المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في المنام، وقال له ما معناه: إنه من قرأ عليه دخل الجنة.وقد أخذ عنه لذلك غير واحد من أهل العلم.وقال الخزرجي في طبقات أهل اليمن: كان فقيها عالما صالحا عارفا بالفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والعروض. قرأ النحو على ابن بصيبص - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌[بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة]

- ‌بَاب المحمدين

- ‌ فِي الْمَنَام، وَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ: إِنَّه من قَرَأَ عَلَيْهِ دخل الْجنَّة.وَقد أَخذ عَنهُ لذَلِك غير وَاحِد من أهل الْعلم.وَقَالَ الخزرجي فِي طَبَقَات أهل الْيمن: كَانَ فَقِيها عَالما صَالحا عَارِفًا بالفقه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير واللغة والنحو وَالْعرُوض. قَرَأَ النَّحْو على ابْن بصيبص

- ‌ أَبُو عبد الله من قرطبة، قَالَ ابْن الفرضي: كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ حفظ اللُّغَة وَرِوَايَة الحَدِيث. ثِقَة مَأْمُونا، وَلم يكن عِنْده كَبِير علم بالفقه، رَحل فحج، وَدخل الْبَصْرَة، فَسمع من بنْدَار وَغَيره من أهل الحَدِيث، وَلَقي بهَا أَبَا حَاتِم السجسْتانِي وَالْعَبَّاس بن الْفرج

- ‌ فِي الْمَنَام، فَقَالَ لي: اصْطلحَ مَعَ مُحَمَّد الْبكْرِيّ.مَاتَ سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة، وَهُوَ يُصَلِّي الصُّبْح

- ‌ فَهُوَ مولى مولى مولى، ثمَّ ادّعى أَبُو بكرَة انه ثقفي، وَادّعى سُلَيْمَان أَنه تميمي، وَادّعى ابْن مناذر أَنه من بني صبيرة بن يَرْبُوع، فَهُوَ دعِي مولى دعِي مولى دعِي؛ وَهَذَا مِمَّا لم يجْتَمع فِي غَيره

- ‌بَاب الأحمدين

- ‌ وَكتاب حلية الْفُقَهَاء، ومسائل فِي اللُّغَة يغالي بهَا الْفُقَهَاء.وَمِنْه اقتبس الحريري صَاحب المقامات ذَلِك الأسلوب، وَوضع الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة فِي المقامة الحربية، وَهِي مائَة مَسْأَلَة، وَغير ذَلِك.قَالَ الذَّهَبِيّ: مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وثلاثمائة بِالريِّ، وَهُوَ أصح مَا

- ‌ تِلْكَ اللَّيْلَة فَقَالَ لي: أَقْْرِئ أَبَا الْعَبَّاس مني السَّلَام، وَقل لَهُ: أَنْت صَاحب الْعلم المستطيل.قَالَ لي أَبُو عمر الزَّاهِد: سُئِلَ ثَعْلَب عَن شَيْء فَقَالَ: لَا أَدْرِي، فَقيل لَهُ: أَتَقول: لَا أَدْرِي، وَإِلَيْك تضرب اكباد الْإِبِل من كل بلد! فَقَالَ: لَو كَانَ لأمك بِعَدَد مَا لَا أَدْرِي

- ‌حرف الْهمزَة

- ‌حرف الْبَاء

- ‌حرف التَّاء

- ‌حرف الثَّاء

- ‌(حرف الْجِيم)

- ‌(حرف الْحَاء)

- ‌ فسجن.وَله تصانيف فِي عُلُوم؛ مِنْهَا الإكليل فِي الْأَنْسَاب، الْحَيَوَان، الْقوس، الْأَيَّام، وَغير ذَلِك. وَله ديوَان شعر سِتَّة مجلدات

- ‌ فِي النّوم، وَقد نَاوَلَهُ قدحا من اللَّبن، فَشرب مِنْهُ

- ‌ مَا أحد من أَصْحَابِي إِلَّا وَقد أخذت عَلَيْهِ لَيْسَ أَبَا الدَّرْدَاء "، فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: " لَيْسَ أَبُو الدَّرْدَاء "، فَقَالَ حَمَّاد: لحنت يَا سِيبَوَيْهٍ، فَقَالَ: لَا جرم؛ لأطلبن علما لَا تلحنني فِيهِ أبدا. ثمَّ لزم الْخَلِيل. انْتهى مَا ذكره السيرافي.وَذكره الزبيدِيّ فِي طَبَقَات

- ‌(حرف الْخَاء)

- ‌اخْتلف النَّاس فِي نسبته إِلَى الْخَلِيل، فَقَالَ أَبُو الطّيب اللّغَوِيّ: لَيْسَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ لليث ابْن نصر بن سيار، وَقيل: عمل الْخَلِيل مِنْهُ قِطْعَة من أَوله إِلَى كتاب الْعين، وكمله اللَّيْث، لِأَن أَوله لَا يُنَاسب آخِره، وَهَذَا قد تقدم فِي قَول السيرافي.وَقيل: بل أكمله

- ‌(حرف الدَّال)

- ‌(حرف الذَّال)

- ‌(حرف الرَّاء)

- ‌(حرف الزَّاي)

- ‌(حرف السِّين)

- ‌قَالَ السيرافي: كَانَ أَبُو زيد يَقُول: كلما قَالَ سِيبَوَيْهٍ: " أَخْبرنِي الثِّقَة "، فَأَنا أخْبرته بِهِ

الفصل: ‌ في المنام، وقال له ما معناه: إنه من قرأ عليه دخل الجنة.وقد أخذ عنه لذلك غير واحد من أهل العلم.وقال الخزرجي في طبقات أهل اليمن: كان فقيها عالما صالحا عارفا بالفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والعروض. قرأ النحو على ابن بصيبص

110 -

مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد بن عمر الذوالي اليمني الزبيدِيّ أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بالزوكي

قَالَ الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة: كَانَ إِمَامًا عَالما فَاضلا متفنناً. انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة بِالْيمن فِي علم الْأَدَب. وَكَانَ حسن الْخلق، سليم الصَّدْر، مَشْهُورا بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح، ذكر أَنه رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ فِي الْمَنَام، وَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ: إِنَّه من قَرَأَ عَلَيْهِ دخل الْجنَّة.

وَقد أَخذ عَنهُ لذَلِك غير وَاحِد من أهل الْعلم.

وَقَالَ الخزرجي فِي طَبَقَات أهل الْيمن: كَانَ فَقِيها عَالما صَالحا عَارِفًا بالفقه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير واللغة والنحو وَالْعرُوض. قَرَأَ النَّحْو على ابْن بصيبص

، وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْأَدَب بعده.

مَاتَ بِمَكَّة فِي آخر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة.

111 -

مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب بن سعيد بن حريز الزُّرعي الشَّمْس ابْن قيم الجوزية الْحَنْبَلِيّ الْعَلامَة

ولد فِي سَابِع صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة، وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على الْمجد التّونسِيّ وَابْن أبي الْفَتْح البعلي، وَالْفِقْه والفرائض على ابْن تَيْمِية، والأصلين عَلَيْهِ وعَلى الصفي الْهِنْدِيّ، وَسمع الحَدِيث من التقى سُلَيْمَان، وَأبي بكر بن عبد الدَّائِم، وَأبي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ، وَعِيسَى الْمطعم، وَغَيرهم.

ص: 62

وصنف وناظر، واجتهد، وَصَارَ من الْأَئِمَّة الْكِبَار فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفُرُوع والأصلين والعربية.

وَله من التصانيف: زَاد الْمعَاد، مِفْتَاح دَار السَّعَادَة، تَهْذِيب سنَن أبي دَاوُد، سفر الهجرتين، رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة، إِعْلَام الموقعين عَن رب الْعَالمين، الكافية الشافية، نظم الرسَالَة الحلبية فِي الطَّرِيقَة المحمدية، تَفْسِير الْفَاتِحَة، تَفْسِير أَسمَاء الْقُرْآن، الرّوح، بَيَان الِاسْتِدْلَال على بطلَان مُحَلل السباق والنضال، جِلاء الأفهام فِي حِكْمَة الصَّلَاة وَالسَّلَام على خير الْأَنَام، مَعَاني الأدوات والحروف، بَدَائِع الْفَوَائِد، مجلدان، وَهُوَ كثير الْفَوَائِد، أَكْثَره مسَائِل نحوية.

مَاتَ فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة.

112 -

مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ابْن سعد الله بن جمَاعَة

الْأُسْتَاذ الْعَلامَة المتفنن عز الدّين بن الْمسند، شرف الدّين بن قَاضِي الْقُضَاة، عز الدّين أبي عَمْرو بن قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين بن الشَّيْخ المسلك برهَان الدّين. الْحَمَوِيّ الأَصْل، الشَّافِعِي الأصولي، الْمُتَكَلّم الجدلي النّظّار، النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْبَيَانِي الخلافي. أستاذ الزَّمَان، وفخر الأوان، الْجَامِع لأشتات جَمِيع الْعُلُوم، قَالَ ابْن حجر:

وَكَانَ من الْعُلُوم بِحَيْثُ يَقضي

لَهُ فِي كل فن بِالْجَمِيعِ

وقفت لَهُ على كراسة سَمَّاهَا: ضوء الشَّمْس فِي أَحْوَال النَّفس، ترْجم فِيهَا نَفسه، فَذكر فِيهَا أَن مولده بينبع سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة. وحَفِظَ الْقُرْآن فِي شهر؛ كل يَوْم حزبين، واشتغل بالعلوم على كبر، وَأخذ عَن السراج الْهِنْدِيّ، والضياء الِقرمي، والمحب نَاظر الْجَيْش، والركن القرمي، والْعَلَاء السيرامي، وجار الله،

ص: 63

والخطابي، وَابْن خلدون، والحلاوي، ويوسف الندرومي، والتاج السُّبْكِيّ، وأخيه الْبَهَاء، والسراج البُلْقِينِيّ، والْعَلَاء بن صَغِير الطَّبِيب، وَغَيرهم.

وأتقن الْعُلُوم، وبرع فِي سَائِر الْفُنُون،؛ حَتَّى صَار الْمشَار إِلَيْهِ فِي الديار المصرية فِي فنون الْمَعْقُول، والمفاخر بِهِ عُلَمَاء الْعَجم فِي كل فن، والعيال عَلَيْهِ.

وأقرأ وَتخرج بِهِ طَبَقَات من الْخلق، وَكَانَ أعجوبة زَمَانه فِي التَّقْرِير؛ وَلَيْسَ لَهُ فِي التَّأْلِيف حَظّ؛ مَعَ كَثْرَة مؤلفاته الَّتِي جَاوَزت الْألف، فَإِن لَهُ على كل كتاب أقرأه التَّأْلِيف والتأليفين وَالثَّلَاثَة؛ وَأَكْثَره مَا بَين شرح مطول ومتوسط ومختصر، وحواشٍ ونكت، إِلَى غير ذَلِك.

وَكَانَ قد سمع الحَدِيث على جده، والبياني، والقلانسي، والعرضي. وَأَجَازَ لَهُ أهل عصره؛ مصرا وشاماً، وَكَانَ ينظم شعرًا عجيباً، غالبه بِلَا وزن، وَكَانَ منجمعاً عَن بني الدُّنْيَا، تَارِكًا للتعرض للمناصب، باراً بِأَصْحَابِهِ، مبالغاً فِي إكرامهم، يَأْتِي فِي مَوَاضِع التَّنَزُّه، وَيَمْشي بَين الْعَوام، وَيقف على حلق المشاقفين وَنَحْوهم؛ وَلم يحجّ وَلم يتَزَوَّج، وَكَانَ لَا يحدث إِلَّا تَوَضَّأ، وَلَا يتْرك أحدا يستغيب عِنْده؛ مَعَ محبَّة المزاح والفكاهة، واستحسان النادرة.

وَحضر عِنْد الْملك الْمُؤَيد شيخ فِي الْمجْلس الَّذِي عقد للشمس بن عَطاء الله الْهَرَوِيّ، فَلم يتَكَلَّم؛ مَعَ سُؤَالهمْ لَهُ، وَسَأَلَهُ السُّلْطَان عَن شَيْء من مؤلفاته فِي فنون الرمْح والفروسية، فَأنْكر أَن يكون لَهُ شَيْء من ذَلِك.

وَحصل لَهُ فِي دولته سوق. وَكَانَ يعرف علوماً عديدة؛ مِنْهَا الْفِقْه، وَالتَّفْسِير، والْحَدِيث، والأصلان، والجدل وَالْخلاف، والنحو وَالصرْف، والمعاني وَالْبَيَان والبديع والمنطق والهيئة وَالْحكمَة، والزيج، والطب، والفروسية، وَالرمْح والنشاب والدبوس، والثقاف والرمل، وصناعة النفط، والكيماء، وفنون أخر.

ص: 64

وَعنهُ أَنه قَالَ: أعرف ثَلَاثِينَ علما لَا يعرف أهل عصري أسماءها. وَقَالَ فِي رسَالَته ضوء الشَّمْس: سَبَب مَا فتح عَليّ من الْعُلُوم مَنَام رَأَيْته.

وَقد علقت أَسمَاء مصنفاته فِي نَحْو كراسين، وَمن عيونها فِي الْأُصُول: شرح جمع الْجَوَامِع؛ نكت عَلَيْهِ، ثَلَاث نكت على مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب، حَاشِيَة على رفع ابْن الْحَاجِب، حَاشِيَة على شرح منهاج الْبَيْضَاوِيّ للإسنوي، حَاشِيَة على شَرحه للعبري، حَاشِيَة على شَرحه للجاربردي، حَاشِيَة على متن الْمِنْهَاج مختصرة، حَاشِيَة على الْعَضُد.

وَفِي النَّحْو: حَاشِيَة على الألفية لِابْنِ النَّاظِم، حَاشِيَة على التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام، حَاشِيَة على المغنى لَهُ، ثَلَاثَة شُرُوح على الْقَوَاعِد الْكُبْرَى لَهُ، ثَلَاث نكت عَلَيْهَا، ثَلَاثَة شُرُوح على الْقَوَاعِد الصُّغْرَى لَهُ، ثَلَاث نكت عَلَيْهَا، إِعَانَة الْإِنْسَان على إحكام اللِّسَان، حَاشِيَة على الألفية، حَاشِيَة على شرح الشافية للجاربردي، مُخْتَصر التسهيل الْمُسَمّى بالقوانين.

وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان: مُخْتَصر التَّلْخِيص، حَاشِيَة على شَرحه للسبكي، ثَلَاث حواش على المطول، حَاشِيَة على الْمُخْتَصر.

وَفِي الْفِقْه: نكت على الْمُهِمَّات، نكت على الرَّوْضَة، شرح التبريزي.

وَفِي الحَدِيث: شرح عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح، وَتَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ، وَثَلَاثَة شُرُوح على منظومة ابْن فرج فِي الحَدِيث، وَشرح المنهل الروي فِي عُلُوم الحَدِيث لجد وَالِده، وَالْقَصْد التَّمام فِي أَحْكَام الحمّام.

ومثلث فِي اللُّغَة، ومختصر الرَّوْض الْأنف سَمَّاهُ نور الرَّوْض.

والأنوار فِي الطِّبّ، وشرحان عَلَيْهِ، ونكت على فُصُول أبقراط، وَالْجَامِع فِي الطِّبّ.

وَله فلق الصُّبْح فِي أَحْكَام الرمْح، وأوثق الْأَسْبَاب فِي الرَّمْي بالنشاب، والأمنية فِي عُلُوم الفروسية، والأسوس فِي صناعَة الدبوس.

ص: 65

أَخذ عَنهُ جمع جم، فيهم الشَّيْخ ركن الدّين عمر بن قديد، والكمال بن الْهمام وَالشَّمْس القاياتي، والمحب الأقصرائي، وحافظا الْعَصْر: ابْن حجر وَشَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين البُلْقِينِيّ، وخلائق. وروى عَنهُ الجم الْغَفِير.

وَكَانَ ينْهَى أَصْحَابه فِي الطَّاعُون عَن دُخُول الْحمام، وَلما ارْتَفع الطَّاعُون أَو كَاد، دخل الْحمام وَتصرف فِي أَشْيَاء كَانَ امْتنع مِنْهَا فطعن.

وَمَات فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة، وَاشْتَدَّ أَسف النَّاس عَلَيْهِ، وَلم يخلف بعده مثله.

113 -

مُحَمَّد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن جَعْفَر الْقرشِي المَخْزُومِي الاسكندراني بدر الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الدماميني

الْمَالِكِي النَّحْوِيّ الأديب. ولد بالإسكندرية سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، وتفقه وعانى الْآدَاب، ففاق فِي النَّحْو وَالنّظم والنثر والخط وَمَعْرِفَة الشُّرُوط، وشارك فِي الْفِقْه وَغَيره، وناب فِي الحكم، ودرس بعدة مدارس، وَتقدم وَمهر، واشتهر ذكره، وتصدر بالجامع الْأَزْهَر لإقراء النَّحْو، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة، وَاسْتمرّ يقرئ بهَا، وَيحكم ويتكسب وَاسْتمرّ يقرئ بهَا ن وَيحكم ويتكسب بِالتِّجَارَة ثمَّ قدم الْقَاهِرَة، وَعين للْقَضَاء فَلم يتَّفق لَهُ، وَدخل دمشق سنة ثَمَانمِائَة، وَحج مِنْهَا، وَعَاد إِلَى بَلَده، وَتَوَلَّى خطابة الْجَامِع، وَترك نِيَابَة الحكم، وَأَقْبل على الِاشْتِغَال، ثمَّ اشْتغل بامور الدُّنْيَا فعانى الحياكة، وَصَارَ لَهُ دولاب متسع، فاحترقت دَاره، وَصَارَ عَلَيْهِ مَال كثير، ففر إِلَى الصَّعِيد فَتَبِعَهُ غرماؤه وأحضروه مهاناً إِلَى الْقَاهِرَة، فَقَامَ مَعَه الشيح تَقِيّ الدّين بن حجَّة، وَكَاتب السِّرّ نَاصِر الدّين الْبَارِزِيّ، حَتَّى صلحت حَاله، ثمَّ حج سنة تسع عشرَة، وَدخل الْيمن سنة عشْرين، ودرس بِجَامِع زبيد نَحْو سنة فَلم يرج لَهُ بهَا أَمر، فَركب الْبَحْر إِلَى الْهِنْد، فَحصل لَهُ إقبال كَبِير، وَأخذُوا عَنهُ وعظموه

ص: 66

وَحصل لَهُ دنيا عريضة، فبغته الْأَجَل بِبَلَد كلبرجا من الْهِنْد، فِي شعْبَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة - وَقيل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة - قتل مسموماً.

وَله من التصانيف: تحفة الْغَرِيب فِي حَاشِيَة مغنى اللبيب، وَشرح البُخَارِيّ، وَشرح التسهيل، وَشرح الخزرجية، وجواهر البحور فِي الْعرُوض، والفواكه البدرية، من نظمه، ومقاطع الشّرْب، ونزول الْغَيْث؛ وَهُوَ حَاشِيَة على الْغَيْث المنسجم فِي شرح لامية الْعَجم للصفدي، وَعين الْحَيَاة؛ مُخْتَصر حَيَاة الْحَيَوَان للدميري، وَغير ذَلِك.

روى لنا عَنهُ غير وَاحِد.

وَمن شعره:

رماني زماني بِمَا سَاءَنِي

فَجَاءَت نحوس وَغَابَتْ سعود

وأصبحت بَين الورى بالمشيب

عليلاً فليت الشَّبَاب يعود

وَله ملغزاً فِي كادي:

وَمَا شَيْء لَهُ نشر ذكي

لعاطره إِلَى الطّيب انتساب

تروح لَهُ على رجليك تمشي

وتقلبه " يداك "، فَمَا الْجَواب

وَقد نظمت جوابهما بديهاً، لما أنشدتهما بثغر الْإسْكَنْدَريَّة فِي رحلتي إِلَيْهَا، فَقلت:

ومذ سَمِعت بِهَذَا اللغز أُذُنِي

أَتَانِي من تفضله الْجَواب

فَذا طيب إِذا صحفت مِنْهُ

أخيرَيه لَهُ فِي الْخبث بابُ

وَله فِي امْرَأَة جبانة:

مُنْذُ عانت صناعَة الْجُبْن خَوْدٌ

قتلتنا عيونها الفتانة

لَا تقل لي: كم مَاتَ فِيهَا قَتِيل؟

كم قَتِيل بِهَذِهِ الْجَبانَة!

ص: 67

114 -

مُحَمَّد بن تَمِيم الْبَرْمَكِي اللّغَوِيّ أَبُو الْمَعَالِي

ذكره القفطي فِي تَارِيخ النُّحَاة.

وَقَالَ ياقوت: لَهُ كتاب فِي اللُّغَة سَمَّاهُ الْمُنْتَهى؛ مَنْقُول من الصِّحَاح، وَزَاد فِيهِ أَشْيَاء قَليلَة، وَأغْرب فِي ترتيبه. ذكر أَنه صنفه فِي سنة سبع وَتِسْعين وثلثمائة.

115 -

مُحَمَّد بن جَابر بن عَليّ بن سعيد بن مُوسَى بن عُثْمَان بن عدنان الْأنْصَارِيّ الإشبيلي أَبُو بكر

يعرف بالسقطي. قَالَ ابْن الزبير: أستاذ نحوي أديب، روى عَن أبي الْعَبَّاس ابْن مِقْدَام وَغَيره، وَعنهُ ابْن أبي الْأَحْوَص. ولد فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة، وَمَات بإشبيلية سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة.

116 -

مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أَحْمد بن خلف بن حميد بن مكبر الْأنْصَارِيّ المرسي البلنسي الأَصْل أَبُو عبد الله

قَالَ ابْن الزبير: أستاذ مقرئ نحوي جليل، روى عَن خلف بن يُوسُف بن الأبرش النَّحْوِيّ، وَعبد الْحق بن عَطِيَّة، وَمُحَمّد بن مَسْعُود بن أبي الركب، وَمُحَمّد بن فرج الْقَيْسِي، وخلائق.

وَأخذ عَن ابْن أبي الركب كتاب سِيبَوَيْهٍ، والقراءات عَن ابْن هُذَيْل، وَابْن فرج الْمَذْكُور.

وَكَانَ مقرئاً جَلِيلًا، ونحوياً مَعْرُوفا بإقراء الْكتاب والتقدم فِيهِ، مَوْصُوفا بِفضل

ص: 68

وورع وَدين. روى عَنهُ ابْن حوط الله، وَأَبُو عَليّ الرندي، والجم الْغَفِير.

وَله: شرح الْإِيضَاح، شرح الْجمل.

ولد سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة، وَمَات بمرسية فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة.

وَقَالَ أَبُو عمر بن عَاتٍ فِي رَيْحَانَة التنفس فِي عُلَمَاء الأندلس: إِمَام عَرَبِيَّة، وَذُو همة أبيَّة، رفيع الْعِمَاد، عالي السّمك، لخلقه عنبر كالمسك، ولتواضعه يَنْتَهِي أهل النّسك، فناؤه رهيب، وقاصده يلقاه بالبشر والترحيب، فَكل فضل إِلَيْهِ مَأْوَاه، وَهُوَ قد حواه، وَلم يبْق لأهل الْأَدَب شيخ سواهُ، إِلَيْهِ مآم الطّلبَة فِي إِيضَاح مُبْهَم الْكتب وَفتح أقفالها.

وَقَالَ فِيهِ ابْن أَحْمد بن حميد: وَأسْقط خلقا؛ وَلم يؤرخ وَفَاته.

وَقَالَ ابْن الْخَطِيب فِي تَارِيخ غرناطة. كَانَ صَدرا فِي متقني الْقُرْآن، مبرزاً فِي النَّحْو، إِمَامًا مُعْتَمدًا عَلَيْهِ، بارع الْأَدَب، وافر الْحَظ من البلاغة وَالتَّصَرُّف البديع فِي الْكِتَابَة وَرِوَايَة الحَدِيث؛ نسبه أَبُو مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ أموياً من صريحهم.

مَاتَ يَوْم السبت لثلاث عشرَة بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة السَّابِعَة [بعد الثَّمَانِينَ والخمسمائة] .

117 -

مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون بن فَرْوَة أَبُو الْحُسَيْن التَّمِيمِي النَّحْوِيّ

يعرف بِابْن النجار الْكُوفِي. قَالَ ياقوت: ولد بِالْكُوفَةِ سنة ثَلَاث وثلثمائة - وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة - وَقدم بَغْدَاد، وَحدث عَن ابْن دُرَيْد ونفطويه، وَكَانَ ثِقَة من مجودي الْقُرَّاء.

ص: 69

صنف مُخْتَصرا فِي النَّحْو، الْملح والنوادر، تَارِيخ الْكُوفَة، وَغير ذَلِك.

مَاتَ سنة ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة فِي جُمَادَى الأولى

118 -

مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد الهمذاني ثمَّ المراغي أَبُو الْفَتْح

قَالَ ياقوت: كَانَ حَافِظًا نحوياً بليغاً، صنف الِاسْتِدْرَاك لما أغفله الْخَلِيل الْبَهْجَة؛ على نمط كَامِل الْمبرد.

وَقَالَ التوحيدي: كَانَ قدوة فِي النَّحْو وَالْأَدب، مَعَ حَدَاثَة سنه، وَلم أر مثله.

وَقَالَ الْخَطِيب: سكن بَغْدَاد، وَحدث عَن أبي جَعْفَر بن قيس، وَعنهُ أَبُو الْحُسَيْن الْمحَامِلِي.

مَاتَ سنة إِحْدَى وَسبعين وثلثمائة، وتأسف عَلَيْهِ السيرافي تأسفاً شَدِيدا.

119 -

مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الغوري أَبُو سعيد

قَالَ ياقوت: أَخذ أَئِمَّة اللُّغَة الْمَشْهُورين، والأعلام فِي هَذَا الشَّأْن الْمَذْكُورين، صنف ديوَان الْأَدَب فِي عشرَة مجلدات ضخام. أَخذ كتاب الفارابي وَزَاد عَلَيْهِ فِي أبوابه، وأبرزه فِي أبهى أثوابه، فَصَارَ أولى بِهِ مِنْهُ، لِأَنَّهُ هذبه، وَزَاد فِيهِ مَا زينه وحلاه.

ص: 70

120 -

مُحَمَّد بن جَعْفَر الْقَزاز القيرواني أَبُو عبد الله التَّمِيمِي النَّحْوِيّ

قَالَ الصَّفَدِي وَغَيره: شيخ اللُّغَة فِي الْمغرب، كَانَ إِمَامًا عَلامَة، قيمًا بعلوم الْعَرَبيَّة، مهيباً عِنْد الْمُلُوك وَالْعُلَمَاء، محبوباً عِنْد الْعَامَّة، يملك لِسَانه ملكا شَدِيدا.

صنف الْجَامِع فِي اللُّغَة، ضرائر الشّعْر، إِعْرَاب الدريدية، الضَّاد والظاء، العشرات فِي اللُّغَة، مَا أَخذ على المتنبي، التَّعْرِيض وَالتَّصْرِيح، أدب السُّلْطَان وَغير ذَلِك.

مَاتَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة بالقيروان عَن نَحْو تسعين.

121 -

مُحَمَّد بن جَعْفَر الصيدلاني الملقب ببرمة النَّحْوِيّ

صهر الْمبرد على ابْنَته. كَانَ نحوياً أديبا شَاعِرًا. روى عَن أبي هفان النَّحْوِيّ، وَعنهُ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ، وَالْقَاضِي ابْن كَامِل، وَغَيرهمَا.

