المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: دراسة الكتاب - تخجيل من حرف التوراة والإنجيل - جـ ١

[صالح الجعفري]

الفصل: ‌الفصل الأول: دراسة الكتاب

‌القسم الأول: الباب الثاني: دراسة الكتاب وبيان منهج التحقيق

‌الفصل الأول: دراسة الكتاب

الفصل الأوّل: التّعريف بالكتاب

1-

اسم الكتاب:

ذكر للكتاب اسمان بينهما اختلاف يسير:

الأوّل: (تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل) وقد نصّ عليه المؤلِّف في المقدمة والخاتمة، وكتب على الصفحة الأولى من المخطوطة، كما نصّ عليه أيضاً في مقدمة كتابه:(الرّدّ على النصارى) 1، وذكره أبو الفضل المالكي في مقدمة مختصره المسمَّى:(المنتخب الجليل من تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل) 2، وأورده بهذا الاسم كلّ من حاجي خليفة في كشف الظنون، والبغدادي في هداية العارفين وبروكلمان في تاريخ العربي.

الثاني: (تخجيل مَنْ حرَّف التّوراة والإنجيل)، وقد نصّ عليه المؤلِّف في مقدمة كتابه:(البيان الواضح المشهود من فضائح النصارى واليهود) 3، وقد رجحت هذا الاسم على الاسم السابق واخترته عنواناً للكتاب؛ لأنه يطابق موضوع الكتاب وهو الرّدّ على اليهود والنصارى، ويدلّ عليه دلالة واضحة، إذ إنّ تحريف التوراة ينسب لليهود، وتحريف الإنجيل إلى النصارى، وقد غلب على ظنّه أنّه الاسم الذي ارتضاه المؤلِّف أخيراً لكتابه حيث نصّ عليه في كتابه (البيان الواضح) الذي ألّفه بعد كتاب (التخجيل) ، وفي أيام الشيخوخة كما يفهم منه في المقدمة.

1 ر: ورقة 5/ب، مخطوطة بمكتبة أياصوفيا بتركيا تحت رقم: 2246م، ص 57، من النسخة المطبوعة.

2 ر: ص 2.

3 روقة 3/أ، مخطوطة بمكتبة المتحف البريطاني تحت رقم: 16661 أ. د. د.

ص: 51

2-

توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلِّف:

إنّ الأدلة التي تثبت صحّة نسبة كتاب التخجيل إلى القاضي صالح ابن الحسين الجعفري، أدلة متنوعة ومتعددة، لا تدع مجالاً للشّكّ في صحة تلك النسبة، ومن تلك الأدلة:

1-

تصريح المؤلِّف بتأليفه للكتاب في مقدمة كتبه الأخرى (البيان الواضح المشهود من فضائح النصارى واليهود) ، و (الرّدّ على النصارى) .

2-

تأكيد الشيخ أبي الفضل المالكي السعودي صحّة تلك النسبة في مقدمة مختصره للكتاب والمُسمَّى (المنتخب الجليل من تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل)1.

3-

اتّفاق المصادر التي ذكرت المؤلِّف وكتبه على نسبة الكتاب إليه تلك المصادر هي:

أ- كشف الظنون 1/379، للعلامة حاجي خليفة.

ب- هداية العارفين 5/422، لإسماعيل البغدادي.

ج- معجم المؤلِّفين 5/6، لعمر رضا كحالة.

د- الأدب الجدلي والدفاعي في اللغة العربية بين المسلمين والنصارى واليهود ص 36، 141، 409، للمستشرق مورتز شتاينشيندر (باللغة الألمانية) .

هـ- تاريخ الأدب العربي 1/553، وفي ذيله 1/766، للمستشرق بروكلمان.

1 طبع بمطبعة التمدن بمصر سنة 1322هـ، وتوجد النسخة المخطوطة للكتاب في مكتبة أحمد الثالث بتركيا تحت (1765) ، وذكر في نهاية الكتابة أنّ مؤلِّفه قد فرغ منه في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 942هـ، وذكره أيضاً الحاجي خليفة في كشف الظنون 1/379.

ص: 52

يضاف إلى ما سبق ذكر اسم المؤلِّف على الصفحات الأولى لنسخ المخطوطة وتصريح المؤلِّف بتأليفه للكتاب في المقدمة.

3-

موضوع الكتاب:

لقد بين المؤلِّف موضوع الكتاب بقوله في المقدمة: "كتاب تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل، يتضمن الرّدّ على النصارى واليهود من كتبهم التي بأيديهم"1.

قد تحدّث المؤلِّف في مقدمة كتابه عن عدّة أمور منها:

1-

سبب تأليف الكتاب.

2-

بيان منهجه في التأليف.

3-

بيان بعض الفوائد التي اشتمل عليهاالكتاب ومنهافوائد دراسة الأديان.

4-

بيان حكم قراءة كتب أهل الكتاب كالتوراة والأناجيل وغيرها.

