المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بصيرة فى ذكر داود عليه السلام - بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - جـ ٦

[الفيروزآبادي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثلاثون - فى بصائر أسماء الأنبياء عليهم السلام وبصائر الأعداء عليهم الغرام

- ‌بصيرة فى ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌بصيرة فى ذكر آدم عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر نوح عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ابراهيم عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر اسماعيل بن ابراهيم الخليل

- ‌بصيرة فى ذكر اسحاق عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يعقوب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يوسف عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ادريس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يونس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر لوط عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر شعيب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر أيوب عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر موسى عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر هارون عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر فرعون

- ‌بصيرة فى ذكر هامان

- ‌بصيرة فى ذكر قارون

- ‌بصيرة فى ذكر السامرى

- ‌بصيرة فى ذكر الخضر عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر الياس عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر اليسع عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ذى الكفل

- ‌بصيرة فى ذكر عزير عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر طالوت

- ‌بصيرة فى ذكر داود عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر سليمان عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ذى القرنين

- ‌بصيرة فى ذكر لقمان عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر زكريا عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر يحيى عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر هود عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر عاد

- ‌بصيرة فى ذكر صالح عليه السلام

- ‌بصيرة فى ذكر ثمود

- ‌بصيرة فى ذكر ابليس

- ‌بصيرة فى ذكر مريم عليها السلام

- ‌بصيرة فى ذكر عيسى عليه السلام

الفصل: ‌بصيرة فى ذكر داود عليه السلام

‌بصيرة فى ذكر داود عليه السلام

ودَاوُدُ اسمٌ أَعجمىٌّ ممنوع من الصّرف، وقيل: داوُدُ معناه قصير العمر، وكان داود أَقصر الأَنبياء عُمْراً، وقيل: معناه داوى جُرحَه بوْدّ. وقيل: إِنّما سُمّىَ داود لأَنَّه داوَى الذُّنوب بوُدّه الودود، وقيل داوَى ذَنْبَه ووَدَّ رَبَّه. وهو أَبو سُلَيْمان / داوُد ابن إِيْشا بهمزة مكسورة ومثنَّاة تحتيّة ساكنة بعدها شين معجمة وأَلف. وقد تظاهرت الآيات والأَحاديث الصّحيحة على عِظَم فضل الله تعالى عليه، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الحمد لِلَّهِ الذي فَضَّلَنَا على كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المؤمنين} وقال تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحرث} الآيات، وقال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ياجبال أَوِّبِي مَعَهُ والطير وَأَلَنَّا لَهُ الحديد} . وقال تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى وَحُسْنَ مَآبٍ * ياداوود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض فاحكم بَيْنَ الناس بالحق} الآية، وقال تعالى:{وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} ، وقال تعالى:{وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} الآيات، وقال تعالى:{وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ الله الملك والحكمة وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ} وقال تعالى: {واذكر عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيد إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الجبال مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالعشي والإشراق * والطير مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الحكمة وَفَصْلَ الخطاب} وقال تعالى: {اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً} ، {كُلاًّ هَدَيْنَا} إِلى قوله {دَاوُودَ} ، وقال تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، {إِذْ دَخَلُواْ على دَاوُودَ} ، {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} . وفى الأثر "إِنّ داودَ كان يقول فى مُناجاته: إِلهى أَتَيْت أَطباء عبادِك لِيُداوُونى

