الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الحاء المهملة
فِي أسماء الحكماء
الحارث بن كلدة بن عمر بن علاج الثقفي طبيب العرب فِي وقته أصله من ثقيف من أهل الطائف رحل إِلَى أرض فارس وأخذ الطب عن أهل تِلْكَ الديار من أهل جند يسابور وغيرها فِي الجاهلية وقبل الإسلام وجاد فِي هَذِهِ الصناعة وطب بأرض فارس وعالج وحصل لَهُ بذلك مال هناك وشهد أهل بلد فارس ممن رآه بعلمه وَكَانَ قَدْ عالج بعض أجلائهم فبرأ وأعطاه مالاً وجارية سماها الحارث سمية ثُمَّ أن نفسه اشتاقت لبى بلاده فرجع إِلَى الطائف واشتهر طبه بَيْنَ العرب وسمية جاريته هي أم زياد بن أبيه الَّذِي ألحقه معاوية بنسبه وذكر أن أبا سفيان وطئ سمية بالطائف سفاحاً فحملت بِهِ منه وولدت ولدين قبل زياد أحدهما أبو بكرة ونافع أخوه فانتسبا إِلَى الحارث بن كلدة وادعيا أنه وطئ مولاته سمية فولدتهما منه وأدرك الحارث بن كلدة الإسلام وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من كَانَتْ بِهِ علة أن يأتيه فيسأله عن علته.
قال سعد مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني فوضع يده بَيْنَ ثديي حَتَّى وجدت بردها عَلَى فؤادي فقال أنك رجل مفؤد ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه يتطبب فمره فليأخذ سبع ثمرات فليجأهن بنواهن وليدلك بهن رواه صدقة المروزي عن أبي عتيبة.
وروى محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال مرض سعد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي حجة الوداع فعاده رسول الله فقال يَا رسول الله مَا أراني إِلَاّ لما بي فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن يشفيك الله حَتَّى يضربك قوم وينتفع بك آخرون ثُمَّ قال للحارث بن كلدة عالج سعداً مما بِهِ فقال والله إني أرجو شفاءه فيما معه فِي رحله هل معكم
من هَذَا الثمر العجوة شيء قالوا نعم فخلط لَهُ الثمر بالحلبة ثُمَّ أوسعها سمناً ثُمَّ أحساه إياه فكأنما أنشط من عقال.
قال عبد الرحمن بن أبي بكرة قال الحارث بن كلدة وَكَانَ من أطب العرب من سره البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء وليخفف الرداء وليقل غشيان النساء .. قال محمد بن زياد الأعرابي وَكَانَ لَهُ فِي النحو واللغة خفة الرداء أن لا يكون عَلَيْهِ دين.
قال أبو عمرو ومات الحارث بن كدلة فِي أول الإسلام وَلَمْ يصح إسلامه قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص بأن يأتيه فيستوصفه فِي مرض نزل بِهِ فيدل أمه جائز أن يشاور أهل الكفر فِي الطب إذ كَانَ من أهله والله أعلم وَكَانَ الحارث بن كلدة يضرب العود تعلم ذَلِكَ أيضاً بفارس واليمن وبقي إِلَى زمن معاوية فقال لَهُ معاوية مَا الطب يَا حارث فقال الأزم يَا معاوية يعني الجوع.
الحارث المنجم كَانَ منقطعاً إِلَى الحسن بن سهل وَكَانَ فاضلاً يحكى عنه أبو معشر وَلَهُ تصانيف مذكورة.
الحسن بن أحمد بن يعقوب أبو محمد الهمداني من قبيلة همدان صاحب كتاب الإكليل المؤلف فِي أنساب حمير وأيام ملوكها وهو كتاب عظيم الفائدة يشتمل عَلَى عشرة فنون وَفِي أثناء هَذَا الكتاب جمل حسان من حسان القرانات وأوقاتها ونبذ من علم الطبيعة وأصول أحكام النجوم وآراء الأوائل فِي قدم العالم وحدوثه واختلافهم فِي أدواره وَفِي تناسل الناس ومقادير أعمارهم وغير ذَلِكَ وَلَهُ تآليف بعد هَذَا حسان منها. كتاب سرائر الحكمة وغرضه التعريف بجمل هيئة الأفلاك ومقادير حركات الكواكب وتبين علم أحكام النجوم واستيفاء ضروبه. كتاب القوى. كتاب اليعسوب فِي القسي والرمي والسهام والنضال وَلَهُ زيجه المعروف وعليه اعتماد أهل اليمن وهذا الرجل أفضل من ظهر ببلاد اليمن وَقَدْ ذكرت قطعة من خبره وشعره فِي كتاب النحاة
لأنه كَانَ من أهل اللغة يدل عَلَى ذَلِكَ قصيدته الدامغة وشرحها يتضمنها مجلد كبير وتوفي أبو محمد الهمداني يسجن صنعاء فِي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
الحسن بن مصباح المنجم لَهُ يد فِي الحساب والتسيير وَلَهُ زيج أثبت فِيهِ أوساط الكواكب نبه فِيهَا عَلَى مذهب السند هند وتعاديلها عَلَى مذهب بطليموس وميل الشمس عَلَى مَا يؤذي إِلَيْهِ الرصد فِي زمانه.
