الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسجد رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكان أميرهم أبو منصور محمد بن عمر بن يحيى العلوي، وقَدِمَ الركب الكوفة في أول المحرّم سنة أربعٍ، فأقاموا بالكوفة أيامًا لفساد الطريق، ثم جمعوا لمن خفرهم1.
الدعوة للمعز في البلاد:
وأمَّا مكة والمدينة فأقيمت الخطبة والدعوة بالبلدين لأبي تميم المُعٍزّ العُبَيْدي، وقُطِعت خطبة الطائع لله في هذا العام من الحجاز ومصر والشام والمغرب، وكان الرفض ظاهرًا قائمًا في هذه الأيام، وفي العراق، والسنة خاملة مغمورة، لكنها ظاهرة بخراسان وأصبهان، فالأمر لله.
الحرب بين الأعراب والقرامطة:
وفيها كان الحرب شديدًا بينهم وبين الأعراب القرامطة الذين ملكوا الشام، وحاصروا المعزّ بمصر مدة، ثم ترحلوا شبه منهزمين حتى دخلوا إلى بلاد الحسا2 والقطيف3.
قدوم المعز إلى الشام:
وقدم إلى الشام نائب المعزّ، والله أعلم.
1 انظر المنتظم "7/ 74".
2 مدينة بالبحرين.
3 انظر الكامل "8/ 639".
أحداث سنة أربع وستين وثلاثمائة:
حريق الخشابين:
في المحرَّم أوقع العيّارون حريقًا بالخشّابين مبدأه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا السوق، وهلك شيء كثير، واستفحل أمر العيّارين ببغداد حتى ركبوا الخيل، وتلقّبوا بالقوّاد، وغلبوا على الأمور، وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود الزند كان يأوي قنطرة الزَّبَد وشحذ وهو عريان، فلما كثُر الفساد رأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفًا ونهب وأغار، وحفّ به طائفة وتقوَّى، وأخذ الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنَّعت، فقال: ما تكرهين منّي؟ قالت: أكرهك كلّك، قال: ما تحبين؟ قالت: تبيعني. قال: أوخيرًا من ذلك؟ فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فتعجَّب الناس من سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك.
قطع الخطبة للطائع لله:
وقطعت خطبة الطائع لله وغيرها من يوم العشرين من جمادى الأولى، إلى أن أعيدت في عاشر رجب، فلم يُخطب في هذه الجمع في البلاد، وذلك لأجل تشغّب وقع بينه وبين عَضُد الدولة.
وكان عضد الدولة قد قَدِمَ العراق فأعجبه مُلُكُها، فعمل عليها، واستمال الجند، فتشغّبوا على عزّ الدولة، فأغلق بابه، وكتب عضد الدولة عن الطائع باستقرار الأمر لعضد الدولة على محمد بن بقية وزير عزّ الدولة، ثم اضطربت الأمور على عَضُد الدولة، ولم يبق بيده غير بغداد، فنفّذ إلى والده ركن الدولة يُعْلِمُهُ أنّه قد خاطر بنفسه وجُنْده، وقد هذّب مملكة العراق واستعاد الطائع إلى داره، وأن عزّ الدولة عاصٍ لا يقيم دولة، فلمّا بلغه غَضِب، وقال للرسول: قل له: خرجت في نُصْرة ابن أخي أو في الطمع في مملكته؟ فأفرج عضد الدولة عن عزّ الدولة بختيار، ثم خرج إلى فارس1.
انعدام الأقوات:
وفيها: عُدِمَت الأقوات حتى أُبيع كرّ الدّقيق بمائة وسبعين دينار، والتمر ثلاثة أرطال بدرهم، ولم يخرج وفد من بغداد بل خرجت طائفة من الخراسانية مخاطرة فلحقتهم شدة.
عزل ابن أم شيبان:
وفي سلح ذي القعدة عُزل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان، ووُلّي أبو محمد بن معروف.
وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام، والمغرب، والمشرق، لا سيما العُبَيْدية الباطنية، قاتلهم الله.
قال مشرف بن مرجا القُدسي: أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي قال: كنت مجاورًا ببيت المقدس، فأمروا في أول رمضان بقطع التراويح، صحت أنا وعبد الله الخادم: وا إسلاماه وا محمداه، فأخذني الأعوان وحُبِست، ثم جاء الكتاب من مصر بقطع لساني فقُطِع، فبعد أسبوع رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَفَلَ في فمي، فانتبهت بَبرْد ريق رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ زال عنّي الألم، فتوضّأت وصلّيت وعمدت إلى المأذنة فأذّنت "الصلاة خير من النوم"، فأخذوني
1 انظر المنتظم "7/ 75، 76"، والعبر "2/ 332"، ودول الإسلام "2/ 225".
وحُبِست وقُيّدُت، وكتبوا فيّ إلى مصر، فورد الكتاب بقطع لساني، وبضربي خمسمائة سَوْطٍ، وبصَلْبي، ففُعل بي، فرأيت لساني على البلاط مثل الرّيّة، وكان البرد والجليد، وصلّيت واشتدّ عليّ الجليد، فبعد ثلاثة أيام عهدي بالحدّائين يقولون: نعرّف الوالي أنَّ هذا قد مات، فأتوه، وكان الوالي جيش بن الصمصامة فقال: أَنْزِلوه، فألقوني على باب داود، فقوم يترحّمون عليّ وآخرون يلعنوني، فلمَّا كان بعد العشاء جاءني أربعة فحملوني على نعش ومضوا بي ليغسّلوني في دار، فوجدوني حيًّا، فكانوا يصلحون لي خزيرة بلَوْز وسُكّر أسبوعًا.
ثم رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي المنام ومعه أصحابه العشرة، فقال: يا أبا بكر، ترى ما قد جرى على صاحبك، قال: يا رسول الله، فما أصنع به؟ قال: اتْفُلْ في فيه، فتفل في فيَّ، ومسح النبي صلى الله عليه وسلم صدري، فزال عنّي الألم، وانتبهت ببرد ريق أبي بكر، فناديت، فقام إليَّ رجل، فأخبرته، وأسخن لي ماء، فتوضّأت به، وجاءني بثياب ونفقة وقال: هذا فتوح، فقمت.
فقال: أين تمر؟ الله الله، فجئت المأذنة وأذَّنت الصُّبح:"الصلاة خير من النوم"، ثم قلت قصيدة في الصحابة، فأخذت إلى الوالي فقال: يا هذا، اذهب ولا تُقِم ببلدي، فإنّي أخاف من أصحاب الأخبار، وأدخل فيك جهنّم، فخرجت وأتيت عُمان، فاكتريت مع عرب الكوفة، فأتيت واسط، فوجدت أمّي تبكي عليّ، وأنا كل سنة أحجّ وأسأل عن القدس لعلَّ تزول دولتهم، فرأيته طلق اللسان ألثغ.
ولاية دمشق:
وفي المحرَّم ولي إمرة دمشق بدر الشمولي الكافوري، ولي نحوًا من شهرين من قِبَل أبي محمود الكتامي نائب الشام للمعزّ، ثم عُزل بأبي الثريَّا الكردي، ثم ولي دمشق ريَّان الخادم المعزّي، ثم عُزل أيضًا بعد أيام بسبكتكين التركي.