أما موضوعات الكتاب فقد قسمها المؤلِّف في الأبواب الاتية:

الباب الأوّل: في كون المسيح عبداً من عبيد الله لقوله وفتواه:

وقد ذكر المؤلِّف فيه عشرين دليلاً على عبودية المسيح من أقواله وأفعاله في الأناجيل.

الباب الثاني: في إثبات نبوّة المسيح عليه السلام وتحقيق رسالته:

وقد صدّره ببيان ضلال اليهود والنصارى في أمر المسيح عليه السلام وأنّ في إثبات نبوّته وتحقيق رسالته ردّاً عليهم وإبطالاً لزعمهم، ثم ذكر اثنين وثلاثين دليلاً من معجزات المسيح وأقواله وأفعاله الشاهدة بنبوّته من الأناجيل.

1 ر: ورقة 2/أمن المخطوطة.

ص: 53

الباب الثّالث: في تأويل ظواهر الإنجيل:

وقد بيّن فيه تفسير الألفاظ التي ضلّ فيها النصارى وهي: الأب، والابن، والإله، والرّبّ، ما تحتمله من المعاني الواردة في التوراة والأناجيل وإيراد الشواهد على ذلك، ثم إبطال ما يدعيه النصارى من اختصاص المسيح بظواهر تلك الألفاظ.

الباب الرّابع: في تعريف مواطن التحريف في الأناجيل:

وقد ذكر فيه خمسين موضعاً من مواضع التحريف في الأناجيل بدلالة تناقض بعضها ببعض وتعارضه وتكاذبه وتهافته ومصادمته بعضها بعضاً.

الباب الخامس: في أنّ المسيح عليه السلام وإن قصد وطلب فما قتل وصلب:

افتتحه بذكر رواية الأناجيل في قتل المسيح وصلبه، ثم أبطلها بدليل عام وأبتعه بعشر حجج مفصلة نقلية وعقلية، ثم أورد بعدها عشر مسائل مفحمات للنصارى، ثم أبطل دعاوى للنصارى فيما يقصدون من ادعاء قتل المسيح وصلبه وألوهيته.

الباب السّادس: في الأجوبة المسعدة عن أسئلة الملحدة:

أجاب المؤلِّف فيه على تسعة عشر سؤالاً واعتراضاً من النصارى على المسلمين، ثم أبطل المؤلِّف سبعة أدلة للنصارى استدلوا بها على ألوهية المسيح من أسفار العهد القديم.

الباب السابع: في إفساد دعوى الاتّحاد:

وذكره فيه اختلاف فرق النصارى في دعواهم اتّحاد اللاهوت بالناسوت في

ص: 54

المسيح عليه السلام، ثم ردّ على فرقه منها وأبطل دعواها بأدلة عقلية ونقلية، ثم تناول بالرّدّ والإبطال عقيدة التّثليث عند النصارى.

- الباب الثّامن: في الإبانة عن تناقض الأمانة:

حيث بيّن فيه بطلان ما يسمّيه النصارى بالأمانة بأدلة نقلية وعقلية وأنّها تناقض بعضها بعضاً وتخالفها من خمسة عشر وجهاً.

- الباب التّاسع: في إثبات الواضح المشهود من فضائح النصارى واليهود: وقد ذكر فيه ثلاثاًوتسعين فضيحة من فضائح اليهودوالنصارى مأخوذة من كتبهم المقدسة لديهم واعتقاداتهم الباطلة وعباداتهم المنحرفة.

- الباب العاشر: في البشائر الإلهية بالعزّة المحمّدية:

وقد قسمه المؤلِّف إلى قسمين:

الأوّل: ذكر فيه أربعاً وثمانين بشارة من البشارات الواردة في النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى.

الثاني: ذكر فيه معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوّته وما أظهره الله على يد أصحابه وأمّته صلى الله عليه وسلم من الكرامات والآيات البيات.

أما خاتمة الكتاب فقد ناقش فيه ادعاء النصارى بأنه لا نبي بعد المسيح وبيّن تكذيب ما بأيديهم لدعواهم.

4-

سبب تأليف الكتاب:

ذكر المؤلِّف في المقدمة أن سببين قد دفعاه إلى تأليف هذا الكتاب هما:

1-

سؤال بعض أهل العلم له أن يؤلِّف كتاباً في الرّدّ على النصارى وبيان

ص: 55

ما هم عليه من الضلال وإزالة الشبهات التي أعانت على ضلالهم، لعلّ ذلك يكون سبباً في هدايتهم.

2-

القيام بواجب الدعوة إلى الله عملاً بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيْلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلُوهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

} . [سورة النحل، الآية: 125] .

ولعلّي أضيف سبباً ثالثاً وهو أنّ الأحداث السياسية التي عاصرها المؤلِّف والبيئة الاجتماعية المحيطة به كان لها دور أيضاً في تأليف هذا الكتاب كما سبق الحديث عنه.