الحسن بن عبيد الله بن سليمان بن وهب من البيت المشهور بالرئاسة وَلَهُ نفس فاضلة فِي علم الهندسة وَكَانَ مشاركاً نعم المشاركة وَلَهُ من التصنيف. كتاب شرح المشكل من كتاب إقليدس فِي النسبة مقالة.
الحسن بن سوار بن بابا بهرام أبو الخير المعروف بابن الخمار بغدادي فاضل منطقي قرأ عَلَى يحيى بن عدي وهو فِي نهاية الذكاء والفطنة والاطلاع عَلَى علوم أصحابه ومولده فِي شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
وَلَهُ تصانيف مذكورة. كتاب الهيولى مقالة. كتاب الوفاق بَيْنَ قول الفلاسفة والنصارى ثلاث مقالات. كتاب تفسير ايساغوجي مشروح. كتاب تفسير ايساغوجي مختصر. كتاب الصديق والصداقة مقالة. كتاب سيرة الفيلسوف مقالة. كتاب الآثار المخلفة فِي الجو الحادثة عن البخار .. والذي نقله من السرياني إِلَى العربي. كتاب الآثار العلوية مقالة. كتاب اللبس فِي الكتب الأربعة فِي المنطق الموجود فِي ذَلِكَ. كتاب مسائل ثاؤفرسطس. كتاب فِي الأخلاق مقالة.
الحسن بن سهل بن نوبخت كَانَ مشاركاً فِي هَذِهِ العلوم وآل نوبخت كلهم فضلاء لهم فكرة صالحة ومشاركة فِي علوم الأوائل ولهذا المذكور تصنيف وهو كتاب الأنواء.
الحسن بن الخصيب أحد الحذاق بصناعة النجوم وهو فارسي النسب وَقَدْ تكلم فِي ذَلِكَ وصنف وَلَمْ يكن لَهُ فِي سهم الغيب فإن أخباره فِي الحدثان لا تكاد تصدق وَلَهُ. كتاب فِي أحكام النجوم سماه الكارمهتر حكم فِيهِ
بأحكام اختبر بِهَا فلم يصح منها شيء فمنها أنه قال إِذَا نزل زحل فِي دقائق من أول درجة من الجوزاء يموت ملك مصر فِي ذَلِكَ الأوان ورأيت هَذَا فِي عمري دفعتين وَلَمْ يصح شيء منه إِلَى أمثال ذَلِكَ وَلَهُ من التصانيف غير ذَلِكَ. كتاب المدخل إِلَى علم الهيئة. كتاب تحويل سني العالم. كتاب المواليد. كتاب تحويل سني المواليد. كتاب المنثور عمله ليحيى بن خالد. كتاب قضيب الذهب. كتاب النكت.
الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي المهندس البصري نزيل مصر صاحب التصانيف والتآليف المذكورة فِي علم الهندسة كَانَ عالماً بهذا الشأن متقناً لَهُ متفنناً فِيهِ قيماً بغوامضه ومعانيه مشاركاً فِي علوم الأوائل أخذ الناس عنه واستفادوا منه وبلغ الحاكم صاحب مصر من العلويين وَكَانَ يميل إِلَى الحكمة خبره وَمَا هو عَلَيْهِ من الإتقان لهذا الشأن فتاقت نفسه إِلَى رؤيته ثُمَّ نقل عنه أنه قال لو كنت بمصر لعملت فِي نيلها عملاً يحصل بِهِ النفع فِي كل حالة من حالاته من زيادة ونقص فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عالٍ وهو فِي طرف الإقليم المصري فازداد الحاكم إِلَيْهِ شوقاً وسير إِلَيْهِ سراً جملة من مال وأرغبه فِي الحضور فسافر نحو مصر ولما وصلها خرج الحاكم للقائه والقيا بقرية عَلَى باب القاهرة المعزية تعرف بالخندق وأمر بإنزاله وإكرامه وأقام ريثما استراح وطالبه بما وعد بِهِ من أمر النيل فسار ومعه جماعة من الصناع المتولين للعمارة بأيديهم ليستعين بهم عَلَى هندسته الَّتِي خطرت لَهُ ولنا سار إِلَى الإقليم بطوله ورأى آثار من تقدم من ساكنيه من الأم الخالية وهي عَلَى غاية من أحكام الصنعة وجودة الهندسة وَمَا اشتملت عَلَيْهِ من أشكال سماوية ومثالات هندسية وتصوير معجز تحقق أن الَّذِي يقصده لَيْسَ بممكن فإن من تقدمه لن يعزب عنهم علم مَا علمه ولو أمكن لفعلوا فانكسرت همته ووقف خاطره ووصل إِلَى الموضع المعروف بالجنادل قبلي مدينة أسوان وهو موضع مرتفع ينحدر منه ماء النيل فعاينه وباشره واختبره من جانبيه فوجد أمره لا يمشي عَلَى موافقة
