المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الهمزة في أسماء الحكماء - إخبار العلماء بأخبار الحكماء

[جمال الدين القفطي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌حرف الهمزة فِي أسماء الحكماء

- ‌الكلام عَلَى كتبه الطبيعيات

- ‌الكتب الَّتِي وجدت فِي خزانة الرجل الَّذِي يسمى ابليقون

- ‌حرف الباء الموحدةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف التاء المثناةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الثاء المثلثةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الجيمفِي أسماء الحكماء

- ‌تسميةكتب جالينوس ونقولها وشروحها

- ‌كتب جالينوسالخارجة عن الستة عشر المتقدم شرحها

- ‌حرف الحاء المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الخاء المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الدال المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الذال المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الراء المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الزاء المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف السين المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الشين المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الصاد المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الطاء المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف العين المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الغين المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الفاءفِي أسماء الحكماء

- ‌حرق القاففِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الكاففِي أسماء الحكماء

- ‌حرف اللامفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الميمفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف النونفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الهاءفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الواوفِي أسماء الحكماء

- ‌ونسخة المحضر الثاني

- ‌حرف الياءفِي أسماء الحكماء

- ‌الكنى فِي أسماء الحكماء

- ‌الأبناء فِي أسماء الحكماء

الفصل: ‌حرف الهمزة في أسماء الحكماء

‌حرف الهمزة فِي أسماء الحكماء

إدريس النبي صلى الله عليه وسلم. قَدْ ذكر أهل التواريخ والقصص وأهل التفسير من أخباره مَا أنا فِي غنى من إعادته وأنا ذاكر مَا قاله الحكماء خاصة اختلف الحكماء فِي مولده ومنشئه وهمن أخذ العلم قبل النبوة فقالت فرقة ولد بمصر وسموه هرمس الهرامسة ومولده بمنف وقالوا هو باليونانية أرميس وعرب بهرمس ومعنى أرميس عطارد وقال آخرون اسمه باليونانية طرميس وهو عند العبرانيين اسمه خنوخ وعرب أخنوخ وسماه الله عز وجل فِي كتابه العربي المبين أدونيس وقال هؤلاء ام معلمه اسمه الغوثاذيمون وقيل وقيل اغثاذيمون المصري وَلَمْ يذكروا من كَانَ هَذَا الرجل إِلَاّ أنهم قالوا أنه كَانَ أحد الأنبياء اليونانيين والمصريين وسموه أيضاً أورين الثاني وإدريس عندهم أورين الثالث وتفسير غوثاذيموس السعيد الجد وقالوا خرج هرمس من مصر وجاب الأرض كلها ثُمَّ عاد إِلَيْهَا ورفعه الله إِلَيْهِ بِهَا وذلك بعد اثنين وثمانين سنة من عمره وقالت فحرقة أخرى أن إدريس ولد ببابل ونشأ وأنه أخذ فِي أول عمره بعلم شيث بن آدم وهو جد جد أبيه لإدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش قال الشهرستاني أن أغثاذيمون هو شيث ولما كبر إدريس آتاه الله النبوة فنهى المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة آدم وشيث فأطاعه أقلهم وخالفهم جلهم تنوي الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك الثقل عليهم الرحيل عن أَوْطانهم فقالوا لَهُ وأين نجد إِذَا رحلنا مثل بابل وبابل بالسريانية النهر وكأنهم عنوا بذلك دجلة والفرات فقال إِذَا هاجرنا لله رزقنا غيره فخرج وخرجوا وساروا إِلَى أن وافوا هَذَا الإقليم الَّذِي سمي بابليون فرأوا النيل وراؤه وادياً خالياً من ساكن فوقف إدريس عَلَى النيل

ص: 8

وسبح الله وقال لجماعته بابليون واختلف فِي تفسيره فقيل نهر كبير وقيل نهر كنهركم وقيل نهر مبارك وقيل أن بون فِي السريانية مثل افعل الَّتِي للمبالغة فِي كلام العرب وكأن معناه نهراً كبر فسمى الإقليم عند جميع الأمم بابليون وسائر فرق الأمم عَلَى ذَلِكَ إِلَاّ العرب فأنهم يسمونه إقليم مصر نسبة إِلَى مصر بن حام النازل بِهِ بعد الطوفان والله أعلم بكل ذَلِكَ. وأقام إدريس ومن مع بمصر يدعو الخلائق إِلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله عز وجل وتكلم الناس فِي أيامه باثنين وسبعين لساناً وعلمه الله عز وجل منطقهم ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم ورسم لَهُ تمدين المدن وجمع لَهُ طالبي العلم بكل مدينة فعرفهم السياسة المدنية وفرو لهم قواعدهم فبنت كل فرقة من الأمم مدناً فِي أرضها وَكَانَتْ عدة المدن الَّتِي أنشأت فِي زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة أسفرها الرها وعلمهم العلوم .. وهو أول من استخرج الحكمة وعلم النجوم فإن الله عز وجل أفهمه سر الفلك وتركيبه ونقطة اجتماع الكواكب فِيهِ وأفهمه عدد السنين والحساب ولولا ذَلِكَ لَمْ تصل الخواطر لاستقرائها إِلَى ذَلِكَ وأقام للأمم سنناً فِي كل إقليم تليق كل سنة بأهلها وقسم الأرض أربعة أرباع وجعل عَلَى كل ربع ملكاً بسوس أمر المعمور من ذَلِكَ الربع وتقدم إِلَى كل ملك بأن يلزم أهل كل ربع بشريعة سأذكر بعضها وأسماء الأربعة الملوك الذين ملكوا. الأول إيلاوس وتفسيره الرحيم. والثاني أوس. والثالث سقلبيوس والرابع أوس آمون وقيل أيلاوس أمون وقيل بَسيلوخَس وهو آمون الملك.

ذكر بعض مَا سنة لقومه المطيعين لَهُ. دعا إِلَى دين الله والقول بالتوحيد وعبادة الخالق وتخليص النفوس من العذاب فِي الآخرة بالعمل الصالح فِي الدنيا وحض عَلَى الزهد فِي الدنيا والعمل بالعدل وأمرهم بصلوات ذكرها لهم عَلَى صفات بينها وأمرهم بصيام أيام معروفة من كل شهر وحثهم عَلَى الجهاد لأعداء دينهم وأمرهم بزكاة الأموال معونة للضعفاء بِهَا وغلظ عليهم فِي الطهارة من الجناية وحرم عليهم لحم الحمار والكلب وحرم السكر من كل شيء من المشروبات وشدد فِيهِ أعظم

ص: 9

التشديد وجعل لهم أعياداً كثيرة فِي أوقات معروفة وقربانات منها لدخول الشمس رؤوس البروج ومنها لرؤية الهلال وكلما صارت الكواكب فِي بيوتها وشرفها وناظرت كواكب أخر.

ذكر مَا أمر بِهِ من القرابين .. أمر بتقريب ثلاثة أشياء البخور والذبائح والخمر وتقريب كل باكورة فمن الرياحين الورد ومن الحبوب الحنطة ومن الفواكه العنب ووعد أهل ملته بأنبياء يأتون من بعده عدة وعرفهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال يكون برياً من المذمات والآفات كلما كامل في الفضائل الممدوحات لا يقصر عن مسألة يسأل عنها مما فِي الأرض والسماء ومما فِيهِ دواء وشفاء من كل ألم وأن يكون مستجاب الدعوة فِي كل مَا يطلبه وأن يكون مذهبه ودعوته المذهب الَّذِي يصلح بِهِ العالم ولما ملك إدريس الأرض رقب الناس ثلاث طبقات كهنة وملوكاً ورعية وجعل مرتبة الكاهن فَوْقَ مرتبة الملك لأن الكاهن يسأل الله فِي نفسه وَفِي الملك وَفِي الرعية وَلَيْسَ للملك أن يسأل الله إِلَاّ فِي نفسه وَفِي ملكه وَفِي العرية وَمَا لَهُ أن يسأله فِي الكاهن أقرب إِلَى الله منه فقد نقصت منزلة الملك بهذا عن منزلة الكاهن وَلَيْسَ للرعية أن تسأل الله فِي شيء إِلَاّ فِي نفسها لأن الملك أجل منزلة عنها عند الله الَّذِي ملكه عَلَى الرعية فنقصوا بذلك مرتبة عن الملك ومرتبتين عن الكاهن فلز يزالوا عَلَى هَذِهِ القاعدة من الفعل فِي العبادة وآداب الأثمار بهذه الشريعة إِلَى أن رفع الله إدريس إِلَيْهِ وخلفه أصحابه عَلَى شريعته وَكَانَ أقوى الملوك عزماً من الأربعة اسقلبيوس فإنه اجتهد لحفظ الكلمة وقوانين الشريعة الإدريسية وحَزِن لرفه إدريس من بين أظهرهم وصورته فِي الهياكل وصورة رفعه وَكَانَ اسقلبيوس ملكاً فِي الجهة الَّتِي ملكها يونان بعد الطوفان فوجدوا صورة أدريس ورفعه وعلموا علو قدر إسقلبيوس وتدوينه الحكم لهم فِي الهياكل الَّتِي لَمْ يفسدها الطوفان فظنوا أن إسقلبيوس هو الَّذِي ارتفع إِلَى السماء وغلطوا فِي ذَلِكَ غلطاً بيناً لأنهم أخذوه بالحدس وسيأتي بعض ذَلِكَ فِي أخبار إسقلبيوس إِن شاء الله تعالى وشريعته يعني إدريس هي

ص: 10

الممكة الحقيقية وتعرف فِي ملة الصابئين بالقيمة وطبقة المعمور من الأرض وَكَانَتْ قبلته إِلَى حقيقة الجنوب عَلَى خط نصف النهار.

صورة هرمس الهرامسة وهو إدريس قيل أنه كَانَ عليه السلام رجل آدم تام القامة أجلح حسن الوجه كث اللحية مليح الشمائل والتخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العينين أكحلهما متأنياً فِي كلامه كثير الصمت ساكن الأعضاء إِذَا مشي أكثر نظره إِلَى الأرض كثير الفكرة بِهِ عبسة وإذا اغتلظ احتد يحرك سبابته إِذَا تكلم وكانت مدو مقامه فِي الأرض اثنين وثمانين سنة وَكَانَ عَلَى فص خاتمه الصبر مع الإيمان بالله يورث الظفر وَعَلَى المنطقة الَّتِي يلبسها فِي الأعياد حفظ الفروض والشريعة من تمام الدين وتمام الدين كمال المروءة وَعَلَى المنطقة الَّتِي يلبسها وقت الصلاة عَلَى الميت السعيد من نظر لنفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة وَكَانَتْ لَهُ مواعظ وآداب استخرجها كل فرقة بلسانها تجري مجرى الأمثال والرموز فاذكر بعضه إِن شاء الله تعالى فمن ذَلِكَ. قوله لن يستطيع أحد أن ينكر الله عَلَى نعمه بمثل الأنعام عَلَى خلقه. وقال من أراد بلوغ العلم وصالح العمل فليترك من يده أداة الجهل وسيئ العمل كما ترى الصانع الَّذِي يعرف الصنائع كلها إِذَا أراد الخياطة أخذ ألئها وترك النجارة فحب الدنيا وحب الآخرة لا يجتمعان فِي قلب أبدا. وقال خير الدنيا حسرة وشرها ندم. وقال إِذَا دعوتم الله سبحانه وتعالي فأخلصوا النية وكذا الصيام والصلاة فافعلوا. وقال لا تحلفوا كاذبين ولا تهجعوا عَلَى الله سبحانه وتعالى باليمين ولا خلفوا الكاذبين فتشاركوهم فِي الإثم. وقال تجنبوا المكاسب الدنيئة. وقال أطيعوا واخضعوا لأكابركم واملؤوا أفواهكم بحمد الله.

