الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملخص قصة أهل الكهف كما أثر عن العرب
روى أن النصارى عظمت فيهم الخطايا، وطغت ملوكهم حتى عبدوا الأصنام، وأكرهوا الناس على عبادتها، وأصدر (الملك دقيانوس) الأوامر المشدّدة فى ذلك، ومعاقبة من يخالفه، وأراد أن يلزم فتية من أشراف قومه عبادتها، وتوعدهم بالقتل، فأبوا إلا الثبات على دينهم، فنزع ثيابهم وحليهم، ولكنه رحم شبابهم فأمهلهم لعلهم يثوبون إلى رشدهم، وهكذا ذهب الملك إلى مدن أخرى ليحثّ أهلها على عبادتها، وإلا قتلوا.
أما الفتية فإنهم انطلقوا إلى كهف قريب من مدينتهم (أفسوس أوطرسوس) فى جبل يدعى (نيخايوس) وأخذوا يعبدون الله فيه حتى إذا هجم عليهم دقيانوس وقتلهم ماتوا طائعين، وقد كانوا سبعة، فلما مروا فى الطريق إلى الكهف تبعهم راع ومعه كلبه، فجلسوا هناك يعبدون الله، وكان من بينهم امرؤ يدعى (تمليخا) يبتاع لهم طعامهم وشرابهم، ويبلغهم أخبار دقيانوس الذي لا يزال مجدّا فى طلبهم، حتى إذا عاد من مطافه، ووصل إلى مدينتهم، بحث عن هؤلاء العبّاد والنساك ليذبحهم أو يسجدوا للأصنام، فسمع بذلك تمليخا بينما كان يشترى لهم الطعام خفية فأخبرهم فبكوا، ثم ضرب الله على آذانهم فناموا، وتذكّرهم دقيانوس، فهدّد آباءهم إن لم يحضروهم، فدلّوه عليهم، وقالوا إنهم فى الكهف، فتوجه إليهم وسدّه عليهم ليموتوا هناك وينتهى الأمر على ذلك.
وقد كان فى حاشية الملك رجلان يكتمان إيمانهما وهما بيدروس، وروناس، فكتبا قصة هؤلاء الفتية سرا فى لوحين من حجر وجعلاهما فى تابوت من نحاس، وجعلا التابوت فى البنيان ليكون ذلك عظة وذكرى لمن سيجيئ من بعد.
ثم مضت قرون يتلو بعضها بعضا، ولم يبق لدقيانوس ذكر ولا أثر.
وبعدئذ ملك البلاد ملك صالح يسمى بيدروس دام ملكه 68 سنة، وانقسم
الناس فى شأن البعث والقيامة فرقتين: فرقة به وأخرى كافرة، فحزن الملك لذلك حزنا شديدا، وضرع إلى الله أن يرى الناس آية يرشدهم بها إلى أن الساعة آتية لا ريب فيها، وقد خطر إذ ذاك ببال راع يسمى (أولياس) أن يهدم باب الكهف ويبنى به حظيرة لغنمه، فلما هدمه استيقظوا جميعا فجلسوا مستبشرين، وقاموا يصلون، ثم قال بعضهم لبعض: كم لبثتم نياما؟ قال بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم، وقال آخرون ربكم أعلم بما لبثتم، فابعثوا أحدكم بورقكم (الورق الفضة) هذه إلى المدينة، فلينظر أيها أزكى طعاما وليحضر لنا جانبا منه، فذهب تمليخا كما اعتاد من قبل، ليشترى لهم الطعام وهو متلطّف فى السؤال مختف حذرا من دقيانوس.
وبينما هو ماش سمع اسم المسيح ينادى به فى كل مكان، فحدّث نفسه وقال:
عجبا لم لم يذبح دقيانوس هؤلاء المؤمنين؟ وبقي حائرا دهشا وقال: ربما أكون فى حلم أو لعل هذه ليست مدينتنا، فسأل رجلا ما اسم هذه المدينة، قال (أفسوس) وفى آخر مطافه تقدم إلى رجل فأعطاه ورقا ليشترى به طعامه، فدهش الرجل من نوع هذا النقد الذي لم يره من قبل، وأخذ يقلّبه ويعطيه إلى جبرته، وهم يعجبون منه ويقولون له: أهذا من كنز عثرت عليه، فإن هذه الدراهم من عهد دقيانوس، وقد مضت عليه حقبة طويلة ثم أخذوه وقادوه إلى حاكمى المدينة، فظن فى بادىء الأمر أنهم ساقوه إلى دقيانوس، ولكن لما عرف أنه لم يؤت به إليه زال عنه الكرب، وجفت مدامعه، ثم سأله حاكما المدينة وهما أريوس وطنطيوس: أين الكنز الذي وجدت يافتى؟ وبعد حوار بينه وبينهما ذكر لهما خبر الفتية ودقيانوس وأن حديثهما كان أمس وإن كان لديكما ريب من أمرى فها هو ذا الكهف فاذهبا معى لتريا صدق ما أقول، فسارا معه حتى وصلا إلى باب الكهف، وتقدمهما تمليخا فأخبرهما بالحديث كله، فداخلهما العجب حين علما أنهم ناموا تسعا وثلاثمائة سنة، وأنهم أوقظوا ليكونوا آية للناس.