الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعيلة: الفقر، يقال عال الرجل يعيل عيلا وعيلة إذا افتقر فهو عائل، وأعال:
كثر عياله، وهو يعول عيالا كثيرين: أي يمونهم ويكفيهم أمر معاشهم، والفضل:
العطاء والتفضل.
المعنى الجملي
لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر حين أمّره على الحج سنة تسع من الهجرة أن يبلّغ الناس أنه لا يحج بعد هذا العام مشرك، ثم أمر عليا أن يتبع أبا بكر فيقرأ على الناس أول سورة براءة يوم الحج الأكبر وينبذ إليهم عهدهم، وأن الله برىء من المشركين ورسوله- قال ناس يا أهل مكة ستعلمون ما تلقون من الشدة لا نقطاع السبل وفقد الحمولات، فنزلت هذه الآية لدفع تلك الشبهة فقال سبحانه «وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» .
قال ابن عباس: كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يتّجرون فيه، فلما نهوا أن يأتوا البيت قال المسلمون: فمن أين لنا الطعام؟ فأنزل الله «وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً» الآية. قال فأنزل الله عليهم المطر وكثر خيرهم حين ذهب المشركون عنهم، وأسلم أهل اليمن وجاءهم الناس من كل فجّ.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) أي إن المشركين أنجاس فاسدو الاعتقاد يشركون بالله ما لا يضر ولا ينفع، فيعبدون الرجس من الأوثان والأصنام، ويدينون بالخرافات والأوهام، ويأكلون الميتة والدم وهى أقذار حسية ويستحلون القمار والزنا ويستبيحون الأشهر الحرم وهى أرجاس معنوية- من أجل هذا لا تمكنوهم بعد هذا العام أن يدخلوا المسجد الحرام بدخول أرض الحرم، فضلا عن دخول البيت نفسه وطوافهم فيه عراة يشركون بربهم فى التلبية، وإذا صلوا لم تكن صلاتهم إلا مكاء وتصدية.
وبلاد الإسلام فى حق الكفار أقسام ثلاثة:
(1)
الحرم، ولا يجوز لكافر أن يدخله بحال لظاهر الآية، وبذلك قال الشافعي وأحمد ومالك، فلو جاء رسول من دار الكفر والإمام فى الحرم لا يأذن له فى دخوله بل يخرج إليه بنفسه أو يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الحرم، وأبو حنيفة- يجيز للمعاهد دخول الحرم بإذن الخليفة أو نائبه.
(2)
الحجاز، وهو ما بين عدن إلى ريف العراق فى الطول، ومن جدّة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا، ويجوز للكافر دخولها بالإذن.
ولكن لا يقيمون فيها أكثر من ثلاثة أيام.
روى مسلم عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لاخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما»
وفى رواية لمسلم، وأوصى فقال:«أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» فلم يتفرغ لذلك أبو بكر وأجلاهم عمر فى خلافته،
وأخرج مالك فى الموطأ «لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب» .
وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون فى جزيرة العرب، ولكن فى التحريش بينهم» .
(3)
سائر بلاد الإسلام، ويجوز للكافر أن يقيم فيها بعهد وأمان، ولكن لا يدخل المساجد إلا بإذن مسلم.
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) أي وإن خفتم فقرا بسبب قلة جلب الأقوات، وضروب التجارات التي كان يجلبها المشركون من أرباب المزارع فى الشعاب والوديان من البلاد ذات البساتين والمزارع كالطائف وأرباب المتاجر- فسوف يغنيكم الله من فضله، وفضله كثير، فقد صاروا بعد الإسلام ومنع المشركين من الحرم أغنى مما كانوا قبل ذلك، فقد تعددت وسائل الغنى فيما بعد، وصدق الله وعده فأسلم أهل اليمن وصاروا يجلبون لهم الطعام، وأسلم أولئك المشركون ولم يبق أحد منهم يمنع من الحرم، ثم جاءتهم الثروة من كل جانب بما فتح الله عليهم من البلاد