5-

زمن تأليف الكتاب:

لم يذكر المؤلِّف زمن تأليف هذا الكتاب، إلاّ أنّه ذكر في نهاية المجلد الأوّل من المخطوطة أنّ الفراغ من نسخها كان يوم السبت الثالث من شهر صفر نم سنة سبع وثلاثين وستمائة من الهجرة النّبوّية الشريفة، وقد ظهر لي من مقدمة الكتاب أنه من أوّل مؤلَّفات المؤلِّف رحمه الله في هذا العلم، ويؤكّد ذلك تصريح المؤلِّف في مقدمة مؤلَّفاته الأخرى (البيان الواضح) و (الرّدّ على النصارى) باقتباسه من كتابه (التخجيل) واختصار أبوابه فيهما.

6-

منهج المؤلِّف في الكتاب:

1-

استدل المؤلِّف على كلّ باب في الكتاب بآيات من القرآن الكريم تكون له منهجاً ونبراساً فيما يريد إثباته من القضايا أو نفيها.

2-

أنه لم يبدأ في تأليف هذا الكتاب حتّى قرأ التوراة والأناجيل وبقية أسفار العهد القديم والعهد الجديد قراءة متأنية متفحصة عدّة مرات، وكانت طريقته في النقل من تلك الأسفار أن منها ما نقله بنصه، منها ما أوجزه لركاكة نصّه، وقد كان استدلال المؤلِّف بهذه النصوص لإلزام اليهود والنصارى من باب

ص: 56

التسليم لهم بصحة كتبهم المقدسة لديهم، ومن باب التنزيل في الجدال مع الخصم.

3-

إنّ موضوع الكتاب الرّدّ على اليهود والنصارى، غير أنّ الرّدّ على النصارى قد استأثر بمعظم أبواب الكتاب نظراً لأنهم كانوا سبب تأليف للكتاب.

ويتخلص منهج المؤلِّف في الرّدّ على اليهود بالآتي:

أ- إثبات جواز النسخ عقلاً ونقلاً من التوراة وبقية أسفار العهد القديم، وإبطال شبههم في أبدية شريعة التوراة وعدم نسخها من كتبهم المقدسة لديهم.

ب- ذكر فرق اليهود واختلاف عقائدهم، وإن كلّ فرقة تضلِّل الأخرى وتبدِّعها وإن من فضائحهم فسادهم وكفرهم بما هو ثابت عنهم في توراتهم وكتبهم المقدسة لديهم.

ج- نقد التوراة المحرفة التي بأيدي اليهود والنصارى بأدلة متنوعة هي:

1-

ذكر ما فيها من صفات التجسيم والتشبيه والنقائص التي نسبوها إلى الله عزوجل كالتعب والندم والجهل وغيرها.

2-

ذكر ما فيها من صفات العيب والنقائص التي نسبوها إلى أنبياء الله عزوجل كالشرك بالله والظلم والغشّ وشرب الخمر والزنا بالمحارم والقتل المحرم وغيرها.

3-

بيان ما فيها من التناقض ومخالفة الحقائق التاريخية والعلمية.

د- إثبات نبوّة المسيخ عليه السلام بإثبات معجزاته بالطرق التي ثبتت بها معجزات موسى وغيره من الأنبياء.

ص: 57

هـ- إثبات نبوّة النّبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم بالبشارات الواردة فيه صلى الله عليه وسلم.

أما منهجه في الرّدّ على النصارى فكالآتي:

أ- أنه اطلع على كثير من مصنفات النصارى في نصرة دينهم واحتجاجهم لأغاليطهم وما ردّت به كلّ فرقة من الفق الثلاث: الملكية والنسطورية واليعقوبية على الأخرى وما نصرت به مذبها.

ثم إنه قرأ عدداً من مؤلَّفات علماء المسلمين في الرّدّ على النصارى وسيأتي بيانها في المصادر التي اعتمد عليها المؤلِّف.

ب- اهتم المؤلِّف بنقد أسس العقيدة النصرانية وهي:

1-

التّثليث، واتّحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح.

2-

صلب المسيح تكفيراً عن خطيئة آدم الأزلية.

3-

محاسبة المسيح للناس يوم القيامة.

4-

شريعة إيمان النصارى (قانون الأمانة) المشتملة على الأسس السابقة والتي لا يعتبر الإنسان نصرانياً دون الإقرار بها.

وكانت طريقته في الاستدلال بالأدلة النقلية كالآتي:

1-

ذكر النصوص الدالة على عبودية ونبوة المسيح عليه السلام من الأناجيل وما يتبعها من أسفار العهد الجديد.

2-

إيراد النصوص المصرحة بوحدانية الله عزوجل، ونفي التعدد والشريك عنه تعالى من أسفار العهد القديم والجديد.

3-

مقارنة معجزات المسيح عليه السلام في الأناجيل بمعجزات من سبقوه

ص: 58

من الأنبياء في أسفار العهد القديم، وأنّ هذه المعجزات دليل نبوته وليست دليلاً على ألوهيته كما يزعم النصارى.

4-

ذكر النصوص الأناجيل الدالة على نجاة المسيح من القتل والصلب، وأنّ المصلوب هو مَنْ أُلقي عليه شبه المسيح.