مراده وتحقق الخطأ عما وعد بِهِ وعاد خجلاً منخذلاً واعتذر بما قبل الحاكم ظاهره ووافقه عَلَيْهِ ثُمَّ أن الحاكم ولاه بعض الدواوين فتولاها رهبة لا رغبة وتحقق الغلط فِي الولاية فإن الحاكم كَانَ كثير الاستحالة مريقاً للدماء بغير سبب أَوْ بأضعف سبب من خيال يتخيله فأجال فكرته فِي أمر يتخلص بِهِ فلم يجد طريقاً إِلَى ذَلِكَ إِلَاّ إظهار الجنون والخبال فاعتمد ذَلِكَ وشاع فأحيط عَلَى موجوداته بيد الحاكم ونوابه وجعل برسمه من يخدمه ويقول بمصالحه وقيد وترك فِي موضع من منزله وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن تحقق وفاة الحاكم وبعد ذَلِكَ بيسير أظهر العقل وعاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وخرج من داره واستوطن قبة عَلَى باب الجامع الأزهر أحد جوامع القاهرة وأقام بِهَا متمسكاً مقتنعاً وأعيد ماله من تَحْتَ يد الحاكم واشتغل بالتصنيف والنسخ والإفادة وَكَانَ لَهُ خط قاعد فِي غاية الصحة وذكر لي يوسف الناشئ الإسرائيلي الحكيم نزيل حلب قال سمعت أن ابن الهيثم كَانَ ينسخ فِي مدة سنة ثلاثة كتب فِي ضمن أشغاله وهي إقليدس والمتوسطات والمجسطي ويستكملها فِي مدة السنة فإذا شرع فِي نسخها جاءه من يعطيه فيهم مائة وخمسون ديناراً مصرية وصار ذَلِكَ كالرسم الَّذِي لا يحتاج فِيهِ إِلَى مواكبة ولا معاودة قول فيجعلها مؤنثه لسنته وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات بالقاهرة فِي حدود سنة ثلاثين وأربعمائة أَوْ بعدها بقليل والله أعلم ورأيت بخطه جزءاً فِي الهندسة وَقَدْ كتبه فِي سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وهو عندي لله المنة.
وأما تصانيفه فمنها. تهذيب المجسطي. المناظر. مصادرات إقليدس. الشكوك عَلَيْهِ أيضاً. مساحة المجسم المتكافئ. الأشكال الهلالية. صورة الكسوف. العدد والمجسم. قسمة الخط الَّذِي استعمله أرشميدس فِي الكرة. اختلاف منظر القمر. استخراج مسألة غددية. مقدمة ضلع المسبع. رؤية الكواكب. التنبيه عَلَى مَا فِي الرصد من الغلط. تربيع الدائرة. أصول المساحة. أعداد الوفق. مسألة فِي المساحة. أعمدة المثلثات. عمل المسبع فِي الدائرة. حل شك من المجسطي. حل شك من إقليدس. حركة القمر. استخراج أضلع المكعب. علل الحساب الهندي. مَا يرى من السماء أعظم
من نصفها. خطوط الساعات. أوسع الأشكال المجسمة. خط نصف النهار. الكرة المحرقة. هيئة العالم. الجزء الَّذِي لا يتجزأ مساحة الكرة. كيفية الأرصاد. حساب المعاملات. الهالة وقوس قزح. المجرة. ماهية المجرة. جواب من خالف المجرة. مسألة هندسية. شرح قانون إقليدس. استخراج خط نصف النهار بظل واحد. أصول الكواكب. بركاز الدوائر العظام. جمع الأجزاء. قسمة المقدارين. التحليل والتركيب. حساب الخطئين. شكل بني موسى. المرايا المحرقة. استخراج أربعة خطوط. حركة الالتفات. حل شكوك الالتفات. الشكوك عَلَى بطليموس. حل شكوك المجسطي. اختلاف المناظر. ضوء القمر. المكان. الخلاق. السمت. سمت القبلة بالحساب. ارتفاع القطر. ارتفاعات الكواكب. كيفية الأظلال. الرخامات الأفقية عمل البنكام. مقالة فِي الأثر الَّذِي فِي القدر. تعليق فِي الجبر. كتاب البرهان عَلَى مَا يراه الفلكيون فِي أحكام النجوم.
الحسن بن الأمير أبي علي بن نظام الملك ببغداد وله معرفة حسنة بالعلوم الحكمية والنجومية وَلَمْ يزل محترماً لأجل جده ببغداد إِلَى أن توفي فِي يوم السبت ثامن صفر سنة ثلاث عشر وستمائة.
الحسن بن محمد بن أبي نعيم أبو علي الطيب طبيب فاضل مذكور فِي زمانه كَانَ مقيماً بالبيت المقدس وهو أجل مشايخ التميمي الترياقي المقدسي وعنه أخذ من هَذِهِ الصناعة نوعاً متوفراً.
