المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة مريم قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} 1 اختلف المفسرون - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢١

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌ ‌سورة مريم قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} 1 اختلف المفسرون

‌سورة مريم

قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} 1 اختلف المفسرون في المراد بالورود المذكور ما هو؟ والأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط2، قال تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} 3. وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة" قالت حفصة: فقلت: يا رسول الله، أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ الاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} فقال:"ألم تسمعيه" قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} 4. أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود

1 سورة مريم، الآية:71.

2 انظر الأقوال الأُخر في معاني القرآن الكريم (4/347-350) ، وتفسير القرآن للسمعاني (3/306-308) ، وزاد المسير (5/255-257) وقد اختار ما رجحه المؤلف جماعة من العلماء منهم ابن جرير في جامع البيان (18/234) ، والسمعاني في تفسير القرآن (3/308) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/279) ، والشوكاني في فتح القدير (3/347) ومما يؤيد هذا القول ما أخرجه الترمذي في جامعه برقم (3159)، والدارمي برقم (2810) والحاكم (2/407) عن السُّدي قال: سألت مرة الهمداني عن قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرد الناس النار ثم يصدرون منها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح.) الحديث. قال الحاكم: هذا حديث صحيح عل شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

3 سورة مريم، الآية:72.

4 أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2496) من حديث جابر. وقد تابع المؤلفُ شيخ الإسلام في الاحتجاج بهذا الحديث على أن الورود هو المرور على الصراط. انظر مجموع الفتاوى (4/279) .

ص: 15

النار لا يستلزم دخولها1، وأن النجاة من الشر لا يستلزم حصوله، بل يستلزم انعقاد سببه، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه، يقال: نجاه الله منهم؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً} 2 {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً} 3 {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً} 4 ولم يكن العذاب أصابهم، ولكن أصاب غيرهم، ولولا ما خصهم الله به من أسباب النجاة، لأصابهم ما أصاب أولئك. وكذلك حال الواردين النار، يمرون فوقها على الصراط، ثم ينجي الله الذين اتقوا، ويذر الظالمين فيها جثيّاً، فقد بيّن صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المذكور: أن الورود هو المرور على الصراط.

وروى الحافظ أبو نصر الوائلي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "علِّم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك، وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة، فلا تحدثن في دين الله حدثاً برأيك". أورده القرطبي5.

وروى أبو بكر بن أحمد بن سليمان النجاد، عن يعلى بن منية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تقول النار للمؤمن - يوم القيامة -: جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي"6.

1 بهذا المعنى احتج الزجاج في معاني القرآن (3/341) .

2 سورة هود، الآية:58.

3 سورة هود، الآية:66.

4 سورة هود، الآية:94.

5 هو في التذكرة، ص (390،391) قال القرطبي: ذكر الوائلي أبو نصر في كتاب الإبانة. ثم ساق سند الوائلي. وذكر المحققان لشرح العقيدة الطحاوية ص، (608) أنه قد أخرجه أيضاً البغدادي في تاريخه وأبو نعيم في الحلية، وأن أيّ واحد من الأسانيد التي خرجه بها هؤلاء العلماء (الوائلي، البغدادي، أبو نعيم) لايصح، ولا يثبت.

6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (606-608) .والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (22/258، 259) برقم (668)، وأبو نعيم في الحلية (9/329) من رواية يعلى بن منية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/360) وقال: رواه الطبراني، وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف. وضعَّفه أيضاً المحققان لشرح العقيدة الطحاوية، ص (608) بالانقطاع وبغيره.

ص: 16