5-

ذكر نصوص الأناجيل التي غلط النصارى في فهمها وفي نسبة المسيح إلى الألوهية، والاستدلال على تفسيرها بنصوص أسفار العهد القديم والعهد الجديد.

6-

نقد الأناجيل المحرفة ببيان انقطاع سندها وعدم تواتر رواتها، ثم ببيان مواطن التناقض والتكاذب والتهافت في الأناجيل ومصادقة بعضها بعضاً.

كما بيّن المؤلِّف بالأدلة العقلية استحالة العقائد النصرانية وعدم معقوليتها ورفض العقل الصحيح والفطرة السليمة لها، ومخالفتها للواقع المعاين المحسوس لأمر المسيح، وتناقضها مع الأناجيل.

كما ناقش المؤلِّف أدلة النصارى وشبهاتهم حول ألوهية المسيح وبنوته لله، وبَيَّن بطلان ما استدلوا به وأوضح الحقّ الذي يجب أن يعتقدوه.

ج- تطرق المؤلِّف إلى نقد بعض شعائر النصارى وعبادتهم كالقربان المقدس، والاعتراف بالذنوب للقسيس، وصلواتهم وما يتعلق بها كالقبلة والطهارة والقراءة فيها، والصوم، والأعياد، والسجود للصور والتماثيل، وعدم الختان، والحجّ، وتعظيم الصليب وأكل لحم الخنْزِير.

د- ذكر فضائح القسيسين ومخاريق رهبانهم وما يروجونه من الحيل على ضعفاء النصارى ليقووا به واهي أباطيلهم.

ص: 59

هـ- ذكر فرق النصارى واختلاف عقائدهم وتكفير كلّ فرقة منهم الأخرى، وذكر ما ردت به كلّ فرقة على الأخرى في دعواهم اتّحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح، ليكون أبلغ في بيان الفساد والباطل الذي هم عليه.

4-

اهتم المؤلِّف بالغاً بدلائل نبوّة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، حيث إنّ المقصود من كتابه دعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام بعد بيان بطلان عقائدهم وكتبهم.

لذلك استطرد في ذكر البشارات الواردة في النّبيّ صلى الله عليه وسلم في التوراة والأناجيل وبقية أسفار العهد القديم والجديد، ثم ذكر بعض المعجزات الكثيرة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم والإرهاصات التي بشِّرت ببعثته صلى الله عليه وسلم والكرامات التي كانت لأصحابه صلى الله عليه وسلم وأمّته من بعده صلى الله عليه وسلم.

وقد كان ذلك بمثابة خاتمة الكتاب والنتيجة الحتمية التي يتوصل إليها كلّ منصف عاقل من اليهود والنصارى بعد قراءة الأبواب السابقة من الكتاب.

5-

وخلاصة القول في منهج المؤلِّف أنه جمع مناهج من سبقه من علماء المسلمين في الرّدّ على اليهود والنصارى ويتركز في الآتي:

أ- المنهج التفسيري: الذي يقوم على افتراض صحة الأناجيل، ثم تفسير الألفاظ التي زلّ فيها النصارى وبيان ما تحتمله من المعاني الصحيحة بشواهد من الأناجيل والتوراة وغيرها.

ب- منهج المحدِّثين: الذي يستند على نقد السند والمتن أيضاً، وبيان ما فيها من التهافت والتناقض والتكاذب.

ج- المنهج العقلي: الذي يبيّن استحالة عقائد النصارى وعدم معقوليتها وتناقضها.

ص: 60

7-

مصادر الكتاب:

لقد كان المؤلِّف من القلائل الذين ذكروا بعض مصادرهم وذلك من المميّزات العديدة التي تسجل للمؤلِّف رحمه الله، على الرغم من أنه لم يحدد المواضع التي نقلها من تلك المصادر إلاّ نادراً، كما كانت عادة المؤلِّفين المتقدمين، وتنقسم المصادر التي ذكرها المؤلِّف أو أشار إليها من خلال كتابه إلى قسمين رئيسين هما: مصادر شفهية، ومصادر كتابية.

أما المصادر الشفهية: فهي التي سجل المؤلِّف معلوماته عن طريق المشافهة بالسؤال أو المناظرة لأحبار اليهود والنصارى ومن أمثلة ذلك:

- قال المؤلِّف: "سألت حبراً من أحبار اليهود عن هذا المزمور (يقصد النصّ الوارد في مزمور داود وهو: "قال الرّبّ لربِّ"، قال: (قال الرّبّ لربّي) تفسيره عندنا بالعبرانية: "قال الرّبّ لوليّي"، قال: "والرّبّ"، عندنا يطلق على المعظَّم في الدين، ثم تلا قول إبراهيم ولوط الذي حكيناه". أهـ.

- وقال المؤلِّف: "سألت حَبْراً من أحبار اليهود عن قوله داود: "ثقبوا يدي" بالمزمور، فأجابني بنحو ما ذكرته في الوجه الأوّل على الفور من غير توقف، فتعجبت من اتّفاقه لنصّ ما عندهم". أهـ.