الحسين بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الكاتب أبو الحسن بن أبي الحسين وقيل أبو أحمد ويعرف بابن كرتيب كَانَ من جلة المتكلمين ببغداد ويذهب بذهب الفلاسفة الطبيعيين وَكَانَ أخوه أبو العلاء يتعاطى علم الهندسة ونحن نذكره فِي موضعه إن شاء الله تعالى فأما أبو أحمد الحسين هَذَا فكان فِي نهاية الفضل والمعرفة واطلاع بالعلوم الطبيعية القديمة وله تصانيف منها. كتاب الرد عَلَى ثابت بن قرة فِي نعته وجود سكون بَيْنَ كل حركتين متساويتين. كتاب فِي الأجناس والأنواع وهي الأمور العامية. كتاب كيْفَ يعلم مَا مضى من النهار من ساعة من قبل الارتفاع.
الحموموس ويقال الحومتيوس قال إسحاق بن حنين أنه من الفلاسفة الَّذِي بعد جالينوس وَقَدْ فسر كتب أرسطوطاليس وَقَدْ ذكرت الموجود منها عند ذكر كتب أرسطوطاليس وله تصانيف غير تِلْكَ منها. كتاب شرح مذهب أرسطوطاليس فِي الصنائع. كتاب فِي أغراض أرسطوطاليس فِي كتبه. كتاب حجة أرسطوطاليس فِي التوحيد.
حبش الحاسب المروزي الأصل وهو لقب لَهُ واسمه أحمد بن عبد الله بغدادي الدار كَانَ فِي زمن المأمون والمعتصم بعده وله تقدم فِي حساب تسيير الكواكب وشهرة بهذا النوع وله ثلاثة أزياج. أولها المؤلف عَلَى مذهب السند هند خالف فِيهِ الفزاري والخوارزمي فِي عامة الأعمال واستعماله لحركة إقبال فلك البروج وإدباره عَلَى رأي ثاؤن الإسكندراني ليصح لَهُ بِهَا مواضع الكواكب فِي الطول وَكَانَ تأليفه لهذا الزيج فِي أول أمره أيام كَانَ يعتقد حساب السند هند. والثاني المعروف بالممتحن وهو أشهر مَا لَهُ ألفه بعد أن رجع إِلَى معاناة الرصد وضمنه حركات الكواكب عَلَى مَا يوجبه الامتحان فِي زمانه والثالث الزيج الصغير المعروف بالشاه وله. كتاب حسن فِي العمل بالاصطرلاب وبلغ من عمره نحو مائة سنة وله من التصانيف. كتاب الزيج الدمشقي. كتاب الزيج المأموني. كتاب الأبعاد والأجرام. كتاب عمل الاصطرلاب. كتاب الرخائم والمقاييس. كتاب الدوائر المتماسة وكيفية الاتصال إِلَى عمل السطوح المتوسطة والقائمة والمائلة والمنحرفة.
حنين بن إسحاق الطبيب النصراني أبو زيد العبادي كَانَ تلميذاً ليوحنا ماسوية وَكَانَ طبيباً حسن النظر فِي التأليف والعلاج ماهراً فِي صناعة
الكحل وقعد فِي جملة المترجمين لكتب الحكمة واستخراجها إِلَى السرياني وإلى العربي وَكَانَ فصيحاً فِي اللسان اليوناني وَفِي اللسان العربي بارعاً شاعراً خطيباً فصيحاً لسناً ونهض من بغداد إِلَى أرض فارس ودخل البصرة ولزم الخليل بن أحمد حَتَّى برع فِي اللسان العربي وادخل كتاب العين ببغداد واختبر الترجمة وائتمن عَلَيْهَا وَكَانَ المتخير لَهُ المتوكل عَلَى الله وجعل لَهُ كتاباً تحارير عالمين بالترجمة كانوا يترجمون ويصفح مَا ترجموا كاصطفن بن بسيل وموسى بن بسيل وموسى بن خالد الترجماني ويحيى بن هارون وخدم بالطب المتوكل وَكَانَ يلبس الزنار وتعلم لسان اليونانية بأصله وَكَانَ جليلاً فِي ترجمته وهو الَّذِي أصبح معاني كتب بقراط وجالينوس ولخصها أحست تلخيص وكشف مَا استغلق منها وله تآليف نافعة بارعة مثقفة وعمد إِلَى كتب جالينوس فاحتذى حذو الإسكندرانيين وصنفها عَلَى سبيل المسألة والجواب وأحسن فِي ذَلِكَ وله. كتاب فِي المنطق أحسن فِيهِ التقسيم. وألف فِي الأغذية كتاباً عجيباً وله. كتاب فِي تدبير الناقهين فِي الأدوية المسهلة والأغذية عَلَى تدبير الصحة لَمْ يسبقه إِلَيْهِ أحد وله. كناش اختصره من كتاب بواس وألف غيرها كثيراً.
