الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف العين المهملة
فِي أسماء الحكماء
العباس بن سعيد الجوهري المنجم خبير بصناعة التسيير وحساب الفلك قيم بعمل آلات الأرصاد صحب المأمون وندبه إِلَى مباشرة الرصد فِي جملة الجماعة المتولين لذلك بالشماسية ببغداد وحقق مواضع بعض الكواكب السيارة والنيرين وعمل عَلَى ذَلِكَ زيجاً مشهوراً مذكوراً عند أهل هَذَا الشأن فهو ورفقته سندين علي وخالد بن عبد الملك المر والروزي ويحيى بن أبي منصور أول من رصد فِي الملة الإسلامية ثُمَّ تبعهم الناس بعد ذَلِكَ عَلَى مَا سيأتي فِي خبر رجل منهم وَلَهُ تصانيف منها كتاب الزيج. كتاب تفسير كتاب إقليدس. كتاب الأشكال الَّتِي فِي المقالة الأولى عن كتاب إقليدس.
عبد الله بن المقفع كَانَ فاضلاً كاملاً وهو أول من اعتنى فِي الملة الإسلامية بترجمة الكتب المنطقية لأبي جعفر المنصور وهو فارسي النسب ألفاظه حكيمة ومقاصده من الخلل سليمة ترجم كتب أرسطوطاليس المنطقية الثلاثة وهي كتاب قاطيغورياس وكتاب باري أرمينياس وكتاب أنالوطيقا ترجم ذَلِكَ بعبارة سهلة وترجم مع ذَلِكَ الكتاب الهندي المعروف بكتاب كليلة ودمنة وَلَهُ تآليف حسنة منها. رسالته فِي الأدب والسياسة. ورسالته المعروفة باليتيمة فِي طاعة السلطان.
عبد الله بن مسرور النصراني غلام أبي معشر البلخي المنجم
هَذَا الرجل صحب أبن معشر المدة الطويلة واستفاد من علومه إِلَى أن اشتهر اسمه وذكر فِي وقته وانتهى إِلَى درجة التصنيف فِيهَا يعانيه ومن تصانيفه. كتاب مطرح الشعاع. كتاب تحاويل سني المواليد. كتاب تحاويل سني العالم.
عبد الله بن أماجور أبو القاسم الهروي من أولاد الفراعنة وَكَانَ فاضلاً مذكوراً فِي زمنه لَهُ مكانة من هَذَا الشأن ومنزلة مذكورة وَلَهُ تصانيف مفيدة منها كتاب زاد المسافر. كتاب الزيج المعروف بالخالص. كتاب الزيج المعروف بالخالص. كتاب الزيج المعروف بالمزئرة. كتاب الزيج البديع. كتاب زيج السند هند. كتاب فِي الممرَّات. كتاب زيج المريخ عَلَى التاريخ الفارسي.
عبد الله بن الحسن الصيدلاني المنجم هَذَا رجل اشتهر بعلوم النجامة والهندسة وَكَانَ ميله إِلَى الحساب أكثر وَلَهُ تصانيف.
عبد الله بن علي النصراني المعروف بالدنداني يكنى أبا علي وَكَانَ منجماً قديم العهد مشهوراً فِي زمانه بهذه الصناعة وصنف فِيهَا.
عبد الله بن سهل بن توبخت المنجم هَذَا منجم مأموني كبير القدر فِي صناعته يعلم المأمون قدره فِي ذَلِكَ وَكَانَ لا يقدم إِلَاّ عالماً مشهوداً لَهُ بعد الاختبار وَكَانَ المأمون قَدْ رأى آل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب متخشين مختفين من خوف المنصور وَقَدْ جاء بعده من بني العباس ورأى العوام قَدْ خفيت عنهم أمورهم بالاختفاء فظنوا بهم مَا يظنونه بالأنبياء ويتفوهون فِي صفتهم بما يخرجهم عن الشريعة من التغالي فأراد معاقبة العامة عَلَى هَذَا الفعل ثُمَّ فكر أنه إِذَا فعل هَذَا بالعوام زادهم إغراء بِهِ فنظر فِي هَذَا الأمر نظراً دقيقاً وقال لو ظهروا للناس ورأوا فسق الفاسق منهم وظلم الظالم لسقطوا من أعينهم ولا تقلب شكرهم لهم ذماً ثُمَّ قال إذ أمرناهم بالظهور خافوا واستتروا وظنوا بنا سوء وإذاً فالرأي أن تقدم أحدهم ولا يظهر لهم غماماً فإذا رأوا هَذَا أنسوا وظهروا وأظهروا مَا
عندهم من الحركات الموجودة فِي الآدميين فيتحقق للعوام حالهم وَمَا هم عَلَيْهِ مما خفي بالاختفاء فإذا تحقق ذَلِكَ أولت من أقمته ورددت الأمر إِلَى حالته الأولى وقوي هَذَا الرأي عنده وكتم باطنه عن خواصه وأظهر للفضل بن سهل أنه يريد أن يقيم إماماً من آل أمير المؤمنين عَلي صلوات الله وأفتكر هو وهو فيمن يصلح فوقع إجماعهما عَلَى الرضا فأخذ الفضل بن سهل فِي تقرير ذَلِكَ وترتيبه وهو لا يعلم باطن المر وأخذ فِي اختيار وقت لبيعة الرضا فاختار طالع السرطان وفيه المشتري.
قال عبد الله بن سهل بن نوبخت هَذَا أردت أن اعلم نية المأمون فِي هَذِهِ البيعة وأن باطنه كظاهره أم لا لأن الأمر عظيم فأنفذت إِلَيْهِ قبل العقد رقعة مع ثقة من خدمه وَكَانَ يجيء فِي مهم أمره وقلت لَهُ أن هَذِهِ البيعة فِي الوقت الَّذِي اختاره ذو الرياستين لا تتم بل تنقض لأن المشتري وغن كَانَ فِي الطالع فِي بيت شرفه فإن السرطان برج منقلب وَفِي الرابع وهو بيت العاقبة المريخ وهو نخس وَقَدْ أغفل ذو الرياستين هَذَا فكتب إليَّ قَدْ وقفت عَلَى ذَلِكَ أحسن الله جزاءك فاحذر كل الحذر أن تنبه ذا الرياستين عَلَى هَذَا فإنه إن زال عن رأيه علمت أنك أنت المنبه لَهُ فهم ذي الرياستين بذلك فما زلت أصوب رأيه الأول خوفاً من اتهام المأمون لي وَمَا غفلت أمري حَتَّى مضى أمر البيعة فسلمت من المأمون.