- قال المؤلِّف: "لقد فاوضني بعض الرهبان ممن يدعي بناناً في البيان فأفضى الحديث معه إلى ذكر الابن والبنوة، فألزمته قول التوراة: "ابني بكري"، وقلت له: لعلّ البكر يكون أحظى عند والده بطريف بره وتالده، فما تقول في بنوة إسرائيل، فقال: إسرائيل وغيره ابن النعمة والمسيح ابن على الحقيقة، فعكست عليه كلامه، فتلبد واختزى ولجأ إلى ضعف العبارة لا واختزى". أهـ.

ص: 61

ويلاحظ على هذه المصادر عدم ذكر المؤلِّف لأسماء من سألهم أو ناظرهم من الأحبار والرهبان أو ذكر رتبتهم الدينية خاصّة، وأنّ أولئك الأحبار لا بدّ أن يكونوا من رؤساء أهل ملتهم وممن يحتج بقولهم نظراً إلى مكانة المؤلِّف العلمية والاجتماعية.

وأما المصادر الكتابية: فمما هو معلوم أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من المصادر العامّة التي لا يستغني كلّ مسلم عن الرجوع إليهما في جمع أموره العلمية والعملية.

وأما المصادر الأخرى الخاصّة فقد ذكر المؤلِّف في مقدمة المخطوطة بعض مصادره الأساسية في مجال الرّدّ على اليهود والنصارى، وذكر بعضها خلال كتابه، وبعضها الآخر مما لم يصرح به المؤلِّف ولكن وقفت عليها عن طريق مقارنة النصوص في الكتب الأخرى.

المصادر التي ذكرها المؤلِّف في مقدمة المخطوطة فهي:

قال المؤلِّف: "كتاب تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل، يتضمن الرّدّ على النصارى واليهود من كتبهم التي بأيديهم كتوراة موسى الخمسة الأسفار، والأربعة الأناجيل متَّى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا، ومزامير داود، ونبوة أشعيا، ونبوة هوشاع، ونبوة ميخا، ونبوة حبقوق، ونبوة دانيال، ورسائل فولس الرسول، وسفر الملوك وسير التلاميذ"1.

قال مؤلِّفه - عفا الله عنه -: "وقد وقفت على كثير من مصنفاتهم وتواليفهم في نصرة دينهم، واحتجاجهم لأغاليطهم، وما ردّت به كلّ فرقة من الفرق الثلاث: الملكية والنسطورية واليعقوبية على الأخرى وما نصرت به مذهبها وقرأت عدّة

1 أي: سفر أعمال الرسل.

ص: 62

ردود لأصحابنا عليهم مثل: كتاب الرهاي1، وكتاب عمرو بن بحر الجاحظ2، وكتاب عبد الجبار المعتزلي3، ومقالة أبي بكر4، وكلام الجويني5، وكتاب لبعض المغاربة6، وكتاب لابن الطيب7، وكتاب للطرطوشي8، وكتاب لابن عوف9.

1 كذا في الأصل، ولعلّ صوابه:(الرهاوي) حيث سقط حرف الواو من الناسخ. وهو: عبد القادر بن عبد الله الفهمي الرهاوي، أبو محمّد عالم بالتراجم ومن حفاظ الحديث، توفي سنة: 612هـ، له كتاب:(رد النصارى) ذكر المستشرق مورتز في كتابه: (الأدب الجدلي والدفاعي في اللغة العربية بين المسلمين والنصارى واليهود ص 136) . (ر: ترجمته في الأعلام 4/40، للزركلي) .

2 الأديب المعروف، من أئمة المعتزلة توفي سنة: 255هـ، له (المختار في الرّدّ على النصارى) حققه ونشره د. محمّد عبد الله الشرقاوي، وله (الرسالة العسلية) ذكره القاضي عبد الجبار في تثبيت دلائل النبوة 1/198.

3 القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني الأسدابادي، شيخ المعتزلة في عصره توفي سنة 415هـ، له:(المغني في أبواب التوحيد - مطبوع في أجزاء) وقد رد على النصارى في الجزء الخامس منه، وله:(تثبيت دلائل النبوة - مطبوع في جزئين) تحقيق د. عبد الكريم عثمان، وقد رد على النصارى في الجزء الأوّل منه. وله:(رد النصارى) ذكره مورتز في الأدب الجدلي والدفاعي ص 114.

4 القاضي أبو بكر محمّد بن الطيب الباقلاني، من أئمة الأشاعرة توفي سنة 403هـ، له:(التمهيد في الرّد على الملحدة والمعطلة والخوارج والمعتزلة - مطبوع)، وله:(الملل والنحل) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ص 1820.

5 أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني، إمام الحرمين، توفي سنة 478هـ، له:(شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل - مطبوع) بتحقيق د. أحمد السقا، وله:(الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد - مطبوع) وقد رد على النصارى في جزء من الكتاب.