وله ولدان أحدهما اسمه داود والثاني اسمه إسحاق فأما إسحاق فخدم عَلَى الترجمة وتولاها وأتقنها وأحسن فِيهَا وَكَانَ نفسه أميل إِلَى الفلسفة وهو ترجم كتاب النفس لأرسطوطاليس تفسير ثامسطيوس وأما داود فكان طبيباً.
ومات حنين بالغم من ليلته وذلك أن المتوكل خرج يوماً وبه خمار فقعد مقعده فأخذته الشمس وَكَانَ بَيْنَ يديه الطيفوري النصراني الكاتب وحنين بن إسحاق فقال لَهُ الطيفوري يَا أمير المؤمنين الشمس تضر بالخمار فقال حنين الشمس لا تضر بالخمار فلما تناقضا بَيْنَ يديه قال حنين يَا أمير المؤمنين الخمار حال المخمور فقال المتوكل لقد أحرز حنين من طبائع الألفاظ وتحديد المعاني مَا بان بِهِ عن نظرائه فوجم الطيفوري فلما كَانَ بعد ذَلِكَ اليوم أخرج حنين من كتبه كتاباً فِيهِ صورة المسيح مصلوباً وصوَر ناس من حوله فقتل لَهُ الطيفوري أهؤلاء صلبوا المسيح قال نعم ابصق عليهم قال لا أفعل قال ولِم قال لأنهم ليسوا الذين صلبوا المسيح وإنما هي صور وأشهد عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الطيفوري ورفعه إِلَى المتوكل وسائله إباحة الحكم عَلَيْهِ لديانة النصرانية فبعث إِلَى الجاثليق والأساقفة وسئلوا عن ذَلِكَ فأوجبوا لعنة
حنين فلعن سبعين لعنة بحضرة الملأ من النصارى وقطع زناره وأمر المتوكل أن لا يضل إِلَيْهِ دواء من عند حنين حتى يشرف عَلَيْهِ الطيفوري ويحضر عمله فانصرف إِلَى داره ومات من لينته وقيل مات غماً أَوْ سقى نفسه سماً فهذه قصة موته فجأة والله أعلم.
ونسبته إِلَى العباد وهم قوم من النصارى من قبائل شتى اجتمعوا وانفردوا عن الناس فِي قصور ابتنوها لأنفسهم بظاهر الحيرة وتدينوا بدين النصرانية وقالوا نزيد أن نتسمى بعبيد الله ثُمَّ قالوا العبيد اسم يشارك فِيهِ المخلوق الخالق فِي التسمية لأنه يقال عبيد الله وعبيد فلان والعباد اسم اختص الله بِهِ فيقال عباد الله ولا يقال عباد فلان فتسموا بالعباد ومنهم عدي بن زيد العبادي المشهور صاحب القصة مع النعمان بن المنذر.
ودخل حنين إِلَى بلاد الروم لأجل تحصيل كتب الحكمة وتوصل فِي تحصيلها غاية إمكانها وأحكم اليونانية عند دخوله إِلَى تِلْكَ الجهات وحصل نفائس هَذَا العلم وعاد يلازم بني موسى ابن شاكر ورغبوه فِي النقل من اللسان اليوناني إِلَى العربي وغرموا عَلَى ذَلِكَ الجمل العظيمة وَلَمْ يزل معظماً مكرماً فِي زمانه مشاراً إِلَيْهِ فِي هَذَا الشأن إِلَى أن توفي يوم الثلاثاء لست خلون من صفر سنة ستين ومائتين وهو أول يوم من كانون الأول سنة ألف ومائة وخمس وثمانين للإسكندر.
