المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الصاد المهملةفي أسماء الحكماء - إخبار العلماء بأخبار الحكماء

[جمال الدين القفطي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌حرف الهمزة فِي أسماء الحكماء

- ‌الكلام عَلَى كتبه الطبيعيات

- ‌الكتب الَّتِي وجدت فِي خزانة الرجل الَّذِي يسمى ابليقون

- ‌حرف الباء الموحدةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف التاء المثناةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الثاء المثلثةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الجيمفِي أسماء الحكماء

- ‌تسميةكتب جالينوس ونقولها وشروحها

- ‌كتب جالينوسالخارجة عن الستة عشر المتقدم شرحها

- ‌حرف الحاء المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الخاء المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الدال المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الذال المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الراء المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الزاء المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف السين المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الشين المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الصاد المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الطاء المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف العين المهملةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الغين المعجمةفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الفاءفِي أسماء الحكماء

- ‌حرق القاففِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الكاففِي أسماء الحكماء

- ‌حرف اللامفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الميمفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف النونفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الهاءفِي أسماء الحكماء

- ‌حرف الواوفِي أسماء الحكماء

- ‌ونسخة المحضر الثاني

- ‌حرف الياءفِي أسماء الحكماء

- ‌الكنى فِي أسماء الحكماء

- ‌الأبناء فِي أسماء الحكماء

الفصل: ‌حرف الصاد المهملةفي أسماء الحكماء

‌حرف الصاد المهملة

فِي أسماء الحكماء

ساعد بن يحيى بن هبة الله بن توما النصراني أبو الكرم البغدادي كَانَ طبيباً حسن العلاج كثير الإصابة ميمون المعاناة فِي الأكثر لَهُ سعادة فِي هَذَا الشأن وَكَانَ من ذوي المروآت والأمانات تقدم فِي أيام الناصر إِلَى أن كَانَ بمنزلة الوزراء واستوثقه عَلَى حفظ أموال خواصه وَكَانَ يودعها عنده ويرسله فِي أمور خفية إِلَى وزرائه ويظهر لَهُ فِي كل وقت وَكَانَ حسن الوساطة قضيت عَلَى يده حاجات واستكفيت بوساطته شرور وَلَمْ ير لَهُ غير شاكر وَكَانَ الخليفة الناصر فِي آخر أيامه قَدْ ضعف بصره وأدركه سهو فِي أكثر أوقاته لأحزان تواترت عَلَى قلبه ولما عجز عن النظر فِي القصص ولأنها آتٍ استحضر امرأة من النساء البغداديات تعرف بست نسيم وقربها وَكَانَتْ تكتب خطاً قريباً من خطه وجعلها بَيْنَ يديه تكتب الأجوبة والرقاع وشاركها فِي ذَلِكَ خادم قريب اسمه تاج الدين رشيق ثُمَّ تزايد الأمر بالناصر فصارت المرأة تكتب فِي الأجوبة بما تراه فمرة تصيب ومرة تخطئ ويشاركها رشيق فِي مثل ذَلِكَ واتفق أن كتب الوزير القمي المدعو بالمؤيد مطالعة وحملها وعاد جوابها وفيه اختلال بين فتوقف الوزير وأنكر ثُمَّ استدعي الحكيم صاعد بن توما وأسر إِلَيْهِ مَا جرى وسأله تفصيل الحال فعرفه مَا الخليفة عَلَيْهِ من عدم البصر والسهو الطارئ فِي أكثر الأوقات وَمَا تتعمده المرأة والخادم من الأجوبة فتوقف الوزير عن العمل بأكثر الأمور الواردة عَلَيْهِ وتحقق الخادم والمرأة ذَلِكَ وَقَدْ كَانَتْ لهما أغراض يرديان أن تمشيتها لأجل الدنيا واغتنام الفرصة فِي نيلها فحدثا أن الحكيم هو الَّذِي دله عَلَى ذَلِكَ فقرر رشيق مع رجلين من الجند فِي الخدمة أن يقتلا الحكيم ويقتلاه وهما رجلان يعرفان بولدي قمر الدولة من الأجناد الواسطية وَكَانَ أحدهما فِي الخدمة والآخر بطالاً فرصدا الحكيم فِي بعض الليالي إِلَى أن أتى دار الوزير وخرج منها عائداً إِلَى دار الخلافة وتبعاه إِلَى أن وصل إِلَى باب درب الغلة المظلمة ووثبا عَلَيْهِ بسكينيهما فقتلاه وَكَانَ بَيْنَ يديه مشعل وغلام وانهزم الحكيم لما وقع بحرارة الضرب إِلَى الأرض إِلَى أن وصل

