المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولئن منع عدم الإنكار قلنا: هو الأصل والظاهر أنه لو - بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام = نهاية الوصول - جـ ١

[مظفر الدين ابن الساعاتي]

الفصل: ولئن منع عدم الإنكار قلنا: هو الأصل والظاهر أنه لو

ولئن منع عدم الإنكار قلنا: هو الأصل والظاهر أنه لو وجد لنقل وأيضا فإن العدل من الأئمة إذا أطلق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جازما فالظاهر أنه لم يطلق إلا بعد ثبوته وأنه يستلزم تعديل الواسطة وإلا لما كان عالما ولا ظانا بخبره، وأيضا فلو لم يكن عدلا عنده كان مدلسا. قالوا: جهل بعين الراوي فكان جهلا بصفته ضرورة والجهل بالصفة مانع فكيف بهما، والعلم بعدالة الراوي شرط القبول والمرسل لا يعرفها، والخبر كالشهادة في العدالة، وإرسال شهادة الفرع مانع ولو جاز المرسل فلا ذكر الإسناد والبحث عنه عن فائدة، ولو جاز لجاز في عصرنا. قلنا: لا يكون جهلا بصفته مطلقا، فإن إرساله عنه دليل تعديله في الجملة كما لو قال أخبرني عدل، وبه الجواب عن معرفة العدالة، وباب الشهادة أضيق فافترقا، والفائدة في ذكر الرواة في غير الأئمة وفي المنقول عنه لاشتباه حاله، ظاهرة، وفي الأئمة تفاوت رتب المنقول عنهم، وأما في عصرنا: فإن كان من الأئمة قبل وإلا فلا. القائل مطلقا: العدل إذا أرسل غلب على الظن تعديله، قلنا: التعميم ممنوع لجواز أن العدل من غير الأئمة يرسل جهلا بمن رواه، ولذلك لم يقبل في عصرنا، وقد أخذ على الشافعي في اشتراطه إسناد غيره أو إسناده مرة بأن العمل بالمسند، ولذلك إذا أرسله اثنان وشيوخهما مختلفة فإن ضم الباطل إلى مثله لا يوجب القبول. وأجيب عن الثاني بأن الظن يحصل أو يقوى بالانضمام.

‌النوع الثاني: المتن:

وفيه ثلاثة فصول،‌

‌ الأول: فيما تشترك فيه الثلاثة من دلالة المنطوق

،

‌فمنه: الأمر

، وهو حقيقة في القول المخصوص باتفاق،

ص: 381

وهو قسم من أقسام الكلام النفسي، وإن كان واحدا بالذات فيصح كونه أمرا ونهيا وخبرا باختلاف تعلقه ومتعلقه، والخلاف في الفعل، فالأكثر أنه مجاز فيه، وقيل مشترك، وقيل متواطئ. لنا أنه يسبق إلى الفهم القول عند الإطلاق فكان حقيقة غير متواطئ؛ إذ لا دلالة للأعم على الأخص

ص: 382

واستدل: لو كان حقيقة في الفعل لاطرد لأنه من لوازمها، ولا يقال للأكل أمر ولاشتق له آمر ولا مانع ولاتحد جمعاهما ولوصف بكونه مطاعا ومخالفا وللزم الاشتراك ولما صح نفيه. وحَدَّه أكثر المعتزلة بقول

ص: 383

القائل لمن دونه: افعل أو ما يقوم مقامه، قصدوا إدراج الأمر من غير العربية، وليس بسديد لدخول التهديد والإباحة والإرشاد والامتنان وغيرها، ولصدوره من الأعلى خضوعا وليس بأمر، ومن الأدنى استعلاء وهو أمر وقيل: صيغة افعل مجردة عن القرائن الصارفة عن الأمر وفيه تعريف الشيء بنفسه، وإن أسقط لزم التجرد مطلقا، وقيل: صيغة (افعل) باقتران إرادات ثلاث: إرادة وجود اللفظ، وإرادة دلالتها على الأمر، وإرادة الامتثال. والأول عن النائم، والثاني عن التهديد وغيره، والثالث عن الحاكي والمبلغ. وهو فاسد، فإن الأمر الذي هو المدلول إن كان الصيغة فسد، وإن كان غيرها لم يكن الأمر الصيغة وقد قال إنه هي، وفيه تعريف الأمر بمثله، وقيل إرادة الفعل، ويرد عليه صدور الأمر مع تخلفها في مثل ما إذا توعد سلطان على ضرب زيد عبده من غير جزم، فادعى مخالفة أمره وأراد تمهيد عذره بمشاهدته فإنه يأمره ولا يريد امتثاله، وهذا لازم لكل من يحده بافرادة. ووجه آخر لو كان الأمر بفعل إرادته لوجب وجود أوامر الله كلها، فإن إرادة الفعل تخصصه بحال حدوثه، فإذا لم يوجد لم يخصص فلم يتعلق به. وحدَّه غيرهم بأنه خبر عن الثواب على الفعل، والعقاب على الترك، وفيه لزومهما فغير باستحقاقهما

