الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسرون لا محل لها على كل حال أي الذي يسرونه أو أسرارهم وما يعلنون عطف على ما يسرون أي والذي يعلنون أو واعلانهم وللزمخشري فصل ممتع بين كسر همزة إن وفتحها نورده في باب
الفوائد
.
الفوائد:
حاول بعض المنتصرين للنثر، الطاعنين على الشعر، أن يحتج بأن القرآن كلام الله تعالى منثور، وان النبي صلى الله عليه وسلم غير شاعر لقوله تعالى:«وما علمناه الشعر وما ينبغي له» ويرى أنه قد أبلغ في الحجة، ولكن الواقع أن الله تعالى لما بعث رسوله أميا غير شاعر إلى قوم يعلمون منه حقيقة ذلك حين استوت الفصاحة واشتهرت البلاغة آية للنبوة، وحجة على الخلق، وإعجازا للمتعاطين، وجعله منثورا ليكون أظهر برهانا لفضله على الشعر الذي يترتب على صاحبه أن يكون قادرا على ما يحبه من الكلام، وتحدي جميع الناس من شاعر وغيره بمثل مثله فأعجزهم ذلك، فمن هنا قال الله تعالى «وما علمناه الشعر وما ينبغي له» أي لتقوم عليكم الحجة ويصح قبلكم الدليل، ويدحض أباطيلكم البرهان، والمعنى: ان القرآن ليس بشعر، وما هو من الشعر في شيء وأين هو عن الشعر؟ والشعر إنما هو كلام موزون مقفى يدل على معنى فأين الوزن؟ وأين التقفية؟ وأين المعاني التي ينتحيها الشعراء عن معانيه؟ وأين نظم كلا منهم عن نظمه وأساليبه؟
فإذن لا مناسبة بينه وبين الشعر، قال الزمخشري: «فإن قلت فقوله:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
وقوله:
هل أنت إلّا إصبع دميت
…
وفي سبيل الله ما لقيت
قلت: ما هو إلا كلام من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة من غير صنعة ولا تكلف إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك ولا التفات منه إليه أن جاء موزونا كما يتفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم ورسائلهم ومحاوراتهم أشياء موزونة لا يسميها أحد شعرا ولا يخطر ببال المتكلم ولا السامع أنها شعر، وإذا فتشت في كل كلام عن نحو ذلك وجدت الواقع في أوزان البحور غير عزيز، على أن الخليل ما كان يعد المشطور من الرجز شعرا» .
قلت: وقد تقدم في موضع آخر بحث مستفيض عن الشعر فجدد به عهدا.
بين كسر همزة إن وفتحها:
وقال الزمخشري في صدد قوله تعالى: «فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون» : «فإن قلت: فما تقول فيمن يقول:
إن قرأ قارئ أنا نعلم بالفتح انتقضت صلاته وإن اعتقد ما يعطيه من المعنى كفر؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يكون على حذف لام التعليل وهو كثير في القرآن وفي الشعر وفي كل كلام وقياس مطّرد، وهذا معناه ومعنى الكسر سواء، وعليه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الحمد والنعمة لك، كسر أبو حنيفة وفتح الشافعي وكلاهما تعليل. والثاني أن يكون بدلا من قولهم كأنه قيل فلا