المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والواو للابتداء، وإلا عاد الضمير إلى المجموع وهو مستحيل على - بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام = نهاية الوصول - جـ ١

[مظفر الدين ابن الساعاتي]

الفصل: والواو للابتداء، وإلا عاد الضمير إلى المجموع وهو مستحيل على

والواو للابتداء، وإلا عاد الضمير إلى المجموع وهو مستحيل على الله، وآيات الصفات لا يمكن حملها على ظاهرها لغة، وما هو المراد غير معلوم.

أجيب بأن من جوز التكليف بما لا يطاق أجاز مثله في القرآن، ومن منع منع منه لاشتماله على إخراج القرآن عن كونه بيانا وجعل الواو عاطفة وخصص الضمير بالراسخين للدليل العقلي، وآيات الصفات كنايات وتجوزات فهم العرب المراد منها بأدلة صارفة إليها، وفخر الإسلام على وجوب اعتقاد الحقيقة في ذلك وأن أهل العلم مكلفون بالوقف عن طلب معناه للابتلاء، والواو عنده للابتداء.

و‌

‌أما السنة:

فالطريقة والعادة، وفي الشرع: العبادات النافلة وأقواله عليه السلام وأفعاله وتقريره والبحث في الأقوال يأتي فيما تشترك فيه الأدلة.

ص: 242

مسألة:

القاضي وأكثر المحققين: أنه لا يمتنع على نبي قبل البعثة معصية ما ولا كفر، ومنعت الشيعة منه مطلقا، واستثنت المعتزلة الصغيرة لاستلزام احتقاره في النفوس الموجب للنفرة عن الاتباع وأنه مناف للحكمة. قلنا: لا سمع قبل البعثة ولا دلالة العقل مبنية على التحسين والتقبيح العقلي ورعاية الأصلح وقد مر ما فيه. وأما بعد البعثة فالاتفاق أنه معصوم عن تعمد ما يخل بصدقه (فيما دلت المعجزة على صدقه فيه) من دعوى الرسالة والتبليغ. واختلف في الجواز غلطا ونسيانا فمنع الأكثرون

ص: 243

لما يستلزم من مناقضة دليل المعجزة، وجوزه القاضي ميلا إلى خروجهما عن التصديق المقصود بالمعجز. وأما المعاصي: القولية والفعلية فالاتفاق أنه معصوم عن تعمد الكبيرة سوى الحشوية والخوارج، ومنعت الشيعة وقوعه نسيانا أيضا. وما أوجب خسة وسقوط مروءة فكذلك ومستند العصمة السمع عندنا

ص: 244

والعقل عند المعتزلة، ومثل نظرة أو كلمة سفه نادرة في غضب، فالأكثرون على جوازه مطلقا، ومنعت منه الشيعة وجمع من المعتزلة، وعندنا: هو معصوم عن المعصية دون الزلة، والفرق أن المعصية مقصودة، والزلة فعل غير مقصود يسوقه إليه مباح ولا يخلو عن بيان منه أو من الله تعالى.

مسألة:

ما كان من أفعاله عليه السلام جبليا كقيام وقعود، فالاتفاق أنه مباح لنا وله، وما اختص به فالاتفاق على الاختصاص، وما كان بيانا بقول مثل "صلوا كما رأيتموني أصلي" أو بفعل عند الحاجة لإطلاق أو عموم كالقطع من الكوع والتيمم إلى المرفقين فالاتفاق أنه بيان لآيتي القطع والتيمم

ص: 245

ولما لم يكن كذلك فما علمت صفته من وجوب أو ندب أو إباحة فالجمهور الاقتداء به فيه على تلك الصفة لاتفاق الصحابة على التأسي في فعله على الصفة التي أتى بها والآيات الدالة على التأسي دالة عليه، والتأسي هو أن يفعل مثل فعله على وجهه لأجل فعله. وكذلك الترك، وما جهلت صفته فقيل بالوجوب، وبالندب وبالوقف والإباحة، واختيار فخر الإسلام قول الجصاص:

ص: 246

لنا فعله مع اعتقاد الإباحة، خلافا للكرخي رحمه الله في الوقف عن الاتباع إلا بدليل، وفي الأحكام: إن ظهر قصد القربة فمندوب وإلا فمباح. الوجوب: {واتبعوه} {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} وهو صادق على الفعل {وما آتاكم الرسول فخذوه} وفعله مأتي به {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} وهو زجر في طي أمر. أي تأسوا به فمن كان يؤمن فهو متأس ومن لا فلا {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} والاتباع من لوازم محبة الله تعالى وهي واجبة {فلما قضى زيد} ولولا الوجوب لما رفع تزويجه الحرج عن المؤمنين في أزوواج أدعيائهم ولما خلع نعله فخلعوا متابعة

