الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الإيقاع به. (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) وحاولوا عطف على همت وبالباطل متعلقان بمحذوف حال وليدحضوا اللام للتعليل ويدحضوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وبه متعلقان بيدحضوا والحق مفعول به، فأخذتهم عطف على جادلوا، فكيف: الفاء عاطفة وكيف اسم استفهام في محل نصب خبر كان المقدم وعقاب اسم كان مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اتباعا لرسم المصحف.
(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) الكاف يجوز أن تكون نعتا لمصدر محذوف وقد تقدم تقرير ذلك أكثر من مرة ويحتمل أن تكون خبر لمبتدأ محذوف أي والأمر كذلك وكلمة ربك فاعل وعلى الذين كفروا متعلقان بحقت وأنهم أصحاب النار المصدر المؤول في محل رفع بدل من كلمة ربك أو في محل نصب بنزع الخافض وهو لام التعليل.
الفوائد:
1-
التغاير بين الموصوف والصفة:
من مباحث النحو الجليلة وقوع التغاير، في الظاهر، بين الموصوف والصفة فلقائل أن يقول: كيف جاز وصف المعرفة وهو الله سبحانه بغافر الذنب وقابل التوب وشديد العقاب لأن هذه الثلاث مشتقات، وإضافة المشتق لا تفيده تعريفا فمن ثم وقع التغاير المشار إليه، وقد أجاب سيبويه عن ذلك بقوله:«إن كل ما إضافته غير محضة يجوز أن تجعل محضة وتوصف به المعارف إلا الصفة المشبهة»
أما الكوفيون فلم يستثنوا الصفة المشبهة أيضا فقالوا في نحو حسن الوجه إنه يجوز أن تصير إضافته محضة، فعلى مذهبهم يصح أن تكون الثلاث نعوتا، وعلى مذهب سيبويه يعرب شديد العقاب بدلا، وفيما يلي تقرير الزمخشري بهذا الصدد قال: «فإن قلت: كيف اختلفت هذه الصفات تعريفا وتنكيرا والموصوف معرفة يقتضي أن يكون مثله معارف؟ قلت: أما غافر الذنب وقابل التوب فمعرفتان لأنه لم يرد بهما حدوث الفعلين وانه يغفر الذنب ويقبل التوب الآن أو غدا حتى يكونا في تقدير الانفصال فتكون إضافتهما غير حقيقية وإنما أريد ثبوت ذلك ودوامه فكان حكمهما حكم إله الخلق ورب العرش وأما شديد العقاب فأمره مشكل لأنه في تقدير شديد عقابه لا ينفك من هذا التقدير وقد جعله الزجاج بدلا وفي كونه بدلا وحده بين الصفات نبو ظاهر والوجه أن يقال لما صودف بين هؤلاء المعارف هذه النكرة الواحدة فقد آذنت بأن كلها أبدال غير أوصاف ومثل ذلك قصيدة جاءت تفاعيلها كلها على مستفعلن فهي محكوم عليها بأنها من بحر الرجز فإن وقع فيها جزء واحد على متفاعلن كانت من الكامل، ولقائل أن يقول هي صفات وإنما حذف الألف واللام من شديد العقاب ليزاوج ما قبله وما بعده لفظا فقد غيروا كثيرا من كلامهم عن قوانينه لأجل الازدواج.... على أن الخليل قال في قولهم ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك وما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل كذا، أنه على نية الألف واللام كما كان الجماء الغفير على نية طرح الألف، واللام ومما سهل ذلك الأمن من اللبس وجهالة الموصوف. ويجوز أن يقال قد تعمد تنكيره وإبهامه للدلالة على فرط الشدة وعلى مالا شيء أدهى منه وأمرّ لزيادة الإنذار. ويجوز أن
يقال هذه النكتة هي الداعية الى اختيار البدل على الوصف إذا سلكت طريق الابدال» .
2-
نكتة زيادة الواو:
وفي زيادة الواو في قوله وقابل التوب نكتة جليلة وهي إفادة الجمع بين رحمتي مغفرة الذنب وقبول التوب، وروي أن عمر بن الخطاب افتقد رجلا ذا بأس شديد من أهل الشام فقيل له تتايع في هذا الشراب فقال عمر لكاتبه اكتب من عمر الى فلان سلام عليك وأنا أحمد الله الذي لا إله إلا هو، بسم الله الرحمن الرحيم حم إلى قوله إليه المصير وختم الكتاب وقال لرسوله: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحيا ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة، فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول قد وعدني الله أن يغفر لي وحذرني عقابه فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع فأحسن النزوع وحسنت توبته فلما بلغ عمر قال هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زلّ زلة فسددوه ووفقوه وادعوا له الله أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه. قلت:
وما فعله عمر رضي الله عنه يجب أن يكون مثالا يحتذى في حسن الأدب وطريقة الهداية التي تهدي بالتي هي أحسن وتتفادى الغلظة والشدة في القول وسوء التنديد بما يفعله المذنب.
3-
الجدال مذموم إلا في الحق:
وفي قوله «ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا» إلماع الى ما ينطوي عليه الجدال المذموم لادحاض الحق وإطفاء نور الله، أما الجدال في الآيات لإزالة مشكلها وحل ملتبسها ومقارعة العلماء في