وَمن شعره:

أما ترى الرَّوْض قد لاحت زخارفه

ونُشِّرَت فِي رباه الِّريط وَالْحلَل

واعتم بالأرجوان النبت مِنْهُ فَمَا

يَبْدُو لنا مِنْهُ إِلَّا مونِق خضلُ

122 -

مُحَمَّد بن جَعْفَر الْعَطَّار النَّحْوِيّ أَبُو بكر

يلقب حرتك. قَالَ الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد: هُوَ من أهل المخزم، حدث عَن الْحسن بن عَرَفَة، وَعنهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

ص: 71

123 -

مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر الْأُسْتَاذ أَبُو الْفضل الْمُنْذِرِيّ الْهَرَوِيّ اللّغَوِيّ الأديب

أَخذ الْعَرَبيَّة عَن ثَعْلَب والمبرد. وَله عدَّة مصنفات: مِنْهَا نظم الجمان، والملتقط، والفاخر، والشامل.

روى عَنهُ الْأَزْهَرِي، فَأكْثر إملاء التَّهْذِيب بالرواية عَنهُ.

مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة.

124 -

مُحَمَّد بن جلال بن أَحْمد بن يُوسُف شمس الدّين ابْن الشَّيْخ جلال الدّين التباني الْحَنَفِيّ

قَالَ ابْن حجر: ولد فِي حُدُود سبعين وَسَبْعمائة. وَأخذ عَن أَبِيه وَغَيره، ومَهَر فِي الْعَرَبيَّة والمعاني، وَأفَاد ودرس، ثمَّ اتَّصل بِالْملكِ الْمُؤَيد شَيخا، وَهُوَ نَائِب الشَّام، فقرره فِي نظر الْجَامِع الْأمَوِي، وعدة وظائف، فباشرها مُبَاشرَة غير مرضية، ثمَّ ظفر بِهِ النَّاصِر؛ فأهانه وصادره، فَلَمَّا قدم الْمُؤَيد الْقَاهِرَة عظم قدره، وَنزل لَهُ القَاضِي جلال الدّين البُلْقِينِيّ عَن درس التَّفْسِير فِي الجمالية، وَاسْتقر فِي قَضَاء الْعَسْكَر وَغَيره.

وَمَات بِدِمَشْق فِي تَاسِع عشر من شهر رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة.

ص: 72

125 -

مُحَمَّد بن حَارِث بن أَحْمد بن مُنِير النَّحْوِيّ السَّرقسْطِي أَبُو عبد الله

كَانَ من جملَة أهل الْأَدَب، وَمن أهل الْحِفْظ والمعرفة والتقدم فِي ذَلِك.

وروى عَن أَحْمد بن صارم الْبَاجِيّ كثيرا من كتب الْأَدَب. أَخذ عَنهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْمُقْرِئ بغرناطة سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة.

ذكره ابْن بشكوال فِي زوائده على الصِّلَة.

126 -

مُحَمَّد بن حبيب أَبُو جَعْفَر

قَالَ ياقوت: من عُلَمَاء بَغْدَاد باللغة وَالشعر وَالْأَخْبَار والأنساب، ثِقَة مؤدب، وَلَا يعرف أَبوهُ؛ وحبِيب أمه.

روى كتب ابْن الْكَلْبِيّ وقطرب؛ وَكَانَت أمه مولاة لمُحَمد بن الْعَبَّاس الْهَاشِمِي.

وَقَالَ ابْن النديم: مُحَمَّد بن حبيب بن أُميَّة بن عَمْرو، روى عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَأبي عُبَيْدَة، وَأبي الْيَقظَان. أَكثر الْأَخْذ عَنهُ أَبُو سعيد السكرِي.

قَالَ المرزباني. وَكَانَ يُغير على كتب النَّاس فيدعيها، وَيسْقط أسمائهم. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ ولد ملاعنة.

وَقَالَ ثَعْلَب: حضرت مَجْلِسه فَلم يمل.

ص: 73

وَكَانَ حَافِظًا صَدُوقًا، وَكَانَ يَعْقُوب أعلم مِنْهُ، وَكَانَ هُوَ أحفظ للأنساب وَالْأَخْبَار.

وَله من التصانيف: النّسَب، والأمثال على أفعل وَيُسمى المنمق، غَرِيب الحَدِيث، الْأَنْوَار، المشجر، الْمُوشى، الْمُخْتَلف والمؤتلف فِي أَسمَاء الْقَبَائِل، طَبَقَات الشُّعَرَاء، نقائض جرير والفرزدق، تَارِيخ الْخُلَفَاء، كنى الشُّعَرَاء، مقَاتل الفرسان، أَنْسَاب الشُّعَرَاء، الْخَيل، النَّبَات، من استجيبت دَعوته، ألقاب الْقَبَائِل كلهَا، شعر لبيد، شعر الصمَّة، شعر الأقيشر، وَغير ذَلِك.

مَاتَ بسامراء فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ.

127 -

مُحَمَّد بن حجاج بن إِبْرَاهِيم الْحَضْرَمِيّ أَبُو عبد الله وَأَبُو بكر الْوَزير الْمَعْرُوف بِابْن مطرف الإشبيلي

نزيل مَكَّة النَّحْوِيّ الْوَلِيّ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى، ذُو الكرامات الشهيرة.

قَالَ الفاسي: ولد فِي سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة، وَحج وَسمع ابْن مسدى، وَعَاد إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة، ثمَّ إِلَى مَكَّة، ثمَّ إِلَى عدن، وأقرأ بهَا النَّحْو، وَعَاد إِلَى مَكَّة، فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ. وَكَانَ قَرَأَ النَّحْو على الشلوبين، وَكَانَ يحفظ كتاب سِيبَوَيْهٍ، وَله تَقْيِيد على جمل الزجاجي، وَكَانَ من الصَّالِحين الْأَوْلِيَاء الْعَالمين الزهاد، وَله كرامات، وَكَانَ يطوف فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة سِتِّينَ أسبوعاً.

ص: 74

مَاتَ - كَمَا قَالَ الفاسي - لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث رَمَضَان سنة سِتّ وَسَبْعمائة.

وَقَالَ الذَّهَبِيّ: سنة سبع، وَغَيره: سنة أَربع.

128 -

مُحَمَّد بن حَرْب بن عبد الله النَّحْوِيّ الْحلَبِي أَبُو المرجي

أحد أَعْيَان حلب، والمشهورين بِعلم الْأَدَب، لَهُ أرجوزة فِي مخارج الْحُرُوف قَرَأَ عَلَيْهِ أَحْمد بن هبة الله الْحَرَّانِي النَّحْوِيّ، وَمَات بِدِمَشْق سنة ثَمَانِينَ - أَو إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ - وَخَمْسمِائة. قَالَه ياقوت.

وَمن شعره:

لما بدا ليل عارضيه لنا

يَحْكِي سطوراً كتبن بالمسك

تَلا علينا العذار سُورَة وَال

ليل، وغنى لنا:" قفا نبك "

129 -

مُحَمَّد بن حسان الضَّبِّيّ أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ

قَالَ ياقوت: كَانَ نحوياً فَاضلا، وأديباً شَاعِرًا، أدب أَوْلَاد الْمَأْمُون، وولاه مظالم الجزيرة، وقنسرين، والعواصم والثغور سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ، ثمَّ زَاده بعد ذَلِك مظالم الْموصل، وأرمينية، وولاه المعتصم مظالم الرقة سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَأقرهُ الواثق عَلَيْهَا.

وَمن شعره:

عذبت بالمطل وعدارف مورقه

حَتَّى لقد جف مِنْهُ المَاء وَالْعود

سقيا للفظك مَا أحلى مخارجه

لَوْلَا عقارب فِي أَثْنَائِهِ سود

ص: 75

130 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن دُرَيْد

ابْن عتاهية بن حنتم بن حمامي بن وَاسع بن وهب بن سَلمَة بن حنتم بن حَاضر بن حنتم ابْن ظَالِم بن حَاضر بن أَسد بن عدي بن مَالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زُهَيْر وَيُقَال زهران بن كَعْب بن الْحَارِث بن عبد الله بن مَالك بن نضر بن الأزد بن الْغَوْث بن نبت بن مَالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الإِمَام أَبُو بكر الْأَزْدِيّ اللّغَوِيّ الشَّافِعِي.

مولده بِالْبَصْرَةِ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَقَرَأَ على علمائها، ثمَّ صَار إِلَى عمان فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ.

روى عَن عبد الرَّحْمَن بن أخي الْأَصْمَعِي، وَأبي حَاتِم السجسْتانِي، وَأبي الْفضل الرياشي، وَكَانَ رَأس أهل هَذَا الْعلم.

روى عَنهُ خلق؛ مِنْهُم أَبُو سعيد السيرافي، والمرزباني، وَأَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ وَله شعر كثير، وروى من أَخْبَار الْعَرَب وَأَشْعَارهَا مَا لم يروه كثير من أهل الْعلم.

وَقَالَ أَبُو الطّيب اللّغَوِيّ فِي مَرَاتِب النَّحْوِيين عِنْد ذكره ابْن دُرَيْد: هُوَ الَّذِي انْتَهَت إِلَيْهِ لُغَة الْبَصرِيين، وَكَانَ أحفظ النَّاس، وأوسعهم علما، وأقدرهم على الشّعْر، وَمَا ازْدحم الْعلم وَالشعر فِي صدر أحد ازدحامهما فِي صدر خلف الْأَحْمَر وَابْن دُرَيْد، وتصدر ابْن دُرَيْد فِي الْعلم سِتِّينَ سنة.

ص: 76

وَكَانَ يُقَال: ابْن دُرَيْد أشعر الْعلمَاء وَأعلم الشُّعَرَاء.

قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: كَانَ وَاسع الْحِفْظ جدا، تقْرَأ عَلَيْهِ دواوين الْعَرَب كلهَا أَو أَكْثَرهَا، فيسابق إِلَى إِتْمَامهَا ويحفظها.

وَسُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ: تكلمُوا فِيهِ.

وَقَالَ ابْن شاهين: كُنَّا ندخل على ابْن دُرَيْد فنستحي لما نرى من العيدان الْمُعَلقَة، وَالشرَاب الْمُصَفّى مَوْضُوع.

قلت: قد تَابَ بعد ذَلِك، كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ الْخَطِيب: جَاءَهُ سَائل فَلم يكن عِنْده غير دن نَبِيذ، فَأعْطَاهُ لَهُ، فَأنْكر عَلَيْهِ غُلَامه، فَقَالَ: لم يكن عندنَا غَيره، وتلا قَوْله تَعَالَى: لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون، فَمَا تمّ الْيَوْم حَتَّى أهدي إِلَيْهِ عشرَة دنان، فَقَالَ: تصدقنا بِوَاحِد، وأخذنا عشرَة.

وَقَالَ الْأَزْهَرِي: وَمِمَّنْ ألف الْكتب فِي زَمَاننَا فَرمي بافتعال الْعَرَبيَّة وتوليد الْأَلْفَاظ أَبُو بكر بن دُرَيْد؛ وَقد سَأَلت عَنهُ إِبْرَاهِيم بن عَرَفَة، فَلم يعبأ بِهِ، وَلم يوثقه فِي رِوَايَته، وألفيته على كبر سنه سَكرَان لَا يكَاد يفتر عَن ذَلِك.

وَقَالَ غَيره: أملي ابْن دُرَيْد الجمهرة فِي فَارس، ثمَّ أملاها بِالْبَصْرَةِ وببغداد من حفظه؛ فَلذَلِك تخْتَلف النّسخ، وَالنُّسْخَة الْمعول عَلَيْهَا هِيَ الْأَخِيرَة. وَآخر مَا صَحَّ نُسْخَة عبيد الله بن أَحْمد فَهِيَ حجَّة، لِأَنَّهُ كتبهَا من عدَّة نسخ، وَقرأَهَا عَلَيْهِ.

ص: 77

وَله من التصانيف: الجمهرة فِي اللُّغَة، الأمالي، المجتنى، اشتقاق أَسمَاء الْقَبَائِل، الملاحن، المقتبس، الْمَقْصُور والممدود، الوشاح، الْخَيل الْكَبِير، الْخَيل الصَّغِير، الأنواء، السِّلَاح، غَرِيب الْقُرْآن (لم يتم) فملت وأملت، أدب الْكَاتِب، الْمَطَر رواد الْعَرَب، السرج واللجام، تَقْوِيم اللِّسَان (لم يبيض) ، الْمَقْصُورَة (مدح بهَا الْأَمِير أَبَا الْعَبَّاس إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن ميكال رَئِيس نيسابور) .

قَالَ بَعضهم: أمْلى ابْن دُرَيْد الجمهرة من حفظه سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، فَمَا اسْتَعَانَ عَلَيْهَا بِالنّظرِ فِي شَيْء من الْكتب؛ إِلَّا فِي الْهمزَة واللفيف.

قَالَ: وَكفى عجبا أَن يتَمَكَّن الرجل من علمٍ كل التَّمَكُّن، ثمَّ لَا يسلم مَعَ ذَلِك من الألسن؛ حَتَّى قيل فِيهِ:

ابْن دُرَيْد بقره

وَفِيه عيٌّ وشره

وَيَدعِي من حمقه

وضع كتاب الجمهرة

وَهُوَ كتاب الْعين إِلَّا أَنه قد غَيره

ص: 78

قَالَ بَعضهم: حَضَرنَا مجْلِس ابْن دُرَيْد، وَكَانَ يتضجر مِمَّن يُخطئ فِي قِرَاءَته، فَحَضَرَ غُلَام وضئ، فَجعل يقْرَأ وَيكثر الْخَطَأ، وَابْن دُرَيْد صابر عَلَيْهِ؛ فتعجب أهل الْمجْلس، فَقَالَ رجل مِنْهُم: لَا تعجبوا؛ إِن فِي وَجهه غفران ذنُوبه؛ فسمعهم ابْن دُرَيْد، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يقْرَأ، قَالَ: هَات يَا من لَيْسَ فِي وَجهه غفران ذنُوبه فعجبوا من صِحَة سَمعه، مَعَ علو سنه.

وَقَالَ بَعضهم فِيهِ:

من يكن للظباء صَاحب صيد

فَعَلَيهِ بِمَجْلِس ابْن دُرَيْد

إِن فِيهِ لأوجها قيدتني

عَن طلاب الْعلَا بأوثق قيد

مَاتَ لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لثنتي عشرَة لَيْلَة بقيت من رَمَضَان، سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلثمائة؛ يَوْم مَاتَ عبد السَّلَام الجبائي، فَقيل: مَاتَ علم اللُّغَة وَالْكَلَام جَمِيعًا.

ورثاه جحظة بقوله:

فقدت بِابْن دُرَيْد كل مَنْفَعَة

لما غَدا ثَالِث الْأَحْجَار والترب

وَكنت أبْكِي لفقد الْجُود مُجْتَهدا

فصرت أبْكِي لفقد الْجُود وَالْأَدب

وَمن نظم ابْن دُرَيْد فِي النرجس:

عُيُون مَا يلم بهَا الرقاد

وَلَا يمحو محاسنها السهاد

إِذا مَا اللَّيْل صافحها استهلت

وتضحك حِين ينحبس السوَاد

لَهَا حدق من الذَّهَب الْمُصَفّى

صياغة من يدين لَهُ الْعباد

وأجفانٌ من الدّرّ استفادت

ضِيَاء مثله لَا يُسْتَفَاد

على قضب الزبرجد فِي ذراها

لأعين من يلاحظها مُرَاد

وَفِي ربيع الْأَبْرَار للزمخشري: جمع ابْن دُرَيْد ثَمَانِيَة أَسمَاء فِي بَيت وَاحِد، فَقَالَ:

ص: 79

.. فَنعم أَخُو الْجَلِيّ ومستنبط الندى

وملجأ محزون ومفزع لاهث

قَالَ ابْن خالويه فِي شرح الْمَقْصُورَة: كَانَ بِبَغْدَاد عباد بن عَمْرو بن الجليس بن جَابر ابْن زيد بن مَذْكُور بن وَارِث الْكرْمَانِي [ابْن الثَّانِي مِنْهُمَا] صَاحب اللُّغَة، وَكَانَ يطعن على ابْن دُرَيْد، وينقض عَلَيْهِ الجمهرة، فجَاء غُلَام لِابْنِ دُرَيْد، فَجَلَسَ بحذائه فِي الْجَامِع، وَنقض على الْكرْمَانِي جَمِيع مَا نقضه على ابْن دُرَيْد، فَقَالَ: اكتبوا: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم؛ قَالَ أَبُو بكر بن دُرَيْد أعزه الله تَعَالَى: عننت الْفرس إِذا حَبسته بعنانه؛ فَإِن حَبسته بمقوده فَلَيْسَ بمعن، قَالَ الْكرْمَانِي الْجَاهِل: أَخطَأ ابْن دُرَيْد، لِأَنَّهُ إِن كَانَ من عننت فَيجب أَن يكون معنونا، وَإِن كَانَ من أعننت فَيجب أَن يكون مَعنا، وَأَخْطَأ لكذا وَكَذَا، فَوقف شَاعِر على الْحلقَة فَقَالَ اكتبوا:

أذللت كرمان وعرضتها

لجحفل مثل عديد الْحَصَى

وَابْن دُرَيْد غرَّة فيهمُ

فِي بحره مثلك كم غوصا {

جثا على الرّكْبَة حَتَّى إِذا

أحس نزراً قعد القرفصا

وَالله إِن عَاد إِلَى مثلهَا

لأصفعن هامته بالعصا

فَلم يلْتَفت إِلَى الْكرْمَانِي بعد ذَلِك.

وَقَالَ ابْن خالويه فِي الشَّرْح الْمَذْكُور: حضرت ابْن دُرَيْد، وَقد ناول أَبُو الفوارس غُلَامه طَاقَة نرجس، فَقَالَ: يَا بني مَا أصنع بِهَذَا الْيَوْم} وَأنْشد:

صبا مَا صبا حَتَّى علا الشيب رَأسه

فَلَمَّا علاهُ قَالَ للباطل: ابعد

فَائِدَة ابْتَدَأَ ابْن دُرَيْد مقصورته، بقوله:

إِمَّا ترى رَأْسِي حاكى لَونه

طرة صبح تَحت أذيال الدجى

ص: 80

فاستغنى بِذكر الشَّرْط فِي قَوْله: " إِمَّا "، وتاء الْخطاب فِي قَوْله:" ترى " عَن تقدم ذكر الْمُخَاطب، لدلَالَة الْمَذْكُور على الْمَحْذُوف، وَقد تكلّف الْكَمَال ابْن الْأَنْبَارِي نظم أَبْيَات جعلهَا مطلعاً لَهَا، فَقَالَ:

شرد عَن عَيْني الكرا طيف سرى

من أم عَمْرو فِي غياهيب الدجى

زار وسادى والظلام عاكف

وأنجم اللَّيْل مديدات الطلا

أَهلا بشخص مَا رَأينَا مثله

فِي يقظة تزهو لنا طول المدى

إِذْ نَحن نزهو وَالزَّمَان مولعٌ

بأعين الغيد وأجياد الظبا

نواعسٌ مثل المهى، نواهدٌ

خمص الْبُطُون، عاليات لينتمي

والغائبات لَا يردن من بدا

فِي عارضيه الشيب لَو رام الصَّبِي

لما رَأَتْ شيبي عَم مفرقي

قَالَت غُبَار يَا خليلي مَا أرى!

وَلم تزل تمسحه لي بمرطها

وَالْقلب مَا بَين إِيَاس وَرَجا

قلت لَهَا موعظةً لَعَلَّهَا

تعي صروف مَا رَأَتْ بِي قد علا:

يَا ظَبْيَة أشبه شَيْء بالمها

راتعةً بَين الهضيم والحشا

أما ترى

... إِلَى آخِره

قَالَ مُحَمَّد بن الْمُعَلَّى الْأَزْدِيّ فِي كتاب الترقيص: أرى أَن دريداً، من قَوْلهم رجل أدرد، والدرد: ذهَاب الْأَسْنَان، صغر تَصْغِير ترخيم.

131 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن دِينَار، أَبُو الْعَبَّاس الْأَحول

قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ أديباً ثِقَة. حدث عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعنهُ نفطويه.

ص: 81

وصنف كتاب الدَّوَاهِي، الْأَشْبَاه، الْأَمْثَال، فعل وأفعل، مَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ.

وَقَالَ ياقوت: كَانَ غزير الْعلم، وَاسع الْفَهم جيد الرِّوَايَة، حسن الدِّرَايَة.

وَذكره الزبيدِيّ فِي طبقَة الْمبرد وثعلب، وَقَالَ: كَانَ يورق بِالْأُجْرَةِ، وَكَانَ قَلِيل الْحَظ من النَّاس، وَجمع دواوين مائَة وَعشْرين شَاعِرًا.

132 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن رَمَضَان النَّحْوِيّ

قَالَ ياقوت: صنف كتاب أَسمَاء الْخمر وعصيرها، وَغَيره.

133 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن زُرَارَة أَبُو عبد الله الطَّائِي المشرف

قَالَ السلَفِي: هُوَ من أهل الْأَدَب وَالتَّصَرُّف فِي عُلُوم الْعَرَب، وَكَانَ شعره قَوِيا، وَهُوَ على سرعَة الْإِجَابَة جريئاً، وَرُبمَا غلط وَهُوَ نحوي لغَوِيّ، وَكَانَ على الْإِطْلَاق مرضِي الْأَخْلَاق. وَوجدت بِهِ أنسا مُدَّة حَيَاته إِلَى حِين وَفَاته؛ وَحين مَاتَ أَنا صليت عَلَيْهِ، وَحضر فِي جازته خلق عَظِيم، وَكَانَ مشرف البيمارستان بالثغر، ومتولي الْكتب المحبسة فِي الْجَامِع، وَله فِيهِ حَلقَة لإقراء الْأَدَب. ذكره المقريزي فِي المقفى.

134 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي سارة الرُّؤَاسِي النيلي النَّحْوِيّ أَبُو جَعْفَر ابْن أخي معَاذ الهراء

سمي الرُّؤَاسِي لِأَنَّهُ كَانَ كَبِير الرَّأْس؛ وَهُوَ أول من وضع من الْكُوفِيّين كتابا فِي النَّحْو، وَهُوَ أستاذ الْكسَائي وَالْفراء. وَكَانَ رجلا صَالحا.

وَقَالَ: بعث الْخَلِيل إليَّ يطْلب كتابي، فبعثته إِلَيْهِ، فقرأه، فَكل مَا فِي

ص: 82

كتاب سِيبَوَيْهٍ: " وَقَالَ الْكُوفِي كَذَا " فَإِنَّمَا عني الرُّؤَاسِي هَذَا. وَكتابه يُقَال لَهُ الفيصل.

وَقَالَ الْمبرد: مَا عرف الرُّؤَاسِي بِالْبَصْرَةِ. وَقد زعم بعض النَّاس أَنه صنف كتابا فِي النَّحْو، فَدخل الْبَصْرَة ليعرضه على أَصْحَابنَا، فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ، وَلم يَجْسُر على إِظْهَاره لما سمع كَلَامهم.

وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه: زعم جمَاعَة من الْبَصرِيين أَن الْكُوفِي الَّذِي ذكره الْأَخْفَش فِي آخر الْمسَائِل وَيرد عَلَيْهِ، هُوَ الرُّؤَاسِي.

وَله من الْكتب: الفيصل، مَعَاني الْقُرْآن، التصغير، الْوَقْف والابتداء الْكَبِير، الْوَقْف والابتداء الصَّغِير.

وَذكره أَبُو عَمْرو الداني فِي طَبَقَات الْقُرَّاء، وَقَالَ: روى الْحُرُوف عَن أبي عَمْرو، وَهُوَ مَعْدُود فِي المقلين عَنهُ، وَسمع الْأَعْمَش؛ وَهُوَ من جملَة الْكُوفِيّين. وَله اختيارات فِي الْقِرَاءَة تروى. سمع الْحُرُوف مِنْهُ خَلاد بن خَالِد الْمنْقري، وَعلي بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ، وروى عَنهُ الْكسَائي وَالْفراء.

وَقَالَ الزبيدِيّ: كَانَ أستاذ أهل الْكُوفَة فِي النَّحْو، أَخذ عَن عِيسَى بن عَمْرو. وَله كتاب الْإِفْرَاد وَالْجمع.

قَالَ الصّلاح الصَّفَدِي: وَله شعر مَقْبُول، مِنْهُ:

أَلا يَا نفس هَل لَك فِي صِيَام

عَن الدُّنْيَا لَعَلَّك تهتدينا

يكون الْفطر وَقت الْمَوْت مِنْهَا

لَعَلَّك عِنْده تستبشرينا

أجيبيني هديت وأسعفيني

لَعَلَّك فِي الْجنان تخلدينا

ص: 83

135 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن سِبَاع بن أبي بكر الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي أَبُو عبد الله شمس الدّين بن الصَّائِغ النَّحْوِيّ الأديب

وَلَيْسَ بِابْن الصَّائِغ الْمَشْهُور، قَالَ ابْن حجر: ولد فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة، وتعابئ الْآدَاب، وصنف شرح الدريدية، وَشرح الملحمة، ومختصر الصِّحَاح، والمقامة الشهابية وَشَرحهَا. وَسمع الحَدِيث من إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر.

وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ: برع فِي النّظم والنثر، وَكَانَ فِيهِ ود وتواضع، وَكَانَ لَهُ حَانُوت بالصاغة، وَكَانَ يقْرَأ فِيهِ. وَله قصيدة نَحْو الْألف بَيت فِي الصَّنَائِع والفنون.

وَذكره التقي السُّبْكِيّ فِي مُعْجَمه، فَقَالَ: كَانَ شَيخا فَاضلا، لَهُ معرفَة بالنحو واللغة، مَاتَ فِي ثَالِث شعْبَان سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة.

وَمن شعره:

إِن جرت بالموكب يَوْمًا فَلَا

تسْأَل عَن السيارة الكنس

فثم آرام على ضمر

لله مَا تفعل بالأنفس

بأحمر هَذَا، وَذَا أصفر

وأخضر هَذَا، وَذَا سندسي

فَقل لذِي الْهَيْئَة يَا ذَا الَّذِي

تنقل مَا تنقل عَن هرمس

قَوْلك هَذَا خطل باطلٌ

أما ترى الأقمار فِي الأطلس!

136 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن مذْحج بن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن بشر أَبُو بكر الزبيدِيّ الإشبيلي النَّحْوِيّ

صَاحب طَبَقَات النَّحْوِيين. قَالَ ابْن الفرضي: كَانَ وَاحِد عصره فِي علم النَّحْو، وَحفظ اللُّغَة.

ص: 84

أَخذ الْعَرَبيَّة عَن أبي عَليّ القالي، وَأبي عبد الله الرباحي، وأدب ولد الْمُسْتَنْصر بِاللَّه، وَولي قَضَاء قرطبة.

وصنف مُخْتَصر الْعين، وأبنية سِيبَوَيْهٍ، الموضح، وَمَا يلحن فِيهِ عوام الأندلس، وطبقات النَّحْوِيين.

قلت: وَهُوَ مُجَلد لطيف، رَأَيْته بِمَكَّة المشرفة، وطالعته على هَذِه الطَّبَقَات.

وَله كتاب الرَّد على ابْن مَسَرَّة وَأهل مقَالَته، سَمَّاهُ هتك ستور الْمُلْحِدِينَ.

مَاتَ يَوْم الْخَمِيس مستهل جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَسبعين وثلاثمائة.

وَقَالَ ابْن بشكوال: فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَتِسْعين.

وَقَالَ الْحميدِي: قَرِيبا من سنة ثَمَانِينَ.

روى عَنهُ ابْنه أبوالوليد مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأفليلي وَغَيرهمَا.

والزبيدي نِسْبَة إِلَى زبيد بن صَعب بن سعد الْعَشِيرَة؛ رَهْط عَمْرو بن معدي كرب.