وله من الكتب الَّتِي ألفها سوى مَا نقله من كتب الحكماء القدماء. كتاب أحكام الأعراب عَلَى مذهب اليونانيين مقالتان. كتاب المسائل فِي الطب للمتعلمين وزاد فِيهَا حبيش الأعسم تلميذه. كتاب الحمام مقالة. كتاب اللين عقلة. كتاب الأغذية ثلاث مقالات. كتاب تقاسيم علل العين مقالة. كتاب اختيار أدوية علل العين مقالة. كتاب مداواة أمراض العين بالحديد مقالة. كتاب آلات الغذاء ثلاث مقالات. كتاب الأسنان واللثة مقالة. كتاب الباء مقالة. كتاب معرفة أوجاع المعدة وعلاجها مقالتان. كتاب تدبير الناقهين مقالة. كتاب المد والجزر مقالة. كتاب السبب الذي صارت لَهُ مياه البحر مالحة. كتاب الألوان مقالة. كتاب المولودين لستة أشهر مقالة عمله لَمْ المتوكل. كتاب فِي البول عَلَى طريق المسألة والجواب ثلاث مقالات. كتاب قاطيغورياس على رأي ثامسطيوس مقالة. كتاب قرص الورد. كتاب القرح
وتولده مقالة. كتاب الآجال مقالة. كتاب تولد الحصاة مقالة. كتاب تولد النار بَيْنَ حجرين مقالة. كتاب اختيار الأدوية المحرقة مقالة. كتاب استخراج كمية كتب جالينوس كتبه إِلَى ابن المنجم .. وَكَانَ إسحاق والد حنين سيد لانيا من أهل الحيرة من ولد العباد الذيت اجتمعوا عَلَى النصرانية فلما نشأ حين أحب العلم فدخل بغداد وحضر مجلس يوحنا بن ماسوية وجعل يخدمه ويقرأ عَلَيْهِ وَكَانَ حنين صاحب سؤال وَكَانَ يصعب عَلَى يوحنا فسأله حنين فِي بعض الأيام مسألة مستفهم فجرد يوحنا وقال مَا لا هل الحيرة والطب عَلَيْكَ ببيع الفلوس فِي الطريق وأمر بِهِ فأخرج من داره فخرج حنين باكياً وهذا عمله يوحنا لأن هؤلاء الجند يسابوريين كانوا يعتقدون أنهم أهل هَذَا العلم ولا يخرجونه عنهم وعن أولادهم وجنسهم وغاب حنين سنين ثُمَّ ذكر يوسف الطبيب أنه كَانَ يوماً عند إسحاق بن الحسين حَتَّى يصر بإنسان لَهُ شعر قَدْ ستر وجهه عنه ببعضها وهو يمشي وينشد شعراً بالرومية لا وميرس الشاعر قال يوسف الطبيب فشبهن نغمته بنغمة صبي كنت أعرفه فصحت بِهِ فأجاب وقال ذكر يوحنا ابن الفاعلة أنه كَانَ من المحال أن يتعلم الطب عبادي فإنا برئ من دين النصرانية إن رضيت أن أنعم الطب حَتَّى أحكم إنسان يوناني وأنا أسألك أن تستر أمري فبقيت منذ ثلاث سنين لَمْ أره ثُمَّ دخلت يوماً عَلَى جبرائيل ابن بختيشوع فوجدت عنده حنيناً وَقَدْ ترجم لَهُ أقساماً قسمها بعض الروم فِي كتاب من كتب التشريح لجالينوس وجبرائيل يخاطبه بالتبجيل فأعظمت مَا رأيت وتبين ذَلِكَ جبرائيل مني فقال لي لا تستكثر هَذَا مني فِي أمر هَذَا الفتى فوالله لئن مد لَهُ فِي العمر ليفضحن سرجيس وسرجيس هَذَا هو الرأس عيني ممن نقل علوم اليونانيين إِلَى السرياني وخرج حنين من عنده ثُمَّ خرجت فإذا حنين قائم ينتظرني فقال لي قَدْ كنت سألتك ستر أمري وأنا الآن أسألك إظهار مَا سمعت من أبي عيسى جبرائيل فقلت لَهُ أخبر يوحنا مَا سمعت من مدحك فأخرج من كمه نسخة وقال تدفع هَذَا إِلَى يوحنا فإذا رأيته قَدْ اشتد إعجابه بِهَا أعلمه أنها إخراجي ففعلت ذَلِكَ من يومي فلما قرأ يوحنا تِلْكَ الفصول وهي المسماة بالجوامع كثر تعجبه وقال ترى أوحى الله تعالى فِي دهرنا إِلَى أحد فقلت لَهُ كيْفَ قال هَذَا إِلَاّ
إخراج مؤيد بروح القدس فقلت هَذَا إخراج حنين بن إسحاق الَّذِي طردته من مجلسك وأمرته أن يبيع فلوساً وحدثته بما سمعته من جبرائيل فتحير وسألني التلطف فِي إصلاح مَا بينهما ففعلت ذَلِكَ فأفضل عَلَيْهِ يوحنا وأحسن إِلَيْهِ.
