المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} 1 - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢١

[ابن أبي العز]

الفصل: قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} 1

قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} 1 روى الحافظ أبو القاسم الطبراني بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء، صفحاتها من ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، لله فيه كل يوم ستون وثلاث مائة لحظة، يخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء" 2اللوح المذكور هو الذي كتب الله مقادير الخلائق فيه3.

1 سورة البروج، الآية: 21،22.

2 أخرجه الإمام الطبراني في المعجم الكبير ـ من رواية ابن عباس، رضي الله عنهما برقم (12511) بإسناد فيه زياد بن عبد الله البَكّائي، وليث بن أبي سُليم، الأول في حديثه عن غير ابن إسحاق لين، والثاني صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فتُرك. انظر التقريب رقم (2085) ورقم (5685) . ورواه الطبراني في المعجم الكبير برقم (10605) من طريق أُخرى عن ابن عباس موقوفاً بنحو هذا الحديث المرفوع. قال الهيثمي ـ في مجمع الزوائد (7/190، 191) ـ: رواه الطبراني من طريقين، ورجال هذه ثقات. قلت: يعني بهذه الطريق الموقوفة.

وأخرج الحاكم في المستدرك (2/565) الرواية الموقوفة على ابن عباس، مع زيادة يسيرة في آخرها، وصحح إسنادها مع أن فيها ثابتاً ابن أبي حنيفة الثمالي، وهو رافضي ضعيف. وأورد هذه الرواية الموقوفة جماعة من المفسرين المعتنين بالأثر. منهم الواحدي في الوسيط (4/463) ، والسمعاني في تفسير القرآن (6/201) ، وابن كثير تفسيره (4/498) .

3 شرح العقيدة الطحاوية، ص (344) وليس في الكلام سقط.

ص: 65

‌سورة البينة

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} 4 والبرية مشتقة من البرء، بمعنى الخلق، فثبت أن صالحي البشر خير الخلق5.

4 سورة البينة، الآية:7.

5 انظر التفسير الكبير (32/49) ، والجامع لأحكام القرآن (20/145) ففيهما الاحتجاج بالآية على هذه المسألة. وقد أطال صاحب التفسير الكبير في مناقشة هذا الاحتجاج.

ص: 65

قال الآخرون: إنما صاروا خير البرية لكونهم آمنوا وعملوا الصالحات، والملائكة في هذا الوصف أكمل؛ فإنهم لا يسأمون ولا يفترون، فلا يلزم أن يكونوا خيراً من الملائكة1. هذا على قراءة من قرأ {الْبَرِيَّةِ} بالهمز2، وعلى قراءة من قرأ بالياء3، إن قلنا: إنها مخففة من الهمزة4، وإن قلنا: إنها نسبة إلى البَرى وهو التراب كما قاله الفراء5، فيما نقله عنه الجوهري في (الصحاح) 6 - يكون المعنى: أنهم خير مَنْ خُلِقَ من التراب، فلا عموم فيها -

1 نحو هذا قال أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن (5/274) .

2 وهي قراءة نافع وابن عامر. انظر المبسوط في القراءات العشر ص، (475) ، وإرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي في القراءات العشر، ص (643) .

3 وهم من عدا نافع وابن عامر (الجمهور) انظر المبسوط في القراءات العشر، ص (475) ، وإتحاف فضلاء البشر، ص (442) .

4 يعني أن تحقيق الهمزة وتخفيفها يرجع إلى أصل واحد، فهو من برأ الله الخلق، أي خلقهم. انظر معاني القرآن وإعرابه (5/350) ، والكشف عن وجوه القراءات السبع (2/385) .

5 انظر معاني القرآن (3/282) فقد نص الفراء على الوجهين على قراءة من قرأ بغير الهمز، وأعني بالوجهين، أن تكون مأخوذة من برأ الله الخلق أي: خلقهم، أو تكون مأخوذة من (البرى) وهو التراب. وقد أنكر الزجاج، ومن بعده أبو علي الفارسي اشتقاق هذه الكلمة (البريّة) من (البرى) وهو التراب، وحجتهما أنها لو كانت كذلك لم تقرأ بالهمز. انظر معاني القرآن وإعرابه (5/350)، والحجة للقراء السبعة (6/428) . قلت: ويبدو أن هذه الحجة قلقة؛ فإن إثبات أصلٍ لا يدل على إسقاط آخر، بل يمكن حمل كل قراءة على ما يناسبها من الاشتقاق، وقد ثبت كلٌ عن العرب فيما حكى الفراء. ومن هو مثلهما في العربية لم ير إسقاط هذا الاشتقاق، فأبو جعفر النحاس ـ في إعراب القرآن (5/274) ـ أثبت لكل قراءة اشتقاقاً، وأبو منصور الأزهري ـ في علل القراءات (2/789) ـ نقل قول الفراء ولم ينكره، وأبو حيان في البحر (8/495) أيّد قول من قال: إنه قد يكون لكل قراءة اشتقاق.

6 انظر منه (6/2280)(برا) .

ص: 66