ص: 11

وقال حياة النفس فِي الحكمة. وقال اجتنبوا مصاحبة الأشرار. وقال لا تحسدوا الناس عَلَى مواتاة الخط فإن استمتاعهم بِهِ قليل. وقال من تجاوز الكفاف لَمْ يغنه شيء. قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الهرامسة ثلاثة أولهم هرمس الَّذِي كَانَ قبل الطوفان ومعني هرمس لقي كما يقال قيصر وكسرى وتسميه الفرس فِي سيرها ابُهَجُل وتذكر الفرس إِن وجد جيومرت وتسميه العبرانيون خنوخ وهو عندهم إدريس أيضاً قال أبو معشر وهو أول من تحكم فِي الأشياء العلوية من الحركات النجومية وهو أول من بنى الهياكل ومجد الله فِيهَا وهو أول من نظر فِي الطب وتكلم فِيهِ وألف لأهل زمانه قصائد موزونة وأشعاراً معلومة فِي الأشياء الأرضية والعلوية وهو أول من أنذر بالطوفان وذلك أنه رأى أن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء والنار وَكَانَ مسكنه صعيد مصر تخير ذَلِكَ فبنى هياكل الأهرام ومدائن البرابي وخاف ذهاب العلم بالطوفان فبنى البرابي وصور فِيهَا جميع الصناعات وصانعيها نقشاً وصور جميع آلات الصناع وأشار إِلَى صفات العلوم برسوم لمن بعده خشية أن يذهب رسم تِلْكَ العلوم وثبت فِي الأثر المرويّ عن السلف أن إدريس أول من درس الكتب ونظر فِي العلوم وأنزل الله عَلَيْهِ ثلاثين صحيفة وهو أول من خاط الثياب ولبسها ورفعه الله إِلَيْهِ مكاناً علياً وحكى عنه أبو معشر حكايات شنيعة أتيت بأخفها وأقربها لتقضي كلام ابن جلجل.

أمون الملك الحكيم هَذَا لقب لَهُ واسمه الحقيقي بسيلوخس وهو أحد الملوك الأربعة الَّذِينَ أخذوا الحكمة عن هرمس الأول وَكَانَ هرمس قَدْ ولاه ربع الأرض وَكَانَ أمون هَذَا معدوداً فِي الحكماء إِلَاّ أنه لَمْ يخرج من كلامه شيء إِلَى العربية ولما ولاه رمس الملك أوصاه بوصايا خرج بعضها وترجم أنه قال فمنه أنه قال أَول مَا أوصيك بِهِ تقوى الله عز وجل وإيثار طاعته ومن توليه أمور الناس فيجب عَلَيْهِ أن يكون ذاكراً ثلاثة أشياء أولها أن يده تكون عَلَى قوم كثير والثاني أن الذين يده مطلقة عليهم أحرار لا عبيد والثالث أن سلطانه لا يلبث

ص: 12

وقال لَهُ وإياك وأن تهمل الحرب والجهاد لمن لا يؤمن بالله جل اسمه ولا يتبع سنتي وشريعتي وأعلم أن الرعية تسكن إِلَى من أحسن إِلَيْهَا وتنفر عمن أساء والسلطان برعيته فإذا نفروا عنه كَانَ سلطان نفسه. أصلح آخرتك تصلح لَكَ دنياك. اكتم السر واستيقظ فِي الأمور وجد فِي الطلب وإذا هممت فافعل. وعليك بحفظ أهل الكيميا العظمى وهم الفلاحون فإن الجند بهم يكثرون وبيوت الأموال تعمر. وأكرم أهل العلك وقدمهم لئلا تجهل الرعية حقهم من طلب العلم أكرم ليصفو ذهنه. من قدح فِي الملك اضرب عنقه وشهره ليحذر سواه فإن الملك إِذَا فسد فسدت الرعية. ومن سرق اقطع يده. ومن قطع الطريق اضرب عنقه. ومن وجدته ذكر مثله فحرقه بالنار. ومن وجدته مظلوماً فخذ بيده. تعهد أمر المحبوسين فِي كل شهر تأمن سجن المظلوم. شاور من علمته عاقلاً تأمن خلل الانفراد. لا تعاجل صغار الذنوب بالعقوبة واجعل بَيْنَهما للاعتذار طريقاً ثُمَّ قال لَهُ عند انفصاله عنه سبيل الملك أن يبتدئ بسلطانه عَلَى نفسه ليستقيم لَهُ سلطانه عَلَى غيره.

إسقلبيوس الحكيم وربما قيل إسقلابيوس وربما قيل اسقلبياذس. وهذا هو أحد الملوك الأربعة الَّذِين صحبوا هرمس وأخذوا عنه الحكمة وَكَانَ هَذَا أكثرهم أخذاً لها وأشهرهم بذكرها وولاه هرمس ربع الأرض المعمورة يومئذ وهذا الربع هو الَّذِي ملكته اليونانيون بعد الطوفان وَكَانَ هرمس لما رفعه الله إِلَيْهِ وبلغ إسقلبيوس هَذَا من أمره حزن لذلك حزناً شديداً تأسفاً عَلَى مَا فات أهل الأرض من بركته وعلمه وصر صورته فِي هيكل

ص: 13

عبادته وَكَانَتْ الصورة عَلَى غاية مَا يمكن من إظهار أهبة الوقار عَلَيْهَا والعظمة فِي هيأتها ثُمَّ صوره مرتفعاً إِلَى السماء وَكَانَ إِذَا دخل الهيكل جلس بَيْنَ يدي الصورة معظماً لَهَا كحالته فِي حالة الوجود وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات وَقَدْ قيل أن هَذَا سبب عبادة الأصنام فإن صاب بن إدريس وقيل ابن ملك عظم الأصنام وجعلها آلهة لتعظيم إسثقلبيوس لهذه الصورة الَّتِي وجدت فِي هيكله ولما استولى اليونانيون بعد الطوفان عَلَى الأرض الَّتِي بِهَا إسقلبيوس ملكاً ورأوا الهيكل والصورة فِي حالة جلوسها عَلَى كرسيها وحالة ارتفاعها إِلَى السماء ظنوا أنها صورة اسقلبيوس وبعد عليهم حديث هرمس فعظموا إسقلبيوس وظنوه أول من تكلم فِي الحكمة عَلَى الإطلاق ونسبوا أنه أول من تكلم بِهَا فِي أرضهم لا غير حَتَّى قال جالينوس فِي ذكره أنه لَمْ يكن بحث المتقدمين من يونان عن إسقلبيوس بحثاً يسيراً ولقد أقسمت بِهِ يونان عَلَى متعلميهم مقترناً بالقسامة بالله تعظيماً لَهُ قال بقراط فِي عهوده أقسم عليكم معاشر الأولاد بخالق الموت والحياة وبأبي وأبيكم إسقلبيوس هكذا رأيته فِي تراجم كتاب العهود قال جالينوس فِي تفسيره لهذا الكتاب الَّذِي يتناهى إلينا من قصة إسقلبيوس قولان أحدهما لغز والآخر طبيعي أما اللغز فيذهب فِيهِ إِلَى أنه قوة الله تبارك واشتق وتعالى واشتق لهذا الاسم من فعلها وهو منع اليبس وذكر ابن جلجل أن إسقلبيوس هَذَا تلميذ لهرمس المصري وَكَانَ مسكنه أرض الشام وذكر جالينوس فِي كتابه الَّذِي ألفه فِي الحث عَلَى الطب أن الله أوحى إلي اسقلبياذس لأن اسميك ملكاً أقرب من أن أسميك إنساناً وكر بقراط فِي كتاب إيمانه وعهده أن هَذَا الاسم أعني إسقلبياذس فِي لسان اليونانيين مشتق من البهاء والنور والطب صناعة إسقلبيوس وأنه لا يجب تعاطيها إِلَاّ لمن كَانَ عَلَى سيرة إسقلبيوس من الطهارة العفاف والتقى وأنه لا بجل أن يعلم الشرار ولا ذوي الأنفس الخبيثة وإنما يجب أن يتعلمها الأشراف والمتألهون أعني العارفين بالله عز وجل وذكر بقراط فِي هَذَا الكتاب أنه ارتفع إِلَى الهواء فِي عمود من نور وذكر جالينوس فِي مقالته الأولى إِلَى اغلوقن الفيلسوف فقال لو كنت

ص: 14

أقدر أن أكون مثل إسقلبيوس وقال جالينوس أيضاً فِي صدر كتاب حيلة البرء مما يجب أن يحقق الطب عند العامة مَا يرونه من الطب الإلهي فِي هيكل إسقلبيوس عَلَى مَا حكاه هروسيس صاحب القصص أن بيتاً كَانَ فِي مدينة رومية كَانَتْ فِيهِ صورة تكلمهم ويسألونها وَكَانَ المستنبط لَهَا فِي القديم إسقلبيوس وزعم مجوس رومية أن تِلْكَ الصورة كَانَتْ منصوبة عَلَى حركات نجومية وأنه كَانَ فِيهَا روحانية كوكب من الكواكب السبعة وَكَانَ دين أهل رومية قبل النصرانية عبادة النجوم هكذا حكاه هروسيس.

ولإسقلبيوس أخبار شنيعة سائرة ذكرنا أقربها إِلَى العقل قال أفلاطون فِي كتابه المعروف بالنواميس أن إسقلبيوس كَانَ مشتغلاً فِي هيكل بالتقديس إذ تحاكم إِلَيْهِ رجل وامرأة فِي جنين كَانَ فِي بطن المرأة قال إسقلبيوس للمرأة أنه كَانَ زوجك فِي هيكل عبدة الشمس يدعو لَكِ بالبقاء والسلامة وأنت قَدْ واقعك غلام من بني فلان وستلدين بعد ثلاث خلفاً مشوهاً فولدت لَهُ فِي صدره يدان ثُمَّ عطف عَلَى الرجل فقال يَا هَذَا عقدت نكاح هَذِهِ المرأة عَلَى مَا لا ينبغي فحصدت منها أكثر مما زرعت. وحكي عنه أنه أيضاً أفلاطون فِي هَذَا الكتاب أن رجلاً خبأ لَهُ مالاً فقال يَا نور الألباب ضاع لي مال فأثره لي فنهض معه إِلَى منزله فأثاره لَهُ ثُمَّ قال للرجل حقبق لمن يسخر بأنعم الله أن يسلبه إياها وسيذهب لَكَ هَذَا المال ثو لا يعود وَكَانَ كذلك.

وذكر بقراط أن عصا إسقلبيوس كَانَتْ من شجرة الخطمى معتدلة فِي الحر والبرد وَكَانَ يراعى فِي أموره الاعتدال فلم ير أن يتخذ عصا إِلَاّ من شجرة معتدلة وإنما صور حولها حية لأنها من بين جميع الحيوانات أطولها عمراً فجعل ذَلِكَ مثالاً للعلم الَّذِي لا يدثر ولا يبيد وَلَهُ أخبار عند النصارى وَفِي كتبهم تجري مجرى الأسمار لا يلامسها العقل فأضربت عن ذكرها.