وَمن شعره:

وَلَيْسَ ثِيَاب الْمَرْء تغني قلامةً

إِذا كَانَ مَقْصُورا على قصر النَّفس

وَلَيْسَ يُفِيد الْعلم والحلم والحجى

أَبَا مُسلم طول الْقعُود على الْكُرْسِيّ

ص: 85

137 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن شَدَّاد بن طفيل أَبُو عبد الله الْمرَادِي

يعرف بِابْن الْمُؤَذّن. قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ صَاحب قدم فِي الْعَرَبيَّة، إِمَامًا فِي اللُّغَة وَالْأَخْبَار، شَاعِرًا مجيداً، حَافِظًا للتفسير كَاتبا، بَقِيَّة من بقايا أهل الْأَدَب، ذَا نباهة وَصدق، ومروءة وكرم وَطيب نفس، وَحسن عشرَة، وَسُرْعَة إِدْرَاك؛ مَعَ الدّين المتين، والتواضع وَالْوَقار. أَقَامَ طول عمره على المطالعة والتدريس وَالْقِرَاءَة، لم يشْغلهُ عَنْهَا شَيْء على كبر سنه، ولازم خَاله أَبَا عبد الله بن سَوْدَة وتأدب عَلَيْهِ، وَقَرَأَ بغرناطة على الْأُسْتَاذ أبي مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ وَأبي عَليّ الرندي وَغَيرهمَا.

مَاتَ لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة عَن نَيف وَسبعين سنة.

وَمن شعره يمدح التفاح:

عجبت لدوحة التفاح أبدت

جناها فَوق أَغْصَان نجوماً

تخال جنانها وَالرِّيح تسْعَى

شياطينا فترسلها رجوماً

138 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد أَبُو طَاهِر المحمد أباذي اللّغَوِيّ

قَالَ الْحَاكِم: من أكَابِر الشُّيُوخ الثِّقَات، كَانَ مقدما فِي معرفَة الْأَدَب، ومعاني الْقُرْآن؛ وَكَانَ أَبُو خُزَيْمَة إِذا شكّ فِي شَيْء من اللُّغَة لَا يرجع فِيهَا إِلَّا إِلَيْهِ.

سمع أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ، وَعلي بن الْحسن الْهِلَالِي وخلقا.

وروى عَنهُ أَبُو خُزَيْمَة وَغَيره، وَكَانَ كثير الحَدِيث، صَحِيح الْأُصُول.

ص: 86

139 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد المآلقي النَّحْوِيّ الْمَالِكِي.

نزيل دمشق. قَالَ ابْن حجر فِي الدُّرَر الكامنة، فِي أَعْيَان الْمِائَة الثَّامِنَة؛ كَانَ من أَئِمَّة الْمَالِكِيَّة، وشيوخ الْعَرَبيَّة، حسن التَّعْلِيم، متواضعاً.

شرح التسهيل، وَشرع فِي شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الفرعي. وانتفع بِهِ الطّلبَة، وَولي مشيخة النجيبية.

مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة.

140 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن المظفر الْحَاتِمِي أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ

أحد الْأَعْلَام الْمَشَاهِير المكثرين؛ قَالَ الْخَطِيب: روى عَن أبي عمر الزَّاهِد أَخْبَارًا فِي مجَالِس الْأَدَب.

قَالَ ياقوت: [قلت أَنا: وَأدْركَ ابْن دُرَيْد وَأخذ عَنهُ] ، وَكَانَ من حذاق أهل اللُّغَة وَالْأَدب، شَدِيد الْعَارِضَة، مبغضاً إِلَى أهل الْعلم، هجاه ابْن حجاج وَغَيره [بأهاجٍ مرّة] .

قَالَ الثعالبي فِي الْيَتِيمَة: حسن التَّصَرُّف فِي الشّعْر، يجمع بَين البلاغة فِي النثر، والبراعة فِي النّظم.

وَله مَعَ أبي الطّيب المتنبي مُخَاطبَة أقذعه فِيهَا. وَله من التصانيف: حلية المحاضرة فِي صناعَة الشّعْر، الْمُوَضّحَة فِي مساوئ المتنبي، تقريع الهلباجة فِي صَنْعَة الشّعْر

ص: 87

سر الصِّنَاعَة فِيهِ. الحالي والعاطل فِيهِ، الْمجَاز فِيهِ أَيْضا، مُخْتَصر الْعَرَبيَّة. كتاب فِي اللُّغَة لم يتم الشَّرَاب، البراعة، منتزع الْأَخْبَار ومطبوع الْأَشْعَار، الرسَالَة الحاتمية؛ شرح فِيهَا مَا دَار بَينه وَبَين المتنبي وَأظْهر فِيهَا سرقاته، وَغير ذَلِك.

مَاتَ فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثلثمائة.

وَله فِي الثريا:

وليل أَقَمْنَا فِيهِ نعمل كأسنا

إِلَى أَن بدا للصبح فِي اللَّيْل عَسْكَر

وَنجم الثريا فِي السَّمَاء كَأَنَّهُ

على حلةٍ زرقاء جيب مدنر

قَالَ أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن الْحسن المظفر الْحَاتِمِي اللّغَوِيّ الْكَاتِب فِي الرسَالَة الملقبة بتقريع الهلباجة: كلفني الْمَعْرُوف بالسلامي فِي آيَات النَّابِغَة، من مرثية أحسن فِيهَا كل الأحسان:

لايهنئ النَّاس مَا يرعون من كلأ

وَمَا يسوقون من أهل وَمن مَال

بعد ابْن عَاتِكَة الثاوي ببلقعة

أَمْسَى ببلدة لَا عمٍ وَلَا خالِ

سهل الخليقة مشاء بأقدحه

إِلَى ذَوَات الذرا حمال أثقال

حسب الخليلين نأي الأَرْض بَينهمَا

هَذَا عَلَيْهَا وَهَذَا تحتهَا بالِ

فَإِنَّهُ أرادني على فك صدورها، وإبدالها بِأَلْفَاظ تنتظم مَعَ أعجازها فِي وصف اللَّيْل ونجومه، فتناولت الْقَلَم وكتبت معجلا خاطري:

فِي لَيْلَة ضل عَنْهَا الصُّبْح داجيةٍ

لبستها بمطول الجري هطال

وَقد رمى الْبَين شعب الْحَيّ فافتسمرا

أَيدي سبا بَين تقويضٍ وترحال

فناسبت أنجم الْآفَاق عيسهمُ

" وَمَا يسوقون من أهلٍ وَمن مالِ "

ص: 88

.. ترى الْهلَال نحيلاً فِي مطالعه

" أَمْسَى ببلدة لَا عَم وَلَا خَال "

والجدي كالطرف يستن المراح بِهِ

" إِلَى ذَوَات الذرا حمال أثقال "

وَاللَّيْل وَالصُّبْح فِي غبراء مظلمةٍ

" هَذَا عَلَيْهَا وَهَذَا تحتهَا بَال "

فأعظم الْبَيْت الْأَخير من هَذِه الأبيات، وأكبره وفخم أمره كل التفخيم، وغلا فِي استحسانه غلواً تجَاوز قدره انْتهى.

141 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن يَعْقُوب بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد ابْن سُلَيْمَان بن عبيد الله بن مقسم أَبُو بكر الْعَطَّار الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ

قَالَ ياقوت: ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسمع أَبَا مُسلم الْكَجِّي وثعلبا، وَيحيى ابْن مُحَمَّد بن صاعد، وروى عَنهُ ابْن شَاذان وَابْن زرقويه. وَكَانَ ثِقَة من أعرف النَّاس بالقراءات، وأحفظهم لنَحْو الْكُوفِيّين، وَلم يكن فِيهِ عيب إِلَّا أَنه قَرَأَ بحروف تخَالف الْإِجْمَاع، واستخرج لَهَا وُجُوهًا من اللُّغَة، وَالْمعْنَى، كَقَوْلِه: فَلَمَّا استيئسوا مِنْهُ خلصوا نجياً، قَالَ: نجباً، بِالْبَاء، وشاع أمره، فَأحْضرهُ إلىالسلطان واستنابه، فأذعن بِالتَّوْبَةِ، وَكتب محضراً بتوبته. وَقيل: إِنَّه لم ينْزع عَنْهَا، وَكَانَ يقْرَأ بهَا إِلَى أَن مَاتَ.

وروى الْخَطِيب عَن بَعضهم قَالَ: رَأَيْت فِي النّوم أَنِّي أُصَلِّي مَعَ النَّاس وَابْن مقسم يُصَلِّي مستدبراً الْقبْلَة، فَأَوَّلْته لمُخَالفَته الْأَئِمَّة فِيمَا اخْتَارَهُ من الْقرَاءَات.

وَله من التصانيف: الْأَنْوَار فِي تَفْسِير الْقُرْآن، الْمدْخل إِلَى علم الشّعْر، الِاحْتِجَاج فِي الْقرَاءَات، كتاب فِي النَّحْو كَبِير، الْمَقْصُور والممدود، الْمُذكر والمؤنث، الْوَقْف

ص: 89

والابتداء، الْمَصَاحِف، عدد التَّمام، أَخْبَار نَفسه، مجالسات ثَعْلَب، مفرداته، الموضح، الرَّد على الْمُعْتَزلَة، الِانْتِصَار لقراء الْأَمْصَار، اللطائف فِي جمع هجاء الْمَصَاحِف، وَغير ذَلِك.

مَاتَ لثمان خلون من ربيع الآخر سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة. وَقيل: سنة ثَلَاث وَخمسين وثلاثمائة. وَقَالَ الداني: عَالم بِالْعَرَبِيَّةِ، حَافظ للغة، حسن التصنيف، مَشْهُور بالضبط والإتقان، إِلَّا أَنه سلك مَسْلَك ابْن شنبوذ، فَاخْتَارَ حروفاً خَالف فِيهَا أَئِمَّة الْعَامَّة، وَكَانَ يذهب إِلَى أَن كل قِرَاءَة توَافق خطّ الْمُصحف فالقراءة بهَا جَائِزَة، وَإِن لم تكن لَهَا مَادَّة.

مَاتَ سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة.

142 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن يُونُس أَبُو الْعَبَّاس الْهُذلِيّ النَّحْوِيّ الْكُوفِي قَالَ الداني: مَشْهُور جليل ثِقَة ضَابِط، أَخذ الْقِرَاءَة على الْحسن بن عَليّ الشحام وَعلي بن الْحسن الْكسَائي التَّمِيمِي.

مَاتَ سنة ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة.

143 -

مُحَمَّد بن الْحسن الْجبلي النَّحْوِيّ

قَالَ الْحميدِي: أديب، شَاعِر، كثير القَوْل، أَقرَأ الْأَدَب.

وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ: هُوَ نحوي شَاعِر، سَمعه أَبُو عبد الله الْحميدِي.

قَالَ ابْن مَاكُولَا: قتل سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة.

ص: 90

وَمن شعره:

وَمَا الْأنس بالإنس الَّذين عهدتهم

بأنس وَلَكِن فقد أنسهم أنسي

إِذا سلمت نَفسِي وديني مِنْهُم

فحسبي أَن العِرض مني لَهُم ترسي

144 -

مُحَمَّد بن الْحسن الصمعي

قَالَ الجندي فِي تَارِيخ الْيمن: كَانَ فَقِيها فَاضلا، عَارِفًا، غلب عَلَيْهِ فن النَّحْو. وَعنهُ أَخذ جمَاعَة. درس فِي المنصورية، وَله عِبَارَات فِي النُّجُوم مرضية.

مَاتَ زبيد سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة.

وَقَالَ الخزرجي فِي طَبَقَات أهل الْيمن: صنف الْغَايَة والمثال فِي الْعرُوض؛ وَهُوَ جليل مُفِيد.

145 -

مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْخ شمس الدّين السُّيُوطِيّ

قَالَ ابْن حجر فِي كِتَابه أنباء الْغمر بأبناء الْعُمر: كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ، ماهراً فِيهَا، حسن التَّعْلِيم لَهَا، عَارِفًا بعدة فنون، انْتفع بِهِ جمَاعَة. وَكَانَ يعلم بِالْأُجْرَةِ، ويقرئ كل بَيت من الألفية بدرهم؛ وَله فِي ذَلِك وقائع عَجِيبَة تنبئ عَن دناءة شَدِيدَة وشح مفرط. مَاتَ سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة.

وَنَشَأ لَهُ ولد يُقَال لَهُ شمس الدّين مُحَمَّد، فاشتغل كثيرا وَمهر، وتعانى النّظم والخط الْحسن. وَمَات شَابًّا سنة مَاتَ أَبوهُ، قبله بِيَسِير.

ص: 91

146 -

مُحَمَّد بن الْحسن بن يُوسُف بن الْحسن بن حُبَيْش

بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة، وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة، اللَّخْمِيّ الأندلسي المرسي الْمُقِيم بتونس، أَبُو بكر، الْأُسْتَاذ الأديب الراوية النَّحْوِيّ.

ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة، وَسمع من أبي الْحسن بن قطوال وَغَيره. وَكَانَ إِمَامًا فِي الْآدَاب، وَله تآليف، وَانْقطع فِي آخر عمره إِلَى الْعِبَادَة، وَأَجَازَ لأبي حَيَّان؛ وَمَات بتونس. نقلته من خطّ ابْن مَكْتُوم.

147 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبيد الله بن عمر بن حمدون أَبُو يعلى الصَّيْرَفِي

يعرف بِابْن السراج. قَالَ الْخَطِيب: كَانَ أحد الْحفاظ بِعلم النَّحْو وحروف الْقُرْآن ومذاهب الْقُرَّاء، يشار إِلَيْهِ فِي ذَلِك. سمع أَبَا الْفضل عبيد الله الزُّهْرِيّ. وَكَانَ ثِقَة.

وَله مُصَنف فِي الْقرَاءَات.

ولد يَوْم الْأَحَد فِي أحد الربيعين سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة، وَمَات لَيْلَة الْجُمُعَة الثَّامِن وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة. روى عَنهُ الْخَطِيب.

148 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ الجفني الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الدّباغ أَبُو الْفرج النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ

ذكره ابْن الْمُسْتَوْفى فِي تَارِيخ إربل. وَقَالَ ياقوت: كَانَ أديباً فَاضلا، مُتَأَخّر الزَّمَان، قَرَأَ على ابْن الشجري وَأبي مَنْصُور الجواليقي، وتصدر لإقراء النَّحْو واللغة مُدَّة، وَله رسائل، وشعره مدون.

ص: 92

وَخرج من بَغْدَاد إِلَى الْموصل، ثمَّ عَاد إِلَيْهَا، فَمَاتَ بهَا فِي سلخ رَجَب سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة.

وَمن شعره:

خيال سرى فازداد مني لذِي الدجى

خيالاً بَعيدا عَهده بالمراقد

عجبت لَهُ أَنِّي رَآنِي وأنني

من السقم خافٍ من عُيُون العوائد

وَلَوْلَا أنيني مَا اهْتَدَى لمضاجعي

وَلم يدر ملقى رحلنا بالفراقد

149 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عمر اليمني أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ الأديب

كَانَ مُقيما بِمصْر، صنف أَخْبَار النَّحْوِيين، ومضاهاة أَمْثَال كليلة ودمنة.

مَاتَ سنة أَرْبَعمِائَة.

وَمن شعره، وَزعم أَنه لَيْسَ لقافيته خَامِس:

أسقمني حب من هويت فقد

صرت بحبه فِي الْهوى آيَة

يَا غَايَة فِي الْجمال صوره الله

، أما للصدود من غَايَة!

تَرَكتنِي بالسقام مشتهراً

أشهر فِي الْعَالمين من رأية

أحب جِيرَانكُمْ من أجلكمُ

بِحجَّة الطِّفْل تشبع الداية

قلت قد ذيلت عَلَيْهَا بخامس:

أود لَو أَن أَبيت جاركمُ

وَلَو بمأوى المجال فِي الثاية

الثاية: هِيَ مأوى الْإِبِل وَالْغنم.

روى اليمني هَذَا عَن أبي الْقَاسِم جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ النَّحْوِيّ وَأبي جَعْفَر أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن سَلامَة الطَّحَاوِيّ وَجَمَاعَة، روى عَنهُ أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد العتيقي، وَعلي بن بَقَاء، وَأَبُو ذَر عبد بن أَحْمد الْهَرَوِيّ. وَقَالَ فِيهِ: صَحِيح السماع، حسن الْأُصُول، وَالْقَاضِي أَبُو عبد الله الْقُضَاعِي، فِي آخَرين.

ص: 93

150 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبد الْوَارِث أَبُو الْحُسَيْن الْفَارِسِي النحري

ابْن أُخْت أبي عَليّ الْفَارِسِي. قَالَ ياقوت: أَخذ عَن خَاله علم الْعَرَبيَّة، وطوف الْآفَاق، وَرجع إِلَى الوطن، وَكَانَ خَاله أوفده على الصاحب بن عباد جِهَة الرّيّ، فارتضاه، وَأكْرم مثواه. ثمَّ تقرب أَبُو الْحُسَيْن، وَلَقي النَّاس فِي انْتِقَاله، وَورد خُرَاسَان، وَنزل بنيسابور دفعات، وأملى بهَا من الْأَدَب والنحو مَا سَارَتْ بِهِ الركْبَان، وَآل أمره إِلَى أَن وزر للأمير شَاذ غرشيستان، ثمَّ اخْتصَّ بالأمير إِسْمَاعِيل بن سبكتكين بغزنة، ووزر لَهُ، ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور ثمَّ توجه إِلَى مَكَّة، وجاور بهَا ثمَّ عَاد إِلَى غزنة وَرجع إِلَى نيسابور، ثمَّ انْتقل إِلَى إسفراين، ثمَّ استوطن جرجان إِلَى أَن مَاتَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَهلهَا؛ مِنْهُم عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ، وَلَيْسَ لَهُ أستاذ سواهُ.

وَلابْن عباد إِلَيْهِ مكاتبات مدونة، وَله تصانيف فِي الهجاء، وَكتاب الشّعْر.

مَاتَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة، وَمن شعره.

وَلَا غُصْن إِلَّا مَا حواه قباؤه

وَلَا دعص إِلَّا مَا خبته مآزره

وأمضى من السَّيْف المنوط بخصره

إِذا شيم سيفٌ تنتضيه محاجره

151 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ النَّحْوِيّ

يعرف بِابْن نجدة. قَالَ ياقوت: مَشْهُور فِي أهل الْأَدَب، وَله خطّ مَرْغُوب فِيهِ. قَرَأَ على الْفضل بن الحُباب الجَمحي.

ص: 94

152 -

مُحَمَّد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد الْأمَوِي المالقي أَبُو عبد الله

قَالَ ابْن الزبير: أستاذ مقرئ لِلْقُرْآنِ والعربية، روى عَنهُ الْحَافِظ أَبُو عبد الله ابْن الفخار، وَأخذ عَنهُ الْقرَاءَات، وَغير ذَلِك.

153 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن المضرس الْخَولَانِيّ أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ

كَانَ مقدما فِي النَّحْو، وَله شعر ومناقضات مَعَ أبي يعلى حَمْزَة بن مُحَمَّد المهلبي. مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة.

154 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْموصِلِي الْمَعْرُوف بِابْن وَحشِي النَّحْوِيّ أَبُو الْفَتْح

قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ إِمَامًا فِي الْقرَاءَات والنحو وَالْعرُوض، مبرزاً فِي الْأَدَب.

قَالَ الصَّفَدِي: وَكَانَ مُقيما بميافارقين.

وَمن شعره:

وركبٍ تنادوا للصَّلَاة وَقد جرى

مَعَ النّيل من دمعي لبينهمُ دمُ

فَلم يَجدوا مَاء طهُورا فيمموا

لَدَيْهِ صَعِيدا طيبا فَتَيَمَّمُوا

155 -

مُحَمَّد بن حَفْص بن وَاقد

قَالَ فِي تَارِيخ بَلخ: صَاحب النَّحْو والعربية، كَانَ مَعْرُوفا بالأدب، سكن خَارج بَاب الْهِنْد.

ص: 95

156 -

مُحَمَّد بن حكم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن بَاقٍ الجزامي السَّرقسْطِي أَبُو جَعْفَر

قَالَ ابْن الزبير: كَانَ نحوياً لغوياً، مقرئاً، إِمَامًا فِي علم الْعَرَبيَّة، وإقراء الْكتاب، جَلِيلًا عَارِفًا بأصول الدّين، روى عَن أبي مَرْوَان وَابْن سراج، وَأبي الْوَلِيد الْبَاجِيّ، وَخلف بن يُوسُف الأبرش. واستوطن فاس، وَأخذ النَّاس بهَا عَنهُ. وَمَات فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة.

وَقَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ مُتَقَدما فِي النَّحْو، حَافِظًا للغة، متحققا بِعلم الْكَلَام وأصول الْفِقْه، حَاضر الذّكر لأقوال أهل تِلْكَ الْعُلُوم، جيد النّظر، متوقد الذِّهْن، ذكي الْقلب، فصيح اللِّسَان، ولي أَحْكَام فاس، وَأفْتى بهَا ودرس بهَا الْعَرَبيَّة.

روى عَن جمَاعَة؛ مِنْهُم عبد الدَّائِم بن مَرْزُوق القيرواني وَأَبُو إِسْحَاق بن قرقول، وَالقَاسِم بن دحمان.

وَشرح إِيضَاح الْفَارِسِي، وَألف فِي الجدل، والعقائد.

مَاتَ بفاس وَقيل بتلمسان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة، ذكر فِي جمع الْجَوَامِع فِي أَفعَال المقاربة.

157 -

مُحَمَّد بن حمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مَحْمُود

ابْن فورجة، بِضَم الْفَاء وَسُكُون الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم، البروجردي.

قَالَ ياقوت: أديب فَاضل، مُصَنف. لَهُ الْفَتْح على أبي الْفَتْح، والتجني على ابْن جني؛ يرد فيهمَا على ابْن جني فِي شرح شعر المتنبي.

وَذكره الشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي كِتَابه الْبلْغَة فِي أَئِمَّة اللُّغَة؛ وَهُوَ

ص: 96

كتاب لطيف؛ لَكِن سَمَّاهُ حمد بن مُحَمَّد، وَقيل: نحوي لغَوِيّ، لَهُ الْفَتْح على أبي الْفَتْح، والتجني على ابْن جني.

مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاثِينَ وثلثمائة.

وَقَالَ الثعالبي: هُوَ من أهل أَصْبَهَان المقيمين بِالريِّ، الْمُتَقَدِّمين فِي الْفضل، المبرزين فِي النّظم والنثر.

كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره:

أَيهَا القاتلي بِعَيْنيهِ رفقا

إِنَّمَا يسْتَحق ذَا من قلاكا

أَكثر اللائمون فِيك عتابي

أَنا واللائمون فِيك فداكا

إِن لي غيرَة عَلَيْك من اسْمِي

إِنَّه دَائِما يقَّبِل فاكا

قلت: هَذَا الشّعْر يُؤَيّد أَن اسْمه حمد.

158 -

مُحَمَّد بن حمدون الغافقي الْقُرْطُبِيّ الْوراق.

قَالَ ابْن الفرضي: أَصله من مورور، وَسكن إشبيلية، وعني بتقييد الْفِقْه وَحفظه. وروى عَن قَاسم بن أصبغ وَأحمد بن بشر، وَكَانَ حسن الْخط، ضابطاً. وأدب بِالْعَرَبِيَّةِ.

159 -

مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الرُّومِي

الْعَلامَة شمس الدّين بن الفنري - بِفَتْح الْفَاء وَالنُّون وبالراء الْمُهْملَة - نِسْبَة إِلَى صَنْعَة الفنيار؛ سمعته من شَيخنَا الْعَلامَة مُحي الدّين الكافيجي.

قَالَ ابْن حجر: كَانَ عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ والمعاني والقراءات، كثير الْمُشَاركَة فِي الْفُنُون.

ص: 97

ولد فِي صفر سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة، وَأخذ عَن الْعَلامَة عَلَاء الدّين الْأسود شَارِح المغنى، وَالْجمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأقصرائي، ولازم الِاشْتِغَال، ورحل إِلَى مصر، وَأخذ عَن الشَّيْخ أكمل الدّين وَغَيره، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرّوم، فولي قَضَاء برصاء، وارتفع قدره عِنْد بني عُثْمَان جدا، واشتهر ذكره، وشاع فَضله. وَكَانَ حسن السمت، كثير الْفضل والإفضال؛ غير أَنه يعاب بنحلة ابْن عَرَبِيّ، وبإقراء الفصوص؛ وَلما دخل الْقَاهِرَة لم يتظاهر بِشَيْء من ذَلِك، وَاجْتمعَ بِهِ فضلاء الْعَصْر، وذاكروه وباحثوه، وشهدوا لَهُ بالفضيلة - ثمَّ رَجَعَ، وَكَانَ قد أثرى. وصنف فِي الْأُصُول كتابا أَقَامَ فِي عمله ثَلَاثِينَ سنة، وأقرأ الْعَضُد نَحْو الْعشْرين مرّة.

مَاتَ فِي رَجَب سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة.

قلت: لَازمه شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي، وَكَانَ يُبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ جدا.

160 -

مُحَمَّد بن حميد بن حيدرة بن الْحُسَيْن بن الأرقط أَبُو الْحُسَيْن الْحُسَيْنِي النَّحْوِيّ

قَرَأَ على ابْن بَرَكَات بِمصْر النَّحْو واللغة، وعَلى الشريف المهندس بِالْيمن كتاب المجسطي، وعَلى القَاضِي الأديب بأسوان الْأَدَب.

قَالَ مُحَمَّد بن شَاكر: رحلت إِلَيْهِ بأسوان، وقرأت عَلَيْهِ الْقُرْآن الْكَرِيم وشيئاً من الْأَدَب.

وَتُوفِّي بقوص سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة.

ذكره المقريزي فِي المقفى.

ص: 98

161 -

مُحَمَّد بن حيوية بن المؤمل النَّحْوِيّ الْوَكِيل أَبُو بكر ابْن أبي رَوْضَة الكرجي

قَالَ ياقوت: روى عَن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن وَمُحَمّد بن الْمُغيرَة السكرِي، من أهل همذان، وَعنهُ كَامِل بن أَحْمد النَّحْوِيّ، وَأَبُو الْحسن بن الصَّباح، وَأَبُو سعد عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد الإدريسي السَّمرقَنْدِي الْحَافِظ وَقَالَ: لَا أعْتَمد عَلَيْهِ، وَقد تكلمُوا فِيهِ، وَلَيْسَ عِنْدهم بِذَاكَ.

سُئِلَ عَن سنه، فَقَالَ: مائَة واثنتا عشرَة سنة، وَمَات سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة.

162 -

مُحَمَّد بن خُرَاسَان النَّحْوِيّ الصّقليّ أَبُو عبد الله

مولى لبني الْأَغْلَب. سمع من أبي جَعْفَر النّحاس مصنفاته، وَأخذ الْقِرَاءَة عرضا عَن المظفر بن أَحْمد بن حمدَان. مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وثلثمائة بصقلية هُوَ ابْن سِتّ وَسبعين سنة.

ذكره الداني فِي طبقاته.

وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: روى عَن أبي بكر مُحَمَّد بن بدر القَاضِي، ومروان بن عبد الْملك ابْن بَحر بن شَاذان، وَأحمد بن مَرْوَان الْمَالِكِي. وَعنهُ يُوسُف بن أبي حبيب بن مُحَمَّد، وَخرج عَنهُ فِي شرح الشهَاب لَهُ.

163 -

مُحَمَّد بن خطاب الأندلسي أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ الْأَزْدِيّ

قَالَ الْحميدِي: كَانَ من الأدباء الْمَشْهُورين، والنحاة الْمَذْكُورين، يخْتَلف إِلَيْهِ فِي علم الْعَرَبيَّة أَوْلَاد الأكابر وَذَوي الْجَلالَة. وَله شعر مأثور.

مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلاثمائة.

ص: 99

164 -

مُحَمَّد بن خلصة الشذوني النَّحْوِيّ أَبُو عبد الله

وَيُقَال لَهُ: الْبَصِير وَكَانَ أعمى.

قَالَ الْحميدِي: كَانَ من النَّحْوِيين المتصدرين، وَالْعُلَمَاء الْمَشْهُورين، وَالشعرَاء المجودين، رَأَيْته بدانية بعد الْأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة.

قَالَ الذَّهَبِيّ: أَخذ عَن ابْن سَيّده، وبرع فِي اللُّغَة والنحو، وشعره مدون.

مَاتَ سنة سبعين وَأَرْبَعمِائَة أَو قبلهَا.

وَمن شعره:

أرى جزعي بالجزع يزْدَاد كلما

يُنَادي فريق منهمُ بالتفرق

تخطّف نَفسِي كل مخطَفة الحشى

ويخفق قلبِي كل وجناء خيفق

وَهل ناصري صبري ودمعي خاذلي {

وَهل منقذي عزمي ودمعي مغرقي}

165 -

مُحَمَّد بن خلف بن مُحَمَّد بن عبد الله بن صياف أَبُو بكر اللَّخْمِيّ الإشبيلي الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ

قَالَ الصَّفَدِي: كَانَ عَارِفًا بالقراءات والعربية، مُتَقَدما فيهمَا، من كبار أَصْحَاب شُرَيْح.

وَقَالَ ابْن الزبير: أَخذ الْقرَاءَات عَن شُرَيْح، وروى عَنهُ وَعَن أبي مَرْوَان الْبَاجِيّ، وَكَانَ لَهُ شَأْن فِي منصبه وَحسن هَدْيه وانقباضه عَن أهل الدُّنْيَا، وإقباله على مَا يعنيه.

شرح الْأَشْعَار السِّتَّة، وفصيح ثَعْلَب، وَله أجوبة على مسَائِل قرآنية ونحوية أجَاب بهَا أهل طنجة. روى عَنهُ أَبُو الْحسن بن جَابر بن الدباج وَأَبُو الْخطاب بن خَلِيل.

ص: 100

مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة.

وَالصَّوَاب فِي اسْم أَبِيه وجده مَا أوردته. وَذكره الصَّفَدِي هَكَذَا: مُحَمَّد بن خلف ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن صَاف؛ وَهَذَا خطأ، قلد فِيهِ أَبَا الْعَبَّاس بن فرتون، نبه عَلَيْهِ ابْن الزبير فِي الصِّلَة.

166 -

مُحَمَّد بن خلف الهمذاني الغرناطي أَبُو بكر

يعرف بِابْن قيلالي. قَالَ ابْن الزبير: من بَيت علم وَدين، كَانَ عَارِفًا بالفقه والْحَدِيث والنحو واللغة وَالْأَدب وَالشعر وَالْكِتَابَة والطب، مَعَ كرم خلق، وَحسن عشرَة وبشاشة. روى عَن أبي مُحَمَّد بن عتاب وَأبي بَحر الْأَسدي. وَذكره أصبغ ابْن أبي الْعَبَّاس فِي أدباء مالقة، قَالَ: وَكَانَ من جملَة الْكتاب والأدباء وَالشعرَاء والبلغاء؛ وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ. وصنع مقامة حَسَنَة فِي أهل بَلَده. وانتقل إِلَى مالقة، ثمَّ انْصَرف إِلَى بَلَده. وَكَانَ طبياً، وشعره جيد جزل.

ولد سنة ثِنْتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة، وَمَات لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَالِث جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة.

167 -

مُحَمَّد بن خلف الله بن خَليفَة بن مُحَمَّد التَّمِيمِي القسنطيني الْمَعْرُوف بِابْن الشمني أَبُو عبد الله

قَالَ ابْن مَكْتُوم: ذُو فنون، حسن المذاكرة، وَكَانَ أحد المتصدرين فِي جَامع عَمْرو لإقراء الْفِقْه وَالْأَدب، وَأحد الشُّهُود المعدلين بهَا. روى عَنهُ الرشيد الْعَطَّار.

ولد سنّ ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بقسنطينية.

والشمني، بتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة وَالْمِيم وَتَشْديد النُّون.

قلت: هُوَ الْجد الْأَعْلَى لشَيْخِنَا الإِمَام تَقِيّ الدّين الشمني. وَرَأَيْت تأليفاً سَمَّاهُ.

ص: 101

168 -

مُحَمَّد بن خير بن عمر بن خَليفَة أَبُو بكر الْأمَوِي اللمتوني الإشبيلي الْحَافِظ النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ

قَالَ الصَّفَدِي: كَانَ حَافِظًا مقرئاً نحويا لغوياًً متقناً أدبياً، وَاسع الْمعرفَة، تصدر للإقراء.

وَقَالَ ابْن الزبير: أحد المقرئين الْمُحدثين الْمَشْهُورين بِحسن الضَّبْط وإتقان التَّقْيِيد، مَعَ مَعْرفَته بِالْعَرَبِيَّةِ واللغة وَالْأَدب والغريب، أغْنى النَّاس بإكثار الرِّوَايَة حَتَّى أَخذ عَن كثير من نظرائه. أَخذ عَن أبي بكر بن الْعَرَبِيّ وَأبي الْقَاسِم بن الرماك وَأبي الْوَلِيد بن طريف، وَأبي بَحر الْأَسدي، وَأبي الْقَاسِم بن بَقِي، وَعبد الْحق بن عَطِيَّة، وَالْقَاضِي عِيَاض، وَابْن هُذَيْل، وخلائق. واعتنى وَقيد، وأتقن وَكتب كثيرا، وأقرأ بإشبيلية وقرطبة، وخطب بجامعها الْأَعْظَم، وَأم بِهِ. روى عَنهُ أَبُو الْخطاب بن وَاجِب، وَأَبُو عَليّ الزندي.

مولده فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة، وَمَات فِي السَّابِع عشر من ربيع الأول سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة.

169 -

مُحَمَّد بن دَاوُد بن عبد التجِيبِي الجياني أَبُو عبد الله

يعرف بالحياس. قَالَ ابْن الزبير: روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم بن الطيلسان، وَذكره فَقَالَ: نحوي أديب سري.

حج وَمَات بالإسكندرية.

ص: 102

170 -

مُحَمَّد بن أبي دوس البياسي أَبُو بكر النَّحْوِيّ

قَالَ ابْن سعيد فِي كِتَابه الْمغرب فِي حلى الْمغرب: من أهل الْمِائَة السَّادِسَة، من حَسَنَات بياسة فِي علم الْعَرَبيَّة، أولع بالتنقل والتغرب، وخدم المعتصم بالمرية.

وَمن شعره:

(همتي فَوق السماكين ورجلي فِي الصَّعِيد

)

(وكذاك السَّيْف فِي الغمد ويعلو كل جيد

)

171 -

مُحَمَّد بن رضوَان بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري الْمحلى زين الدّين الْمُعَرّف بِابْن الرعاد

قَالَ الْكَمَال الأدفوي فِي الْبَدْر السافر: كَانَ نحوياً أدبياً شَاعِرًا، أَخذ النَّحْو عَن أبي عَمْرو بن الْحَاجِب، وَكَانَ خياطاً بالمحلة، صيّناً مترفعاً عَن أَبنَاء الدُّنْيَا، لَا يتَرَدَّد إِلَيْهِم. كتب عَنهُ الشَّيْخ أَبُو حَيَّان، وَذكره فِي النضار.

مولده بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة. وَمَات بالمحلة سنة سَبْعمِائة.

وَمن شعره فِيمَن اسْمه إِبْرَاهِيم:

(رَأَيْت حَبِيبِي فِي الْمَنَام معانقي

وَذَلِكَ للمهجور مرتبةٌ علياَ)

(وَقد رق لي من بعد هجر وقسوةٍ

وَمَا ضرّ إِبْرَاهِيم لَو صدق الرُّؤْيَا!)

وَله:

(إِنِّي إِذا مَا كَانَ لي صاحبٌ

أرعاه فِي الْغَائِب وَالشَّاهِد)

(أصدقه الود فَإِن ذمني

لم أكُ غير الشاكر الحامد)

(وَلست أرْضى أَن أكون امْرأ

يُقَابل الْفَاسِد بالفاسد)

ص: 103

وَفِيه يَقُول الشَّيْخ شرف الدّين البوصيري صَاحب الْبردَة:

(لقد عَابَ شعري فِي الْبَريَّة شاعرٌ

وَمن عَابَ أشعاري فَلَا بُد أَن يهجى)

(فشعري بحرٌ لَا يرى فِيهِ ضفدعٌ

وَلَا يسْلك الرعاد يَوْمًا لَهُ لجَّا)

172 -

مُحَمَّد بن رضوَان بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ابْن أَرقم النميري الْوَادي آشي أَبُو يحيى

قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ صَدرا شهيراً علما، حسيباً أصيلاً، جم التَّحْصِيل، قوي الْإِدْرَاك، مضطلعاً بِالْعَرَبِيَّةِ واللغة، إِمَامًا فِي ذَلِك، مشاركاً فِي علومٍ من حِسَاب وهيئة وهندسة، إِلَى سراوة وَفضل، وتواضع وَدين، حسن التَّقْيِيد، لخطه رونق. ولي قَضَاء بَلَده وبُرشانة، فحمدت سيرته. أَخذ الْقرَاءَات عَن جودي بن عبد الرَّحْمَن، ولازمه فِي اللُّغَة والعربية، وَأَجَازَ لَهُ، وَصَحب بغرناطة جلة من الْعلمَاء.

وَألف مُخْتَصر الْغَرِيب المُصَنّف، وكتابا فِي أَحْوَال الْخَيل، وشجرة فِي الْأَنْسَاب، ورسالة فِي الاسطرلاب، وَغير ذَلِك.

مَاتَ لَيْلَة السبت سَابِع عشر ربيع الآخر سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة.

173 -

مُحَمَّد بن أبي زرْعَة الْبَاهِلِيّ النَّحْوِيّ أَبُو يعلى

أحد أَصْحَاب الْمَازِني. صنف نكتا على كتاب سِيبَوَيْهٍ.

قَالَ الزبيدِيّ بعد ذكر طبقَة الْمَازِني: ثمَّ برع بعد هَذِه الطَّبَقَة مُحَمَّد بن يزِيد الْمبرد، وَأَبُو يعلى بن أبي زرْعَة.

ولد يَوْم دُخُول صَاحب الزنج الْبَصْرَة، وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ.

وَقَالَ الْفَارِسِي فِي القصريات: كَانَ أَبُو يعلى أحذق من الْمبرد، وَإِنَّمَا قل عَنهُ لِأَنَّهُ عوجل.

ص: 104

174 -

مُحَمَّد بن زِيَاد أَبُو عبد الله بن الْأَعرَابِي

من موَالِي بني هَاشم. قَالَ الجاحظ: كَانَ نحوياً عَالما باللغة وَالشعر، ناسباً كثير السماع من الْمفضل بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ، راوية للأشعار، حسن الْحِفْظ لَهَا، وَلم يكن أحد من الْكُوفِيّين أشبه رِوَايَة بِرِوَايَة الْبَصرِيين مِنْهُ. وَكَانَ يزْعم أَن الْأَصْمَعِي وَأَبا عُبَيْدَة لَا يحسنان قَلِيلا وَلَا كثيرا. وَكَانَ أَحول أعرج.

قَالَ ثَعْلَب: شاهدت ابْن الْأَعرَابِي، وَكَانَ يحضر مَجْلِسه زهاء مائَة إِنْسَان، كل يسْأَله أَو يقْرَأ عَلَيْهِ ويجيب من غير كتاب. قَالَ: وَلَزِمتهُ بضع عشرَة سنة، مَا رَأَيْت بِيَدِهِ كتابا قطّ، وَمَا أَشك فِي أَنه أملي على النَّاس مَا يحمل على أجمال، وَلم ير اُحْدُ فِي علم الشّعْر واللغة كَانَ أغزر مِنْهُ، وَأدْركَ النَّاس، وَقَرَأَ على الْقَاسِم ابْن معن، واتسع فِي الْعلم جدا.

وَقَالَ غَيره: كَانَ مِمَّن وسم بالتعليم، وَكَانَ يَأْخُذ كل شهر ألف دِرْهَم، فينفقها على إخوانه وَأَهله، وَكَانَ شَيخا جميل الْأَخْلَاق، وَكَانَ قد تماسك فِي آخر أَيَّامه بعد سوء حَاله. وَكَانَ الْمفضل الضَّبِّيّ زوج أمه.

وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيب: سَأَلت أَبَا عبد الله بن الْأَعرَابِي فِي مجْلِس وَاحِد عَن بضع عشرَة مَسْأَلَة من شعر الطرماح يَقُول فِي كلهَا: لَا أَدْرِي وَلم أسمع، أفأحدس لَك برأيي! .

وَحدث ثَعْلَب، قَالَ: سَمِعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: من لَا قبُول عَلَيْهِ فَلَا حَيَاة لأدبه. وَقَالَ: مَا رَأَيْت قوما أكذب على اللُّغَة من قوم يَزْعمُونَ أَن الْقُرْآن مَخْلُوق.

واغتاب رجل عِنْده بعض الْعلمَاء، فَقَالَ لَهُ: لَو لم تقل فِينَا مَا قلت عندنَا؛ لَا تجْلِس إِلَيْنَا

وَحدث الصولي قَالَ: غُني فِي مجْلِس الواثق بِشعر الأخطل:

(وشاربٍ مربحٍ بالكأس نادمني

لَا بالحصور وَلَا فِيهَا بِسوار)

ص: 105

فَقيل: بِسوار وبسآر، فَوجه إِلَى ابْن الْأَعرَابِي - وَهُوَ حِينَئِذٍ بسر من رَأْي - فَسئلَ عَن ذَلِك، فَقَالَ: بِسوار، يُرِيد بوثاب، أَي لَا يثبت على ندمائه، وبسآر أَي لَا يفضل فِي الْقدح سؤره، وَقد رويا جَمِيعًا. فَأمر لَهُ الواثق بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم.

وَله من الْكتب: النَّوَادِر، الأنواء، صفة الْمحل، صفة الدرْع، الْخَيل، مدح الْقَبَائِل، مَعَاني الشّعْر. تَفْسِير الْأَمْثَال، النَّبَات، الْأَلْفَاظ، نسب الْخَيل، نَوَادِر الزبيريين، نَوَادِر بني فقعس، النبت والبقل.

مَاتَ بسر من رأى سنة ثَلَاثِينَ - وَقيل: سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ - وَمِائَتَيْنِ، وَقيل: سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. ومولده لَيْلَة مَاتَ أَبُو حنيفَة لإحدى عشرَة خلت من جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين وَمِائَة.

قَالَ الزبيدِيّ فِي طبقاته: حَدثنَا أَحْمد بن سعيد، حَدثنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّحَاوِيّ، حَدثنَا أَحْمد بن أبي عمرَان، قَالَ: كنت عِنْد أبي أَيُّوب أَحْمد بن مُحَمَّد بن شُجَاع، فَبعث غُلَامه إِلَى أبي عبد الله بن الْأَعرَابِي يسْأَله الْمَجِيء إِلَيْهِ، فَعَاد إِلَيْهِ الْغُلَام، فَقَالَ: قد سَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ لي: عِنْدِي قومٌ من الْأَعْرَاب، فَإِذا قضيت أربي مَعَهم أتيت؛ قَالَ الْغُلَام وَمَا رَأَيْت عِنْده أحدا إِلَّا أَنِّي رَأَيْت بَين يَدَيْهِ كتبا ينظر فِيهَا، فَينْظر فِي هَذَا مرّة، وَفِي هَذَا مرّة. ثمَّ مَا شعرنَا حَتَّى جَاءَ؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب: قَالَ لي الْغُلَام: إِنَّه مَا رأى عنْدك أحدا، وَقد قلت لَهُ: أَنا مَعَ قوم من الْأَعْرَاب، فَإِذا قضيت أربي مَعَهم أتيت! فَقَالَ:

(لنا جلساء مَا نمل حَدِيثهمْ

ألبَّاء مأمونون غيباً ومشهدا)

(يفيدوننا من علمهمْ علم من مضى

وعقلاً وتأديباً ورأيا مُسَددًا)

(بِلَا فتنةٍ تخشى وَلَا سوء عشرةٍ

وَلَا نتقي مِنْهُم لِسَانا وَلَا يدا)

(فَإِن قلت أمواتٌ فَمَا أَنْت كاذبٌ

وَإِن قلت أَحيَاء فلست مفندا)

ص: 106

175 -

مُحَمَّد بن زيد أَبُو عبد الله

مولى الإِمَام عبد الرَّحْمَن بن الحكم. ذكره الزبيدِيّ فِي الطَّبَقَة السَّادِسَة من نحاة الأندلس، وَقَالَ: كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ، صَحِيح الرِّوَايَة، أَخذ عَن الْحَكِيم مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل.

176 -

مُحَمَّد بن زيد بن يضختويه بن الْهَيْثَم البردعي

قَالَ ابْن يُونُس: قدم مصر، وكتبت عَنهُ؛ روى عَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب السَّعْدِيّ الْجوزجَاني، وَسمع مِنْهُ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ بِمصْر فِي رَمَضَان سنة ثلثمِائة.

وَقَالَ مسلمة بن قَاسم: هُوَ من أَرض أذربيجان، نزل مصر فاستوطنها، وَكَانَ كثير الْعلم، متفنناً فِي الْأَدَب واللغة وَالشعر، وَكَانَ ثِقَة أَمينا، وفوض إِلَيْهِ أَبُو عبيد القَاضِي قِطْعَة من الأحباس؛ حَتَّى مَاتَ.

أوردهُ المقريزي فِي المقفى.

177 -

مُحَمَّد بن زيد بن مسلمة النَّحْوِيّ أَبُو الْحسن الْمَعْرُوف بِابْن أبي الشملين

قَالَ ياقوت: لَا أعرف من حَاله إِلَّا مَا قرأته فِي كتاب أدب الْمَرِيض والعائد لأبي شُجَاع البسطامي. قَالَ: كتب أَبُو مُحَمَّد بن عَليّ بن سمعون النَّرْسِي الْحَافِظ بِخَطِّهِ - وَأذن لنا فِي رِوَايَته عَنهُ: أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن، أنشدنا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن زيد بن مسلمة النَّحْوِيّ، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَليّ الْفَارِسِي والسيرافي، قَالَا: أنشدنا أَبُو بكر بن السراج، قَالَ عدنا أَبَا الْحسن بن الرُّومِي فِي مَرضه، فأنشدنا لنَفسِهِ:

(وَلَقَد سئمت مآربي

فَكَأَن أطيبها خَبِيث)

(إِلَّا الحَدِيث فَإِنَّهُ

مثل اسْمه أبدا حَدِيث)

ص: 107

178 -

مُحَمَّد بن سَالم الأطرابلسي

يعرف بالعقعق. قَالَ الزبيدِيّ كَانَ مُرْسلا شَاعِرًا، صَاحب نَحْو ولغة؛ مَعَ علم بالجدل وَنظر فِيهِ: وَكَانَ معتزلياً.

وَقَالَ الشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي الْبلْغَة: لغَوِيّ نحوي، جدلي، شَاعِر، معتزلي.

179 -

مُحَمَّد بن سَالم بن نصر الله بن سَالم بن وَاصل أَبُو عبد الله الْمَازِني التَّمِيمِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي

قاضيها الأصولي الإِمَام الْعَالم ذُو الْفُنُون. ولد بحماة لليلتين مضتا من شَوَّال سنة أَربع وسِتمِائَة، وَسمع من البرزالي، وبرع فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والعقلية، ودرس وَأفْتى، واشتهر ذكره؛ وَبعد صيته، وَتخرج بِهِ جمَاعَة. وَيُقَال: إِنَّه كَانَ يشْتَغل فِي نَحْو ثَلَاثِينَ علما، وَكَانَ غَايَة فِي الذكاء، وَكَانَت لَهُ معرفَة بالتاريخ.

وَمن مصنفاته: شرح الموجز فِي الْمنطق للخونجي، ومختصر الْأَرْبَعين، ومختصر المجسطي، ومختصر كتاب الأغاني، وَكتاب مفرج الكروب فِي دولة بني أَيُّوب، وَشرح الْجمل فِي الْمنطق للخونجي أَيْضا، وَكتاب هِدَايَة الْأَلْبَاب فِي الْمنطق، وَشرح قصيدة ابْن الْحَاجِب فِي الْعرُوض، وَكتاب التَّارِيخ الصَّالح، ومختصر الْمُفْردَات لِابْنِ البيطار.

قدم الْقَاهِرَة فِي صُحْبَة الْملك المظفر فِي الْمحرم سنة تسعين وسِتمِائَة، وَسمع النَّاس عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ أثير الدّين أَبُو حَيَّان، وَقَالَ عَنهُ: وَهُوَ من بقايا من رَأَيْنَاهُ من أهل الْعلم، الَّذِي ختمت بِهِ الْمِائَة السَّابِعَة.

وَقَالَ الشَّيْخ قطب الدّين عبد الْكَرِيم الْحلَبِي فِي حَقه: الإِمَام الْعَالم ذُو الْفُنُون، فَخر الْعُلُوم، كَانَ مُفردا فِي علم الْأُصُول والعلوم والعقلية.

ص: 108

وَتُوفِّي بحماة يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِي وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة عَن ثَلَاث وَتِسْعين سنة.

وَمن شعره مَا كتب بِهِ إِلَى الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة، وَكَانَت عَادَته فِي صفر أَن يقطع الرَّوَاتِب والجامكيات كلهَا:

(يَا سيداً لازال نجم سعده

فِي فلك العلياء يَعْلُو الأنجما)

(إحسانك الْغمر ربيعٌ دائمٌ

فَلم يكن فِي صفر محرما)

أوردهُ المقريزي فِي المقفى.

180 -

مُحَمَّد بن سارة، أَبُو جَعْفَر بن أخي معَاذ الرُّؤَاسِي

قيل لَهُ ذَلِك لعظم رَأسه؛ وَهُوَ أول من وضع نَحْو الْكُوفِيّين، ذكر ذَلِك ثَعْلَب.

من تصانيفه مَعَاني الْقُرْآن، وتصانيف فِي النَّحْو.

181 -

مُحَمَّد بن السّري الْبَغْدَادِيّ النَّحْوِيّ أَبُو بكر بن السراج

قَالَ المرزباني: كَانَ أحدث أَصْحَاب الْمبرد سنا، مَعَ ذكاء وفطنة، وَكَانَ الْمبرد يقر بِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ كتاب سِيبَوَيْهٍ، ثمَّ اشْتغل بالموسيقى، فَسئلَ عَن مَسْأَلَة بِحَضْرَة الزجاح، فَأَخْطَأَ فِي جوابها، فوبخه الزجاح؛ وَقَالَ: مثلك يُخطئ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة! وَالله لَو كنت فِي منزلي ضربتك، وَلَكِن الْمجْلس لَا يحْتَمل ذَلِك؛ وَمَا زلنا نشبهك فِي الذكاء بالْحسنِ بن رَجَاء، فَقَالَ: قد ضربتني يَا أَبَا إِسْحَاق، وَكَانَ علم الموسيقيا قد شغلني. ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْكتاب، وَنظر فِي دقائق مسَائِله، وعول على مسَائِل الْأَخْفَش والكوفيين، وَخَالف أصُول الْبَصرِيين فِي مسَائِل كَثِيرَة.

وَيُقَال: مَا زَالَ النَّحْو مَجْنُونا حَتَّى عقله ابْن السراج بأصوله.

ص: 109

أَخذ عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الزجاجي والسيرافي والفارسي والرماني، وَلم تطل مدَّته، وَمَات شَابًّا فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة.

وَله من الْكتب: الْأُصُول الْكَبِير، جمل الْأُصُول، الموجز، شرح سِيبَوَيْهٍ. الِاشْتِقَاق لم يتم، احتجاج القرأة، الشّعْر وَالشعرَاء، الْجمل، الرِّيَاح والهواء وَالنَّار، الْخط والهجاء. المواصلات والمذاكرات فِي الْأَخْبَار.

وَمن شعره فِي أم وَلَده - وَكَانَ يُحِبهَا، وَأنْفق عَلَيْهَا مَاله، وجفته:

(قايست بَين جمَالهَا وفعالها

فَإِذا الملاحة بالخيانة لَا تفي)

(وَالله لَا كلمتها وَلَو أَنَّهَا

كَالشَّمْسِ أَو كالبدر أَو كالمكتفى)

وَقَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: جِئْت لأسْمع مِنْهُ الْكتاب، وحملت إِلَيْهِ مَا حملت، فَلَمَّا انتصف عسر عَليّ فِي إِتْمَامه؛ فَانْقَطَعت عَنهُ لتمكني من الْكتاب، فَقلت فِي نَفسِي بعد مُدَّة: إِذا عدت إِلَى فَارس، وسئلت عَن إِتْمَامه، فَإِن قلت: نعم كذبت، وَإِن قلت: لَا، بطلت الرِّوَايَة والرحلة؛ فدعتني الضَّرُورَة أَن حملت إِلَيْهِ رزمة، فَلَمَّا بصر بِي من بعيد أنْشد:

(كم قد تجرعت من غيظ وَمن حزن

إِذا تجدّد حزني هون الْمَاضِي)

(وَكم غضِبت وَمَا باليتم غَضَبي

حَتَّى رجعت بقلب ساخطٍ رَاض)

وَحكى الرماني قَالَ: ذكر كِتَابه الْأُصُول بِحَضْرَتِهِ، فَقَالَ قَائِل: هُوَ أحسن من المقتضب، فَقَالَ ابْن السراج: لاتقل هَكَذَا، وَأنْشد:

(وَلَو قبل مبكاها بَكَيْت صبَابَة

بسعدي شفيت النَّفس قبل التندم)

(وَلَكِن بَكت قبلي فهيج لي البكا

بكاها فَقلت الْفضل للمتقدم)

ص: 110

182 -

مُحَمَّد بن سَعْدَان الضَّرِير الْكُوفِي النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ أَبُو جَعْفَر

قَالَ ياقوت: ولد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة، وروى عَن عبد الله بن إِدْرِيس وَأبي مُعَاوِيَة الضَّرِير، وَعنهُ مُحَمَّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل. وَكَانَ ثِقَة، وَكَانَ يقْرَأ بِقِرَاءَة حَمْزَة، ثمَّ اخْتَار لنَفسِهِ، ففسد عَلَيْهِ الْفَرْع وَالْأَصْل؛ إِلَّا أَنه كَانَ نحوياً.

وَقَالَ بَعضهم: أَخذ ابْن سَعْدَان الْقرَاءَات عَن أهل مَكَّة وَالْمَدينَة وَالشَّام والكوفة وَالْبَصْرَة، وَنظر فِي الِاخْتِلَاف، وَكَانَ ذَا علم بِالْعَرَبِيَّةِ، وصنف كتابا فِي النَّحْو وكتاباً فِي الْقرَاءَات.

وَمَات يَوْم عيد الْأَضْحَى سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَله ولد يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم من أهل الْعلم.

قلت: كَانَ ابْن سَعْدَان من النُّحَاة الْكُوفِيّين، صرح بِهِ الشَّيْخ أَبُو حَيَّان فِي مَوَاضِع من شرح التسهيل.

وَقَالَ الداني فِي طَبَقَات الْقُرَّاء: أَخذ الْقِرَاءَة عرضا عَن سليم بن عِيسَى عَن حَمْزَة، وَعَن يحيى بن الْمُبَارك اليزيدي عَن أبي عَمْرو، وَعَن إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْمسَيبِي عَن نَافِع، وَعَن مُعلى بن مَنْصُور عَن أبي بكر بن عَاصِم. روى عَنهُ الْقِرَاءَة مُحَمَّد بن أَحْمد بن وَاصل، وَهُوَ من أجل أَصْحَابه وأثبتهم.