ص: 165

إِلَى باب خربة الهراس والقاتلان تابعان لَهُ فبصر بهما واحد وصاح خذوهما فعاد إِلَيْهِ وقتلاه وجرحا النقاط الَّذِي كَانَ بن يدي الحكيم وحمل الحكيم إِلَى منزله ميتاً ودفن بداره فِي ليلته ونفذ من البدرية من حفظ داره وكذلك من دار الوزير لأجل الودائع الَّتِي كَانَتْ عنده للحرم والحشم الخاص وبحث عن القاتلين فعرفا فأمر بالقبض عليهما وتولى القبض والبحث إبراهيم بن جميل بمفرده وحملهما إِلَى منزله ولما كَانَ فِي بمرة تِلْكَ الليلة أخرجا إِلَى موضع القتل وشق بطناهما وصلبا عَلَى باب المذبح المحاذي لباب الغلة الَّتِي حرج بِهَا الحكيم وَكَانَ قتله وموته فِي ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة.

صاعد بن هبة الله بن المؤمل أبو الحسين النصراني الحظيري المتطبب أصله من الحظيرة ونزل بغداد وَكَانَ اسمه أيضاً ماري وهو من أسماء الكنيسة عند النصارى فإنهم يسمون أولادهم عند الولادة بأسماء فإذا أعمدوهم سموهم عند المعمودية باسم من أسماء الصالحين منهم خدم أبو الحسين هَذَا بالدار العزيزة الناصرة وتقرب قرباً كثيراً وكسب بخدمته وصحبته الأموال وَكَانَتْ لَهُ الحرمة الوافرة وَلَهُ معرفة تامة بالمنطق والفلسفة وأنواع الحكمة وَكَانَ فِيهِ كبر وحمق وتيه وينسب إِلَى ظلم مفرط وَلَمْ يزل عَلَى أمره ينسخ بخطه كتب الحكمة ويتصرف فيما هو بصدده من الطب وَعَلَى حالته فِي القرب إِلَى أن مات فِي يوم العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ببغداد.

صالح بن بهلة الهندي طبيب مذكور فِي أيام الرشيد هندي الطب حسن الإصابة فيما يعانيه ويخبر بِهِ من تقدمه بالمعرفة عَلَى طريق الهند ومن عجيب مَا جرى لَهُ أن الرشيد فِي بعض الأيام قدمت لَهُ الموائد فطلب جبرائيل بن بختيشوع ليحضر أكله عَلَى عادته فِي ذَلِكَ فطلب فلم يوجد فلعنه الرشيد وبينما هو فِي لعنته إذ دخل عَلَيْهِ فقال لَهُ إِن اشتغل أمير المؤمنين بالبكاء عَلَى ابن عمه إبراهيم بن صالح وترك تناولي بالسب كَانَ أشبه فسأله عن خبر إبراهيم فأعلمه أنه خلفه وبه رمق ينقضي آخره وقت صلاة العتمة فاشتد جزع الرشيد من ذَلِكَ وأمر بدفع الموائد وكثر بكاؤه فقال جعفر بن يحيى يَا أمير المؤمنين جبرائيل طبه رومي