عبد الله بن الطيب أبو الفرج الفيلسوف عراقي فيلسوف فاضل مطلع عَلَى كتب الأوائل وأقاويلهم مجتهد فِي البحث والتفتيش وبسط القول واعتنى بشروح الكتب القديمة فِي المنطق وأنواع الحكمة من تآليف أرسطوطاليس ومن الطب كتاب جالينوس وبسط القول فِي الكتب الَّتِي تولى شرحها بسطاً شافياً قصد بِهِ التعليم والتفهيم حَتَّى لقد رأيت من ينتحل هَذَا الصناعة يذمه بالطويل وَكَانَ هَذَا العائب يهودياً ضيق الفطن قَدْ وقف عَلَى عبارة ابن سينا فأما أنا وكل متصف فلا تقول إِلَاّ أن أبا الفرج بن الطيب قَدْ أحيى من هَذِهِ العلوم مَا دثر وأبان منها مَا خفي وَقَدْ تلمذ لَهُ جماعة سادوا وأفادوا منهم المختار بن
الحسن بن عبدون المعروف بابن بطلان قال ابن بطلان وشيخنا أبو الفرج عبد الله بن الطيب بقي عشرين سنة فِي تفسير مَا بعد الطبيعة ومرض من الفكر فِيهِ مرضة كَاد يلفظ نفسه فِيهَا وهذا يدلك عَلَى حرصه واجتهاده وطلب العلم لعينه ولولا ذَلِكَ لما تكلف عاش إِلَى بعد العشرين والأربعمائة وقيل لي مات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
عبد الله بن شاكر بن أبي المطهر المعداني يلقب شمس الدين فاضل كامل لَهُ يد طولى فِي الهندسة وعلم النجوم وَلَهُ أدب وشعر فارسي حسن وعربي لا بأس بِهِ مات فِي حدود سنة سبعين وخمسمائة بأصبهان.
عبيد الله بن الحسن أبو القاسم المعروف بغلام زحل المنجم مقيم ببغداد من أفاضل لحساب والمنجمين أصحاب الحجج والبراهين وَلَهُ يد طولى فيما يعانيه من هَذَا الشان وَكَانَ صديقاً لأبي سليمان المنطقي ومحاضراً لَهُ وَكَانَ أبو سليمان المنطقي كثير الشكر لَهُ والذكر لما يورد فمن ذَلِكَ مَا ذكر أنه اجتمع يوماً عند أبي سليمان جماعة من سادة علماء علم الأوائل وأخذوا فِي المذاكرة فذكروا علم النجامة وقالوا هي من العلوم الَّتِي لا تجدي فائدة ولا يصح لَهَا حكم وكان فِي الجماعة أبو زكريا الضيمري والنوشجاني أبو الفتح وأبو محمد العروضي والمقدسي والقومسي وغلام زحل وكل واحد من هؤلاء إمام فِي شأنه وفرد فِي صناعته فأطالوا القول فِي ذَلِكَ واحتجوا وأخذ بهم القول فِي كل مسلك فقال النوشجاني أَيُّهَا القوم اختصروا الكلام وقربوا البغية فإن الإطالة مصدة عن الفائدة مضلة للفهم والفطنة هل تصح الكلام فقال غلام زحل عن هَذَا جواب يستتب عَلَى كل وجه فقيل وَلَمْ بَيْنَ فقال لأن صحتها وبطلانها متعلقان بآثار الفلك وَقَدْ يقتضي شكل الفلك فِي زمان أن لا يصح منها شيء وإن غيص عَلَى دقائقها وبلغ إِلَى أعماقها وَقَدْ يزول ذَلِكَ الشكل فيجيء زان لا يبطل منها شيء فِيهِ وإن قورب فِي الاستدلال وقد يتحول هَذَا الشكل فِي وقت آخر إِلَى أن يكثر الصواب فِيهَا أَوْ الخطأ ويبقى زماناً ومتى وقف الأمر عَلَى هَذَا الحد لَمْ ينبت عَلَى قول قضاء ولا وثق بجواب فقال أبو سليمان المنطقي هَذَا احسن مَا يمكن أن يقال فِي الباب
ولغلام زحل من التصانيف. كتاب التسييرات مقالة. كتاب الشعاعات مقالة. كتاب أحكام النجوم. كتاب التسييرات والشعاعات الكبير. كتاب الاختيارات. كتاب الجامع الكبير. كتاب الأصول المجردة وقال هلال بن المحسن فِي كتابه فِي سنة ست وسبعين وثلاثمائة فِي يوم السبت الثالث من المحرم توفي أبو القاسم عبيد الله بن الحسن المعروف بغلام زحل المنجم وَكَانَ محذقاً.
عبد الرحمن بن إسماعيل بن بدر المعروف بالإقليدس الأندلسي كَانَ هَذَا الرجل متقدماً فِي علم الهندسة معتنياً بصناعة المنطق وَلَهُ تآليف مشهورة فِي اختصار الكتب المنطقية الثمانية حكى ابن أخته أبو العباس أحمد بن أبي حاتم انه رحل عن الأندلس إِلَى المشرق فِي أيام الحاجب المنصور بن أبي عامر وتوفي هناك.
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم بن يحيى بن واقد اللخمي الأندلسي أحد أشراف أهل الأندلس عني عنائة بالغة بقراءة كتب جالينوس وطالع كتب أرسطوطاليس وغيره من الفلاسفة وتمهر بعلم الأدوية المفردة حَتَّى فهم مَا تضمنه كتاب ذيوسقوريذس وكتاب جالينوس المؤلفين فِي الأدوية المفردة ورتبه أحست ترتيب وهو مشتمل عَلَى قريب من خمسمائة ورقة وَلَهُ فِي الطب منزع لطيف ومذهب ظريف وذلك أنه لا يرى التداوي بالأدوية مَا أمكن التداوي بالأغذية أَوْ مَا كَانَ منها قريباً فإذا دعت الضرورة إِلَى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبها مَا وصل إِلَى الشفاء بمفردها فإن اضطر إِلَى المركب منها لَمْ يكثر التركيب بل اقتصر عَلَى مَا يمكنه منه وَلَهُ نوادر محفوظة وغرائب مشهورة فِي الإبراء من العلل الصعبة بأيسر علاج وأقربه وَكَانَ قريباً من وسط المائة الخامسة متوطناً طليطلة وذكر أنه ولد فِي ذي الحجة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سهل الصوفي أبو الحسين
الرازي الفاضل الكامل النبيه النبيل صاحب الملك عضد الدولة فناخسرو شاهنشاه بن بويه ومصنف الكتب الجليلة فِي علم الفلك وَكَانَ من أهل لسا فارسي النسبة ولد بالري وَكَانَ عضد الدولة يقول إذَا افتخر بالعلم والمعلمين معلمي فِي النحو أبو علي الفارسي النسوي ومعلمي فِي حل الزيج الشريف ابن الأعلم ومعلمي فِي الكواكب الثابتة وأماكنها وسيرها الصوفي.
ومن تصانيفه. كتاب الكواكب الثابتة مصوراً. كتاب الأرجوزة فِي الكواكب الثابتة مصوراً. كتاب التذكرة ومطارح الشعاعات. قال هلال بن المحسن فِي كتابه فِي سنة ست وسبعين وثلاثمائة فِي الثالث عشر من المحرم يوم الثلاثاء توفي أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي فِي منجم عضد الدولة وَكَانَ مولده بالري فِي الليلة الَّتِي صيحتها يوم السبت الرابع عشر من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين.