ولم يزل أمره يقوى وعلمه يتزايد وعجائبه تطهر فِي النقل والتفاسير حَتَّى صار ينبوعاً للعلوم ومعدناً للفضائل فلما انتشر ذكره بَيْنَ الأطباء اتصل خبره بالخليفة فأمر بإحضاره ولما حضر أقطع إقطاعاً سنياً وقرر لَهُ جارٍ جيد وَكَانَ الخليفة يسمع علمه ولا يأخذ بقوله دواء يصفه حَتَّى يشاور غيره وأحب امتحانه ليزيل مَا فِي نفسه عَلَيْهِ إذ ظن أن ملك الروم ربما كَانَ قَدْ عمل شيئاً من الحيلة فاستدعاه وأمر بأن يخلع عَلَيْهِ وأخرج توقيعاً لَهُ فِيهِ إقطاع يشتمل عَلَى خمسين ألف درهم فشكر حنين هَذَا الفعل ثُمَّ قل لَهُ بعد أشياء جرت أريد أن تصف لي دواء يقتل عدواً تريد قتله وَلَيْسَ يمكن إشهار هَذَا وتريده سراً فقال حنين مَا تعلمت غير الأدوية النافعة ولا علمت أن أمير المؤمنين يطلب مني غيرها فإن أحب أن أمضي وأتعلم فعلت فقال هَذَا شيء يطول ورغبه وهدده وهو لا يزيد عَلَى مَا قال إِلَى أن أمر بحبسه فِي بعض القلاع ووكل بِهِ من يرفع خبره إِلَيْهِ وقتاً بوقت فحبس سنة وَكَانَ ينقل ويفسر ويصنف وهو غير مكترث بما هو فِيهِ ولما كَانَ بعد سنة أمر الخليفة بإحضاره وإحضار أموال يرغبه فِيهَا وإحضار سيف وقطع وسائر آلات العقوبات ولما حضر قال هَذَا شيء قَدْ طال ولا بد لي مما قلته لَكَ فإن أنعمت فزت بهذا المال وَكَانَ لَكَ عندي إضعافه وإن امتنعت عاقبتك وقتلتك فقال حنين قَدْ قلت لأمير المؤمنين إنني مَا أحسن غير الشيء النافع ولا تعلمت غيره قال الخليفة فإنني أقتلك فقال حنين إِلَى رب يأخذ بحقي غداً فِي الموقف الأعظم فإن اختار أمير المؤمنين أن يظلم نفسه فتبسم الخليفة وقال لَهُ يَا حنين طب نفساً وثق بنا فهذا الفعل منا كَانَ لامتحانك لأننا حذرنا من كيد الملوك فأردنا الطمأنينة إِلَيْكَ والثقة بك لننفع بعلمك فقبل حنين الأرض وشكر لَهُ فقال الخليفة مَا الَّذِي منعك من الإجابة مع مَا رأيته من صدق الأمر منا فِي الحالين قال حنين شيئان يَا أمير المؤمنين قال وَمَا هما قال الذين والصناعة قال وكيف قال الذين يأمرنا باستعمال الخير والجميل مع أعدائنا فكيف ظنك بالأصدقاء والصناعة
تمنعنا من الأضرار بأبناء الجنس لأنها موضوعة لنفعهم ومقصورة عَلَى معالجتهم ومع هَذَا فقد جهل فِي رقاب الأطباء عهد مؤكد بإيمان مغلظة أن لا يعطوا دواء قتالاً فلم أر أن أخالف هذين الأمرين الشريفين ووطنت نفسي عَلَى القتل فإن الله تعالى مَا كَانَ يضيع لي بذل نفسي فِي طاعته فقال الخليفة أنهما شرعان جليلان وأمر بالخلع فأفيضت عَلَيْهِ وحمل المال معه فخرج وهو أحسن الناس حالاً وجاهاً فانظر إِلَى ثمرة الدين والعلم مَا أحلاهما وأحسن منظرهما وفخرهما جعلنا الله وإياك من الشاكرين بهما والمثابين عليهما.
حبيش بن الحسن الأعسم كَانَ نصرانياً أحد تلاميذ حنين والناقلين من اليوناني إِلَى السرياني إلى العربي وَكَانَ حنين يقدمه ويعظمه ويصفه ويرضى نقله وقيل من جملة سعادة حنين صحبة حبيش لَهُ فإن أكثر مَا نقله حبيش نسب إِلَى حنين وكثيراً مَا يرى الجهال شيئاً من الكتب القديمة مترجماً بنقل حبيش فيغان الغر منهم أن الناسخ أخطأ فِي الاسم ويغلب عَلَى ظنه أنه حنين وَقَدْ صحف فيكشطه ويجعله لحنين.
ولحبيش هَذَا من التصانيف سوى مَا خرجه من اليوناني إِلَى العربي. كتاب الزيادة فِي المسائل الَّتِي لحنين.
حنون النصراني الزهاوي الطبيب قرأ الطب عَلَى أطباء الرها ورحل إِلَى ديار بكر فلقي من كَانَ بِهَا بآمد وميافارقين من الحكماء ثُمَّ خدم الناس بطبه وتنقل فِي البلاد بصناعته ورحل إِلَى مملكة قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان ابن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق فخدم أمراء دولته ثُمَّ خرج عن تِلْكَ الديار تِلْكَ ديار بكر وخدم من حصل هناك من البيت الشاه الأرمني وَقَدْ جاء بعده من هزار ديناري ومن خلفه ثُمَّ الداخلين عَلَى تِلْكَ الديار من البيت الأيوبي ورجع إِلَى الرها ثُمَّ جاء إِلَى حلب وقضى نحبه بحلب فِي سنة خمس عشرة وستمائة.