183 -

مُحَمَّد بن سعد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الديباجي الْمروزِي النَّحْوِيّ ابْن النَّحْوِيّ، أَبُو الْفَتْح

قَالَ ياقوت: شيخ جليل، عَالم حسن الْعشْرَة، أَخذ النَّحْو عَن أَبِيه، وَلَقي الزَّمَخْشَرِيّ وَقَرَأَ على تِلْمِيذه البقالي.

ص: 111

وَله: شرح الْمفصل، شرح الأنمودج، تَهْذِيب مُقَدّمَة الْأَدَب، القانون الصلاحي فِي أَوديَة النواحي، فلك الْأَدَب، مَنَافِع أَعْضَاء الْحَيَوَان.

وَكَانَ ينظر فِي خزانَة الْكتب الَّتِي بالجامع الْأَكْبَر بمرو.

ومولده فِي الْمحرم سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة. وعثر بِعتبَة بَابه فَسقط على وَجهه، ووهن عظمه وَهنا أَدَّاهُ إِلَى الْمَوْت؛ وَذَلِكَ فِي يَوْم الْأَحَد ثامن عشر صفر، سنة تسع وسِتمِائَة.

184 -

مُحَمَّد بن سعد النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الرباحي

بِالْبَاء الْمُوَحدَة. قَالَ ياقوت: من قلعة رَبَاح من أَعمال طليطلة بالأندلس.

185 -

مُحَمَّد بن سعيد بن مُحَمَّد بن هِشَام الْكِنَانِي الأندلسي الشاطبي النَّحْوِيّ الأديب

أَبُو الْوَلِيد الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْجنان - بتَشْديد النُّون وَفتح الْجِيم - كَذَا ذكره الْحَافِظ زين الدّين الأبيوري فِي مُعْجَمه، وَقَالَ: أَنْشدني لنَفسِهِ بِدِمَشْق:

(حدثيني يَا نسمَة الأسحار

إِن خمر الحَدِيث مِنْهُ خمارى)

(أَنا سَكرَان من مدامة أشوا

قي، فَمَالِي وحانة الْخمار!)

(وأظن الغصون تهوي سليمي

فَلهَذَا تميل. للْأَخْبَار)

186 -

مُحَمَّد بن سعيد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح السيرافي

الْمَعْرُوف بالفالي، بِالْفَاءِ. صَاحب شرح اللّبَاب، لم أَقف لَهُ على تَرْجَمَة.

ص: 112

187 -

مُحَمَّد بن سعيد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَسْعُود

ابْن مُحَمَّد بن عَليّ نسيم الدّين، أَبُو عبد الله بن سعد الدّين النَّيْسَابُورِي ثمَّ الكازروني الْفَقِيه الشَّافِعِي النَّحْوِيّ. قَالَ ابْن حجر: نَشأ بكازرون، وَكَانُوا يذكرُونَ أَنه من ذُرِّيَّة أبي عَليّ الدقاق، وَأَنه ولد سنة سَبْعمِائة وَخمْس وَثَلَاثِينَ، وَأَن الْمزي أجَاز لَهُ، واشتغل بكازرون على أَبِيه، وبرع فِي الْعَرَبيَّة، وشارك فِي الْفِقْه وَغَيره مُشَاركَة حَسَنَة، مَعَ عبَادَة ونسك، وَخلق رضى، وانتفع بِهِ أَهلهَا.

مَاتَ ببلاده سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة.

قلت: روى لنا عَنهُ جمَاعَة من شُيُوخنَا المكيين.

188 -

مُحَمَّد بن سعيد بن مُوسَى الزجالي

قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي إعتاب الْكتاب لَهُ: كَانَ يعرف بالأصمعي لعنايته بالأدب وَحفظ اللُّغَة، وَهُوَ أول من رَأس أهل بَيته، وَجل بالمكتابة وأورثها عقبه، وَسبب اتِّصَاله بالسلطان أَن الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بن الحكم عثرت بِهِ دَابَّته وَهُوَ فِي غزَاة، فَأَنْشد متمثلا:

(وَمَا لَا نرى مِمَّا يقي الله أَكثر

)

وَطلب صدر الْبَيْت فعزب عَنهُ، فَسَأَلَ أَصْحَابه فأضلوه، وَأمر بسؤال كل من يتهم بِمَعْرِِفَة فِي عسكره، فَلم يلف أحد يقف عَلَيْهِ غير مُحَمَّد بن سعيد هَذَا، فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير! أول الْبَيْت:

(نرى الشَّيْء مِمَّا نتقي فنهابه

وَمَا لَا نرى مِمَّا يقي الله أَكثر)

فاستخدمه.

ص: 113

189 -

مُحَمَّد بن سعيد الْبَصِير الْموصِلِي الْعَرُوضِي النَّحْوِيّ أَبُو جَعْفَر

قَالَ ياقوت: كَانَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج معجبا بِهِ، وَكَانَ فِي النَّحْو ذَا قدم سَابِقَة، اجْتمع يَوْمًا مَعَ أبي عَليّ عِنْد أبي بكر بن شقير، فَقَالَ لأبي عَليّ: فِي أَي شَيْء تنظر يَا فَتى؟ فَقَالَ: فِي التصريف، فَجعل يلقِي عَلَيْهِ من الْمسَائِل على مَذْهَب الْبَصرِيين والكوفيين حَتَّى ضجر، فهرب أَبُو عَليّ مِنْهُ إِلَى النّوم، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد النّوم، فَقَالَ: هربت يَا فَتى! فَقَالَ: نعم هربت.

وَكَانَ ذكياً فهما: لَهُ فِي الشّعْر رُتْبَة عالية، إِمَامًا فِي اسْتِخْرَاج المعمي وَالْعرُوض، قَالَ لَهُ الزّجاج يَوْمًا - وَقد سَأَلَهُ عَن أَشْيَاء من الْعرُوض: يَا أَبَا جَعْفَر، لَو رآك الْخَلِيل لفرح بك.

قَرَأَ عَلَيْهِ عبيد الله بن جرو الْأَسدي النَّحْوِيّ.

190 -

مُحَمَّد بن أبي سعيد بن شرف الجذامي القيرواني أَبُو عبد الله

كَانَ من جلة الأدباء، وفحول الشُّعَرَاء، وَله كتب مؤلفة. مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة وَخَمْسمِائة.

ذكره ابْن بشكوال فِي زوائده على الصِّلَة.

ص: 114

191 -

مُحَمَّد بن سُلْطَان بن أبي غَالب بن الْخطاب أَبُو غَالب الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ من أهل النّيل. قَالَ ابْن النجار: قدم بَغْدَاد، وَقَرَأَ على ابْن الخشاب، وَأبي البركات الْأَنْبَارِي، وَأبي مُحَمَّد الجواليقي. وَسمع الحَدِيث من أبي بكر بن النقور، وَأبي الْوَقْت الصُّوفِي، وَأبي الْفضل بن نَاصِر. وَسكن الشَّام. وأقرأ الْأَدَب. وَله:

(لَا يلهينك عَن الحبيب مهامه

تتوي النُّفُوس وَلَا الجفا أَن تعشقا)

(إِن النَّعيم إِذا نظرت رَأَيْته

لم يَأْتِ إِلَّا بالضراعة والشقا)

(والدر لَوْلَا أَن يخاطر غائص

فِي لجة الْبَحْر الخضم لما ارْتقى)

192 -

مُحَمَّد بن سَلام بن عبيد الله بن سَالم الجُمَحِي

مولى مُحَمَّد بن زِيَاد، مولى قدامَة بن مَظْعُون الجُمَحِي. ذكره الزبيدِيّ فِي الطَّبَقَة الْخَامِسَة من اللغويين الْبَصرِيين، وَقَالَ: توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ. لَهُ غَرِيب الْقُرْآن.

193 -

مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن قطرمش بن ترْكَان شاه أَبُو نصر

الْبَغْدَادِيّ المولد، السَّمرقَنْدِي الأَصْل، النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الأديب. قَالَ ياقوت: أحد أدباء عصرنا، وأعيان أولي الْفضل بمصرنا، تجمعت فِيهِ شتات الْفَضَائِل، وَقد أَخذ من كل فن من الْعلم بِنَصِيب وافر، وَهُوَ من بَيت الْإِمَارَة، وَكَانَت لَهُ الْيَد الباسطة فِي حل إقليدس وَعلم الهندسة، مَعَ اخْتِصَاصه التَّام بالنحو واللغة وأخبار الْأُمَم والأشعار.

خلف لَهُ وَالِده أَمْوَالًا كَثِيرَة فضيعها فِي الْقمَار واللعب بالنرد حَتَّى احْتَاجَ إِلَى الوراقة، فَكَانَ يورق بأجره، بِخَطِّهِ الْمليح الصَّحِيح الْمُعْتَبر، فَكتب كثيرا من الْكتب،

ص: 115

حَتَّى ذكر للْإِمَام النَّاصِر، فولاه حَاجِب الْحجاب، فَلم يزل إِلَى أَن مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة عشْرين وسِتمِائَة، ومولده فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة.

وَله شعر رائق، مِنْهُ:

(لَا وَالَّذِي سخر قلبِي لَهَا

عبدا كَمَا سخر لي قَلبهَا)

(مَا فرحي فِي حبها غير أَن

زين عِنْدِي هجرها قَلبهَا)

194 -

مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الفهمي أَبُو عبد الله بن أبي الرّبيع

كَذَا ذكره صَاحب الْمغرب، وَقَالَ: من أهل الْمِائَة السَّابِعَة.

195 -

مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأنْصَارِيّ النَّحْوِيّ المكفوف الْمَعْرُوف بالحروفي

كَذَا وَصفه ابْن الفرضي، وَقَالَ: كَانَ ذَا فضل وَعبادَة، وأدب بالنحو، وَكَانَ مقرئاً، قَرَأَ الْقُرْآن على ابْن الرفاء. وَمَات فِي رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين وثلاثمائة.

وَذكره الزبيدِيّ فِي نحاة الأندلس.

196 -

مُحَمَّد بن سُلَيْمَان النَّحْوِيّ أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن أُخْت غَانِم الأندلسي

قَالَ ابْن عَاتٍ فِي الريحانة: كَانَ من أحفظ أهل زَمَانه للنحو، لَا سِيمَا كتب أبي زيد والأصمعي، قَائِما على المعونة لعبد الْوَهَّاب والإفادة، حَافِظًا لكَلَام الْأَطِبَّاء وأحوال الديانَات على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ، روى عَن خَاله غَانِم النَّحْوِيّ الأديب، وَسمع الصَّحِيحَيْنِ على الذلالي، وَسنَن أبي دَاوُد على أبي الْوَلِيد الوقشي.

ص: 116

سمع عَلَيْهِ أَبُو الْوَلِيد بن خيرة، وَسكن المرية، فَقيل لَهُ: مَا صيرك إِلَى المرية وَتركت خَالك مَعَ براعته؟ فَقَالَ: إِنَّه كَانَ يَقُول: رَئِيس غرناطة غير مَأْمُون على الدِّمَاء، فَكُن أَنْت بالمرية، فَإِن قتلني بقيت أَنْت، وَأَنت فِي أول فتوتك؛ فَأَعْطَانِي من كتبه جملَة، وأقمت بهَا. حَدثنِي عَنهُ أَبُو عبد الله بن عبَادَة الْأنْصَارِيّ. انْتهى.

197 -

مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الحكري شمس الدّين الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ

قَالَ ابْن حجر فِي الدُّرَر الكامنة: ثِقَة، مهر، وَشرح الْحَاوِي، والألفية، وَله بِالْعَرَبِيَّةِ مؤلفات فِي الْقرَاءَات.

ولي قَضَاء الْمَدِينَة، ثمَّ الْقُدس، ثمَّ نَاب فِي عدَّة جِهَات من أَعمال الديار المصرية.

198 -

مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن سعد بن مَسْعُود الرُّومِي البرعمي

شَيخنَا الْعَلامَة أستاذ الأستاذين محيي الدّين أَبُو عبد الله الكافيجي الْحَنَفِيّ. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، واشتغل بِالْعلمِ أول مَا بلغ، ورحل إِلَى بِلَاد الْعَجم والتتر، وَلَقي الْعلمَاء الأجلاء، فَأخذ عَن الشَّمْس الفنري، والبرهان حيدرة، وَالشَّيْخ وَاحِد، وَابْن فرشته شَارِح الْمجمع، وحافظ الدّين البزازي. وَدخل إِلَى الْقَاهِرَة أَيَّام الْأَشْرَف برسباي، فظهرت فضائله، وَولي المشيخة بتربة الْأَشْرَف الْمَذْكُور، وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء والأعيان، ثمَّ ولي مشيخة الشيخونية لما رغب عَنْهَا ابْن الْهمام. وَكَانَ الشَّيْخ إِمَامًا كَبِيرا فِي المعقولات كلهَا: الْكَلَام، وأصول اللُّغَة، والنحو والتصريف وَالْإِعْرَاب، والمعاني وَالْبَيَان، والجدل والمنطق والفلسفة، والهيئة؛ بِحَيْثُ لَا يشق أحد غباره فِي شَيْء من هَذِه الْعُلُوم، وَله الْيَد الْحَسَنَة فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَالنَّظَر فِي عُلُوم الحَدِيث، وَألف فِيهِ.

وَأما تصانيفه فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فَلَا تحصى، بِحَيْثُ إِنِّي سَأَلته أَن يُسَمِّي لي جَمِيعهَا لأكتبها فِي تَرْجَمته، فَقَالَ: لَا أقدر على ذَلِك. قَالَ: ولي مؤلفات كَثِيرَة أنسيتها فَلَا أعرف الْآن أسماءها

ص: 117

وَأكْثر تآليف الشَّيْخ مختصرات، وأجلها وأنفعها على الْإِطْلَاق شرح قَوَاعِد الْإِعْرَاب؛ وَشرح كلمتي الشَّهَادَة، وَله مُخْتَصر فِي عُلُوم الحَدِيث، ومختصر فِي عُلُوم التَّفْسِير يُسمى التَّيْسِير، قدره ثَلَاثَة كراريس، وَكَانَ يَقُول: إِنَّه ابتدع هَذَا الْعلم وَلم يسْبق إِلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْخ لم يقف على الْبُرْهَان للزركشي، وَلَا على مواقع الْعُلُوم للجلال البُلْقِينِيّ. وَكَانَ الشَّيْخ رحمه الله صَحِيح العقيدة فِي الديانَات، حسن الِاعْتِقَاد فِي الصُّوفِيَّة، محباً لأهل الحَدِيث، كَارِهًا لأهل الْبدع، كثير التَّعَبُّد على كبر سنه، كثير الصَّدَقَة والبذل، لَا يبقي على شَيْء، سليم الْفطْرَة، صافي الْقلب، كثير الِاحْتِمَال لأعدائه، صبوراً على الْأَذَى، وَاسع الْعلم جدا. لَزِمته أَربع عشرَة سنة، فَمَا جِئْته من مرّة إِلَّا وَسمعت مِنْهُ من التحقيقات والعجائب مَا لم أسمعهُ قبل ذَلِك، قَالَ لي يَوْمًا: أعرب: " زيد قَائِم " فَقلت: قد صرنا فِي مقَام الصغار ونسأل عَن هَذَا! فَقَالَ لي " " فِي زيد قَائِم " مائَة وَثَلَاثَة عشر بحثا، فَقلت: لَا أقوم من هَذَا الْمجْلس حَتَّى أستفيدها، فَأخْرج لي تَذكرته فكتبتها مِنْهَا. وَمَا كنت أعد الشَّيْخ إِلَّا والداً بعد وَالِدي، لِكَثْرَة مَا لَهُ عَليّ من الشَّفَقَة والإفادة، وَكَانَ يذكر أَن بَينه وَبَين وَالِدي صداقة تَامَّة، وَأَن وَالِدي كَانَ منصفاً لَهُ، بِخِلَاف أَكثر أهل مصر.

توفّي الشَّيْخ شَهِيدا بالإسهال لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة. وَقَالَ الشهَاب المنصوري يرثيه:

(بَكت على الشَّيْخ محيي الدّين كافيجي

عيوننا بدموع من دم المهج)

(كَانَت أسارير هَذَا الدَّهْر من دُرَر

تزهى فبدل ذَاك الدّرّ بالسبج)

(فكم نفى بِسَمَاع من مكارمه

فقرا وَقوم بالإعطاء من عوج)

(يَا نور علم أرَاهُ الْيَوْم منطفئا

وَكَانَت النَّاس تمشي مِنْهُ فِي سرج)

(فَلَو رَأَيْت الْفَتَاوَى وَهِي باكيةٌ

رَأَيْتهَا من نجيع الدمع فِي لجج)

(وَلَو سرت بثناه عَنهُ ريح صبا

لاستنشقوا من ثناها أطيب الأرج)

ص: 118

(يَا وَحْشَة الْعلم من فِيهِ إِذا اعتركت

أبطاله متوارث فِي دجى الرهج)

(لم يلْحقُوا شأو علم من خَصَائِصه

عَنَّا ورتبته فِي أرفع الدرج)

(قد طالما كَانَ يقرينا ويقرئنا

فِي حالتيه بِوَجْه مِنْهُ مبتهج)

(سقيا لَهُ وكساه الله نور سنا

من سندس بيد الغفران منتسج)

199 -

مُحَمَّد بن سَوْدَة بن إِبْرَاهِيم بن سَوْدَة المري الغرناطي أَبُو عبد الله

قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ شَيخا جَلِيلًا، كَاتبا مجيدا، عَارِفًا بالنحو واللغة والتاريخ وَالْعرُوض. بارع الْأَدَب، رائق الشّعْر، سيال القريحة، سريع البديهة، ذَاكِرًا لأيام السّلف، طيب المحاضرة، مليح الشيبة، حسن الْهَيْئَة، مَعَ الدّين وَالْفضل، وَالطَّهَارَة وَالْوَقار والصمت.

قَرَأَ بغرناطة على أبي مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن الْفرس وَغَيره، وبمالقه على السُّهيْلي، وبجيان على ابْن يَرْبُوع، وبإشبيلية على أبي الْحسن بن زرقون وَغَيرهم. وَله مكاتبات ومراجعات بارعة.

وَأسر أَوْلَاده بِأخرَة، فَمَاتَ أسفا فِي حُدُود سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة.

200 -

مُحَمَّد بن شَهِيد الْمهرِي الغرناطي أَبُو عبد الله

قَالَ ابْن الزبير: كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن والعربية وَالْأَدب، أَخذ عَنهُ الْقرَاءَات مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي زمنين، وَالْأَدب أَبُو مُحَمَّد بن عبد الْحق الجُمَحِي. مَاتَ بعد الثَّلَاثِينَ وَخَمْسمِائة.

وَقَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ مقرئا مجودا نحويا أديبا، متصدراً بمطخشارش لإقراء مَا كَانَ عِنْده. روى عَن عبد الرَّحْمَن بن عتاب وَغَيره.

ص: 119

201 -

مُحَمَّد بن صَدَقَة الْمرَادِي الأطرابلسي

ذكره الزبيدِيّ فِي طَبَقَات النَّحْوِيين، فَقَالَ: كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ يتقعر فِي كَلَامه ويتشادق؛ وَفعل ذَلِك يَوْمًا بِحَضْرَة أبي الْأَغْلَب أَمِير أطرابلس، فَقَالَ لَهُ: أَكَانَ أَبوك يتَكَلَّم بِمثل هَذَا الْكَلَام؟ فَقَالَ: نعم أعز الله الْأَمِير وأميه، [يُرِيد: وَأمي أَيْضا كَانَت تَتَكَلَّم بِمثل هَذَا] ، فَقَالَ أَبُو الْأَغْلَب: مَا يُنكر أَن يخرج بغيض من بغيضين!

وَكَانَ يقْرض الشّعْر.

202 -

مُحَمَّد بن طَاهِر بن عَليّ بن عِيسَى أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الداني الأندلسي النَّحْوِيّ

قَالَ ابْن عَسَاكِر: قدم دمشق سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة، وَأقَام بهَا مُدَّة، وَكَانَ يقرئ النَّحْو، وَكَانَ شَدِيد الوسواس فِي الْوضُوء؛ حَتَّى إِنَّه يمْكث أَيَّامًا لَا يُصَلِّي لِأَنَّهُ لم يتهيأ لَهُ الْوضُوء على الْوَجْه الَّذِي يُريدهُ. وَخرج إِلَى بَغْدَاد، وَمَات بهَا سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة. ومولده سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة.

وَله من التصانبف: كتاب التَّحْصِيل، عين الذَّهَب من مَعْدن جَوْهَر الْأَدَب فِي علم مجازات الْعَرَب.

وَقَالَ: من جهل شَيْئا عابه، وَمن قصر عَن شَيْء هابه.

ص: 120

وَحكى ابْن النجار عَنهُ أَنه قَالَ: قَالَ الْعلمَاء: لَيست هَيْبَة الشَّيْخ لشيبته وَلَا لسنه وَلَا لشخصه، وَلَكِن لكَمَال عقله، وَالْعقل هُوَ المهيب؛ وَلَو رَأَيْت شخصا جمع جَمِيع الْخِصَال وَعدم الْعقل لما هِبته.

203 -

مُحَمَّد بن طَاهِر العامري الغرناطي

من قَرْيَة بكور. أَبُو بكر - وَقيل أَبُو عبد الله. قَالَ ابْن الزبير: كَانَ فَقِيها أديبا مقرئا، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْأَدب عَن أهل الدّين وَالْفضل. روى عَن أبي عبد الرَّحْمَن مساعد ابْن أَحْمد وَغَيره، وخطب بِجَامِع جيان، ثمَّ رَجَعَ إِلَى قريته، وَكَانَ يقْرض الشّعْر مَعَ زهد وورع.

وَكَانَ حَيا سنة تسعين وَخَمْسمِائة.

204 -

مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن خلف بن أَحْمد الْأمَوِي الإشبيلي أَبُو بكر الْمَعْرُوف بِابْن طَلْحَة

قَالَ ابْن الزبير: كَانَ إِمَامًا فِي صناعَة الْعَرَبيَّة، نظاراً عَارِفًا بِعلم الْكَلَام وَغير ذَلِك. تأدب بالأستاذ أبي إِسْحَاق بن ملكون، وزعيم وقته بإقراء الْكتاب جَابر بن مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَضْرَمِيّ، وَأبي بكر بن صَاف، وَأخذ عَنهُ الْقرَاءَات، وَأَجَازَ لَهُ هُوَ وَأَبُو بكر ابْن مَالك الشريشي وَجَمَاعَة، درس الْعَرَبيَّة والآداب بإشبيلية أَكثر من خمسين سنة. وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْعقلِ والذكاء مسمتاً، ذَا هدى وصون، ونباهة وعدالة ومروءة، مَقْبُولًا عِنْد الْحُكَّام والقضاة، وَكَانَ يمِيل فِي النَّحْو إِلَى مَذْهَب ابْن الطراوة، ويثني عَلَيْهِ.

ولد ببابرة منتصف صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة، وَمَات بإشبيلية منتصف صفر سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة.

ص: 121

وَذكره صَاحب الْمغرب، فَقَالَ: شعره رَقِيق خَارج عَن شعر النُّحَاة، كَقَوْلِه:

(إِلَى أَي يَوْم بعده يرفع الْخمر

وللورق تغريد وَقد خَفق النَّهر)

(وَقد صقلت كف الغزالة أفقها

وَفَوق متون الأَرْض أَوديَة خضر)

(وَكم قد بَكت عين السَّمَاء بدمعها

عَلَيْهَا، وَلَوْلَا ذَاك مَا بِسم الزهر)

وَقَوله:

(بدا الْهلَال فَلَمَّا

بدا نقصت وتما)

(كَأَن جسمي فعل

وسحر عَيْنَيْهِ لما)

205 -

مُحَمَّد بن طوس القصري أَبُو الطّيب

قَالَ ياقوت: هُوَ من النَّحْوِيين الْمُعْتَزلَة، أحد تلاميذ أبي عَليّ الْفَارِسِي. أمْلى عَلَيْهِ الْمسَائِل القصريات، وَبِه سميت. قَالَ: وَأَظنهُ من قصر ابْن هُبَيْرَة بنواحي الْكُوفَة.

قَالَ: وَسمعت فِي الْمُفَاوضَة أَنه لما كَانَ حَدثا كَانَ الْفَارِسِي يتعشقه، ويخصه بالطرف، ويحرص على الْإِمْلَاء عَلَيْهِ والالتفات إِلَيْهِ. مَاتَ شَابًّا.

206 -

مُحَمَّد بن ظفر بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو الْحسن بن أبي مَنْصُور الْعلوِي الْحُسَيْنِي

قَالَ الْحَاكِم: السَّيِّد الْعَالم النجيب، درس الْأَدَب وَالْفِقْه والنحو وَالْكَلَام، وَتقدم فِي أَنْوَاع من الْعُلُوم، وَسمع الحَدِيث الْكثير، ورحل وصنف وَجمع.

مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة. أسندنا حَدِيثه فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى.

ص: 122

207 -

مُحَمَّد بن أبي الْعَاصِ الْبُرْجِي أَبُو الْجَيْش

قَالَ ابْن الزبير: أستاذ مقرئ نحوي أديب، أَقرَأ بالمرية، ثمَّ استدعي إِلَى سبتة، فأقرأ بهَا إِلَى أَن انْتقل إِلَى تونس فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة، وَانْقطع خَبره بعد.

وَكَانَ من أهل الْعَرَبيَّة وَالْأَدب والمشاركة فِي غير ذَلِك، مشاراً إِلَيْهِ بالنباحة وَالتَّصَرُّف فِيمَا يحاوله من الْعلم.

208 -

مُحَمَّد بن عَاصِم النَّحْوِيّ الأندلسي أَبُو عبد الله

قَالَ الْحميدِي: نحوي مَشْهُور، إِمَام فِي الْعَرَبيَّة.

وَقَالَ غَيره: كَانَ لَا يكَاد يقصر عَن أكَابِر أَصْحَاب الْمبرد.

هَذِه تَرْجَمَة مختصرة.

[وَهُوَ مُحَمَّد بن عَاصِم النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بالعاصمي من أهل قرطبة، يكنى أَبَا عبد الله.

روى عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن يحيى الرباحي، وَأبي عَليّ الْبَغْدَادِيّ وَغَيرهمَا، وَكَانَ من كبار الْعلمَاء وأدبائهم، وَكَانَت الدِّرَايَة أغلب عَلَيْهِ من الرِّوَايَة. حدث عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن الإفليلي وَغَيره.

وَذكره الْحميدِي، وَقَالَ: نحوي مَشْهُور، إِمَام فِي الْعَرَبيَّة ذكره لنا أَبُو مُحَمَّد عَليّ ابْن أَحْمد، وَقَالَ: كَانَ لَا يقصر عَن أَصْحَاب مُحَمَّد بن يزِيد الْمبرد.

قَالَ ابْن الفرضي: توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلثمائة، ذكره ابْن بشكوال فِي الصِّلَة] .

ص: 123

209 -

مُحَمَّد بن عَامر بن إِبْرَاهِيم بن وَاقد الْأَصْبَهَانِيّ أَبُو عبد الله

قَالَ أَبُو نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان: كَانَ يجْرِي فِي مجالسه فنون الْعلم والْحَدِيث وَالْفِقْه والنحو والغريب وَالشعر. حدث عَن أَبِيه وَأبي دَاوُد، وَعنهُ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي.

مَاتَ يَوْم الِاثْنَيْنِ سنة سِتّ أَو سبع وَسِتِّينَ بعد الْمِائَتَيْنِ.

