الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من شىء، فإن شاء الله عجل لهم العذاب، وإن شاء أخره عنهم، وقد وعد المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالمغفرة من الذنوب ودخول دار النعيم، وأوعد الذين يثبّطون العزائم عن قبول دعوة الإسلام بدوام العذاب فى نار الجحيم.
الإيضاح
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) أي ويستعجلك كفار قريش المكذبون بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر- مجىء العذاب الذي تحذرهم منه وتوعدهم إياه، إنكارا منهم لوقوعه، واستهزاء بحلوله.
ثم بيّن أنه آت لا محالة فقال:
(وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ) أي وكيف ينكرون مجىء ذلك العذاب وقد وعد الله به؟
وما وعد به كائن لا محالة، وهو كما فعل بمن قبلهم يفعل بهم، لأن ذلك هو نهجه، الثابت، وصراطه المستقيم، وسيحل بهم مثل ما حل بغيرهم.
(وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) أي وإن قلتم إن العهد قد طال ولم يحلّ بكم العذاب فأين هو؟ فإن الله حليم، وألف سنة عندكم كيوم عنده، فهو سينفذ وعده بعد أمد طويل عندكم قريب عنده كما قال:«إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً» فإذا تأخر عذاب الآخرة أمدا طويلا فلا يكون فى ذلك إخلاف للوعد، فعشرون ألف سنة عند ربك كعشرين يوما عندكم.
والخلاصة- إن سنّتى لا بد من نفاذها، ولا بد من إهلاك الظالمين ولو بعد حين أمما وأفرادا فى الدنيا والآخرة أو عذابهم فى الآخرة فحسب مع الأكدار فى الدنيا وهم لا يشعرون.
ثم أكد ما ذكره من عدم إخلاف الوعد وإن طال الأمد فقال:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) أي وكم من قرية أخرت إهلاكها مع استمرارها على ظلمها فاغترت بذلك التأخير، ثم أنزلت
بها بأسى وشديد انتقامي، وحسابها بعد مدّخر ليوم الحساب حين لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ولا يخفى ما فى هذا من شديد الوعيد وعظيم التهديد.
ثم أبان لهم عظيم خطئهم فى طلب استعجال العذاب من الرسول بقوله:
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي قل يا أيها المشركون المستعجلون مجىء العذاب: ليس ذلك إلىّ، وإنما أرسلنى ربى نذيرا لكم بين يدى عذاب شديد، وليس إلىّ من حسابكم من شىء، بل أمر ذلك إلى الله إن شاء عجل لكم العذاب، وإن شاء أخره عنكم، وإن شاء تاب على من يتوب وينيب إليه «لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ» .
ثم فصل هذا الإنذار بذكر الوعد للمتقين والوعيد للكافرين فقال:
(فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي فالذين آمنت قلوبهم، وصدّقوا إيمانهم بأعمالهم- لهم مغفرة لما سلف من سيئاتهم، وثواب عند ربهم على ما قدموا من حسناتهم، ولهم رزق كريم فى الجنة يفوق وصف الواصفين، ومقال المادحين كما قال تعالى:«فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ»
وفى الحديث: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» .
(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) أي والذين اجتهدوا فى رد دعوة الدين والتكذيب بها وثبّطوا الناس عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ظنا منهم أنهم يعجزوننا وأنهم لا يبعثون، فأولئك هم المقيمون فى النار المصاحبون لها لا يخرجون منها.
ونحو الآية قوله: «الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ» .