واعلم وفقك الله أن الكلام فِي أولية الطب ومن أحدثه وَفِي أي زمن وجد عسِر جداً وذلك أن الذين يقولون يقدم العالم يقولون أن الطب قديم

ص: 15

بقدم العالم لأن الطب ملازم للإنسان فِي حالة وجوده والإنسان قديم فالطب قديم. والفرقة الأخرى الَّتِي تعتقد حدوث الأجسام تقول الطب محدث لأن الأجسام الَّتِي يستعمل فِيهَا الطب محدثة وأصحاب الحدوث ينقسمون فِي القول فالقسم الواحد يقول أن الطب خلق مع الإنسان إذ كَانَ من الأشياء الَّتِي بِهَا صلاحه وبعضهم يقول أن الطب خلق بعد خلق الإنسان فأما سقلبيوس هَذَا فليس حديثه إِلَاّ عَلَى سبيل السمر هَذَا مع إجماع الأطباء عَلَى أنه أول من استخرج الطب واستنبطه وقالوا جاءه الطب عَلَى سبيل الوحي فأما حصر زمانه وزمان من جاء بعده فقد ذكروا من عدة السنين مما بينه وبين جالينوس مَا يزيد عَلَى خمسة آلاف سنة فهذا يدل عَلَى أنه كَانَ قبل الطوفان وكل مَا هو قبل الطوفان لا تعلم حقيقته لعدم المخبر بِهِ على الوجه ومن ادعى النسبة إِلَيْهِ مثل مَا قيل فِي بقراط أنه من نسله فهو كلام لا يصح لأن الإجماع من الجمهور واقع عَلَى أن نسل آدم انقطع إِلَاّ من نسل أولاد نوح الثلاثة وهم سام وحام ويالث فلا يصح اتصال ينسب إِلَى إسقلبيوس الأول والله أعلم .. وذكر يحيى النحوي أول من أظهر عَلَى مَا تناهى إلينا فِي الكتب المكتوبة والأحاديث المشهورة من العلماء بذلك الثقات هو إسقلبيوس الأول وهو الَّذِي استخرج الطب بالتجربة ومن إسقلبيوس إِلَى جالينوس خاتم الطباء من الأطباء ثمانية وهم إسقلبيوس الأول وغورس وميلس وبرماغيذس وأفلاطون الطبيب وإسقلبيوس الثاني وبقراط وجالينوس ومدة مَا بَيْنَ ظهور أولهم وإلى وفاة أخرهم خمسة آلاف وخمسمائة وستون سنة منها الفترات بَيْنَ كل واحد من هؤلاء الأطباء الثمانية منذ وقت وفاته بموجب مَا فضل يكون خمسة آلاف وإحدى عشر سنة وإلى ظهور الآخر أربعة آلاف وثمانمائة وتسع وثمانون سنة من ذَلِكَ منذ وقت وفاة إسقلبيوس الأول وإلى ظهور غورس ثمانمائة وست وخمسون سنة ومنذ وقت وفاة غورس وإلى ظهور ميلس خمسمائة وستون سنة ومنذ وقت وفاة ميلس وإلى ظهور برمانيذس

ص: 16

سبعمائة وخمس عشر سنة ومنذ وقت وفاة برمانيذس وإلى ظهور أفلاطون سبعمائة وخمس وثلاثون سنة ومنذ وقت وفاة أفلاطون وإلى ظهور إسقلبيوس الثاني ألف وأربعمائة وعشرون سنة ومنذ وقت وفاة إسقلبيوس الثاني وإلى ظهور بقراط ستون سنة ومنذ وقت وفاة بقراط وإلى ظهور جالينوس ستمائة وخمس وستون سنة ومنها مَا عاش كل واحد من هؤلاء الأطباء الثمانية منذ وقت مولده وإلى وقت وفاته ستمائة وثلاث عشرة سنة من ذَلِكَ إسقلبيوس الأول عاش تسعين سنة صبي وفتى وقبل أن تفتح لَهُ القوة الإلهية خمسين سنة عالم معلم ثلاثين سنة ميلس عاش أربعاً وثمانين سنة صبي ومتعلم أربعاً وستين سنة عالم معلم عشرين سنة برمانيذس عاش أربعين سنة صبي ومتعلم خمساً وعشرين سنة عالم معلم خمس عشرة سنة أفلاطون عاش ستين سنة صبي ومتعلم أربعين سنة عالم معلم عشرين سنة إسقلبيوس الثاني عاش مائة وعشر سنين صبي ومتعلم خمس عشرة سنة عالم متعلم تسعين سنة عطل خمس سنين بقراط عاش خمساً وتسعين سنة صبي ومتعلم ست عشرة سنة عالم معلم تسعاً وسبعين سنة جالينوس عاش سبعاً وثمانين سنة صبي ومتعلم ست عشرة سنة عالم معلم إحدى وسبعين سنة ولكل واحد من هؤلاء الأطباء الأصول من علموه هَذِهِ الصناعة وخلفوه بعدهم لثبات ذكرهم من الأولاد والتلاميذ من بين العصبة والكلالة إذ كَانَتْ بينهم العهود والمواثيق ألا يعلموا هَذِهِ الصناعة غريباً عَلَى رسم إسقلبيوس الأول وخلف إسقلبيوس من التلاميذ من بين ولد وقرابة ستة وهم ماغينوس

ص: 17

وسقراطون وأخروسيوس الطبيب ومهراريس المكذب عَلَيْهِ والمزور نفسه فِي الكتب أنه لحق سليمان بن داود وبينهما ألوف سنين وصور بذوس وميساوس وَكَانَ كل واحد من هؤلاء يتاحل رأي أستاذه إسقلبيوس وهو رأى التجربة إذ كَانَ الطب خرج لَهُ بالتجربة وقال جالينوس فِي صورة إسقلبيوس الَّتِي يجدونها فِي هياكلهم أنه صورة رجل ملتحي متزين بجمة ذات ذوائب قال وإذا تأملته وجدته قائماً مشمراً مجموع الثياب فيدل هَذَا الشكل عَلَى أنه ينبغي للأطباء أن يتفلسفوا فِي جميع الأوقات قال وثري الأعضاء منه الَّتِي يستحي من تكشفها مستورة

والأعضاء الَّتِي تحتاج إِلَى استعمال الصناعة بِهَا معراة مكشوفة قال ويصور آخذ بيده عصا معوجة ذات شعب من شجرة الخطمى فيدل بذلك عَلَى أنه يمكن فِي صناعة الطب ان يبلغ من استعملها من السن أن يحتاج إِلَى عصا يتكئ عَلَيْهَا وبالعصا أيضاً ينبه النيام وأما تصويرهم تِلْكَ العصا من شجرة الخطمى فلأنه يطرد بِهَا وينفي كل مرض وقال حنين ابن إسحاق نبات الخطمى لما كَانَ دواه يسخن إسخاناً معتدلاً تهيأ فِيهِ أن يكون علاجاً كثير المنافع إنما إذَا استعمل مفرداً وحده وإذا خلط بما هو أسخن منه أَوْ أبرد ولهذا تجد اسمه فِي اللسان اليوناني مشتقاً من اسم العلاجات وذلك بأنهم يدلون بهذا الاسم عَلَى أن الخطمى فِيهِ منافع كثيرة قال جالينوس أما اعوجاجها وكثرة شعبها فيدل عَلَى كثرة الأصناف والتفنن الموجود فِي صناعة الطب ولست تجدهم أيضاً تركوا هَذِهِ العصا بغير زينة ولا تهيئة لكنهم صوروا عَلَيْهَا صورة حيوان طويل الشعر يلتف عَلَيْهَا وهو التنين ويقرب هَذَا الحيوان من إسقلبيوس لأسباب كثيرة أحدها أنه حيوان حاد النظر كثير السهر لا ينام فِي وقت من الأوقات وَقَدْ ينبغي لمن قصد تعلم صناعة الطب أن لا يتشاغل عنها بالنوم ويكون فِي غاية الذكاء ليمكنه أن يتقدم فينذر بما هو حاضر وبما من شأنه أن يحدث وقالوا هَذَا الحيوان أعني التنين طويل العمر جداً حَتَّى أن حياته يقال أنها الدهر كله وَقَدْ يمكن فِي المستعملين لصناعة الطب أن تطول أعمارهم قال وإذا صور إسقلبيوس جعل عَلَى رأسه إكليل يتخذ من شجرة الغار لأن من شأن هَذِهِ الشجرة أن تذهب بالحزن ولهذا تجد هرمس إذَا سمى المهيب كليل بمثل هَذَا الإكليل ولذلك ينبغي للأطباء أن يصرفوا عنهم الحزان لأن إسقلبيوس كلل بإكليل يذهب بالحزن ولأن الشجرة هَذِهِ أيضاً فِيهَا قوة تشفي الأمراض من ذَلِكَ أنك تجدها إذَا ألقيت فِي موضع هربت من ذَلِكَ الموضع الهوام وذوات السموم. لأعضاء الَّتِي تحتاج إِلَى استعمال الصناعة بِهَا معراة مكشوفة قال ويصور آخذ بيده عصا معوجة ذات شعب من شجرة الخطمى فيدل بذلك عَلَى أنه يمكن فِي صناعة الطب ان يبلغ من استعملها من السن أن يحتاج إِلَى عصا يتكئ عَلَيْهَا وبالعصا أيضاً ينبه النيام وأما تصويرهم تِلْكَ العصا من شجرة الخطمى فلأنه يطرد بِهَا وينفي كل مرض وقال حنين ابن إسحاق نبات الخطمى لما كَانَ دواه يسخن إسخاناً معتدلاً تهيأ فِيهِ أن يكون علاجاً كثير المنافع إنما إذَا استعمل مفرداً وحده وإذا خلط بما هو أسخن منه أَوْ أبرد ولهذا تجد اسمه فِي اللسان اليوناني مشتقاً من اسم العلاجات وذلك بأنهم يدلون بهذا الاسم عَلَى أن الخطمى فِيهِ منافع كثيرة قال جالينوس أما اعوجاجها وكثرة شعبها فيدل عَلَى كثرة الأصناف والتفنن الموجود فِي صناعة الطب ولست تجدهم أيضاً تركوا هَذِهِ العصا بغير زينة ولا تهيئة لكنهم صوروا عَلَيْهَا صورة حيوان طويل الشعر يلتف عَلَيْهَا وهو التنين ويقرب هَذَا الحيوان من إسقلبيوس لأسباب كثيرة أحدها أنه حيوان حاد النظر كثير السهر لا ينام فِي وقت من الأوقات وَقَدْ ينبغي لمن قصد تعلم صناعة الطب أن لا يتشاغل عنها بالنوم ويكون فِي غاية الذكاء ليمكنه أن يتقدم فينذر بما هو حاضر وبما من شأنه أن يحدث وقالوا هَذَا الحيوان أعني التنين طويل العمر جداً حَتَّى أن حياته يقال أنها الدهر كله وَقَدْ يمكن فِي المستعملين لصناعة الطب أن تطول أعمارهم قال وإذا صور إسقلبيوس جعل عَلَى رأسه إكليل يتخذ من شجرة الغار لأن من شأن هَذِهِ الشجرة أن تذهب بالحزن ولهذا تجد هرمس إذَا سمى المهيب كليل بمثل هَذَا الإكليل ولذلك ينبغي للأطباء أن يصرفوا عنهم الحزان

ص: 18

لأن إسقلبيوس كلل بإكليل يذهب بالحزن ولأن الشجرة هَذِهِ أيضاً فِيهَا قوة تشفي الأمراض من ذَلِكَ أنك تجدها إذَا ألقيت فِي موضع هربت من ذَلِكَ الموضع الهوام وذوات السموم.

