المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بصيرة فى ذكر يعقوب عليه السلام - بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - جـ ٦

[الفيروزآبادي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثلاثون - فى بصائر أسماء الأنبياء عليهم السلام وبصائر الأعداء عليهم الغرام

- ‌بصيرة فى ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌بصيرة فى ذكر آدم عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر نوح عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ابراهيم عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر اسماعيل بن ابراهيم الخليل

- ‌بصيرة فى ذكر اسحاق عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يعقوب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يوسف عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ادريس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يونس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر لوط عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر شعيب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر أيوب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر موسى عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر هارون عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر فرعون

- ‌بصيرة فى ذكر هامان

- ‌بصيرة فى ذكر قارون

- ‌بصيرة فى ذكر السامرى

- ‌بصيرة فى ذكر الخضر عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر الياس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر اليسع عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ذى الكفل

- ‌بصيرة فى ذكر عزير عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر طالوت

- ‌بصيرة فى ذكر داود عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر سليمان عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ذى القرنين

- ‌بصيرة فى ذكر لقمان عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر زكريا عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يحيى عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر هود عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر عاد

- ‌بصيرة فى ذكر صالح عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ثمود

- ‌بصيرة فى ذكر ابليس

- ‌بصيرة فى ذكر مريم عليها السلام

- ‌بصيرة فى ذكر عيسى عليه السلام

الفصل: ‌بصيرة فى ذكر يعقوب عليه السلام

‌بصيرة فى ذكر يعقوب عليه السلام

وكان اسمه إِسرائيل، وكلَا الاسمين أَعْجَمىٌّ غير مُنْصَرِف للعُجْمة والعلمية، هذا هو الَّذى عليه الأَكثرون. وتكلَّف بعضُهم فى القول باشتقاقهما، فقال فى إِسْرائيل إِسْر بالسّريانية: الصَّفىّ والخاصَّة، وإِيل بلغتهم: اللهُ، فمعناه صَفىُّ الله وخاصَّتُه. وقيل: أَسْرا مَعناه: الأُسْرَة، وإِيل بمعنى الآل، أَى هو نَبِىٌّ وآلُهُ وأَقارِبُه أَنْبِياءُ. وقيل: أَسْر من الأَسْر، وإِيل اسم شَيْطانٍ. وسُمِّىَ به لأَنَّه عليه السلام كان خادماً للمَسْجد الأَقْصَى والمَسْجد الحرام على اختلافِ القولَيْن، وكان يُوقِدُ فيه السُّرُجَ للعابدين والمُصَلِّين، وكان الشيطان المسمّى إِيل مُسَلَّطاً عليها يأتيها ويُطْفئُها، فلمّا اطَّلع على ذلك يعقوبُ تَرَصَّد له وأَسَره ورَبَطه إِلى سارِيَةٍ حتى رآه الناسُ عَياناً، فقالوا أَسَرَ إِيل أَى أَسَرَ الشيطان، فخفَّفوه وقالوا أَسْر إِيل. وأَمّا يعقوبُ فإِنَّه سُمِّىَ به لأَنه كان يعقب أَوامَر الله تعالى ونَواهيَه من كتابه فيَعْمَل بها. وقيل: سُمِّىَ يعقوبَ لأَنَّه عاقَبَ شَيْطانَه المتقدّم ذكْرُه. وقيل: لأَنَّه يَعْقُبُه / ذُرِّيَّتُهُ. وقيل: لأَنَّه خرجَ من بَطْنِ أُمِّه متعلِّقا بعَقب أَخيه عيصو، وسُمِّىَ أَخوه عيصُو لأَنَّه عَصَى بالتَّقَدُّم عَلَيْه. وفى بعض الآثار القُدْسيّة أَنَّ الله تعالَى قال: لَوْ عَلمْتُ شيئاً أَبْلَغَ فى عُلُوِّ دَرَجَةٍ من الهَمِّ والحُزْنِ لابْتَلَيْتُه. وأَوْحَى الله إِليه لمّا أَكْثَر من البُكاءِ على فراقِ يوسف، يا يَعْقُوبُ هذا بُكاؤك على فِراقِ الوَلَدِ، فكيف بكاؤك على فِراقِ الوَاحِدِ الأَحَد! وقِيلَ لمَّا قَدِمَ البشيرُ على يَعْقُوبَ يُبَشِّرُه ببَقاءِ يُوسُفَ ولِقائه قال يَعْقُوب: على أَىِّ دِين تَرَكْتَه؟ قال عَلَى الإِسْلام. فقال: الآن تَمَّتِ النِّعْمة.

