الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
أم: حرف يدل على الانتقال من كلام إلى آخر، وهو بمعنى بل وهمزة الاستفهام أي بل أحسبت، والخطاب فى الظاهر للنبى عليه الصلاة والسلام، والمراد غيره كما سبق نظيره، والكهف: النقب المتسع فى الجبل، فإن لم يكن متسعا فهو غار، والرقيم: لوح حجرى رقمت فيه أسماؤهم كالألواح الحجرية المصرية التي يذكر فيها تاريخ الحوادث وتراجم العظماء، أوى إلى المكان: اتخذه مأوى ومكانا له، والفتية واحدهم فتى وهو الشاب الحدث، وقد كانوا من أبناء أشراف الروم وعظمائهم، لهم أطواق وأسورة من الذهب، وهيىء: أي يسر، والرشد (بفتحتين وضم فسكون) الهداية إلى الطريق الموصل للمطلوب، فضربنا على آذانهم أي ضربنا عليها حجابا يمنع السماع، كما يقال بنى على امرأته، يريدون بنى عليها قبة، والمراد أنمناهم نومة لا تنبههم الأصوات الموقظة.
عددا: أي ذوات عدد والمراد التكثير، لأن القليل لا يحتاج إلى العدّ غالبا، بعثناهم:
أي أيقظناهم وأثرناهم من نومهم، والحزبين: هما الحزب القائل لبثنا يوما أو بعض يوم، والحزب القائل ربكم أعلم بما لبثتم، وأحصى: أي أضبط لاوقات لبثهم، والأمد:
مدة لها حد وغاية.
الإيضاح
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) أي لا تحسب أن قصة أصحاب الكهف والرقيم المذكورة فى الكتب السالفة حين استمروا أحياء أمدا طويلا- عجيبة بالإضافة إلى ما جعلناه على ظهر الأرض من الزينة فليست هى بالعجب وحدها من بين آياتنا بل زينة الأرض وعجائبها أبدع وأعجب من قصة
أصحاب الكهف فإذا وقف علماء الأديان الأخرى لدى أمثالها دهشين حائرين، فأنا أدعوك وأمتك إلى ما هو أعظم منها وهو النظر فى الكون وعجائبه، من خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر والكواكب، إلى نحو أولئك من الآيات الدالة على قدرة الله، وأنه يفعل ما يشاء لا معقّب لحكمه.
أما القصص وغرائبها فلا تكفى للوصول إلى أبواب الخير والسعادة التي يطمح إليها الإنسان، ويجعلها مثله العليا، ليفوز بخيرى الدنيا والآخرة، فابحث عما نقش فى صحائف الأكوان، لا فى صحائف الكهوف والغيران.
قال الزجاج: أعلم الله سبحانه أن قصة أصحاب الكهف ليست بعجيبة من آيات الله، لأن خلق السموات والأرض وما بينهما أعجب من قصتهم.
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) أي اذكر أيها الرسول حين أوى أولئك الفتية إلى الكهف هربا بدينهم من أن يفتنهم عباد الأصنام والأوثان، وقالوا إذ ذاك: ربنا يسر لنا بما نبتغى من رضاك وطاعتك رشدا من أمرنا، وسدادا إلى العمل الذي نحب، وارزقنا المغفرة والأمن من الأعداء.
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) أي فضربنا على آذانهم حجابا يمنعهم السماع، وأنمناهم نوما لا ينبههم فيه مختلف الأصوات فى الكهف سنين كثيرة معدودة.
(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) أي ثم أيقظناهم من رقدتهم لنعلم أي الطائفتين المتنازعتين فى مدة لبثهم، أضبط فى الإحصاء والعد لمدة هذا اللبث فى الكهف.
وخلاصة ذلك- إنا بعثناهم لنعاملهم معاملة من يختبر حالهم، لنرى أيهم أحصى لما لبعثوا أمدا، فيظهر لهم عجزهم، ويفوّضوا ذلك إلى العليم الخبير، ويتعرّفوا ما صنع الله