الْكَلَام وأصول الْفِقْه عَن أَصْحَابه وَاخْتلف إِلَى دروس إِمَام الْحَرَمَيْنِ وعلق عَنهُ الْكثير ثمَّ خرج إِلَى مرو سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَأقَام بهَا مُدَّة وَاخْتلف إِلَى الإِمَام أبي المظفر السَّمْعَانِيّ وَأبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ الصفار وَأبي الْحسن البستي ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور وأمعن فِي الإفادة وصنف فِي غير نوع من النّظم والنثر والخطب البليغة المرصعة ومجالس الْوَعْظ والتذكير وَولد بخارزنج من نَاحيَة بست وَله بهَا سلف صَالح سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَدخل نيسابور وَلم يسمع فِي مبادئ أمره اشتغالا بِالْعلمِ ثمَّ سمع أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَأَبا بكر بن خلف وَأَبا سعيد الْقشيرِي وَجَمَاعَة سواهُم

وَله من قصيدة // (من الْكَامِل) //

(لبس الزَّمَان ملابس الإدلال

وَبكى الْغَمَام بطرفه الهطال)

(فترى السَّمَاء تقنعت بنصيفها

مثل الغواني فِي خدور حجال)

(وَإِذا الْعَوَارِض أرزمت ثمَّ انبرت

تذري الجمان على الربى بسجال)

(وَكَأن عين الْغَيْم عين متيم

وَكَأن وَجه الأَرْض وَجه هِلَال)

‌ابْن الْحُسَيْن

73 -

الرَّازِيّ الصُّوفِي يُوسُف بن الْحُسَيْن بن يَعْقُوب الرَّازِيّ شيخ الصُّوفِيَّة صحب ذَا النُّون الْمصْرِيّ قَالَ مَتى رَأَيْت المريد يشْتَغل بالرخص فَاعْلَم أَنه لَا يَجِيء مِنْهُ شَيْء وَكتب إِلَى الْجُنَيْد قَالَ لَا أذاقك الله طعم نَفسك فَإِن ذقتها لَا تذوق بعْدهَا خيرا وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاث مائَة

74 -

الْحَافِظ ابْن بكار الشَّافِعِي يُوسُف بن الْحُسَيْن بن بدر بن الْحسن بن المفرج ابْن بكار الْحَافِظ الْمُفِيد الإِمَام الْمسند شرف الدّين أَبُو المظفر النابلسي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَله سنة ثَلَاث وست مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة وَسمع من ابْن البن وَغَيره ورحل وعني بِهَذَا الشَّأْن وَنسخ بِنَفسِهِ وبالأجرة وخطه طَريقَة مَشْهُورَة حلوة وَخرج لنَفسِهِ الموافقات فِي خَمْسَة أَجزَاء وَحدث بِدِمَشْق والإسكندرية والقاهرة وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار وَأَبُو الْحسن الْكِنْدِيّ وَكَانَ ثِقَة حَافِظًا متقنا جيد

ص: 82

المذاكرة جيد النّظم حسن الدّيانَة ذَا عقل ووقار ولي مشيخة دَار الحَدِيث النورية بِدِمَشْق

وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //

(بلَى فِي بلَى فِي سُورَة لَيْسَ تختم

فمشتبه من هجره ومحكم)

(يُكَرر تلقائي دروس خِلَافه

فقلبي بِهِ يشقى وطرفي ينعم)

(أناظره فِي الهجر كَيفَ استباحه

فيدرك معنى الْحسن مني فَأسلم)

(وَلما تولى الخد والى عذاره

دفعت إِلَيْهِ قبصتي أتظلم)

75 -

وَالِد الْحجَّاج يُوسُف بن الحكم بن أبي عقيل الثَّقَفِيّ تقدم بَقِيَّة النّسَب فِي تَرْجَمَة وَلَده الْحجَّاج بن يُوسُف فِي حرف الْحَاء مَكَانَهُ لَهُ حَدِيث وَاحِد يرويهِ عَن سعد بن أبي وَقاص توفّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ

76 -

الشريف جمال الدّين المشهدي يُوسُف بن حَمَّاد الشريف جمال الدّين الْحُسَيْنِي المشهدي الإمامي شيخ الشِّيعَة ومفتيهم توفّي سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة حج مَرَّات وجاور وَله نظم كَانَ فِيهِ تواضع مَاتَ فِي المعترك وَمن نظمه

77 -

الرَّحبِي الطَّبِيب رَضِي الدّين يُوسُف بن حيدرة بن حسن الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو الْحجَّاج الرَّحبِي شيخ الطِّبّ بِالشَّام لَهُ الْقدَم والاشتهار عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَلم يزل مبجلا عِنْد الْمُلُوك كَانَ كَبِير النَّفس عالي الهمة حسن السِّيرَة محبا للخير عديم الأذية وَكَانَ أَبوهُ من الرحبة كحالا قدم مَعَ أَبِيه إِلَى دمشق واشتغل على مهذب الدّين النقاش ولازمه فَنَوَّهَ بِذكرِهِ وخدم السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَجعل لَهُ فِي الشَّهْر ثَلَاثِينَ دِينَارا على أَن يكون ملازم القلعة والبيمارستان وَلم تزل عَلَيْهِ إِلَى أَن نَقصه الْمُعظم النّصْف وَلم يزل يتَرَدَّد إِلَى البيمارستان إِلَى أَن مَاتَ واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة

ص: 83

وَكَانَ لَا يقرئ أحدا من الذِّمَّة وَلم يقرئ فِي عمره مِنْهُم سوى اثْنَيْنِ عمرَان الإسرائيلي وَإِبْرَاهِيم السامري بعد أَن ثقلا عَلَيْهِ وتشفعا وَكِلَاهُمَا نبغ وتميز وَكَانَ لَا يطلع فِي سلم وَيسْأل عَن ذَلِك أَولا إِذا طلب إِلَى مَرِيض وَكَانَ ابْن شكر يلْزم أكل الدَّجَاج فشحب لَونه فَقَالَ لَهُ الرضي الزم لحم الضَّأْن أَلا ترى لحم هَذَا وَلحم هَذَا

وَخلف وَلدين شرف الدّين عليا وجمال الدّين عُثْمَان وَكِلَاهُمَا طَبِيب فَاضل وَتُوفِّي رَضِي الدّين سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة

78 -

أَبُو الْحجَّاج الأدمِيّ الدِّمَشْقِي يُوسُف بن خَلِيل بن قراجا بن عبد الله الأدمِيّ ابْن الْحجَّاج الدِّمَشْقِي الْحَافِظ شمس الدّين طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير من شُيُوخ بَلَده وَقدم بَغْدَاد سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَسمع بهَا من أَصْحَاب أبي الْقَاسِم بن بَيَان وَأبي عَليّ بن نَبهَان وَأبي سعد بن الطيوري وَأبي طَالب بن يُوسُف وَأبي عَليّ ابْن الْمهْدي وأبوي الْغَنَائِم بن النَّرْسِي وَابْن الْمُهْتَدي وَأكْثر عَن أَصْحَاب أبي الْقَاسِم بن الْحصين وَأبي الْعِزّ بن كادش وَأبي غَالب بن الْبناء وَأبي بكر بن عبد الْبَاقِي وسافر إِلَى أَصْبَهَان وَسمع بهَا من أَصْحَاب أبي عَليّ الْحداد وغانم الْبُرْجِي وَأبي مَنْصُور الصَّيْرَفِي وَأبي طَاهِر الداشتيباني وَمن جمَاعَة دونهم وَعَاد فَسمع بالموصل لَا من وَاحِد وَدخل مصر وَسمع بهَا من الأبوصيري وَإِسْمَاعِيل بن صَالح وَغَيرهمَا وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا مِمَّا سمع وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَيعرف هَذَا الشَّأْن معرفَة جَيِّدَة وَقدم بَغْدَاد بعد الْعشْرين وست مائَة حَاجا وَحدث بهَا ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى حلب واستوطنها وَحدث بهَا بالكثير على استقامة وَصدق وحخسن وَمَعْرِفَة قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ بحلب فِي رحلتي الثَّانِيَة وَنعم الشَّيْخ هُوَ سَأَلته عَن مولده فَقَالَ ذكر لي أبي أنني ولدت فِي سنة خمس وَخمسين وَخمْس مائَة بِدِمَشْق قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وجلب إِلَى الشَّام خيرا كثيرا وروى عَنهُ الْكِبَار وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وست مائَة وَكَانَ مشتغلا بصنعته إِلَى أَن مَاتَ وَأَخُوهُ يُونُس بن خَلِيل الأدمِيّ وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه

ص: 84

79 -

ابْن الدرا يُوسُف بن درة وَاحِد الدُّرَر الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن الدرا بِفَتْح الدَّار الْمُهْملَة وَالرَّاء الْمُشَدّدَة وَبعدهَا ألف كَانَ موصليا شَابًّا ذكريا لطيف الطَّبْع كيسا لَهُ أشعار مليحة مَعَ قلَّة مَعْرفَته بالأدب هلك فِي الْحَاج سنة خمس وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة لما خرجت عَلَيْهِ زعب

وَمن شعره // (من الوافر) //

(عذرتك لست للمعروف أَهلا

ولومك فِي قصورك عَنهُ ظلم)

(أتحسبني أقدت إِلَيْك نَفسِي

ولي بك أَو بِمَا تَأتيه علم)

(ظَنَنْت بك الْجَمِيل فخاب ظَنِّي

وَقَالَ الله بعض الظَّن إِثْم)

وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //

(ته علينا وته على الشَّمْس حسنا

أَنْت أولى بِالْوَصْفِ مِنْهَا وَأَحْرَى)

(أَنْت بدر يسري وَنحن أساراك

وأنى يكون للبدر أسرى)

(لَا وأجفانك المراض اللواتي

سحرها لانعجامه لَيْسَ يقرى)

(لَو رأى وَجهك الْخَلِيل بعيني

قَالَ هَذَا رَبِّي وَلم يتبرا)

وَمِنْه // (من الوافر) //

(سنحت نَفسِي بترك بعد شح

وضاق بحبك الصَّدْر الفسيح)

(وصنت بِصَرْف وَجْهي عَنْك نفسا

يُؤثر غي جبلتها الْقَبِيح)

وَمِنْه // (مخلع الْبَسِيط) //

(مدور الكعب فاتخذه

لتل غرس وثل عرش)

(لَو رمقت عينه الثريا

أخرجهَا فِي بَنَات نعش)

80 -

الفندلاوي يُوسُف بن دوناس بن عِيسَى أَبُو الْحجَّاج الفندلاوي بِالْفَاءِ وَالنُّون المغربي الْفَقِيه الْمَالِكِي قدم حَاجا وَسكن بانياس مُدَّة وَكَانَ بهَا خَطِيبًا وانتقل إِلَى دمشق ودرس بهَا الْفِقْه وَحدث بالموطأ وَكَانَ حسن المحاضرة حُلْو المفاكهة متعصبا لمَذْهَب الْأَشْعَرِيّ كريم النَّفس وَله مكاشفات وقف فِي وَجه الفرنج فَقتل على المَاء قريب الربوة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة

ص: 85

81 -

القَاضِي بهاء الدّين بن شَدَّاد يُوسُف بن رَافع بن تَمِيم بن عتبَة بن مُحَمَّد بن عتاب الْأَسدي القَاضِي بهاء الدّين بن شَدَّاد الشَّافِعِي قَاضِي حلب توفّي أَبوهُ وَهُوَ صَغِير السن فَنَشَأَ عِنْد أَخْوَاله بني شَدَّاد وَكَانَ شَدَّاد جده لأمه وَكَانَ القَاضِي بهاء الدّين أَولا يكنى أَبَا الْعِزّ ثمَّ غير كنيته وَجعلهَا أَبَا المحاسن وَولد بالموصل فِي شهر رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رحمه الله فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَدفن بحلب فِي تربة عمرها وَحفظ الْقُرْآن بالموصل وَقدم عَلَيْهِم الشَّيْخ صائن الدّين يحيى بن سعدون الْقُرْطُبِيّ فلازمه وَقَرَأَ عَلَيْهِ بالسبع وأتقن الْقرَاءَات قَرَأَ عَلَيْهِ إِحْدَى عشرَة سنة والْحَدِيث وَالْقُرْآن وَالتَّفْسِير من ذَلِك البُخَارِيّ وَمُسلم من عدَّة طرق وَكتب الْأَدَب وَشرح الْغَرِيب لأبي عبيد وَقَرَأَ على الشَّيْخ أبي البركات عبد الله بن الْحُسَيْن بن الشيزري بعض تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ وَأَجَازَ لَهُ جَمِيع مَا يرويهِ وَقَرَأَ على الشَّيْخ أبي الْفضل عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر الطوسي خطيب الْموصل وَكَانَ مَشْهُورا بالرواية يقْصد من الْآفَاق كثيرا من أجل مروياته وَأَجَازَ لَهُ وَقَرَأَ على القَاضِي فَخر الدّين أبي الرِّضَا سعيد ابْن عبد الله بن الْقَاسِم الشهرزوري مُسْند الشَّافِعِي ومسند أبي يعلى الْموصِلِي ومسند أبي عوَانَة وَسنَن أبي دَاوُد وجامع التِّرْمِذِيّ وَأَجَازَ لَهُ وَقَرَأَ على الْحَافِظ مجد الدّين أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ الأشيري الصنهاجي وَأَجَازَ لَهُ جَمِيع مَا يرويهِ وَقَرَأَ على الْحَافِظ سراج الدّين أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ الجياني صَحِيح مُسلم والوسيط لِلْوَاحِدِيِّ وَأَجَازَ لَهُ وَسمع بِبَغْدَاد من شهدة الكاتبة وَأبي المغيث وَالشَّيْخ رَضِي الدّين الْقزْوِينِي مدرس النظامية وَجَمَاعَة غَيرهم وَقَرَأَ الْخلاف على الضياء بن أبي الحازم صَاحب مُحَمَّد ابْن يحيى الشَّهِيد الخواري والعماد الميانجي وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ النظامية بعد تأهله وترتب فِيهَا معيدا نَحْو أَربع سِنِين والمدرس يَوْم ذَلِك أَبُو نصر أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاشِي ورفيقه فِي الْإِعَادَة السديد السلماسي ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى الْموصل ورتب مدرسا فِي مدرسة القَاضِي كَمَال الدّين أبي الْفضل مُحَمَّد بن الشهرزوري ولازم الِاشْتِغَال وانتفع بِهِ النَّاس وَحج وزار الْقُدس وَدخل دمشق وَالسُّلْطَان صَلَاح الدّين على كَوْكَب يحاصرها فَسمع بِهِ فَاسْتَحْضرهُ فقابله بالإكرام التَّام وَسمع عَلَيْهِ أذكار البُخَارِيّ فَلَمَّا خرج من عِنْده اتبعهُ الْعِمَاد الْكَاتِب وَقَالَ لَهُ السُّلْطَان يَقُول لَك إِذا عدت من الزِّيَارَة عرفنَا بعودك فَلَمَّا عَاد عرفه وَجمع لَهُ عِنْد ذَلِك كتابا يشْتَمل على فَوَائِد الْجِهَاد وفضائله وَمَا أعد الله للمجاهدين