ص: 384

فنقض باستلزام الصدق أو الكذب بخلاف الأمر. وحده القاضي والغزالي وغيرهما: بالقول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به ونقض بأن المأمور مشتق من الأمر وبأن الطاعة موافقة الأمر وهما دور. وابن الحاجب:

ص: 385

اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء، ويرد مثل اترك وكف فإنهما أمران، وهما اقتضاء فعل هو كف. ولا تكف ولا تترك، فإنهما اقتضاء فعل غير كف، وهما نهي واختار في الأحكام: طلب الفعل على جهة الاستعلاء، فالفعل عن النهي والباقي عن الدعاء والالتماس. ثم القائلون بالنفسي اختلفوا؛ فالأكثر له صيغة تخصه ونفاه الأشعري ومن تبعه، وحقق الإمام والغزالي هذه الترجمة فقالا: لا خلاف في إمكان التعبير بأمرتك وأنت مأمور وأوجبت وندبت وسخطت [؟] وإنما الخلاف في صيغة افعل وأنها تستعمل في خمسة عشر محلا: في الوجوب

ص: 386

(أقم الصلاة) والندب (كاتبوهم) والإرشاد (فاستشهدوا) والإباحة (فاصطادوا) والتأديب "كل مما يليك" والامتنان (كلوا مما رزقكم الله) والإكرام (ادخلوها بسلام)

ص: 387

والتهديد (اعملوا ما شئتم) والتسخير (كونوا قردة) والتعجيز (كونوا حجارة) والإهانة (ذق إنك أنت العزيز) والتسوية (فاصبروا أو لا تصبروا) والدعاء (اغفر لي) والتمني "ألا أيها الليل الطويل ألا انجل" وكمال القدرة (كن فيكون) والاتفاق

ص: 388

على أنها مجاز في غير الوجوب والندب والإباحة والتهديد. والجمهور: حقيقة في الوجوب. وأبو هاشم ومتبعوه: في الندب. وقيل للطلب المشترك، وقيل بالاشتراك (فيها) وقيل مشترك فيهما وفي الإباحة.

ص: 389

وقيل في الإذن المشترك فيهما. وقيل مشترك في الأربعة، الجمهور: استدل الأئمة بمطلقها على الوجوب من غير بيان قرينة من غير نكير فدل قطعا على ظهورها فيه كالعمل بالخبر. واعترض بأنه ظن لا قطع، قلنا ممنوع، ولو سلم فيكفي في مدلول اللفظ نقل الآحاد، وغلا تعذر العمل بأكثر الظواهر. وأيضا (أطيعوا) وهدد على المخالفة (فإن تولوا فإنما عليه ما حمل)(فليحذر الذين يخالفون) والتهديد يستلزم الوجوب (ما منعك) ذما على المخالفة لا استفهاما بالاتفاق (أفعصيت أمري)

ص: 390

(لا يعصون الله ما أمرهم)(لا أعصي لك أمرا) والذم يستلزمه وحديث بريرة "أبأمرك؟ قال لا (إنما) أنا شافع"، فعقلت أن الوجوب من لوازمه وأقرها عليه. "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" وقوله لأبي سعيد حيث لم يجب نداءه في الصلاة:"أما سمعت استجيبوا"