ص: 166

وصال بن بهلة الهندي فِي العلم بطريقة أهل الهند فِي الطب مثل جبريل فِي العلم بمقالات الروم فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإحضاره ويوجهه إِلَى إبراهيم بن صالح ليفهمنا عنه فعل فأمر الرشيد جعفراً بإحضاره وتوجيهه وبالمصير إِلَيْهِ بعد منصرفه من عند إبراهيم ففعل ذَلِكَ ومضى صالح بن بهلة إِلَى إبراهيم حَتَّى عاينه وجس عرقه وصار إِلَى جعفر فدخل جعفر عَلَى الرشيد فأخبره بحضور صالح بن بهلة فأمره الرشيد بإدخاله إِلَيْهِ فدخل ثُمَّ قال يَا أمير المؤمنين أنت الإمام وعاقد ولاية القضاء للأحكام ومهما حكمت بِهِ لَمْ يجز لحاكم فسخه وأنا أشهدك وأشهد عَلَى نفسي من حضرك أن إبراهيم بن صالح إِن توفي فِي هَذِهِ الليلة أَوْ فِي هَذِهِ العلة ام كل مملوك لصالح بن بهلة حر لوجه الله وكل دابة لَهُ فحبيس فِي سبيل الله وكل مال لَهُ فصدقة عَلَى المساكين وكل امرأة لَهُ فطالق ثلاثاً فقال الرشيد حلفت يَا صالح بالغيب فقال صالح كلا يَا أمير المؤمنين إنما الغيب مَا لا دليل عَلَيْهِ ولا علم بِهِ وَلَمْ أقل مَا قلت إِلَاّ بدلائل بينة وعلم واضح فسرى عن الرشيد مَا كَانَ يجد وطعم وأحضر لَهُ النبي فشرب فلما كَانَ وقت العتمة ورد كتاب صاحب البريد بمدينة السلام بوفاة إبراهيم بن صالح علي الرشيد فاسترجع وأقبل عَلَى جعفر بن يحيى باللوم فِي إرشاده إياه إِلَى صالح بن بهلة وأقبل يلعن الهند وطبهم ويقول واسوأتا من الله أن يكون ابن عمي يتجرع غصص الموت وأنا أشرب النبيذ ومزجه بالماء وألقى فِيهِ من الملح شيئاً وأخذ يشرب منه ويتقيأ حَتَّى قذف مَا كَانَ فِي جوفه من طعامه وشرابه وبكر إِلَى دار إبراهيم فقصد الخدم بالرشيد إِلَى رواق فِيهِ الركاسي والمساند والنمارق فاتكأ الرشيد عَلَى سيفه ووقف وقال لا يحسن الجلوس فِي المصيبة بالأحبة عَلَى أكثر من البساط وصارة سنة لبني العباس من ذَلِكَ وَلَمْ تكن السنة كذلك ووقف صالح بن بهلة بَيْنَ يدي الرشيد فلم ينطق أحد إِلَى أن سطعت روائح المجامر فصاح صالح بن بهلة عند ذَلِكَ الله الله يَا أمير المؤمنين أن تحكم عليّ بطلاق زوجتي فيتزوجها من لا تحل لَهُ الله الله أن تخرجني من اسمتي وَلَمْ يلزمني حنث الله الله أن تدفن ابن عمك حياً فوالله مَا مات فأطلق لي الدخول عَلَيْهِ وانتظر إِلَيْهِ وهتف بهذا القول مرات فأذن لَهُ بالدخول عَلَى إبراهيم ثُمَّ سمع الجماعة تكبيراً فخرج صالح بن بهلة وهو يكبر ثُمَّ قال يَا أمير المؤمنين قم حَتَّى أريك عجباً فدخل إِلَيْهِ الرشيد ومعه جماعة من خواصه فأخرج صالح

ص: 167

إبرة كَانَتْ معه وأدخلها بَيْنَ ظفر إبهام يده اليسرى ولحمه فجذب إبراهيم يده وردها إِلَى بدئه فقال صالح يَا أمير المؤمنين هل يحس الميت الوجع فقال يَا أمير المؤمنين أخاف إِن عالجته فأفاق وهو فِي كفن يجد منه رائحة الحنوط أن ينصدع قلبه فيموت موناً حقيقياً ولكن مر بتجريده من الكفن ورده إِلَى المغتسل وإعادة الغسل عَلَيْهِ حَتَّى يزول منه رائحة الحنوط ثُمَّ يلبس مثل ثيابه الَّتِي كَانَ يلبسها فِي حال صحته ويطيب بمثل ذَلِكَ الطيب ويحول إِلَى فراش من فرشه الَّتِي كَانَ يجلس وينام عَلَيْهَا حَتَّى أعالجه بحضرة أمير المؤمنين فإنه يكلمه من ساعته قال أبو سلمة فوكلني الرشيد بالعمل بما حد صالح بن بهلة ففعلت ذَلِكَ قال ثُمَّ سار الرشيد وأنا معه ومسرور إِلَى الموضع الَّذِي فِيهِ إبراهيم ودعا صالح بن بهلة بكندس ومنفخة من الخزانة ونفخ من الكندس فِي أنفه فمكث مقدار سدس ساعة ثُمَّ اضطرب بدنه وعطس وجلس فكلم الرشيد وقبل

يده وسأله الرشيد عن قضيته فذكر أنه كَانَ نائماً نوماً لا يذكر أنه نام مثله قط طيباً إِلَاّ أنه رأى فِي منامه كلباً قَدْ أهوى إِلَيْهِ فتوقاه بيده فعض إبهام فِيهَا الإبرة وعاش إبراهيم بعد ذَلِكَ دهراً ثُمَّ تزوج العباسة بنت المهدي وولى مصر وفلسطين وتوفي بمصر وقبره بِهَا. ده وسأله الرشيد عن قضيته فذكر أنه كَانَ نائماً نوماً لا يذكر أنه نام مثله قط طيباً إِلَاّ أنه رأى فِي منامه كلباً قَدْ أهوى إِلَيْهِ فتوقاه بيده فعض إبهام فِيهَا الإبرة وعاش إبراهيم بعد ذَلِكَ دهراً ثُمَّ تزوج العباسة بنت المهدي وولى مصر وفلسطين وتوفي بمصر وقبره بِهَا.

ص: 168