عبد الرحمن بن عبد الكريم السرخسي الطبيب المدعو بثقة الدين شرف الإسلام طبيب فِي زمننا هَذَا الأقرب من أهل سرخس انتهت إِلَيْهِ رئاسة هَذِهِ الصناعة فِي تِلْكَ المدينة ولما اجتاز بِهِ ابن خطيب الري المدعو بالفخر الرازي وذلك فِي حدود سنة ثمانين وخمسمائة نزل عَلَيْهِ فأكرمه وقام بحقه مدة مقامه بسرخس وذلك حين اجتيازه إِلَى مَا وراء النهر لقصد بني مازة ببخارى طالباً منهم مَا يقوم بأمره وَلَمْ يجد عندهم ذَلِكَ ولما أكرمه هَذَا الطبيب أراد أن يفيده مما لديه فشرع لَهُ فِي الكلام عَلَى القانون وشرح المستغلق من ألفاظه ووسمه باسمه وذكره فِي مقدمته ووصفه وأنني عَلَيْهِ وقال فرتبته وجعلته باسم الشيخ الإمام الفاضل الحكيم المحقق ثقة الدين شرف الإسلام سيد الحكماء والأطباء عبد الرحمن بن عيد الكريم السرخسي حرس الله أيامه فإنه بعد أن تحلى بالعلم الكثير والفضل الغزير والطريقة الفاضلة الرضية والسنة السنية كثر إحسانه إليَّ وإنعامه عليّ وطال انجذاب خاطره إِلَى مَا يتعلق بصلاح حالي وفراغ بالي حالتي إقامتي وترحالي فأردت أن أكتب هَذَا الكتاب باسمه لأغراض ثلاثة الأول أن كثيراً من هَذِهِ المباحث تلخصت بمحاورته وتهذبت بمناقشته ومشافهته والثاني ليكون قضاء لبعض حقوقه والثالث لوثوقي بقوته فِي هَذَا العلم وأصوله لا سيما عَلَى أبواب هَذَا الكتاب وفصوله فعرفت أنه الَّذِي يعرف قدر مَا استخرجته من النكت العلمية والغرائب الحمية الَّتِي لا توجد في شيء من المصنفات الَّتِي
للقدماء والمتأخرين وَلَمْ يشتمل عَلَيْهَا كتاب أحد من السالفين والسابقين.
عبد الودود الطبيب الأندلسي ولد فِي بلنسية وهاجر إِلَى العراق وخراسان وعرف عند السلاطين فِي عصر السلطان محمد بن ملكشاه وهو الَّذِي يقول فِيهِ بعض أهل العصر وَقَدْ ضمن شعره شيئاً من شعر المتنبي:
عبد الودود طبيب طبه حسن
…
أحيا وأيسر مَا قاسيت مَا قتلا
لولا تطببه فينا لما وجدت
…
لَهَا المنايا إِلَى أرواحنا سبلا
عبد السلام بن عبد القادر بن أبي صالح جنكي دوست بن أبي عبد الله الجيلي البغدادي المدعو باركن من بيت تصوف وتعبد وخبره مشهور مذكور وَكَانَ عبد السلام هَذَا قَدْ قرأ علوم الأوائل وأجادها واقتنى كتباً كثيرة فِي هَذَا النوع واشتهر بهذا الشأن شهرة تامة وَلَهُ تقدم فِي الدولة الإمامية الناصرية وحصل لَهُ بتقدمه حسد من أرباب الشر فثلبه أحدهم بأنه معطل وانه يرجع إِلَى أقوال أهل الفلسفة فِي قواعد هَذَا الشأن فأوقعت الحفظة عَلَيْهِ وَعَلَى كتبه فوجد فِيهَا الكثير من علوم القوم وبرزت الأوامر الناصرية بإخراجها إِلَى موضع ببغداد يعرف بالرحبة وأن تحرق بحضور الجمع الجم منها ففعل ذَلِكَ وأحضر لَهَا عبيد الله التيمي البكري المعروف بابن المارستانية وجعل لَهُ منبر صعد عَلَيْهِ وخطب خطبة لعن فِيهَا الفلاسفة ومن يقول بقولهم وذكر الركن عبد السلام هَذَا بشر وَكَانَ يخرج الكتب الَّتِي لَهُ كتاباً كتاباً فيتكلم عَلَيْهِ ويبالغ فِي ذمه وذم مصنفه ثُمَّ يلقيه من يده لمن يلقيه فِي النار.
اخبرني الحكيم يوسف السبتي الإسرائيلي قال كنت ببغداد يومئذ تاجراً فحضرت المحفل وسمعت كلام ابن المارستانية وشاهدت فِي يده كتاب الهيئة لابن الهيثم وهو يشير إِلَى الدائرة الَّتِي مثل بِهَا الفلك وهو يقول وهذه الداهية والداهية والنازلة الصماء والمصيبة العمياء وبعد تمام كلامه خرقها وألقاها إِلَى النار قال فاستدللت عَلَى جهله وتعصبه إذ لَمْ يكن فِي الهيئة كفر وإنما هي طريق إِلَى الإيمان ومعرفة قدرة الله
جل وعز فيما أحكمه ودبره واستمر الركن عبد السلام فِي السجن معاقبة عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن أفرج عنه فِي يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة وأعيد عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ بعد الَّذِي ذهب وعاش بعد ذَلِكَ عمراً طويلاً.
عبد الرحيم بن علي بن المرزبان أبو أحمد الطبيب المرزباني كَانَ من أهل أصبهان عالماً فاضلاً بعلم الشريعة وعلم الطبيعة تقدم فِي الدولة البويهية وَكَانَ قاضياً بتستر وخوزستان وكان إِلَيْهِ أمر البيمارستان بمدينة السلام وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن توفي بتستر فِي جمادى سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
عبد الحميد بن واسع أبو الفضل هَذَا رجل حاسب عالم بصناعة الحساب مقدم فِيهَا مذكور بَيْنَ أهلها ويعرف بابن ترك الجيلي ويكنى أبا محمد أيضاً لَهُ فِي الحساب تصانيف مشهورة مستعملة منها. كتاب الجامع فِي الحساب يحتوي عَلَى ستة كتب. كتاب نوادر الحساب وخواص الأعداد.
علي بن عبد الرحمن بن يونس بن عبد العلي المصري المنجم كَانَ والده عبد الرحمن بن يونس محدث مصر ومؤرخها وأحد العلماء المشهورين بِهَا وجده يونس بن عبد الأعلى صاحب الشافعي وَعَلَى هَذَا من المتخصصين بعلم النجوم وَلَهُ مع هَذَا أدب وشعر اختص بصحبة الحاكم وألف لَهُ الزيج الكبير عليه السلام رصد رصده وَكَانَ قصده فِيهِ تحرير زيج جامع كبير يدل عَلَى أن صاحبه كَانَ أعلم الناس بالحساب والتسيير.
علي بن أماجور وريما قيل فِي اسم أبيه ماجور بغير همزة أحد العلماء بحركات الكواكب والمعانين لأرصادها وأهل هَذَا الشأن يستدلون بقوله ويرجعون إِلَى مَا رصده وحققه.
علي بن رين الطبري الطبيب أبو الحسن فاضل فِي صناعة الطب وَقَدْ كَانَ بطبرستان يتصرف فِي خدمة ولاتها ويقرأ علم الحكمة وانفرد بالطبيعيات وجرى بطبرستان فتنة أخرجه أهلها إِلَى الري فقرأ عَلَيْهِ محمد بن زكريا الرازي واستفاد منه علماً كثيراً ثُمَّ رحل إِلَى سر من رأى فأقام بِهَا وصنف كتابه المسمى بفردوس الحكمة وهو كتاب مختصر جميل التصنيف لطيف التأليف وهو سبعة أنواع يحتوي عَلَى ثلاثين مقالة والمقالات تحتوي عَلَى ثلاثمائة وستين كتاباً وَلَهُ كتاب. تحفة الملوك. كتاب كناش الحضرة. كتاب منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير. وذكره محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه فقال أبو الحسن علي بن ربن وهو ابن سهل الطبري وربن اسم سهل لأنه كَانَ من ربين اليهود وَكَانَ عَلَى هَذَا يكتب للمازيار بن قارن فلما اسلم عَلَى يد المعتصم قربه وظهر بالحضرة فضله وأدخله المتوكل فِي جملة ندمائه.
