المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تفسير المفردات الغنم والمغنم والغنيمة: ما يناله الإنسان ويظفر به بلا - تفسير المراغي - جـ ١٠

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌[تتمة سورة الأنفال]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 41 الى 44]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 45 الى 46]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 47 الى 49]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 50 الى 54]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 59]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 60 الى 63]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 64 الى 66]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 67 الى 69]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 70 الى 71]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 72 الى 75]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌موضوعات السور المكية والمدنية

- ‌أهم ما تشتمل عليه سورة الأنفال من الأحكام

- ‌سورة التوبة- سورة براءة

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 1 الى 4]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 5 الى 6]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 7 الى 8]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 9 الى 10]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 11 الى 12]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 13 الى 15]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 16]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 17 الى 18]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 19 الى 22]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 23 الى 24]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 25 الى 27]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌وفد هوازن وإسلامهم وغنائهم

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 28]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 29]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 30 الى 33]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 34 الى 35]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 36 الى 37]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 38 الى 40]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 41]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 42 الى 43]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 44 الى 46]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 47 الى 48]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 49 الى 52]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 53 الى 55]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 56 الى 57]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 59]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 60]

- ‌تفسير المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 61]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 62 الى 63]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 64 الى 66]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 67 الى 70]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 71 الى 72]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 73 الى 74]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 75 الى 78]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 79 الى 80]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 81 الى 83]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 84 الى 85]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 86 الى 89]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 90]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 91 الى 93]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الفصل: ‌ ‌تفسير المفردات الغنم والمغنم والغنيمة: ما يناله الإنسان ويظفر به بلا

‌تفسير المفردات

الغنم والمغنم والغنيمة: ما يناله الإنسان ويظفر به بلا مقابل مادىّ، وقولهم الغرم بالغنم: أي يقابل به، والفيء: كل ما صار إلى المسلمين من أموال أهل الشرك بعد أن تضع الحرب أوزارها، وتصير الدار دار إسلام، وهو لكافة المسلمين. وليس فيه الخمس، والنفل: ما يحصل للإنسان من الغنيمة قبل قسمتها.

‌المعنى الجملي

لما أمر الله سبحانه بقتال الكفار المعتدين الذين كانوا يفتنون المسلمين عن دينهم حتى لا تكون فتنة، ووعد المؤمنين بالنصر عليهم، وكان ذلك مستتبعا لأخذ الغنائم منهم ناسب أن يذكر بعده ما يرضيه سبحانه فى قسمة الغنائم على الوجه الذي شرعه. والجمهور على أن هذه الآية نزلت فى غزوة بدر، وعلى أن ابتداء فرض قسمة الغنائم كان بها.

‌الإيضاح

(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أي واعلموا أيها المؤمنون أن كل ما غنمتموه من الكفار المحاربين، فاجعلوا أوّلا خمسه لله تعالى ينفق فيما يرضيه من مصالح الدين العامة كالدعوة للإسلام، وإقامة شعائره وعمارة الكعبة وكسوتها، ثم أعطوا للرسول منه كفايته لنفسه ونسائه مدة سنة، ثم أعطوا منه ذوى القربى من أهله وعشيرته نسبا وولاء، وقد خص الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ببني هاشم وبنى أخيه المطّلب

ص: 4

المسلمين، دون بنى عبد شمس ونوفل، ثم المحتاجين من سائر المسلمين، وهم اليتامى والمساكين وابن السبيل.

روى البخاري عن مطعم بن جبير (من بنى نوفل) قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان (من بنى عبد شمس) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله أعطيت بنى المطلب وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما بنو المطلب وبنو هاشم شىء واحد» .

وسرّ هذا أن قريشا لما كتبت الصحيفة وأخرجت بنى هاشم من مكة وحصرتهم فى الشعب لحمايتهم له صلى الله عليه وسلم دخل معهم فيه بنو المطلب ولم يدخل بنو عبد شمس ولا بنو نوفل- إلى ما كان من عداوة بنى أمية بن عبد شمس لبنى هاشم فى الجاهلية والإسلام، فقد ظل أبو سفيان يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم ويؤكّب عليه المشركين وأهل الكتاب إلى أن أظفر الله رسوله ودانت له العرب بفتح مكة، وكذلك بعد الإسلام خرج معاوية على علىّ وقاتله.