ص: 86

ويحتوي على ثَلَاثِينَ كراسا فَاجْتمع بِهِ على حصن الأكراد ثمَّ إِن السُّلْطَان صَلَاح الدّين ولاه قَضَاء الْعَسْكَر وَالْحكم فِي الْقُدس سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَحضر إِلَيْهِ مرّة صُحْبَة الشَّيْخ صدر الدّين عبد الرَّحِيم بن إِسْمَاعِيل وَالْقَاضِي محيي الدّين بن الشهرزوري وهم بِمصْر فاتفق وَفَاة بهاء الدّين الدِّمَشْقِي مدرس منَازِل الْعِزّ بِمصْر وخطيبها فَعرض ذَلِك عَلَيْهِ السُّلْطَان فَلم يفعل وَحضر عِنْده أَيْضا وَهُوَ على حران وَكَانَ مَرِيضا ثمَّ إِن القَاضِي كَانَ عِنْد السُّلْطَان لما مرض بقلعة دمشق وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى وَتوجه إِلَى حلب ليجمع كلمة الْإِخْوَة أَوْلَاد صَلَاح الدّين وتحليف بَعضهم لبَعض ثمَّ جهزه الظَّاهِر غَازِي من حلب إِلَى مصر لتحليف أَخِيه الْعَزِيز عُثْمَان وَعرض عَلَيْهِ الحكم بحلب فَلم يُوَافق ثمَّ إِنَّه لما عَاد من مصر اتّفق موت الْحَاكِم بحلب فَعرض عَلَيْهِ الحكم فَأجَاب وولاه أوقافها وَقيل بل عزل قَاضِي حلب زين الدّين أَبَا الْبَيَان بن البانياسي نَائِب محيي الدّين بن الزكي ثمَّ إِن القَاضِي بهاء الدّين كَانَ عِنْد الظَّاهِر فِي رُتْبَة الْوَزير والمشير وَكَانَت حلب إِذْ ذَاك قَليلَة الْمدَارِس وَالْفُقَهَاء فعني بهَا القَاضِي بهاء الدّين وَجمع الْفُقَهَاء وعمرت الْمدَارِس وَكَانَ الظَّاهِر قد قرر لَهُ إقطاعا جيدا يحصل مِنْهُ جملَة كَبِيرَة وَكَانَ القَاضِي قَلِيل الخرج لم يُولد لَهُ وَلَا لَهُ أقَارِب فتوفر لَهُ شَيْء كثير فعمر مدرسة بِالْقربِ من بَاب الْعرَاق قبالة مدرسة نور الدّين مَحْمُود بن زنكي للشَّافِعِيّ سنة إِحْدَى وست مائَة وَعمر فِي جوارها دَار حَدِيث وَجعل بَين المكانين تربة برسم دَفنه فِيهَا وَلها بَابَانِ أَحدهمَا إِلَى الْمدرسَة وَالْآخر إِلَى دَار الحَدِيث وشباكان إِلَيْهِمَا متقابلان وَكَانَ يدرس بِنَفسِهِ وَلما طعن فِي السن وَضعف رتب أَرْبَعَة فُقَهَاء فضلاء برسم الْإِعَادَة وَالْجَمَاعَة يشتغلون عَلَيْهِ وَكَانَ القَاضِي بِيَدِهِ حل الْأُمُور وعقدها لم يكن لأحد مَعَه كَلَام فِي الدولة وَلما ولي الْملك الْملك العزيزي مُحَمَّد بن الظَّاهِر غَازِي كَانَ تَحت حجر الطواشي أبي سعيد طغرل شهَاب الدّين وَهُوَ أتابكه ومتولي تَدْبيره بِإِشَارَة القَاضِي بهاء الدّين وَكَانَ للفقهاء فِي أَيَّامه حُرْمَة كَبِيرَة ورعاية تَامَّة خُصُوصا فُقَهَاء مدرسته كَانُوا يحْضرُون مجَالِس السُّلْطَان ويفطرون فِي شهر رَمَضَان على سماطه وَكَانَ القَاضِي قد بَقِي كَأَنَّهُ الفرخ وَكَانَت تعتريه نزلات كَثِيرَة فِي دماغه فَلَا يزَال عَلَيْهِ الفرجية البرطاسي وَالثيَاب الْكَثِيرَة وَتَحْته الطراحة الوثيرة فَوق الْبسط ذَوَات الخمائل الثخينة

قَالَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَحْمد بن خلكان كُنَّا نجد عِنْده الْحر وَالْكرب وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ لِكَثْرَة اسْتِيلَاء الْبُرُودَة عَلَيْهِ من الضعْف وَكَانَ لَا يخرج لصَلَاة الْجُمُعَة إِلَّا فِي شدَّة القيظ وَكَانَ إِذا قَامَ للصَّلَاة بعد الْجهد كَاد يسْقط

وَكَانَ كثيرا مَا ينشد // (من الْبَسِيط) //

ص: 87