6 هو أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة الخزرجي، فقيه أندلسي توفي سنة 582هـ، له:(مقامع هامات الصلبان في الرّدّ على عبدة الأوثان ومراتع روضات الإيمان - مطبوع)، حققه ونشره د. محمّد شامه بعنوان:(بين الإسلام والمسيحية)، كما حقّقه أيضاً د. عبد المجيد الشرفي. (ر: ترجمته في الأعلام 1/150 للزركلي) وقد استفاد المؤلِّف من هذا المصدر في ذكر فضائح الرهبان وحيلهم في الباب التاسع. (ر: ص: وما بعها) .

7 أبو العباس أحمد بن محمّد بن مروان بن الطيب السرخسي، فيلسوف غزير العلم بالتاريخ والسياسة والأدب والفنون، توفي سنة: 286هـ، له:(رد النصارى) ذكره مورتز في الأدب الجدلي ص 142، 143. (ر: ترجمته في الفهرست ص 365-367، لابن النديم، والأعلام 1/205، للزركلي) .

8 محمّد بن الوليد بن محمّد الفهري، أبو بكر الطرطوشي، من فقهاء المالكية، توفي سنة: 520هـ، له:(رد النصارى) ذكره مورتز في الأدب الجدلي ص 144، وله:(السعود في الرّدّ على اليهود) ذكره القاضي عياض في (الغنية) ص 63، طبعة بيروت. (ر: ترجمته في: سير أعلام النبلاء 19/490، أعلام 7/133) .

9 عوض بن عوف، له:(رد النصارى) ذكره مورتز في الأدب الجدلي ص 126.

ص: 63

وكتاب الدمياطي1، وكتاب لعض معاصرينا2، ثم نظرت جزءاً من كتاب لابن ربن من المتقدمين3، وأرجو أن يكون هذا المختصر - إن شاء الله- قد جمع شتاتهم واستدرك ما فاتهم، والله الموفِّق بحمده"4.أهـ.

وأما المصادر الكتابية التي أشار إليها المؤلِّف ضمن كتابه فهي:

1-

بعض أسفار العهد القديم التي قد تقدم ذكر بعضها وهي: سفر صفنيا، وسفر زكريا، وسفر أرميا، وسفر حزقيال.

2-

بعض الأناجيل غير المعتمدة عند النصارى وهي: إنجيل الصبوة ويسمّى (إنجيل بطرس) 5، ونسخ أخرى للأناجيل.

3-

كتاب (الملل والنحل) لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني.

وأما المصادر التي وقفت عليها عن طريق مقارنة نصوص الكتاب في الكتب الأخرى فهي:

1 خلف الدمياطي له: (رد النصارى) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 1/838.

2 لعلّه كتاب: (الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام - للقرطبي المفسّر - أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري المتوفى سنة: 671هـ، وقد طبع بتحقيق د. أحمد السقا، وقد اشترك المؤّلف مع القرطبي في النقل من كتاب الشفا للقاضي عياض دون الإشارة إليه.

3 عليّ بن ربن الطبري، أبو الحسن، كان نصرانياً فأسلم، توفي سنة: 247هـ، له:(الرد على النصارى - مطبوع) نشره الأبوان خليفة وكوتشك في بيروت سنة: 1959م، وله:(الدين والدولة في إثبات نبوة النّبي صلى الله عليه وسلم مطبوع) تحقيق الأستاذ عادل نويض. وقد اعتمد المؤلِّف على كتاب الدين والدولة اعتماداً كلّيّاً في الباب العاشر في القسم الأوّل منه في البشارات الواردة بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في التوراة والأناجيل. (ر: ص: وما بعدها) .

4 انتهى كلام المؤلِّف في بداية المجلد الأوّل من المخطوطة ورقة 2/أ.

5 ر: ص:.

ص: 64

1-

كتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (توفي سنة: 544هـ) .

وقد تبيّن لي أنّ المؤلِّف قد اعتمد على كتاب الشفا اعتماداً كلّيّاً، حيث نقل الباب الرابع مع القسم الأوّل من كتاب الشفا وهو:"فيما أظهره الله على يديه (النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات وشرَّفه به من الخصائص والكرامات وفيه ثلاثون فصلاً" نقله المؤلِّف في القسم الثاني من الباب العاشر من كتابه نقلاً حرفياً مع حذف واختصار بعض الأحاديث الواردة فيه1.

2-

كتاب (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء) - للحافظ أبي نعيم الأصفهاني توفي سنة 430هـ.

3-

كتاب (صفة الصفوة) للإمام جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي توفي سنة 597هـ، وقد استفاد المؤلِّف من هذين المصدرين في نهاية الباب العاشر في ذكر ما أظهره الله على يد أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأمّته من الكرامات والآيات البيّنات.

8-

قيمة الكتاب العلمية:

إن من مواصفات الكتاب العلمية البارز أن يحوز على ثناء العلماء واهتمام المتخصصين منهم باختصاره أو بالاعتماد عليه في كتبهم ومؤلَّفاتهم، أو بالإشارة إليه والنقل منه، وأن يحرص العلماء والأمراء على اقتنائه وقرائته.

