الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعا: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه
تتضح مكانة ابن كثير العلمية في المدارس التي تولى التدريس فيها، والمساجد التي كان يلقي فيها محاضراته، وفي مؤلفاته وكتبه التي كتبها.
أما المدارس التي كان يدرس فيها فهي:
مدرسة دار الحديث الأشرفية.
والمدرسة الصالحية، أو تربة أم الصالح.
والمدرسة النجيبية.
والمدرسة التنكزية.
والمدرسة النورية الكبرى.
وهذه المدارس كانت مهبط أفئدة طلاب العلم في الشرق والغرب؛ لما يدرّس فيها من علوم ولمكانة شيوخها وأساتذتها ومنزلتهم العلمية. إذ لا يتولى التدريس فيها إلا من كان ذا قدم راسخة في العلم ومكانة بين العلماء؛ كسلطان العلماء العز بن عبد السلام وشيخ الإسلام ابن تيمية والحافظين المزي والذهبي
…
عليهم رحمة الله جميعا. كما أنه تولى إلقاء الدروس في عدد من مساجد دمشق المهمة؛ كالجامع الأموي، وجامع تنكز، والجامع الفوقاني وكان يقوم بالخطابة فيه أيضا.
كما أن مكانته تتجلى1 من موقفه من الأمر السلطاني، الذي كان قد قضى بفرض ضرائب على نصارى أهل الشام، وأخذ ربع أموالهم عوضا عما فعله الفرنجة في اعتدائهم على الإسكندرية، فقال الإمام ابن كثير لنائب السلطنة في الشام: لا يجوز أخذ شيء من أموالهم زائد على الجزية ما داموا يؤدونها، وأحكام الملة قائمة عليهم ما داموا كذلك، وقال له: اكتب إلى السلطنة بذلك. فكتب نائب السلطنة إلى الديار المصرية بفتوى الشيخ، وجاءه الجواب برد ما أخذ من الجباية عليهم1.
1 البداية والنهاية 14/ 314-317.
وهكذا يكون العلماء الأتقياء، يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم، يسهرون على تطبيق حدود الشرع ومصالح الناس، وهذا هو موقف الإسلام العظيم في العدل والإنصاف والمساواة والخير العميم لكل الناس. ولكن أين مواقف النصارى واليهود وأهل الذمة والكفرة -عليهم لعنة الله تعالى جميعا- من هذه المواقف
…
وقد أصبحنا نتمثل بقول الشاعر:
حكمنا فكان العدل منا سجية
…
فلما حكمتم سال بالدم أبطح
اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا، ولا تجعل لعدونا في الحياة ولا بعد الممات علينا سبيلا.
ثناء العلماء عليه:
قال شيخه الذهبي في المعجم المختص: "هو فقيه متقن، ومحدث محقق، ومفسر نقّاد، وله تصانيف مفيدة"1.
وقال أبو المحاسن الدمشقي: "الشيخ الإمام، العالم الحافظ، المفيد البارع، عماد الدين أبو الفداء
…
أفتى ودرس، وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو، وأمعن النظر في الرجال والعلل
…
"2.
وقال ابن حجي: "أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها، صحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا واستفدت منه"3.
1 ذيل تذكرة الحفاظ لأبي المحاسن ص58.
2 المصدر السابق 57، 58.
3 شذرات الذهب 6/ 231.