ص: 391

ولأن الإيجاب معنى مطلوب فلا بد له من لفظة تخصه، ولأنه مقابل للنهي وهو للامتناع جزما، فيكون الأمر للطلب الجازم، ولأن الأمر بشيء نهي عن جميع أضداده، والامتناع عنها بفعل المأمور به وهو في الوجوب أحوط، فكان أولى. ويقال إنها ظنية والمسألة قطعية. وأما النصوص: فنمنع اقتضاء أطيعوا للوجوب، وقوله: فإن تولوا إن كان إخبارا لم يدل، أو تهديدا دل على وجوب ما هدد فيه لا مطلقا وإلا لدخل الندب، وهو مطرد في كل أمر هدد فيه أو حذر على مخالفته أو سمى به عاصيا. على أن قوله "يخالفون عن أمره" مطلق فلا يعم. وإن سلم فقد تخلف في الندب، على أنه يجوز حمل المخالفة على اعتقاد غير موجبه من وجوب أو ندب. وسؤال بريرة عن أمر يترتب عليه الثواب. فلما نفي قالت لا حاجة لي فيه. والحق أن هذا وحمل المخالفة على الاعتقاد بعيد، وأمر السواك مقرون بالمشقة الدالة على الوجوب. واستجيبوا للوجوب بقرينة حالية وهي تعظيم الله ورسوله والوجوب وإن كان معنى مطلوبا فالندب مثله، ونمنع كون النهي للمنع جزما إلا بدليل، وإن سلم فقياس الأمر عليه قياس في اللغة، وكون الأمر نهيا عن جميع أضداده ممنوع، وإن سلم فإنما يكون النهي عنها مانعا من فعلها، أن لو كان الأمر للوجوب، وإلا فهو للتنزيه فيتوقف الوجوب على المنع الجزمي المتوقف على الوجوب وهو دور. والاحتياط معارض بالإضرار. القائلون

ص: 392

بالندب "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" والتفويض إلى الاستطاعة ندب، ولأن المندوب داخل في الواجب، فكل واجب مندوب ولا عكس، فوجب الحمل عليه لكونه متيقنا. قلنا: كل واجب كذلك فإنه لا يؤتى منه إلا المستطاع وليس الندب داخلا في الوجوب لأنهما ماهيتان متباينتان. ولو سلم فالإباحة أحق بمعنى نفي الحرج عن الفعل، لأنه المتيقن بخلاف الندب لرجحان جانب الفعل وهو غير يقيني. القائل بمطلق الطلب: الرجحان ثابت فجعله لأحدهما تقييد بغير دليل، فكان للمشترك دفعا للاشتراك، قلنا: بل بدليل على أن فيه إثبات اللغة بلوازم الماهيات وهو خطأ، فما من شيئين إلا وهما مشتركان في لازم فيلزم رفع الاشتراك (بالاشتراك). القائل بالاشتراك: أطلق عليهما أو عليها والأصل الحقيقة، ويحسن الاستفهام والتقييد افعل واجبا أو ندبا أو مباحا، قلنا: خلاف الأصل، والتقييد بالوجوب تأكيد، وبغيره قرينة صارفة. ومال في الأحكام إلى الوقف لأن العقل لا يستقل بدرك الاشتراك والوضع لأحدهما ولا تواتر، والظن غير كاف فتعين الوقف. فإن قيل مركب من العقل والنقل. قلنا ظني، قالوا: يلزمكم مثله فإن العقل لا يستقل بالوقف ولا تواتر والظن غير كاف. قلنا: الواقف ساكت عن الحكم فلم يفتقر إلى دليل. وأجيب بأن الدلائل الاستقرائية كافية في هذا الباب للظهور وهو كاف للعمل.

ص: 393

تقسيم:

لما اقتضى الأمر الإيجاب وهو أعلى أنواع الطلب اقتضى أكمل أنواع الحسن الشرعي، وهو كون المأمور به حسنا لعينه إلا بدليل. هذا اختيار شمس الأئمة رحمه الله. وقيل: بل لغيره لثبوته اقتضاء وهو ضروري فيكتفى فيه بالأدنى. ثم ما حسن لعينه فمنه ما لا يحتمل السقوط أصلا كالإيمان بالله، ومنه ما يحتمله لعروض ما يبيحه كالإقرار الدال عليه يسقط بالإكراه مع ثبات الاعتقاد، وكالصلاة من حيث إنها شرعت لتعظيم الله قولا وفعلا مع احتمال السقوط بعارض، والزكاة والصوم والحج وإن شرعت لإغناء الفقير وقهر النفس وتعظيم البيت فلا يخرجها ذلك عن أن تكون حسنة لعينها، فإن الفقير لا يستحق عبادة ولا النفس جانية في ذاتها، ولا البيت معظم لذاته فكانت عبادات خالصة لله تعالى. وشرط لها أهلية كاملة، وحكم هذا القسم أن لا يسقط إلا بالأداء أو بإسقاط من الشارع فيما يحتمله.