وإنّ الكتاب الذي بين أيدينا قد جمع - بحمد الله - تلك الصفات السابقة، مما يؤكِّد قيمته العلمية والعالية والبارزة، وإليكم الأدلة على ذلك:

1 قارن نص كتاب الشفا 1/481-432، للقاضي عياض مع نص كتاب التخجيل ص 531 للمؤلِّف وما بعدها.

ص: 65

أوّلاً: لقد سجّل لنا المؤلِّف مدى تأثير كتابه عند العلماء ومدى اهتمامهم به في مقدمة كتابه: "البيان الواضح المشهود من فضائح النصارى واليهود) الذي يعتبر اختصاراً لكتاب (التخجيل) فقال: "وعمدت إلى تكابي الملقَّب بـ: (تخجيل مَنْ حرَّف التوراة والإنجيل) وهو كتاب وضعته في أيام الشباب والنشاط، وجودة القريحة والانبساط فأكب على نقله علماء أهل الفسطاط واغتبطوا به غاية الاغتباط، ولا شكّ أنّ علماءنا - أيّدهم الله - يردّون عليهم بالحجج العقلية والطرق الكلامية، وعقول النصارى قاصرة عن المعقول مائلة إلى المنقول، وكنت قد طالعت التوراة الخمسة الأسفار والأناجيل الأربعة وإنجيل الصبوة ومزامير داود المائة وخمسين مزموراً ورسائل فولوس وسير التلاميذ ونبوات الأنبياء الأوّل والأمانة التي ألفها قدماؤهم، وقرأت كتب اليعاقبة والروم والنسطور، وتلوت عليهم من كتبهم وخاطبتهم باصطلاحهم، فجاء الكتب ندرة في فنّه، غاية في باب لا يسمع به أمير أو مأمور إلاّ حصله واقتناه وبلغ من مناظرة أهل الكتاب مناه، فجردت منه عشر مسائل مسألة من كلّ باب من أبواب الكتاب

"1 الخ. اهـ.

ثانياً: إنّ مما يؤكِّد كلام المؤلِّف في اهتمام العلماء بكتابه اعتماد الإمام أحمد بن إدريس القرافي (توفي سنة 684هـ) في كتابه (الأجوبة الفاخرة في الرّدّ على الأسئلة الفاجرة) 2، اعتماداً مباشراً عليه، فقد نقل منه نصوصاً كثيرةً جدّاً بحيث يشبه

1 ر: ورقة 5 من المخطوطة.

2 طبعته دار الكتب العلمية عام 1406هـ، في بيروت وقد حقّق الكتاب في جامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوارة، كما حقّق أيضاً في جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية لنيل درجة الماجستير.

ص: 66

أن يكون اختصاراً له، ولى الرغم من أن الإمام القرافي لم يصرِّح بنقله من كتاب التخجيل، إلاّ أنّ ذلك يبدو واضحاً بمقارنة النصوص1.

ثالثاً: اختصره الشيخ أبو الفضل المالكي السعودي بعنوان: (المنتخب الجليل من تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل) 2، وقد فرغ من اختصاره في شوال سنة 942هـ، إلاّ أنّ أبا الفضل المالكي قد حشا مختصره بمخاريق الصوفية وخزعبلاتهم3، وخرافاتهم.

رابعاً: نقل منه محمّد بن عبد القادر الشهير بابن الصلف المحلي المالكي في كتابه: (المنقذ من الضلالة الشاهد لمحمّد وعيسى - عليهما الصلاة السلام - بالرسالة)4.

خامساً:

اعتمد عليه الشيخ رحمة الله الهندي (المتوفى سنة: 1308هـ) في مناظرته

1 ذكر د. ناجي محمّد داود، محقِّق كتاب الأجوبة الفاخرة في جامعة أمّ القرى، أن كتاب التخجيل من المصادر الأساسية التي اعتمد عليها القرافي في الأجوبة. (ر: ص 113، من رسالة الدكتوراه) .

وقارن أيضاً بين الباب الثاني في الأجوبة الفاخرة وبين الباب الأوّل والثاني في كتاب التخجيل، وبين الباب الثالث في الأجوبة الفاخرة والباب التاسع في كتاب التخجيل، وبين الباب الرابع في الإجوبة الفاخرة والقسم الأوّل من الباب العاشر في كتاب التخجيل.

2 مخطوطة بمكتبة أحمد الثالث بتركيا تحت رقم: (1765)، وتوجد عنها نسخة ميكروفليم بمركز البحث العلمي تحت رقم:68/15، عقيدة بجامعة أم القرى.

3 ر: الباب السادس من المخطوطة، وص 81-97، من النسخة المطبوعة.

4 مخطوطة بمكتبة باريس تحت رقم: (5049) ، ولم أقف على هذه المخطوطة لكنني وقفت على كتاب (الصليب في الإسلام ص 38 لحبيب زيات) الذي نقل نصّاً من المخطوطة السابقة، وهذا النصّ موجود في كتاب التخجيل.