أبيذقليس حكيم كبير من حكماء يونان وهو أول الحكماء الخمسة المعروفين بأساطين الحكمة وأقدمهم زماناً والخمسة هم أبيذقليس هَذَا ثُمَّ فيثاغورس ثُمَّ سقراط ثُمَّ أفلاطون ثُمَّ ارسطوطاليس بن نيقوماخس الغبثاغوري الجهراسني فهؤلاء الخمسة هم المجمع عَلَى استحقاقهم اسم الحكمة عند اليونانيين ولغة اليونانيين ولغة اليونانيين تسمى الإغريقية وهي من أوسع اللغات وأجلها وكانت رامة اليونانيين صابئة يعظمون الكواكب ويدينون بعبادة الأصنام وعلماؤهم يسمون فلاسفة وأحدهم فيلسوف وهو اسم معناه باللغة العربية محب الحكمة وفلاسفة اليونانيين من أرفع الناس طبقة وأجل أهل العلم منزلة لما ظهر منهم من الاعتناء الصحيح بفنون الحكمة من العلوم الرياضية والمنطقية والمعارف الطبيعية والإلهية والسياسات المنزلية والمدنية .. فأما أبيذقليس هَذَا لكان فِي زمن داود النبي عليه السلام عَلَى مَا ذكره العلماء بتواريخ الأمم وقيل أنه أخذ الحكمة عن لقمان الحكيم بالشام ثُمَّ انصرف إِلَى بلاد اليونانيين فتكلم فِي خلقة العالم بأشياء تقدح ظواهرها فِي أمر المعاد فهجره بعضهم وله تصنيف فِي ذَلِكَ رأيته فِي كتب الشيخ أبي الفتح نصر ابن إبراهيم المقدسي الَّتِي وقفها عَلَى البيت المقدس الشريف وأرسطوطاليس عَلَيْهِ كلام وردود ومن الفرقة الباطنية من يقول برأيه وينتمي فِي ذَلِكَ إِلَى مذهبه ويزعمون أن لَهُ رموزاً قلما يوقف عَلَيْهَا وهي فِي غالب الظن إيهامات منهم فاتنا مَا رأينا شيئاً منها والكتاب الَّذِي رأيته لَيْسَ فِيهِ شيء مما زعموه.

ومن المشتهرين فِي الملة الإسلامية بالانتماء إِلَى مذهبه محمد بن عبد الله الجبلي الباطني من أهل قرطبة كَانَ كلاماً بفلاسفته ملازماً لدراستها وهو محمد بن عبد الله بن ميسرة بن تجبح القرطبي أبو عبد الله سمع من أبيه ومن ابن وضاح والخشني وخرج إِلَى المشرق فارّاً لما اتهم بالزندقة لإكثاره من النظر فِي فلسفة أبيذقليس ولهجه بِهَا وتردد فِي المشرق مدة واشتغل بملاحاة أهل

ص: 19

الجدل وأصحاب الكلام والمعتزلة ثُمَّ عاد إِلَى الأندلس وأظهر النسك والورع واغتر الناس بظاهره واختلفوا إِلَيْهِ وسمعوا منه ثُمَّ ظهروا عَلَى معتقده وقبح مذهبه فانقبض عنه بعض ولازمه ودانوا بنحلته وَكَانَ لَهُ لسان خلوب يتوصل بِهِ إِلَى مراده وَكَانَ مولده ليلة الثلاثاء لسبع مضين من شعبان سنة تسع وستين ومائتين وتوفي يوم الأربعاء لأربع خلون من شوال سنة تسع عشرة وستمائة وهو ابن خمسين سنة وثلاثة أشهر والمشتهر من أمر أبيذقليس أنه أول من ذهب إِلَى الجمع بَيْنَ معاني صفات الله تعالى وأنها كلها تؤدي إِلَى شيء واحد وأنه إن وصف بالعلم والجود والقدرة فليس هو ذا معان متميزة تختص بهذه الأسماء المختلفة بل هو الواحد بالحقيقة الَّذِي لا يتكثر بوجه مَا أصلاً بخلاف سائر الموجودات فإن الوحدانيات العالمية معرضة للتكثر إما بأجزائها وإما بمعانيها وإما بنظائرها وذات الباري سبحانه وتعالى متعالية عن هَذَا كله إِلَى هَذَا المذهب فِي الصفات ذهب أبو الهذيل محمد بن الهذيل العلاّف البصري أفلاطون بن أرسطون أحد أساطين الحكمة الخمسة من يونان كبير القدر فيهم مقبول القول بليغ فِي مقاصده أخذ عن فيثاغورس اليوناني وشارك سقراط فِي الأخذ عنه وَلَمْ يشتهر ذكره بَيْنَ علماء يونان إِلَاّ بعد موت سقراط وَكَانَ أفلاطون شريف النسب فِي بيوت يونان من بيت علم واحتوى عَلَى جميع فنون الطبيعة وصنف كتباً كثيرة مشهورة فِي فنون الحكمة وذهب فِيهَا إِلَى الرمز والإغلاق واشتهر جماعة من تلاميذه المتخرجين عَلَيْهِ وسادوا بانتسابهم إِلَيْهِ وَكَانَ يعلم الطالبين الفلسفة وهو ماش وسمى الناس فرقته المشائين وفوض فِي آخر عمره المفاوضة والتعليم والتدريس إِلَى أرشد أصحابه وانقطع إِلَى العبادة والاعتزال وعاش ثمانين سنة وَكَانَ أفلاطون فِي قديم يميل إِلَى الشعر وأخذ منه بخط متوفر ثُمَّ حضر مجلس سقراط فرآه يذم الشعر وأهله ويقول هي خيالات تشعر بالخلائق لا

ص: 20

عَلَى الحقيقة وطلب الحقائق أولي فتركه عند ذَلِكَ أفلاطون ثُمَّ انتقل إِلَى قول فيثاغورس فِي الأشياء المعقولة ويقال أنه عاش إحدى وثمانين سنة وعنه أخذ أرسطوطاليس وخلفه بعد موته وقال إسحاق أنه أخذ عن سقراط وتوفي أفلاطون فِي السنة الَّتِي ولد فِيهَا الإسكندر وعي السنة الثالثة عشر من ملك الأوخس وكان ملك مقدونية فِي ذَلِكَ الوقت فلبس وهو أبو الإسكندر.

وَقَدْ ذكر ثاؤن مَا صنفه أفلاطون من الكتب ورتبه وهو كتاب السياسة فسره حنين بن إسحاق فِي كتاب النواميس ثقله حنين ويحيى بن عدي وَكَانَ يسمي كتباً بأسماء الرجال الطالبين لَهَا وهي فِي فنون متعددة منها. كتاب الجنس فِي الفلسفة. كتاب لاخس فِي الشجاعة. كتاب أرسطوطاليس فِي الفلسفة. كتاب خرميذس فِي العفة. كتابان سماهما الفيناذس فِي الجميل. كتاب أوثوذيمس فِي الحكمة. كتابان سماهما اقتاه. كتاب غورجياس. كتاب أوتوفرن. كتاب أسين. كتاب فاذن. كتاب قريطن. كتاب ثالطلطس. كتاب قيلوطوقن. كتاب قراطولس. كتاب سوفسطس. كتاب طيماؤس أصلحه يحيى بن عدي. كتاب فرمانيذس. كتاب فدرس. كتاب ماثن. كتاب مينس. كتاب أبرخيس. كتاب مانكسانس. كتاب أطليطغرس. كتاب طيماؤس ثلاث مقالات. كتاب المناسبات. كتاب التوحيد. كتاب فِي العقل والنفس والجوهر والعرض. كتاب الحس واللذة. كتاب مسطسطس. كتاب تأديب الأحداث كتاب أصول الهندسة وله رسائل موجودة. وقال ثاؤن أفلاطون يرتب كتبه فِي القراءة وهو أن يجعل كل مرتبة أربعة كتب يسمي ذَلِكَ رابوعاً وعُرفَ أفلاطون وشُهر فِي زمن أرطخشاشت من ملوك الفرس وهو المعروف بالطويل اليد وهو يشتاسف الملك الَّذِي خرج إِلَيْهِ زرداشت واله أعلم. وقال ثاؤن أن أفلاطون بن أرسطون بن أرسطوقليس من أهل أثنيس وكانت أمه فاريقطيوني ابنة غلوقون وكان من كلا الوالدين شريف الآباء وأمه هَذِهِ المذكورة من نسل سولن الَّذِي وضع نواميس لأهل أثينس ورد عليهم مدينة سلمينا الَّتِي انتزعها منهم أهل ماغارا وَكَانَ لسولون أخ يقال لَهُ ذرونيذس يذكره أفلاطون كثيراً فِي شعره وَكَانَ لذرونيذس ابن يقال لَهُ أقريطس وَقَدْ ذكره أفلاطون فِي كتاب طيماؤس وابن أقريطس فلسخروس وابن المسخوري

ص: 21

غلوقن وابن غلوقن خرميذس وأخت خرميذس فاريقطيوني وتسمى أيضاً يقطعوني وأفلاطون ابنها فأفلاطون سادس من سولن وأما جنس أبيه أرسطون فإنه ينتهي فِي النسب إِلَى قودرس بن مالنتوس المنتسب إِلَى فيسذون وكان مالنتوس جده شجاعاً مقداماً ذا رأي وخديعة ولما حارب أهل بواطيا أهل اثينس لفساد جرى بينهم ودامت الحرب فيما بينهم وقتل المقاتلة فيما بَيْنَ الفريقين ملّ كل وتحد منهم مَا هو فِيهِ وَكَانَ المستولي يومئذ عَلَى ملك بواطيا اقسانتس وَعَلَى اثينتس أوموطي فطلب اقسانتس مبارزة أوموطي فذل وَلَمْ يبارزه وجبن عن ذَلِكَ فخرج مالنتوس حدثنا أفلاطون من اثينس وقال أنا أبلوزه عَلَى شرط أن غلبته ملّكت فرضي أوطوي بذلك اقسالتس ملك بواطيا وبارزه مالنتوس بعد أفلاطون فلما تقاربا قال لَهُ مالنتوس انطلق ثُمَّ عد إليّ فلها حوّل اقسانتس وجهه ضربه مالنتوس من خلفه خدعة فقتله ومن ذَلِكَ الوقت عمل ذَلِكَ اليوم عيداً عند أهل اثينتس وسمى عيد الخدعة وَكَانَ يسمى فِي ذَلِكَ الوقت باليونانية أبا طينوريا والآن يسمى أباطوريا وَكَانَ هَذَا الأمر سبب هَذَا العيد وابنه قودرس سلم نفسه إِلَى العدو ليخلص أهل مدينته ورضي بأن يلبس لباساً رثاً وأم يموت دونهم.