ص: 247

بين لهم علة انفراده ولما نهاهم عن الوصال وواصل سألوه، فقال: لست كأحدكم، فأقرهم على ما فهموه من وجوب المشاركة، ولما سألته أم سلمة عن بل الشعر في الغسل أجاب: أما أنا فيكفيني أن أحثو على رأسي ثلاث حثيات من ماء، ولولا الاتباع لما كان هذا جوابا، ولما أمرهم بالتحلل بالحلق والذبح

ص: 248

فتوقفوا فذبح وحلق فأقدموا لوجوب الاتباع وللإجماع أن الصحابة رضي الله عنهم تركوا اختلافهم في الغسل من غير إنزال بما روت عائشة رضي الله عنها من غسله عنه، ولأن الحمل على الوجوب أحوط كما إذا نسي تعيين صلاة من يوم أو تعيينه مطلقة، ولأن فعله قام مقام قوله في بيان المجمل والتخصيص والتقييد، فكان مطلقه محمولا على الوجوب.

الندب:

{أسوة حسنة} وأدنى درجاته الندب؛ لأن الزائد مشكوك فيه، ولأن فعله حسنه فلا يخرج عن الواجب والمندوب، لكن المندوب أولى لغلبته على أفعاله.

الوقف:

متردد بين مختص وغيره، والثاني بين الواجب والمندوب والمباح ولا صيغة للفعل ترجح وليس البعض أولى.

ص: 249

الإباحة:

هي الأصل والأصل عدم المغير. الكرخي: الإباحة متيقنة ويمكن اختصاصه به فوجب الوقف. وجه المختار: أنه المقتدى، فالاتباع أصل والاختصاص عارض، وجه اختيار الأحكام: أنه إذا ظهرت القربة لم يمكن القول بالإباحة بمعنى نفي الحرج لعدم القربة بمثله، فتعين الندب.

والجواب: قلنا في أقواله للإجماع على أن المتابعة في الفعل إنما تجب لوجوبه، فإذا كان غير واجب فاتباع ما ليس بواجب غير واجب ومطلقه غير معلوم وجوبه، والأمر محمول على القول، للإجماع على أنه حقيقة فيه وإن كان حقيقة في الفعل فالمشترك لا يعم والقول راجح ولو عم فالتحذير من مخالفة فعل يستدعي وجوبه فلو استفيد وجوبه من التحذير دار على أن ذكر الدعاء قبله يرجح القول. وأخذ ما أتى به إنما يجب إذا وجب ولا يجب أخذ ما ليس بواجب، وهو تناقض فلا يكون الأخذ في الآية واجبا حتى يجب الفعل، فلو وجب من الآية دار. على أن مقابلة (ما آتاكم) بـ (ما نهاكم) ترجح القول، وقد مر تفسي التأسي، ومطلق فعله لم يثبت وجوبه لنكون بإيجاب فعلنا متأسين، وهو الجواب عن آية الاتباع. وغاية آية زيد الدلالة على مساواة حكمنا لحكمه وجوبا وندبا وإباحة، ولا يلزم اتصاف جميع أفعاله بالوجوب ليجب فعلنا ونمنع أن خلعهم كان للوجوب لإنكاره عليهم، ولو ظنوا وجوبها فلدليل آخر من ظن أن الخلع من هيئات الصلاة وهم مأمورون بالاتباع فيها (صلوا كما رأيتموني أصلي)، والوصال كان مباحا له وسؤالهم كان للمشاركة نحن قائلون به. ووجوب بل الشعر لقوله: (بلوا الشعر

ص: 250

وأنقوا البشرة) وتحلله بيان لقوله (خذوا عني مناسككم)، وهو أبلغ لدلالته على المقصود عيانا واستفاد الوجوب من الأمر غير أنهم ترقبوا ما وعدوا به من الظهور على قريش وطمعوا أن يعجل وينسخ عنهم الأمر، فلما تحلل بنفسه يئسوا، والغسل من غير إنزال لقوله عليه السلام:(إذا التقى الختانان وجب الغسل) ورواية عائشة رضي الله عنها لمطابقة الفعل القول والاحتياط يجير فيما يثبت وجوبه كفاية من صلاة يوم وليلة أو كان الأصل ثبوته كالثلثين من رمضان، فأما ما احتمل الوجوب وغيره فلا، ولا يلزم من كون الفعل بيانا للقول أن يكون موجبا لما يوجبه القول.

