المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بصيرة فى ذكر آدم عليه السلام - بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - جـ ٦

[الفيروزآبادي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثلاثون - فى بصائر أسماء الأنبياء عليهم السلام وبصائر الأعداء عليهم الغرام

- ‌بصيرة فى ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌بصيرة فى ذكر آدم عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر نوح عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ابراهيم عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر اسماعيل بن ابراهيم الخليل

- ‌بصيرة فى ذكر اسحاق عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يعقوب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يوسف عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ادريس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يونس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر لوط عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر شعيب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر أيوب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر موسى عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر هارون عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر فرعون

- ‌بصيرة فى ذكر هامان

- ‌بصيرة فى ذكر قارون

- ‌بصيرة فى ذكر السامرى

- ‌بصيرة فى ذكر الخضر عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر الياس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر اليسع عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ذى الكفل

- ‌بصيرة فى ذكر عزير عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر طالوت

- ‌بصيرة فى ذكر داود عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر سليمان عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ذى القرنين

- ‌بصيرة فى ذكر لقمان عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر زكريا عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يحيى عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر هود عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر عاد

- ‌بصيرة فى ذكر صالح عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ثمود

- ‌بصيرة فى ذكر ابليس

- ‌بصيرة فى ذكر مريم عليها السلام

- ‌بصيرة فى ذكر عيسى عليه السلام

الفصل: ‌بصيرة فى ذكر آدم عليه السلام

‌بصيرة فى ذكر آدم عليه السلام

له أَسماءٌ خمسة: الإِنسان، والبشرُ، وأَبُو البَشَرِ، وآدَمُ، والخَلِيفَةُ.

أَمّا آدم فمشتقٌّ من الأُدْمَة، وهى بَياضُ اللَّوْن. وقيل: لَوْنٌ بين البَياض والسَّوادِ كلَوْن الحِنطة، وقيل: لأَنَّه خُلِقَ من أَدِيِم الأَرْضِ.

وأَمّا الخَليفة فلقوله تعالىَ: {جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً} والخَلِيفَةُ والخَلِيفُ مَن يخلف مَنْ تقدّمَه. وكان آدمُ خَلَفَ قوماً من الخَلْق يسمَّوْن الجانَ بن الجان، ولكونه ناب مَناب ملائكة السّماء.

وأَمَّا البَشَرُ فلقوله تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ} قيل: وسُمّىَ بَشَراً لمبُاشَرته عظائِمَ الأُمور. وقيل: لما كان فى وَجْهِه من البِشْرِ والبَشاشة.

وسُمِّىَ إِنساناً لأُنْسه بجنْسه، فالإِنسان من اجْتَمَع فيه إِنسان أُنْسه بالغَيْر وأُنْسِ الغَيْرِ به، وقيل: اشتقاق من النَّوْسِ وهو الحركَة لكثرة حَرَكَته فيما يَتَحَرّاه، وقيل: من الإِيناس وهو الإِبْصارُ، لأَنَّه ببَصرِه الظَّاهر وبَصِيرَته الباطنة يَرَى رُشْدَه ويَصِل إِليه. وفى بعض الآثار أَنَّ آدم عليه السلام قيل له: كَيْفَ وَجَدْت نَفْسَك عند الزَلَّة؟ قال كرَجُلٍ انكسرت أَعضاؤه فلم يَبْقَ مَفْصِلٌ مع مَفْصِلٍ، فقيل له: كيف وَجَدت نَفْسَك عند الخُروج من الجنَّة؟ فقال: الموتُ أَهْوَن علىّ من ذلك. وفى الحديث أَنَّ مُوسَى قال له ليلة المِعْراج: "يا آدَمُ أَخْرَجْتَنا من الجنَّة! فقال: يا مُوسَى هو شْئٌ كَتَبَه الله علىّ

ص: 22

أَمْ شئ من ذات نفسى؟ فقال: لا بل شئ كتب الله عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فعند ذلك حَجَّ آدمُ موسَى"، أَى غَلَبه.

وقد ذكره الله تعالى فى القرآن فى عشرين مَوْضِعاً، ففى سبعةِ مواضعَ مختصٌّ بالذِكْر وَحْدَه، وفى سبعة مواضع مُقْتَرِن بذكر بنِيه.

أَمّا ذِكْره منفرداً ففى قوله تعالى: {كَمَثَلِءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} ، {وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا} ، {قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ} ، {اسجدوا لأَدَمَ} ، {يَآءَادَمُ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة} ، {إِنَّ الله اصطفىءَادَمَ} ، {فتلقىءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، {يآءَادَمُ إِنَّ هاذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ} ، {وعصىءَادَمُ رَبَّهُ} .