علي بن العباس المجوسي طبيب فاضل كامل فارسي الأصل يعرف بابن المجوس قرأ عَلَى شيخ فارسي يعرف بابن ماهر وطالع هو واجتهد لنفسه ووقف عَلَى تصانيف المتقدمين وصنف للملك عضد الملك الدولة فناخسرو بن بويه كناشة المسمى بالملكي وهو كتاب جليل وكناش نبيل اشتمل عَلَى علم الطب وعمله حسن الترتيب مال الناس إِلَيْهِ فِي وقته ولزموا درسه إِلَى أن ظهر كتاب القانون لابن سينا فمالوا إِلَيْهِ وتركوا الملكي بعض الترك والملكي فِي العمل أبلغ والقانون فِي العلم أثبت.
علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح الأندلسي أبو محمد أصل آبائه من قرية إقليم الرواية من كورة نبلة من غرب الأندلس وسكن هو وأبوه قرطبة وتالا فِيهَا جاهاً عريضاً وَكَانَ أبوه عمر أحمد بن سعيد أحد سعيد العظماء من وزراء المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر ووزر لابنه المظفر بعده وَكَانَ ابنه الفقيه أبو محمد هَذَا وزيراً لعبد الرحمن المستظهر بالله بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر لدين الله ثُمَّ نبذ هَذِهِ الطريقة وأقبل عَلَى قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن وعني بعلم المنطق وألف فِيهِ كتاباً سماه كتاب التقريب لحدود المنطق بسط فِيهِ القول عَلَى تبيين طرق المعارف واستعمل فِيهِ أمثلة فقيهة وجوامع شرعية وخالف أرسطوطاليس واضع هَذَا العلم فِي بعض أصوله مخالفة من لَمْ يفهم غرضه فكتابه من أجل هَذَا كثير الغلط بَيْنَ السقط وأوغل بعد هَذَا فِي الاستكثار من علوم الشريعة حَتَّى نال منها مَا لَمْ ينله أحد قط بالأندلس قبله وصنف فِيهِ مصنفات كثيرة العدد شريفة المقصد معظمها فِي أصول الفقه وفروعه عَلَى مذهبه الَّذِي ينتحله وهو مذهب داود بن علي بن خلف الأصفهاني ومن قال بقوله من أهل الظاهر وذكر ابنه أبو رافع الفضل أن مبلغ تآليف أبي محمد هَذَا فِي الفقه والحديث والأصول والتاريخ والنحل والملل ولادب وغير ذَلِكَ نحو أربعمائة مجلد تشتمل عَلَى قريب من ثمانين ألف ورقة وَلَهُ نصيب وافر من النحو واللغة وقرض الشعر والخطابة ولد فِي آخر يوم من شهر رمضان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وتوفي سلخ شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة.
علي بن أحمد العمراني الموصلي العالم بالحساب والهندسة
وَكَانَ فاضلاً جماعاً للكتب يقصده الناس للاستفادة منه ومنها يأتي إِلَيْهِ الطلبة من البلاد النازحة للقراءة عَلَيْهِ توفي فِي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وَلَهُ من الكتب. كتاب شرح كتاب الجبر والمقابلة لأبي كامل شجاع بن أسلم الحاسب المصري. كتاب الاختيارات. عدة كتب فِي النجوم وَمَا يتعلق بِهَا.
علي بن عبد الله بن أماجور كَانَ فاضلاً هذبه أبوه وادبه بهذا الشأن وَلَهُ تصانيف.
علي بن أحمد الأنطاكي أبو القاسم المجتبي من أهل أنطاكية واستوطن بغداد إِلَى أن توفي بِهَا وَكَانَ من أصحاب عضد الدولة بن بويه المقدمين عنده يقوم بعلم العدد والهندسة غير مدافع فِي ذَلِكَ وَلَهُ من هَذَا النوع تصانيف جليلة وَكَانَ مشاركاً فِي علوم الأوائل مشاركة جميلة وَكَانَ فصيح اللسان عذب البيان إِذَا سئل أبان وأتى بالمعاني الحسان وَلَهُ تصانيف شريفة منها. كتاب التخت الكبير فِي الحساب الهندي. كتاب الحساب عَلَى التخت بلا محو. كتاب تفسير الارتماطيقي. كتاب شرح إقليدس. كتاب استخراج التراجم. كتاب الموازين العددية. كتاب الحساب بلا تخت بل باليد. وذكر هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ فِي كتابه ف سنة ست وسبعين وثلاثمائة فِي يوم الجمعة الثالث عشر من ذي الحجة توفي أبو القاسم علي بن أحمد الأنطاكي الحاسب المهندس.
عَلَى الرقي هَذَا طبيب مذكور عالم بصناعة الطب وَقَدْ فسر مسائل حنين بن إسحاق فِي الطب وذكر عنه أنه مَا كَانَ يفسر إِلَاّ إِذَا سكر وهذا الفعل نادر وسبب ذَلِكَ أن يكون الدماغ مائلاً إِلَى البرد فإذا أسخنه بخار النبيذ تحرك وقوي عَلَى الفعل.
علي بن الحسن أبو القاسم العلوي المعروف بابن الأعلم صاحب الزيج رجل شريف عالم بعلم الهيئة وصناعة التسيير مذكور مشهور فِي
وقته وَكَانَ قَدْ تقدم عند عضد الدولة يقف الملك عند إشاراته فِي الاختيارات ويرجع إِلَى قوله فِي أنواع التسييرات وعمل زيجه المشهور الَّذِي عَلَيْهِ أهل زمانه فِي وقته وبعد زمانه إِلَى أواننا ها ولما توفي عضد الدولة تقصت حاله وتأخر أمره عند صمصام الدولة ولده القائم بالأمر من بعده فانقطع عنهم وأقام منقطعاً وحج فِي شهور سنة أربع وسبعين وثلاثمائة وقضى الحج وعاد فمات بمنزلة تعرف بالعسيلة فِي يوم الأحد الثامن من المحرم سنة خمس وسبعين وثلاثمائة رحمه الله تعالى.
علي بن الراهبة كَانَ طبيباً للمتقى وهو كبير القدر يكرمه المتقى ويحترمه وَكَانَ هو وبختيشوع وأتوش وثابت بن سنان بن ثابت يشتركون فِي طب المتقى.
علي بن إبراهيم بن بكش أبو الحسن كَانَ طبيباً فاضلاً ماهراً بصناعة الطب متقناً لَهَا غاية الإتقان ولما عمر عضد الدولة البيمارستان ببغداد جمع الأطباء من الآفاق فاجتمع فِيهِ أربعة وعشرون طبيباً وَكَانَ من جملتهم أبو الحسن عَلَى هَذَا وَكَانَ يدرس فِيهِ الطب ويفيده الطالبين وَكَانَ مكفوفاً وَكَانَ قليل التصنيف إِلَاّ أنه عمل مقالات صغاراً ولوالده كناش متوسط مَا بَيْنَ الكبير والصغير.