ويونان يبالغون فِي أفلاطون ويعظمونه ويقولون كَانَ مولده إلهياً وَكَانَ طالعه طالعاً جليلاً ويحكون فِي ذَلِكَ حكايات هي بالأسمار أشبه فأضربت عن ذكرها وقالوا أنه لما عزم عَلَى ترك الشعر الَّذِي كَانَ يعانيه ويبالغ فِي تعلمه عندما سمع عن سقراط مَا سمعه فِي أمره عزم عَلَى المضي إِلَى سقراط والأخذ عنه فلسفة فيثاغورس وذد كَانَ شاركه فِيهَا عَلَى فيثاغورس إِلَاّ أنه لَمْ يبالغ فِيهَا لاشتغاله بالشعر وأن سقراط رأى فِي المنام كَأَنَّ رخ كركي قاعد عَلَى حجره وأنه زغب وطلع ريشه للوقب فطار نحو السماء وهو يصوت بصوت إلهي مطرب جميع الناس فلما جاءه أفلاطون للتعلم تأوله ذَلِكَ الطائر وأن صوته وكلامه سيشغل الناس بهما عن غيرهما وَقَدْ قيل أنه فِي أول أمره اشتغل بالشعر إِلَى أن بلغ فِيهِ الغاية وصنف وسمع كلام فيثاغورس وهو ابن دون العشرين سنة ووضع كتباً فِي الألحان ثُمَّ بعد ذَلِكَ أراد الفلسفة فمشى إِلَى أصحاب أراقليطوس وَكَانَتْ لهم طريقة فِي الفلسفة وهي اليوم مجهولة فسمع منهم وتحقق أن طريقتهم فِي الحكمة يتعين

ص: 22

عَلَيْهَا الرد وأراد أن يجاهد نفسه فِي طلب الفلسفة الحقيقية فقصد سقراط لأن فيثاغورس كَانَ قَدْ مات وتصدر بعده سقراط فصادف سقراط وهو يخطب الجماعة المجتمعة إِلَيْهِ وَكَانَ قَدْ جمعهم إِلَيْهِ ذبونوسيوس فلما سمع كلامه حرص كل الحرص عَلَى طلب الحكمة الفيثاغورية وترك مَا كَانَ عَلَيْهِ وأحرف كتب الشعر والأحاديث وأنشأ يقول:

يَا أَيُّها أدنى من أفلاطون

فإن بِهِ الآن إِلَيْكَ حاجة مَا

وهذه طريقة الشعر اليوناني وَكَانَ عمره إذ ذَاكَ عشرين سنة وسمع من سقراط بعد ذَلِكَ ولازمه مدة خمسين سنة حَتَّى بلغ فِي الأمور العقلية إِلَى منزلة فيثاغورس وَفِي سياسة المدينة الفاضلة إِلَى مرتبة سقراط وشهد لَهُ بذلك أهل العلم فِي زمانه وَكَانَ لرغبته فِي العلم شديد الطلب لَهُ كثير الحث والبحث فِي تحصيله منفقاً فِي تحصيل الكتب بما يمكنه حَتَّى أنه أمر ديون أن يبتاع لَهُ من فيلولاؤس ثلاثة كتب مخزونة عنده من كتب فيثاغورس فابتاعها لَهُ بمائة دينار ولشدة طلبه فِي العلم وحرصه عَلَى جميع الكتب سافر إِلَى صقلية ثلاث دفعات ليحصل عَلَى أسرار حكمة الأمور الإلهية فأول دفعة سافر فِيهَا إِلَيْهَا كَانَ لعزمه أن يري النار الَّتِي تخرج هناك من الأرض دائماً تخف فِي الصيف وتزيد فِي الشتاء وَكَانَ المستولى عَلَى صقلية فِي ذَلِكَ الوقت رجل يوناني قَدْ تغلب عَلَيْهَا اسمه دبونوسيوس وَكَانَ جباراً قَدْ ملك البلاد باليد لا بالإعالة ولما سمع بقدوم أفلاطون أمر بإحضاره فلما حضر إِلَيْهِ صادف عنده سقراط وَقَدْ جمع لَهُ علماء الجزيرة وهو يخطبهم عَلَى مَا تقدم ذكره وشرحه ولما حضر أفلاطون المجلس طلب منه جبار صقلية هَذَا المذكور أن يتكلم بشيء من خطبه وشعره فخطب خطباً كثيرة بحضرته وَكَانَ فصيحاً عذب الألفاظ محكماً لما يورده من طريقته الَّتِي هو عَلَيْهَا وقال فِي بعض خطبه أن أجود السير وأفضلها الَّتِي تكون عَلَى الناموس والسنن وطن الجبار ذيونوسيوس أنه قصده بهذا القول لأجل تغلبه بغير استحقاق لما وليه فأسرها فِي نفسه وَلَمْ يبدها وَكَانَ هَذَا الجبار يعاني الشعر وشيئاً من الحكمة الغير محققة وَلَهُ تلاميذ فِي ذَلِكَ وأصحاب وإذا سمع بعالم تحيل فِي إحضاره ومناظرته وإقامة الحجة عَلَى صحة قصده الَّذِي هو عَلَيْهِ

ص: 23

واتفق أن قال لأفلاطون هلا ترى فِي أصحابي سعيداً وظن أن أفلاطون سيقول بحضور الجمع أنك سعيد فيحصل لَهُ بهذا القول مرتبة توجب لَهُ الاستحقاق لما تغلب عَلَيْهِ فقال لَهُ أفلاطون غير محاش لَهُ لَيْسَ فِي أصحابك سعيد فسأله بعد ذَلِكَ وقال فهل ترى أنه كَانَ من القدماء سعيد فقال كَانَ فيهم سعداء غير مشهوريين وأشقياء اشتهروا وعناه بذلك فأسرها الجبار وَلَمْ يبدها لَهُ ثُمَّ قال لَهُ الجبار فأراك علي هَذَا القول لا ترى أن أرقليس من أهل السعادة أيضاً وأرقليس هَذَا كَانَ شاعراً من شعراء يونان وَكَانَ قَدْ عمل أشعاراً وذكر فِيهَا هَذَا الجبار ووصفه ولحّن تِلْكَ الأشعار وجعلها فِي هياكل جزيرة صقلية يذكر بِهَا فِي كل وقت وَكَانَ هَذَا الجبار يعظم الشعر والشعراء لأجل ذَلِكَ يثبت لمدحه أصلاً فقال لَهُ أفلاطون مجيباً عن سؤاله أن كنا ترى أن أرقليس كَانَ كالذي ينبغي أن يكون من كَانَ من نسل أذيا يعني المشترى فباضطرار ينبغي أن تظن بِهِ أنه سعيد وأما إِن كَانَ كما وصفتموه أنتم معاشر الشعراء وَكَانَتْ سيرته عَلَى مَا تذكرون فإنه عندي من الأشقياء وذوي رداءة البخت فلما سمع ذبونوسيوس الجبار منه هَذَا القول لَمْ يحتمل جرأته وأمر بِهِ فدفع إِلَى بوليذس الَّذِي كَانَ من أهل الاقاذامونيا وَكَانَ قَدْ وفد عَلَى هَذَا الجبار ليهادنه عَلَى بلاده وأمره الجبار بقتل أفلاطون فأخذه بوليذ وذهب بِهِ إِلَى أثينا مدينته وأبقى عَلَيْهِ وَلَمْ يقتله وباعه من رجل من أهل النهروان اسمه أناقرس وَكَانَ هَذَا الرجل يحب أفلاطون وينشبه بأخلاقه وإن لَمْ يره قبل ذَلِكَ وإنما كَانَ يسمع مَا يُنقل إِلَيْهِ من أخباره وَكَانَ الثمن الَّذِي ابتاعه بِهِ ثلاثين مناقضة وَكَانَ لذيونوسيوس الجبار نسيب اسمه ذيون قَدْ حضر مجالس أفلاطون بصقلية وسمع كلامه ومال إِلَيْهِ كل ميل ولما سمع مَا جرى عَلَى أفلاطون عزّ عَلَيْهِ وَلَمْ يمكنه مجاهرة الجبار فسيَّر فِي السر ثمن أفلاطون وهو ثلاثون مناً إِلَى النهرواني مبتاعه وسأل بيعه منه فلم يفعل النهرواني ذَلِكَ وقال هَذَا حكيم مطلق لنفسه وإنما وزنت المال لأنقذه من أسره وسيصير إِلَى بلاده فِي سلامة وخير فلما سمع ذيون نسيب الجبار هَذَا القول استرجع الثمن وسيره إِلَى أقاذاميا واشترى بِهِ بساتين هناك ووهبها لأفلاطون فمنها كَانَتْ معيشته مدة حياته ولما تحقق ذيونزسيوس خلاص أفلاطون وسلامته ندم

عَلَى فعله وتحيل

ص: 24

فِي استصلاحه وكتب إِلَيْهِ يستميله وتعذر إِلَيْهِ من فعله ويسأله أن لا يذكره بشر فِي خطبه وأشعاره فأجابه أفلاطون بأن قال لَيْسَ عندي هَذَا الفراغ ولا يمكنني أن أتفرغ لَهُ ولا أجد زماناً خالياً أذكر فِيهِ ذيونوسيوس وسار أفلاطون إِلَى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتاباً فِي النواميس كَانَ وعده بِهِ وَلَمْ يعطه إياه وَكَانَ أفلاطون قَدْ عزم عَلَى تصنيف كتاب فِي السير وهذا الكتاب من مواده فلما وصل إِلَى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر ذد فسدت عَلَيْهِ البلاد والرجال وهو فِي شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد ثُمَّ سار إِلَى صقلية دفعة ثالثة وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عَلَيْهِ وتغلب عَلَى أكثر البلاد وَكَانَ ام يستولي وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحاً بَيْنَ الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون لعلمه بمحبة ذيون لَهُ وقبوله من قوله وَكَانَ أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عَلَيْهَا من المتكلمين لازم لَهُ من طريق الحكمة والسياسة المدنية ويريد بذلك إيصال الراحة إِلَى الرعية فلما وصل إِلَى صقلية أصلح بَيْنَ الرجلين ونزل كل واحد منهما منزلته ووعظهما فاتعظا وعاد إِلَى بلاده وَقَدْ كَانَ أهل بلاده اثينس عَلَى سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون فقيل لَهُ لِم لَمْ تغيرها فقال هَذِهِ سياسة قديمة قَدْ مرَّت عَلَيْهَا الدهور ونقلهم عنها فِيهِ عناء شديد وربما أدى إِلَى قيل وقال أحتاج أن أستعين فِيهِ عَلَى قومي بغيرهم فيكون ذَلِكَ سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل ثُمَّ حبسهم فثاروا فسكنهم وثبتهم وتركهم عَلَى مَا هم عَلَيْهِ وانبسط عذره عند من قال لَهُ مَا قال ولازم مدرسته وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين إحداهما يقال لَهَا الستانيا من بلاد ارقاديا والأخرى اقسوئيا بلاد فليوس وَكَانَتْ نفسه فِي التعليم مباركة تخرج عَلَيْهِ جماعة علماء اشتهروا من بعده فمنهم اسبوسبتوس من أهل أثينس وهو ابن أخت أفلاطون واقسنوطراطيس من أهل خلقيدونا وأرسطوطاليس من أهل اسطاغيرا وبرقلوس من أهل نيطس واسطياؤس من بارنتوس وارخوطس من أهل طارلطيني وذيون من سوراقوسا وامقلاس من أهل اسطنادس وأرسطوس وقورسقس من أهل اسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس وأواؤن من لمساقون ومناديموس من أهل أراثرس وأراقليدس من إيوس وتيانالس وقالبّوس من أينس وديمطريوس من انفيبوليس وغير هؤلاء كثير وَكَانَ أفلاطون إِذَا حضره أصحابه للتعلم قام عَلَى رجليه وألقى عليهم الدروس من العلم وهو يمشي حول البساتين الَّتِي وقفها عَلَيْهِ ذيون فيأخذون عنه مَا يلقيه عليهم وهم عَلَى تِلْكَ الحالة فسموا المشائين بذلك. فعله وتحيل فِي استصلاحه وكتب إِلَيْهِ يستميله وتعذر إِلَيْهِ من فعله ويسأله أن لا يذكره بشر فِي خطبه وأشعاره فأجابه أفلاطون بأن قال لَيْسَ عندي هَذَا الفراغ ولا يمكنني أن أتفرغ لَهُ ولا أجد زماناً خالياً أذكر فِيهِ ذيونوسيوس وسار أفلاطون إِلَى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتاباً فِي النواميس كَانَ وعده بِهِ وَلَمْ يعطه إياه وَكَانَ أفلاطون قَدْ عزم عَلَى تصنيف كتاب فِي السير وهذا الكتاب من مواده فلما وصل إِلَى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر ذد فسدت عَلَيْهِ البلاد والرجال وهو فِي شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد ثُمَّ سار إِلَى صقلية دفعة ثالثة وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عَلَيْهِ وتغلب عَلَى أكثر البلاد وَكَانَ ام يستولي وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحاً بَيْنَ الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون لعلمه بمحبة ذيون لَهُ وقبوله من قوله وَكَانَ أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عَلَيْهَا من المتكلمين لازم لَهُ من طريق الحكمة والسياسة المدنية ويريد بذلك إيصال الراحة إِلَى الرعية فلما وصل إِلَى صقلية أصلح بَيْنَ الرجلين ونزل كل واحد منهما منزلته ووعظهما فاتعظا وعاد إِلَى بلاده وَقَدْ كَانَ أهل بلاده اثينس عَلَى سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون فقيل لَهُ لِم لَمْ تغيرها فقال هَذِهِ سياسة قديمة قَدْ مرَّت عَلَيْهَا الدهور ونقلهم عنها فِيهِ عناء شديد وربما أدى إِلَى قيل وقال أحتاج أن أستعين فِيهِ عَلَى قومي بغيرهم فيكون ذَلِكَ سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل ثُمَّ حبسهم فثاروا فسكنهم وثبتهم وتركهم عَلَى مَا هم عَلَيْهِ وانبسط عذره عند من قال لَهُ مَا قال ولازم مدرسته وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين إحداهما يقال لَهَا الستانيا من بلاد ارقاديا والأخرى اقسوئيا بلاد فليوس وَكَانَتْ نفسه فِي التعليم مباركة تخرج عَلَيْهِ جماعة علماء اشتهروا من بعده فمنهم اسبوسبتوس من أهل أثينس وهو ابن أخت أفلاطون واقسنوطراطيس من أهل خلقيدونا وأرسطوطاليس من أهل اسطاغيرا وبرقلوس من أهل نيطس واسطياؤس من بارنتوس وارخوطس من أهل طارلطيني وذيون من سوراقوسا وامقلاس من أهل اسطنادس وأرسطوس وقورسقس من أهل اسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس وأواؤن من لمساقون ومناديموس من أهل أراثرس وأراقليدس من إيوس وتيانالس

