المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثالث في مستند الراوي: - بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام = نهاية الوصول - جـ ١

[مظفر الدين ابن الساعاتي]

الفصل: ‌الثالث في مستند الراوي:

وإن لم يرو، وقيل من اجتمعا فيه. والنزاع لفظي، والأشبه الأول لأنه قابل للتقييد بالقليل والكثير والرواية وعدمها فكان للمشترك، ولأن الحالف ليصحبن فلانا يبر بصحبة ساعة، قالوا: صح نفيه عن غير الملازم وأطلق على الملازم كأصحاب الجنة والقرية والحديث والأصل الحقيقة. قلنا: فهمت الملازمة عرفا ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، فلو قال المعاصر أنا صحابي وهو ظاهر العدالة صدق ويحتمل ضده للتهمة بنسبة رتبة إلى نفسه كما لو قال: أنا عدل.

‌الثالث في مستند الراوي:

وهو إما صحابي أو غيره، فإذا قال الصحابي: سمعته عليه السلام يقول كذا، أو أخبرني أو حدثني، فهو خبر واجب القبول. واختلف في مسائل منها: إذا قال: قال صلى الله عليه وسلم فالأكثر محمول على السماع منه، والقاضي

ص: 354

متردد، فمن قال بعدالة الصحابة فكالسماع، ومن جعلهم كغيرهم فكمراسيل تابع التابعين، والظاهر الأول مع إمكان الواسطة. ومنها: إذا قال: سمعت عليه السلام يأمر بكذا وينهى عن كذا، فالأكثر أنه حجة، لأنه لا يقول ذلك إلا عن تحقيق، ولأنه يقال ذلك على وجه الاحتجاج ظاهرا، وما يقال إن الأمر والنهي مختلف فيهما فلعله أطلقه فيما يعتقده دون غيره، أو هو ممن يعتقد أن الأمر بالشيء نهي عن أضداده، أو النهي أمر بضد منها، فنقله وليس بأمر ولا نهي عند غيره، خلال [خلاف] الظاهر لبعده من مثله، ومنها: إذا قال: أمرنا أو نهينا وأوجب علينا وحرم وأبيح، فالأكثر إضافته إليه عليه السلام، وقيل ومنهم الكرخي: لا يضاف. لنا أن الظاهر أنه لا يقول ذلك إلا عن أمره. قالوا: مشكوك فيه، فلعله إضافة إلى الكتاب أو إلى الأمة أو إلى بعض الأئمة أو القياس. والجواب الاستبعاد، ومنها إذا قال: من

ص: 355

السنة كذا، فالأكثر سنته عليه السلام، وعن الكرخي رحمه الله عكسه، وهي مثل ما قبلها. ومنها: إذا قال: كنا أو كانوا يفعلون كذا، فالأكثر محمول على فعل الجماعة، قالوا: لو أضيف إليهم لكان إجماعا فلم تسغ المخالفة، قلنا: ساغت لأنها إضافة ظنية، وأما غير الصحابي فمستنده قراءة الشيخ أو قراءته عليه أو إجازته له أو مناولته ما يرويه عنه أو كتابته له بذلك، أما الأولان فالمختار أنهما سواء.

ص: 356

والمحدثون: أن الأول أعلاها، قلنا هي برسول الله صلى الله عليه وسلم أحق لكونه مأمونا عن السهو ولم يكتب، وأما فيمن يقرأ من كتاب ويسهو فلا فرق بينهما، لمساواة من يتكلم أو يستمع فيستفهم فيقول نعم. على (أن) رعاية الطالب لما يقرأه [يقرؤه] قد تكون أشد. فإن قرأ الشيخ من حفظه فالأولى أعلى بالاتفاق. فإن قصد إسماعه وحده أو مع غيره قال حدثنا وأخبرنا وقال وسمعته وإن لم يقصد قال قال وأخبر وحدث وسمعته. وأما قرأته من غير إنكار ولا موجب لسكوت من إكراه أو غفلة

ص: 357

أو غيرهما فمعمول به خلافا لبعض الظاهرية، ويقول حدثنا وأخبرنا قراءة عليه. ويجوز مطلقا في الأصح، قال الحاكم: القراءة على الشيخ إخبار، على ذلك عهدنا أئمتنا، ونقله عن الأئمة الأربعة. وأما قراءة غيره من غير إنكار فكقراءته. وأما الإجازة فأن يقول: أجزت لك أن تروي عني كذا أو ما صح عندك من مسموعاتي، وحده، أو مع غيره، فالأكثر تجويز الرواية بها، فيقول: أجازني، أو حدثني وأخبرني إجازة. والأكثر على منع أخبرني وحدثني مطلقا، ومنع قوم حدثني إجازة.

ص: 358

والمختار: إن كان المجيز عالما بما في الكتاب، والمجاز له فهما ضابطا جازت الرواية، وإلا بطلت عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما، وصحت عند أبي يوسف رحمه الله تخريجا من كتاب القاضي إلى مثله، فإن علم ما فيه شرط عندهما لا عنده. والأحوط ما قالاه صونا للسنة وحفظا لها. والمناولة مع الإجازة مثلها إذا أمن على الكتاب من زيادة أو نقصان. وأما الكتابة فأن يكتب: حدثنا فلان إلى المتن، ثم يقول: فإذا بلغك كتابي هذا وفهمته فحدث به عني بهذا السند وهو مثل الخطاب. وقد كان عليه السلام يبلغ الأحكام بالكتب والرسالة، والمختار في هذا أن يقول: أخبرنا لا حدثنا، فإن من حلف لا يحدث بكذا لا يحنث بالكتاب ويحنث لو حلف لا يخبر.

تنبيه:

وما يكون من الكتابة مذكرا فهو حجة مطلقا وما لا يكون لا يعمل به في القضاء ولا الرواية ولا الصك عند أبي حنيفة رضي الله عنه وعن أبي يوسف

ص: 359