الحقير النافع هَذَا جرائحي مصري يهودي كَانَ فِي زمن الحاكم ومن ظريف أمره أنه كَانَ يرتزق بصناعة مداواة الجراح فِي غاية الخمول واتفق أن عرض لرجل الحاكم عقر زمن وَلَمْ يبرأ وَكَانَ ابن مقشر طبيب الحاكم
والحظي عنده وغيره من أطباء الخاص المشاركين لَهُ يتولون علاجه فلا يؤثر ذَلِكَ إِلَاّ شراً فِي العقر فأحضر لَهُ هَذَا اليهودي فلما رآه طرح عَلَيْهِ دواء يابساً فنشفه وشفاه فِي ثلاثة أيام فأطلق لَهُ ألف دينار وخلع عَلَيْهِ ولقبه بالحقير النافع وجعله من أطباء الخاص. الحكم بن أبي الحكم الدمشقي الطبيب هَذَا طبيب كَانَ فِي صدر الدولة العباسية وَكَانَ من المعمرين وأبوه أبو الحكم كَانَ طبيباً فِي صدر الإسلام وسيره بن أبي سفيان مع ولده يزيد طبيباً إِلَى مكة عندما سير يزيد أميراً عَلَى الحج فِي أيامه قال الحكم هَذَا خرج أبي مع يزيد بن معاوية إِلَى مكة طبيباً وخرجت أنا مع عبد الصمد بن علي ابن عبد الله بن العباس طبيباً إِلَى مكة وبين وفاة يزيد بن معاوية وعبد الصمد بن علي مائة ونيف وعشرون سنة والحكم هَذَا هو والد عيسى بن الحكم الطبيب المشهور وتوفي الحكم هَذَا بدمشق وعبد الله بن طاهر يومئذ بدمشق فِي سنة عشر ومائتين فطلب عبد الله متطببيه فِي وقت غذائه فلم يصب أحداً منهم فسأل عنهم فأخبر بوفاة الحكم وحضورهم جنازته فعاتب عبد الله متطببه أيوب بعد منصرفه عَلَى تركه حضور طعامه فاعتذر أيوب بوفاة الحكم وأعلمه أنه مَا يعرف أحداً بلغ من السن فلم يتغير عقله وَلَمْ ينقص علمه غيره فسأله عبد الله عن سنه فأعلمه أنه عمر مائة سنة وخمس سنين فقال عبد الله عاش الحكم نصف التاريخ.
وقال عيسى بن الحكم ركبت مع أبي الحكم فِي مدينة دمشق فاجتزنا بحاثوت حجام قَدْ وقف عليه بشر كثير فلما بصر بنا بعض الجماعة قالوا أفرجوا هَذَا الحكم المتطبب وعيسى ابنه فلما أفرج القوم فإذا برجل فد فصده الحجام فِي العرق الباسليق فصداً واسعاً وَكَانَ الباسبيق عَلَى الشريان فلم يحسن الحجام أن يعلق العرق فأصاب الشريان وَلَمْ يكن عند الحجام حيلة فِي قطع الدم فاستعملنا الحيلة فِي قطعه بالرفائد ونسج العنكبوت والوبر فلم ينقطع فسأل الحكم ولده عيسى مَا الحيلة فأعلمه أن لا حيلة عنده قال عيسى فدعا أبي بفستقة مشقوقة فأمر بفتحها وطرح مَا فِيهَا ثُمَّ أخذ أحد نصفي القشرة فجعله عَلَى موضع الفصد ثُمَّ أخذ حاشية كتان غليظ فلف
بِهَا موضع الفصد عَلَى قشر الفستقة لفاً شديداً كَانَ يستغيث المتفصد من شدته ثُمَّ شد ذَلِكَ بعد اللف شداً شديداً وأمر بحمل الرجل إِلَى نهر بردى فأدخل يده فِي الماء ووطأ لَهُ عَلَى شط النهر ونومه عَلَيْهِ وأمر فحسامّحات بيض ووكل بِهِ تلميذين من تلاميذه وأمرهما بمنعه من إخراج يده من موضع الفصد من الماء إِلَاّ عند وقت الصلاة أَوْ يتخوف عَلَيْهِ الموت من شد البردة فإن تخوف أذنا لَهُ فِي إخراج يده هنيهة ثُمَّ أمراه بردها ففعلا ذَلِكَ إِلَى الليل ثُمَّ أمر بحمله إِلَى منزله ونهاه عن تغطية موضع الفصد وعن حل الشد فيل استتمام خمسة أيام ففعل ذَلِكَ إِلَاّ أنه سار إِلَيْهِ فِي اليوم الرابع وَقَدْ ورم عضده وذراعه ورماً شديداً فنفس من الشد شيئاً يسيراً وقال الرجل الورم أسهل من الموت فلما كَانَ فِي اليوم الخامس حل الشد فوجدنا قشر الفستقة ملتصقاً بلحم الرجل فقال والدي للرجل بهذا نجون من الموت وإن قلعت هَذَا القشر قبل انخلاعه وسقوطه من غير فعل منك تلفت نفسك قال عيسى فسقط القشر فِي اليوم السابع وبقي فِي مكانه دم يابس فِي خلقة الفستقة فنهاه أبي عن العبث بِهِ أَوْ حك مَا حوله أَوْ فت شيء من ذَلِكَ الدم فلم يزل ذَلِكَ الدم يتحات حَتَّى انكشف موضع الفصد فِي أكثر من أربعين ليلة وبرأ الرجل.