ص: 25

وقالبّوس من أينس وديمطريوس من انفيبوليس وغير هؤلاء كثير وَكَانَ أفلاطون إِذَا حضره أصحابه للتعلم قام عَلَى رجليه وألقى عليهم الدروس من العلم وهو يمشي حول البساتين الَّتِي وقفها عَلَيْهِ ذيون فيأخذون عنه مَا يلقيه عليهم وهم عَلَى تِلْكَ الحالة فسموا المشائين بذلك.

ولما استكمل إحدى وثمانين سنة من عمر مات وذفن بالبساتين فِي اقاذاميا وتبع جنازته كل من كَانَ بأثينس والذي خلفه من التركة البساتين المذكورة وخلف مملوكين وقدحاً وجاماً وقرطاً من ذهب كَانَ يلبسه وهو غلام وهو لباس أشراف يونان فِي ذَلِكَ الزمان وأما مَا صار إِلَيْهِ من ذيونوسيوس جبار صقلية ومن غيره من الأصدقاء فإنه أنفقه فِي تزويج بنات أخته وَفِي الإحسان إِلَى الأصدقاء لأنه كَانَ من أهل الرياضة والإينار يعلم غيره الساسة فكيف لا يستعملها ولما قبر كتب عَلَى قبره بالرومي مَا تفسيره بالعربي ههنا موضع رجل وهو ارستوقليس الإلهي وَقَدْ تقدم الناس وعلاهم بالعفة وأخلاق العدل فمن كَانَ يمدح الحكمة أكثر من سائر جميع الأشياء فإنه يمدح هَذَا جداً لأن فِيهِ أكثر الحكمة وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حد هَذَا من الجهة الواحدة عَلَى القبر ومن الجهة الأخرى أما الأرض فإنها تغطى جسد أفلاطون هَذَا وَمَا نفسه فإنها فِي مرتبة من لَمْ يموت. وذكر حنين بن إسحاق الترجمان وأبو نصر محمد بن محمد الفارابي المنطقي وغيرهما من العلماء بالفلسفة أن فلاسفة اليونانيين سبعت فرق سميت بأسماء اتقت لَهَا من سبعة أشياء أحدها من اسم الرجل المعلم الفلسفة والثاني من اسم البلد الَّذِي كَانَ فِيهِ مبدأ ذَلِكَ العلم والثالث من اسم الموضع الَّذِي كَانَ يعلم فِيهِ والرابع من التدبير الَّذِي كَانَ يتدبر بِهِ والخامس من الآراء الَّتِي كَانَ يراها فِي علم الفلسفة والسادس من الآراء الَّتِي كلن يراها فِي الغرض الَّذِي كَانَ يقصد إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة والسابع من الأفعال الَّتِي كَانَتْ تظهر عَلَيْهِ فِي تعليم الفلسفة أما الفرقة المسماة من اسم الرجل المعلم الفلسفة فشيعة فيثاغورس وأما الفرقة المسماة من اسم البلد الَّذِي كَانَ فِيهِ الفيلسوف فشيعة ارسطيِّس من أهل قورينا وأما الفرقة المسماة من اسم الموضع الَّذِي كَانَ يعلم فِيهِ الفلسفة فشيعة كرسبس وهم أصحاب المظلة سموا بذلك لأن تعلمهم كَانَ فِي رواق

ص: 26

هيكل مدينة أثينة وأما الفرقة المسماة من تدبير أصحابها وأخلاقهم فشيعة ذيوجالس ويعرفون بالكلابية وسموا بذلك لأنهم كانوا يرون إطراح الفرائض المفترضة فِي المدن عَلَى الناس ومحبة أقاربهم وبُغض غيرهم من ستائر الناس وإنما يوجد هَذَا الخلق فِي الكلاب وأما الفرقة المسماة من الآراء الَّتِي كَانَ يراها أصحابها فِي الفلسفة فشيعة وأما الفرقة المسماة من الآراء الَّتِي كَانَ يراها أصحابها فِي الغرض الَّذِي كَانَ يقصد إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة فشيعة افيفورس ويسمون أصحاب اللذة لأنهم كانوا يرون الغرض المقصود إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة اللذة التابعة لمعرفتها وأما الفرقة المسماة من الأفعال الَّتِي كَانَتْ تظهر عَلَيْهَا فشيعة أفلاطون وشيعة أرسطوطاليس ويعرفون بالمشائين لأنهم كانوا يعلمون الناس وهم يمشون كيما يرتاض البدن مع رياضة النفس فهذه فرق الفلاسفة اليونانيين وأجلهم فرقتان فرقة فيثاغورس وفرقة أفلاطون وأرسطوطاليس وهما ركنا الفلسفة وعموداها وَكَانَ حكماء يونان ينتحلون الفلسفة الأولى الطبيعية الَّتِي كَانَ يذهب إِلَيْهَا فيثاغورس وثاليس الملطيّ وعوام الصائبة من اليونانيين والمصريين ثُمَّ مال متأخروهم إِلَى الفلسفة المدنية كسقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس وأشياعهم وَقَدْ ذكر ذَلِكَ أرسطوطاليس فِي كتابه فِي الحيوان فقال لما كَانَ منذ مائة سنة وذلك منذ زمن سقراط مال الناس عن الفلسفة الطبيعية إِلَى الفلسفة المدنية وانتهى إِلَى أفلاطون رئاسة علوم اليونانيين.

وبتان أمه عظيمة القدر فِي الأمم ظاهرة الذكر فِي الآفاق فخمة الملوك عند جميع الأقاليم منهم الإسكندر بن فيلبس الماقدوني المعروف بذي القرنين الَّذِي غزا دارا بن دارا ملك الفرس فِي عقر داره فاستلبه ملكه بعد إهلاكه وتخطاه إِلَى المشرق من الهند والصين فجرى لَهُ من الاستيلاء عَلَى تِلْكَ الجهات مَا شهدت بِهِ التواريخ.

ثُمَّ ملك بعد الإسكندر البطالمة وربما قيل البطالسة ودان لهم الملك وذلت لهم الرقاب واستمروا واحداً بعد واحد إِلَى أن ملكتهم الروم فتنقرض ملكهم من الأرض وانتظمت مملكتهم مع مملكة الروم فصارت مملكة واحدة مثل مملكة الفرس والبابليين وَكَانَتْ بلاد يونان فِي الربع الغربي الشمالي من الأرض فحدها من جهة الجنوب البحر الرومي والثغور الشامية والثغور الجزرية ومن جهة الشمال بلاد

ص: 27

اللان وَمَا حاذاها من ممالك الشمال ومن جهة المغرب تخوك بلاد اليمانية الَّتِي قاعدتها مدينة رومية من جهة المشرق تخوم بلاد أرمينية وباب الأبواب والخليج المعترض مَا بَيْنَ بحر الروم وبحر نيطس الشمال يتوسط بلاد اليونانيين ولغة اليونانيين تسنى الإغريقية وهي من أوسع اللغات وأجلها وَكَانَتْ عامة اليونانيين صابئة معظمة للكواكب دائنة بعبادة الأصنام وعلماءهم يسمون الفلاسفة وأحدهم فيلسوف وهو اسم معناه باللغة اليونانية محب الحكمة واليونانيين أحد الأمم الثمان الذين عوا بالعلم واستنباطه وهم الهند والفرس والكلدانيون واليونانيون والروم وأهل مصر والعرب والعبرانيون وهذه الأمم المذكورة هم الَّذِي اعتنوا بالعلوم واستخراجها وباقي الأمم لَمْ تعن بشيء من ذَلِكَ ولا ظهر لَهَا شيء منه حالها كحال البهائم تأكل وتشرب وتنكح لا غير.

وَكَانَ دعاء أفلاطون يلووحاتيني بالروح الأعلى تضرعي إِلَى العلة الَّتِي أنت معلولة من جهتها لتتضرع عني إِلَى العقل الفعال فِي صحة مزاجي مَا دمت فِي عالم التركيب.

