المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الأحقاف قال تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢١

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌ ‌سورة الأحقاف قال تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ

‌سورة الأحقاف

قال تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} 1 أي: متقدم في الزمان2.

قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى الاّ مَسَاكِنُهُمْ} 3 مساكنهم شيء، ولم تدخل في عموم كل شيء دمرته الريح؛ وذلك لأن المراد: تدمر كل شيء يقبل التدميرَ بالريح عادة، وما يستحق التدمير4.

1 سورة الأحقاف، الآية:11.

2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (77) . ونحو هذا التفسير في جامع البيان (22/109) ، والمحرر الوجيز (15/16) ، والبحر المحيط (8/59) .

3 سورة الأحقاف، الآية:25.

4 شرح العقيدة الطحاوية، ص (181) . وكون الآية من العام المراد به الخصوص قاله جماعة من المفسرين، منهم ابن عطية في المحرر الوجيز (15/34) ، وابن جزي في التسهيل (4/79) ، والثعالبي في الجواهر الحسان (4/213) .

ص: 41

‌سورة الفتح

أجابوا عن الاستثناء الذي في قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} 5 بأنه يعود إلى الأمن والخوف، فأما الدخول فلا شك فيه. وقيل: لتدخلن جميعكم أو بعضكم؛ لأنه علم أن بعضهم يموت.

وفي كلا الجوابين نظر6، فإنهم وقعوا فيما فروا منه، فأما الأمن والخوف فقد أخبر أنهم يدخلون آمنين - مع علمه بذلك - فلا شك في الدخول، ولا في الأمن، ولا في دخول الجميع أو البعض، فإن الله قد علم من يدخل فلا شك فيه

5 سورة الفتح، الآية:27.

6 انظر روح المعاني (26/121) ففيه أن بعض الأئمة قد اعترض على هذا التوجيه.

ص: 41

أيضاً، فكان قول: إن شاء الله هنا تحقيقاً للدخول، كما يقول الرجل فيما عزم على أن يفعله - لا محالة - والله لأفعلن كذا إن شاء الله، لا يقولها لشك في

إرادته وعزمه، ولكن إنما لا يحنث الحالف في مثل هذه اليمين لأنه لا يجزم بحصول مراده 1.

وأُجيب بجواب آخر لا بأس به، وهو: أنه قال ذلك تعليماً لنا كيف نستثني إذا أخبرنا عن مستقبل. وفي كون هذا المعنى مراداً من النص نظر؛ فإنه ما سيق الكلام له إلا أن يكون مراداً من إشارة النص. وأجاب الزمخشري بجوابين آخرين باطلين، وهما: أن يكون المَلَكُ قد قاله، فأُثبت قُرآناً، أو أن الرسول قاله2.

1 أول من أجاب بهذا الجواب السديد ـ فيما رأيت ـ محمود بن حمزة الكرماني في كتابه غرائب التفسير (2/1116) وهو أحد الأقوال في التفسير الكبير (28/91) . وأجاب به شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (7/456، 457) بعد أن فنّد كثيراً من الأقوال ـ غير هذا القول ـ وبيّن بعدها. ولم يذكر غيره ابن كثير في تفسيره (4/202) . ومن كلام شيخ الإسلام في توضيح هذا القول أنه قال: (. المسلم في الأمر الذي هو عازم عليه، ومريد له، وطالب له طلباً لا تردد فيه يقول: إن شاء الله، لتحقيق مطلوبه، وحصول ما أقسم عليه؛ لكونه لا يكون إلا بمشيئة الله، لا تردد في إرادته. والرب تعالى مريد لإنجاز ما وعدهم به إرادة جازمة لا مثنوية فيها، وما شاء فعل، فإنه سبحانه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ليس كالعبد الذي يريد ما لا يكون، ويكون ما لا يريد. فقوله سبحانه: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} تحقيق أن ما وعدتكم به يكون ـ لا محالة ـ بمشيئتي وإرادتي، فإن ما شئت كان وما لم أشأ لم يكن، فكان الاستثناء هنا لقصد التحقيق؛ لكونهم لم يحصل لهم مطلوبهم الذي وعدوا به ذلك العام) . مجموع الفتاوى (7/457) .

2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (497، 498) وأشار المؤلف إلى أن الاستثناء للتحقيق في كتابه التنبيه على مشكلات الهداية، ص (264) تحقيق عبد الحكيم. وما نسبه المؤلف للزمخشري هو في كشافه (3/549) . وكما اعترض المؤلف على جوابي الزمخشري، فكذلك غيره قد اعترض عليهما. انظر الفتوحات الإلهية (4/170) . وإن أردت الاطلاع على كل هذه الأقوال التي ذكرها المؤلف ـ وزيادة ـ فانظر تفسير القرآن للسمعاني (5/208) ، وغرائب التفسير (2/1116) ، والمحرر الوجيز (15/119، 120) ، وزاد المسير (7/443) ، والجامع لأحكام القرآن (16/290) ، والتسهيل لعلوم التنزيل (4/100) . وقد تبين لك أن القول الحق حمل الاستثناء على التحقيق، كما قال شيخ الإسلام وغيره من الأئمة.

ص: 42