ص: 67

الكبرى مع القسيس فندر في بلدة أكبر آباد بالهند1، واستشهد فيها بثلاثة نصوص من كتاب التخجيل من الباب الثاني والتاسع2.

كما نقل منه الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه القيم: (إظهار الحقّ) 3 الذي يعتبر من خير ما ألّف في العصر الحديث في الرّدّ على النصارى وافتراءاتهم، وأصبح من المراجع التي لا يستغني عنها أي باحث في الرّدّ على اليهود والنصارى4.

وإن قراءة الشيخ رحمه الله الهندي لكتاب التخجيل ونقله منه ليدل دلالة قوية على مدى أهمية كتاب التخجيل وقيمته العلمية الكبيرة.

ويوجهنا ذلك إلى إبراز بعض مميّزات كتاب التخجيل وهي:

أ- حسن ترتيبه لأبواب الكتاب وتناسقها.

ب- اعتماده في مجادلة أهل الكتاب على ما جاء في كتبهم المقدسة لديهم وفي كتب فرقهم وأحبارهم ليكون أبلغ في الحجّة وأفحم للخصم.

1 وتسمَّى المناظرة الكبرى التي عقدت في يوم الاثنين 11 رجب 1270هـ، وطبعت بتحقيق د. محمّد عبد القادر خليل (رسالة دكتوراه) ، وأيضاً بتحقيق د. أحمد السقا في ملحق الطبعة الثانية لكتاب إظهار الحقّ.

2 ر: ص: 276، 277، من المناظرة الكبرى بتحقيق د. محمّد عبد القادر، وص: 436، 437، من المناظرة الكبرى بتحقيق د. أحمد السقا.

3 ر: ص: 190، بتحقيق د. أحمد السقا.

4 لقد نال كتاب (إظهار الحقّ) مكانة كبيرة عند علماء قَلَّ أن - ينالها كتاب آخر في هذا المجال - فقد طبع وحقّق مرات عديدة وترجم إلى تسع لغات أجنبية منها: الألمانية والفرنسية والإنجليزية، ولما انتشرت الترجمة الإنجليزية للكتاب علقت عليها جريدة لندن تايمز.

وجاء في التعليق: "لو استمرّ الناس في قراءة ومطالعة هذا الكتاب لتوقف رقي الدين النصراني وازدهاره في العالم كلّه". (ر: للتوسع في صدى كتاب (إظهار الحقّ) وقيمته العلمية، مقدمة د. أحمد السقا لتحقيق الكتاب ص: 31-36، دراسة د. محمّد عبد القادر لتحقيق المناظرة الكبرى ص: 382-41)

ص: 68

ج- إحاطته بالموضوع وشموليته في إبطال أهمّ العقائد الباطلة لأهل الكتاب.

د- قوّة مناقشته وكثرة استدلالاته وتنوعها، وطول نفسه في المناظرة.

هـ بساطة أسلوب الكتاب وسلاسته.

تلك أبرز المميّزات في نظري. والله أعلم.

9-

المآخذ على الكتاب:

لقد تبيّن لنا مما سبق قيمة الكتاب العلمية الكبيرة ومكانته البارزة بين كتب الرد على اليهود والنصارى بما يروي الغليل ويشفي العليل ويثلج صدور قوم مؤمنين، ومع ذلك فإنّ كلّ إنسان يؤخذ من كلامه ويُرَدُّ إلاّ الأنبياء والمرسلين، وإنّ المؤلِّف مع سعة علمه لم يخل كتابه هذا من بعض المآخذ التي ارتأيتها - رغم قصر باعي وقلة اطلاعي - ومنها:

1-

التكلف في السجع-في بعض المواطن وخاصة في خطبة الكتاب-الذي يؤدّي إلى غموض المعنى وصعوبة فهمه. (ر: ص:89-92) .

2-

التكرار لبعض المسائل والقضايا الواردة فيه، مثال ذلك:

مسألة بقاء المسيح في القبر كما وردت في الأناجيل تكررت في ص: 187، 256، 295، 308-310، 356، 357، 421.

- مسألة الختان عند النصارى تكررت في ص: 228، 588، 589.

- مسألة القبلة في الصلاة عند النصارى تكررت في ص: 156، 593، 643.

- مسألة استعباد بني إسرائيل في مصر تكررت في ص: 575، 584، 585.

ص: 69

3-

إيراد بعض الأحاديث والآثار الموضوعة والضعيفة دون بيانها، مع أنّ في الأحاديث والآثار الصحيحة التي أوردها المؤلِّف ما يغني عنها، (ر: ص: 733، 766، 767، 773، 821، وغيرها) .

4-

ذكر بعض البشارات التي فيها تكلف ظاهر لإثباتها في نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم. (ر: ص: 665، 678، 679، 687، 688، 697) .

5-

عدم ذكر المؤلِّف لكتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي عياض -) من بين المصادر التي اعتمد عليها، مع أنّه قد نقل من كتاب الشفا جزءاً كبيراً كما سبق بيانه.

ص: 70