أرسطوطاليس بن نيقوماخس الفيثاغوري الجهراشني وتفسير أرسطوطاليس تام الفضيلة وَكَانَ أرسطوطاليس تلميذ أفلاطون المتصدر بعده بعهده فِي الموضعين اللذين تقدم بهما أصحابه ولازم أفلاطون ليتعلم منه مدة عشرين سنة وَكَانَ أفلاطون يؤثره عَلَى سائر تلاميذه ويسميه العقل وإلى أرسطوطاليس انتهت فلسفة اليونانيين وهو خاتمة حكماءهم وسيد علماءهم وهو أول من خلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية وصورها بالأشكال الثلاثة وجعلها آلة للعلوم النظرية حَتَّى لقب بصناعة المنطق وَلَهُ فِي جميع العلوم الفلسفية كتب شريفة كلية وجزئية فالجزئية رسائله الَّتِي يُتعلم منها معنى واحد فقط والكلية بعضها تذاكير يتذكر بقراءتها مَا قَدْ علم من علمه وهي السبعون كتاباً الَّتِي وضعها لأوفارس وبعضها تعاليم يتعلم منها ثلاثة أشياء أحدها علوم

ص: 28

الفلسفة والثاني أعمال الفلسفة والثالث الآلة المستعملة فِي علم الفلسفة وغيره من العلوم فالكتب الَّتِي فِي علوم الفلسفة بعضها فِي العلوم التعليمية وبعضها فِي العلوم الطبيعية وبعضها فِي العلوم الإلهية وأما الكتب الَّتِي فِي العلوم التعليمية لكتابه فِي المناظر وكتابه فِي الخطوط وكتابه فِي الحيل وأما الكتب الَّتِي فِي العلوم الطبيعية فمنها مَا يُتعلم منه الأمور الَّتِي تخص كل واحد من الطبائع ومنها مَا يُتعلم منه الأمور الَّتِي تعم جميع الطبائع فالتي يُتعلم منها الأمور الَّتِي تعم جميع الطبائع هي كتابه المسمى بسمع الكيان فهذا الكتاب يعرّف بعدد المبادئ لجميع الأشياء والني هي كالمبادئ وبالأشياء التوالي للمبادئ المشاكلة للتوالي وأما المبادئ فالعنصر والصورة وأما الَّتِي هي كالمبادئ فليست مبادئ بالحقيقة بل بالتقريب كالعدم وأما التوالي فالزمان والمكان وأما المشاكلة للتوالي فالخلاء وَمَا لا نهاية لَهُ وَعَلَى هَذَا الترتيب تترتب كتبه كلها لمن ينعم النظر فِيهَا ولما لَمْ يكن التاريخ محل ذكر ذَلِكَ أضربت عن ذكر ترتيبها إذ هو شرط تأليف آخر يمنع من سطرها جهل المعاصرين وبلادة الشركاء فِي الطلب والله المستعان.

وَكَانَ أرسطوطاليس معلم الإسكندر بن فيلبس ملك مقدونية وبآدابه عمل فِي سياسة رعيته وسيرة ملكه وانقمع بِهِ الشرك فِي بلاد اليونانيين وظهر الخير وقاض العدل ولأرسطوطاليس إِلَيْهِ رسائل كثيرة معروفة مدونة وبسبب أرسطوطاليس كثرت الفلسفة وغيرها من العلوم القديمة فِي البلاد الإسلامية.

شرح السبب فِي ذَلِكَ. حكى محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه أن المأمون رأى فِي منامه كَأَنَّ رجلاً أبيض مشرباً بحمرة واسع الجبين مقرون الحاجبين أجلح الرأس أشهل العينين حسن الشمائل جالس عَلَى سريره قال المأمون وكأني بَيْنَ يديه وَقَدْ ملئت لَهُ هيبة فقلت لَهُ من أنت فقال أنا أرسطوطاليس فسررت بِهِ وقلت أَيُّها الحكيم أسألك قال سل قلن مَا الحسن قال مَا حسن فِي العقل قلت ثُمَّ مَاذَا قال مَا حسن فِي الشرع فقلت ثُمَّ مَاذَا ثُمَّ لا ثُمَّ قلت زدني فقال من يصحبك فِي الذهب فليكن عندك كالذهب وعليك بالتوحيد

ص: 29

فلما استيقظ المأمون من منامه حدثته نفسه وحثته همته عَلَى تطلب كتب أرسطوطاليس فلم يجد منها شيئاً ببلاد الإسلام قال غير ابن إسحاق فراسل المأمون ملك الروم وَكَانَ قَدْ استطال عَلَيْهِ وأذل دين الكفر وطلب منه كتب الحكمة من كلام أرسطوطاليس فطلبها ملك الروم فلم يجد لَهَا ببلاده فاغتم لذلك وقال يطلب مني ملك المسلمين علم سلفي من يونان فلا أجده أي عذر يكون لي أم أي قيمة تبقى لهذه الفرقة الرومية عند المسلمين وأخذ فِي السؤال والبحث فحضر إِلَيْهِ أحد الرهبان المتقطعين فِي بعض الأديرة النازحة عن القسطنطينية وقال لَهُ عندي علم مَا تريد فقال لَهُ أدركني فقتال إِن البت الفلاني فِي موضع كذا الَّذِي يقفل كل ملك عَلَيْهِ قفلاً إِذَا ملك مَا فِيهِ عَلَى مَا يقال مال الملوك وكل ملك يجيء يقفل عَلَيْهِ حَتَّى لا يقال قَدْ احتاج إِلَى مَا فِيهِ لسوء تدبيره ففتحه فقال لَهُ الراهب لَيْسَ الأمر كذلك وإنما فِي ذَلِكَ الموضع هيكل كَانَتْ يونان تتعبد فِيهِ قبل استقرار ملة المسيح فلما تقررت ملته بهذه الجهات فِي أيام قسطنطين بت الثلاثة جمعت كتب الحكمة من أيدي الناس وجعلت فِي ذَلِكَ البيت وأغلق بابه وقفل الملوك عَلَيْهِ أقفالاً كما سمعت فجمع الملك مقدمي دولته وعرفهم الأمر واستشارهم فِي فتح البيت فأشاروا بذلك فاستشار الراهب فِي تسييرها إِذَا وجدت إِلَى بلد الإسلام وَعَلَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خطر فِي الدنيا أم إثم فِي الأخرى فقال لَهُ الراهب سيرها فإنك تثاب عَلَيْهِ فإنها مَا دخلت فِي ملة إِلَاّ وزلزلت قواعدها فسار إِلَى البيت وفتحه ووجد الأمر فِيهِ كما ذكر الراهب ووجدوا فِيهِ كتباً كثيرة فأخذوا من جانبها بغير علم ولا فحص خمسة أحمال وسيرت إِلَى المأمون فأحضر لَهَا المأمون المترجمين فاستخرجوها من الرومية إِلَى العربية ثُمَّ تنبه الناس بعد ذَلِكَ عَلَى تطلبها بعد المأمون وتحيلوا إِلَى أن حصلوا منها الجملة الكثيرة ولما سيرت الكتب إِلَى المأمون جاء بعضها تاماً وبعضها ناقصاً فالناقص منها ناقص إِلَى اليوم لَمْ يجد أحد تمامه وقال أبو سليمان المنطقي السجستاني نزيل بغداد وَكَانَ نبيهاً فِي هَذِهِ الفرقة أن بني المنجم كانوا يرزقون جماعة من النقلة منهم حُنين بن إسحاق وحبيش بن الحسن وثابت بن قرة وعيهم لهم فِي الشهر خمسمائة دينار لنقل

ص: 30

والترجمة والملازمة وممن يُعنى بإخراج الكتب بعد ذَلِكَ من بلاد الروم محمد وأحمد والحسن بنوا موسى بن الشاكر المنجم وسيجيء خبرهم فِي تراجمهم وبذلوا فِي ذَلِكَ الرغائب وأحضروا الغرائب منها فِي الفلسفة والهندسة والموسيقى والارثماطيقي والطب وغيرها وَكَانَ قُسطا بن لوقا البعلبكي لما حضر إِلَى بغداد قَدْ أحضر معه منها شيئاً ونقله من لغة إِلَى لغة ونقل لَهُ أيضاً وذكر محمد بن إسحاق النديم قال سمعت أبا إسحاق بن شهرام يحدث فِي مجلس عام أن ببلد الروم هيكلاً قديم البناء عَلَيْهِ باب لَمْ يرقط أعظم منه بمصراعي حديد كَانَ اليونانيون قديماً عند عبادتهم يعظمونه ويدعون فِيهِ قال فسألت ملك الروم أن يفتحه أي فامتنع عن ذَلِكَ لأنه أغلق منذ وقت تنصرت الروم فلم أزل بِهِ أراسله وأسأله شفاهاً عند حضور مجلسه قال فتقدم بفتحه وإذا ذَلِكَ البيت من المرمر والصخر العظام ألواناً وعليه من الكتابات والنقوش ما لَمْ أر وَلَمْ أسمع بمثله كثرة وحسناً وَفِي هَذَا الهيكل من الكتب القديمة مَا يحمل عَلَى عدة أحمال وكثر ذَلِكَ حَتَّى قال عَلَى ألف جمل بعض ذَلِكَ قَدْ أخلق وبعضه عَلَى حاله وبعضه قَدْ أكلته الأرضة قال ورأيت فِيهِ من آلات القرابين من الذهب وغيره أشياء ظريفة قال وأغلق الباب بعد خروجي

وامتن عَلي بما يفعل معي من ذَلِكَ قال وذلك فِي أيام سيف الدولة رحمه الله قال والبيت عَلَى ثلاثة أيام من القسطنطينية والمجاورون لذلك البيت قوم من الصابئة الكلدانيين قَدْ أقرهم الروم عَلَى مذهبهم ويأخذون منهم الجزية وذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه أرسطوطاليس فقال معنى اسمه محب الحكمة ويقال الفاضل الكامل ويقال التام الفاضل وهو أرسطوطاليس بن نيقوماخس بن ماخاؤن من ولد اسقلبياذس الَّذِي أخرج الطب لليونانيين كذا ذكر بطليموس الغريب وَكَانَ اسمه اقسطيا ويرجع إِلَى اسقلبياذس وَكَانَ من مدينة لليونانيين تسمي اسطاغاريا وَكَانَ أبوه نيقومتخس متطبباً لفليس أبي الإسكندر وهو من تلاميذ أفلاطون وقال بطليموس الغريب أن تسليم أرسطوطاليس إِلَى أفلاطون كَانَ يوحي من الله ي هيكل بوثيون قال ومكث فِي التعليم عشرين سنة وإنه لما غاب أفلاطون إِلَى صقلية كَانَ أرسطوطاليس يخلفه عَلَى دار التعليم ويقال أنه نظر فِي الفلسفة بعد أن أتي عَلَيْهِ من عمره ثلاثون سنة وَكَانَ بليغ اليونانيين ومترسلهم وأجل علماءهم بعد أفلاطون عظيم المحل عند الملوك وعن رأيه كَانَ الإسكندر يمضي الأمور ولما توجه الإسكندر إِلَى محاربة الأمم تخلى أرسطوطاليس وتبتل وصار إِلَى أبنية حديثة منها موضع التعليم وهو الموضع الَّذِي ينسب إِلَيْهِ الفلاسفة المشائين وأقبل عَلَى العناية بمصالح الناس ورفد الضعفاء وجدد بناء مدينة ناميطا وأحدث فِيهَا غيون وتوفى أرسطوطاليس فِي أول ملك بطليموس لاغوس وخلفه عَلَى التعليم ثاؤقرسطس بن أخته. ن عَلي بما يفعل معي من ذَلِكَ قال وذلك فِي أيام سيف الدولة رحمه الله قال والبيت عَلَى ثلاثة أيام من القسطنطينية والمجاورون لذلك البيت قوم من الصابئة الكلدانيين قَدْ أقرهم الروم عَلَى مذهبهم ويأخذون منهم الجزية وذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه أرسطوطاليس فقال معنى اسمه محب الحكمة ويقال الفاضل الكامل ويقال التام الفاضل وهو أرسطوطاليس بن نيقوماخس بن ماخاؤن من ولد اسقلبياذس الَّذِي أخرج الطب لليونانيين كذا ذكر بطليموس الغريب وَكَانَ اسمه اقسطيا ويرجع إِلَى اسقلبياذس وَكَانَ من مدينة لليونانيين تسمي اسطاغاريا وَكَانَ أبوه نيقومتخس متطبباً لفليس أبي الإسكندر وهو من تلاميذ أفلاطون وقال بطليموس الغريب أن تسليم أرسطوطاليس إِلَى أفلاطون كَانَ يوحي من الله ي هيكل بوثيون قال ومكث فِي التعليم عشرين سنة وإنه لما غاب أفلاطون إِلَى صقلية كَانَ أرسطوطاليس يخلفه عَلَى دار التعليم ويقال أنه نظر فِي الفلسفة بعد أن أتي عَلَيْهِ من عمره ثلاثون سنة وَكَانَ بليغ اليونانيين ومترسلهم وأجل علماءهم بعد

ص: 31

أفلاطون عظيم المحل عند الملوك وعن رأيه كَانَ الإسكندر يمضي الأمور ولما توجه الإسكندر إِلَى محاربة الأمم تخلى أرسطوطاليس وتبتل وصار إِلَى أبنية حديثة منها موضع التعليم وهو الموضع الَّذِي ينسب إِلَيْهِ الفلاسفة المشائين وأقبل عَلَى العناية بمصالح الناس ورفد الضعفاء وجدد بناء مدينة ناميطا وأحدث فِيهَا غيون وتوفى أرسطوطاليس فِي أول ملك بطليموس لاغوس وخلفه عَلَى التعليم ثاؤقرسطس بن أخته.

