الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث سنة اثنتين وستين وثلاثمائة:
الروم يستبيحون نصيبين:
فيها: حشدت الروم -لعنها الله- وأقبلوا في عدد وعُدَّةٍ، فأخذوا نصيبيّن واستباحوا، وقتلوا، وأسروا.
منع الخطبة ببغداد:
وقَدِمَ بغداد من نجا منهم، فاستنفروا الناس في الجوامع وكسروا المنابر، ومنعوا الخطبة، وحاولوا الهجوم على الخليفة المطيع، واقتلعوا بعض شبابيك دار الخلافة حتى غلِّقت أبوابها، ورماهم الغلمان بالنَّشّاب من الرّواشِن، وخاطبوا الخليفة بالتعنيف، وبأنّه عاجز عمَّا أوجبه الله عليه من حماية حَوْزَة الإسلام، وأفحشوا القول.
وافق ذلك غيبة الملك عزّ الدولة في الكوفة للزيارة، فخرج إليه أهل العقل والدين من بغداد، وفيهم الإمام أبو بكر الرازي الفقيه، وأبو الحسن علي بن عيسى النحوي، وأبو القاسم الداركي، وابن الدقّاق الفقيه، وشكوا إليه ما دَهَمَ الإسلام من هذه الحادثة العُظْمى، فوعدهم بالغزو، ونادى بالنّفير في الناس، فخرج من العَوامّ خلقٌ عدد الرمل، ثم جهَّز جيشًا، وغزوا فهزموا الروم، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة، وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد، وفرح المسلمون بنصر الله1.
مصادرة بختيار:
وصادروا بختيار بن بُوَيْه وزير المطيع فقال: أنا ليس لي غير الخطبة، فإن أحببتم اعتزلتُ، فشدُّوا عليه حتى باع قماشه، وحمل أربعمائة ألف درهم، فأنفقها ابن بُوَيْه في أغراضه، وأهمل الغزو، وشاع في الألسنة أنّ الخليفة صُودِر، كما شاع قبله أن القاهر كُدِّي يوم جمعة، فانظر إلى تقلبات الدهر2.
إحراق النحاسين:
وفي شهر رمضان قُتِلَ رجل من أعوان الوالي في بغداد، فبعث الرئيس أبو الفضل الشيرازي -وكان قد أقامه عزّ الدولة على الوزارة- من طرح الناس من النحّاسين إلى السمّاكين، فاحترق حريق عظيم لم يشهد مثله، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء، والرجال، والصبيان، والأطفال في الدّور وفي الحمّامات، فأحصى ما أحرق من بغداد فكان سبعة عشر ألفًا وثلاثمائة دكان، وثلاثمائة وعشرين دارًا، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألفًا، ودخل في الجملة ثلاثون مسجدًا.
1 انظر تاريخ الطبري "1/ 210"، والمنتظم "7/ 60".
2 انظر الكامل "8/ 619".
فقال رجل لأبي الفضل الشيرازي: أيُها الوزير، أرينا قدرتك، ونحن نأمل من الله أن يرينا قدرته فيك، فلم يُجِبْه، وكَثُرَ الدَّعاء عليه، ثم إنَّ عزّ الدولة قبض عليه وسلَّمه إلى الشريف أبي الحسن محمد بن عمر العلوي، فأنفذه إلى الكوفة، وسُقي ذراريح1، فتقرَّحت مثانته، فهلك في ذي الحجّة من هذه السنة، لا رحمه الله2.
دخول المعز مصر:
وفي يوم الجمعة ثامن رمضان دخل المعزّ أبو تميم مَعدّ بن إسماعيل العُبَيدي مصر، ومعه توابيت آبائه، وكان قد مهَّد له مُلْكَ الدّيار المصرية مولاه جَوْهَر، وبنى له القاهرة، وأقام بها دارًا للإمرة، ويُعرف بالقصرين.
وقوع الدمستق في الأسر:
وفيها أقبل الدُّمُسْتُق في جيوشه إلى ناحية مَيّافارقين، فالتقاه ولد ناصر الدولة حمدان، وهزم الروم ولله الحمد، وأسر الدُّمُسْتُق الخبيث، وبقي في السجن حتى هلك.
الوزارة في بغداد:
وفيها: وزر ببغداد أبو طاهر بن بقيّة، ولُقِّب بالنّاصح، وكان سمحا كريمًا، له راتب كل يوم من الملح ألف رطل، وراتبه من الشمع ألف مَنّ.
وكان عزّ الدولة قد استوزر ذاك المُدْبِر أبا الفضل الشيرازي، واسمه: العبّاس بن الحسن، صهر الوزير المهلّبي، ثم عزله بعد عامين من وزارته بأبي الفرج محمد بن العبّاس فسانجس، ثم عزل أبا الفرج بعد سنة، وأعاد الشيرازي إلى الوزارة، فصارد الناس وأحرق الكّرخ، وكان أبو طاهر من صغار الكُتّاب، يكتب على المطبخ لعزّ الدولة، فآل أمره إلى الوزارة، فقال الناس: من الغضاوة إلى الوزارة. وكان كريمًا جوادًا، فغطَّى كرمُهُ عيوبه، فوزر لعزّ الدولة أربعة أعوام، ثم قتله عضد الدولة وصلبه3.