المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الطور (52): الآيات 1 الى 8] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٧

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة ق

- ‌[سورة ق (50): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 6 الى 11]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 16 الى 19]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 20 الى 22]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 36 الى 38]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 39 الى 40]

- ‌[سورة ق (50): الآيات 41 الى 45]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 7 الى 14]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 24 الى 28]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 31 الى 37]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 43 الى 45]

- ‌[سورة الذاريات (51): آية 46]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 47 الى 49]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 50 الى 55]

- ‌[سورة الذاريات (51): الآيات 56 الى 60]

- ‌[تفسير سورة والطور]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 21 الى 24]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 25 الى 28]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 29 الى 34]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 35 الى 43]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة الطور (52): الآيات 47 الى 49]

- ‌[تفسير سورة والنجم]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 23 الى 26]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 27 الى 30]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 33 الى 35]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 43 الى 46]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة النجم (53): الآيات 56 الى 62]

- ‌[تفسير سورة القمر]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 9 الى 17]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 18 الى 22]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 23 الى 26]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 43 الى 46]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 47 الى 49]

- ‌[سورة القمر (54): الآيات 50 الى 55]

- ‌[تفسير سورة الرحمن]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 14 الى 18]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 31 الى 36]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 41 الى 45]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 48 الى 51]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 52 الى 55]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 62 الى 65]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 66 الى 69]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 72 الى 75]

- ‌[سورة الرحمن (55): الآيات 76 الى 78]

- ‌[تفسير سورة الواقعة]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 17 الى 26]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 41 الى 56]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 57 الى 62]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 63 الى 67]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 68 الى 74]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 75 الى 80]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 81 الى 87]

- ‌[سورة الواقعة (56): الآيات 88 الى 96]

- ‌[تفسير سورة الحديد]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة الحديد (57): آية 10]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 13 الى 15]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 18 الى 19]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 22 الى 24]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة الحديد (57): آية 27]

- ‌[سورة الحديد (57): الآيات 28 الى 29]

- ‌[تفسير سورة المجادلة]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 1]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 2]

- ‌[سورة المجادلة (58): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة المجادلة (58): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 7]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 8]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 9]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 10]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 11]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 12]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 13]

- ‌[سورة المجادلة (58): الآيات 14 الى 16]

- ‌[سورة المجادلة (58): الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة المجادلة (58): الآيات 20 الى 21]

- ‌[سورة المجادلة (58): آية 22]

الفصل: ‌[سورة الطور (52): الآيات 1 الى 8]

[تفسير سورة والطور]

سُورَةُ (وَالطَّوْرِ) مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، وَهِيَ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة الطور (52): الآيات 1 الى 8]

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالطُّورِ (1) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)

وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ (8)

قوله تعالى: قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالطُّورِ) الطُّورِ اسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْرِيمًا وَتَذْكِيرًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ، وَهُوَ أَحَدُ جِبَالِ الْجَنَّةِ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ ابن إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَرْبَعَةُ أَجْبُلٍ مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ وَأَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَأَرْبَعَةُ مَلَاحِمَ من ملاحم الجنة)«1» قيل: فما الا جبل؟ قَالَ: (جَبَلُ أُحُدٍ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ والطُّورِ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ وَلُبْنَانُ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ [وَالْجُودِيُّ «2» جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ] (وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي كِتَابِ (التَّذْكِرَةِ). قَالَ مُجَاهِدٌ: الطُّورِ هُوَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ الْجَبَلُ وَالْمُرَادُ بِهِ طور سينا. وَقَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: هُمَا طُورَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا طُورُ سِينَا وَالْآخَرُ طُورُ زَيْتَا، لِأَنَّهُمَا يُنْبِتَانِ التِّينَ وَالزَّيْتُونَ. وَقِيلَ: هُوَ جَبَلٌ بِمَدْيَنَ وَاسْمُهُ زُبَيْرٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالزُّبَيْرُ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى عليه السلام.

(1). الملاحم: غزوة بدر واحد والخندق وخيبر.

(2)

. الزيادة من ن.