210 -

مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد بن يحيى اليزيدي أَبُو عبد الله

قَالَ ابْن خلكان: كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو وَالْأَدب، وَنقل النَّوَادِر وأخبار الْعَرَب، حدث عَن عَمه عبيد الله، وَعَن أبي الْفضل الرياشي وثعلب وَغَيرهم.

وَقَالَ الْخَطِيب: كَانَ رِوَايَة للْأَخْبَار والآداب، مُصدقا فِي حَدِيثه، روى عَنهُ أَبُو بكر الصولي فِي آخَرين. واستدعى فِي آخر عمره لتعليم أَوْلَاد المقتدر، فلزمهم.

وَله من الْكتب: مُخْتَصر النَّحْو، الْخَيل، مَنَاقِب ابْن الْعَبَّاس، أَخْبَار اليزيديين، كَمَا فِي ابْن خلكان. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة عشر وثلثمائة.

وَقَالَ المرزباني: سنة ثَلَاث عشرَة وثلثمائة.

وَقَالَ غَيره: فِي جُمَادَى الأولى سنة عشر، عَن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثَة أشهر.

ص: 124

211 -

مُحَمَّد بن الْعَبَّاس أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ، ابْن أُخْت مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ

قَالَ الْحَاكِم: كَانَ وَاحِد عصره فِي حفظ اللُّغَة وَالشعر، وَكَانَت قريحته تقصر عَن حفظه، استوطن نيسابور، وَسمع من أبي عَليّ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، وأقرانه، وَمَات فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة.

وَقَالَ ياقوت: صَاحب الْأَشْعَار والرسائل، مولده ومنشؤه بخوارزم، وَكَانَ أَصله من طبرستان فلقب بالضبرخزمي.

ومولده سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة، وَخرج من وَطنه فِي حداثته، وطوف الْبِلَاد، وَلَقي سيف الدولة بن حمدَان وخدمه، وَورد بُخَارى، وَصَحب الْوَزير أَبَا عَليّ البلعمي فَلم يحمده وهجاه، وبنيسابور اتَّصل بالأمير أَحْمد الميكالي ومدحه، وَقصد سجستان، ومدح واليها طَاهِر بن مُحَمَّد، ثمَّ هجاه فحبسه، ثمَّ خلص وَسَار إِلَى غرشستان، فاتفق لَهُ مَعَ واليها مَا اتّفق لَهُ مَعَ وَالِي سجستان، وفارقه هاجياً لَهُ، وَعَاد إِلَى نيسابور فقصد حَضْرَة الصاحب، فربحت تِجَارَته.

وأوفده الصاحب بِكِتَاب إِلَى عضد الدولة فَكَانَ سَبَب انتعاشه، ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور، واستوطنها، ودرس أَهلهَا عَلَيْهِ الْأَدَب.

وَمن شعره:

(وَلما أَن غرست إِلَيْك ودي

فَلم يُثمر لديك زكي غرسي)

(أردتَ ملالةً وأردتَ هجراً

فصنتك عَنْهُمَا فهجرت نَفسِي)

(لِأَن الذَّنب ذَنبي حِين أهدي

إِلَى من لَا يُرِيد الْأنس أنسي)

ص: 125

212 -

مُحَمَّد بن عَبَّاس بن جمال الدّين الدشناوي

قَالَ الْكَمَال الأدفوي فِي الطالع السعيد فِي تَارِيخ الصَّعِيد: فَقِيه فَاضل مقرئ، مُحدث نحوي. قَرَأَ الْقرَاءَات على الزكي بن خَمِيس والسراج الدرندي، والنحو على أبي الطّيب مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السبتي. وَكَانَ صَالحا دينا يقْرَأ صَحِيحا فصيحا.

مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة ظنا.

213 -

مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى بن كناسَة

ذكره الزبيدِيّ فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة من اللغويين الْكُوفِيّين، وَقَالَ: توفّي بِالْكُوفَةِ سنة سبع وَمِائَتَيْنِ.

214 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلف فَخر الدّين الحاسب النَّحْوِيّ

قَالَ ابْن حجر: مهر فِي الْفَرَائِض والتربية، وَأفْتى ودرس، وَسمع من التقى سُلَيْمَان والحجار. وَكَانَ عَارِفًا بِالْحِسَابِ، حسن الْخلق، تَامّ الْخلق، فِيهِ دين ومروءة، ولطف وسلامة بَاطِن. وَذكر لقَضَاء الْحَنَابِلَة فَلم يتم لَهُ ذَلِك.

مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة.

215 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم الْحَارِثِيّ الرَّازِيّ أَبُو الْحُسَيْن النَّحْوِيّ

ويلقب بجراب. قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن مَكْتُوم نقلا عَن الألقاب لأبي الْقَاسِم بن سراقَة الشاطبي الأندلسي: كَانَ كذابا، خرج من الرّيّ إِلَى طبرستان، فَأَقَامَ بهَا

ص: 126

وَعَاد إِلَى الرّيّ، وَذكر أَنه ولد سنة مَاتَ أَبُو زرْعَة. وَحدث عَن ابْن وهب، وَكَانَ قد مَاتَ قبل أبي زرْعَة بِأَرْبَع عشرَة سنة، وَكَانَ يروي عَن أبي حَاتِم.

216 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن ثَعْلَبَة بن زيد الْخُشَنِي الْقُرْطُبِيّ أَبُو عبد الله

كَذَا قَالَ فِي الْمغرب. وَقَالَ ابْن الفرضي: مُحَمَّد بن عبد السَّلَام، وَقَالَ: هُوَ عَالم جليل، كَانَ نحوياً لغويا شَاعِرًا، زاهدا، رَحل وَلَقي أَبَا حَاتِم السجسْتانِي، وَجَاء إِلَى الأندلس بِعلم كثير.

زَاد ابْن الفرضي: كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ حفظ اللُّغَة، وَرِوَايَة الحَدِيث، وَلم يكن عِنْده كثير علم بالفقه، رَحل فحج، وَدخل الْبَصْرَة، وَسمع من مُحَمَّد بن بشار، وَابْن بنت أَزْهَر السمان، وَدخل بَغْدَاد ومصر، وَأخذ الْكثير من كتب اللُّغَة عَن الْأَصْمَعِي رِوَايَة، وَلَقي الرياشي والزيادي وَأَبا حَاتِم، وَأدْخل الأندلس الْكثير من الحَدِيث واللغة وَالشعر الجاهلي. وَكَانَ فصيح اللِّسَان، صَارِمًا أنوفاً، منقبضاً عَن السلاطين، طلب للْقَضَاء فَأبى.

وَمَات يَوْم السبت لأَرْبَع بَقينَ من رَمَضَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ عَن ثَمَان وَسِتِّينَ سنة.

وَمن شعره:

(كَأَن لم يكن بينٌ وَلم تَكُ فرقةٌ

إِذا كَانَ من بعد الْفِرَاق تلاقِ)

(كَأَن لم تؤرق بالعراقين مقلتي

وَلم تمر كف الشوق مَاء مآقي)

(وَلم أزر الْأَعْرَاب فِي خبت أَرضهم

بِذَات اللوى من رامة وبراق)

ص: 127

217 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن الْجد الفِهري اللبلي أَبُو الْقَاسِم

من أهل التفنن فِي المعارف والتقدم فِي الْآدَاب والبلاغة. وَله حَظّ جيد من الْفِقْه والْحَدِيث.

مَاتَ سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة. ذكره ابْن بشكوال فِي زوائده على الصِّلَة.

218 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن حمدَان الدلفي الْعجلِيّ أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ

قَالَ ياقوت: من أَصْحَاب أبي الْحسن عَليّ الرماني. كَانَ فَاضلا بارعاً، شرح ديوَان المتنبي.

وَمَات بِمصْر سنة سِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة.

219 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن خلصة الأندلسي أَبُو عبد الله

قَالَ ابْن الزبير: كَانَ من أهل الْمعرفَة والنحو وَالْأَدب، بارعاً فِي النّظم والنثر، ذَاكِرًا للغريب. أَخذ عَن أبي الْحسن بن سَيّده، وَسكن بلنسية، وأقرأ بهَا مُدَّة، وبدانية، وانتقل أخيراً إِلَى المرية، وأقرأ بهَا إِلَى أَن مَاتَ بهَا سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة.

وَكَانَ مشكور الشَّمَائِل وَبَينه وَبَين معاصره أبي مُحَمَّد بن السَّيِّد منازعات وأهوال، ألف فِيهَا كل وَاحِد مِنْهُمَا ردا على صَاحبه، روى عَنهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن مطرف التطيلي الْمُقْرِئ. وَقَالَ فِيهِ: الْأُسْتَاذ الشَّاعِر الكفيف.

220 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن دمام

من سكان حصن بلش. قل ابْن الزبير: كَانَ شَيخا جَلِيلًا، أستاذاً فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب وَالْعرُوض، من أهل الْفضل وَالدّين، مداعباً، مليح النادرة.

أَقرَأ بالحصن، ثمَّ انْتقل إِلَى مالقة، وَمِنْهَا أَصله. روى عَنهُ أَبُو عمر بن سَالم.

ص: 128

وَمن شعره قبيل مَوته:

(كَيفَ أَرْجُو من المنايا خلاصاً

وَأرى كل من صَحِبت دَفِينا!)

(فَأرى النَّاس يُنقلون سرَاعًا

كل يَوْم إِلَيْهِم مردفينا)

(قد أَصَابَتْهُم سِهَام المنايا

وسترمي السِّهَام لَا بُد فِينَا)

221 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن سوار الْقُرْطُبِيّ

قَالَ ابْن الفرضي: أَخذ عَن أَبِيه، ورحل إِلَى الْمشرق، فلقي أَبَا حَاتِم، والرياشي، وَغَيرهمَا.

مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وثلاثمائة.

222 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن شاهويه، أَبُو الْحُسَيْن

قَالَ ابْن النجار: ذكره أَبُو الْكَرم الْمُبَارك بن فاخر النَّحْوِيّ فِي مشيخته، وَذكر أَنه روى الجمهرة عَن أبي الْحسن مُحَمَّد بن يحيى الزَّعْفَرَانِي عَن الْحسن بن بشر الْآمِدِيّ، وَعَن أبي عَليّ الْفَارِسِي؛ وَأَنه حدث بِالْإِجَازَةِ عَن أبي الْفَتْح بن جني، وَذكر أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ عدَّة من كتب الْأَدَب والنحو.

223 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْوراق

قَالَ ابْن النجار: كَانَ ختن أبي سعيد السيرافي على ابْنَته، قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن بن مقسم، وروى عَنهُ. قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي، وروى عَنهُ،

ص: 129

وَله من الْكتب: علل النَّحْو، وَشرح مُخْتَصر الْجرْمِي، يُسمى بالهداية.

مَاتَ يَوْم الْأَحَد رَابِع جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة.

224 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن مَالك الْعَلامَة جمال الدّين أَبُو عبد الله الطَّائِي الجياني الشَّافِعِي النَّحْوِيّ

نزيل دمشق، إِمَام النُّحَاة وحافظ اللُّغَة، قَالَ الذَّهَبِيّ: ولد سنة سِتّمائَة، أَو إِحْدَى وسِتمِائَة، وَسمع بِدِمَشْق من السخاوي وَالْحسن بن الصَّباح وَجَمَاعَة. وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن غير وَاحِد، وجالس بحلب ابْن عمرون وَغَيره، وتصدر بهَا لإقراء الْعَرَبيَّة، وَصرف همته إِلَى إتقان لِسَان الْعَرَب؛ حَتَّى بلغ فِيهِ الْغَايَة، وَحَازَ قصب السَّبق، وأربى على الْمُتَقَدِّمين.

وَكَانَ إِمَامًا فِي الْقرَاءَات وعللها. وَأما اللُّغَة فَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي الْإِكْثَار من نقل غريبها، والاطلاع على وحشيها، وَأما النَّحْو والتصريف فَكَانَ فيهمَا بحراً لَا يجارى، وحبراً لَا يُبَارى. وَأما أشعار الْعَرَب الَّتِي يستشهد بهَا على اللُّغَة والنحو فَكَانَت الْأَئِمَّة الْأَعْلَام يتحيرون فِيهِ، ويتعجبون من أَيْن يَأْتِي بهَا! وَكَانَ نظم الشّعْر سهلاً عَلَيْهِ: // (رجزه) // و (// طويله //) و (// وبسيطه //) وَغير ذَلِك؛ هَذَا مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من الدّين المتين، وَصدق اللهجة، وَكَثْرَة النَّوَافِل، وَحسن السمت، ورقة الْقلب، وَكَمَال الْعقل، وَالْوَقار والتؤدة.

أَقَامَ بِدِمَشْق مُدَّة يصنف ويشتغل، وتصدر بالتربة العادلية وبالجامع الْمَعْمُور، وَتخرج بِهِ جمَاعَة كَثِيرَة، وصنف تصانيف مَشْهُورَة، وروى عَنهُ ابْنه الإِمَام بدر الدّين وَالشَّمْس بن أبي الْفَتْح البعلي، والبدر بن جمَاعَة، والْعَلَاء بن الْعَطَّار. وَخلق. انْتهى كَلَام الذَّهَبِيّ. وَقَالَ أَبُو حَيَّان: بحثت عَن شُيُوخه فَلم أجد لَهُ شَيخا مَشْهُورا يعْتَمد عَلَيْهِ، وَيرجع فِي حل المشكلات إِلَيْهِ؛ إِلَّا أَن بعض تلامذته ذكر أَنه قَالَ: قَرَأت على ثَابت بن حَيَّان

ص: 130

بجيان، وَجَلَست فِي حَلقَة أبي عَليّ الشلو بَين نَحوا من ثَلَاثَة عشر يَوْمًا؛ وَلم يكن ثَابت بن حَيَّان من الْأَئِمَّة النَّحْوِيين، وَإِنَّمَا كَانَ من أَئِمَّة المقرئين.

قَالَ: وَكَانَ ابْن مَالك لَا يحْتَمل المباحثة، وَلَا يثبت للمناقشة، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخذ هَذَا الْعلم بِالنّظرِ فِيهِ بِخَاصَّة نَفسه، هَذَا مَعَ كَثْرَة مَا اجتناه من ثَمَرَة غرسه. انْتهى.

قلت: وَله شيخ جليل وَهُوَ ابْن يعِيش الْحلَبِي ذكر ابْن إياز فِي أَوَائِل شرح التصريف أَنه أَخذ عَنهُ.

وَأما تصانيفه فَرَأَيْت فِي تذكرة الشَّيْخ تَاج الدّين بن مَكْتُوم أَن بَعضهم نظمها فِي أَبْيَات، قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين: وَقد أهمل أَشْيَاء أخر من مؤلفاته، فذيلت عَلَيْهَا. وَهَا أَنا أورد نظمها مُبينًا:

(سقى الله رب الْعَرْش قبر ابْن مالكٍ

سحائب غفران تغاديه هطلا)

(فقد ضم شَمل النَّحْو من بعد شته

وَبَين أَقْوَال النُّحَاة وفصلا)

(بألفيةٍ تسمى الْخُلَاصَة قد حوت

خُلَاصَة علم النَّحْو وَالصرْف مكملا)

(وكافيةٍ مشروحةٍ أَصبَحت تفي

لعمري بالعلمين فِيهَا تسهلا)

(ومختصر سَمَّاهُ عُمْدَة لاقط

يضم أصُول النَّحْو لَا غير مُجملا)

(وَبَين مَعْنَاهُ بشرحٍ منقحٍ

أَفَادَ بِهِ مَا كَانَ لولاه مهملا)

(وَآخر سَمَّاهُ بإكمال عمدةٍ

فَزَاد عَلَيْهَا فِي البحوث وعللا)

(وصنف للإكمال شرحاً مُبينًا

مَعَانِيه حَتَّى غَدَتْ ربة أنجلا)

(وَلَا سِيمَا التسهيل لَو تمّ شَرحه

لَكَانَ كبحر ماج عذباً وسلسلا)

(ونظم فِي الْأَفْعَال أَيْضا قصيدةً

فسهل مِنْهَا كل وعر وذللا)

(وأرجوزة تحوي المثلث بَينا

مربعة المصراع غراء تجتلى)

(وصنف فِي الْمَقْصُور أَيْضا قصيدةً

وضمنها الْمَمْدُود أَيْضا فكملا)

(وأتبعها شرحاً لَهَا متضمناً

بَيَان مَعَانِيهَا بهَا متكفلا)

(وأعرب توضيحاً أَحَادِيث ضمنت

صَحِيح البُخَارِيّ الإِمَام وسهلاً)

ص: 131

(ويكفيه ذَا بَين الْخَلَائق رفْعَة

وَعند النَّبِي الْمُصْطَفى متوسلا)

(فيا رب عَنَّا جازه الْآن خير مَا

جزيت وليا لم يزل متفضلا)

(وَفِي الضَّاد والظا قد أَتَى بقصيدةٍ

وأتبعها أُخْرَى بوزنين أصلا)

(وَبَين فِي شرحيهما كل مَا غَدا

على الذِّهْن معتاصاً فَأصْبح مجتلى)

(ونظم أُخْرَى فِي الَّذِي يهمزونه

وَمَا لَيْسَ مهموزاً بشرح لَهَا تَلا)

(وَجَاء بنظمٍ للمفصل بارعٍ

رفيع على المنظوم يدعى المؤصلا)

(وَعرف بالتعريف فِي الصّرْف أَنه

إِمَام غَدا فِي كل فضلٍ مفضلا)

(وَفِي شرح ذَا التَّعْرِيف فصل كل مَا

أَتَى مُجملا فِيهِ وَبَين مُشكلا)

(وصنف فِيمَا جا بأفعل مَعَ فعل

كتابا لطيفاً للمهم محصلاً)

(وَألف فِي الْإِبْدَال مُخْتَصرا لَهُ

دَعَاهُ الْوِفَاق فاق تصنيف من خلا)

(ونظم فِي علم الْقرَاءَات موجزاً

قصيداً يُسمى الْمَالِكِي مبجلا)

(وأرجوزةً فِي الظَّاء وَالضَّاد قد حوى

بهَا لَهما معنى لطيفاً وحصلا)

(وَآخر لم أدر اسْمه غير أَنه

على نَحْو نظم الْحَوْز منظومة انجلا)

(فجملتها عشرُون تتلو ثمانيا

فدونكها نسخا وحفظاً لتنبلا)

وَقد رَأَيْت لَهُ غير مَا ذكر فِي هَذِه الأبيات كتابا سَمَّاهُ نظم الْفَوَائِد، وَهُوَ ضوابط فَوَائِد منظومة، لَيست على رُوِيَ وَاحِد.

وَرَأَيْت فِي بعض المجاميع الْمَوْقُوفَة بخزانة مَحْمُود فَتَاوَى لَهُ فِي الْعَرَبيَّة، جمعهَا لَهُ بعض للبته، وَقد نقلتها فِي تذكرتي، ثمَّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى فِي تَرْجَمته.

وَله مَجْمُوع يُسمى الْفَوَائِد فِي النَّحْو، وَهُوَ الَّذِي لخص مِنْهُ التسهيل؛ ذكره شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين عبد الْقَادِر بن أبي الْقَاسِم الْمَالِكِي نحوي مَكَّة فِي أول شرح التسهيل لَهُ قَالَ: الْألف وَاللَّام فِي تسهيل الْفَوَائِد للْعهد، أَشَارَ بهَا إِلَى الْكتاب الْمَذْكُور. قَالَ: إِيَّاه عني سعد الدّين بن الْعَرَبِيّ بقوله:

ص: 132

(إِن الإِمَام جمال الدّين فَضله

إلاهه ولنشر الْعلم أَهله)

(أملي كتابا لَهُ يُسمى الْفَوَائِد لم

يزل مُفِيدا لذِي لب تَأمله)

(فَكل مَسْأَلَة فِي النَّحْو يجمعها

إِن الْفَوَائِد جمع لَا نَظِير لَهُ)

قَالَ: وَقد ظن الصّلاح الصَّفَدِي أَن الأبيات فِي التسهيل فَقَالَ فِي قَوْله:

(إِن الْفَوَائِد جمع لَا نَظِير لَهُ

)

تورية، لَوْلَا أَن الْكتاب تسهيل الْفَوَائِد لَا الْفَوَائِد، وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا ذَكرْنَاهُ.

وَرَأَيْت بِخَط الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصر طَبَقَات النُّحَاة للقفطي فِي تَرْجَمَة الْجُزُولِيّ أَن ابْن مَالك شرح الجزولية. وَمن أغرب مَا رَأَيْته فِي شرح الشواهد لقَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة بدر الدّين مَحْمُود الْعَيْنِيّ، قَالَ فِي شَوَاهِد الْمُبْتَدَأ:

(وَلَوْلَا بنوها حولهَا لخطبتها

)

كَذَا وَقع فِي كتاب ابْن النَّاظِم، وَكَذَا فِي شرح الكافية وَالْخُلَاصَة لِأَبِيهِ، وَهُوَ تَصْحِيف، وَمَا ذكره من أَن وَالِده شرح الْخُلَاصَة لَيْسَ بِمَعْرُوف، وَالظَّاهِر أَنه سَهْو. ثمَّ رَأَيْت فِي تَارِيخ الْإِسْلَام للذهبي أَيْضا قَالَ فِي تَرْجَمته: وَله الْخُلَاصَة، وَشَرحهَا، وَالله أعلم. قَالَ: وَله سبك المنظوم وَفك الْمَخْتُوم، وَقد وقفت عَلَيْهِ.

وَقَالَ الصّلاح الصَّفَدِي: لَهُ الْمُقدمَة الأَسدِية، وَضعهَا باسم وَلَده تَقِيّ الدّين الْأَسدي. وَقد ذيلت هَذِه الأبيات، فَقلت:

(وأملي كتابا بالفوائد نَعته

وَآخر نظماً للفوائد والعلا)

(وصنف شرحا للجزولية الَّتِي

غَدا نظمها كالصخر حَتَّى تسهلا)

(وسبكاً لمنظوم، وفكا لمختم

على هَيْئَة التَّوْضِيح فاضمم لما خلا)

(وَقيل وشرحاً للخلاصة فاستمع

وَفِي النَّفس من تَصْحِيح ذَا القيل مَا غلا)

ص: 133

وَأما شرح التسهيل فقد وصل فِيهِ إِلَى بَاب مصَادر الْفِعْل الثلاثي وكمل عَلَيْهِ وَلَده إِلَى بَاب

وَذكر الصّلاح الصَّفَدِي أَنه كمله. وَكَانَ كَامِلا عِنْد شهَاب الدّين أبي بكر بن يَعْقُوب الشَّافِعِي تِلْمِيذه، فَلَمَّا مَاتَ المُصَنّف ظن أَنهم يجلسونه مَكَانَهُ، فَلَمَّا خرجت عَنهُ الْوَظِيفَة تألم لذَلِك، فَأخذ الشَّرْح مَعَه، وَتوجه لليمن غَضبا على أهل دمشق، وَبَقِي الشَّرْح مخروما بَين أظهر النَّاس فِي هَذِه الْبِلَاد.

وَقَالَ الصّلاح الصَّفَدِي: وَأَخْبرنِي الشهَاب مَحْمُود أَن ابْن مَالك جلس يَوْمًا، وَذكر مَا انْفَرد بِهِ صَاحب الْمُحكم عَن الْأَزْهَرِي فِي اللُّغَة، قَالَ: هَذَا أَمر معجز لِأَنَّهُ يُرِيد ينْقل الْكِتَابَيْنِ.

قَالَ: وَأَخْبرنِي أَنه كَانَ إِذا صلى فِي العادلية - وَكَانَ إمامها - يشيعه قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن خلكان إِلَى بَيته تَعْظِيمًا لَهُ.

وَكَانَ أمة فِي الِاطِّلَاع على الحَدِيث، فَكَانَ أَكثر مَا يستشهد بِالْقُرْآنِ، فَإِن لم يكن فِيهِ شَاهد عدل إِلَى الحَدِيث فَإِن لم يكن فِيهِ شَاهد عدل إِلَى أشعار الْعَرَب. وَكَانَ كثير الْعِبَادَة، كثير النَّوَافِل، حسن السمت، كَامِل الْعقل، وَانْفَرَدَ عَن المغاربة بشيئين: الْكَرم وَمذهب الإِمَام الشَّافِعِي. وَكَانَ يَقُول عَن الشَّيْخ جمال الدّين بن الْحَاجِب: إِنَّه أَخذ نَحوه من صَاحب الْمفصل، وَصَاحب الْمفصل نحوي صَغِير. قَالَ: وناهيك بِمن يَقُول هَذَا فِي حق الزَّمَخْشَرِيّ! وَكَانَ الشَّيْخ ركن الدّين بن القوبع يَقُول: إِن ابْن مَالك مَا خلى للنحو حُرْمَة.

توفّي ابْن مَالك ثَانِي عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة، ورثاه شرف الدّين الحصني بقوله:

(ياشتات الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال

بعد موت ابْن مَالك المفضال)

(وانحراف الْحُرُوف من بعد ضبطٍ

مِنْهُ فِي الِانْفِصَال والاتصال)

(مصدرا كَانَ للعلوم بِإِذن

الله من غير شُبْهَة ومحال)

ص: 134

(عدم النَّعْت والتعطف والتو

كيد مستبدلا من الأبدال)

(ألم قد عراه أسكن مِنْهُ

حركاتٍ كَانَت بِغَيْر اعتلال)

(يَا لَهَا سكتة بهمز قَضَاء

أورثت طول مُدَّة الِانْفِصَال)

(رَفَعُوهُ فِي نعشه فانتصبنا

نصب تَمْيِيز كَيفَ سير الْجبَال!)

(فحموه عِنْد الصَّلَاة بدلٍ

فأميلت أسراره بالدلال)

(صرفوه يَا عظم مَا فَعَلُوهُ

وَهُوَ عدل معرف بالجمال)

(أدغموه فِي الترب من غير مثل

سالما من تغير الِانْتِقَال)

(وقفُوا عِنْد قَبره سَاعَة الدُّف

ن وقوفاً ضَرُورَة الِامْتِثَال)

(وَمَدَدْنَا الأكف تطلب قصراً

مسكنا للنزيل من ذِي الْجلَال)

(آخر الْآي من سبا حظنا من

هـ حَظه جَاءَ أول الْأَنْفَال)

(يَا لِسَان الْعَرَب يَا جَامع الإع

راب يَا مفهماً لكل مقَال)

(يَا فريد الزَّمَان فِي النّظم والنث

ر وَفِي نقل مسندات العوالي)

(كم علومٍ بثثتها فِي أناسٍ

علمُوا مَا بثثت عِنْد الزَّوَال)

قَالَ الصّلاح الصَّفَدِي: مَا رَأَيْت مرثية فِي نحوي أحسن من هَذِه المرثية.

قَالَ الصّلاح الصَّفَدِي فِي تَارِيخه: أَنْشدني أَبُو حَيَّان، قَالَ أَنْشدني عَليّ بن مَنْصُور ابْن زيد بن أبي الْقَاسِم الهمذاني التَّمِيمِي، قَالَ: انشدنا الشَّيْخ جمال الدّين بن مَالك لنَفسِهِ:

(إل ابْن الْخَيْر عَن ضَرَرا خشيتا

فَحسن الحزم رَأيا أَن دهيتا)

(وَهَذَا مذهبٍ وعرٍ مداه

مواصل غرةٍ قد حَان صيتًا)

(إِذا الملهوف ذَا صدقٍ عَطاء

تنَلْ حسن المحامد مَا حييتا)

قَالَ الصَّفَدِي: كَذَا أنشدنيه أَبُو حَيَّان بِفَتْح اللَّام من " إل " وَفتح النُّون من " ابْن " وبنصب " ضَرَرا "، وَفتح النُّون من " حسنَ "، وَضم الْمِيم من " الحزمُ "،

ص: 135

وَكسر الْبَاء من " مذهبِ "، وَفتح الْفَاء من " ملهوفَ "، وَنصب الْهَمْز من " عَطاء "، وَضم النُّون من " حسنُ "، وَفتح الدَّال من " المحامدَ ".

