الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: افرغ لِمُهمتك؛ فالصّدع تصنع شقاً في متماسك، كما نشق زجاجاً بالمشرط الخاص بذلك، أو ونحن نصنع شقاً في حائط. والرسول صلى الله عليه وسلم َ قد جاء لِيشقَّ الكفر ويهدم الفساد القوي المتماسك الذي يَقْوي بقوة صناديد قريش.
وقد شاع ذلك المصطلح «الصدع» في الزجاج؛ لأن أيَّ شقٍّ في أيِّ شيء من الممكن أنْ يلتئمَ إلا في الزجاج؛ لأنه يصعب أن يجمع الإنسان الفتافيت والقطع الصغيرة التي تنتج من صدعه، وقد جاء الإيمان ليصدع بنيان الكفر والفساد المتماسك.
وقول الحق سبحانه:
{وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} [الحجر:
94]
.
أي: أَعْطِهم عرض كتفيك، ولا تسأل عنهم؛ فَهُم لن يُسلِموا لك، ذلك أنهم مستفيدون من الفساد الذي جِئْتَ أنت لتهدمه، ولكنهم سيأتون لك تباعاً بعد أن تتثبت دعوتُك، وتصل قلوبهم إلى تيقُّن أن ما جئتَ به هو الحق.
والمثَل هو إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص؛ فقد قالا: «لقد استقر الأمر لمحمد، ولم تَعُدْ معارضتنا له تفيد أحداً» ، ودخلَا الإسلام.
ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك:
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ
…
} .
فبعد أنْ قال له: {وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} [الحجر: 94] .
وبعد أن ثبت لكل مَنْ عاش تلك الفترة أن كل مُستهزيء بمحمد صلى الله عليه وسلم َ قد ناله عقاب من السماء. فها هو ذا الوليد بن المغيرة الذي يتبختَّر في ثيابه؛ فيسير على قطعة من الحديد، فيأنَفُ أن ينحنيَ لِيُخلّص ثوبه الذي اشتبك بقطعة الحديد؛ فتُجرح قدمه وتُصاب بالغرغرينا ويقطعونها له، ثم تنتشر الغرغرينا في كُلِّ جسده إلي أنْ يموتَ.
وها هو الثاني الأسود بن عبد يغوث يُصاب بمرض في عينيه؛ ويُصاب بالعمَى، وكذلك الحارث بن الطلاطلة، والعاصي بن وائل.
وكل مستهزيء برسول الله صلى الله عليه وسلم َ قد ناله عقابٌ ما، ومَنْ لم تُصِبْه عاهة أو آفة صرعتْه سيوف المسلمين في بدر، لدرجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم َ قد حدد المواقع التي سيلْقى فيها كل واحد من صناديد قريش حَتْفه؛ فقال: هنا مصرع فلان، وهناك مصرع فلان.
وقد أوضح صلى الله عليه وسلم َ تلك المواقع من قبل أن تبدأ المعركة، ونعلم أن الحرب تتطلب كَراً وفَراً، ولكن ما تنبأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم َ قد حدث بالضبط.