وذكر هلال بن المحسن الصابئ فِي كتابه قال وَفِي ليلة الجمعة لأربع بقين من ذي القعدة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة توفي أبو الحسن علي بن إبراهيم بن بكش المتطبب وَكَانَ عارفاً محذقاً وَقَدْ قرأ من الكتب شيئاً كثيراً وَلَمْ يخلف بعده مثله لكنه كَانَ بصيراً فإذا أراد معرفة سحنات الوجوه وجال بول المرضى عول عَلَى من يكون معه من تلامذته فِي وصف ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ لا يرى ولا يتصرف إِلَاّ شارب نبيذ وهو مع هَذِهِ المناقضة منه مبرز فِي علمه وعمله.
علي بن إسماعيل أبو الحسن الجوهري المنعوت بعلم الدين البغدادي المعروف بالركاب سالار علم فِي العلم والذكاء والفهم بارع فِي علم الهندسة والرياضيات من ظرفاء بغداد وفضلائها حكيم النفس فيما يعمله ويستعمله من الآلات الفلكية والملح الهندسية وبأيدي الناس من عمله ومستعمله كل طرفة لطيفة وتحفة ظريفة وَلَهُ شعر فائق وأدب رائق ومن شعره:
تحسن بأفعالك الصالحات
…
ولا تعجبن بحسن بديع
فحسن النساء جمال الوجوه
…
وحسن الرجال جميل الصنيع
وَلَهُ أيضاً:
فلا تحسبوا أتي تغيرت بعدكم
…
عن العهد لا كَانَ الغير للعهد
غرامي غرامي والهوى ذَلِكَ الهوى
…
ووجدي لكم وجدي وودي لكم ودي
وَلَيْسَ محباً من يدوم وداده
…
مع الوصل لكن من يدوم مع الصد
علي الطبيب الإفريقي مرتزق بالطب فِي الدولة الحمادية وَلَهُ شعر وأدب فمن شعره:
يَا جملة الحسن هب لي منك إحساناً
…
إني أحبك أسراراً وإعلانا
أصبحت عبدك أبغي بكم بدلاً
…
ولا أحب سواك الدهر إنسانا
علي بن النضر المعروف بالأديب هَذَا القاضي من الصعيد الأعلى وَلَهُ فِي علوم الأوائل والأدب القدح الأعلى والقدر الأغلى مشهور الذكر سائر النظم والنثر ولما ذكر أبو الصلت فِي رسالته منجمي مصروعاً بهم قال وأما المنجمون الآن بمصرفهم أطباؤها كما حذيت النعل بالنعل لا يتعلق أمثلهم من علم النجوم بأكثر من زائجة يرسمها ومراكز يقومها وأما التبحر ومعرفة الأسباب والعلل والمبادئ الأول فليس منهم من يرقي إِلَى هَذِهِ الدرجة ويسمو إِلَى هَذِهِ المنزلة ويحلق فِي هَذَا الجو ويستضيء بهذا الضوء مَا خلا القاضي أبا الحسن علي بن النضر المعروف بالأديب فإنه كَانَ من الأفاضل الأعيان المعدودين من حسنات الزمان ذوي الأدب الجم والعلم الواسع والفضل الباهر والنثر الرائع والنظم البارع وَلَهُ فِي سائر أجزاء الحكمة اليد الطولى والتربة الأولى ولقد كَانَ ورد يلتمس من وزيرها الملقب بالأفضل تصرّفاً وخدمة فخاب فِيهِ أمله وأخفق سعيه فقال من قصيدة يعاتب فِيهَا الزمان ويشكو الخيبة والحرمان:
بَيْنَ التعزز والتذلل مسلك
…
بادي المنار لعين كل موفق
فاسلكه فِي كل المواطن واجتنب
…
كبر الأبيّ وذلة المتملق
ولقد جلبت من الصنائع خيرها
…
لأجل منار وأكرم منتقي
ورجوت خفض العيش تَحْتَ ظلاله
…
لا بد أن نفقت وإن لَمْ تنفق
ظناً شبيهاً باليقين وَلَمْ أخل
…
أن الزمان بِهَا سقاني مشرقي
ومنها بعد أبيات:
لأقارعن الدهر دون مروئي
…
وحرمت عز النفس إِن لَمْ أصدق
علي بن أحمد بن علي أبو الحسن يعرف بابن الهبل الطبيب ولد ببغداد ونشأ بِهَا وقرأ فِيهَا الأدب والطب وسمع وروى عن مشائخ وقته ثُمَّ سار إِلَى الموصل وخرج إِلَى أذربيجان وأقام بخلاط عند صاحبها شاه أرمن يطببه وقرأ الناس عَلَيْهِ هناك الحكمة والأدب وفارق تِلْكَ الديار لسبب وهو أن بعض الطشت دراية قال لَهُ يوماً وَقَدْ نظر إِلَى قارورة الملك فِي بعض أمراضه يَا حكيم لولا تذوقها فسكت عنه فلما انفصل عن المجلس قال لَهُ فِي خلوة قولك هَذَا اليوم عن أصل من قول غيرك أَوْ من شيء خطر لَكَ فقال إنما خطر لي لأني سمعت أن ذوق القارورة من شروط اختبارها فقال لَهُ الأمر كذلك ولكن لا فِي كل الأمراض وَقَدْ أسأت إليَّ بهذا القول لأن الملك إِذَا سمع هَذَا ظن أنني قَدْ أخللت بشرط واجب من شروط خدمته وقوانين الصناعة فِيهَا ثُمَّ أنه عمل عَلَى الخروج لأجل هَذِهِ الحركة والخوف من عاقبتها بعد أن رشي الطشت دار حَتَّى لا يعود إِلَى مثلها وخرج وعاد إِلَى الموصل وَقَدْ تمول فأقام بِهَا إِلَى حين وفاته وحدث بِهَا وأفاد وعمر حنة عجز عن الحركة فلزم منزله قبل وفاته بسنين وَكَانَ الناس يترددون إِلَيْهِ ويقرؤون عَلَيْهِ وسئل عن مولده فقال ولدت ببغداد بباب الأزج فِي الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة خمس عشر وخمسمائة وتوفي بالموصل ليلة الأربعاء ثالث عشر من المحرم سنة عشر وستمائة وَلَهُ كتاب فِي الطب سماه المختار رأيته فِي أربع مجلدات وَلَهُ غير ذَلِكَ.
علي بن يقظان السبتي طبيب شاعر أديب أصله من سبتة ذكره بعض أهل مصر فقال ورد إِلَى البلاد المصرية سنة أربع وأربعين وخمسمائة ومضى منها إِلَى اليمن وسافر إِلَى الشرق وزار العراق ودار الآفاق وَلَهُ من قصيدة فِي الوزير الجواد جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن أبي المنصور الأصفهاني بالموصل:
أإخواننا مَا حلت عن كرم العهد
…
فيا ليت شعري هل تغيرتم بعدي
وكم من كؤوس قَدْ أدرت بودكم
…
فهل لي كأس بينكم دار فِي ودي
أحي إِلَى مصر حنين متيم
…
بِهَا مستهام القلب محترق الكبد
أراهم بلحظ الشوق فِي كل بلدة
…
كأنهم بالقرب مني أو عندي
ول أن طعم الصبر جرعت فيهم
…
لفضلته للحب فيهم علي الشهد
فكم قَدْ قطعنا من مفاوز بعدهم
…
وخضنا بِهَا الصعب المرام من الوهد
إِلَى أن وصلنا الموصل الآن فانتهت
…
بِنَا لجمال الدين القصد
علي بن أحمد بن علي بن محمد بن دواس القنا الواسطي أبو الحسن قرأ علم الأوائل وانفرد بمعرفة علم النجوم وأجاد فِي ذَلِكَ واشتهر بِهِ ورحل إِلَى بغداد وأقام بِهَا أخذ عنه جماعة من أهلها وعرف بهذا النوع وتوفي ببغداد فِي شهر ربيع الآخر سنة اثني عشر وستمائة.