وَتَفْسِيره أَن " إل " فعل أَمر، و " ابْن َ " مفعول، و " عَن " بِمَعْنى " أَن " أبدلت الْهمزَة عينا، و " وَحسن " فعل مَاض، و " ذَا مَذْهَب " حَال، و " فواصل " فَاعل، و " إِ " أَمر، و " ذَا الملهوف " مفعول، " وَعَطَاء " مفعول ثانٍ، و " حسن " منادى، و " المحامد " مفعول " تنَلْ ".

وَمن نظم الشَّيْخ جمال الدّين بن مَالك:

(تثليث يَا إِصْبَع مَعَ شكل همزته

بِغَيْر قيد مَعَ الأصبوع قد نقلا)

(وَأعْطِ أُنْمُلَة مَا نَالَ الإصبع إِلَّا

الْمَدّ فالمد للبا وَحدهَا بذلا)

(أرْزٌ أرُزٌ أُرُزٌّ صَحَّ مَعَ أرُزٍ

والرز والرنز قل مَا شِئْت لَا عذلا)

(لدُنْ بِتَثْلِيث دالٍ لُدْنِ لُدُنْ لدن

ولد ولُد لد لُدُن أوليت فعلا)

(فأُفِّ ثلِّث ونوّن إِن أردْت وأُفْ

أَفى ورفعا ونصبا إِنَّه قُبِلا)

(حيَّهلُ حَيَّهَلَ احفظ ثمَّ حيَّهلاً

أَو نوِّن أَو حيهل قل ثمَّ حَيّ على)

(هيا وهيك هِيا هَيْك هَيت وَهِي

ت كلهَا اسْم لأمر يقتضى عجلا

(أيهات بِالْهَمْز أَو بالها وَآخره

ثلث وأيهات والتنوين مَا حظلا

)

(أيهان إيهاك إيهاً قطّ قُطّ وقُطْ

وقَطِّ مَعَ قُطُ وقتا مَاضِيا شَمَلَا)

(هَا هَاء جردهما أَو أولينهما

كَاف الْخطاب على الْأَحْوَال مُشْتَمِلًا)

(وَمَا لذِي الْكَاف نول همز هَاء كها

ء هاؤما هاؤم هاءون فامتثلا)

(واحكم بفعلية للها وهاء وصل

هما بِمَا حف وناد آمرا وصلا)

(وَرب ربت رُبت رب رُب رُبَ مَعَ

تَخْفيف الْأَرْبَع تقليل بهَا حصلا)

(همز ايم وأيمن فافتح واكسر أَو أم قل

أَو قل مُ أَو مُنُ بالتثليث قد شكلا)

(وأيمن اختم بِهِ وَالله كلا أضف

إِلَيْهِ فِي قَسَم تبلغ بِهِ الأملا)

ص: 136

وَقَالَ الْبَهَاء بن النخاس يرثيه:

(قل لِابْنِ مَالك إِن جرت بك أدمعي

حَمْرَاء يحكيها النجيع القاني)

(فَلَقَد جرحت الْقلب حِين نعيت لي

فتدفقت بدمائه أجفاني)

(لَكِن يهون مَا أجن من الأسى

علمي بنقلته إِلَى رضوَان)

225 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحميد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم ابْن حُسَيْن بن حَمَّاد بن أبي الخمل اليمني

قَالَ الخزرجي فِي طَبَقَات أهل الْيمن: كَانَ فَقِيها فَاضلا، عَارِفًا بالفقه والنحو واللغة، تفقه بالجمال العامري شَارِح التَّنْبِيه.

وَمَات لبضع وَعشْرين وَسَبْعمائة.

226 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَعَادَة بن أَحْمد ابْن عُثْمَان الْمذْحِجِي اللوشي

أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن سَعَادَة. قَالَ ابْن الزبير: كَانَ من أهل الْخط البارع، والمعارف الجمة، من الْفِقْه والْحَدِيث والنحو وَالْأَدب وَغير ذَلِك. بارع الْأَدَب، جيد الْكِتَابَة، حسن النّظم والنثر، جَلِيلًا مشاورا بغرناطة. روى عَن ابي عَليّ الغساني وَابْن الباذش.

وَمَات فِي صَلَاة الصُّبْح يَوْم السبت الْحَادِي - وَقيل السَّادِس - وَالْعِشْرين من صفر، سنة ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة.

ص: 137

227 -

محمدبن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي ذُؤَيْب أَبُو عبد الله اليمني الشَّامي

قَالَ الخزرجي فِي طَبَقَات أهل الْيمن: كَانَ فَقِيها فَاضلا، عَارِفًا بالفقه والنحو وَالْأَدب، شَاعِرًا مجوداً. نظم التَّنْبِيه. وَله قصائد كَثِيرَة.

228 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن عمر أَبُو عبد الله محيي الدّين بن أبي مُحَمَّد الزناتي

الكملاني؛ نِسْبَة إِلَى قَبيلَة من البربر، الإسكندرني، الملقب بحافي رَأسه، لِأَنَّهُ أَقَامَ مُدَّة مَكْشُوف الرَّأْس. وَقيل كَانَ فِي وسط رَأسه حُفْرَة كَبِيرَة، وَقيل: رَآهُ رَئِيس بالثغر فَأعْطَاهُ ثيابًا جددا، فَقَالَ: هَذَا لبدني ورأسي حافٍ {فَلَزِمَهُ ذَلِك.

ولد بتاهرت بِظَاهِر تلمسان سنة سِتّ وسِتمِائَة، وتصدر للعربية زَمَانا، وَكَانَ من أئمتها، أَخذهَا عَن عبد الْمُنعم بن صَالح التَّيْمِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن الزيات تلميذ مُحَمَّد ابْن قَاسم بن قنداس صَاحب الْجُزُولِيّ. وَأَخذهَا أَيْضا عَن نحوي الثغر عبد الْعَزِيز بن مخلوف الإسْكَنْدراني. وَتخرج بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ، وَسمع من ابْن رواج وَأبي الْقَاسِم الصغراوي. وَأخذ عَنهُ تَاج الدّين الْفَاكِهَانِيّ. قَالَ الذَّهَبِيّ: وَقَالَ ابْن فضل فِي المسالك: ذكره شَيخنَا أَبُو حَيَّان، وَقَالَ: كَانَ شيخ أهل الْإسْكَنْدَريَّة فِي النَّحْو، تخرج بِهِ أَهلهَا، وَلَا أعلمهُ صنف شَيْئا فِيهِ. سمع عَلَيْهِ الْبَدْر الفارقي الدريدية، وَأَجَازَ لَهُ.

وَمَات فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة. وَقَالَ أَبُو حَيَّان سنة إِحْدَى.

وَله:

(ومعتقد أَن الرياسة فِي الْكبر

فَأصْبح ممقوتاً بِهِ وَهُوَ لَا يدْرِي)

(يجر ذيول الْعجب طَالب رفْعَة

أَلا فعجبوا من طَالب الرّفْع بِالْجَرِّ} )

ص: 138

229 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَظِيم بن أَرقم النميري الْوَادي آشي أَبُو عَامر

قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ أحد شُيُوخ بَلَده، مشاركا فِي فنون من فقه وأدب وعربية، وَهِي أغلب الْفُنُون عَلَيْهِ، مطرحا مخشوشنا، مليح الدعابة، كثير التَّوَاضُع، بَيته معمور بالعلماء أولى الْأَصَالَة وَالتَّعْيِين، تصدر بِبَلَدِهِ للفتيا والتدريس والإسماع. وَكَانَ قَرَأَ على أبي الْعَبَّاس بن عبد النُّور وَابْن خَالِد أَرقم. وروى عَنهُ ابْن الزبير، وَأَبُو بكر بن عبيد وَغَيرهمَا. وَله شعر.

مَاتَ بِبَلَدِهِ سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة.

230 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عروس أَبُو عبد الله

من أهل مورور قَالَ الزبيدِيّ: كَانَ دَقِيق النّظر فِي الْعَرَبيَّة، بَصيرًا فِي الْعرُوض، حاذقا بِعلم الْحساب.

مَاتَ شَابًّا، ابْن اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وثلثمائة.

231 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن الْغَازِي بن قيس الْقُرْطُبِيّ

قَالَ الزبيدِيّ وَابْن الفرضي: سمع من أَبِيه، ورحل إِلَى الْمشرق، فَدخل الْبَصْرَة، وَلَقي بهَا أَبَا حَاتِم السجسْتانِي والرياشي وَجَمَاعَة من أهل الحَدِيث ورواة الْأَخْبَار والأشعار وَأَصْحَاب اللُّغَة والمعاني، وَأدْخل الأندلس علما كثيرا من الشّعْر والعربية وَالْخَبَر، وَعنهُ أَخذ أهل الأندلس الْأَشْعَار المشروحة.

مَاتَ بطنجة سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، أَو نَحْوهَا.

ص: 139

وَمن شعره:

(الْحَمد لله ثمَّ الْحَمد لله

كم ذاعن الْمَوْت من ساهٍ وَمن لاهِ)

(يَا ذَا الَّذِي هُوَ فِي لَهو وَفِي لعب

طُوبَى لعبد حقيب الْقلب أَواه)

(مَاذَا تعاين هذي الْعين من عجب

عِنْد الْخُرُوج من الدُّنْيَا إِلَى الله {)

232 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن قادم النَّحْوِيّ أَبُو جَعْفَر وَقيل: اسْمه أَحْمد. قَالَ ياقوت، كَانَ حسن النّظر فِي علل النَّحْو، وَكَانَ يُؤَدب ولد سعيد بن قُتَيْبَة الْبَاهِلِيّ، وَكَانَ من أَعْيَان أَصْحَاب الْفراء، وَأخذ عَنهُ ثَعْلَب، حكى عَنهُ قَالَ: وَجه إِلَيّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي يَوْمًا، فأحضرني وَلم أدر مَا السَّبَب} فَلَمَّا قربت من مَجْلِسه، تَلقانِي مَيْمُون بن إِبْرَاهِيم كَاتبه على الرسائل، وَهُوَ على غَايَة الْهَلَع والجزع، فَقَالَ لي بِصَوْت خَفِي: إِنَّه إِسْحَاق {وَمر غير متلبث حَتَّى رَجَعَ إِلَى مجْلِس إِسْحَاق، فراعني ذَلِك، فَلَمَّا مثلت بَين يَدَيْهِ، قَالَ لي: كَيفَ يُقَال: وَهَذَا المَال مَال، أَو وَهَذَا المَال مَالا؟ قَالَ: فَعلمت مَا أَرَادَ مَيْمُون، فَقلت: الْوَجْه " مالٌ " وَيجوز " مَالا "، فَأقبل إِسْحَاق على مَيْمُون يغلطه فَقَالَ: إلزم الْوَجْه فِي كتبك، وَدعنَا من يجوز وَيجوز _ وَرمى بِكِتَاب كَانَ فِي يَده - فَسَأَلت عَن الْخَبَر، فَإِذا مَيْمُون قد كتب إِلَى الْمَأْمُون وَهُوَ بِبِلَاد الرّوم عَن إِسْحَاق، وَذكر مَالا حمله إِلَيْهِ: " وَهَذَا المَال مَالا "، فَخط الْمَأْمُون على الْموضع من الْكتاب، وَوَقع بِخَطِّهِ على الْحَاشِيَة: " تخاطبني بلحن} "، فَقَامَتْ الْقِيَامَة على إِسْحَاق، فَكَانَ مَيْمُون بعد ذَلِك يَقُول: لَا أَدْرِي كَيفَ أشكر ابْن قادم! أبقى على روحي ونعمتي.

وَحكي عَن أَحْمد بن إِسْحَاق بن بهْلُول أَنه دخل هُوَ وَأَخُوهُ بَغْدَاد، فدار على الْحلق يَوْم الْجُمُعَة، فَوقف على رجل يتلهب ذكاء، ويجيب عَن كل مَا يسْأَل عَنهُ من مسَائِل الْأَدَب وَالْقُرْآن، فَقُلْنَا: من هَذَا؟ قَالُوا: ثَعْلَب، فَبينا نَحن كَذَلِك، إِذا ورد شيخ يتَوَكَّأ على عَصا، فَقَالَ لأهل الْحلقَة، أفرجوا للشَّيْخ، فأفرجوا لَهُ حَتَّى جلس إِلَى جَانِبه. ثمَّ إِن سَائِلًا

ص: 140

سَأَلَ ثعلبا عَن مَسْأَلَة فَقَالَ: قَالَ الرُّؤَاسِي فِيهَا كَذَا، وَقَالَ الْكسَائي كَذَا، وَقَالَ الْفراء كَذَا، وَقَالَ هِشَام كَذَا، وَقلت أَنا كَذَا؛ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ: لَا تراني أعتقد فِيهَا إِلَّا جوابك؛ فَالْحَمْد لله الَّذِي بَلغنِي فِيك هَذِه الْمنزلَة، فَقُلْنَا: من هَذَا الشَّيْخ؟ فَقيل: أستاذه ابْن قادم.

وَكَانَ ابْن قادم يعلم المعتز قبل الْخلَافَة، فَلَمَّا ولي بعث إِلَيْهِ، فَقيل: أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ هُوَ بِبَغْدَاد؟ يَعْنِي المستعين، فَقَالُوا: لَا، وَقد ولي المعتز، وَكَانَ قد حقد عَلَيْهِ بطرِيق تأديبه لَهُ، فخشي من بادرته، فَقَالَ لِعِيَالِهِ: عَلَيْكُم السَّلَام. فَخرج. وَلم يرجع إِلَيْهِم؛ وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ.

وَله من الْكتب: الْكَافِي فِي النَّحْو، الْمُخْتَصر فِيهِ، غَرِيب الحَدِيث.

233 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن قَاسم الإستجي

قَالَ ابْن الفرضي: كَانَ حَافِظًا للمسائل، عَارِفًا بِعقد الوثائق، بَصيرًا بالنحو، ورعا فِي الْفتيا.

234 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم النَّحْوِيّ النَّيْسَابُورِي

قَالَ الْحَاكِم فِي أدباء أهل نيسابور: سمع عبد الله بن الْمُبَارك، وَجَرِير بن عبد الحميد، روى عَنهُ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب.

235 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن خلف ابْن إِبْرَاهِيم بن لب بن بيطير بن بكر بن خَالِد التجِيبِي

من أهل قرطبة، أَبُو الْحسن، يعرف بِابْن الْحَاج. أحد الأستاذين العارفين المتفننين، وَالْفُقَهَاء المتواضعين. روى عَن أبي مُحَمَّد بن حوط الله وَأبي الْقَاسِم بن بَقِي وَجَمَاعَة، وبالإجازة عَن ابْن مضاء وَأبي عبد الله بن نوح، وَجمع. وذاكر أَبَا سُلَيْمَان بن حوط الله وَأَبا الْحسن بن الشَّرِيك، وَأَبا الْقَاسِم بن الطّيب. روى عَنهُ أَبُو بكر بن حُبَيْش.

ص: 141

وصنف نزهة الْأَلْبَاب فِي محَاسِن الْآدَاب، الْمَقَاصِد الكافية فِي علم لِسَان الْعَرَب.

وَكَانَ آيَة فِي التَّوَاضُع، إِذا فرغ من الإقراء نَهَضَ مسرعا، فَقدم للحاضرين نعَالهمْ.

مولده سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة، وَمَات سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وسِتمِائَة.

236 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أشته اللوذري أَبُو بكر قَالَ الداني: أصبهاني سكن مصر، ضَابِط مَشْهُور، ثِقَة مَأْمُون، عَالم بِالْعَرَبِيَّةِ، بَصِير بالمعاني، حسن التصنيف، صَاحب سنة، أَخذ الْقِرَاءَة عرضا عَن ابْن مُجَاهِد وَأبي بكر النقاش وَجَمَاعَة، وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد من شُيُوخنَا، وَسمع مِنْهُ عبد الْمُنعم بن عبيد الله، وَخلف بن قَاسم.

مَاتَ بِمصْر يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشْرين شعْبَان سنة سِتِّينَ وثلاثمائة.

قلت: رَأَيْت لَهُ كتاب الْمَصَاحِف، ونقلت مِنْهُ أَشْيَاء فِي كتاب الإتقان.

237 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن ظفر الْمَكِّيّ الصّقليّ حجَّة الدّين أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ

ولد بِمَكَّة، ثمَّ قدم مصر فِي صباه، وَقصد بِلَاد إفريقية، وَأقَام بالمهدية مُدَّة، وَشَاهد بهَا حروبا من الفرنج، وَأخذت من الْمُسلمين وَهُوَ هُنَاكَ، ثمَّ انْتقل إِلَى صقلية، ثمَّ إِلَى مصر، ثمَّ قدم حلب، وَأقَام بمدرسة ابْن أبي عصرون. وصنف بهَا تَفْسِيرا كَبِيرا، ثمَّ جرت فتْنَة بَين الشِّيعَة وَالسّنة، فنهبت كتبه فيمَ نهب، فقصد حماة، فصادف قبولا، وأجرى لَهُ راتب، وصنف هُنَاكَ تصانيفه. وَكَانَ صَالحا ورعاً زاهداً، مشتغلا بِمَا يعنيه. وَله شعر حسن.

وَكَانَ أعلم باللغة من النَّحْو، وَأقَام بحماة إِلَى أَن مَاتَ بهَا سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة.

وَله من الْكتب: ينبوع الْحَيَاة فِي التَّفْسِير، التَّفْسِير الْكَبِير، الِاشْتِرَاك اللّغَوِيّ

ص: 142

الاستنباط الْمَعْنَوِيّ، سلوان المطاع، الْقَوَاعِد وَالْبَيَان فِي النَّحْو، الرَّد على الحريري فِي درة الغواص، أساليب الْغَايَة فِي أَحْكَام آيَة، المطول فِي شرح المقامات، التنقيب على مَا فِي المقامات من الْغَرِيب، ملح اللُّغَة فِيمَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ على حُرُوف المعجم، خبر الْبشر بِخَير الْبشر، نجباء الْأَبْنَاء، معاتبة الجريء على معاقبة البريء، إكسير كيمياء التَّفْسِير، أرجوزة فِي الْفَرَائِض وَالْوَلَاء؛ وَغير ذَلِك.

وَمن شعره:

(بِبسْم الله يفْتَتح الْعَلِيم

وبالرحمن يعتصم الْعَلِيم)

(وَكَيف يلومني فِي حسن ظَنِّي

بربي لائم وَهُوَ الرَّحِيم!)

238 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن لب أَبُو عبد الله محب الدّين بن الصَّائِغ الْأمَوِي المري

قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: أَقرَأ النَّحْو بِالْقَاهِرَةِ إِلَى أَن صَار يُقَال لَهُ أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ، وَكَانَ قَرَأَ على أبي الْحسن بن أبي الْعَيْش، والخطيب بن عَليّ القيجاطي، ولازم أَبَا حَيَّان وانتفع بجاهه. وَكَانَ سهلا، دمث الْأَخْلَاق، محبا للطلب، دءوبا عَلَيْهِ، وتعانى الضَّرْب بِالْعودِ فنبغ فِيهِ. وَمَات فِي رَمَضَان سنة خمسين وَسَبْعمائة.

وَقَالَ ابْن حجر: فِي الدُّرَر: كَانَ ماهرا فِي الْعَرَبيَّة واللغة، قيمًا بالعروض، ينظم نظماً وسطا.

مَاتَ بالطاعون الْعَام سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة.

239 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم، مولى حمير أَبُو بكر الْمَعْرُوف بالملطي

قَالَ ابْن يُونُس فِي تَارِيخ مصر: كَانَ نحوياً يعلم أَوْلَاد الْمُلُوك النَّحْو، حدث عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، وبكار بن قُتَيْبَة، وَغَيرهمَا.

ص: 143

وَكَانَ يمْتَنع من الحَدِيث إِلَّا فِي أَوْقَات، وَأم بالجامع الْعَتِيق بِمصْر.

مَاتَ يَوْم السبت لأَرْبَع وَعشْرين خلت من ربيع الآخر سنة ثَلَاث وثلاثمائة.

240 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى الْكرْمَانِي أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ الْوراق

قَالَ ياقوت: كَانَ عَالما فَاضلا، عَارِفًا بالنحو واللغة، مليح الْخط، صَحِيح النَّقْل، يورق بِالْأُجْرَةِ. قَرَأَ على ثَعْلَب، وخلط المذهبين.

وَله من الْكتب: الموجز فِي النَّحْو، وَكتاب فِيهِ لم يتم، الْجَامِع فِي اللُّغَة. ذكر فِيهِ مَا أغفله الْخَلِيل فِي الْعين، وَمَا ذكر أَنه مهمل وَهُوَ مُسْتَعْمل وَقد أهمل.

وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن دُرَيْد مناقضة.

قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي الفهرست: كَانَ مضطلعا بِعلم اللُّغَة والنحو.

وَقَالَ ابْن النجار: مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة.

241 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْفضل المرسي أَبُو عبد الله الْعَلامَة شرف الدّين النَّحْوِيّ الأديب الزَّاهِد الْمُفَسّر الْمُحدث الْفَقِيه الأصولي

قَالَ ياقوت: أحد أدباء عصرنا، وَمن أَخذ من النَّحْو وَالشعر بأوفر نصيب، وَضرب فِيهِ بِالسَّهْمِ الْمُصِيب، وَخرج التخاريج، وَتكلم على الْمفصل للزمخشري، وَأخذ عَلَيْهِ عدَّة مَوَاضِع؛ بَلغنِي أَنَّهَا سَبْعُونَ موضعا، أَقَامَ على خطئها الْبُرْهَان، وَاسْتدلَّ على سقمها بِالْبَيَانِ.

وَله عدَّة تصانيف.

رَحل إِلَى خُرَاسَان، وَوصل إِلَى مرو الشاهجان، وَلَقي الْمَشَايِخ، وَقدم بَغْدَاد، وَأقَام بحلب ودمشق، ورأيته بالموصل، ثمَّ حج وَرجع إِلَى دمشق، ثمَّ عَاد إِلَى الْمَدِينَة،

ص: 144

فَأَقَامَ على الإقراء، ثمَّ انْتقل إِلَى مصر - وَأَنا بهَا - سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة، وَلزِمَ النّسك وَالْعِبَادَة والانقطاع.

أَخْبرنِي أَن مولده سنة سبعين وَخَمْسمِائة، وَأَنه قَرَأَ الْقُرْآن على ابْن غلبون وَغَيره، والنحو على أبي الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن شريك الداني وَالطّيب ابْن مُحَمَّد بن الطّيب النَّحْوِيّ والشلوبيني والتاج الْكِنْدِيّ، وَالْأُصُول على إِبْرَاهِيم بن دقماق والعميدي، وَالْخلاف على معِين الدّين الجاجرمي، وَسمع الحَدِيث الْكثير بواسط من ابْن عبد السَّمِيع، وَمن ابْن الماندائي ومشيخته، وبهمذان من جمَاعَة، وبنيسابور صَحِيح مُسلم من الْمُؤَيد الطوسي، وجزءاً من ابْن نجيد، وَمن مَنْصُور ابْن عبد الْمُنعم الفراوي وَزَيْنَب الشعرية، وبهراة من ابْن روح الْهَرَوِيّ، وبمكة من الشريف يُونُس بن يحيى الْهَاشِمِي.

وَكَانَ نبيلا ضريرا، يحل بعض [مشكلات] إقليدس، ويحفظ صَحِيح مُسلم مُجَردا عَن السَّنَد.

صنف الضوابط النحوية فِي علم الْعَرَبيَّة، والإملاء على الْمفصل، وَتَفْسِير الْقُرْآن، قصد فِيهِ ارتباط الْآي بَعْضهَا بِبَعْض، وكتابا فِي أصُول الْفِقْه وَالدّين، وكتابا فِي البديع والبلاغة: انْتهى كَلَام ياقوت مُلَخصا.

وَقَالَ ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد: هُوَ من الْأَئِمَّة الْفُضَلَاء فِي فنون الْعلم والْحَدِيث والقراءات وَالْفِقْه وَالْخلاف والأصلين والنحو واللغة، وَله قريحة حَسَنَة، وذهن ثاقب، وتدقيق فِي الْمعَانِي، ومصنفات فِي جَمِيع مَا ذكرنَا، وَله النّظم والنثر الْحسن، وَكَانَ زاهدا متورعا، حسن الطَّرِيقَة، كثير الْعِبَادَة، مَا رَأَيْت فِي فنه مثله، انْتهى.

وَقَالَ الفاسي فِي تأريخ مَكَّة: لَهُ تصانيف، مِنْهَا التَّفْسِير الْكَبِير يزِيد على عشْرين جُزْءا، والأوسط عشرَة، وَالصَّغِير ثَلَاثَة، ومختصر مُسلم، وَالْكَافِي فِي النَّحْو فِي غَايَة الْحسن. وَله التَّعَالِيق الرائقة فِي كل فن.

ص: 145

قَالَ: وَهُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الزَّاهِد، فَخر الزَّمَان، علم الْعلمَاء، زين الرؤساء، إِمَام النظار، رَئِيس الْمُتَكَلِّمين، أحد عُلَمَاء الزَّمَان، الْمُتَصَرف أحسن التصريف فِي كل فن. أَصله من مرسية، لم يزل مشتغلا من صغره إِلَى كبره. وَله المباحث العجيبة، والتصانيف الغريبة، وَجمع الأقطار فِي رحلته، ارتحل إِلَى غرب بِلَاده ثمَّ الأندلس، ثمَّ الديار المصرية وَالشَّام والعراقين والعجم، وناظر وَقَرَأَ وأقرأ، واستفاد وَأفَاد، وَلم يزل يقرئ ويدرس حَيْثُ حل، ويقر لَهُ بِعِلْمِهِ وفضله فِي كل مَحل، وجاور بِمَكَّة كثيرا. سمع مِنْهُ الْحفاظ والأعيان من الْعلمَاء، وبالغوا فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ، وَآخر من روى عَنهُ أَيُّوب الكحال بِالسَّمَاعِ، وَأحمد بن عَليّ الْجَزرِي بِالْإِجَازَةِ، وَذكره القطب اليونيني فِي ذيل الْمرْآة وَأثْنى عَلَيْهِ؛ وَقَالَ: كَانَ مالكيا.

قلت لَكِن ذكره التَّاج السُّبْكِيّ فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة، وَذكره الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه، وترجمه بالنحو وَالْأَدب وَالْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير والزهد. وَذكر أَن مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة، وَمَات مُتَوَجها إِلَى دمشق بَين الْعَريش والزعقا، يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشر ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: سمع الْمُوَطَّأ بالمغرب بعلو من احافظ أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله الحجري، وَسمع من عبد الْمُنعم بن الْفرس.

روى عَنهُ الْمُحب الطَّبَرِيّ، والشرف الْفَزارِيّ، وَمُحَمّد بن يُوسُف بن المهتار.

وَمن شعره:

(قَالُوا مُحَمَّد قد كَبرت وَقد أَتَى

دَاعِي الْمنون وَمَا اهتممت بزاد)

(قلت الْكَرِيم من الْقَبِيح لضيفه

عِنْد الْقدوم مَجِيئه بالزاد)

ص: 146

242 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مصالة الفاراري الركلاوي أَبُو عبد الله

وَيعرف بِابْن عبود. قَالَ أَبُو حَيَّان فِي النضار، وهم يسمون عبد الله عبوداً، ومحمداً، حموداً.