وعن الندب ما سبق، ومنع أن الغالب المندوب، بل المباح. وعن الوقف أنه إن أريد به عدم الحكم بإيجاب وندب إلا بدليل فحق، أو ثبوت أحدهما وجهل المعين فخطأ؛ لاستدعاء ذلك دليلا ولا دليل سوى الفعل.

مسألة:

إذا سكت عليه السلام عن إنكار فعل بحضرته أو في عصره مع القدرة والعلم، فإن كان معتقدا لكافر كالاختلاف إلى الكنيسة فلا أثر للسكوت اتفاقا، وإن سبق تحريمه فسكوته وتقريره نسخ، وإلا فدليل على الجواز، وإلا لكان تقريره مع تحريمه

ص: 251

والقدرة على إنكاره خصوصا مع استبشاره محرما، فيجب الإنكار، فعدمه دليل الجواز، وأيضا فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة لإيهام الجواز والنسخ.

مسألة:

لا تعارض بين فعليه لأنهما إن تماثلا أو اختلفا وتصور اجتماعهما كالصوم والصلاة أو لم يتصور لكنهما لا يتناقض حكاهما فلا تعارض لإمكان الجمع، وإن تناقض كما إذا صام في وقت بعينه وأكل في مثله فكذلك؛ لإمكان كونه واجبا أو مندوبا أو مباحا، وفي الوقت الآخر بخلافه من غير رفع وإبطال إذ لا عموم للفعلين ولا لأحدهما، لكن إن دل دليل على تكرره أو لزوم التأسي به في مثل ذلك الوقت فتلبس بضد مع القدرة دل على نسخ دليل التكرار في حقه، لا نسخ حكم الصوم المتقدم لعدم اقتضاء التكرار، ورفع الموجود محال، أو أقر من أكل في مثله من الأمة كان نسخا لدليل تعميم الصوم على الأمة في حق ذلك الشخص أو تخصيصه، وقد يطلق النسخ والتخصيص على الفعل بمعنى زوال التعبد به تجوزا.

مسألة:

إذا تعارض فعله وقوله فإن لم يدل دليل على تكرره في حقه ولا على التأسي

ص: 252

فيه واختص القول به، فإن تقدم الفعل كما إذا فعل فعلا في وقت ثم قال: لا يجوز لي مثله في مثله فلا تعارض؛ لإمكان الجمع لعدم تكرار الفعل فلم يكن رافعا لحكمه في الماضي ولا المستقبل. وإن تقدم القول، كما إذا قال وجب علي كذا في وقت كذا وتلبس بضده فيه كان الفعل ناسخا لحكمه عند من جوزه قبل التمكن من الفعل وهو مذهبنا، ومن لم يجوزه منعه وقال: لا يتصور تعمده إن قيل بالعصمة وإلا فهو معصية. وإن اختص القول بنا فلا تعارض لعدم تعلق فعله بنا، وإن تقدم القول فلا تعارض في حقنا لعدم تواردهما علينا، وأما في حقه فكما تقدم في خصوص القول به. وإن دل على تكرره في حقه وعلى التأسي به فإن اختص القول به وعلم

ص: 253

تقدم الفعل فالقول ناسخ في حقه دوننا، أو القول فالفعل ناسخ في حقه بعد التمكن من الامتثال، أو قبله على الخلاف، وموجب للفعل علينا، وإن جهل فلا تعارض في حقنا لعدم تناول القول إيانا، وأما في حقه: فمنهم من أوجب العمل بالقول، ومنهم بالفعل، ومنهم من توقف، واختار بعضهم القول وبعضهم الوقف للاستواء في التقدير. فالحكم بأحدها ولا ضرورة تحكم. وإن اختص القول بنا فلا معارضة في حقه وأما في حقنا فالمتأخر ناسخ، فإن جهل فالمختار وجوب العمل بالقول، ووجهه أن القول دال بنفسه ويعبر به عن المعقول والمحسوس ويقبل التأكيد بالقول والعمل به ههنا ينسخ مقتضى الفعل عنا دونه، والفعل دال بواسطة أنه لا يفعل المحرم، ويختص بالمحسوس ولا يقبل التأكيد والعمل به يبطل القول أصلا، والجمع من وجه أولى، فإن قيل: مبين للقول فكان آكد كما بين جبريل عليه السلام أوقات الصلاة بالإمامة،

ص: 254