علي بن علي بن أبي علي السيف الآمدي من أهل آمد ولد بِهَا بعد سنة خمسين وخمسمائة وقرأ عَلَى مشائخ بلده مذهب الشافعي ورحل إِلَى العراق وأقام فِي الطلب ببغداد مدة وصحب ابن بنت المنى المكفوف وأخذ عنه وأجاد عَلَيْهِ الجدل والمناظرة وأخذ علم الأوائل عن جماعة من نصارى الكرخ ويهودها وتظاهر بذلك فجفاه الفقهاء وتحاموه ووقعوا فِي عقيدته وخرج من العراق إِلَى مصر فدخلها فِي ذي القعدة من سنة اثنين وتسعين وخمسمائة ونزل فِي المدرسة المعروفة بمنازل العز الَّتِي كَانَ يتولى تدريسها الشهاب الطوسي وناظر وحاضر وأظهر بِنَا تصانيفه فِي علوم الأوائل ونقلت عنه وقرأها عَلَيْهِ من رغب فِي شيء من ذَلِكَ وقرئ عَلَيْهِ تصنيفه فِي أصول الدين وأصول الفقه ثُمَّ خرج عن مصر إِلَى الشام واستوطن دمشق بِهَا التدريس فِي مدرسة من
مدارسها وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى سنة إحدى وثلاثين وستمائة وَفِي هَذِهِ السنة استولى الملك الكامل عَلَى مدينة آمد فأخبر أن صاحبها الَّذِي انتقلت عنه كَانَ قَدْ راسل السيف فِي السر أن يصير إِلَيْهِ ويوليه قضاء آمد فأنكر عَلَيْهِ ذَلِكَ وكونه روسل وَلَمْ ينه ذَلِكَ فرفعت يده عن المدرسة وتعطل وأقام بمنزله شهوراً قليلة ومات وتصانيفه فِي الآفاق مرغوب فِيهَا فمن ذَلِكَ. كتاب الباهر فِي علم الأوائل خمس مجلدات. كتاب أبكار الأفكار فِي أصول الدين أربع مجلدات. كتاب الحقائق فِي علوم الأوائل ثلاث مجلدات. كتاب المأخذ عَلَى فخر الدين بن خطيب الري فِي شرح الإشارات مجلد.
عمر بن الفرخان أبو حفص الطبري أحد رؤساء التراجمة والمتحققين بعلم حركات النجوم وأحكامها قال أبو معشر البلخي كَانَ عمر بن الفرخان الطبري عالماً حكيماً وَكَانَ منقطعاً إِلَى يحيى بن خالد بن برمك ثُمَّ انقطع إِلَى الفل بن سهل وَكَانَ بَيْنَ القمر والمريخ فِي مولد جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك درجات يسيرة فضربها عمر فِي اثني عشر فصح حكمه وَلَمْ يكن المنجمون يلتفتون إِلَى هَذَا الباب حَتَّى عمله عمر فصح ذَلِكَ وذكره أيضاً أبو معشر فِي كتاب المذكرات لشاذان بن بحر أن ذا الرياستين الفضل لبن سهل وزير المأمون استدعى عمر بن الفرخان من بلده ووصله بالمأمون فترجم لَهُ كتباً كثيرة وحكم بأحكام موجودة إِلَى اليوم فِي خزائن السلطان وألف لَهُ كتباً كثيرة فِي النجوم وغير ذَلِكَ من فنون الفلسفة منها. كتاب تفسير الأربع مقالات لبطليموس من نقل ابن يحيى البطريق. كتاب المحاسن. كتاب اتفاق الفلاسفة واختلافهم فِي خطوط.
عمر بن محمد بن خالد بن عبد الجبار بن عبد الملك المرو الروذي لَهُ زيج مختصر عَلَى المذهب الَّذِي ظهر عَلَى يدي جده خالد بن عبد الملك المرو الروزي المتولي للرصد المأموني هو وسند بن علي ويحيى بن أبي
منصور والعباس بن سعيد الجوهري وَكَانَ عمر هَذَا أيضاً بعد من أصاب الأرصاد وَلَهُ من الكتب. كتاب تعديل الكواكب. كتاب صناعة الاصطرلاب المسطح.
عمر بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي الكرماني القرطبي الأندلسي أبو الحكم أحد الراسخين فِي علم العدد والهندسة رحل إِلَى ديار المشرق وانتهى منها إِلَى حران من بلاد الجزيرة وعني هنالك بطلب الهندسة والطب ثُمَّ رجع إِلَى الأندلس واستوطن مدينة سرقسطة من ثغرها وجلب معه الرسائل المعروفة برسائل إخوان الصفا وَلَمْ يعلم أن أحداً أدخلها الأندلس قبله وَلَهُ عناية بالطب وتجارب فاضلة فِيهِ ونفوذ مشهور فِي الكي والقطع والشق والبط وغير ذَلِكَ من أعمال الصناعة الطبية وتوفي بسرقسطة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وَقَدْ بلغ تسعين سنة أَوْ جاوزها بقليل.