وَهُوَ من مكناسة الزَّيْتُون، كَانَ نحوياً مُفَسرًا لغوياً، روى عَن أبي إِسْحَاق الْكَمَال وَأبي جَعْفَر بن فرتون الحافظين، وَأَجَازَ لأبي الْحُسَيْن الْيُسْر بن عبد الله الغرناطي. أسندنا حَدِيثه فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى.

243 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون بن إِدْرِيس بن مُحَمَّد الْعَبدَرِي الْقُرْطُبِيّ أَبُو بكر

قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: استوطن مراكش، وَكَانَ عَالما بالقراءات، ذَاكِرًا للتفسير، حَافِظًا للفقه واللغة وَالْأَدب، شَاعِرًا محسناً، كَاتبا بليغاً، مبرزاً فِي النَّحْو، جميل الْعشْرَة، حسن الْخلق، متواضعاً، فكه المحاضرة، ظريف الدعابة روى عَن أبي بكر بن الْعَرَبِيّ، وَشُرَيْح، وَأبي الْحسن بن الباذش، وَأبي الْوَلِيد بن رشد؛ ولازمه عشر سِنِين.

روى عَنهُ أَبُو الْبَقَاء يعِيش بن الْقَدِيم، وَأَبُو زَكَرِيَّا المرجيقي وَغَيرهمَا.

وَدخل غرناطة. وَألف شرحين على الْجمل: كَبِيرا، وصغيراً، وَشرح أَبْيَات الْإِيضَاح للفارسي، وَشرح المقامات، ومشاحذ الأفكار فِيمَا أَخذ على النظار، وَغير ذَلِك.

كَانَ يحضر مجْلِس عبد الْمُؤمن مَعَ جملَة الْعلمَاء، ويبدي مَا عِنْده من المعارف؛ إِلَى أَن أنْشد فِي الْمجْلس أبياتاً كَانَ نظمها فِي أبي الْقَاسِم عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن تيسيت، وَهِي:

(أَبَا قاسمٍ والهوى جنةٌ

وَهَا أَنا من مَسهَا لم أفق)

(تقحمت جاحم نَار الضلوع

كَمَا خضت بَحر دموع الحدق)

(أَكنت الْخَلِيل، أَكنت الكليم {

أمنت الْحَرِيق، أمنت الْغَرق} )

ص: 147

فهجره عبد الْمُؤمن، وَمنعه من الْحُضُور فِي مَجْلِسه، وَصرف بنيه عَن الْقِرَاءَة عَلَيْهِ، وسرى ذَلِك فِي أَكثر من كَانَ يتَرَدَّد عَلَيْهِ؛ على أَنه كَانَ فِي الْمرتبَة الْعليا من الطَّهَارَة والعفاف.

مَاتَ بمراكش يَوْم الثُّلَاثَاء لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة بقيت من جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَقد قَارب السّبْعين.

244 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ الْقُرْطُبِيّ قَاضِي الْجَمَاعَة

قَالَ ابْن الفرضي: كَانَ حَافِظًا للرأي، معتنياً بالآثار، جَامعا للسنن، متصرفاً فِي علم الإعرااب ومعاني الشّعْر، شَاعِرًا مطبوعاً.

مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلثمائة.

245 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف بن هِشَام الْعَلامَة محب الدّين ابْن الشَّيْخ جمال الدّين، النَّحْوِيّ بن النَّحْوِيّ

ولد سنة خمسين وَسَبْعمائة، وَكَانَ أوحد عصره فِي تَحْقِيق النَّحْو، سَمِعت شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين البُلْقِينِيّ يَقُول: كَانَ وَالِدي يَقُول: هُوَ أنحى من أَبِيه. قَرَأَ على وَالِده وَغَيره، وَسمع الحَدِيث على الْمَيْدُومِيُّ والقلانسي، وَأَجَازَ لَهُ التقي السُّبْكِيّ، والعز ابْن جمَاعَة، والبهاء بن عقيل، وَالْجمال الْإِسْنَوِيّ وَغَيرهم. روى عَنهُ الْحَافِظ ابْن حجر.

مَاتَ فِي رَجَب سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة.

ص: 148

246 -

مُحَمَّد بن عبد الله الضَّرِير الْمروزِي أَبُو الْخَيْر النَّحْوِيّ

قَالَ ياقوت: كَانَ فَقِيها فَاضلا، أديباً، لغوياً، تفقه على الْقفال، وبرع فِي الْفِقْه، واشتهر بالنحو واللغة وَالْأَدب، وصنف فِيهَا.

قَالَ السَّمْعَانِيّ [فِي كتاب مرو] : وَكَانَ من أَصْحَاب الرَّأْي، فَصَارَ من أَصْحَاب الحَدِيث لصحبة الإِمَام أبي بكر الْقفال، سمع الحَدِيث مِنْهُ، وَمن أبي نصر المحمودي. روى عَنهُ القَاضِي أَبُو مَنْصُور السَّمْعَانِيّ، وَكَانَ إِذا دخل فِي دَاره يقْرَأ عَلَيْهِ الْفُقَهَاء الْأَدَب، وَالْبَاب مَرْدُود، فَإِذا جَازَ عَلَيْهِ الْقفال رَاكِبًا، سمع صَوت حافر فرسه على الأَرْض، فَقَامَ إِلَى دَاخل الدَّار، لِئَلَّا يسمع الصَّوْت [وَالصَّوْت] تَعْظِيمًا للأستاذ.

مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة

وَمن شعره:

(تنافى المَال وَالْعقل

فَمَا بَينهمَا شكل)

(هما كالورد والنر

جس لَا يحويهما فصل)

(فعقل حَيْثُ لَا مالٌ

وَمَال حَيْثُ لَا عقلُ)

247 -

مُحَمَّد بن عبد الله الْخَطِيب الإسكافي أَبُو عبد الله الأديب اللّغَوِيّ

قَالَ ياقوت: صَاحب التصانيف الْحَسَنَة، أحد أَصْحَاب ابْن عباد، وَكَانَ من أهل أَصْبَهَان وخطيباً بِالريِّ.

قَالَ ابْن عباد: وفاز بِالْعلمِ من أهل أَصْبَهَان ثَلَاثَة: حائك، وحلاج، وإسكاف، فالحائك أَبُو عَليّ المرزوقي، والحلاج أَبُو مَنْصُور ماشدة، والإسكاف أَبُو عبد الله الْخَطِيب.

ص: 149

وصنف غلط كتاب الْعين، الْغرَّة، تَتَضَمَّن شَيْئا من غلط أهل الْأَدَب، مبادئ اللُّغَة، شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ، نقد الشّعْر، درة التَّنْزِيل وغرة التَّأْوِيل فِي الْآيَات المتشابهة، لطف التَّدْبِير فِي سياسات الْمُلُوك.

248 -

مُحَمَّد بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن المدرة الأندلسي أَبُو عبد الله قَالَ ابْن الزبير: أستاذ نحوي جليل، أَظُنهُ من الجزيرة الخضراء. روى عَن النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ سُلَيْمَان بن عبد الله التجِيبِي.

وَمَات فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة.

249 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن الْفراء الجزيري أَبُو بكر وَأَبُو عبد الله

قَالَ ابْن الزبير: أَقرَأ النَّحْو وَالْأَدب بسبتة، وَكَانَ من أحد فحول شعراء وقته أدبائهم، حدث عَن أبي بكر المرستاني وَغَيره. وَقَرَأَ عَلَيْهِ القَاضِي عِيَاض الْكَامِل للمبرد.

وَمَات بالجزيرة الخضراء فِي حُدُود خَمْسمِائَة.

وَمن شعره:

(ووعدتني وَزَعَمت وَعدك صَادِقا

وظللت من طمع أجيء وأذهب)

(فَإِذا اجْتمعت أَنا وَأَنت بِمَجْلِس

قَالُوا مسلمةٌ وَهَذَا أشعب)

وَقَالَ ابْن مَكْتُوم: هُوَ ضَرِير، مَاتَ فِي الْمِائَة السَّادِسَة.

ذكره ابْن غَالب فِي فرحة الْأَنْفس فِي فضلاء الْعمي من عُلَمَاء الأندلس.

ص: 150

250 -

مُحَمَّد بن عبد الله الْقُرْطُبِيّ أَبُو عبد الله قَالَ ابْن الفرضي: كَانَ عَالما بِالْقُرْآنِ، بَصيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ، ذَا حظٍ من الزّهْد، رَحل وَقَرَأَ الْقُرْآن على عُثْمَان بن سعيد الْمَعْرُوف بورش صَاحب نَافِع، واستأدبه الحكم بن هِشَام لِبَنِيهِ.

ذكره الزبيدِيّ فِي نحاة الأندلس.

251 -

مُحَمَّد بن عبد الله الْقَيْسِي أَبُو عبد الله بن الْعَطَّار

من أَصْحَاب ابْن أبي رَفِيقَة واللبلي.

252 -

مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو عبد الله

يعرف بأبقاع. نحوي من أَصْحَاب أبي زرع النَّحْوِيّ، كَانَ يقرئ النَّحْو بِفَارِس. نقلته من خطّ ابْن مَكْتُوم وَمَا قبله.

253 -

مُحَمَّد بن عبد الله الصرخدي النَّحْوِيّ شمس الدّين قَالَ ابْن حجر: أَخذ الْعَرَبيَّة عَن العثابي، وتفنن حَتَّى صَار أجمع أهل دمشق للعلوم، فَأفْتى ودرس، وشغل وصنف، وَكَانَ عَارِفًا بأصول الْفِقْه، وَكَانَ قلمه أقوى من لِسَانه، وَكَانَ متقللاً، لم يتَّفق لَهُ شَيْء من المناصب إِلَّا أَنه تصدر بالجامع وناب فِي عدَّة مدارس، وَكَانَ شَدِيد التعصب للأشعرية، كثير المعاداة للحنابلة. صنف مُخْتَصر إِعْرَاب السفاقسي، ومختصر الْمُهِمَّات للإسنوي، ومختصر قَوَاعِد العلائي، وَشرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب.

مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثِنْتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة.

ص: 151

254 -

مُحَمَّد بن عبد الْبر بن يحيى بن عَليّ بن تَمام بهاء الدّين أَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي النَّحْوِيّ المتفنن

قَالَ ابْن حجر: شيخ الْإِسْلَام وبهاؤه، ومصباح أفق الحكم وضياؤه، وشمس الشَّرِيعَة وبدرها، وحبرالعلوم وبحرها؛ كَانَ إِمَامًا فِي الْمَذْهَب، طرازا لردائه المذهَّب، رَأْسا لِذَوي الرياسة والرتب، حجَّة فِي التَّفْسِير واللغة والنحو وَالْأَدب، قدوة فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع، رحْلَة لأرباب السُّجُود وَالرُّكُوع، مَشْهُورا فِي الْبِلَاد والأمصار، سالكا طَرِيق من سلف من سالفة الْأَعْصَار. درس وَأفَاد، وَهدى بفتاويه سَبِيل الرشاد. وباشر الْقَضَاء بِمصْر وَالشَّام. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَصر: إِمَام متبحر، مناظر بَصِير بِالْعلمِ، مُحكم الْعَرَبيَّة، مَعَ الدّين والتصوف.

وَقَالَ ابْن حجر: كَانَ إِمَامًا نظاراً، جَامعا لعلوم شَتَّى، صنف قِطْعَة من مُخْتَصر الْمَذْهَب، وَقطعَة من شرح الْحَاوِي، وَقطعَة من شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب.

وَقَالَ ابْن حجر: ولد سنة ثَمَان وَسَبْعمائة. وتفقه على القطب السنباطي، وَالْمجد الزنكلوني، والعلامة القونوي، والزين الكتناني. وَأخذ عَن قَرِيبه تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ، وَأبي الْحسن النَّحْوِيّ وَالِد ابْن الملقن، والجلال الْقزْوِينِي. ولازم أَبَا حَيَّان. وَسمع من سِتّ الوزراء، والحجار والختني، والواني، وَغَيرهم. وَحدث، وَخرج لَهُ ابْن أَبِيك جُزْءا، وانتقل إِلَى دمشق، وناب عَن قَرِيبه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الحكم، ثمَّ وليه اسْتِقْلَالا بعد صرف ابْنه تَاج الدّين شهرا وَاحِدًا، ثمَّ ولي قَضَاء طرابلس، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة، فولي قَضَاء الْعَسْكَر ووكالة بَيت المَال، وَالْقَضَاء الْكَبِير بعد ابْن جمَاعَة، ثمَّ قَضَاء دمشق. وَكَانَ الشَّيْخ جمال الدّين الْإِسْنَوِيّ يقدمهُ ويفضله على أهل عصره.

وَقَالَ غَيره: كَانَ إِمَامًا فِي الْعُلُوم، عَارِفًا بالجدل، يُؤَدِّي درسه بتؤدة ولطافة،

ص: 152

وللفقه من فِيهِ حلاوة وطلاوة؛ وَهُوَ أنظر من رَأَيْنَاهُ؛ غير أَنه كَانَ إِذا اتجه عَلَيْهِ الْبَحْث تظهر الْكَرَاهَة فِي وَجهه. وَكَانَ يغض من كثير من الْعلمَاء، لَا سِيمَا من أهل عصره، وَكَانَ يبخل بالوظائف على مستحقيها، ويخص بهَا أَوْلَاده، وَكَانَ يَقُول: أقرأتُ الْكتاب بعد أَن شَاب شعر رَأْسِي.

وَحكى الشَّيْخ بدر الدّين الطنبذي أَنه قَالَ: أعرف عشْرين علما لم يسألني عَنْهَا بِالْقَاهِرَةِ أحد.

وروى عَنهُ ابْنه بدر الدّين وَأَبُو حَامِد بن ظهيرة؛ وَقَالَ فِي مُعْجَمه: لم يجْتَمع لأحد من معاصريه مَا اجْتمع لَهُ فِي فنون الْعلم، مَعَ الذكاء المفرط، والذهن السَّلِيم، ودقة النّظر، وَحسن الْبَحْث، وَقطع الْخُصُوم. أقرّ لَهُ بذلك الْمُوَافق والمخالف.

مَاتَ بِدِمَشْق يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر ربيع الآخر سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة، وَلم يخلف بعده مثله.

وَمن شعره:

(قبلته ولثمت باسم ثغره

مَعَ خَدّه وضممت مائس قده)

(ثمَّ انْتَهَيْت ومقلتي تبْكي دَمًا

يَا رب لَا تَجْعَلهُ آخر عَهده!)

أسندنا حَدِيثه فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى.

255 -

مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد الرعيني التّونسِيّ أَبُو عبد الله

من نحاة تونس. كَذَا ذكره أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف؛ ونقلنا عَنهُ فِي جمع الْجَوَامِع فِي " كم ".

256 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن العَاصِي الفهمي النَّحْوِيّ

من أهل المرية، قَالَ ابْن الزبير: كَانَ أحد الأساتيذ النُّحَاة الأدباء الجلة، وَأَظنهُ روى عَن أَبِيه الأديب أبي زيد.

روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس الأندرشي، وَأَبُو الْقَاسِم بن حُبَيْش؛ سمع عَلَيْهِ وَلم يجز لَهُ.

مَاتَ بعد الثَّلَاثِينَ وَخَمْسمِائة.

ص: 153

257 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن قَاسم بن مشرف بن قَاسم ابْن مُحَمَّد بن هَانِئ اللَّخْمِيّ الغرناطي أَبُو الْحسن

قَالَ فِي تَارِيخ غرناطة: كَانَ وزيراً فَقِيها، نبيلاً جواد، أديباً، عَارِفًا بالعروض والنحو واللغة وَالْأَدب والطب، جيد الشّعْر، حسن الْخط والوراقة، صَاحب رِوَايَة ودراية.

روى عَن أبي الْوَلِيد بن رشد، وَأبي مُحَمَّد بن عتاب، وَجمع.

ولد لَيْلَة الْجُمُعَة لثلاث بقيين من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة. وَقيل سنة ثَمَان، وَمَات فِي آخر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة.

وَله:

(يَا حرقة الْبَين كويت الحشا

حَتَّى اذبت الْقلب فِي أضلعه)

(أذكيت فِيهِ النَّار حَتَّى غَدا

ينساب ذَاك الذوب من مدمعه)

258 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن خلف الْأنْصَارِيّ أَبُو عبد الله

يعرف بِابْن الْقفال، وبابن غانة الجياني. قَالَ ابْن الزبير. أستاذ نحوي خطيب، مقرئ فَاضل. روى عَنهُ الْمُقْرِئ أَبُو بكر بن حسنون. قَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا، وتأدب وَأَجَازَ لَهُ.

259 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَزِيز بن خَليفَة بن أبي الْعَافِيَة الْأَزْدِيّ أَبُو بكر الكتندي الإ لبيري الأَصْل. قَالَ ابْن الزبير: كَانَ شَيخا فَقِيها، جَلِيلًا أديبا بارع الْأَدَب، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ واللغة، ذَاكِرًا لَهَا، كَاتبا مجيدا، شَاعِرًا مكثرا، مطبوعاً منطويا على جملَة محَاسِن، مَعَ أَخْلَاق سوية. أَصله من كتندة، بمرسية، وانتقل إِلَى غرناطة،

ص: 154

وَسكن بهاء بمالقة، وَأخذ عَن أَهلهَا، واعتنوا بِهِ لعلمه وأدبه وفضله، سمع على أبي بكر ابْن الْعَرَبِيّ، وَأبي الْوَلِيد بن الدّباغ، وَأبي بكر بن مَسْعُود الْخُشَنِي، وروى عَنهُ ابْنا حوط الله، وَله شعر مدون.

ولد سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة، وَمَات بغرناطة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة.

وَمن شعره:

(لأمر مَا بَكَيْت وهاج شوقي

وَقد سجعت على الأيك الْحمام)

(لِأَن بياضها كبياض شيبي

فَمَعْنَى شجوها قرب الْحمام)

260 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أبي الْحسن الزمردي الشَّيْخ شمس الدّين بن الصَّائِغ الْحَنَفِيّ النَّحْوِيّ

قَالَ ابْن حجر: ولد قبل سنة عشرَة وَسَبْعمائة، واشتغل بِالْعلمِ، وبرع فِي اللُّغَة والنحو وَالْفِقْه، وَأخذ عَن الشهَاب بن المرحل وَأبي حَيَّان، والقونوي، وَالْفَخْر الزَّيْلَعِيّ، وَسمع الحَدِيث من الدبوسي، والحجار، وَأبي الْفَتْح الْيَعْمرِي.

وَكَانَ ملازما للاشتغال، كثير المعاشرة للرؤساء، كثير الاستحضار، فَاضلا بارعا حسن النّظم والنثر، قوي البادرة، دمث الْأَخْلَاق. ولي قَضَاء الْعَسْكَر وإفتاء دَار الْعدْل، ودرس بالجامع الطولوني وَغَيره.

وَله من التصانيف: شرح الْمَشَارِق فِي الحَدِيث، شرح ألفية بن مَالك فِي غَايَة الْحسن وَالْجمع والاختصار، الغمز على الْكَنْز، التَّذْكِرَة عدَّة مجلدات فِي النَّحْو، المباني فِي الْمعَانِي، الثَّمر الجني فِي الْأَدَب السّني، الْمنْهَج القويم فِي الْقُرْآن الْعَظِيم، نتائج الافكار، الرقم على الْبردَة، الْوَضع الباهر فِي رفع أفعل الظَّاهِر، اختراع الفهوم لِاجْتِمَاع الْعُلُوم، روض الأفهام فِي أَقسَام الِاسْتِفْهَام، وَغير ذَلِك. وَله حَاشِيَة على الْمُغنِي لِابْنِ هِشَام، وصل فِيهَا إِلَى أثْنَاء الْبَاء الْمُوَحدَة، وافتتحها بقوله: الْحَمد لله الَّذِي لَا مغنى سواهُ.

ص: 155

أَخذ عَن الْعَلامَة عز الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن جمَاعَة، وروى عَنهُ الْجمال ابْن ظهيرة، وَعبد الرَّحْمَن بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة

وَمَات فِي خَامِس عشر شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة، وَخلف ثروة وَاسِعَة.

قَالَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الْقَادِر المقريزي: رَأَيْته فِي النّوم بعد مَوته، فَسَأَلته: مَا فعل الله بك؟ فَأَنْشد:

(الله يعْفُو عَن الْمُسِيء إِذا

مَاتَ على توبةٍ ويرحمه)

وَمن نظمه:

(لَا تفخرن بِمَا أُوتيت من نعمٍ

على سواك وخف من مكر جَبَّار)

(فَأَنت فِي الأَصْل بالفخار مشتبهٌ

مَا أسْرع الْكسر فِي الدُّنْيَا لفخار!)

261 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد

ابْن عبد الْكَرِيم بن الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن دلف بن أبي دلف الْعجلِيّ أَبُو الْمَعَالِي قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين القزوني الشَّافِعِي الْعَلامَة. قَالَ ابْن حجر: ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة، واشتغل وتفقه، حَتَّى ولي قَضَاء نَاحيَة بالروم، وَله دون الْعشْرين. ثمَّ قدم دمشق، واشتغل بالفنون، وأتقن الْأُصُول والعربية والمعاني وَالْبَيَان، وَأخذ عَن الأيكي وَغَيره، وَسمع الحَدِيث من الْعِزّ الفاروثي وَغَيره، وَخرج لَهُ البرزالي جُزْءا حدث بِهِ. وَكَانَ فهما ذكياً، فصيحاً مفوهاً، حسن الْإِيرَاد، جميل الذَّات والهيئة والمكارم، جميل المحاضرة، حسن الْمُلْتَقى، جواداً، حُلْو الْعبارَة، حاد الذِّهْن، منصفاً فِي الْبَحْث؛ مَعَ الذكاء والذوق فِي الْأَدَب وَحسن الْخط وناب عَن ابْن صصري، ثمَّ عَزله، ثمَّ ولي خطابة جَامع دمشق، ثمَّ طلبه النَّاصِر، وَقضى دينا كَانَ عَلَيْهِ، وولاه قَاضِيا بِالشَّام، ثمَّ طلبه إِلَى مصر، وولاه قضاءها بعد

ص: 156

صرف ابْن جمَاعَة، فصرف أَمْوَال الْأَوْقَاف على الْفُقَرَاء والمحتاجين، وَعظم أمره جدا. وَكَانَ للْفُقَرَاء ذخْرا وملجأ، ثمَّ أُعِيد إِلَى قَضَاء دمشق بِسَبَب أَوْلَاده، وخصوصاً ابْنه عبد الله؛ فَإِنَّهُ أسرف فِي اللَّهْو والرشوة، ففرح بِهِ أهل الشَّام، فَأَقَامَ قَلِيلا، وتعلل وأصابه فالج فَمَاتَ مِنْهُ، وأسفوا عَلَيْهِ كثيرا.

وَكَانَ مليح الصُّورَة، فصيح الْعبارَة، كَبِير الذقن، موطأ الأكناف، جم الْفَضِيلَة، محب الْأَدَب لحاضريه، ويستحضر نكته، قوي الْحَظ.

وَيُقَال: إِنَّه لم يُوجد لأحد من الْقُضَاة منزلَة عِنْد سُلْطَان تركي نَظِير مَنْزِلَته، وَلَهو فِي ذَلِك وقائع.

قلت: وَلَا أعلمهُ نظم شَيْئا مَعَ قُوَّة بَاعه فِي الْأَدَب.

وَله من التصانيف: تَلْخِيص الْمِفْتَاح فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان؛ وَهُوَ من أجل المختصرات فِيهِ، وَقد ملكته بِخَطِّهِ الْحسن الْمليح، ونظمته فِي أرجوزة. وَله: إِيضَاح التَّلْخِيص، والسور الْمرْجَانِي من شعر الأرجاني.

مَاتَ فِي منتصف جُمَادَى الأولى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة.

262 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الكنجروذي أَبُو سعيد الْفَقِيه النَّحْوِيّ الأديب

قَالَ عبد الغافر فِي السِّيَاق: شيخ مَشْهُور من أهل الْفضل، وَله قدم فِي الطِّبّ والفروسية وأدب السِّلَاح؛ كَانَ بارع وقته، لاشْتِمَاله على فنون الْعلم. سمع الحَدِيث وَأدْركَ الْأَسَانِيد الْعَالِيَة فِي الْأَدَب وَغَيره. وَحدث عَن أبي أَحْمد الْحَافِظ وطبقته، وَعنهُ خلق. وَله شعر حسن.

ص: 157

وَجَرت بَينه وَبَين أبي جَعْفَر الزوزني محاورات أدَّت إِلَى وحشته، فهجاه بِسَبَبِهَا، وَجعله غَرضا، ورماه بِمَا برأه الله مِنْهُ.

مَاتَ فِي صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة.

263 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن زيد النَّحْوِيّ الدندري الْمَعْرُوف بالبقراط

قَالَ فِي تَارِيخ الصَّعِيد: قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الرّبيع البوتيجي صَاحب الْكَمَال الضَّرِير، وتصدر للإقراء، وَأخذ عَنهُ جماعات. ثمَّ استوطن مصر، واشتغل بالنحو، وَاخْتصرَ الملحة نظماً.

264 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن أَحْمد بن الْحُسَيْن ابْن مَسْعُود المَسْعُودِيّ أَبُو سعيد البندهي

وَكَانَ يكْتب بِخَطِّهِ البنجديهي اللّغَوِيّ الشَّافِعِي، أَصله من بنج ديه.

قَالَ ياقوت: من أهل الْفضل وَالْأَدب وَالدّين والورع، ورد بَغْدَاد، ثمَّ الشَّام، وَحصل لَهُ سوق نافقة، وَقبُول تَامّ عِنْد الصّلاح بن أَيُّوب، وَأَقْبَلت عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَحصل كتبا لم تحصل لغيره، ووقفها بخانقاه السميساطي.

وَقَالَ غَيره: فَقِيه مُحدث، صوفي، جوال، عَالم باللغة، أديب. سمع بخراسان من أبي شُجَاع البسطامي وَغَيره، وببغداد. وَحدث وأملى بِالشَّام وديار بني بكر.

وَله من التصانيف: شرح المقامات فِي مجلدين روى عَنهُ الْحَافِظ أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي.

ص: 158

مولده لَيْلَة الثُّلَاثَاء أول ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخَمْسمِائة، وَمَات بِدِمَشْق لَيْلَة السبت تَاسِع عشْرين من ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ.

265 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن النَّيْسَابُورِي النَّحْوِيّ

يعرف بمت. قَالَ الداني فِي طَبَقَات الْقُرَّاء: كَانَ من أعلم النَّاس والنحو والعربية، أَخذ الْقِرَاءَة عَن عِيسَى بن عمر الْكُوفِي، وروى الْحُرُوف عَن إِسْمَاعِيل الْقسْط وشبل ابْن عباد. وروى عَنهُ الْحُرُوف أَحْمد بن نصر النَّيْسَابُورِي الْمُقْرِئ، ونصير بن يُوسُف النَّحْوِيّ، وَحدث وَأفْتى وأقرأ.

266 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ الْبَصْرِيّ يعرف بثعلب. روى عَن عبد الله بن أَيُّوب المَخْزُومِي وَغَيره. وَحدث عَنهُ الطَّبَرَانِيّ.

كَذَا رَأَيْت بِخَط بن مَكْتُوم من غير زِيَادَة.

267 -

مُحَمَّد بن عبد الرءوف بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الْأَزْدِيّ وَلَاء الْقُرْطُبِيّ أَبُو عبد الله يعرف بِابْن خُنَيْس. قَالَ ابْن الفرضي: كَانَ عَالما باللغة والغريب وَالْأَخْبَار والتاريخ، كَاتبا بليغاً سمع من أَحْمد بن بشر بن الأغبس، وَألف كتابا فِي شعراء الأندلس بلغ فِيهِ، الْغَايَة، وَكَانَ يطعن عَلَيْهِ فِي دينه.

مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وثلاثمائة.

ص: 159