ص: 83

وكلُّهم عَلَيْك دَلَّونى". وفى الصّحيحين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الصّيام إِلى الله صِيامُ داوُدَ، كان يصوم يوما ويُفْطِرُ يوما، وأَحبُّ الصّلاة إِلى الله صَلاةُ داوُدَ، كان يَنام نصفَ اللَّيْل ويَقُوم ثُلُثَه، وَينام سُدُسَه"، وقال صلى الله عليه وسلم لأَبى مُوسَى الأَشعرىّ: "لو رَأَيْتَنِى وأَنا أَسْتَمِع قِراءتَك البارِحَة لَقَدْ أُوتيتَ مِزْماراً من مَزامِير آل داوُدَ". وعند البخارىّ قال صلى الله عليه وسلم: "خُفَّف على داوُدَ القرآن فكان يأْمُرُ بدوَابِّهِ أَن تُسْرَج فَيقْرَأَه قبل أَن تُسْرَج دَوَابُّهُ، وكان لا يأْكل إِلَاّ من عَمَل يَدَيْه"، المُراد بالقرآن الزَّبور. وعن أَبى الَّدرْداء يرفعه: "كان من دُعاءِ داودَ الَّلهم إِنىّ أَسأَلُكَ حُبَّكَ وحُبَّ مَنْ يُحبّك، والعَمْلَ الَّذى يُبَلِّغنى حُبَّك، الَّلهُمّ اجعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلىّ من نَفْسى وأَهْلِى ومن الماء البارِد". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ذَكَر داودَ قال:"كان أَعْبَدَ البَشَر" حسّنه الترمذىّ. وعن الفُضَيْلِ بن عِياض قال: قال داود: إِلهى كنْ لابْنِى سُلَيْمان كما كُنتَ لى، يكن لك كما كنت لك.

قال العلماء: لمّا استُشْهِد طالوتُ أَعطت بنو إِسرائيل داودَ خزائنَ طالوت ومَلَّكوه على أنفسهم، وذلك بعد قتل جالوتَ بسبع سِنين، ولم يجتمِع بنو إِسرائيل [بعد يوشعَ ابن نون] على ملِك إِلَاّ داوُدَ.

قال كعبُ بنُ مُنَبّه. كان داودُ أَحْمَرَ الوَجْه سَبْطَ الرَأْسِ، أَبيضَ الجِسْم، طويل اللِّحية، فيها جعودة، حَسَنَ الصَوت والخَلْق، طاهر القلب. وقال: وممّا أُعْطِىَ من الفضائل والخصائص الزَّبُورُ وحُسْنُ الصّوت، فلم يُعْطَ أَحدٌ مثل صَوْته. وحكى من آثارِ صوتِه أَشياء عجيبة حتَّى إِنّ وحوش الصّحراءِ وطُيُور الهواء وسُكّان الأَرض والسّماء كانوا يَطْرَبُون لسماع صَوْتِه / ويَتَلَذَّذُون بِحُسْنِ أَلْحانِهِ؛ ومنها تَسْخِير الجِبال والطَّير للتَّسبيح

ص: 84

معه، ومنها الحِكْمَةُ وفَصْلُ الخطاب، قيل: معرفة الأَحكام وإِيقانُها وتسهيلها، وقيل: بيانُ الكلام، وقيل: قوله أمّا بعد، وقيل: الشُّهودُ والأَيمْان؛ ومنها السّلسلة المشهورة؛ ومنها القُوَّة فى العِبادة والمُجاهَدَة؛ ومنها قوّةُ المُلْكِ وتمكينه؛ ومنها قُوّة بَدَنِه وشجاعةُ قلبه؛ ومنها إِلانَةُ الحديد، ومنها صَنْعَةُ الَّلبُوس الباقى إِلى يوم القيامة تُجاهِدُون بهِ الغُزاة فى سبيل الله.

قال أَهل التاريخ: كان عُمْرُ داودَ مائةَ سنة، مُدّة ملكه منها أَربعون سنة. صلوات الله على نبيِّنا وعليه. قال بعضهم:

الله رازقُنا بالفَضْلِ والجُودِ

فاسْتَغْنِ فى جُودِهِ عن كلّ مَوْجُودِ

نحن العبيد سِراعٌ فى عِبادَتِه

بلا اعْتِراض على تقْدِير مَعْبُودِ

فاطلب مَبَرَّتَه وامْدُدْ مَوَدَّتَه

وانْظُر إِلى عَبْده ذِى الأَيْدِ دَاوُد

ص: 85