ص: 394

والثاني: ما حسن لغيره، فمنه ما لا يوجد ذلك الغير إلا بفعل مقصود كالسعي إلى الجمعة مأمور لأدائها بأفعال مقصوده [مقصودة]، وحكمة [وحكمه] السقوط إذا حصل ما قصد به، فلو سعى فأكره على ضده ثم ترك وجب، ولو أكره على السعي إلى الجامع فأدى سقط، ويسقط أيضا بسقوط ما لأجله شرع بعارض، وكالوضوء شرع لأداء الصلاة بأفعال مقصوده [مقصودة]، فلا يشترط فيه النية من حيث إنه شرط لها، ولو نوى صار قربة، وفرق ما بين السعي والوضوء الاشتراط وعدمه، ومنه ما يوجد الغير به كصلاة الجنازة والجهاد والحدود المشروعة لتعظيم السلم وقهر الكافر وزجر العاصي، وحكمة السقوط بالأداء وبعدم ما لأجله حسنت حتى لو تصور إسلام الخلق وتقواهم سقط الجهاد والحد كما تسقط الصلاة بردة المسلم وبغيه [؟].

تقسيم: ومما حسن لكونه شرطا للأداء القدرة ولا يشترط وجودها حال الأمر بل حال الأداء لتوقف الفعل الاختياري عليها فيحسن الأمر بالأداء بتقدير التمكن منه في وقته كما يحسن أمر المعدوم بتقدير وجوده واستعداده للخطاب والمريض بالجهاد إذا برئ.

وهي نوعان: مطلقة وكاملة. فالأول أدنى ما يتمكن به من الفعل، ماليا كان المأمور به أو بدنيا ولا يشترط لبقائه، فلا يسقط الواجب بالموت ولا الحج والفطرة بهلاك الزاد والراحلة والمال. قال زفر والشافعي:

ص: 395

إذا أسلم أو بلغ أو طهرت ولم يبق من الوقت ما يسع الأداء لا يجب عليهم وإن استحسنا نحن الوجوب لانعقاد السبب وتوهم القدرة بالإمكان الذاتي والانتقال إلى القضاء للعجز الحالي.

والثاني: الميسرة وهي تغير صفة الواجب إلى السهولة كالزكاة الواجبة جزء من المال بشرط النماء الميسر فاشترطت للبقاء لبقاء تلك الصفة للمشروعية فتسقط بالهلاك وإلا انقلبت غرما مناقضا لليسر، بخلاف الاستهلاك للتعدي، وكصحة التكفير بالصوم للإعسار بعد الحنث لقيام اليسر بالتخيير واعتبار العدم الحالي لقوله تعالى (فمن لم يجد) إذ لو قصد عدم الوجدان في العمر بطل الصوم ولهذا ساوى الهلاك فيه الاستهلاك، لعدم تعين المال والوقت فلم يكن متعديا، والمال في الزكاة متعين. وكبطلانها بالدين لمنافاة اليسر فإن نقض بالكفارة أجيب بالفرق على قول أن الزكاة للإغناء فاشترط كمال السببية وهو الغنى والدين ينافيه، والكفارة زاجرة لا مفتية [؟] ولهذا تأدت بالعتق والصوم فيكفي أصل المال الميسر للأداء لتحصيل الثواب المقابل للجناية.

ص: 396

مسألة:

إذا ثبت حسنه كان مجزيا، فإن فسر الإجزاء بامتثال الأمر فهو دليله اتفاقا، وإن فسر بسقوط القضاء فكذلك، وإلا لم يعلم امتثال أبدا، ولأن القضاء استدراك ما فات من مصلحة الأداء، والتقدير الإتيان بجميع المأمور به، فلو وجب كان تحصيلا للحاصل، وأيضا لو لم يسقط بالأمر فالكلام في القضاء مثله لأنه مأمور به، ويتسلسل فلا يتصور إجزاء بفعل مأمور به أصلا. قال (القاضي) عبد الجبار: لا يكون دليل الإجزاء وإلا يلزم أن لا يعيد أو يأثم إذا علم الحدث بعدما صلى بظن الطهارة، لأنه إما مأمور بظنها أو تيقنها. قلنا: أمر ثان متوجه بالأداء حال العلم على حسب حاله حتى لو مات أجزأته وسقطت الإعادة. ولمن يوجب القضاء بالأمر الأول أن يجعله مشروطا بعدم العلم. قال: ومن أفسد حجه مأمور بالأداء ولا إجزاء. قلنا: لم يؤمر إلا بالصحة وهو باق، وهذا الأمر بالتحلل عن الإحرام بطريقة [بطريقه] وهو غير الأول ومجزء [مجزئ] في نفسه.

ص: 397

مسألة:

صيغة الأمر لا تقتضي اقتصارا على المرة ولا تحتمل التكرار. والأستاذ: للتكرار مدة العمر مع الإمكان. وآخرون: للمرة ويحتمله. ووقف آخرون في

ص: 398

الزائد. لنا: أن مدلولها طلب حقيقة الفعل، والمرة والتكرار خارجان غير لازمين، فلم تدل عليه، ولأنهما صفتان للفعل كالقليل والكثير، ولا دلالة للموصوف على الصفة فلا دلالة للأمر الدال على الفعل عليهما، فإن قيل: أوقعتم ثلاثا في طلقي نفسك إذا نوى. قلنا: الثلاث كل الجنس فهو واحد حكما، ولهذا لم توقع ثنتين إذا نوى لأنه عدد. الأستاذ: لو لم يكن للتكرار لم يتكرر الصوم والصلاة. قلنا: التكرار من غير الصيغة. وعورض بالحج. قالوا: النهي ترك أبدا، فالأمر فعل أبدا لاشتراكهما في الاقتضاء. قلنا: قياس في اللغة والنهي يقتضي النفي، ولأن التكرار في النهي لا يمنع من فعل غيره بخلافه في الأمر. قالوا: نهي عن جميع أضداده والنهي يعم فيستلزم تكرار المأمور. قلنا: ممنوع. والنهي المستفاد من الأمر لا يعم لأن عمومه فرع عموم الأمر، فلو أثبت تكرار الأمر به دار، بخلاف النهي الصريح. قالوا: إذا قال لعبده: أحسن صحبة زيد وأكرمه قطع بالتكرار. قلنا: لقرينة أن الأمر بالإكرام لكرامته والأصل دوامها. دليل المرة: إذا قال لعبده: دخل الدار، ففعل مرة امتثل، قلنا: يبرأ بها لحصول حقيقة المأمور به لأنها من ضرورته، لا أن الأمر ظاهر فيها ولا في التكرار. قالوا: لو كان للتكرار لكان صل مرارا تكريرا ومرة نقضا. قلنا: ولو كان للمرة لتوجه مثله. الوقف: لو ثبت واحد منها فإما: بدليل عقلي وهو باطل أو نقلي قطعي وليس، والظن غير مفيد.

ص: 399

مسألة:

إذا علق الأمر بشرط أو صفة، فإن كان علة تكرر باتفاق لتكرر العلة لا للصيغة، وإلا فالمختار أن لا تكرار.

ص: 400

لنا: لو وجب، فإما بالأمر أو بالشرط أو بهما، وليس للأول لما مر، ولا للثاني لعدم تأثير الشرط في المشروط، وليس وقوع الطلاق المعلق بدخول الديار بالدخول، بل بأنت طالق، وهو علة، ولا للثالث، فإنا نقطع بأن من قال لعبده: إذا دخلت السوق فاشتر كذا، فهو ممتثل بالمرة مقتصرا. واستدل بأن تعليقه بالخبر لا يقتضيه فكذا الشرط وهو فاسد لأنه قياس في اللغة.

قالوا: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا)، (وإن كنتم جنبا فاطهروا)، (والسارق) و (الزانية). قلنا: ما كان علة كالزنا والسرقة فمسلم، وما عداه فبدليل خارجي، ولذلك لم يثبت في الحج وإن علق بالاستطاعة. قالوا: تكرر بالعلة فليتكرر بالشرط فإنه أقوى لانتفاء المشروط بانتفائه. قلنا: العلة مقتضية لمعلولها والشرط لا يقتضي مشروطه.

ص: 401