وكان يَعْقوبُ حَفِيدَ الخَلِيل، ووَلَدَ الذَّبِيحِ، ووالِد الصدِّيق، ومُقْدَّمَ الأَسْباط وشَيْخَهم، وجَدَّ أَنْبِياءِ بنى إِسْرائِيلَ، وابن أَخى إِسماعيل، ووارِثَ جَمالِه. واعتكف فى بيت الأَحْزان أَرْبَعِينَ سَنَةً، وقيل: سَبْعِين سنةً. واسْتَنْشَقَ ريحَ ثَوْب يوسفَ من مسافةِ ثمانين فَرْسَخاً.

ص: 43

وقد ذكره الله تعالَى فى مواضِعَ من القرآن المجيد: الأَوّل فى وَصِيَّةِ الذرِّيَّة بمُحافَظَتِهم على المِلَّة {ووصى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} .

الثَّانى: فى الخَبَرِ من الحال وَقْت الترحال: {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الموت} .

الثالث: فى موافقة الدَّعْوةِ مع أَبْناءِ النُّبُوَّة: {وَمَآ أُنزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} .

الرّابع: نسبة الأَسباطِ إِليه للشَّرَف والمَنْزلة {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} إِلى قوله {وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ} .

الخامس: البِشَارة بوجُودِه قَبْلَ مَوْلودِه: {وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} .

السّادِسُ: المِنَّة على إِبراهيمَ به وبكَوْنه نافِلَةً {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} .

السّابع: إِخْلاصُه فى طَريق الدِّيانَة. {واذكر عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} .

الثامِنُ: فى وَعْدِ يُوسُفَ بتَمام النِّعْمة عليه {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وعلى آلِ يَعْقُوبَ}

التَّاسع: فى حُصُول المَقْصُود وقَضاءِ الحِاجَة: {إِلَاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} .

قيل ثمانِيَةُ أَنْفُس ابْتُلُوا بِفراق ثمانِيَةٍ فوقعُوا بإِثْرها فى مِنْحَة أَو مِحْنَة: ابْتُلِىَ آدمُ بِفراق الجَنَّة فوقع على إِثْرها فى مِحَنِ الدُّنْيا {فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ} . وابْتُلِىَ نوحٌ بفراق كَنْعان فوقَع فى أَثره فى المَلامَة بسَبب شَفاعَته فيه: {إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين} . وابْتُلِىَ يُونُس بِفراقِ القَوْمِ فَوقَع فى أَثَرِه فى ظُلْمَة البَحْرِ وظُلْمَة بَطْن الحُوت {فنادى فِي الظلمات أَن لَاّ إلاه إِلَاّ أَنتَ} . وابْتُلِىَ سُلَيْمان بفِراق المُلْكِ فَوقَع على أَثَرِه

ص: 44

فى الابْتلاءِ والمَلَامة، لقوله تعالى:{وَأَلْقَيْنَا على كُرْسِيِّهِ جَسَداً} . وابْتُلِىَ مُوسَى بِفراقِ أُمِّه فوقع على أَثَره فى قَبْض فِرْعَوْنَ لقوله تعالى: {فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ} . وابْتُلىَ صلى الله عليه وسلم بفراقِ مكَّة فصار على أَثَره فى دار الهِجْرة والمُهاجَرَة: {والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} . وابْتُلِىَ يُوسُفُ بِفراقِ أَبِيه فوقع على أَثَرِه فى بِئْر الوَحْشَة وحَبْس البَليَّة: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الجب} . وابْتُلى يَعْقوب بِفراق يُوسُفَ فوقَع فى بَيْت الأَحْزانِ وزَاوِيَة الهُموم وتوظَّفَتْه الآلام والغُموم: {إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله} ، ثم انتقل من زاويَة المحْنة إِلى بَسْط المِنْحَة وعالَم البُشْرَى والمَسَرَّة. قال:

وَرَدَ البَشِيرُ مُبَشِّراً بقُدُومهِ

فمُلِئْتُ من قَوْل البَشِير سُرُورا

/واللهِ لَوْ قَنع البَشِيرُ بمُهْجَتِى

أَعْطَيْتُه ورَأَيْتُ ذاك يَسِيرا

لَوْ قالَ هَبْ لىِ ناظِرَيْكَ لَقُلْتُهَا

خُذْ ناظِرَىَّ فما سَأَلْتَ كَثِيرَا

وكَأَنَّنِى يَعْقُوبُ مِن فَرَحِى بِهِ

إِذْ عادَ من شَمِّ القَمِيصِ بَصِيرا

ص: 45