الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصلُ الثالثُ: في المحكوم فيه:
ميلُ الأشعري إلى جواز التكليفِ بالمحال لذاته كالجمع بين الضدَّين.
واختُلف في الوقوع.
والإجماعُ على التكليف بما عَلم اللهُ أنه لا يَقعُ.
والمختارُ أن الإمكان شرطُ التكليف؛ لأنه لو صح التكليفُ بالمستحيل لكان مطلوبَ الحصولِ؛ لأنه معناه، وهو محالٌ؛ لعدم تصوُّر وقوعه، وإلا يلزم تصورُ شيء على خلاف ماهيته،
واستدعاءُ الحصول فرعُه.
فإن قيل: لو لم يُتصوَّرْ لم يُحكم بكونه محالا، فإنه فرعُ تصورِه، وهو مُعارَض بما يدلُّ على وقوعه شرعا؛ چ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ ?
…
? قَدْ آمَنَ چ، وكانوا مكلفين بتصديق نوحٍ مطلقا، ومن ضرورته تكليفُهم تصديقَه في عدم تصديقهم، وكُلف أبو لهب بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره، ومنه إخبارُه أنه لا يصدِّقه، فقد كلَّفه بتصديقه بعدمِ تصديقه، وفيه جمعٌ بين الضدَّين.
قلنا: الجمعُ المعلوم المحكومُ بنفيه عن الضدين هو جمعُ المختلفات، ولا يَستلزمُ تصوُّرُه منفيا عنهما تصوُّرَه مُثبَتا لهما؛ لاستلزامه التصور على خلاف الماهية، وإنما كُلفوا بتصديقه فقط، وعلمُ الله تعالى بعدم تصديقهم وإخبارُه به لا يَستلزِمُ رفعَ الإمكانَ الذاتي، لكن لو كُلفوا بعدَ علمِهم لكان من باب ما علِم المكلفُ امتناعَ وقوعِه، وذلك غيرُ واقع؛ لانتفاءِ فائدةِ التكليف، لا لأنه مستحيلٌ، وقيل: القدرةُ مقارِنةٌ للفعل، والتكليفُ سابقٌ عليه، والتكليفُ حالَ عدم القدرة تكليفٌ بما لا يُطاق. ورُدَّ: بالمنع؛ بل هي سابقةٌ عندنا بمعنى سلامةِ الآلات، وبأنه مستلزِمٌ لكون جميع التكاليفِ تكليفا بالمحال، وهو باطل بالإجماع
مسألةٌ:
جمهورُ الشافعية والمعتزلة: لا يشترط في التكليف بفعلٍ حصولُ شرطه الشرعي حالةَ التكليف، وهي مفروضةٌ في تكليف الكافر بالفروع، وعندنا: أنه أهلٌ
لحُكم (لا يُثاب) عليه؛ كالمؤن والمعاملات.
قالوا: لا يمتنعُ الخطابُ بالعبادة مشروطا بتقديم الإيمان عقلًا، ودليلُ الوقوع شرعا:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله} {فلا صدق ولا صلى} ، ذمَّه على ترك الجميع، {قالوا لم نك من المصلين} ، والتعذيبُ دليل الخطاب، ولو امتنع لامتنع الأمرُ بالصلاة حالَ عدم الطهارة، ولكان اشتراطُ تقديم النية مانعا من وجوب الصلاة.
قلنا: التكليفُ بها إن كان حالَ وجود الإيمان لم يكن سابقا، أو حالَ عدمه لم يجُز عقلًا، والتكليفُ للامتثال، وهو فائتٌ؛ لامتناعِ الأداء حالةَ الكفر، وبعد الإيمان لكونه يجُبُّ ما قبله، ولأنه لو وجب لوجب القضاءُ لوجوبه بالأمر الأول، والآياتُ مؤولة بإطلاق العبادة والصلاة، وإرادةِ الإيمان، وجوازِ أن يكون غيرُ المصلين غيرَ المكذبين؛ لاشتمال الناس على الصنفين، جمعا بين الأدلة.
والشرطُ تابعٌ يجبُ بوجوب مشروطه كالطهارة، والإيمانُ أصل
مسألةٌ:
المتكلمون: التكليفُ إنما هو كسبي؛ من فعلٍ أو كفٍّ، لا بنفيِ فعلٍ من غير تلبُّسٍ بضدٍّ، خلافا لأبي هاشم.
قالوا: لو كُلف به لكان مُستدعَى الحصولِ، ولا يُتصوَّر؛ لأنه غيرُ مقدور له، فالتكليفُ به تكليفٌ بالمحال.
قال أبو هاشم: بل هو مقدورٌ؛ فإن القادر على الزنا قادرٌ على تركه قطعًا.
قالوا: العدمُ نفيُ الأثر، والنفي لا يتعلقُ بالفاعل، ولأن العدم مستمرٌّ، فهو مستغنٍ عن السبب.
وفيه نظرٌ؛ فإنه لا يمتنعُ تعلقُه بالفاعل؛ فإنه المتنازعُ فيه، ومعنى تعلقِه مع استمراره: أن لا يُوجَد الفعلُ، لا أن يؤثر العدمُ
مسألةٌ:
التكليفُ سابقٌ على الفعل، ومنقطعٌ بعده، وهل يتعلقُ به حالَ حدوثه؟
فأثبته الأشعري، ونفاه المعتزلةُ وإمامُ الحرمين، وأبو الحسين: إن أراد أن تعلقَه بالفعل لنفسه فتعلقُه به بعدَه لازمٌ والإجماعُ ينفيه، أو بتنجيزه فتكليفٌ بإيجاد الموجود، ولعدم صحة الابتداء فتنتفي فائدةُ التكليف؛ وهو التنجيزُ أو الامتحانُ.
قال: مقدورٌ بالإجماع فصح التكليفُ، ولهم منعُ التكليف بما قالوه
مسألةٌ:
النيابةُ لا تجري في التكاليف البدنية عند المعتزلة، خلافا للشافعية.
ومذهُبنا الجوازُ
في المالية مطلقا، والمنعُ في البدينة مطلقا، والجوازُ فيما تركَّب منهما كالحجِّ الفرضِ في حالة الاضطرار.
لنا:
أن البدنية للابتلاء بقهر النفس، وأنه يَخُصُّ من قام به، والغرض في المالية تنقيصُه؛ وهو حاصلٌ بالنائب مطلقا، وما تركَّب منهما: حالةَ العجز يَلمَحُ تنقيصَ المال، فيجوزُ، وحالةَ القدرة فهي النفسُ، فيمتنع، وإن لم يختلف الحالُ في النفل لسعة بابه.
قالوا: ليس بممتنعٍ عقلا، ودليلُ الوقوع شرعا: الحجُّ، وإن كان قهرُ النفس مرادا، فليس في النيابة ما يَرفع أصلَ التكليفِ والمشقةِ بتقدير بذل العوضِ للنائب، وليس المعتبرُ في التكليف أعلاه، بل أصله، ونحن قائلون بالموجب في الحج، والعوضُ فيه معتبر، ويَمتنعُ في البدنية بقاءُ أصل المشقة؛ لعدم شرعيةِ بذلِ العوض؛ لعدم تعلقِ قصدِ الشارعِ فيها بالمال