ولما حضرته الوفاة قال إني قَدْ جعلت وصيتي أبداً فِي جميع مَا خلفت إِلَى انطيبطرس والي أن يقدم نيقاتر فليكن أرسطوطاليس وطيمرخس وأبرّخس وذيوطاليس عانين يتفقد مَا يحتاج إِلَى تفقده والعناية بما ينبغي أن يعنوا بِهِ من أمر أهل بيتي وأربلس خادمي وسائر جوارئ وعبيدي وَمَا خلفت وإن سهل عَلَى ثاؤفرسطس وأمكنه القيام معهم فِي ذَلِكَ كَانَ معهم ومتى أدركت ابنتي فولى أمرها نيقائر وإن حدث بِهَا حدث الموت قبل أن تتزوج أَوْ بعد ذَلِكَ من غير أن يكون لَهَا ولد فالأمر مردود إِلَى نيقاتر فِي أمر ابني نيقوماخس ووصيتي إياه فِي ذَلِكَ أن يجري التدبير فيما يعمل بِهِ عَلَى مَا يشتهي وَمَا يليق بِهِ وإن حدث بنيقاتر حدث الموت قبل تزويج ابنتي أَوْ بعد تزويجها من غير أن يكون لَهَا ولد فأوصى نيقاتر فيما خلفت بوصية فهي جائرة نافذة وإن مات نيقاتر عن غير وصية فسهل عَلَى ثاؤفرسطس وأحب أن يقوم فِي الأمر مقامه فِي أمر ولدي وغير ذَلِكَ مما خلفت وإن لَمْ يحب ثاؤفرسطس القيام بذلك فليرجع الأوصياء الذين سميت إِلَى انطيبطرس فليشاوروه فيما يعملونه فيما خلفت وليمضوا الأمر عَلَى مَا ينفقون عَلَيْهِ وليحفظني الأوصياء ونيقاتر فِي أربلس فإنها تستحق مني ذَلِكَ لما رأيت من عنايتها بخدمتي واجتهادها فيما وافق مسرتي وليعنوا لَهَا بجميع مَا تحتاج إِلَيْهِ وإن هي أحبت التزويج فلا توضع إِلَاّ عند رجل فاضل وليدفع إِلَيْهَا من الفضة سوي مَا لَهَا طالنطن واحد وهو مائة وخمسة وعشرون درهماً ومن الإماء ثلاثة ممن تختار مع جاريتها الَّتِي لَهَا وغلامها وإن أحبت المقام بخلقيس فلها السكني فِي داري دار الضيافة الَّتِي إِلَى جانب البستان وإن اختارت السكنى فِي المدينة باسطاً غيرا فلتسكن فِي منازل آبائي وأي المنازل اختارت فليتخذ الأوصياء لَهَا فِيهِ مَا تذكر أنها محتاجة إِلَيْهِ وأما أهلي وولدي فلا حاجة أي إِلَى أن أوصيهم بحفظهم والعناية بأمرهم وليعن نيقاتر بمرقس الغلام حَتَّى يرده إِلَى بلده ومعه جميع ماله عَلَى الحال الَّتِي يشتهيها ولتضق

ص: 32

جاريتي أمارقيس وإن هي بعد العتق أقامت عَلَى الخدمة لابنتي إلي أن تتزوج فليدفع إِلَيْهَا خمسمائة درخى وجاريتها ويدفع إِلَى ثاليس الصبية الَّتِي ملكناها قريباً غلام كم مماليكنا وألف درخي ويدفع إِلَى سيمس ثمن غلام يبتاعه لنفسه سوى الغلام الَّذِي كَانَ دفع إِلَيْهِ ثمنه ويوهب لَهُ سوى ذَلِكَ مَا يرى الأوصياء ومتى تزوجت ابنتي فليعتق غلماني ثاخن وفيلن وأولمبيوس ولا يباع ابن أولمبيوس ولا يباع أحد من غلماني ولكن يقرون فِي الخدمة إِلَى أن يدركوا مدرك الرجال فإذا بلغوا فليعتقوا وبفعل بهم فيما يوهب لهم عَلَى حسب مَا يستحقون.

قال إسحاق بن حنين عاش أرسطوطاليس سبعاً وستين سنة والله أعلم.

أما ترتيب تصانيفه فهي عَلَى أربع مراتب المنطقيات. الطبيعيات. الإلهيات. الخلفيات الكلام عَلَى كتبه المنطقيات وذكر من نقلها من عبارة إِلَى أخرى ومن شرحها واختصرها حسب مَا أدى إِلَيْهِ النظر والاجتهاد. قاطيغورياس معناها لمقولات. باري أرميلياس ومعناه الصبارة. أنولوطيقا الأول ومعناه تحليل القياس. أبو ديقطيقا وهو أتولوطيقا الثاني ومعناه البرهان. طوبيقا ومعناه الجدل. سوقسطيقا ومعناه المغالطون ويقال الحكمة المموهة. ويطوريقا ومعناه الخطابة. أبو طيقا ويقال بوطيقا ومعناه الشعر.

الكلام عَلَى قاطيغورياس ومن نقله وشرحه نقله من الرومية إِلَى العربية حنين بن إسحاق وشرحه وقسره من بوتان ومن العرب منهم فرفوريوس يوناني اصطقن ابن إسكندراني رومي الليس رومي يحيى النحوي بطرك الإسكندرية أمونيوس رومي ثامسكيوس رومي ثاؤفرسطس يوناني سنبليقيوس ولرجل يعرف بناؤن سرياني وعربي ومن غريب تفاسيره قطعة منه لأمليخس. قال أبو زكريا يحيى بن عدي ينبغي أن يكون هَذَا منحولاً إِلَى أمليخس لأني رأيت فِي تصانيف الكلام قال الإسكندر قلت وهذا الكلام غير مانع فإنه يحتمل أن يكون بعض المتأخرين قَدْ أضاف كلام الإسكندر إِلَى كلام الآخر

ص: 33

وَلَيْسَ بممتنع وقال أبو سليمان المنطقي السجستاني استقل هَذَا الكتاب أبو زكريا يحيى ابن عدي بتفسير القروديسيّ يعني الإسكندر فِي نحو ثلاثمائة ورقة وممن فسر هَذَا الكتاب من فلاسفة المسلمين أبو نصر الفارابي وأبو بشر متى ولهذا الكتاب مختصرات وجوامع مشجرة وغير مشجرة لجماعة منهم ابن المقفع وابن بهرين والكندي وإسحاق بن حنين وأحمد بن الطيب والرازي.

الكلام عَلَى باريرميلياس وهو العبارة نقل النص حنين إِلَى السرياني وإسحاق إِلَى العربي والذين تولوا تفسيره الإسكندر الأفروديسيّ وَلَمْ يوجد ويحيى النحوي وأمليخس وفرفوريوس جوامع اصطفن وهو غريب غير موجود ولجالينوس تفسير وقويري وأبو بشر متي والفارابي وثاؤقرسطس والذين اختصروه حنين وابن المقفع والكندي وابن بهرين والرازي وثابت بن قرة وأحمد بن الطيب.

الكلام عَلَى أنولوطيقا الأول وهو تحليل القياس نقله نياذورس إِلَى العربي ويقال عرضه عَلَى حنين فأصلحه ونقل حنين قطعة إِلَى السرياني ونقل إسحاق الباقي إِلَى السرياني ذكر من فسره فسر الإسكندر إِلَى الأشكال الجميلة تفسيرين أحدهما أتم من الآخر وفسر ثامسطيوس المقالتين فِي ثلاث مقالات وفسر يحيى النحوي إِلَى الأشكال أيضاً وفسر أبو بشر متى المقالتين جميعاً وللكندي تفسير هَذَا الكتاب.

الكلام عَلَى أنولوطيقا الثاني وهو البرهان نقل حنين بعضه إِلَى السرياني ونقل إسحاق الكل إِلَى السرياني ومقل متى نقل إسحاق إِلَى العربي ذكر من فسره شرح ثامسطيوس هَذَا الكتاب شرحاً تاماً وشرحه الإسكندر وَلَمْ يوجد

ص: 34

وشرحه يحيى النحوي ولأبي يحيى المروزي الَّذِي قرأه عَلَيْهِ متى كلام فِيهِ وشرحه متى والفارابي والكندي.

الكلام عَلَى طوبيقا وهو الجدل نقله إسحاق إِلَى السرياني ونقل يحيى بن عدي الَّذِي نقله إسحاق إِلَى العربي ونقل الدمشقي منه سبع مقالات ونقل إبراهيم بن عبد الله الثامنة وَقَدْ توجد بنقل قديم الشارحون لَهُ قال يحيى بن عدي فِي أول تفسير هَذَا الكتاب أني لَمْ أجد لهذا الكتاب تفسيراً لمن تقدم إِلَاّ تفسير الإسكندر لبعض المقالة الأولى والمقالة الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة وتفسير أمونيوس للمقالة الأولى والثانية

ص: 35

والثالثة والرابعة فعولت لما قصدت فِي تفسيري هَذَا عَلَى مَا فهمته من تفسير الإسكندر وأمومونيوس وأصلحت عبارات النقلة لهذين التفسيرين والكتاب بتفسير يحيى نحو ألف ورقة ومن غير كلام يحيى شرح أومونيوس المقالات الأربع الأول والإسكندر الأربع الأواخر إِلَى الاثني عشر موضعاً من المقالة الثانية وفسر ثامسطيوس المواضع منه وللفارابي تفسير هَذَا الكتاب وَلَهُ مختصر وفسر متى المقالة الأولى والذي فسره أومونيوس والإسكندر من هَذَا الكتاب مقله إسحاق وَقَدْ ترجم هَذَا الكتاب أبو عثمان الدمشقي.

الكلام عَلَى سوفسطيقا وهو الحكمة المموهة نقله ابن ناعمة وأبو بشر متي إِلَى السرياني ونقله يحيى بن عدي إِلَى العربي الذين تولوا تفسيره فسره قُوَيَوي ونقل إبراهيم بن بكوش العشاري هَذَا الكتاب مما نقله ابن ناعمة إِلَى العربي عن طريق الإصلاح وللكندي تفسير هَذَا الكتاب.

الكلام علة ويطوريقا وهو الخطابة يصاب بنقل قديم وقيل أن إسحاق نقله إِلَى العربي ونقله إبراهيم بن عبد الله وفسره الفارابي أبو نصر وروى ذا الكتاب بخط أحمد ابن الطبيب

ص: 36