المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يكون من الأفعال العامة مثل الكون والاستقرار والحصول ونحو ذلك، - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢١

[ابن أبي العز]

الفصل: يكون من الأفعال العامة مثل الكون والاستقرار والحصول ونحو ذلك،

يكون من الأفعال العامة مثل الكون والاستقرار والحصول ونحو ذلك، أو يقدر: مكتوب في كتاب، أو في رق. والكتاب: تارة يذكر ويراد به محل الكتابة، وتارة يذكر ويراد به الكلام المكتوب، ويجب التفريق بين كتابة الكلام في الكتاب، وكتابة الأعيان الموجودة في الخارج فيه؛ فإن تلك1 إنما يُكتب ذكرها، وكلما تدبر الإنسان هذا المعنى وضح له الفرق2.

1 الإشارة ترجع إلى الأعيان الموجودة في الخارج.

2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (193، 194) وانظر- أيضاً- التنبيه على مشكلات الهداية، ص (175، 176) تحقيق عبد الحكيم. وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (12/239، 240) فقد بحث هذه الآية بنحو هذا، ولعل المؤلف أخذ هذا منه. وقد ساق ابن تيمية وابن أبي العز تفسير هذه الآية ـ عرضاً ـ أثناء كلامهما على مسألة أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق.

ص: 23

‌سورة النمل

قول-هـ تعالى - حكاية عن بلقيس -: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} 3 المراد من كل شيء يحتاج إليه الملوك4، وهذا القيد يُفهم من قرائن الكلام؛ إذ مراد الهدهد أنها ملكة كاملة في أمر الملك، غير محتاجة إلى ما يكمل به أمر ملكها5.

والعرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملك6 وليس هو فلكاً،

4 انظر جامع البيان (19/446) ، ومعاني القرآن وإعرابه (4/115) ، ومعاني القرآن الكريم (5/125) فقد فسر مؤلفوها بهذا.

5 شرح العقيدة الطحاوية، ص (181) .

6 انظر معاني القرآن وإعرابه (4/115) ، وتفسير غريب القرآن للسجستاني، ص (119) ، وتهذيب اللغة (1/413)(عرش) .

ص: 23

ولا تفهم منه العرب ذلك، والقرآن إنما نزل بلغة العرب1.

قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} 2 يقول الله تعالى أإله مع الله فعل هذا؟ وهذا استفهام إنكار3، يتضمن نفي ذلك، وهم كانوا مقرين بأنه لم يفعل ذلك غير الله، فاحتج عليهم بذلك، وليس المعنى استفهام هل مع الله إله؟ كما ظنه بعضهم4؛ لأن هذا المعنى لا يُناسب سياق الكلام، والقوم كانوا يجعلون مع الله آلهة أُخرى، كما قال تعالى:{أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ} 5، وكانوا يقولون:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 6. ولكنهم ما كانوا يقولون: إن معه إلهاً {جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً} 7 بل هم مقرون بأن الله وحده فعل هذا، وهكذا سائر الآيات8.

1 شرح العقيدة الطحاوية، ص (366) .

2 سورة النمل، الآية:60.

3 انظر تفسير القرآن للسمعاني (4/108) ، والوسيط (3/382) ، ومعالم التنزيل (3/425) فكل هؤلاء فسروا الاستفهام بأنه إنكاري، وكثير غيرهم على هذا.

4 كأن الألوسي أشار إلى شيء من هذا، أو قريب منه، وصدره بقيل. انظر روح المعاني (20/5) . وكلام بعض المفسرين يفهم منه هذا. انظر النكت والعيون (4/221) ، وفتح القدير (4/142) لكن لا أستطيع الجزم؛ لأن كلامهم قد يُخرَّج على أنهم أرادوا أن الاستفهام إنكاري.

5 سورة الأنعام، الآية:19.

6 سورة ص، الآية:5.

7 سورة النمل، الآية:61.

8 شرح العقيدة الطحاوية، ص (36، 37) . وقد تكلم شيخ الإسلام على هذه الآية ـ أعني التي فسرها ابن أبي العز ـ وبيَّن أن مَنْ جعل الاستفهام غير إنكاري فقد غلط. انظر مجموع الفتاوى (7/76، 77)(11/682، 683) ويظهر أن المؤلف اطلع على هذا، ولكنه تصرف وأضاف أشياء على عادته في النقل عن الإمامين، ابن تيمية، وابن القيم.

ص: 24