الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى ذكر سليمان عليه السلام
وسليمانُ اسمٌ أَعجمىّ غير منصرف، وقيل مشتقٌّ من السَّلامة، سمّى به لاستسلام أَعدائه له، ولسلامته من غوائلهم. وفى بعض الأَخبار أَنَّ النمل قال: أَتدرى لمَ سُمِّيت سليمان؟ قال: لا. قال: معناه يا سُلَيْم آنَ لَكَ أَنْ تَتُوبَ. وكان فى الأَصل يا سليم فَخُفِّفَ.
ودعاه الله عز وجل فى التنزيل بأَحدَ عَشَر اسماً تصريحاً وتعريضاً: مُفَضَّلٌ {الحمد لِلَّهِ الذي فَضَّلَنَا} ، مُعَلّم {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطير} ، ضاحِكٌ {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً} ، شاكِرٌ {أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} ، صالح {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} ، ناظِر {سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ} ، مَلِك {إِنَّ الملوك إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً} ، مُتَفَقِّد {وَتَفَقَّدَ الطير} ، حاكِمٌ {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} ، فَهِيمٌ {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} ، عَبْدٌ وأَوّابٌ {نِعْمَ العبد إِنَّهُ أَوَّابٌ} ، مُنِيبٌ {ثُمَّ أَنَابَ} ، مَوْهوبٌ وسُلَيْمان {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} .
وذكره الله تعالى فى التَّنْزيل فى خمسةَ عَشَر موضعا باسمه، غير المكرّر:{كُلاًّ هَدَيْنَا} إِلى قوله: {وَسُلَيْمَانَ} ، {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحرث} ، {وَلِسُلَيْمَانَ الريح عَاصِفَةً} ، {وَلِسُلَيْمَانَ الريح غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} ، {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} ، {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، {وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ
جُنُودُهُ مِنَ الجن والإنس} ، {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} ، {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمان الرحيم} ، {فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ} ، {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ} ، {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} ، {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} ، {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} ، {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى وَحُسْنَ مَآبٍ} .
قال الثَّعْلبىّ وورث سليمانُ داودَ أَى نُبُوَّتَه وعِلْمَه وحكمته دون سائر أَولاد داود. قال: وكان لداود اثنَا عشرَ ابنا. وكان سليمان ملك الشام إِلى اصْطَخْر، وقيل: ملك الأَرض. وقد رُوِى عن ابن عبّاس رضى الله عنهما قال: مَلَكَ الأَرضَ مُؤْمنان سليمانُ وذو القَرْنَيْن، وكافران نُمْروذ وبُخْتَنَصَّر.
وقال كعبٌ وابن منبّه: كان سليكان أَبيضَ جسيما وسيما وَضَّاءً جميلا خاشعاً متواضعاً، يلبس الثبابَ البيض، ويُجالِس المساكينَ ويقول: مِسْكِينٌ جالسَ مِسْكِيناً، وكان أَبوه يشاورُه فى كثير من أُموره مع صِغَرِ سِنَّهِ لوفور عَقْلِه وعلمه.
ولمّا ملك سليمان / كان كثير الغَزْو والجِهاد لا يكاد يتركه، فتَحْمِلُه الريحُ هو وعسكره ودوابّهم حيث أَراد، وتَمُرّ به وبعسكره الريح على المزرعة فلا يتحرَّكُ الزرعُ.
قال محمّد بن كعب القرظىّ: بلغنا أَنّ معسكر سليمان كان مائة فرسخ، خمسة وعشرون للإِنس، ومثلها للجنّ، ومثلها للطَّير، ومثلها للوحش.
قال: وقال أَهل التاريخ وكان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة؛ وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وابتدأَ بناء بيت المقدس بعد ابتداء ملكه بأَربع سنين.
قال بعضهم:
أعْطَى سُلَيْمَانَ فى دُنْياه مَمْلَكَةً
…
لَمْ يُعْطِ قَطُّ كما أَعْطاه إِنْسانا
طَيْرٌ بأَجنحةٍ ظلَّت مِظَلَّته
…
رِيحٌ رُخاءٌ أَتَتْه حَيْثُ ما كانَا
آتاه من كلّ شئ ما يُلائمه
…
حَتَّى لِمَنْطِق طيرٍ زادَ تِبيانا
فصار يَنْصُره يوماً ويَذْكُره
…
لَيْلاً ويَشْكُره قَلْباً وقُرْبانا
أَفْدِيه من مَلِك أَقوالُه حِكَمٌ
…
والله قال: "فَفَهَّمْنا سُليْمانا"