والحكمة فى تقسيم الخمس على هذا النحو- أن الدولة التي تدير سياسة الأمة لا بد لها من الملل لتستعين به على القيام بالمصالح العامة كشعائر الدين والدفاع عن الأمة، وهو ما جعل لله فى الآية، ثم نفقة رئيس حكومتها، وهو سهم الرسول فيها، ثم ما كان لأقوى عصبته وأخلصهم له وأظهرهم تمثيلا لشرفه وكرامته وهو سهم ذوى القربى، ثم ما يكون لذوى الحاجات من ضعفاء الأمة، وهم الباقون.

ولا يزال هذا الاعتبار مراعى معمولا به فى كثير من الدول مع اختلاف شئون الاجتماع والمصالح العامة، فالمال الذي يرصد للمصالح العامة يدخل فى موازين الوزارات المختلفة ما بين جهرية وسرية، ولا سيما الأمور الحربية، وكذلك راتب ممثل الدولة من ملك أو رئيس جمهورية منه ما هو خاص بشخصه، ومنه ما هو لأسرته وعياله، ومن موازين الدولة ما يبذل لإعانة الجماعات الخيرية والعلمية ونحوهما.

ص: 5

ولكن اليتامى والمساكين وابن السبيل لا تجعل لهم الدول فى هذا العصر حقّا فى أموال الدولة، وإن كان بعض الدول يعطيهم أموالا من الأوقاف الخيرية التي تتولى أمر استغلالها وإنفاق ريعها على المستحقين له، وبعضها يخصص إعانات للعمال المتعطلين فى وقت الحاجة فحسب.

وعن ابن عباس أنه قال (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) مفتاح كلام أي إنه ذكر على سبيل التبرك وإنما أضافه سبحانه إلى نفسه، لأنه هو الحاكم فيه فيقسمه كيف شاء، وليس المراد منه أن لله سهما مفردا، لأن ما فى السموات والأرض فهو لله، وبهذا قال الحسن وقتادة وعطاء وإبراهيم النخعي، فقد قالوا سهم الله وسهم رسوله واحد، وذكر الله للتعظيم.

(إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) أي إن كنتم آمنتم بما ذكر إيمان إذعان، فاعلموا أن ما غنمتم من شىء قلّ أو كثر فأن لله خمسة لأنه هو مولاكم وناصركم، وللرسول الذي هداكم به وفضلكم على غيركم واقطعوا الأطماع عنكم، وارضوا بحكم الله فى الغنائم، وبقسمة رسوله فيها.

ويوم الفرقان هو اليوم الذي فرق الله فيه بين الإيمان والكفر وهو يوم بدر الذي التقى فيه الجمعان جمع المؤمنين وجمع المشركين فى الحرب والنزال، وقد كان ذلك لسبع عشرة خلت من شهر رمضان، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومن قدرته أن نصركم على قلتكم وجوعكم وضعفكم وبلوغ عدوّكم ثلاثة أضعاف عددكم أو أكثر، وأيد رسوله وأنجز وعده له.

(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) العدوة- مثلثة العين- جانب الوادي، والدنيا مؤنث الأدنى وهو الأقرب، والقصوى مؤنث الأقصى وهو الأبعد.

والمعنى- إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزلنا على عبدنا فى ذلك اليوم فى الوقت الذي كنتم مرابطين فيه بأقرب الجانبين من الوادي إلى المدينة، وفيه نزل المطر لا فى غيره والأعداء فى الجانب الأبعد عنها ولا ماء فيه، وأرضه رخوة تسوخ فيها الأقدام.

ص: 6

(وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أي والعير التي خرج المسلمون للقائها فى مكان أسفل من مكانكم وهو ساحل البحر كما تقدم، إذ كان أبو سفيان قادما بها من الشام.

(وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) أي ولو تواعدتم أنتم وهم القتال، وعلمتم ما لهم وما لكم لاختلفتم فى الميعاد، كراهة للحرب لقلّتكم، وعدم إعداد العدة لها، وانحصار همكم فى العير، ويأسا من الظفر بها، ولأن غرض الأكثرين منهم كان إنقاذ العير دون القتال، لأنهم كانوا يهابون قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يأمنون نصر الله له، لأن كفر الكثيرين منهم به كان استكبارا وعنادا لا اعتقادا.

(وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا) أي ولكن تلاقيتم على غير موعد ولا رغبة فى القتال ليقضى الله أمرا كان فى علمه وحكمته أنه واقع لا محالة، وهو القتال المفضى إلى خزيهم ونصركم عليهم، وصدق وعده لرسوله، وإظهار دينه على الدين كله ولو كره المشركون.

(لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) البينة الحجة الظاهرة، أي فعل ذلك ليترتب على قضاء هذا الأمر أن يهلك من الكفار من هلك عن حجة بينة مشاهدة بالبصر، على حقية الإسلام، بإنجاز وعده لرسوله ومن معه من المؤمنين، بحيث تنتفى الشبهة، ولا يكون هناك مجال للاعتذار عند الله عن إجابة الدعوة، ويعيش من يعيش من المؤمنين عن حجة شاهدها وعاينها فيزداد يقينا بالإيمان ونشاطا فى الأعمال.

(وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) لا يخفى عليه شىء من أقوال الكافرين والمؤمنين، ولا من عقائدهم وأفعالهم، فهو يسمع ما يقول كل فريق منهم من الأقوال الصادرة عن عقيدة، والأعذار التي يعتذر بها عن تقصيره فى أعماله، ويعلم ما يكنه من ذلك ومن غيره، ويجازى كلّا بحسب ما يسمع ويعلم.

والخلاصة- إن غزوة بدر قامت بها الحجة البالغة للمؤمنين بنصرهم كما بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحجته البالغة على الكافرين بخذلانهم وانكسارهم كما

ص: 7

أنذرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مجال فى ذلك للمكابرة والتأويل.

(إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا) أي إنه تعالى سميع لما يقول أصحابك، عليم بما يضمرونه، إذ يريك الله عدد عدوك وعدوهم قليلا فى الرؤيا المنامية، فتخبر بها المؤمنين، وتطمئن قلوبهم، وتقوى آمالهم بالنصر، فيجترئون عليهم.

(وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) أي ولو أراك ربك عدوك وعدوهم كثيرا لفشل أصحابك وخافوا ولم يقدروا على حرب القوم، ولوقع بينهم النزاع وتفرق الآراء فى أمر القتال، إذ منهم القوىّ الإيمان والعزيمة، فيطيع الله ورسوله ويقاتل، ومنهم الضعيف الذي يثبّط عن القتال بمثل الأعذار التي جادلوا بها الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم فى قوله «يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ» .

(وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ) أي ولكن الله سلمكم من الفشل والتنازع وتفرق الآراء، وما يعقب ذلك من الانكسار والخذلان.

(إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي إنه تعالى عليم بما تخفيه الصدور من شعور الجبن والجزع الذي تضيق به فتحجم عن القتال، ومن شعور الإيمان والتوكل الذي يبعث فى النفس الطمأنينة والصبر فيحملها على الإقدام، ويسخر لكل منهما الأسباب التي تفضى إلى ما يريده منها.

(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا، وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا) الخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أي وفى الوقت الذي يريكم الله الكافرين عند التلاقي معهم عددا قليلا، بما أودع فى قلوبكم من الإيمان بوعد الله بنصركم وبتثبيتكم بملائكته والاستهانة بهم، ويقللكم فى أعينهم لقلتكم بالفعل، ولما كان عندهم من عجب وغرور بأنفسهم حتى لقد قال أبو جهل: إنما أصحاب محمد أكلة جزور (أي لقلتهم يكفيهم جزور واحد فى اليوم) .

ص: 8