وأَمّا المُقْتَرِن بِبَنِيه ففى قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِيءَادَمَ} ، {يابنيءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً} ، {يابنيءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ، {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بنيءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى} ، {يابنيءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} ، {يابنيءَادَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الجنة} ، {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابنيءَادَمَ} ، أَنشد بعض المحدَثين:

ص: 23

/مَنَّتْكَ نَفْسُكَ ضلّة فأطَعْتَها

سُبُلَ الرَّشَاد وهُنَّ غَيْرُ قَواصِدِ

تَضَعُ الذُّنُوبَ على الذُّنُوب وتَرْتَجِى

دَرْكَ الجِنانِ بها وفَوْزَ العابِدِ

أَنَسِيتَ أَنَّ الله أَخْرَج آدَماً

من جَنَّةِ المَأْوَى بذَنْب واحدِ

قال أَبو إِسحاق الزّجّاج: اختلفت الآيات فيما بدئ به خَلْقُ آدَمَ، ففى موضع:{خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} ، وفى موضعٍ:{مِّن طِينٍ لَاّزِبٍ} ، وفى موضعٍ:{مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} ، وفى موضع:{مِن صَلْصَالٍ كالفخار} قال: وهذه الأَلفاظ راجعة إِلى أَصل واحد، وهو التُّراب الذى هو أَصل الطِّين، فأعلمنا الله عز وجل أَنّه خُلِقَ من تراب جُعِلَ طيناً، ثمّ انتقل فصار كالحَمَأِ المَسْنُون، ثمّ انتقل فصار صَلْصالاً كالفخّار.

وقال الثعالبى فى قوله تعالى حكاية عن إِبْلِيس أَنّه قال: {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} . قال الحكماء أَخْطَأَ عَدُوُّ الله فى تَفْضِيله النّارَ على الطِّين، لأنّ الطِّين أَفضلُ من النّارِ لوُجوهٍ:

أَحَدُها: أَنَّ من جَوْهَر الطِّين الرّزانة، والسُّكون، والوَقارُ، والحِلْمُ، والأَناةُ، والحَياءُ، والصَّبْر، وذلك سبب تَوْبةِ آدم وتواضُعِه فأورثَه المَغْفِرة والاجْتِباء والهِداية، ومن جَوْهَر النّار الخِفَّةُ والطَّيْشُ والحِدَّةُ والارتفاع والاضْطِراب، وذلك سببُ اسْتِكْبار إِبْلِيس، فأَوْرَثَه اللَّعْنَةَ والهَلاكَ.

والثَّانِى: أَنَّ الجَنَّة موصوفةٌ بأنَّ تُرابَها المِسْك، ولم يُنْقَل أَنَّ فيها ناراً.

الثالِثُ: أَنَّها سبب العذابِ بخلاف الطِّين.

الرّابع: أَنَّ الطّين مُسْتَغْنٍ عن النار، والنَّارُ محتاجةٌ إِلى مكانٍ وهو التّراب.

الخامس: أَنَّ الطّين سببُ جمْع الأَشياء، والنَّار سببُ تَفْريقها. وفى صحيح مُسْلم عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إِنَّ الله تعالَى خَلَق آدم يومَ الجُمعة". وفى تاريخ دِمشْق

ص: 24

عن عائشة رضى الله عنها، قالت: كان النبىّ صلى الله عليه وسلم يقُول: أَنّا أَشْبهُ الناسِ بأَبِى آدم عليه السلام، وكان أبى إِبراهِيم أَشبه الناس خَلْقاً وخُلُقاً، خَلَقَه الله عز وجل بيده، وأَسْجد له ملائكتَه، وأَسْكَنَه جنَّتَه. واصطفاه، وكَرَّمَ ذُرِّيَّتَه، وعلَّمه جميع الأَسماء، وجعله أَوَّل الأَنْبِياء، وعلَّمهُ ما لم يَعْلَمه الملائكة المقرَّبون، وجعل من نسْله الأَنْبِياء والمُرْسلين والأَوْلِياء والصِّدِّيقين.

واشْتَهَر فى كتب التواريخ أَنَّه عاشَ أَلْفَ سنة، وأَنَّه توفِّىَ بمكَّةَ، ودُفِنَ فى جبل أَبِى قُبَيْسٍ، وحجَّ على رِجْلَيْه سِتِّين حجّةً من أَقصى بِلادِ الهِنْد.

ص: 25