ص: 58

قُلْتُ: وَمَدْيَنُ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَهِيَ قَرْيَةُ شُعَيْبٍ عليه السلام. وَقِيلَ: إِنَّ الطُّورَ كُلُّ جَبَلٍ أَنْبَتَ، وَمَا لَا يُنْبِتُ فَلَيْسَ بِطُورٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) «1» مُسْتَوْفًى. قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) أَيْ مَكْتُوبٌ، يَعْنِي القرآن يقرؤه المؤمنون من المصاحف، ويقرءوه الْمَلَائِكَةُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ)«2» . وَقِيلَ: يَعْنِي سَائِرَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَكَانَ كُلُّ كِتَابٍ فِي رَقٍّ يَنْشُرُهُ أَهْلُهُ لِقِرَاءَتِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِمُوسَى بِيَدِهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُوسَى يَسْمَعُ صَرِيرَ الْقَلَمِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، فَمِنْ آخِذٍ كِتَابَهِ بِيَمِينِهِ، وَمِنْ آخِذٍ كِتَابَهِ بِشِمَالِهِ، نَظِيرُهُ:(وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً)«3» وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ)«4» . وَقِيلَ: إِنَّهُ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ فِي السَّمَاءِ يَقْرَءُونَ فِيهِ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَا كَتَبَ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْأَوْلِيَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، بَيَانُهُ:(أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ)«5» . قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ تَجَوُّزٌ، لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْقُلُوبِ عَنِ الرَّقِّ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الرَّقُّ مَا رُقِّقَ مِنَ الْجِلْدِ لِيُكْتَبَ فِيهِ، وَالْمَنْشُورُ الْمَبْسُوطُ. وَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ، قَالَ: وَالرَّقُّ بِالْفَتْحِ مَا يُكْتَبُ فِيهِ وَهُوَ جِلْدٌ رَقِيقٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) وَالرَّقُّ أَيْضًا الْعَظِيمُ مِنَ السَّلَاحِفِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَجَمْعُهُ رُقُوقٌ. وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكُلُّ صَحِيفَةٍ فَهِيَ رَقٌّ لِرِقَّةِ حَوَاشِيهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ:

فَكَأَنَّمَا هِيَ مِنْ تَقَادُمِ عَهْدِهَا

رَقٌّ أُتِيحَ كِتَابُهَا مَسْطُورُ «6»

وَأَمَّا الرِّقُّ بِالْكَسْرِ فَهُوَ الْمِلْكُ، يُقَالُ: عَبْدٌ مَرْقُوقٌ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الرَّقَّ بِالْفَتْحِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ حِيَالَ الْكَعْبَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ يخرجون منه فلا يعودون إليه. قال

(1). راجع ج 1 ص 436.

(2)

. راجع ص 224 وص 308 من هذا الجزء.

(3)

. راجع ج 10 ص 229.

(4)

. راجع ج 19 ص 232.

(5)

. راجع ص 224 وص 308 من هذا الجزء.

(6)

. لم تعثر على هذا البيت في ديوان المتلمس.

ص: 59

عَلِيٌّ رضي الله عنه: هُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. وَقِيلَ: فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، رَوَى أنس ابن مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أُوتِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَرُفِعَ لَنَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَإِذَا هُوَ حِيَالُ الْكَعْبَةِ لَوْ خَرَّ خَرَّ عَلَيْهَا يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ) ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَحَكَى الْقُشَيْرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ: فَمَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؟ قَالَ: بَيْتٌ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ. وَكَذَا فِي (الصِّحَاحِ): وَالضُّرَاحُ بِالضَّمِّ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ عَنِ ابْنِ عباس. وعمر أنه كَثْرَةُ غَاشِيَتِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ عَنْهُ: حِذَاءَ الْعَرْشِ. وَالَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ: (ثُمَّ رُفِعَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا قَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يوم سبعون ألف ملك إذ اخرجوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ «1» مَا عَلَيْهِمْ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أُتِيَتُ بِالْبُرَاقِ) الْحَدِيثَ، وَفِيهِ:(ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّابِعَةِ)«2» (فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ- صلى الله عليه وسلم قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ (. وَعَنِ ابْنِ عباس أيضا قال: لله في السموات والأرضين خمسة عشر بيتا، سبعة في السموات وَسَبْعَةٌ فِي الْأَرَضِينَ وَالْكَعْبَةُ، وَكُلُّهَا مُقَابِلَةٌ لِلْكَعْبَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ هُوَ الْكَعْبَةُ، الْبَيْتُ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ مَعْمُورٌ مِنَ النَّاسِ، يَعْمُرُهُ اللَّهُ كُلَّ سَنَةٍ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَإِنْ عَجَزَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ أَتَمَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وَضَعَهُ اللَّهُ لِلْعِبَادَةِ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: إِنَّ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ كان

(1). (آخر) برفع الراء ونصبها، فالنصب على الظرف والرفع على تقدير ذلك آخر ما عليهم، والرفع أوجه. (هامش مسلم).