عمر بن أحمد بن خلدون أبو مسلم الحضرمي الإشبيلي الأندلسي من أشراف أهل إشبيلية كَانَ متصرفاً فِي علوم الفلسفة مشهوراً بعلم الهندسة والنجوم والطب متشبهاً بالفلاسفة فِي إصلاح أخلاقه وتعديل سيرته وتقويم سياسته وتوفي ببلده سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
عمر الخيام إمام خراسان وعلامة الزمان يعلم علم يونان ويحث عَلَى طلب الواحد الديان بتطهير الحركات البدنية لتنزيه النفس الإنسانية ويأمر بالتزام السياسة المدنية حسب القواعد اليونانية وَقَدْ وقف متأخر الصوفية عَلَى شيء من ظواهر شعره فنقلوها إِلَى طريقتهم وتحاضروا بِهَا فِي مجالساتهم وخلوتهم وبواطنها حيات للشريعة لواسع ومجامع للأغلال جوامع ولما قدح أهل زمانه فِي دينه وأظهروا مَا أسره من مكنونه خشي عَلَى دمه وأمسك من عنان لسانه وقلمه وحج متقاة لا تقية وأيدي أسرار من الأسرار غير نقية ولما حصل ببغداد سعى إِلَيْهِ أهل طريقته فِي العلم القديم فسد دونهم الباب النادم لا سد النديم
ورجع من حجه إِلَى بلده بروح إِلَى محل العبادة ويغدو ويكتم أسراره ولا بد أن تبدو وَكَانَ عديم القرين فِي علم النجوم والحكمة وبه يضرب المثل فِي هَذِهِ الأنواع لو رزق العصمة وَلَهُ شعر طائر تظهر خفياته عَلَى خوافيه وتكدر عرق قصده كدر خافيه فمنه:
إِذَا رضيت نفسي بميسور بلغة
…
يحصلها بالكد كفي وساعدي
أمنت تصاريف الحوادث كلها
…
فكن يَا زماني موعدي أَوْ مواعدي
أليس قضي الأفلاك من دورها بأن
…
تعيد إِلَى نحس جميع المساعد
فيا نفس صبراً عن مقيلك إنما
…
تخر ذراه بانقضاض القواعد
عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو القاسم ولد الوزير إمام فِي فنون متعددة سمع الحديث الكثير ورواه وحضر مجلس روايته أجلاء الناس وَكَانَ قيماً يعلم الأوائل قرأ المنطق عَلَى يحيى بن عدي وأكثر الأخذ عنه وتحقق بِهِ وأفاد جماعة من الطلبة وناظر وحقق وسئل فِيهِ فأجاب أجوبة سادة لَمْ يخرج فِيهَا عن طريقة القوم ورأيت نسخة من السماع الطبيعي الَّتِي قرأها عَلَى يحيى بن عدي شرح يحيى النحوي وهي فِي غاية الجودة والحسن والتحقيق وَكَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا حواشٍ حصلت بالمناظرة حالة القراءة وهي يخطه وَكَانَ أشبه شيء يخط أبي علي بن مقلة فِي القوة والجران والطريقة وَكَانَتْ هَذِهِ النسخة فِي عشرة مجلدات كبار وَقَدْ حشاها بعد ذَلِكَ جورجيس اليبرودي بشرح ثامسطيوس للكتاب وَقَدْ كَانَ عيسى بن علي هَذَا تقدم فِي الدولة وخدم بعض الخلفاء كتابة وتوفي ببغداد فِي سحرة يوم الجمعة لليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
عيسى بن أبي زرعة بن إسحاق بن زرعة بن مرقس بن زرعة بن يوحنا أبو علي النصراني المنطقي أحد المتقدمين فِي علم المنطق والفلسفة وأحد
النقلة المجودين ومولده ببغداد فِي ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وَلَهُ تصانيف مذكورة منها. كتاب اختصار كتاب أرسطوطاليس فِي المعمور من الأرض. كتاب أغراض كتب أرسطوطاليس المنطقية. كتاب معاني ايساغوجي مقالة. كتاب فِي العقل مقالة لَمْ يخرج مما مقله من السرياني. كتاب النميمة مقالة. كتاب الحيوان لأرسطوطاليس. كتاب منافع أعضاء الحيوان بتفسير يحيى النحوي. كتاب سوقسطيا النص لأرسطوطاليس. مقالة مجهولة فِي الأخلاق. كتاب خمس مقالات من كتاب نيقولاؤس فِي فلسفة أرسطوطاليس قال هلال بن المحسن بن إبراهيم فِي كتابه فِي يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان من سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة توفي أبو علي بن زرعة النصراني المنطقي.
عيسى بن أسيد النصراني العراقي تلميذ ثابت بن قرة الحراني وعنه أخذ وبه برع فِي فنونه وَكَانَ خبيراً بالنقل من السرياني إِلَى العربي وَكَانَ يتولى النقل بحضور ثابت بن قرة أستاذه وصنف.
عيسى بن ماسه كَانَ طبيباً من الأطباء المتقدمين وَلَهُ تصانيف فِي ذَلِكَ منها. كتاب قوى الأغذية. كتاب من لا يحضره طبيب وَكَانَ مليح الطريقة فِي العلاج وكتابه فِي الأغذية يستدل منه عَلَى حسن طريقته فِي صناعته.
عيسى بن قسطنطين أبو موسى الطبيب من أفاضل الأطباء المذكورين متصدر فِي هَذَا النوع مصنف.
عيسى بن ماسرجيس طبيب لَهُ تصانيف منها. كتاب الألوان. كتاب الروائح والطعوم.
عيسى بن علي من تلاميذ حنين وَكَانَ فاضلاً مصنفاً مشهور التصنيف من ذَلِكَ. كتاب تذكرة الكحالين وعليها عمل أطباء النوع فِي كل زمان. كتاب المنافع الَّتِي تستفاد من أعضاء الحيوان.
عيسى بن يحيى بن إبراهيم من تلاميذ حنين والناقلين المجيدين من اليوناني إِلَى العربي وَلَهُ تصنيف فِي الطب.
عيسى بن صهاربخت طبيب من أهل جند يسابور لَهُ ذكر فِي وقته وتقدم فِي زمانه ومصنفات فِي الطب وهو تلميذ جورجيس بن بختيشوع الطبيب ولما طلب المنصور جورجيس بعد رجوعه إِلَى جند يسابور مريضاً وعوفي وجد عند الطلب ضعيفاً من سقطة سقطها من سطح داره فاعتذر من ذَلِكَ وتقدم إِلَى عيسى هَذَا بالمضي إِلَى المنصور فامتنع فسير عوضه إبراهيم تلميذه وبقي عيسى هَذَا فِي البيمارستان بجند يسابور مقيماً.
عيسى بن شهلافا الجند يسابوري تلميذ جورجيس بن بختيشوع وَقَدْ تقدم ذكر عيسى هَذَا فِي أخبار جورجيس بن بختيشوع طبيب المنصور عند إحضاره من جند يسابور إِلَى بغداد وأحضر معه تلميذه هَذَا عيسى ولما مرض جورجيس واستأذن فِي العود إِلَى بلده جند يسابور خلف تلميذه هَذَا فِي خدمة المنصور فبدأ ببسط يده فِي التشاور والأذية خاصة عَلَى الأساقفة والمطارنة ومطالبتهم بالرشي وأخذ أموالهم وَكَانَ فِيهِ شرارة وطمع ولما خرج المنصور فِي بعض سفراته وصل إِلَى قريب نصيبين فكتب عيسى إِلَى مطران نصيبين يتهدده ويتوعده إِن منع عنه مَا التمسه وَكَانَ عيسى قَدْ التمس أن ينفذ لَهُ من آلات البيعة أشياء جليلة ثمينة لَهَا قدر وكتب فِي كتابه إِلَى المطران أليس تعلم أن أمر الملك فِي يدي إن أردت أمرضته وإن أردت شفيته فلما وقف المطران عَلَى الكتاب احتال فِي التوصل إِلَى الربيع وشرح لَهُ صورة الحال وأقرأه الكتاب وأوصله الربيع إِلَى الخليفة ووقفه عَلَى حقيقة الأمر فأمر المنصور بأخذ جميع مَا يملكه عيسى المتطبب وتأديبه ونفيه ففعل بِهِ ذَلِكَ وتقى
أقبح لقى وهذا ثمرة الشر.
عيسى الطبيب البغدادي المعروف بسوسة كَانَ هَذَا الطبيب فِي أيام المقتدر وقبلها ببغداد كَانَ يتطبب لزيدان القهرمانة وَكَانَ قبل ذَلِكَ يخدم أبا
…
ابن الفرات وخدم بعده أخاه أبا الحسن الوزير وكان يحمل الرقاع بَيْنَ الوزراء وربما حملها إِلَى القهرمانة بوقيعة بعضهم فِي بعض ليعرض ذَلِكَ عَلَى الخليفة.
