المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يقول الحق تبارك وتعالى: {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ … } . - تفسير الشعراوي - جـ ١٣

[الشعراوي]

الفصل: يقول الحق تبارك وتعالى: {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ … } .

يقول الحق تبارك وتعالى: {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ

} .

ص: 8007

أي: مُسْتعظمين كقارون الذي قال: {إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي} [القصص: 78] .

أخذتُ هذا بَجْهدي وعملي. . ومثله مَنْ تقول له: الحمد لله الذي وفَّقك في الامتحان، فيقول: أنا كنت مُجِداً. . ذاكرتُ وسهرتُ. . نعم أنت ذاكرتَ، وأيضاً غيرك ذاكر وجَدَّ واجتهد، ولكن أصابه مرض ليلة الامتحان فأقعده، وربما كنت مثله.

فهذه نغمة مَنْ أَنكر الفضل، وتكبَّر على صاحب النعمة سبحانه.

وقوله:

{لِيَكْفُرُواْ

} [النحل:‌

‌ 55]

.

هل فعلوا ذلك ليكفروا، فتكون اللام للتعليل؟ لا بل قالوا: اللام هنا لام العاقبة. . ومعناها أنك قد تفعل شيئاً لا لشيء، ولكن الشيء يحدث هكذا، وليس في بالك أنت. . إنما حصل هكذا.

ومثال هذه اللام في قوله تعالى في قصة موسى وفرعون: {فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً. .} [القصص: 8] .

ففرعون حينما أخذ موسى من البحر وتبنَّاه وربَّاه، هل كان يتبناَّه ليكون له عدواً؟ لا. . إنما هكذا كانت النهاية، لكي يثبت الحق سبحانه أنهم كانوا مُغفَّلين، وأن الله حالَ بين قلوبهم وبين

ص: 8007

ما يريدون. . إذن: المسألة ليستْ مرادة. . فقد أخذْته وربَّيته في الوقت الذي تقتل فيه الأطفال. . ألم يخطر ببالك أن أحداً خاف عليه، فألقاه في البحر؟ {

لذا يقول تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ. .} [الأنفال: 24] .

وكذلك أم موسى: {وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم

} [القصص: 7] .

كيف يقبل هذا الكلام؟ وأنَّى للأم أن ترمي ولدها في البحر إنْ خافت عليه؟} كيف يتأتَّى ذلك؟! ولكن حالَ الله بين أم موسى وبين قلبها، فذهب الخوف عليه، وذهب الحنان، وذهبت الرأفة، ولم تكذّب الأمر الموجّه إليها، واعتقدت أن نجاة وليدها في هذا فألقتْه.

وقوله: {فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 55] .

أي: اكفروا بما آتيناكم من النعم، وبما كشفنا عنكم من الضر، وتمتعوا في الدنيا؛ لأنني لم اجعل الدنيا دار جزاء، إنما الجزاء في الآخرة.

ص: 8008