الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) الهمزة للاستفهام التقريري أي لقد علموا ذلك جيدا ولم حرف نفي وقلب وجزم ويروا فعل مضارع مجزوم بلم والواو فاعل وقد علقت يروا عن العمل لأن الرؤية هنا قلبية علمية وكم خبرية في محل نصب مفعول مقدم لأهلكنا والجملة في محل نصب مفعول يروا ويجوز أن تكون كم استفهامية وقبلهم ظرف متعلق بأهلكنا ومن القرون حال وأن وما في حيزها بدل من معنى كم أهلكنا والتقدير: ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم ويجوز أن يكون المصدر المؤول معمولا لفعل محذوف دل عليه السياق والمعنى تقديره وقضينا وحكمنا أنهم إليهم لا يرجعون وان واسمها وإليهم متعلقان بيرجعون ولا نافية وجملة يرجعون خبر ان وللزمخشري فيها كلام لطيف نورده في باب
الفوائد
. (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) الواو عاطفة وإن نافية وكل مبتدأ ولما بمعنى إلا وجميع خبر كل ولدينا ظرف متعلق بجميع أو بمحضرون ومحضرون خبر ثان وسيأتي مزيد من إعراب هذه الآية وقراءاتها.
الفوائد:
1-
كلام الزمخشري في الآية:
للمعربين كلام طويل في إعراب قوله تعالى: «ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون» وقد أوردنا لك ما رأيناه أمثل الأوجه في إعرابها ونرى من المفيد أن نورد لك الكلام الذي أورده الزمخشري بهذا الصدد قال: «ألم يروا: ألم يعلموا وهو معلق عن العمل في كم لأن كم لا يعمل فيها عامل قبلها سواء كانت
للاستفهام أو لمضمر لأن أصلها الاستفهام إلا أن معناها نافذ في الجملة كما نفذ في قولك ألم يروا إن زيدا لمنطلق وان لم يعمل في لفظه وانهم إليهم لا يرجعون بدل من كمّ أهلكنا على المعنى لا على اللفظ تقديره ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم» .
هذا وقد قرىء بتخفيف «لما» فتكون إن مخففة من الثقيلة وإن مهملة عن العمل وكل مبتدأ وما بعده خبره ولزمت اللام في الخبر فرقا بين المخففة والنافية وما مزيدة.
2-
مناقشة لطيفة:
اعلم أن الزمخشري أورد سؤالا في الآية فقال: كيف أخبر عن كل بجميع مع أن الفارسي نص على أنه لا يجوز: إن الذاهبة جارية صاحبها، واستشكلوا قوله تعالى «فإن كانتا اثنتين» لأنه أخبر عن ضمير الاثنين بالاثنين فلا فائدة فيه، وانتقد بعض الناس على الفارسي وقال إن الجارية مضافة والإضافة تكون بأدنى ملابسة فلا تدل إضافة الجارية إليه على أنها ملكه بل قد تكون جارته فأضافها باعتبار الجوار فقط ثم قل صاحبها فأفاد أنها ملكه، وأجاب الزمخشري عن السؤال بأن كلا لا يقتضي الجمعية بخلاف جميع وهذا قد نصّ عليه ابن عصفور فإنه فرق بين أجمع وجميع بأن أجمع لا يقتضي الجمعية بخلاف جميع لكن إنما ادعى ذلك في حالة النصب نحو جاء الزيدون جميعا أما في الرفع فلا فرق بين جاء الزيدون أجمعون أو جميع فما قاله الزمخشري مشكل لأن جميعا لا يفيد الجمعية إلا إذا انتصب على الحال فيبقى السؤال واردا، وأجاب عنه الفخر الرازي بجواب حسن وهو أنه إذا كان في الخبر زيادة صفة أو إضافة تقييد صح أن يؤتى بلفظ المبتدأ أو معناه كقولك الرجل رجل صالح.