(2)

. في ح، ز، ل، ن:(إلى السماء السابعة). [ ..... ]

ص: 60

فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ فِي زَمَانِ آدَمَ عليه السلام، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ نُوحٍ عليه السلام أَمَرَهُمْ أَنْ يَحُجُّوا فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَعَصَوْهُ، فَلَمَّا طَغَى الْمَاءُ رُفِعَ فَجُعِلَ بِحِذَائِهِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَعْمُرُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يُنْفَخَ في الصور، قال: فبوأ الله عز وجل لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ «1» وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) يَعْنِي السَّمَاءَ سَمَّاهَا سَقْفًا، لِأَنَّهَا لِلْأَرْضِ كَالسَّقْفِ لِلْبَيْتِ، بَيَانُهُ:(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً)«2» . وَقَالَ، ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْعَرْشُ وَهُوَ سَقْفُ الْجَنَّةِ. (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُوقَدُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ:(إِنَّ الْبَحْرَ يُسْجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَكُونُ نَارًا). وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَمْلُوءُ. وَأَنْشَدَ النَّحْوِيُّونَ لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:

إِذَا شَاءَ طَالَعَ مَسْجُورَةً

تَرَى حَوْلَهَا النَّبْعَ وَالسَّاسَمَا «3»

يُرِيدُ وَعْلًا يُطَالِعُ عَيْنًا مَسْجُورَةً مَمْلُوءَةً. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوءُ نَارًا فَيَكُونُ كَالْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْأَخْفَشُ بِأَنَّهُ الْمَوْقِدُ الْمَحْمِيُّ بِمَنْزِلَةِ التَّنُّورِ الْمَسْجُورِ. وَمِنْهُ قِيلَ: لِلْمِسْعَرِ مِسْجَرٌ، وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَإِذَا الْبِحارُ «4» سُجِّرَتْ) أَيْ أُوقِدَتْ، سَجَرْتُ التَّنُّورَ أَسْجُرُهُ سجرا أي أحميته. وقال سعيد ابن الْمُسَيَّبِ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ: أَيْنَ جَهَنَّمُ؟ قَالَ: الْبَحْرُ. قَالَ مَا أَرَاكَ إِلَّا صَادِقًا، وَتَلَا:(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ). (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) مُخَفَّفَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابن عَمْرٍو: لَا يُتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ طَبَقُ جَهَنَّمَ. [وَقَالَ كَعْبٌ: يُسْجَرُ الْبَحْرُ غَدًا فَيُزَادُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَهَذَا قَوْلٌ»

] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَسْجُورُ الَّذِي ذَهَبَ مَاؤُهُ. وَقَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ. وَرَوَى عَطِيَّةُ وَذُو الرُّمَّةِ الشَّاعِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَتْ أَمَةٌ لِتَسْتَقِيَ فَقَالَتْ: إِنَّ الْحَوْضَ مَسْجُورٌ أَيْ فَارِغٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: لَيْسَ لِذِي الرُّمَّةِ حَدِيثٌ إِلَّا هَذَا. وَقِيلَ: الْمَسْجُورُ أَيِ الْمَفْجُورُ، دَلِيلُهُ:(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ)«6» أَيْ تُنَشِّفُهَا الْأَرْضُ فَلَا يَبْقَى فيها ماء.

(1). راجع ج 13 ص (36)

(2)

. راجع ج 11 ص (285)

(3)

. الساسم غير مهموز: شجر يتخذ منه القصي والسهام، والنبع مثله.

(4)

. راجع ج 19 ص 228 وص (242)

(5)

. راجع ج 19 ص 228 وص (242)

(6)

. ما بين المربعين ساقط من هـ.

ص: 61