عيسى بن الحكم هَذَا رجل من أهل دمشق من أرض الرشيد وَكَانَ خبيراً بالطب حسن المباشرة والمعالجة قال يوسف بن إبراهيم مولى إبراهيم المهدي نزلت عَلَى عيسى بن الحكم بمنزلة بدمشق فِي سنة خمس وعشرين ومائتين وبي منزلة صعبة فكان يغذوني بأغذية طيبة ويسقيني الماء بالثلج فكنت أنكر ذَلِكَ وأعلمه أن تِلْكَ الأغذية مضرة بالنزلة فيعتل عَلي بالهواء ويقول أنا أعلم بهواء بلدي وهذه الأشياء المضرة بالعراق نافعة بدمشق وكنت بما يغذوني فلما خرجت عن البلد خرج مشيعاً لي حَتَّى صرنا إِلَى الموضع المعروف بالراهب وهو الموضع الَّذِي فارقني فِيهِ فقال لي أعددت لَكَ طعاماً يحمل معك مخالف الأطعمة الَّتِي كنت تأكلها فِي منزلي وآمرك أن لا يشرب ماء بارداً أصلاً فلمته عَلَى مَا فعل فيما غذاني بِهِ فقال إنه لا يحسن بالعاقل أن يلزم قوانين الطب مع ضيفه فِي منزله قال يوسف بن إبراهيم قال لي عيسى بن الحكم وَقَدْ شيعني وهو آخر كلام دار بيني وبينه أن والدي توفي وهو ابن مائة وخمسين سنة وَلَمْ يتشنج لَهُ وجه وَلَمْ يتغير ماء وجهه لأشياء كَانَ يفعلها فاعمل أنت بِهَا وهي أن لا تذوق القديد ولا تغسل يديك ورجليك عند خروجك من الحمام إِلَاّ بماء بارد مَا يمكنك فالزم ذَلِكَ فإنك تنتفع بِهِ.
عيسى بن يوسف المعروف بابن العطارة كَانَ متطبب القاهر وَكَانَ ثقته ومسيره وسفيره بينه وبين وزرائه وتقدم فِي وقته تقدماً كثيراً وشاركه فِي الطب سنان بن ثابت بن قرة وَكَانَ خصيصاً بالقاهر وَكَانَ عيسى أشد تقدماً منه.
عيسى النفيسي الطبيب كَانَ من أطباء الأمير سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان وَكَانَ سيف الدولة إِذَا أكل الطعام وقف عَلَى مائدته أربعة
وعشرون طبيباً وَكَانَ فيهم من يأخذ رزقين لأجل تعاطيه علمين ومن يأخذ ثلاثة لتعاطيه ثلاثة علوم وَكَانَ فِي جملتهم عيسى هَذَا يأخذ أرزاق رزقاً للنقل من السرياني إِلَى العربي ورزقين آخرين بسبب علمين آخرين.
عطارد بن محمد الحاسب رجل مشهور بأنواع علوم الهيئة مذكور فِي وقته مصنف وَلَهُ من التصانيف. كتاب تركيب الأفلاك. كتاب المرايا المحرقة.
عبدوس بن زيد صاحب التذكرة كَانَ طبيباً حاذقاً خبيراً بعلامات الأمراض منذراً بِهَا قبل وقوعها جميل التحيل للبراء ولما اعتل القاسم بن عبيد الله فِي حياة أبيه وَكَانَ بِهِ مرض حاد فِي تموز وحصل بِهِ قولنج صعب وانفرد بعلاجه عبدوس بن زيد وسقاء ماء أصول الكرفس والرازاتج ودهن الخروع وطرح عَلَيْهِ شيئاً من ايارج فلما شربه سكن وجعه وقلقه وجاءه مجلسان وأفاق ثُمَّ أعطاه من غد ذَلِكَ اليوم ماء الشعير فاستظرف هَذَا منه.
علوي الديري المنجم من أهل قرية من قرى صعيد مصر تعرف بدير البلاص شمالي فوص بنصف نهار فِي لحف جبل بوقيراط قرية نزهة غربي النيل لَهَا بساتين ونخل وَكَانَ علوي مقيماً بِهَا وَلَمْ يزل فِيهَا فِي دار لَهُ يقصده من يأخذ عنه علمه ويعمل التقاويم ويسيرها إِلَى أجلاء أهل البلد فيبر من جهتهم ويسير المواليد ويدقق النظر فِي ذَلِكَ ويعرف من المنطق كتاب ايساغوجي شرح متى لا يتعداه فِي سواه ويدعي أنه رصد كوكباً ووقف لَهُ وأخدمه الكوكب بعض روحانيته وَكَانَ يقول أن اسم الروحاني أبو الورد وَكَانَ يدعي أنه يستخدم الجن ويبرئ المعتوه من المس واجتمعت بِهِ بدير البلاص لإبراء نسيب لي كَانَ قَدْ أسكت وأدركته بهتة فلم يأت بشيء وكنا قَدْ مضينا بِهِ إِلَى الدير فنزلنا بمسجد فِيهِ رجل مغربي بعلم الصبيان فلما كَانَ آخر النهار طلبنا مَا نعلفه الدواب فلم نجده بالقرية وتغير أهلها عنه خسة منهم وَلَمْ يكن الشيخ ممن يطلب منه شيء من ذَلِكَ لانقطاعه إِلَى سبب ضعيف فِي الارتزاق فسيرنا إِلَى قرية أخرى قاطع النيل اسمها ابنون من أحضر مَا أردناه بعد ليل وبتنا بالمسجد فلما كَانَ فِي أثناء الليل دق باب
المسجد ففتحناه فإذا رجل مشدود الوسط وبيده ضوء ومعه من يحمل جفنة كبيرة وَقَدْ عمل فِيهَا نبالة بدجاج متعدد وبيض إِلَى غير ذَلِكَ وأخذ فِي الاعتذار فسألناه من هو فقال أنا رجل غريب من أهل مصر نزلت هَذِهِ الضيعة من مدة مديدة ولي زوجة تغشى أهلكم بقفط ويشملها بركم اسمها أم سراج وَمَا علمت بقدومكم إِلَاّ بعد ليل وهي تعتذر من الغفلة فشكرناه عَلَى ذَلِكَ وأخذت لوحاً من ألواح الصبيان وكتبت فِيهِ عَلَى سبيل الهذل لا الجد:
جزيت أم سراج كل مكرمة
…
فليس فِي الدير للأضياف إلاك
ولا سقى الله أرضاً قَدْ حللت بِهَا
…
ودمت فِي نعمة الباري وحياك
فأنت كالورد حل الشوك جانبه
…
أباد ربي شوكاً حل مغناك
وقرأها الجماعة وضحكوا منها وأردت محوها من اللوح وأنسبتها ورحلنا بصاحبنا بكرة النهار وهو عَلَى حاله لَمْ يزل عنه الألم ولما حضر الصبيان إِلَى الكتاب بعدنا رأوا الأبيات فقرؤوها وحفظوها وأنشدوها فِي طرقهم وسمعها المشائخ فعز عليهم مَا جرى وركبوا بجملتهم وجاؤوا مشايخ فقط شاكين من القول فيهم وأظهروا جزعاً من الهجو لعربية منهم فاعتذر الجماعة إليهم وعادوا منكرين ومات علوي فيما بلغني فِي حدود سنة خمس وتسعين وخمسمائة وَكَانَ لَهُ هناك ذكر.