الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والزور: الكذب، وحنفاء واحدهم حنيف: وهو المائل عن كل دين زائغ إلى الدين الحق، وخر: سقط، والخطف: الاختلاس بسرعة، تهوى: أي تسقط، سحيق:
أي بعيد، والشعائر واحدها شعيرة: وهى العلامة والمراد بها البدن الهدايا، وتعظيمها أن تختار حسانا سمانا غالية الأثمان، والأجل المسمى: هو أن تنحر وتذبح، ومحلّها مكان نحرها، والمراد بالبيت العتيق: ما يليه ويقرب منه وهو الحرم.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أنه أمر إبراهيم ببناء البيت وتطهيره من عبادة الأوثان والأصنام، وأن ينادى الناس ليحجوا هذا البيت الحرام مشاة وركبانا من كل فج عميق، لما لهم فى ذلك من منافع دنيوية ودينية، وأن ينحروا البدن الهدايا ذاكرين اسم الله عليها فى أيام معلومات، وأن يأكلوا منها ويطعموا البائس الفقير، وأن يقصوا شعورهم ويقلّموا أظفارهم ثم ليطوّفوا بهذا البيت العتيق- قفىّ على ذلك ببيان أن اجتناب المحرمات حال الإحرام خير عند الله مثوبة وأعظم أجرا، وأن ذبح الأنعام وأكلها حلال إلا ما حرّم عليكم، وأنه يجب اجتناب عبادة الأوثان وترك شهادة الزور، وأن من يشرك بالله فقد هلك، وأن تعظيم شعائر الله علامة على أن القلوب مثيئة بالتقوى والخوف من الله، وأن فى هذه الهدايا منافع من الدرّ والصوف والنسل إلى أجل مسمّى وهو أن تنحر ثم تؤكل ويتصدق بلحومها.
الإيضاح
(ذلِكَ، وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي هذا الذي أمر به من قضاء التفث والوفاء بالنذور والطواف بالبيت هو الفرض الواجب عليكم أيها الناس فى حجكم- ومن يجتنب ما أمر باجتنابه فى حال إحرامه تعظيما منه لحدود الله ان يواقعها، وحرمه أن يستحلها- فهو خير له عند ربه فى الآخرة، بما يناله من رضاه وحزيل ثوابه.
وعن ابن زيد: الحرمات المشعر الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام.
و (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) أي وأحل لكم أيها الناس أن تأكلوا الأنعام إذا ذكيتموها، فلم يحرّم عليكم بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حاميا إلا ما يتلى عليكم فى كتاب الله، وهو الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب، فإن كل ذلك رجس.
(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) أي فابتعدوا عن عبادة الأوثان، وطاعة الشيطان، فإن ذلك رجس، واتقوا قول الكذب والفرية على الله كقولكم فى الآلهة «ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى» وقولكم: الملائكة بنات الله، ونحو هذا من القول، فإن ذلك كذب وزور وشرك بالله، وقوله حنفاء لله غير مشركين به: أي تمسكوا بهذه الأمور على وجه العبادة لله وحده دون إشراك أحد سواه معه.
(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) أي إن من أشرك مع الله سواه فقد أهلك نفسه هلاكا ليس وراءه هلاك، وكانت حاله أشبه بحال من سقط من السماء فتخطفته الطير ففرقت أجزاءه فى حواصلها إربا إربا، أو عصفت به الريح فهوت به فى المهاوى البعيدة التي لارجعة له منها.
(ذلك) أي امتثلوا ذلك واحفظوه، ولا تتهاونوا فى الحرص عليه والسير على نهجه.
(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) أي ومن يعظم البدن التي يهديها للحرم، بأن يختارها عظيمة الأجسام سمينة غير هزيلة غالية الثمن ويترك المكاس حين شرائها- فقد اتقى الله حقا، فإن تعظيمها باب من أبواب التقوى، بل هو من أعظم أبوابها.